المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذم القياس في الدين: - سلسلة الآثار الصحيحة أو الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين - جـ ١

[الداني آل زهوي]

الفصل: ‌ذم القياس في الدين:

قال: "هما المرآنِ يفتَدَى بهما".

أخرجه البخاري (7275).

فقه الأثر:

قوله: (جلست إلى شيبة)؛ هو: ابن عثمان بن طلحة العبدري حاجب الكعبة. فتح (13/ 266).

قوله: (صفراء): كناية عن الذهب. وبيضاء: كناية عن الفضة.

قوله: (أن لا أدع فيها) .. قال ابن بطّال في شرحه على "صحيح البخاري"(10/ 333 - 334 - الرشد): "يعني: ذهبًا ولا فضة؛ أراد أن يقسم المال الذي يجمع بمكة، وفضل نفقتها ومؤنتها، ويضعه في مصالح المسلمين. فلما ذكره شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر لم يعرضا له؛ لم يسعه خلافهما، ورأى أن الإقتداء بهما واجب .. ".

وقال الحافظ في "الفتح"(13/ 266) - بعد ذكره لكلام ابن بطال-: "وتمامه: أن تقرير النبي صلى الله عليه وسلم منزل منزَّلٌ حكمه باستمرار ما ترك تغييره؛ فيجب الإقتداء به في ذلك، لعموم قوله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ}، وأما أبو بكر- فدلَّ عدم تعرُّضِه؛ على أنه لم يظهر له من قوله صلى الله عليه وسلم ولا من فعله ما يعارض التقرير المذكور، ولو ظهر له لفعله -لا سيما مع احتياجه للمال لقلته في مدَّته- فيكون عمر مع وجود كثرة المال في أيامه أولى بعدم التعرض" اهـ.

* * *

‌ذم القياس في الدِّين:

255 -

عن ابن سيرين رحمه الله، قال:"أوَّل من قاسَ إبليسُ، وما عُبدَت الشمسُ والقمرُ إلا بالمقاييس".

حسن. أخرجه الدارمي في"مسنده"(1/ 280/ 195 - الداراني) والطبري في "تفسيره"(8/ 98) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(2/ 892/ 1675) والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(1/ 466/ 506) وابن حزم في "الإحكام"(8/ 1381) والهروي في "ذم الكلام"(2/ 281/ 364 - الغرباء) والبيهقي في "المدخل"(1/ 206/ 223).

ص: 243

من طريق: يحيى بن سُليم الطائفي، قال: سمعتُ داود بن أبي هند، عن ابن سيرين به.

وهذا إسناد حسن.

يحيى بن سُليم الطائفي؛ وثقه ابن معين وابن سعد، وقال النسائي:"ليس بالقوي"، وقال الحافظ:"صدوق سيّئ الحفظ".

قلت: وهو إن شاء الله لا ينزل عن رتبة الحسن؛ فإنما أنكر عليه روايته عن عبيد الله بن عمر، فقد قال البخاري:"يروي أحاديث عن عبيد الله بن عمر؛ يهم فيها".

* * *

256 -

عن مسروق، قال:"إني أخافُ أن أقيسَ؛ فتزِلَّ قدمي".

صحيح. أخرجه الدارمى (1/ 281/ 197) وابن عبد البر فى "جامع بيان العلم"(2/ 892 - 893/ 1676 - 1678) والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(1/ 458/ 489).

من طرق؛ عن الشعبي عنه.

* * *

257 -

وعن الشعبي أنه قال: "والله لئن أَخَذتُم بالمقاييس؛ لتُحَرِّمُن الحلالَ، ولتُحِلُّنَّ الحرامَ".

أخرجه الدارمي (1/ 281/ 198) والهروي في "ذم الكلام"(2/ 281/ 366) من طريق: صدقة بن الفضل، عن أبي خالد الأحمر، عن إسماعيل، عن الشعبي به.

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 893/ 1679) والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/ 460، 461/ 494، 497) والبيهقي في "المدخل"(225)

من طريق. عيسى بن أبي عيسى الحناط، عن الشعبي به.

ص: 244

وهذا إسناد تالف؛ الحناط هذا متروك، لكنه يصح بما قبله،

تنبيه:

1 -

لم ينبه محقق كتاب "جامع بيان العلم" ط ابن الجوزي لطريق الدارمي هذه.

2 -

قال محقق كتاب "الفقيه والمتفقه" ط ابن الجوزي: "رواه الدارمي (1/ 47) من طريق: عيسى الحناط به"!! وإنما هو من طريق أبي خالد الأحمر كما تقدم، ولم يروه من طريق عيسى هذا.

* * *

258 -

عن أبي الطفيل، قال: كنتُ مع ابن عباس، ومعاوية - لا يمرُّ بركن إلا استلمه. فقال ابن عباس:"إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يكُن يَسْتَلِمُ إلا الحجَرَ الأسودَ والرُّكنَ اليماني".

فقال معاوية: "ليس شيءٌ من البيت مهجوراً".

[فقال ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. فقال معاوية: "صَدَقتَ"].

أخرجه الترمذي (858) وأحمد (1/ 246، 332، 372) أو رقم (2210، 3074، 3532 - شاكر) عن أبي الطفيل به.

وأخرجه البخاري (1608) عن أبي الشعثاء نحوه.

وأخرجه أحمد (1/ 217) أو رقم (1877 - شاكر) من طريق: خُصيف، عن مجاهد، عن ابن عباس به، والزيادة الأخيرة له.

وصحّح إسناده العلامة أحمد شاكر رحمه الله.

فقه الأثر:

فيه: أن السنة استلام الركن اليماني والحجر الأسود فقط في الطواف في الحج.

قال الشافعي رحمه الله مجيباً عن قول من قال: "ليس شيء من البيت مهجوراً"-:"بأنا لم نَدَعْ استلامهما هجراً للبيت، وكيف يهجره وهو يطوف به؟ ولكنا نتبع السنة فعلاً وتركاً، ولو كان ترك استلامهما هجراً لهما؛ لكان ترك

ص: 245

استلام ما بين الأركان هجراً لها، ولا قائل به" اهـ. من "تحفة الأحوذي" (3/ 701 - ط دار إحياء التراث العربي).

* * *

- السنة للرجل إذا دخل المسجد والناس ركوع أن يركع ويمشي حتى يدخل الصف:

259 -

قال الإمام الطبراني رحمه الله: حدثنا محمد بن نصر، ثنا حرملة بن يحيى، ثنا ابن وهب؛ أخبرني ابن جريج، عن عطاء؛ أنه سمع ابن الزبير على المبنر بقول:"إذا دخل أحدُكُم المسجدَ والناسُ ركوعٌ فليركعْ حين يَدْخُلَ، ثم يَدِبُّ راكعاً حتى يدخُلَ في الصَّفِّ؛ فإن ذلك السنة".

قال عطاء: وقد رأيتُه يصنع ذلك.

قال ابن جريج: وقد رأيتُ عطاء يصنع ذلك.

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(8/ 11/ 7012 - الطحان) أو (7/ 115/ 7016 - الحرمين) وابن خزيمة (رقم: 1571) والحاكم (1/ 214) والبيهقي (3/ 106).

من طريق: ابن وهب به.

وصححه الحاكم والذهبي، ووافقهما الألباني في "الصحيحة"(1/ 454).

وقال الشيخ الألباني بعد قول الطبراني:"لا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به حرملة".

قال الألباني: "قلت: وهو ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. ومحمد بن نصر؛ هو ابن حميد الوازع البزَّار، وسمّاه غير الطبراني أحمد كما ذكر الخطيب (ج 3/ ترجمته 1411، وج 5/ ترجمته 2625)، وقال: "وكان ثقة".

والحديث قال الهيثمي (2/ 96): "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح".

ص: 246

قلت: فالسند صحيح إن كان ابن جريج سمعه من عطاء؛ فقد كان مدلّساً، وقد عنعنه، ولكن قوله في آخر الحديث:"وقد رأيتُ عطاء يصنع ذلك"؛ مما يشعر أنه تلقَّى ذلك عنه مباشرة؛ لأنه يبعد جدًّا أن يكون سمعه عنه بالواسطة، ثم يراه يعمل بما حدّث به عنه، ثم لا يسأله عن الحديث ولا يعلو به، هذا بعيد جدًّا، فالصواب أن الإسناد صحيح.

ثم رأيتُ في "مصنف عبد الرزاق"(2/ 284/ 3386) ما يؤيد ما ذكرته من التلقي عن عطاء مباشرة" اهـ.

قال أبو عبد الله -عفا الله عنه-: قول الطبراني: "تفرَّد به حرملة"؛ مُتَعَقَّبٌ برواية سعيد بن الحكم بن أبي مريم، قال: أخبرني عبد الله بن وهب به - عند ابن خزيمة والحاكم والبيهقي.

وقول العلامة الألباني بأن محمد بن نصر؛ هو: ابن حميد الوازع البزار؛ غير دقيق، والأقرب أنه: محمد بن نصر أبو جعفر الهمداني حمويه؛ وهو الذي يروي عن حرملة بن يحيى، وهو صدوق رحَّال؛ كما في "تاريخ الإسلام" (ص 300/ حوادث: 291 - 300) و"بلغة القاصي والداني في تراجم شيوخ الطبراني" للعلامة حماد الأنصاري رحمه الله (ص 313/ رقم: 621).

وقول محقق"مجمع البحرين" الأستاذ عبد القدوس بن محمد نذير (2/ 91): "محمد بن نصر القطان؛ لم أجده"! بعيد. والله تعالى أعلم.

* * *

260 -

وعن زيد بن وهب، قال: خرجتُ مع عبد الله- يعني: ابن مسعود -من داره إلى المسجد، فلما توسَّطنا المسجد؛ ركع الإمام، فكبَّرَ عبدُ الله وركع وركعتُ معه، ثم مشينا راكعَيْنِ، حتى انتهينا إلى الصف حين رفع القوم رؤوسَهُم، فلما قضى الإمام الصلاة؛ قمتُ وأنا أرى أني لم أدْرِكْ، فأخذ عبدُ الله بيدي وأجلسني، ثم قال:"إنك قد أدركتَ".

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1/ 229/ 2622 - العلمية) وعبد الرزاق في "مصنفه"(2/ 283/ 3381) والطحاوي في "شرح معانى الآثار"(1/ 397/ 2322 - عالم الكتب) والطبراني في "المعجم الكبير"(9/ رقم: 9353، 9354، 9355) والبيهقي (2/ 90 - 91).

ص: 247

من طرق؛ عن زيد بن وهب به.

وصححه الألباني في "الصحيحة"(1/ 455).

فقه الأثر:

1 -

فيه أن إدراك الركوع مع الإمام إدراك الركعة.

2 -

أن السنة إذا دخل الرجل المسجد والإمام راكع أن يكبر ثم يركع ويمشي راكعاً حتى يصل الصف.

وفي الباب آثار عن عدد من الصحابة؛ انظر"المصنف" لابن أبي شيبة، و"مصنف عبد الرزاق" و"شرح المعاني" للطحاوي و"الصحيحة" للألباني تحت الحديث رقم:(229).

وانظر لزاماً "الصحيحة"(1/ 457 - 461/ 230) لدفع التعارض مع حديث آخر في الباب.

* * *

261 -

عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، قال:"نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابِهِ: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [المائدة: 83].

صحيح. أخرجه النسائي في "الكبرى"(6/ 336/ 11148) والطبري في "تفسيره"(7/ 5) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1185/ 6689).

من طريق: عمرو بن علي الفلاس، ثنا عمر بن علي بن مقدّم، قال: سمعتُ هشام بن عروة، يُحَدِّثُ عن أبيه، عن عبد الله به.

وهذا إسناد صحيح.

وعمر بن علي بن عطاء، ثقة - شديد التدليس؛ لكنه صرَّح هنا بالسماع.

والأثر أودعه الشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي في "الصحيح المسند من أسباب النزول"(ص 99 - 100).

ص: 248

262 -

عن هُزيل بن شرحبيل، قال: جاء رجلٌ إلى أبي موسى الأشعري وسلمان بن أبي ربيعة؛ فسألهما عن: ابنة، وابنة ابن، وأخت لأب، وأم؟

فقالا: "لابنته النصف، والأخت من الأب والأم النصف، ولم يورث ابنة الابن شيئاً، وائْتِ ابنَ مسعودٍ؛ فإنه سيتابعنا".

فأتاه الرجلُ، فسألَهُ، وأخبره بقولهما، فقال:"لقد ضَلَلْتُ إذاً وما أنا من المهتدين، ولكني سأقضي فيها بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لابنته النصف، ولابنة الابن سهم تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت من الأب والأم".

قال: فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال:"لا تسألوني ما دام هدا الحَبْرُ فيكم".

أخرجه البخاري (6736، 6742) وأحمد في المسند" (1/ 389، 428) أو رقم (3691، 4073 - شاكر) والنسائي في "الكبرى" (4/ 70/ 6328) وأبو داود (2890) والترمذي (2093) وابن ماجه (2721) والطيالسي في "مسنده" (375) والدارمي (4/ رقم: 2932) والبيهقي (6/ 230) وابن أبي شيبة في "مصنفه" (11/ 245 - 246) وابن الجارود (962) والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 392) والحاكم (4/ 334 - 335) وأبو يعلى في "مسنده" (9/ 44 - 45، 153/ 5108، 5235) والبغوي في "شرح السنة" (8/ 333/ 2218) وغيرهم.

من طرق؛ عن أبي قيس الأودي، عن هزيل به. بعضهم بهذا اللفظ، وبعضهم بنحوه.

فقه الأثر:

فيه: وجوب الرجوع إلى السنة عند معرفتها واستبيانها، وعدم الركون إلى الرأي.

وفيه: أن الإعتداد بالرأي والاعراض عن السنة ضلال مبين.

وفيه: فضيلة لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأنه حَبْرٌ من أحبار هذه الأمة؟ والحبر هو العالم؛ سُمِّيَ بذلك لتحبيره في العلم، وقيل: لتحبيره العلوم وتحسينها.

ص: 249

وفيه: أن الحجة عند التنازع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيرجع إليها، ولا يُلتفت حينئذٍ إلى الآراء والمذاهب وغير ذلك، ولا تُعارض بقياس أو اجتهاد أو رأي.

وفيه: ما كان عليه الصحابة من الإنصاف والرجوع إلى الحق، وعدم الإصرار على الخطأ بعد تبيّن الحق. وانظر:"الفتح"(12/ 19).

* * *

263 -

عن سليمان بن يسار؛ أن أبا هريرة وابن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن تذاكروا في المتوفَّى عنها الحامل؛ تضع عند وفاة زوجها- فقال ابن عباس: "تعتدُّ آخر الأجلين".

فقال أبو سلمة: "تَحِلُّ حين تضع". فقال أبو هريرة: "وأنا مع ابن أخي".

فأرسلوا إلى أم سلمة، فقالت:"قد وضَعَتْ سُبَيْعَةُ بعد وفاة زوجها بيسير، فأمرها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن تتزوَّج".

أخرجه مالك في "الموطأ"(2/ 104/ 86) ومسلم (1485) وأحمد (6/ 314) أو رقم (26784 - قرطبة) والترمذي (1194) والبيهقي (7/ 429) وأبو يعلى في "مسنده"(12/ 412 - 413/ 6978) والدارمي (3/ رقم: 2325 - الداراني) وابن حبان (10/ 133/ 4296) والنسائي في "المجتبى"(6/ 192، 193) وابن الجاورد في "المنتقى"(762).

من طرق؛ عن سليمان به.

وأخرجه مالك (2/ 103/ 83) والبخاري (4909) و (5318) والنسائي في "الكبرى"(6/ 494/ 11606) وفي "المجتبى"(6/ 192) والشافعي في "الأم"(5/ 224) وابن حبان (10/ 132/ 4295).

من طريق: أبي سلمة به.

* * *

264 -

عن علقمة والأسود، قالا: أُتِيَ عبدُ الله بن مسعود في رجلٍ تزوَّج

ص: 250

امرأةَ ولم يَفْرِضْ لها؛ فتوفِّيَ قبل أن يدخُلَ بها. فقال عبدُ الله: "سَلُوا هل تجدون فيها أثراً"؟

قالوا: يا أبا عبد الرحمن؛ ما نجدُ فيها -يعني: أثراً-.

قال: "أقولُ برأيي؛ فإن كان صواباً فمن الله، [وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان، واللهُ ورسولُه منه برآء]- لها كمهر نسائها لا وَكْسَ ولا شطَطَ، ولها الميراثُ، وعليها العِدَّةُ".

فقام رجل من أَشْجَعَ-[أبو سنان الأشجعي]- فقال: في مثل هذا قضى

رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فينا في امرأة يقال لها: بروع بنتُ واشق- تزوَّجْتْ رجلاً، فمات قبل أن يدخلَ بها، فقضى لها رسول الله صلى الله عليه وسلم -بمثل صَدَاقِ نسائها، ولها الميراث، وعليها العدة. فرفع عبد الله يديه وكبَّر.

[قال: ما رئِيَ عبدُ الله فَرِحَ فرحةً يومئذ إلا بإسلامه] ".

صحيح، أخرجه النسائي في "الكبرى"(3/ 316/ 5515) وفي "المجتبى"(6/ 121) أو رقم (3354 - المعرفة) وابن حبان (9/ 409 - 410/ 4100).

من طريق: مصعب بن المقدام، ثنا زائدة، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود به.

وهذا إسناد صحيح، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"(2/ 706/ 3145 - المكتب الإسلامي).

وأخرجه أحمد (3/ 279، 480) وأبو داود (2115) والنسائي في "الكبرى"(3/ 316/ 5516) وفي "المجتبى"(6/ 121 - 122) والترمذي (1145) وابن ماجه (1891) وابن أبي شيبة (4/ 300) وابن الجارود (718) وعبد الرزاق في "مصنفه"(6/ 294/ 10898) والطبراني في "الكبير"(20/ رقم: 543) وابن حبان في "صحيحه" -الإحسان- (9/ 409/ 4099) والبيهقي (7/ 245) والدارمي (3/ 1441/ 2292 - الداراني).

من طريق: سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة به.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

ص: 251

وأخرجه أحمد (4/ 280) والنسائي في "الكبرى"(3/ 317/ 5518) وفي "المجتبى"(6/ 122) والترمذي (1145) وابن أبي شيبة (4/ 301 - 302) والطبراني في "الكبير"(20/ رقم: 542) وابن حبان (9/ 410 - 411/ 4101) والبيهقي (7/ 245) والحا كم (2/ 180).

من طريق: داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة به. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه ابن أبي شيبة (4/ 300) وأحمد (4/ 280) وأبو داود (2114) والنسائي في "الكبرى"(3/ 317/ 5517) وفي "المجتبى"(6/ 121) وابن ماجه (1891) والطبراني (20/ رقم: 245، 246) وابن حبان (9/ 407 - 408/ 4098) والبيهقي (7/ 245) والحاكم (2/ 180 - 181).

من طريق: فراس الهمداني، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله به.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ كما قال الحاكم والذهبي.

وأخرجه ابن أبي شيبة (3/ 555) وأبو داود (2116) وأحمد (4/ 279) والبيهقي (7/ 246). من طريق: قتادة، عن خلاس بن عمرو وأبي حسان، يحدثان عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن مسعود به.

وللاثر طرق أخرى، نكتفي بهذا القدر منها، والحمد لله أولاً وآخراً.

* * *

265 -

عن يزيد بن هرمز، قال: كتب نَجْدَةُ بن عامر الحروري إلى ابن عباس يسأله عن خِلَالٍ -فقال ابن عباس: "إن الناسَ يقولون: إن ابن عباس يُكَاتِبُ الحرورية، ولولا أني أخافُ أَنْ أَكْتُمَ علماً؛ لم أكتُبْ إليه"- فكتب إليه نجدة: أما بعد؛ فأخبرني: هل كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ وهل كان يَضرِبُ لهُنَّ بسهم؟ وهل كان يقتل الصبيان؟ ومتى ينقضي يُتْمُ اليتيم؟ وعن الخُمْسِ؛ ما هو؟

فكتب إليه ابن عباس:"كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي هل كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ - وقد كان يغزو بهنَّ؛ فيُدَاوِينَ الجرحى، ويُحْذَيْنَ من الغنيمة، وأما بسهمٍ؛

ص: 252

فلم يضرِبْ لهنَّ. وإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل الصبيان؛ فلا تقتلِ الصبيان.

وكَتَبْتَ تسألُني: منى ينقضي يُتْمُ اليتيم؟ - فلعمري إن الرجُلَ لتنبُتُ لحيتُه وإنه لضعيف الأخذ لنفسه، ضعيف العطاء منها، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخُذُ الناس؛ فقد ذهبَ عنه اليُتْمُ.

وكتبتَ تسألُني: عن الخُمْسِ؛ لمن هو؟ - وإنا كنا نقول: هو لنا؛ فأبى علينا قومُنا ذلك".

أخرجه مسلم (1812) وأحمد (1/ 224، 248، 249، 294، 308، 320) أو رقم (1967، 2235، 2685، 2812، 2943 - شاكر) وأبو داود (2727، 2728) والنسائي في "المجتبى"(7/ 128 - 129) أو رقم (4144، 4145 - المعرفة) وفي "الكبرى"(3/ 44/ 4435، 4436) والترمذي (1556) والدارمي (3/ رقم: 2514 - الداراني) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(12/ 408 - 409) أو (6/ 521/ 33439 - العلمية) وابن نصر في "السنة"(رقم: 159، 160 - العاصمة) وأبو عبيد في "الأموال"(رقم: 851 - 853) وابن زنجويه في "الأموال"(2/ 736 - 737) وسعيد بن منصور في "سننه"(2/ 329 - 330) والحميدي في "مسنده"(1/ 244/ 532) وأبو يعلى في "مسنده"(4/ 423 - 424/ 2550) و (5/ 41، 42/ 2630، 2531) وابن حبان (11/ 155 - 156/ 4824) والبيهقي (6/ 332) والطحاوي في "شرح المعاني"(3/ 235) والبغوي في "شرح السنة"(رقم: 2723) والشافعي في "مسنده"(2/ 122 - 123).

من طرق؛ عن يزيد بن هرمز به.

إلا أن أحمد في الموضع الأول (1/ 224) رقم (1967) وأبو يعلى في الموضع الثاني (5/ 41/ 2630) وابن نصر في الموضع الأول (159)، أخرجوه من طرق؛ عن عطاء، عن ابن عباس به.

وله عندهم جميعاً ألفاظ مختلفة، بعضها مطولاً، وبعضها مختصراً.

غريب الأثر:

الحرورية: هم الخوارج، سموا بذلك نسبة إلى قرية حروراء بالكوفة.

ص: 253

يُحْذَين: فسرها الإمام الترمذي، فقال؛ "ومعنى قوله:"ويُحْذَينَ من الغنيمة"؛ يقول: يرضَخُ لهنَّ بشيء من الغنيمة، يُعْطَيْنَ شيئاً" اهـ.

فقه الأثر:

فيه: أن النساء لا يضرب لهن بسهم وإن قاتَلْنَ في المعركة، وإنما يعطى لهن من الغنيمة. وهذا مذهب الجمهور -خلا الإمام الأوزاعي رحمه الله كما أشار إلى ذلك الامام أبو عيسى الترمذي.

وقال الإمام مالك: لا يُرْضَخُ لهن، ولم يبلغني ذلك.

وفيه: أن اليُتم لا يرتفع عن اليتيم بالبلوغ؛ بل حتى يُؤنس منه الرشد وحسن التصرف في أموره.

والخمس المذكور في الأثر هو خمس الخمس لا خمس الغنيمة - كما أشار إلى ذلك أبو العباس القرطبي في "المفهم"(3/ 688 - 689).

* * *

266 -

عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، في قول الله تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89]. قالت: "هو قولُ الرجلِ: لا والله، بلى والله".

أخرجه البخاري (6663) والنسائي في "الكبرى"(6/ 336/ 11149) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1189/ 6701) وابن الجاورد في "المنتقى (رقم: 925) والبيهقي (10/ 48) ومالك في "الموطأ" (2/ 477/ 9) والشافعي في "مسنده" (2/ 74) والطبري في "تفسيره" (2/ 240، 241) والبغوي في "تفسيره" (1/ 201) وعبد الرزاق في "مصنفه" (رقم: 15951، 15952) بعضهم ذكر الآية، وبعضهم لم يذكرها - كمالك والشافعي.

من طريق: هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به.

وروي مرفوعاً: أخرجه أبو داود (3254) والبيهقي (10/ 49) وابن حبان (10/ 176/ 4333). من طريق: حسان بن إبراهيم، عن إبراهيم الصائغ، قال: سألت عطاء عن اللغو في اليمين؟ فقال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: .. فذكره.

ص: 254

قلت: وأخرجه ابن أبي حاتم (4/ 1190/ 6705) والشافعي (2/ 74) والبيهقي (10/ 49) عن عطاء به موقوفاً.

وقد أشار إلى ذلك الحافظ أبو داود، وقد صحّح الدارقطني وقفه - كما في "التلخيص"(4/ 167)، وانظر "إرواء الغليل"(8/ 194/ 2567).

* * *

267 -

عن حُميد بن هلال، انه قال: حدثنا أبو قتادة، عن عبادة بن قرط؛ أنه قال:"إنكم لتعملون اليومَ أعمالاً -هي أدَقّ في أعينكم من الشَّعْرِ- كنا نعدّها على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم -من الموبقات".

[قال حميد]: فقلتُ لأبي قتادة: فكيف لو أدرك زماننا هذا؟

فقال أبو قتادة: "لكان لذلك أَقْوَل".

أثر صحيح. أخرجه أحمد في "المسند"(5/ 79) أو رقم (20807، 20809 - قرطبة) وابن المبارك في "الزهد"(رقم: 181) وأبو داود في "الزهد"(رقم: 379، 380) والطيالسي في "مسنده"(رقم: 1353/ ص 193) والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 7259/454، 7260) وابن قانع فى "معجم الصحابة"(رقم: 690).

من طريق: قرة بن خالد، وسليمان بن المغيرة، عن حميد به.

وهذا إسناد صحيح.

وخالف أيوبُ قرةَ وسليمانَ؛ فرواه عن حميد بن هلال، قال: قال عبادة بن قرط، ولم يذكر أبا قتادة العدوي.

أخرجه أحمد (5/ 79) أو رقم (20806) والدارمي (3/ رقم: 2810 - الداراني) والبخاري في "التاريخ الكبير"(6/ 94).

وفي الباب عن أنس بن مالك عند البخاري (6492) وغيره، وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد (3/ 3) وغيره.

ص: 255

268 -

وعن الزهري رحمه الله، قال: عن عروة، قال: سمعتُ عائشة تقول:

"قال لَبِيدُ:

ذهَبَ الذين يُعَاشُ في أَكْنَافِهِمْ

وبَقيتُ في نَسْلِ كجلدِ الأَجْرَبِ

يَتَحَدَّثُونَ مخافةَ ومَلاذَةَ

ويُعَابُ قائلُهم وإن لم يَشْغبِ

فالت: فكيف لو أدركَ لبيد قوماً نحن بين ظهرانيهم"؟

قال عروة: "كيف بعائشةَ لو أَدْرَكَتْ من نحن بين ظهرانيه"؟

قال الزهري: "كيف لو أدرك عروة من نحن بين ظهرانيهم اليوم"؟

أثر صحيح. أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(11/ رقم: 20448) - عن معمر في "جامعه" -وعبد الله بن المبارك في "الزهد"(رقم: 183) والبيهقي في "الزهد"(رقم: 214، 216) والخطابي في "العزلة"(ص 185) وأبو داود في "الزهد"(رقم: 320).

من طريق: معمر، عن الزهري به.

وأخرجه أبو داود من طريق: صالح بن كيسان، عن الزهري به، وكذا البيهقي في الموضع الأول.

وأخرجه البيهقي (رقم: 215) والخطابي في "العزلة"(184 - 185) والسِّلَفي في "الطيوريات" للمبارك بن عبد الجبار الطيوري (ص 92 - 93/ رقم: 147 - ط. البشائر) والحارث بن أبي أسامة كما فى "بغية الباحث"(2/ 845) والدينوري في "المجالسة"(8/ 143 - 144/ 3453).

من طرق؛ عن هشام بن عروة، عن أبيه به.

* * *

569 -

عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصدّيق، قال: سُئِلَ ابنُ عباس: عن الرجل يَجْتَهِدُ في العمل؛ ويصيبُ من الذنوب، ورجلٌ لا يجتهدُ ولا يذنب؟

ص: 256

فقال: "السلامةُ أحبّ إليَّ".

صحيح. أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(رقم: 66) وأبو داود في "الزهد"(رقم: 343) ووكيع في "الزهد"(2/ 534 - 535/ 272) وهناد في "الزهد"(رقم: 902) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(8/ 196) أو (7/ 149/ 34760) والنسائي في "الكبرى" -المواعظ -كما في "تحفة الأشراف"(5/ 191) للمزي- والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 467/ 7309 - العلمية).

من طريق: يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد به.

وهذا إسناد صحيح.

* * *

- تراجع عبد الله بن عباس عن القول في ربا الصَّرف:

270 -

عن حَيَّان العَدَوِي، قال: سئلَ لاحق بن حميد؛ أبو مجلز -وأنا شاهدٌ- عن الصَّرْفِ؟

فقال: "كان ابنُ عباس لا يرى به بأساً زماناً من عمره؛ حتى لقِيَهُ أبو سعيد الخدري، فقال له: "يا ابن عباس؛ ألا تتَّقِي اللهَ! حتى متى تُوكِل الناسَ الرِّبا؟ أما بَلَغَكَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال ذاتَ يوم -وهو عند أُمِّ سلمة زوجته-: "إني أشتهي ثَمْرَ عجوة"، وأنها بعثت بصاعين من تَمْرِ عتيق إلى منزل رجلِ من الأنصار، فأُتيت بدلهما ثمر عجوة، فقدَّمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛فأعجبه، فتناول تمرة، ثم أَمْسَكَ، فقال:"من أين لكم هذا"؟

قالت: "بَعَثْتُ بصاعين من تمر عتيق إلى منزل فلان، فأتينا بدلهما من هذا الصاع الواحد".

فألقى التمرةَ من يده وقال: "رُدُّوهُ، ردُّوه؛ لا حاجةَ لي فيه، التمرُ بالتمرِ، والحِنطةُ بالحنطةِ، والشَّعيرُ بالشَّعِيرِ، والذَّهَبُ بالذَّهَب، والفضَّةُ بالفضَّةِ -يداً بيد، مِثْلاٍ بمِثْلٍ، ليس فيه زيادة ولا نقصان، فمَن زادَ أو نقص فقد أربي- في كل ما يُكالُ أو يوزن".

ص: 257

فقال: "ذكَّرتني يا أبا سعيد أمراً نسيتُه، أستغفر الله وأتوب إليه"، وكان ينهى بعد ذلك أشدَّ النهي".

حسن. أخرجه ابن نصر المروزي في "السنة"(رقم: 184 - العاصمة) والحاكم في "المستدرك"(2/ 42 - 43) والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 286) وابن عدي في "الكامل"(2/ 831 - الفكر) أو (3/ 346 - العلمية) والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(1/ 372 - 373/ 372). من طريق: حيان به.

وهذا إسناد حسن.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح .. ". وتعقبه الذهبي: "حيان فيه ضعف، وليس بالحجة".

وحيان بن عبيد الله العدوي فيه كلام؛ لكنه لا ينزل عن رتبة الحسن -إن شاء الله تعالى- فقد وثقه روح بن عبادة كما في إسناد المروزي، وابن حبان في "الثقات" (6/ 230) وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/ 246):"صدوق".

وقال الحافظ علاء الدين المارديني قي "الجوهر النقي" في حاشية "السنن الكبرى"(5/ 286):"أخرج هذا الحديث الحاكم في مستدركه، وقال: صحيح الإسناد. وحيان هذا ذكره ابن حبان في "الثقات" من أتباع التابعين، وقال الذهبي في "الضعفاء": جائز الحديث. وقال عبد الحق في أحكامه: قال أبو بكر البزار: حيان رجل من أهل البصرة؛ مشهور ليس به بأس. وقال فيه أبو حاتم: صدوق.

وقال بعض المتأخرين فيه: مجهول! ولعله اختلط عليه بحيان بن عبيد الله المروزي" اهـ.

قلت: فالإسناد حسن كما أسلفت، والله أعلم.

وانظر في تراجع ابن عباس رضي الله عنه عن قوله في ربا الفضل "انفرادات ابن عباس عن جمهور الصحابة في الأحكام الفقهية" لمحمد سميعي الرستاقي (ص 292 - 300 - ط مكتبة الفرقان بعجمان).

* * *

271 -

عن حذيفة رضي الله عنه قال: "إِنْ كان الرجُلُ ليتكلَّمُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكلمة؛ فيصيرُ بها منافقاً، وإني لأسمعُها اليوم من

ص: 258

أحدكم عشر مرَّاتِ".

أخرجه وكيع في "الزهد"(رقم: 476) وأحمد في "المسند"(5/ 386، 390) أو رقم (23385،23419 - قرطبة) وابن أبي عاصم في "الزهد"(رقم: 69) وابن بطة في "الإبانة"(رقم: 915) وابن أبي شيبة في "المصنف"(15/ 44 - 45) وأبو نعيم في "صفة النفاق"(رقم: 118، 119) وفي "حلية الأولياء"(1/ 279).

من طريق: رَزين بن حبيب الجهني، عن أبي رُقاد العبسي، عن حذيفة به.

وإسناده ضعيف لجهالة أبي رُقاد العبسي؛ انظر"مجمع الزوائد"(10/ 297) و"تخريج الإحياء" للحافظ العراقي (1/ 122).

لكن له شواهد؛ منها:

ما أخرجه أحمد (5/ 391) أو رقم (23429 - قرطبة) وأبو نعيم في "صفة النفاق"(رقم: 120) من طريق: محمد بن عبد الله بن الزبير، ثنا سعد بن أوس، عن بلال العبسي، عن حذيفة، قال:"إنكم معشر العرب اليوم لتأتون أموراً إنها لفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم -النفاقُ على وجهه".

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه أحمد (5/ 384) أو رقم (23369 - قرطبة) من طريق: ليث بن أبي سُليم، عن بلال، عن شُتير بن شكل، وعن صلة بن زفر، وعن سليك بن مسحل الغطفاني، قالوا: خرج علينا حذيفة ونحن نتحدث، فقال:"إنكم لتكلمون كلاماً؛ إن كنا لنعده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم -النفاق".

وإسناده ضعيف. لكنه صحيح بما قبله.

* * *

272 -

عن أبي الشعثاء سليم بن أسود، قال: كنتُ قاعداً مع حذيفةَ وابنِ مسعودٍ، فقال حذيفةُ:"ذهَبَ النفاقُ؛ فلا نفاق، إنما هو الكفر بعد الإيمان".

فقال له عبد الله: "تعلم ما تقول"؟

قال: فقرأ حذيفة: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ

ص: 259

كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} إلى قوله: {وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55].

قال: فضحِكَ.

قال: فقلنا لأبي الشعثاء: مما ضحك، فإن الرجلَ ربما ضحك من الشيء ينكره، وربما ضحك من الشيء يعرفه؟

قال: فقال: لا أدري.

ثم قال شعبة: "ذهب النفاق، وإنما هو الكفر بعد الإيمان".

صحيح. أخرجه أبو نعيم في "صفة النفاق"(114، 115، 116) وفي "الحلية"(1/ 180) وعلي بن الجعد -أخرجه عنه البغوي في حديثه عنه- (1/ 404 - 405 - الفلاح) أو رقم (549 - ط. عامر حيدر) أو (1/ 185/ 551 - الخانجي) والطبري في "تفسيره"(18/ 123) والبخاري في "صحيحة"(رقم: 7114) -شطره الأول فقط- وابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2627/ 14762) والهروي في "ذم الكلام"(1/ 398/ 95 - الغرباء) وابن بطة في "الإبانة"(رقم: 913).

من طرق؛ عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الشعثاء به.

ورواه عنه: شعبة، ومسعر بن كدام.

بعضهم مطولاً، وبعضهم اقتصر على الشطر الأول فقط.

ومقصود حذيفة رضي الله عنه بذهاب النفاق؛ أي: الذي هو إظهار الاسلام وإبطان الكفر، وإلا فإن النفاق بأشكاله وصوره وخصاله باقٍ إلى يوم القيامة كما دلَّت الأحاديث والآثار، والله تعالى أعلم.

* * *

273 -

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال:"ما في السموات سماءٌ منها موضع إلا وعليها جبهةُ مَلَكٍ أو قَدَمَاهُ، قائماً أو ساجداً ثم قرأ:{وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164)} [الصافات: 164].

صحيح. أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(23/ 71) وعبد الرزاق في

ص: 260

"تفسيره"(2/ 158/2) وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"(1/ 260 - 261/ 254) والطبراني في "المعجم الكبير"(9/ رقم: 9042) والبيهقي في "شعب الإيمان"(1/ 177 - 178/ 159).

من طريق: الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود به.

وهذا إسناد صحيح كما قال الشيخ الألباني في "الصحيحة"(3/ 49)، وقال:"هو في حكم المرفوع".

ورُوي مرفوعاً: أخرجه ابن جرير الطبري (23/ 71) وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"(1/ 260/ 253) وأبو الشيخ الأصبهاني في "العظمة"(3/ 984 - 985/ 508).

من طريق: أبي معاذ النحوي الفضل بن خالد، ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعتُ الضحاك بن مزاحم؛ يحدث عن مسروق، عن عائشة مرفوعاً.

قال الشيخ الألباني في "الصحيحة"(3/ 49/ 1059): "وهذا إسناد حسن في الشواهد، رجاله ثقات -غير الفضل هذا-، فقد ترجمه ابن أبي حاتم (3/ 2/ 61) من رواية ثقتين عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً".

تنبيه: أورد الحافظ نور الدين الهيثمي أثر عبد الله بن مسعود المتقدم في "مجمع الزوائد"(7/ 98) وقال: "رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيف".

قلت: قد تابعه غير واحد، فصحَّ السند، والحمد لله.

* * *

274 -

عن عبد الله بن سلَاّم رضي الله عنه، أنه قال: "خلَقَ اللهُ عز وجل الأرضَ يومَ الأحد والإثنين، وقدَّرَ فيها أَقْوَاتَهَا، وجعَلَ فيها رواسِيَ من فوقها يومَ الثلاثاء والأربعاء، ثم استوى إلى السماء وهي دُخَان؛ فخلقها يوم الخميس ويوم الجمعة، وأوحى في كل سماءٍ أمرها، وخلَقَ آدمَ عليه السلام في آخر ساعة من أيَّام الجمعة -على عَجَلِ- ثم تَرَكَهُ أربعين ينظر اليه، ويقول:(تبارك الله أحسن الخالقين)، ثم نفخ روحَهُ، فلما دخل في

ص: 261

بعضه الروح ذهبَ ليجلس، فقال اللهُ عز وجل:{خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} ، فلما تتابع فيه الروح عطَسَ؛ فقال الله عز وجل له:"قل: الحمد لله". فقال: الحمدُ لله. فقال الله تعالى له: "يرحمك اللهُ ربُّكَ". ثم قال له: "اذهَبْ إلى أهل ذلك المجلس من الملائكة، وسَلِّمْ عليهم". ففعل. فقال: "هذه تحِيَّتُكَ وتَحِيَّةُ ذريَّتكَ". ثم مسَحَ ظَهْرهُ بيديه، فأخرج منها من خالقٌ من ذريَّته إلى أن تقومَ الساعةُ، ثم قَبَضَ يديه، وقال:"اخْتَرْ يا آدم". فقال: اختَرْتُ يمينَك يا رب، وكلتا يديك يمين. فبسطها فإذا ذريته من أهل الجنة. فقال: ما هؤلاء يا رب؟ قال: "هم من قضيتُ أن أخلق من ذريتك من أهل الجنة إلى أن نقوم الساعة". فإذا فيهم من له وَبِيصٌ (1)، فقال: من هؤلاء يا رب؟ قال: "هم الأنبياء". قال: فمن هذا الذي له فَضْلُ وبيص؟ فال: "هو ابنُكَ داود". قال: فكم جعلتَ عمره؟ فال: "ستين سنة". قال: فكم عمري؟ قال: "ألف سنة". قال: فزِدْهُ يا ربّ من عمري أربعين سنة. قال: "إن شِئْتَ". قال: فقد شئتُ. قال: "إذاً يُكتب، ثم يُخْتَمُ، ثم لا يُبَدَّلُ". ثم رأى في أحد كفَّي الرحمن منهم آخر له فضل وَبيصِ، قال: فمن هذا يا ربّ؟ قال: "هذا محمد؛ هو آخِرُهم، وأوَّلُّهم أُدْخِلُهَ الجنّةَ".

فلما أتاه مَلَكُ الموتِ ليقبِضَ نفسَه؛ قال: إنه قد بقي من عمري أربعون سنة. قال: أَوَلَمْ تكن وهبتها لابنك داود؟! قال: لا. قال: فنسي آدمُ؛ فنسيت ذريَّتُه، وجَحَد آدمُ؛ فجحدت ذريَّتُه، وعصى آدمُ؛ فعصَتْ ذريَّتُه. وذلك أول يوم أمر بالشهداء".

أخرجه النسائي في "الكبرى"-عمل اليوم والليلة- (6/ 63/ 10047) - جملة العطاس والسلام فقط - والفريابي في "القدر"(رقم:1) - واللفظ له- ومن طريقه الآجري في "الشريعة"(1/ 407 - 408/ 473 - ط. الوليد سيف النصر) وابن بطة في الإبانة" -الكتاب الثاني- رقم (1591).

(1) الوبيص: البريق.

ص: 262

من طريق: قتيبة بن سعيد، نا الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن سلَاّم به.

وهذا إسناد حسن؛ محمد بن عجلان حسن الحديث، تكلم فيه بعض الحفاظ بكلام يسير، وقد روى له مسلم متابعة، وبالجملة؛ فحديثه لا ينزل عن رتبة الحسن-إلا أن الحافظ ذكر في "تهذيب التهديب" نقلاً عن ابن معين أنه اختلطت عليه أحاديث سعيد بن أبي سعيد المقبري، ولهذا: فقد خالف محمدَ بن عجلان؛ الحارثُ بن عبد الرحمن بن أبي ذباب؛ فرواه عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً به.

أخرجه الترمذي (3368) والنسائي في "الكبرى"(6/ 36/ 10046) والحاكم (1/ 64 و 4/ 263) وابن حبان في "صحيحه" -الإحسان- (14/ 40 - 41/ 6167) وابن خزيمة في "التوحيد"(1/ 160 - 161/ 89) والبيهقي في "الأسماء والصفات"(2/ 140 - 141/ 708) وابن أبي عاصم في "السنة"(رقم: 206 - المكتب الإسلامي) أو (1/ 162/ 212 - الجوابرة) -مختصراً- وأبو الشيخ الأصبهاني في "العظمة"(5/ 1567/ 1035) وابن جرير الطبري في "تاريخه"(1/ 96) ومحمد بن نصر المروزي كما في "شفاء العليل" لابن القيم (1/ 72 - 73 - ط. العبيكان).

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه".

وقال الحاكم: "على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي.

وقال النسائي: "خالفه محمد بن عجلان فيه" ثم ذكره، وقال:"وهذا هو الصواب، والآخر خطأ".

وحسَّن إسناده المحدث الألباني في تخريجه لكتاب"السنة" لابن أبي عاصم (ص 91/ رقم: 206)، وقال:"والحارث بن عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن سعد بن أبي ذباب؛ فيه كلام يسير، لا ينحط به حديثه عن مرتبة الحسن .. ".

قلتُ: تشدَّد الشيخ عمرو بن عبد المنعم سليم في تحقيقه لكتاب "القدر"(ص 19) في الحارث، فقال:"الحارث هذا ليس بالقوي، صاحب مناكير، وقد خالفه ابن عجلان، وهو ثقة .. ".

ص: 263

قلت: قوله: "ليس بالقوي"؛ تفرَّد بها أبو حاتم الرازي رحمه الله، وقد خالفه أبو زرعة فقال:"ليس به بأس"، ووثقه ابن حبان، والذهبي، واحتج به مسلم، وقال الحافظ، "صدوق يهم".

أما قول الشيخ وفقه الله: "صاحب مناكير"!

فلم أجد من الحفَّاظ من أطلق عليه هذا القول، غاية ما في الأمر أن أبا حاتم قيَّد ذلك بروايته عن الدراوردي، فقال:"يروي عن الدراوردي أحاديث منكرة"، فلا يصحّ والحال هذه إطلاق القول بأنه صاحب مناكير!

أما توثيقه لابن عجلان؛ فنعم، لكن تقدم نقل الحافظ ابن حجر عن الإمام يحيى بن معين أنه اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري.

فالذي يترجّح هو: صحَّة رواية أبي هريرة المرفوعة، سيما وأن لها طريقاً آخر: نقد أخرج الترمذي (3076) وابن سعد في "الطبقات"(1/ 27 - 28) والحاكم (2/ 325، 585 - 586) وابن جرير في "تاريخه"(1/ 96) والفريابي في "القدر"(رقم: 19).

من طريق: الفضل بن دكين، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به.

وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

وخالف عبدُ الله بن وهب، الفضلَ، فرواه عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة به.

أخرجه الفريابي في "القدر"(20).

وخالفهما جعفر بن عون؛ فرواه عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي هريرة به، دون واسطة.

أخرجه إسحاق بن راهويه كما في "شفاء العليل" لابن القيم (1/ 73 - العسكان).

ورواية الفضل هي الأصح، والله أعلم.

وقال الحاكم: "وله شاهد صحيح"، ثم ساقه من طريق: أبي خالد الأحمر، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي هريرة به.

ص: 264

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(6/ 63) وابن جرير في "التاريخ"(1/ 96) وأبو الشيخ في "العظمة"(5/ 1566/ 1034).

وحسَّن إسناده الشيخ الألباني في "ظلال الجنة".

وحكم النسائي على هذه الطريق بالنكارة!

خلاصة الكلام: أن حديث أبي هريرة المرفوع صحيح، فإن له أكثر من طريق - وإن تكُلّم في بعضها؛ فبمجموعها يصح.

أما أثر عبد الله سلَّام فله حكم الرفع فهو لا يقال من جهة رأيه ولا ريب، ويشهد له الرواية المرفوعة.

والحمد لله على ما أنعم وأجزل وأكرم.

* * *

275 -

عن أبي وائل، انه قال: لما قدم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبره، قال: فقال: "اتَّهِمُوا الرَّأْيَ على الدين، فلقد رأيتني يوم أبي جندل؛ لو أستطيع أن أردَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددتُ، واللهُ ورسولُه أعلم، وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا في أمر يُفْظِعُنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه قبل هذا الأمر، ما نسُدُّ منه خصماً إلا انفجر علينا خصم، ما ندرى كيف نأتي إليه".

أخرجه البخاري (4189) و (7308) والبيهقي في "المدخل"(1/ 200 - 201/ 218) وابن حزم في "الإحكام"(6/ 1022) من طريق البخاري، حدثنا الحسن بن إسحاق، ثنا محمد بن سابق، ثنا مالك بن مغول، قال: سمعث أبا حصين، قال: قال وائل

فذكره.

فقه الأثر:

قوله: "فلقد رأيتني يوم أبي جندل .. "؛ فسَّره رواية البخاري في التفسير (4844) عن حبيب بن ثابت، قال: أتيث أبا وائل أسأله، فقال: كنا بصفين، فقاله رجل: ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله؟ فقال علي: "نعم". فقال سهل بن حنيف: "اتهّموا أنفسكم، فلقد رأيتنا يوم الحديبة -يعني: الصلح الذي

ص: 265

كان بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين- ولو نرى قتالاً لقاتلنا، فجاء عمر، فقال: ألسنا على الحق، وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال:"بلى". فقال: ففيم نعطي الدَّنيَّة في ديننا، ونرجع ولم يحكم الله بيننا؟ فقال:"يا ابن الخطاب؛ إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبداً". فرجع متغيظاً فلم يصبر حتى جاء أبا بكر، فقال: يا أبا بكر؛ ألسنا على الحق، وهم على الباطل؟ قال: يا ابن الخطاب؛ إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن يضيعه الله أبداً، فنزلت سورة الفتح".

فيه: وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وطاعة الأمير من بعده، واتهام الرأى إن خالف ما رآه الأمير.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(8/ 453): "قوله: (وقال سهل بن حنيف: اتهموا أنفسكم): أي: في هذا الرأي، لأن كثيراً منهم أنكروا التحكيم، وقالوا: لا حكم إلا لله. فقال علي: "كلمة حق أُريد بها باطل". وأشار عليهم كبار الصحابة بمطاوعة علي وأن لا يخالف ما يشير به؛ لكونه أعلم بالمصلحة، وذكر لهم سهل بن حنيف ما وقع لهم بالحديبية، وأنهم رأوا يومئذ أن يستمروا على القتال ويخالفوا ما دعوا إليه من الصلح، ثم ظهر أن الأصلح هو الذي كان شرع النبي صلى الله عليه وسلم فيه" اهـ.

وانظر "فتح الباري" أيضاً (13/ 302 - 303) تحت الحديث رقم (7308).

* * *

276 -

عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أنه غُشى على عبد الرحمن ابن عوف غشية، فظنوا أنه قد فاض منها، حتى قاموا من عنده، وجلَّلوه ثوباً، وخرجت أم كلثوم ابنة عقبة -امرأة عبد الرحمن-إلى المسجد، نستعين بما أمرت به من الصبر والصلاة، فلبثوا ساعة - وعبد الرحمن في غشيته، ثم أفاق عبد الرحمن، فكان أوّل ما تكلَّم به أن كَبَّرَ، وكبَّر أهلُ الببت ومن يليهم. فقال لهم عبد الرحمن:"أغشي عليَّ آنفاً"؟ قالوا: نعم.

قال: "صدقتم؛ فإنه انطلق بي في غشيتي رجلان - أجدُ منهما شدَّة وغِلْظَة، فقالا: انطَلِق نحاكمك إلى العزيز الأمين. فانطلقا بي حتى لقيا رجلاً،

ص: 266