الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصطفى صلى الله عليه وسلم بمجيء المهدي، أنه من أهل بينه صلى الله عليه وسلم، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلاً، وأنه يخرج مع عيسى، فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة وعيسى يصلي خلفه [يعني: صلاة واحدة، وهي الفجر] " انتهى.
ذلكم هو المهدي الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين صفاته الفارقة، ووقت خروجه وسيرته.
وقد ادعى المهدية جماعة من الضلال في وقت مبكر عن وقته، ولا تنطبق عليهم صفاته، وإنما أرادوا بذلك بالسذج، واستغلال ادعاء هذه الشخصية لمطامعهم الخاصة، فأظهر الله كذبهم، وفضح باطلهم، ولا تعجب؛ فقد ادعى قزم النبوة، وافتروا على الله الكذب، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} 1.
ونسأل الله أن يرينا الحق حقّا ويرزقنا إتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، ويكفينا شر الأئمة المضلين والمحتالين الدجالين، والحمد لله رب العالمين.
خروج الدجال:
المسيح الدجال والفاتن الكذاب مسيح الضلالة، نعوذ بالله من فتنته؛ فقد أنذرت به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أقوامها، وحذرت منه أممها، وبينت وأصافه، وحذر منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكثر، وبين أوصافه، ونعته لأمته نعوتا لا تخفى على ذي بصيرة.
وفي الترمذي أنه يخرج من خراسان.
وفي (صحيح مسلم) عن أنس رضي الله عنه مرفوعا: "يتبع الدجال من
1 سورة الأنعام، الآية:93.
يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة".
وسمي المسيح لأنه عينه ممسوحة، وقيل: لأنه يسمح الأرض؛ أي: يقطعها.
ويسمي الدجال من الدجل، وهو الخلط؛ يقال: دجل: إذا خلط وموه، ودجال على وزن فعال، من أبنية المبالغة؛ أي: يكثر منه الكذب والتلبيس.
وهو يحرج في زمان المهدي.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "ثم يؤذن له [أي: الدجال] في الخروج في آخر الزمان؛ يظهر أولاً في صورة ملك من الملوك الجبابرة، ثم يدَّعي النبوة، ثم يدَّعي الربوبية، فيتبعه على ذلك الجهلة من بني آدم، والطغام من الرعاع والعوام، ويخالفه ويرد عليه من هداه الله من الصالحين وحزب الله المتقين، ويتدنى فيأخذ البلاد بلدًا بلدًا وحصنا حصنا وإقليما إقليما وكورة كورة، ولا يبقى بلد من البلدان إلا وطئه بخيله ورجله؛ غير مكة والمدينة، ومدة مقامه في الأرض أربعون يوما؛ يوم كسنة، ويم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيام الناس هذه، ومعدل ذلك سنة وشهران ونصف، وقد خلق الله على يديه خوارق كثيرة، يضل بها من يشاء من خلقه، ويثبت معها المؤمنون، فيزدادون إيمانا مع إيمانهم، وهدى إلى هداهم، ويكون نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام مسيح الهدى في أيام مسيح الضلالة، فيجتمع عليه المؤمنون، ويلتف مع عباد الله المتقون، فيسير بهم المسيح عيسى بن مريم عليه السلام قاصدًا نحو الدجال وقد توجه نحو بيت المقدس، فينهزم منه الدجال، فيلحقه عند باب مدينة لد، فيقتله بحربته وهو داخل إليها، ويقول له: إن لي فيك ضربة لن تفوتني، وإذا واجهه الدجال، ينداع كما ينحل الملح في الماء، فيتداركه، فيقتله بالحربة الحربية بباب لد، فتكون وفاته هناك لعنه الله كما دلت على ذلك
الأحاديث الصحاح من غير وجه" انتهى كلام ابن كثير رحمه الله في تلخيص قصة الدجال حسبما ورد في النصوص الصحيحة، وهو تلخيص جيد مفيد.
والذي تدل عليه النصوص من أمر الدجال - أيضا - وفتنته أن من استجاب له؛ يأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت لهم زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم، وترجع لهم مواشيهم سمانا ذات لبن، ومن لا يستجيب له ويرد عليه أمره؛ تصيبهم السنة والجدب والقحط والقلة وموت الأنعام ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وأنه تتبعه كنوز الأرض كيعاسيب النحل، وأنه يقتل شابا ثم يحييه.
كل ذلك امتحان يمتحن الله به عباده في آخر الزمان، فيضل به كثيرًا، وهو مع هذا هين على الله، ناقص، ظاهر النقص والفجور والظلم، وإن كان معه ما معه من الخوارق، مكتوب بين عينيه كافر، وما يجريه على يديه محنة من الله لعباده، وهي محنة خطيرة، ولا ينجو منها إلا أهل الإيمان واليقين.
ولخطورة محنته وشدة فتنه؛ حذرت منه الأنبياء أممها، وأشدهم تحذيرًا لأمته محمد صلى الله عليه وسلم.
عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه لم يكن نبي بعد نوح؛ إلا وقد أنذر الدجال قومه، وإني أنذركموه" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالاستعاذة من فتنته في آخر كل صلاة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر؛ فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال"، رواه الإمام أحمد ومسلم.
وقد تواترت الأحاديث من وجوه متعددة في إثبات خروج الدجال وبيان فتنته والاستعاذة منه، وأجمع أهل السنة والجماعة على خروج الدجال في آخر