الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثا: موقف أهل السنة والجماعة من المبتدعة ومنهجهم في الرد عليهم
…
ثالثاً موقف أهل السنة من المبتدعة ومنهجهم في الرد عليهم
موقف أهل السنة والجماعة من المبتدعة
ما زال أهل السنة والجماعة يردون على المبتدعة وينكرون عليهم بدعهم ويمنعونهم من مزاولتها، وإليك نماذج من ذلك.
1-
عن أم الدرداء؛ قلت: "دخل عليَّ أبو الدرداء مغضبا، فقلت له: ما لك؟ فقال: والله ما أعرف فيهم شيئا من أمر محمد إلا أنهم يصلون جميعا"1.
2-
عن عمرو بن يحي؛ قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه؛ قال: "كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج؛ مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال ك أخرج عليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا. فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج؛ قمنا إليه جميعا، فقال: يا أبا عبد الرحمن! إني رأيت في المسجد آنفا أمرًا أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا
1 رواه البخاري.
ِ
خيرًا. قال: وما هو؟ قال: إن عشت فستراه. قال: أريت في المسجد قوما حلقا جلوسا، ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مئة! فيكبرون مئة، فيقول: هللوا مئة! فيهللون مئة، فيقول: سبحوا مئة! فيسبحون مئة. قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم سيء؟! ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقه من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن! حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد. قال: فعدوا سيئاتكم؛ فأنا ضامن أن لا يضع من حسناتكم شيء، وَيْحَكم يا أمة محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء أصحابه متوافرون، وهذا ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده؛ إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة. قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير. قال: وكم مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله أدري لعل أكثرهم منكم. ثم تولى عنهم". فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج1.
3 -
جاء رجل إلى الإمام بن أنس رحمه الله؛ فقال: من أين أحرم؟ فقال: من الميقات الذي وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحرم منه. فقال الرجل: فإن أحرمت من أبعد منه؟ فقال مالك: لا أرى ذلك. فقال ما تكره من ذلك؟ فقال: أكره عليك الفتنة. قال: وأي فتنة في ازدياد الخير؟ فقال مالك: فإن الله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 2، وأي فتنة أعظم من أنك خصصت بفضل لم يختص به
1 رواه الترمذي.
2 سورة النور، الآية:63.
رسول الله؟! "1.
وهذا نموذج، ولا زال العلماء ينكرون على المبتدعة في كل عصر، والحمد لله.
منهج أهل السنة والجماعة في الرد على أهل البدع
منهجهم في ذلك مبني على الكتاب والسنة، وهو المنخج المقنع المفحم؛ حيث يوردون شبه المبتدعة وينقضونها، ويستدلون بالكتاب والسنة على وجوب التمسك بالسنن والنهي عن البدع والمحدثات، وقد ألفوا المؤلفات الكثيرة في ذلك، وردوا كتب العقائد على الشيعة والخوارج والجهمية والمعتزلة والأشاعرة في أصول الإيمان والعقيدة، وألفوا كتبا خاصة في ذلك؛ كما ألف الإمام أحمد كتاب "الرد على الجهمية"، وألف غيره من الأئمة في ذلك؛ كعثمان الدارمي، كما في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والشيخ محمد بن عبد الوهاب
…
وغيرهم، من الرد على تلك الفرق، وعلى القبورية والصوفية.
وأما الكتب الخاصة في الرد على أهل البدع؛ فهي كثيرة:
منها على سبيل المثال من الكتب القديمة:
1-
كتاب "الاعتصام" للإمام الشاطبي.
2-
كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم"لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ فقد استغرق الرد على المبتدعة جزءًا كبيرًا منه.
3-
كتاب"إنكار الحوادث والبدع" لابن وضاح.
1 ذكره أبو شامة في كتاب (الباعث على إنكار البدع والحوادث) ؛ نقلاً عن أبي الخلال (ص 14) .