المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم عند دخوله منزله - زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الصدقة والزكاة

- ‌فصلفي أسباب شرح الصَّدر وحصولها على الكمال له صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الصِّيام

- ‌فصلفي هديه في صيام التطوع

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في حجِّه وعُمَره

- ‌فصلفي سياق هديه صلى الله عليه وسلم في حجَّته

- ‌فصلغَلِط في عُمَر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم خمس طوائف:

- ‌فصلفي أعذار القائلين بهذه الأقوال، وبيان منشأ الوهم والغلط

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الهدايا والضحايا والعقيقة

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في تسمية المولود وختانه

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الأسماء والكنى

- ‌فصلفي فقه هذا الباب

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في حفظ المنطق واختيار الألفاظ

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الذِّكر

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم عند دخوله منزلَه

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في أذكار الوضوء

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الأذان وأذكاره

- ‌فصلفيما يقوله مَن رأى مُبتلًى

- ‌فصلفيما يقوله من لحقَتْه طِيَرَة

- ‌فصلفيما يقوله مَن رأى في منامه ما يكرهه

- ‌فصلفيما يقوله ويفعله من بُلِيَ(7)بالوسواس

- ‌فصلفيما يقوله ويفعله مَن اشتدَّ غضبُه

- ‌فصلوكان صلى الله عليه وسلم يدعو لمن تقرَّب إليه بما يحبُّ

الفصل: ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم عند دخوله منزله

شهيدًا

(1)

».

‌فصل

في هديه صلى الله عليه وسلم عند دخوله منزلَه

(2)

لم يكن صلى الله عليه وسلم يَفجأ أهلَه بغتةً يتخوَّنهم، ولكن كان يدخل على أهله

(3)

على علمٍ منهم بدخوله، وكان يسلِّم عليهم، وكان إذا دخل بدأ بالسِّواك

(4)

، وسأل عنهم، وربَّما قال:«هل عندكم من غداءٍ؟»

(5)

وربَّما سكت حتَّى يحضر بين يديه ما تيسَّر.

ويُذكر عنه ــ إنْ ثبت ــ أنَّه

(6)

كان يقول إذا انقلب إلى بيته: «الحمد لله الذي كفاني وآواني، والحمد لله الذي أطعمني وسَقاني، والحمد لله الذي مَنَّ عليَّ، أسألك أن تُجِيرني من النَّار»

(7)

.

وثبت عنه أنَّه قال لأنسٍ: «إذا دخلتَ على أهلك فسَلِّمْ، يكن بركةً عليك

(1)

ك: «سعيدًا» .

(2)

«عند دخوله منزله» ليست في ج. وفي مب: «إلى منزله» .

(3)

ج، ك:«مهله» .

(4)

في المطبوع: «بالسؤال» خلاف النسخ والرواية، فروى مسلم (253) من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك.

(5)

رواه مسلم (1076) من حديث أم عطية رضي الله عنه.

(6)

في عامة النسخ: «أنه ثبت أنه» . والمثبت من ص.

(7)

رواه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (158) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، في إسناده راو مبهم لم يسم. وقال النووي في «الأذكار»:«إسناده ضعيف» (ص 24 - 25).

ص: 452

وعلى أهلك». قال الترمذي

(1)

: حسنٌ صحيحٌ.

وفي «السُّنن»

(2)

عنه: «إذا ولَجَ الرَّجل بيتَه فليقلْ: اللَّهمَّ إنِّي أسألك خيرَ المَوْلَج، وخير المَخْرَج، بسم الله وَلَجْنا

(3)

، وعلى الله ربِّنا توكَّلنا، ثمَّ ليسلِّمْ على أهله».

وفيها عنه: «ثلاثةٌ كلُّهم ضامنٌ على اللَّه: رجلٌ خرج غازيًا في سبيل اللَّه، فهو ضامنٌ على الله حتَّى يتوفَّاه فيُدخِلَه الجنَّة، أو يردَّه بما نال من أجرٍ وغنيمةٍ، ورجلٌ راح إلى المسجد، فهو ضامنٌ على الله حتَّى يتوفَّاه فيُدخِلَه الجنَّة، أو يردَّه بما نال من أجرٍ وغنيمةٍ، ورجلٌ دخل بيته بسلامٍ، فهو ضامنٌ على اللَّه»

(4)

. حديثٌ حسن.

(1)

رواه برقم (2698) من حديث أنس- رضي الله عنه، والحديث حسنه الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (2/ 266). وانظر:«تخريج الكلم الطيب» (ص 92) و «تخريج هداية الرواة» (4/ 315 - 316).

(2)

رواه أبو داود (5096) من حديث أبي مالك الأشعري- رضي الله عنه، وفي إسناده انقطاع؛ لأنَّ شريح بن عبيد الحضرمي لم يدرك أبا مالك، قال ابن أبي حاتم في «المراسيل» حاكيًا عن أبيه (327):«شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري مرسل» . انظر: «السلسلة الضعيفة» (5832) و «تخريج الكلم الطيب» (ص 91).

(3)

ق، ب، مب:«ولجتُ» .

(4)

رواه أبو داود (2494) والحاكم وصححه (2/ 73) من حديث أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه، وحسنه النووي في «الأذكار» (ص 24) والمصنف، وجوَّده ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (ص 24)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود - الأم» (7/ 254).

ص: 453

وصحَّ عنه أنه إذا دخل الرَّجل

(1)

بيتَه فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشَّيطان: لا مَبِيتَ لكم ولا عَشاء، وإذا دخلَ فلم

(2)

يذكر الله عند دخوله قال الشَّيطان: أدركتم المبيتَ، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيتَ

(3)

والعَشاء. ذكره مسلم

(4)

.

فصل

في هديه في الذِّكر عند دخول الخلاء

ثبت عنه في «الصَّحيحين»

(5)

أنَّه كان يقول عند دخوله: «اللَّهمَّ إنِّي أعوذ بك من الخُبُثِ والخَبائثِ» .

وذكر أحمد

(6)

عنه أنَّه أمر من دخل الخلاء أن يقول ذلك.

ويُذكَر عنه: «لا يَعْجِزْ أحدُكم إذا دخل مَرْفِقَه أن يقول: اللَّهمَّ إنِّي أعوذ بك من الرِّجس النَّجِس، الخبيث المُخْبِث، الشَّيطانِ الرَّجيم»

(7)

.

(1)

«الرجل» ساقطة من ك.

(2)

ك: «فلا» .

(3)

«وإذا لم يذكر

المبيت» ساقطة من ك.

(4)

برقم (2018) من حديث جابر رضي الله عنه.

(5)

رواه البخاري (142) ومسلم (375) من حديث أنس رضي الله عنه.

(6)

رواه أحمد (19286) وأبو داود (6) وابن ماجه (296) من حديث زيد بن أرقم- رضي الله عنه، إلا أن أبا داود لم يقل:«اللهم» ، والحديث صححه ابن خزيمة (69) وابن حبان (1408). وانظر:«السلسلة الصحيحة» (1070).

(7)

رواه ابن ماجه (299) من حديث أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه، والحديث ضعيف، وفي الباب عن أنس، وبريدة، وابن عمر رضي الله عنهم وكلها لا تثبت. انظر:«السلسلة الضعيفة» (4189). وقد تقدم تخريجه مفصلًا (1/ 189).

ص: 454

وقال: «سَتْرُ ما بين الجنِّ

(1)

وعوراتِ بني آدم إذا دخلَ الكنيفَ أن يقول: بسم اللَّه»

(2)

.

وثبت عنه أنَّ رجلًا سلَّم عليه وهو يبول، فلم يردَّ عليه

(3)

.

وأخبر أنَّ الله سبحانه يَمقُت على الحديثِ على الغائط، فقال:«لا يخرج الرَّجلان يضرِبان الغائطَ كاشفَينِ عن عورتَيْهما يتحدَّثان، فإنَّ الله عز وجل يَمقُت على ذلك»

(4)

.

وقد تقدَّم أنَّه كان لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بغائطٍ ولا بولٍ، وأنَّه نهى عن ذلك في حديث أبي أيوب، وسلمان الفارسيِّ، وأبي هريرة

(5)

، ومَعقِل بن أبي مَعْقِل، وعبد الله بن الحارث بن جَزْءٍ الزُّبيديِّ، وجابر بن عبد اللَّه

(6)

،

(1)

ج: «أعين» .

(2)

رواه الترمذي (606) وابن ماجه (297) من حديث علي رضي الله عنه. قال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده ليس بذاك القوي» ، وللحديث طرق وشواهد أخرى تقويه. انظر:«الإرواء» (1/ 87).

(3)

رواه مسلم (370) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(4)

رواه أحمد (11310) وأبو داود (15) وابن ماجه (324) من حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه، وإسناده ضعيف. انظر:«تمام المنة» (ص 58) و «السلسلة الضعيفة» (5035).

(5)

أما حديث أبي أيوب فعند البخاري (394) ومسلم (264)، وحديث سلمان عند مسلم (262)، وحديث أبي هريرة كذلك عند مسلم (265).

(6)

أما حديث معقل بن أبي معقل فعند أبي داود (10). وأما حديث عبد الله بن الحارث بن جزء فعند ابن ماجه (317) وإسناده صحيح. وأما حديث جابر فيرويه عن أبي سعيد وهو مخرج عند ابن ماجه (320،321)، وفي إسناده ابن لهيعة متكلم فيه، ويشهد له ما سبق.

تنبيه: الذين رووا النهي عن استقبال القبلة واستدبارها هم: أبو أيوب وأبو هريرة ومعقل- رضي الله عنه، أما سلمان وعبد الله بن الحارث وجابر رضي الله عنه فرووا النهي عن الاستقبال فحسب.

ص: 455

وعبد الله بن عمر

(1)

. وعامَّة هذه الأحاديث صحيحةٌ، وسائرها حسنٌ

(2)

، والمعارض لها إمَّا معلول السَّند، وإمَّا ضعيف الدَّلالة، فلا يُرَدُّ صريحُ نهيه المستفيض عنه بذلك، كحديث عِراكٍ عن عائشة: ذُكِر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ أناسًا يكرهون أن يستقبلوا القبلة بفروجهم، فقال:«أَوَقد فعلوها؟ حَوِّلوا مَقْعدتي قِبَلَ القبلة» . رواه الإمام أحمد

(3)

، وقال

(4)

: هو أحسن ما روي في الرُّخصة، وإن كان مرسلًا.

ولكنَّ هذا الحديث قد طعن فيه البخاريُّ وغيره من أئمَّة الحديث

(5)

، ولم يُثبتِوه، ولا يقتضي كلام الإمام أحمد تثبيتَه ولا تحسينَه. قال الترمذي في

(1)

روى البخاري (148) ومسلم (266/ 61) عن ابن عمر قال: رقِيتُ على بيت أختي حفصة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا لحاجته، مستقبل الشام، مستدبر القبلة.

(2)

ص: «حسان» .

(3)

برقم (25899)، وابن ماجه (324)، وفيه علل كثيرة. انظر:«السلسلة الضعيفة» (947) وتعليق المحققين على «المسند» (25063).

(4)

نقل كلام أحمد: ابن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق» (1/ 57) ومغلطاي في «شرح سنن ابن ماجه» (1/ 118)، وقال الأخير:«كذا ذكره في المسند» . ولم أجده في المطبوع. وانظر لأحمد نحو هذا الكلام عند ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص 162).

(5)

«من أئمة الحديث» ليست في ص، ج.

ص: 456

كتاب «العلل الكبير»

(1)

له: سألت أبا عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاريَّ عن هذا الحديث، فقال: هذا حديثٌ فيه اضطرابٌ، والصَّحيح عندي عن عائشة قولها. انتهى.

قلت: وله علَّةٌ أخرى، وهي

(2)

انقطاعه بين عِراكٍ وعائشة، فإنَّه لم يسمع منها، وقد رواه عبد الوهَّاب الثَّقفيُّ عن خالدٍ الحذَّاء عن رجلٍ [عن عراك] عن عائشة

(3)

. وله علَّةٌ أخرى، وهي ضعف خالد بن أبي الصَّلْت

(4)

.

ومن ذلك حديث جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُستقبل القبلةُ ببولٍ، فرأيته قبل أن يُقبَض بعامٍ يستقبلها

(5)

. وهذا الحديث غَرَّبَه

(6)

الترمذي بعد

(1)

(ص 24). وانظر: «التاريخ الكبير» (3/ 156) و «العلل» لابن أبي حاتم (50).

(2)

«وهي» ليست في ص.

(3)

بهذا الإسناد رواه أحمد (25500) والدارقطني (168 وعقب 165) والزيادة منهما.

(4)

هو الرجل المبهم كما في بعض طرق الحديث عند أحمد (25063، 25837، 25899، 26027) وابن ماجه (324) والدارقطني (167) وغيرهم. وانظر للتفصيل: تعليق محققي «المسند» (25063)، وقد تكلم المؤلف عليه بأبسط مما هنا في «تهذيب السنن» (1/ 11).

(5)

رواه أبو داود (13) والترمذي (9) وابن ماجه (325) من حديث جابر رضي الله عنه في إسناده عنعنه، وصرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد (14872) وابن الجارود (31)، والحديث صححه البخاري كما في «العلل الكبير» (5) وابن خزيمة (58) وابن حبان (1420) والحاكم (1/ 154)، وحسنه الترمذي. وانظر:«صحيح أبي داود - الأم» (1/ 36).

(6)

في المطبوع: «استغربه» خلاف النسخ.

ص: 457

تحسينه، وقال الترمذي في كتاب «العلل»

(1)

: سألتُ محمَّدًا ــ يعني البخاريَّ ــ عن هذا الحديث فقال: هذا حديثٌ صحيحٌ، رواه غير واحدٍ عن ابن إسحاق.

فإن كان مراد البخاريِّ صحته عن ابن إسحاق لم يدلَّ على صحَّته في نفسه، وإن كان مراده صحَّته في نفسه فهي واقعةُ عينٍ، حكمُها حكمُ حديث ابن عمر لمَّا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجتَه مستدبرَ الكعبة

(2)

. وهذا يحتمل وجوهًا ستَّةً: نسخُ النهي به، وعكسه، وتخصيصه به صلى الله عليه وسلم، وتخصيصه بالبنيان، وأن يكون لعذرٍ اقتضاه

(3)

المكان أو غيره، وأن يكون بيانًا لأنَّ النَّهي ليس على التَّحريم. ولا سبيلَ إلى الجزم بواحدٍ من هذه الوجوه على التَّعيين، وإن كان حديث جابر لا يحتمل الوجه الثَّاني منها، فلا سبيلَ إلى ترك أحاديث النَّهي الصَّحيحة الصَّريحة المستفيضة بهذا المحتمل.

وقول ابن عمر إنَّما نُهِي عن ذلك في الصَّحراء، فَهْمٌ منه لاختصاص النَّهي بها، وليس بحكاية لفظ النَّهي، وهو مُعارَضٌ بفهم أبي أيوب

(4)

للعموم، مع سلامة قول أصحاب العموم من التَّناقض الذي يَلزم المفرِّقين بين الفضاء والبنيان، فإنَّه يُقال لهم: ما حدُّ الحاجز الذي يجوز ذلك معه في البنيان؟ ولا سبيلَ إلى ذكر حدٍّ فاصلٍ. وإن جعلوا مطلقَ البنيان مجوِّزًا لذلك لزِمَهم جوازه في الفضاء الذي يحول بين البائل وبينه جبلٌ قريبٌ أو بعيدٌ، كنظيره في البنيان.

(1)

(ص 23).

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

«النهي به

اقتضاه» ساقطة من المطبوع، فاختلَّ السياق.

(4)

تقدم تخريجه.

ص: 458