الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة العيد (فهي صدقة من الصدقات) التي يتصدق بها في سائر الأوقات (رواه أبو داود) وابن ماجه والدارقطني والحاكم وصححه. فدل على فواتها وأنها قد خرجت عن ماهيتها. وكان كأن لم يخرجها.
وقال ابن القيم مقتضاه أنه لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد. وأنها تفوت بالفراغ من الصلاة. وصوبه وقال قواه شيخنا ونصره. وقال الشيخ وغيره إن أخرها بعد صلاة العيد فهي قضاء. ولا تسقط بخروج الوقت. وقال الوزير اتفقوا على أنها لا تسقط بخروج الوقت وقال الوزير اتفقوا على أنها لا تسقط عمن وجبت عليه بتأخيرها وهي دين عليه. حتى يؤديها. وأن تأخيرها عن يوم العيد حرام ويقضيها آثما إجماعا إذا أخرها عمدًا.
باب إخراج الزكاة
أي زكاة المال المستقرة بشروطها وما يتعلق بالإخراج من حكم النقل والتعجيل وغير ذلك.
قال تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ} لما ذكر تعالى ما أنعم به على عباده من الثمار. وأنه أباح لهم الأكل منها. أمرهم بأداء حقها وهو الزكاة المفروضة {يَوْمَ حَصَادِهِ} أي يوم الجذاذ والقطع. وبعد التصفية. ولا تجب إلا بعد حصوله في يد مالكه. وتقدم
تقدير الشارع لها. والأمر بالإيتاء يوم الحصاد يقتضي الفورية. وكذا قوله {وَآَتُوا الزَّكَاةَ} ولأن المؤخر يستحق العقاب. ولو جاز التأخير لكان إما إلى غير غاية وهو مناف للوجوب. أو إلى غاية ولا دليل عليه.
ولأنها عبادة تتكرر فلم يجز تأخيرها. ولأنه إن طالبه الساعي بها اقتضت الفورية إجماعا فكذا بطلب الله تعالى. وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وبعض الحنفية وجمهور العلماء. ولأن حاجة الفقير ناجزة وربما أدى التأخير إلى الفوات ولأن النفوس طبعت على الشح فربما أدى التأخير إلى البخل بالواجب والتعجيل أخلص للذمة وابعد من المطل المذموم وأرضى للرب وأمحى للذنب.
(عن ابن عمر مرفوعا) إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله) بدأ بها لأنها أصل الدين الذي لا يصح شيء منه إلا بها. وهي تقتضي شهادة أن محمدا رسول الله. وجاءت في هذا الحديث وغيره مقرونة بها {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} المفروضة "فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" فجعل غاية المقاتلة وجود ما ذكر. وثبت أيضا أنه قال "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به" فإذا قالها وجب الكف عنه حتى يختبر. فإن التزم أحكام الإسلام قبل منه وإلا قوتل.
(وقال أبو بكر) الصديق رضي الله عنه لما منع طائفة من العرب الزكاة. وتأولوا قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} أنه خاص به صلى الله عليه وسلم حتى قال له عمر كيف تقاتلهم وقد قال صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" قال أبو بكر: إن الزكاة من حقها "والله لو منعوني عناقا) هو على المبالغة والتحدي. وحلف عليه لتأكده. قال أبو الخطاب وغيره يؤخذ منه أخذ العناق إذا كانت الغنم كلها سخالا. وروي عقالا (كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على ذلك) أي على المنع.
قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعلمت أنه الحق. وأجمع الصحابة عليه (متفق عليهما) وفيه قال لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال. فمن نصب نفسه للحرب دونها قوتل. وحاصله أنهم متى منعوا شيئا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن قل فقد منعوا شيئا واجبا. إذ لا فرق بين منع الواجب وجحده. وبين القليل والكثير.
لكن من منع الزكاة جاحدا وجوبها كفر. إذا كان عارفا الحكم إجماعا، لتكذيبه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين.
وأخذت منه وقتل. وإن كان بخلا أخذت منه فقط. وعزر إن علم التحريم. وقوتل إن احتيج إلى قتاله. ولم يكفر به اتفاقا.
قال الشيخ من تركها أخذت منه قهرا فإن غيب ماله قتل في أحد قولي العلماء وفي الآخر لا يزال يضرب حتى يظهر ماله فتؤخذ منه الزكاة.
(ولهما عن ابن مسعود قال صلى الله عليه وسلم في الأمراء) يعني أمراء الجور. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها" قالوا فما تأمرنا. يعني إذا كان ذلك. قال (تؤدون الحق الذي عليكم) من زكاة وخمس ونحو ذلك.
ولأبي داود "خلو بينهم وبين ما يبتغون. فإن عدلوا فلأنفسهم" وللطبراني "ادفعوا لهم الخمس ما صلوا" وللبيهقي وأبي سعيد وغيرهما عن جماعة من الصحابة الأمر بدفعها إليهم "وتسألون الله الحق الذي لكم) وكان بعضهم يقول: اللهم إني أحتسب عندك ما أخذ مني.
وينبغي للإمام بعث السعادة قرب زمن وجوبها لقبضها منهم. فإن من الناس من لا يصلي ولا يزكي وإهمالهم إضاعة للزكاة. ويجب دفعها إليه إذا طلبها اتفاقا. بذلا للطاعة. وله طلبها من الأموال الظاهرة والباطنة إن وضعها في مواضعها اتفاقا. ومذهب أحمد وجمهور العلماء جواز دفعها إليه عدلاً أو غير عدل. ويجزئ قيل لابن عمر يشربون بها الخمور قال ادفعها إليه. وللمالك أن يفرق زكاة ماله الباطن بنفسه قال النووي بلا خلاف.
(وفيهما كان) صلى الله عليه وسلم (إذا أتاه قوم بصدقاتهم) أو مع
رسلهم (قال اللهم صل عليهم) وفي رواية "اللهم صل على آل أبي فلان" وفي رواية "اللهم صل على آل أبي أوفى" متفق عليها وورد أنه دعا لهم بالبركة. رواه النسائي. وله "اللهم بارك فيه وفي أهله"(وصل عليهم) أدع لهم. واستحب أهل العلم أنه يقول آجرك الله فيما أعطيت. وبارك لك فيما أبقيت. وجعله لك طهورا. وإلا دعا له بالغيبة. وللرسول الحاضر كرد السلام. ويقول عند دفعها اللهم اجعلها مغنما. ولا تجعلها مغرما. للخبر: ويحمد الله على توفيقه لأدائها.
ولا يصح إخراجها إلا بنية من مكلف. لحديث "إنما الأعمال بالنيات" وحكاه الوزير وغيره إجماعا. والجمهور أنها شرط. واعتبره الأكثر عند الدفع. وجوز حال عزلها تيسيرا. وينوي عن صبي ومجنون وليهما وإن أخذت منه قهرا أجزأت ظاهرا فلا يطالب بها ثانيا بلا نزاع. وأما باطنا فلا تجزئ لعدم النية اختاره الشيخ وغيره. وإن تعذر إخراج المالك وأخرجت قهرا أجزأت مطلقا. لأن للسلطان أخذها من الممتنع بالاتفاق. ولو لم تجز لما جاز له أخذها. قال الشيخ وما يأخذه الولاة يسقط عن صاحبه إذا صرفه في مصارفه باتفاق العلماء وبغير اسم الزكاة لا يعتد به منها.
(وللخمسة) أحمد وأبي داود والنسائي عن عمرو (مرفوعا تؤخذ صدقات المسلمين) أي زكاة أموالهم من ماشية وغيرها (على مياههم) وفي رواية لأحمد وأبي داود "لا
جلب ولا جنب. ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم" ولهم أيضا من حديث عمران بن حصين ونحوه. وحصصه الترمذي. ومن حديث أنس وغيره.
وفيها دليل على أن المصدق هو الذي يأتي للصدقات. ويأخذها على مياه أهلها وفي دورهم. وعمل المسلمين عليه. لأن ذلك أسهل لهم. والأفضل أن يفرقها في فقرائهم. لما تقدم من قوله "تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم" وغيره. فيفرقها في مكان رب المال وما قاربه. ويبدأ بأقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم. وإن لم يكن فيه فقراء ففي اقرب مكان إليه. حكاه الوزير وغيره اتفاقا.
ويجوز نقلها وتجزئ عند جمهور العلماء. حكاه الموفق وغيره. لأنه دفع الحق إلى المستحق فبرأ كالدين. ولعموم الخبر. فإن الضمير فيه عائد إلى فقراء المسلمين. وللآية. ولم يفرق بين فقراء وفقراء. ولقوله لقبيصة "أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها" بل قد علم بالضرورة أنه صلى الله عليه وسلم كان يستدعي الصدقات من الأعراب وغيرهم إلى المدينة. ويصرفها في فقراء المهاجرين والأنصار.
قال شيخ الإسلام يجوز نقل الزكاة وما في حكمها لمصلحة شرعية. وإذا نقلها إلى المستحقين بالمصر الجامع. مثل أن يعطي من بالقاهرة من العشور التي بأرض مصر فالصحيح
جواز ذلك. فإن سكان المصر إنما يعانون من مزارعهم. بخلاف النقل من إقليم إلى إقليم مع حاجة أهل المنقول عنهم. وإنما قال السلف جيران المال أحق بزكاته. وكرهوا نقل الزكاة إلى بلد السلطان ليكتفي أهل كل ناحية بما عندهم من الزكة.
ولهذا في كتاب معاذ "من انتقل من مخلاف إلى مخلاف فإن صدقته وعشره في مخلاف جيرانه" والمخلاف عندهم يقال له المعاملة. وهو ما يكون فيه الوالي والقاضي وهو الذي يستخلف فيه ولي الأمر جابيا يأخذ الزكاة من أغنيائهم فيردها في فقرائهم. ولم يقيد ذلك بمسيرة يومين. وتحديد المنع من نقل الزكاة ليس عليه دليل شرعي.
(وعن أبي هريرة) رضي الله عنه (في زكاة العباس) وذلك لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة فقيل منع ابن جميل وخالد والعباس قال صلى الله عليه وسلم "وأما العباس فـ "هي" أي زكاته (علي ومثلها) معها (متفق عليه) وذلك أنه صلى الله عليه وسلم استسلف منه صدقة عامين رواه البيهقي وغيره عن علي مرفوعا قال: "كنا احتجنا فاستسلفنا العباس صدقة عامين" وللطبراني والبزار من حديث ابن مسعود نحوه. ولأبي داود من حديث رافع قال لعمر "إنا كنا تعجلنا زكاة العباس عام الأول" وبمجموعها استدل على أنه تعجلها منه. وللخمسة أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك.