الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ببعض في البرزخ ويوم المعاد كما تقدم في الحديث، ويجعل المؤمن مع النسم الطيب؛ أي: الأرواح الطيبة المشاكلة؛ فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وأخواتها وأصحاب عملها فتكون معهم هناك.
ومنها: أرواح تكون في تنور الزناة والزواني، وأرواح في نهر الدم تسبخ فيه وتلقم الحجارة.
فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد، بل روح في أعلى عليين، وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض".
قال: "وأنت إذا تأملت السنن والآثار، وكان لك بها فضل تعارضا؛ فإنها كلها حق يصدق بعضها بعض، لكن الشأن في فهمها، ومعرفة النفس وأحكامها، وأن لها شأنا غير شأن البدن
…
".
إلى أن قال: "وأنها تنقسم إلى مرسلة ومحبوسة، وعلوية وسفلية، ولها بعد المفارقة صحة ومرض، ولذة ونعيم وألم أعظم مما كان لها حال اتصالها بالبدن بكثير؛ فهنالك الحبس والألم والعذاب والمرض والحسرة، وهناك اللذة والراحة والنعيم والإطلاق".
هل الروح والنفس شيء واحد أو شيئان متغايران
؟
اختلف الناس في ذلك؛ فمن قائل: إنهما شيء واحد، وهم الجمهور، ومن قائل: إنهما متغايران، والتحقيق أن لفظ الروح والنفس يعبر بهما عن عدة معان؛ فيتحد مدلولها تارة، ويختلف أخرى.
فالنفس تطلق على أمور:
منها: الروح؛ يقال: خرجت نفسه؛ أي: روحه، ومنه قوله تعالى:
{أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} 1
ومنها: الذات؛ يقال رأيت زيدًا نفسه وعينه، ومنه قوله تعالى:{فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} 2.
ومنها: الدم؛ يقال: سالت نفسه، ومنه قول الفقهاء:"ما له نفس سائلة"، و"ما ليس له نفس سائلة"، ومنه يقال: نفست المرأة: إذا حاضت، ونفست: إذا نفسها ولدها، ومنه قيل: النفساء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ويقال النفوس ثلاثة أنواع، وهي:
النفس الأمارة بالسوء، التي يغلب عليها اتباع هواها بفعل الذنوب والمعاصي.
والنفس اللوامة وهي التي تذنب وتتوب؛ ففيها خير وشر، ولكن إذا فعلت الشر؛ تابت وأنابت، فتسمى لوامة؛ لأنها تلوم صاحبها على الذنوب، ولا تتلوم؛ أي: تتردد بين الخير والشر.
والنفس المطمئنة، وهي التي تحب الخير والحسنات، وتبغض الشر والسيئات، وقد صار ذلك لها خلقا وعادة.
فهذه صفات وأحوال لذات واحدة لأن النفس التي لكل إنسان هي نفس واحدة".
والروح - أيضا - تطلق على معان؛ منها:
القرآن الذي أوحاه الله تعالى إلى رسوله؛ قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا} 3
وعلى جبريل؛ قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ} 4.
1 سورة الأنعام، الآية:93.
2 سورة النور، الآية:61.
3 سورة الشورى، الآية:52.
4 سورة، الشعراء، الآية:193.