الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظ المنطق واختيار الألفاظ
كان يتخيَّر في خطابه، ويختار لأمَّته أحسنَ الألفاظ وأجملَها وألطفَها، وأبعدَها من ألفاظ أهل الجفاء والغِلْظة والفُحش
(1)
، فلم يكن فاحشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا ولا فظًّا.
وكان يكره أن يستعمل اللَّفظ الشَّريف المَصُون في حقِّ من ليس كذلك، وأن يستعمل اللَّفظ المَهِين المكروه في حقِّ من ليس من أهله.
فمن الأوَّل: منعُه أن يقال للمنافق: «يا سيِّدنا»
(2)
وقال: «فإنْ يَكُ
(3)
سيِّدًا فقد أسخطتم
(4)
ربَّكم عز وجل»
(5)
، ومنْعُه أن يُسمَّى شجر العنب كَرْمًا
(6)
، ومنْعُه تسمية أبي جهل بأبي الحَكَم
(7)
، وكذلك تغييره لاسم أبي
(1)
«والفحش» ليس في ص.
(2)
ج: «سيد» بدل «يا سيدنا» .
(3)
ق، ب:«فإن لم يك» . وهو خطأ مخالف للرواية.
(4)
ق، ب، ص، مب:«أغضبتم» . والمثبت من بقية النسخ موافق للرواية.
(5)
رواه أحمد (22939) والبخاري في «الأدب المفرد» (760) وأبو داود (4977) والنسائي في «السنن الكبرى» (10002) من حديث بريدة رضي الله عنه. والحديث صححه النووي في «الأذكار» ت الأرنؤوط (ص 362) والعراقي في «تخريج الإحياء» (ص 1056) والمنذري في «الترغيب والترهيب» (4433) والألباني في «السلسلة الصحيحة» (371).
(6)
تقدم تخريجه.
(7)
لم أجد ما يدل على المنع سوى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يكنيه أبا جهلٍ ومن الأمثلة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من ينظر ما صنع أبو جهل» ، رواه البخاري (4020) ومسلم (1800) من حديث أنس رضي الله عنه. قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (3/ 1082):«كان أبو جهل يكنى أبا الحكم، فكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل، فذهبت» .
الحكم من الصَّحابة بأبي شُرَيح، وقال:«إنَّ الله هو الحَكَم، وإليه الحُكْم»
(1)
.
ومن ذلك نهيه للمملوك أن يقول لسيِّده وسيِّدته: ربِّي وربَّتي، وللسَّيِّد أن يقول لمملوكه: عبدي، ولكن يقول المالك: فتاي وفتاتي، ويقول المملوك: سيِّدي وسيِّدتي
(2)
. وقال لمن ادَّعى أنَّه طبيبٌ: «أنت رفيقٌ، وطبيبها الذي خلَقَها»
(3)
. والجاهلون يسمُّون الكافر الذي له علمٌ ما بشيءٍ من الطَّبيعة حكيمًا، وهو من أسفهِ الخلق.
ومن هذا قوله للخطيب الذي قال: من يطع الله ورسوله فقد رَشَد، ومن يعصهما فقد غوى:«بئسَ الخطيبُ أنتَ»
(4)
.
ومن ذلك قوله: «لا تقولوا
(5)
: ما شاء الله وشاء فلانٌ، ولكن قولوا: ما
(1)
رواه أبو داود (4955) والنسائي (8/ 226، 227) من حديث المقدام بن شريح عن أبيه عن جده، وإسناده صحيح.
(2)
رواه البخاري (2552) ومسلم (2249/ 15) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
رواه أبو داود (4207) بهذا اللفظ من حديث أبي رمثة- رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1537).
(4)
رواه مسلم (870) من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.
(5)
«لا تقولوا» ليست في ص.
شاء الله ثمَّ شاء فلانٌ»
(1)
. وقال له رجلٌ: ما شاء الله وشئتَ، فقال:«أجعلَتني لله ندًّا؟ قل ما شاء الله وحده»
(2)
.
وفي معنى هذا الشِّركِ المنهيِّ عنه قولُ من لا يتوقَّى الشِّرك: أنا بالله
(3)
وبك، وأنا في حسب الله وحسبِك، وما لي إلا الله وأنت، وأنا مُتَّكلٌ
(4)
على الله وعليك، وهذا من الله ومنك، والله لي في السَّماء وأنت في الأرض، وواللَّهِ وحياتِك، وأمثال هذا من الألفاظ الَّتي يجعل
(5)
قائلُها المخلوقَ نِدًّا للخالق، وهي أشدُّ منعًا وقبحًا من قوله: ما شاء الله وشئتَ.
فأمَّا إذا
(6)
قال: أنا بالله ثمَّ بك، وما شاء الله ثمَّ شئتَ، فلا بأسَ بذلك، كما في حديث الثَّلاثة:«لا بلاغَ لي اليومَ إلا بالله ثمَّ بك»
(7)
، وكما في الحديث المتقدِّم الإذنُ أن يقال: ما شاء الله ثمَّ شاء فلانٌ.
(1)
رواه أحمد (23265) وأبو داود (4980) من حديث حذيفة رضي الله عنه. وصححه النووي في «رياض الصالحين» ط الرسالة (ص 484) و «الأذكار» تح الأرنؤوط (ص 358) والألباني في «السلسلة الصحيحة» (137).
(2)
رواه أحمد (1839) والطحاوي في «شرح المشكل» (235)، ولفظهما:«عدلًا» ، من حديث ابن عباس- رضي الله عنه، وحسّنه العراقي في «تخريج الإحياء» (ص 1056) والألباني في «السلسلة الصحيحة» (139).
(3)
ص: «لله» .
(4)
ب: «متوكل» .
(5)
بعدها في المطبوع: «فيها» . وليست في النسخ.
(6)
ك: «فإذا» .
(7)
جزء من حديث طويل رواه البخاري (3464) ومسلم (2964) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فصل
وأمَّا القسم الثَّاني وهو أن تُطلَق ألفاظ الذمِّ على من ليس من أهلها، فمثل نهيه صلى الله عليه وسلم عن سبِّ الدَّهر وقال:«إنَّ الله هو الدَّهر»
(1)
، وفي حديثٍ آخر: «يقول الله عز وجل: يُؤذِيني ابنُ آدم فيسبُّ
(2)
الدَّهرَ، وأنا الدَّهر، بيدي الأمرُ، أُقلِّب اللَّيلَ والنَّهار»
(3)
، وفي حديثٍ آخر:«لا يقولنَّ أحدكم: يا خيبةَ الدَّهر»
(4)
.
وفي هذا ثلاثُ مفاسدَ عظيمة:
إحداها: سَبُّه
(5)
من ليس بأهلٍ للسبّ
(6)
، فإنَّ الدَّهر خَلقٌ مسخَّرٌ من خلق اللَّه، منقادٌ
(7)
لأمره، مذلَّلٌ لتسخيره، فسابُّه أولى بالذَّمِّ والسَّبِّ منه.
الثَّانية: أنَّ سبَّه متضمِّنٌ للشِّرك، فإنَّه إنَّما يسبُّه لظنِّه أنَّه يضرُّ وينفع، وأنَّه مع ذلك ظالمٌ، قد ضرَّ من لا يستحقُّ الضَّرر، وأعطى من لا يستحقُّ العطاء، ورفعَ من لا يستحقُّ الرِّفعة، وحَرَمَ من لا يستحقُّ الحرمان، وهو عند شاتميه من أظلم الظَّلَمَة، وأشعار هؤلاء الظَّلَمَة
(8)
الخَوَنة في سبِّه كثيرةٌ جدًّا، وكثيرٌ
(1)
رواه مسلم (2246/ 5) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
ص، ج، ك:«يسب» .
(3)
رواه البخاري (4826) ومسلم (2246/ 2) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
رواه البخاري (6182) ومسلم (2246/ 3) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
ص، ج:«مسبة» .
(6)
ك: «ليس من أهل السب» .
(7)
ص، ج:«منقادا» .
(8)
«وأشعار هؤلاء الظلمة» ساقطة من ك.
من الجهَّال يُصرِّح بلعنته وتقبيحه.
الثَّالثة: أنَّ السَّبَّ منهم إنَّما يقع على من فعلَ هذه الأفعال الَّتي لو اتَّبع الحقُّ فيها أهواءهم لفسدت السَّماوات والأرض، وإذا وافقتْ أهواءَهم
(1)
حَمِدوا الدَّهر وأثنوا عليه. وفي حقيقة الأمر
(2)
فربُّ الدَّهرِ تعالى هو المعطي المانع، الخافض
(3)
الرَّافع، المُعِزُّ المُذِلُّ، والدَّهر ليس له من الأمر شيءٌ، فمسبَّتهم للدَّهر مسبَّةٌ لله عز وجل، ولهذا كانت مؤذيةً للرَّبِّ تعالى، كما في «الصَّحيحين» من حديث أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«قال الله تعالى: يُؤذِيني ابنُ آدم يَسُبُّ الدَّهرَ، وأنا الدَّهر» ، فسابُّ الدَّهرِ دائرٌ بين أمرين لا بدَّ له من أحدهما: إمَّا مسبَّةُ اللَّه، أو الشِّركُ به، فإنَّه إن اعتقد أنَّ الدَّهر فاعلٌ مع الله فهو مشركٌ، وإن اعتقد أنَّ الله وحده هو الذي فعلَ ذلك وهو يسبُّ مَن فعلَه فقد سبَّ اللَّه.
ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقولنَّ أحدكم: تَعِسَ الشَّيطانُ، فإنَّه يتعاظم حتَّى يكون مثل البيت، ويقول: بقوَّتي صَرَعتُه
(4)
، ولكن ليقلْ: بسم اللَّه، فإنَّه يتصاغر حتَّى يكون مثل الذُّباب»
(5)
.
(1)
في المطبوع: «وقعت أهواؤهم» خلاف النسخ.
(2)
«وفي حقيقة الأمر» ليست في ك.
(3)
ص: «الخافظ» ، تحريف.
(4)
«صرعته» ليست في ص، ج.
(5)
رواه أحمد (20592) وأبو داود (4982) من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء مسمى أسامة بن عمير عند الحاكم وصححه (4/ 292)، وجوَّده البوصيري في «إتحاف الخيرة» (6/ 432)، وصححه الألباني في «تخريج الكلم الطيب» (ص 175).
وفي حديثٍ آخر: «إنَّ العبد إذا لعنَ الشَّيطانَ يقول: إنَّك لتلعنُ مُلَعَّنًا»
(1)
.
ومثل هذا قول القائل: أخزى الله الشَّيطانَ، وقبَّح الله الشَّيطانَ، فإنَّ ذلك كلَّه يُفرِحه، ويقول: عَلِمَ ابنُ آدم أنِّي قد نِلتُه بقوَّتي، وذلك ممَّا يُعينه على إغوائه ولا يفيده شيئًا، فأرشد النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَن مَسَّه شيءٌ من الشَّيطان أن يذكر الله ويذكر اسمه ويستعيذ بالله منه، فإنَّ ذلك أنفعُ له وأغيظُ للشَّيطان.
فصل
ومن ذلك نهيهُ صلى الله عليه وسلم أن يقول الرَّجل: «خَبُثَتْ نفسي» ، ولكن يقول
(2)
: «لَقِسَتْ نفسي»
(3)
، ومعناهما واحدٌ أي: غَثَتْ وساء خُلُقها، فكره لهم لفظ الخبث لما فيه من القبح والشَّناعة، وأرشدهم إلى استعمال الحسن، وهجران القبيح
(4)
، وإبدال اللَّفظ المكروه بأحسنَ منه.
(1)
رواه الديلمي في «مسند الفردوس» (1/ 152 - الغرائب الملتقطة) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا ولفظه: «إذا لُعِنَ الشيطانُ قال لعنتَ ملعونًا، وإذا استعذتَ الله منه قال: كسرتَ ظهري» . وفي إسناده موسى بن خاقان النحوي مختلف فيه، وبعض رواته لم أقف على تراجمهم. والحديث ذكره الدارقطني في «العلل» (10/ 148) بلفظ:«ملعنًا» وقال: «يرويه أبو حصين، حدث به عنه مسعر، واختلف عنه؛ فرفعه موسى بن خاقان عن يزيد بن هارون عن مسعر، وغيره يوقفه، وهو الصواب» . انظر: ترجمة موسى بن خاقان في «تاريخ بغداد» (15/ 37) و «لسان الميزان» (8/ 195).
(2)
ب: «ليقل» . والمثبت من بقية النسخ.
(3)
رواه البخاري (6179) ومسلم (2250) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(4)
ص: «القبح» .
ومن ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن قول القائل بعد فوات الأمر: «لَو أنِّي فعلتُ كذا وكذا» ، وقال:«إنّها تفتح عملَ الشَّيطان» ، وأرشده إلى ما هو أنفعُ له من هذه الكلمة، وهو أن يقول:«قَدَّر الله وما شاء فعلَ»
(1)
. وذلك لأنَّ قوله: لو كنت
(2)
فعلتُ كذا وكذا لم يَفُتْني ما فاتني، أو لم أقَعْ فيما وقعتُ فيه= كلامٌ لا يُجدِي عليه فائدةً البتَّةَ، فإنَّه غير مستقبلٍ لما استدبر من أمره
(3)
، وغير مستقيلٍ عَثْرتَه بـ «لو»
(4)
، وفي ضمنِ «لو» ادِّعاءُ أنَّ الأمر لو كان كما قدَّره في نفسه لكان غيرَ ما قضاه الله وقدَّره وشاءه، فإنَّ ما وقع ممَّا تمنَّى خلافه إنَّما
(5)
وقع بقضاء الله وقدره ومشيئته، فإذا قال: لو أنِّي فعلتُ كذا لكان خلاف ما وقع فهو محالٌ، إذ وقوعُ خلافِ المقدَّر المقضيِّ محالٌ، فقد تضمَّن كلامه كذبًا وجهلًا ومحالًا، وإن سَلِم من التكذيب بالقدر لم يَسْلَم من معارضته بقوله: لو أنِّي فعلتُ لدفعتُ ما قُدِّرَ عليَّ.
فإن قيل: ليس في هذا ردٌّ للقدر
(6)
ولا جَحْدٌ
(7)
له، إذ تلك الأسباب التي تمنَّاها أيضًا من القدر، فهو يقول: لو وُفِّقْتُ
(8)
لهذا القدر لانْدفعَ به عنِّي
(1)
هذه الجمل الثلاث قطعة من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه، رواه مسلم (2664).
(2)
«كنت» ليست في ك.
(3)
«من أمره» ليست في ك.
(4)
ك: «بل» .
(5)
ج: «لما» .
(6)
ك: «المقدر» .
(7)
ب، ج، مب:«حجة» .
(8)
في المطبوع: «وقفت» خلاف النسخ.
ذلك القدر، فإنَّ القدر يُدفَع بعضُه ببعضٍ، كما يُدفَع قَدَرُ المرض بالدَّواء، وقَدَرُ الذُّنوب بالتَّوبة، وقَدَرُ العدوِّ بالجهاد، وكلاهما من القدر.
قيل: هذا حقٌّ، ولكنَّ هذا ينفع قبل وقوع القدر المكروه، فأما إذا وقع فلا سبيلَ إلى دفعه، وإن كان له سبيلٌ إلى دفعه أو تخفيفه بقدرٍ آخر فهو أولى به من قوله: لو كنتُ فعلتُ، بل وظيفته في هذه الحال أن يستقبل فعلَه الذي يَدفع به أو يُخفِّف، لا يتمنَّى
(1)
ما لا مَطمعَ في وقوعه، فإنَّه عجزٌ محضٌ، والله يلوم على العجز، ويحبُّ الكَيْسَ ويأمر به، والكَيسُ: هو مباشرة الأسباب الَّتي ربطَ الله بها مُسبِّباتِها النَّافعة للعبد في معاشه ومعاده، فهذه تفتح عمل الخير والأمر، وأمَّا العجز فإنَّه يفتح عمل الشَّيطان، فإنَّه إذا عَجَزَ عمَّا ينفعه، وصار إلى الأمانيِّ الباطلة بقوله: لو كان كذا، ولو فعلتُ كذا= انفتحَ عليه عملُ الشَّيطان، فإنَّ بابه العجزُ والكَسَلُ، ولهذا استعاذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم منهما
(2)
، وهما مفتاحُ كلِّ شرٍّ، ويَصدُر عنهما الهمُّ والحزن، والجبن والبخل، وضلَعُ الدَّين وغلبةُ الرِّجال، فمصدرها كلُّها عن العجز والكسل، وعنوانها «لو» ، فلذلك قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«فإنَّ لو تفتحُ عملَ الشَّيطان» ، فإنَّ المتمنِّي
(3)
من أعجز النَّاس وأفلسِهم، فإنَّ المُنَى رأس أموال المفاليس، والعجز مفتاح كلِّ شرٍّ.
(1)
«لا يتمنى» ليست في ك. وفي المطبوع: «أو يخفف أثر ما وقع ولا يتمنى» خلاف النسخ.
(2)
يشير إلى حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكثر أن يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال» . رواه البخاري (2893).
(3)
ك: «والمتمني» .
وأصل المعاصي كلِّها العجزُ، فإنَّ العبد يَعجِز عن أسباب الطَّاعات، وعن الأسباب الَّتي تَعوقُه
(1)
عن المعاصي وتَحول بينها وبينه، فيقع في المعاصي، فجمع هذا الحديث الشَّريف في استعاذته صلى الله عليه وسلم أصولَ الشرِّ وفروعَه، ومبادئَه وغاياتِه، ومواردَه ومصادرَه، وهو مشتملٌ على ثمانِ خصالٍ، كلُّ خصلتين منها قَرِينانِ
(2)
، فقال:«أعوذ بك من الهَمِّ والحَزَن» ، وهما قرينانِ، وإنَّ المكروه الوارد على القلب ينقسم باعتبار سببه إلى قسمين، فإنَّه إمَّا أن يكون سببه أمرًا ماضيًا فهو يُحدِث الحزنَ، وإمَّا أن يكون توقُّع أمرٍ مستقبلٍ فهو يُورِث الهَمَّ، وكلاهما من العجز، فإنَّ ما مضى لا يُدفَع بالحزن
(3)
؛ بل بالرِّضا والحمد والصَّبر والإيمان بالقدر، وقولِ العبد: قدَّر الله وما شاء فعل. وما يستقبل لا يُدفَع أيضًا بالهمِّ، بل إمَّا أن يكون له حيلةٌ في دفعه فلا يَعجِز عنه، وإمَّا أن لا يكون له حيلةٌ في دفعه، فلا يَجزَع منه، ويلبس له لباسَه، ويأخذ له عُدَّتَه، ويتأهَّب له أُهبتَه اللَّائقة به، ويَستجِنُّ بِجُنَّةٍ حَصينةٍ من التَّوحيد والتَّوكُّل، والانطراح بين يدي الربِّ تعالى، والاستسلام له، والرِّضا به ربًّا في كلِّ شيءٍ، ولا يرضى به ربًّا فيما يحبُّ دون ما يكره، فإذا كان هكذا لم يَرضَ به ربًّا
(4)
على الإطلاق، فلا يرضاه الرَّبُّ له عبدًا على الإطلاق.
(1)
في المطبوع: «تُبعده» وفي النسخ: «تعوضه» . ولعل الصواب ما أثبته.
(2)
ص، ج:«قرينتين» . ق، ب:«قريبان» .
(3)
ص، ج، ك، مب:«الحزن» .
(4)
«فيما يحب
…
ربًّا» ساقطة من ك بسبب انتقال النظر.
فالهمُّ والحزن لا ينفعان العبد البتَّةَ، بل مضرَّتهما أكثر من منفعتهما، فإنَّهما يُضعِفان العزم، ويُوهِنان القلب، ويَحُولان بين العبد وبين الاجتهاد فيما ينفعه، ويقطعان عليه طريقَ السَّير، أو يُنَكِّسانِه إلى وراء، أو يَعُوقانِه ويَقِفَانِه، أو
(1)
يَحْجُبانِه عن العلم الذي كلَّما رآه شَمَّر إليه وجَدَّ في سيرِه، فهما حِمْلٌ ثقيلٌ على ظهر السَّائر، بل إن عاقَه الهمُّ والحزنُ عن شهواته وإراداته الَّتي تضرُّه في معاشه ومعاده انتفع به من هذا الوجه. وهذا من حكمة العزيز الحكيم أن سلَّط هذين الجندين على القلوب المُعرِضة عنه، الفارغة من محبَّته وخوفِه ورجائه والإنابةِ إليه والتَّوكُّلِ عليه والأنس به والفرارِ إليه والانقطاع إليه؛ ليردَّها
(2)
بما يبتليها به من الهموم والغموم والأحزان والآلام القلبيَّة، عن كثيرٍ من معاصيها وشهواتها المُرْدِية.
وهذه القلوب في سجنٍ من الجحيم في هذه الدَّار، وإن أُرِيد بها خيرٌ كان حظُّها من سجن الجحيم في معادها، ولا تزال في هذا السِّجن حتَّى تتخلَّص إلى فضاء التَّوحيد، والإقبالِ على اللَّه، والأنسِ به، وجَعْلِ محبَّته في محلِّ دَبيبِ خواطرِ القلب ووساوسه، بحيث يكون ذِكرُه تعالى وحبُّه، وخوفه ورجاؤه، والفرحُ به والابتهاجُ بذكره= هو المستولي على القلب، الغالب عليه، الذي متى فقدَه فقَدَ قُوْتَه الذي لا قِوامَ له إلا به، ولا بقاءَ له بدونه، ولا سبيلَ إلى خلاص القلب من هذه الآلام الَّتي هي أعظمُ أمراضه وأفسدُها له إلا بذلك، ولا بلاغَ إلا بالله وحده، فإنَّه لا يُوصِل إليه إلا هو، ولا يأتي
(1)
«يقفانه أو» ساقطة من ك.
(2)
ص، ج، ك:«ليرد» .
بالحسنات إلا هو، ولا يَصرِف السيِّئاتِ إلا هو، ولا يدلُّ عليه إلا هو
(1)
، وإذا أراد عبدَه لأمرٍ هيَّأه له، فمنه الإيجاد، ومنه الإعداد
(2)
، ومنه الإمداد، وإذا أقامه في مقامٍ، أيَّ مقامٍ كان، فبحمدِه أقامه فيه، وحكمتُه إقامتُه
(3)
فيه، ولا يليق به
(4)
غيرُه، ولا يصلُح له سواه، ولا مانعَ لما أعطى اللَّه، ولا مُعطيَ لما منع، ولم يمنع عبدَه حقًّا هو للعبد فيكون بمنعه ظالمًا؛ بل مَنَعَه
(5)
ليتوصَّل إليه بمَحَابِّه ليُعطِيَه
(6)
، وليتضرَّع إليه، ويتذلَّل بين يديه، ويتملَّقه، ويُعطِي فقرَه إليه حقَّه، بحيث يشهد في كلِّ ذرَّةٍ من ذرَّاته الباطنة والظَّاهرة فاقةً تامَّةً إليه على تعاقب الأنفاس.
وهذا هو الواقع في نفس الأمر وإن لم يشهده، فلم يمنع عبدَه ما العبد محتاجٌ إليه، بخلًا منه، ولا نقصًا من خزائنه، ولا استئثارًا عليه بما هو حقٌّ للعبد؛ بل مَنَعَه ليردَّه إليه، وليُعِزَّه بالتَّذلُّل له، وليُغْنِيَه بالافتقار إليه، وليَجْبُرَه بالانكسار بين يديه، وليُذِيقَه بمرارة المنع حلاوةَ الخضوع له ولذَّةَ الفقر، وليُلْبِسَه خِلعةَ العبوديَّة، ويُولِّيَه بعَزْلِه أشرفَ الولايات، وليُشْهِدَه حكمتَه في قدرته، ورحمتَه في عزَّته، وبِرَّه ولطفَه في قهره، وأنَّ منْعه عطاءٌ، وعزْله توليةٌ، وعقوبته تأديبٌ، وامتحانه محبَّةٌ
(7)
وعطيَّةٌ،
(1)
«ولا يأتي
…
إلا هو» ساقطة من ك.
(2)
في المطبوع: «الإعدام» خلاف النسخ.
(3)
في المطبوع: «وبحكمته إقامتُه» خلاف النسخ.
(4)
ك: «فيه» .
(5)
ب: «يمنعه» .
(6)
في المطبوع: «ليعبده» خلاف النسخ.
(7)
ك، ص:«محنة» .
وتسليطه أعداءَه عليه سائقٌ
(1)
يَسُوقه إليه
(2)
.
وبالجملة فلا يليق بالعبد غيرُ ما أُقيم فيه
(3)
، وحمدُه وحكمتُه أقاماه
(4)
في مقامه الذي لا يليق به سواه، ولا يَحْسُنُ أن يتخطَّاه، والله أعلم حيثُ يجعل مواقعَ عطائه وفضله، و {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ} [الأنعام: 124]، {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53]. فهو سبحانه أعلمُ بمواقع الفضل، ومحالِّ التَّخصيص، ومحالِّ الحرمان، فبحمده وحكمته أعطى، وبحمده وحكمته حَرَمَ، فمن ردَّه المنعُ إلى الافتقار
(5)
إليه والتَّذلُّل له وتملُّقِه= انقلبَ في حقِّه عطاءً، ومن شَغَلَه عطاؤه وقَطَعَه عنه= انقلب في حقِّه منعًا، فكلُّ ما شَغلَ
(6)
العبدَ عن الله فهو مشؤومٌ عليه، وكلُّ ما ردَّه إليه فهو رحمةٌ به.
فالرَّبُّ تعالى يريد من عبده أن يفعل، ولا يقع الفعل حتَّى يريد سبحانه من نفسه أن يُعِينه، فهو سبحانه أراد منَّا الاستقامةَ وإيجادَ السَّبيل إليه، وأخبرنا أنَّ هذا المراد لا يقع حتَّى يُريد من نفسه إعانتَنا عليها ومشيئتَها لنا، فهما
(7)
(1)
ص، ك، ج:«سياط» .
(2)
ص، ك، ج:«بها إليه» .
(3)
«فيه» ليست في ط.
(4)
ك: «أقامته» .
(5)
ك: «والافتقار» .
(6)
ك: «أشغل» .
(7)
ك: «فما» . ص: «ومما» . مب: «فيهما» .
إرادتان
(1)
: إرادةٌ من عبده أن يفعل، وإرادةٌ من نفسه أن يُعِينَه، ولا سبيلَ له إلى الفعل إلا بهذه الإرادة، ولا يملك منها شيئًا
(2)
، كما قال تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29]، فإن كان مع العبد روحٌ أخرى، نسبتُها إلى روحه كنسبة روحه إلى بدنه، يستدعي بها إرادة الله من نفسه أن يفعل به ما يكون به العبد فاعلًا، وإلَّا فمحلُّه غيرُ قابلٍ للعطاء
(3)
، وليس معه إناءٌ يُوضَع فيه العطاء
(4)
، فمن جاء بغير إناءٍ رجع بالحرمان، ولا يَلُومَنَّ إلا نفسَه.
والمقصود أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم استعاذ من الهمِّ والحَزَن، وهما قرينان، ومن العَجْز والكَسَل، وهما قرينان، فإنَّ تخلُّفَ كمال العبد وصلاحه عنه: إمَّا أن يكون لعدم قدرته عليه فهو عجزٌ، أو يكون قادرًا عليه لكن لا يريده فهو كسلٌ، وينشأ عن هاتين الصِّفتين فواتُ كلِّ خيرٍ، وحصولُ كلِّ شرٍّ، ومن ذلك الشرِّ تعطُّلُه عن النَّفع ببدنه وهو الجبن، وعن النَّفع بماله وهو البخل. ثمَّ ينشأ له من ذلك غلبتان: غلبةٌ بحقٍّ وهي غلبة
(5)
الدَّين، وغلبةٌ بباطلٍ وهي غلبة الرِّجال، وكلُّ هذه المفاسد ثمرة العجز والكسل.
ومن هذا قوله في الحديث الصَّحيح للرَّجل الذي قضى عليه، فقال:«حسبي الله ونعم الوكيل» ، فقال: «إنَّ الله يلوم على العجز، ولكن عليك
(1)
«إرادتان» ليست في ق.
(2)
«فهو سبحانه
…
شيئًا» ساقطة من ج.
(3)
ك: «بلعطايا» .
(4)
ك: «للعطايا» .
(5)
ص، ك، ج:«ضلع» .
بالكَيْس، فإذا غلبك
(1)
أمرٌ فقل: حسبي الله ونعم الوكيل»
(2)
. فهذا قال «حسبي الله ونعم الوكيل» بعد عجزه عن الكَيْس، الذي لو قام به لقُضِي له على خصمه، فلو فعل الأسباب التي يكون بها كيِّسًا ثمَّ غُلِب فقال:«حسبي الله ونعم الوكيل» لكانت الكلمة قد وقعت موقعَها، كما أنَّ إبراهيم الخليل لمَّا فعل الأسباب المأمور بها، ولم يَعجِزْ بتركها ولا تَرْكِ شيءٍ منها، ثمَّ غلبه عدوُّه وألقوه في النَّار= قال في تلك الحال:«حسبي الله ونعم الوكيل»
(3)
، فوقعت الكلمة موقعها، واستقرَّت في نصابِها
(4)
، فأثَّرت أثرَها، وترتَّب عليها مقتضاها.
وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يومَ أحدٍ، لمَّا قيل لهم بعد انصرافهم من أحدٍ:{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} ، فتجهَّزوا وخرجوا للقاء العدوّ، وأعطَوهم الكَيْسَ من نفوسهم، ثمَّ قالوا:{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]
(5)
، فأثَّرت الكلمة أثرَها، واقتضت مُوجَبَها، ولهذا قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ
(1)
ك: «غلب» .
(2)
رواه أحمد (23983) وأبو داود (3627) والنسائي في «السنن الكبرى» (10387) من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه. وفي إسناده عنعنة بقية بن الوليد، وجهالة سيف الشامي، فإنَّ النسائي قال:«لا أعرفه» .
(3)
رواه البخاري (4564) من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
(4)
كذا في ق، ب، مب. والنصاب: الأصل والمرجع، يقال: رجع الأمر إلى نصابه. وفي ج، ص، ك:«مضانها» . وفي المطبوع: «مظانها» . وكلاهما تحريف.
(5)
رواه البخاري (4563) من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 2 - 3]، فجعل التَّوكُّل بعد التَّقوى التي هي قيامٌ بالأسباب المأمور بها، فحينئذٍ إذا توكَّل على اللَّه فهو حسبه
(1)
، وكما قال في موضعٍ آخر:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المائدة: 11]، فالتَّوكُّل والحَسْب بدون القيام بالأسباب المأمور بها عجزٌ محضٌ، وإن كان مَشُوبًا بنوعٍ من توكُّلٍ فهو توكُّل عجزٍ، فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكُّله عجزًا، ولا يجعل عجزه توكُّلًا، بل يجعل توكُّلَه من جملة الأسباب المأمور بها التي لا يتمُّ المقصود إلا بها كلِّها.
ومن هاهنا غَلِطَ طائفتان من النَّاس:
إحداهما: زعمت أنَّ التَّوكُّل وحده سببٌ مستقلٌّ كافٍ في حصول المراد، فعَطَّلت له الأسبابَ الَّتي اقتضتْها حكمة الله مُوصِلةً إلى مسبَّباتها، فوقعوا في نوع تفريطٍ وعجزٍ بحسب ما عطَّلوا من الأسباب، وضَعُفَ توكُّلُهم من حيث ظنُّوا قوَّته بانفراده عن الأسباب، فجمعوا الهمَّ كلَّه وصيَّروه همًّا واحدًا. وهذا وإن كان فيه قوَّةٌ من هذا الوجه، ففيه ضَعفٌ من جهةٍ أخرى، فلما قوي جانبُ التَّوكُّل بإفراده أضعفَه التَّفريطُ في السَّبب الذي هو محلُّ التَّوكُّل، فإنَّ التَّوكُّل محلُّه الأسباب، وكماله بالتَّوكُّل على الله فيها، وهذا كتوكُّل الحَرَّاث الذي شَقَّ الأرض، وألقى فيها البذر، وتوكَّلَ على الله في زرعه وإنباتِه، فهذا قد أعطى التَّوكُّل حقَّه، ولم يُضعِف توكُّلَه بتعطيل الأرض وتخليتها بُوْرًا. وكذلك توكُّل المسافر في قطع المسافة مع جِدِّه في السَّير،
(1)
«فجعل التوكل
…
حسبه» ليست في ق، ب، مب. وكتبت في ص ثم شطب عليها. والمثبت من بقية النسخ.
وتوكُّل الأكياس في النَّجاة من عذاب اللَّه والفوز بثوابه، مع اجتهادهم في طاعته، فهذا التَّوكُّل الذي يترتَّب عليه أثره، ويكون الله حَسْبَ من قام به. وأمَّا توكُّل العجز والتَّفريط فلا يترتَّب عليه أثره، وليس الله حَسْبَ صاحبه، فإنَّ الله إنَّما يكون حسب المتوكِّل عليه إذا اتَّقاه، وتقواه فِعلُ الأسباب المأمور بها، لا إضاعتُها.
والطَّائفة الثَّانية: الَّتي قامت بالأسباب، ورأت ارتباطَ المسبَّبات بها شرعًا وقدرًا، وأعرضت عن جانب التَّوكُّل
(1)
. وهذه الطَّائفة وإن نالت بما فعلتْه من الأسباب ما نالتْه، فليس لها قوَّةُ أصحاب التَّوكُّل، ولا عونُ الله لهم، وكفايته
(2)
إيَّاهم، ودفاعه عنهم، بل هي مخذولةٌ عاجزةٌ، بحسب ما فاتها من التَّوكُّل.
فالقوَّة كلُّ القوَّة في التَّوكُّل على اللَّه، كما قال بعض السَّلف
(3)
: من سرَّه أن يكون أقوى النَّاس فليتوكَّل على اللَّه
(4)
. فالقوَّة مضمونةٌ للمتوكِّل والكفايةُ والحَسْب والدَّفع عنه، وإنَّما ينقُص عليه من ذلك بقدر ما نقص من التَّقوى والتَّوكُّل، وإلَّا فمع تحقُّقِه
(5)
بهما لا بدَّ أن يجعل الله له مخرجًا من
(1)
ج: «المتوكل» .
(2)
ك: «ولا كفايته» .
(3)
رُوي مرفوعًا من حديث ابن عباس، رواه ابن أبي الدنيا في «التوكل على الله» (9) و «مكارم الأخلاق» (5). وهو ضعيف جدًّا كما في «السلسلة الضعيفة» (4602). ولذا نسبه المؤلف لبعض السلف، ولم يجعله حديثًا مرفوعًا.
(4)
«كما قال بعض السلف
…
على الله» ليست في ك.
(5)
ص: «تحقيقه» .