المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ دعاء ختم القرآن - سلسلة الآثار الصحيحة أو الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين - جـ ١

[الداني آل زهوي]

الفصل: ‌ دعاء ختم القرآن

من طرق؛ عن أبي جمرة به -ووقع عند أبي عبيد والبيهقي في "السنن": أبي حمزة؛- فليصحح. ورواه عن أبي جمرة: أيوب، وشعبة وحماد -كلاهما- ومعمر.

فالأثر صحيح، والحمد لله.

* * *

142 -

عن ثابت، قال:"كان أنسٌ إذا ختم القرآن جمع ولدَهُ وأهلَ بيته فدعا لهم".

أخرجه الدارمي في "المسند"(4/ رقم: 3517 - ط. حسين سليم أسد) والطبراني في "المعجم الكبير"(1/ رقم: 674) والبيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 368/ 1070 - العلمية) وجعفر بن محمد الفريابي في "فضائل القرآن"(رقم: 83) وسعيد بن منصور في "سننه"(1/ 140/ 27 - التفسير- ط. الصميعي).

من طريق: جعفر بن سليمان، عن ثابت به.

وهذا إسناد صحيح؛ كما قال العلامة الألباني في تعليقه على كتاب "لفتة الكبد" لابن الجوزي (ص 7) -[بواسطة "مرويات‌

‌ دعاء ختم القرآن

" للشيخ بكر أبو زيد حفظه الله].

وأخرجه جعفر بن محمد الفريابي في "فضائل القرآن"(رقم: 84) من طريق: محمد بن الحسن البلخي، عن ابن المبارك، عن همام، عن ثابت به.

وخالفه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 109 - ابن كثير) فرواه عن أحمد بن عثمان الخراساني، عن عبد الله بن المبارك، عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن أنس به.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 129/ 30029 - العلمية) والفريابي في "فضائل القرآن"(رقم: 85، 86) وابن الضريس في "فضائل القرآن"(رقم: 84).

من طريق: وكيع، عن مسعر، عن قتادة به.

وأخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد"(رقم: 809) عن مسعر به.

ص: 150

وانظر للفائدة حول الأثر كتاب الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد "مرويات دعاء ختم القرآن"؛ فإنه نفيس.

* * *

143 -

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "من أرادَ العِلْمَ فليثور

القرآن، فإن فيه علم الأوَّلينَ والأخرين".

صحيح. أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد"(رقم: 814) وأبو الليث السمرقندي في "تفسيره"(1/ 252 - 254) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(10/ 485/ 10067 - الهندية) أو (6/ 127/ 30509 - العلمية) وأبو عبيد الهروي في "فضائل القرآن"(ص 96 - ابن كثير) والفريابي في "فضائل القرآن"(رقم: 78).

من طريق: سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود.

وهذا إسناد صحيح، فيه أبو إسحاق السبيعي، وهو مدلس، لكن رواية سفيان عنه مأمونة.

وأخرجه مسدّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(رقم: 3100 - العاصمة) وعبد الله بن أحمد في زوائده على "الزهد"(رقم: 854) والطبراني في "المعجم الكبير"(9/ رقم: 8666).

من طريق: شعبة، عن أبي إسحاق به.

وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة (14/ 94/ 17688 - الهندية) أو (7/ 256/ 35828 - العلمية) من طريق: زهير، عن أبي إسحاق به.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(9/ رقم: 8664، 8665) من طريق: إسرائيل وزهير معًا - عن أبي إسحاق به.

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" -التفسير- (1/ 7/ 1 - ط. سعد آل حميد) ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 332/ 1960).

من طريق: حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق به.

ص: 151

تنيه: استفدتُ من التخريج السابق من تحقيق الدكتور سعد آل حميد على "السنن" لسعيد بن منصور، ط. دار الصميعي؛ فليُعْلَمْ.

* * *

144 -

وعن عبد الله بن مسعود أنه قال: "لا يضرُّ الرجل أن لا يسأل عن نفسه؛ إلا القرآن، فإن كان يحب القرآن فإنه يحبُّ اللهَ ورسوله صلى الله عليه وسلم".

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(9/ رقم: 8657) والبيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 353/ 2017 - العلمية).

من طريق: شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبن مسعود به، ولفظه عندهما:"من أراد أن يحلم أنه يحب الله ورسوله فلينظر؛ فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله".

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه الطبراني (9/ رقم: 8656) وأبو جعفر الفريابي في "فضائل القرآن"(رقم: 6، 7). من طريق: سفيان الثوري، عن أبي إسحاق به.

وأخرجه أبو عبيد الهروي في "فضائل القرآن"(ص 51 - 52 - ابن كثير) وأبو القاسم البغوي في "حديث علي بن الجعد"(2/ 52/ 973 - ط. الخانجي) أو (2/ 774/ 2020 - ط. الفلاح).

من طريق: إسرائيل، عن أبي إسحاق به.

* * *

145 -

عن أبي مالك الأشجعي، قال: "قلتُ لأبي: يا أبَتِ؛ قد صَلَّيْتَ خَلْفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي بن أبي طالب هاهنا بالكوفة خمس سنين؛ أكانوا يقنتون؟

قال: أى بنيّ؛ مُحْدَثٌ".

صحيح. أخرجه أحمد في "المسند"(3/ 472 و 6/ 394) أو رقم (15924، 27320 - قرطبة) والنسائى في "الكبرى"(1/ 227/ 667) وفي "الصغرى" -المجتبى- (2/ 204) رقم: (1080) والترمذي (402، 403) وابن

ص: 152

ماجه (1241) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 102/ 6960، 6962 - العلمية) والطبراني في "المعجم الكبير"(8/ رقم: 8177، 8179) والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 213) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 249) والطيالسي في "مسنده"(رقم: 1328).

من طرق؛ عن أبي مالك الأشجعي به.

وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 401 - ط الباز).

وصححه العلامة الألباني في "إرواء الغليل"(2/ 182/ 435).

* * *

146 -

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال:"إن هذا القرآن مأدبةُ الله، فخذوا منه ما استطعتم، فإني لا أعلمُ شيئًا أصْفَرَ من خير من بيت ليس فيه من كتاب الله شيء، وإن القلبَ الذي ليس فيه من كتاب الله شيءٌ؛ خَرِبٌ كخرابِ البيت الدي لا ساكِنَ له".

أخرجه الدارمي في "مسنده"(4/ رقم: 3350 - حسين سليم) من طريق: أبي سنان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود به.

وأبو إسحاق السبيعي مدلّس، وسماع أبي سنان منه متأخر.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(10/ 486/ 10071 - الهندية) من طريق: أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي الأحوص به.

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(رقم: 5998) ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير"(9/ رقم: 8642) من طريق: معمر، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص به.

ومعمر متأخر السماع من أبي إسحاق، لكن الأثر صحيح بما قبله.

* * *

147 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: "إن البيتَ ليتَّسِعُ

ص: 153

على أهله، وتحضُرُه الملائكةُ، وتَهْجُرُهُ الشياطين، وبكثر خيرُه؛ إنْ يُقْرَأْ فيه القرآن.

وإن البيتَ ليضيقُ على أهله، وتهجُرُهُ الملائكة، وتحضرُه الشياطين، ويقلُّ خيرُه؛ إنْ لا يُقْرَأْ فيه القرآن".

صحيح. أخرجه الدارمي في "مسنده"(4/ رقم: 3352) من طريق: معاذ بن هانئ، ثنا حرب بن شداد، حدثنا يحيى بن أبي كثير، حدثني حفص بن عنان، عن أبي هريرة به.

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(10/ 487/ 10076 - الهندية) وابن المبارك في "الزهد"(رقم: 795) وابن الضريس في "فضائل القرآن"(رقم: 185).

من طريق: سليمان بن المغيرة، ثنا ثابت البناني، عن أبي هريرة به.

وهذا إسناد منقطع؛ ثابت البناني لم يسمع من أبي هريرة.

* * *

148 -

عن مسلم بن صُبيح الهمداني قال: سَأَلْنَا مسروقًا: كانت عائشةُ تُحسِنُ الفرائض؟

فقال: "والذي لا إله غيرُه؛ لقد رأيتُ الأكابر من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض".

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 66) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(11/ 234/ 11084 - الهندية) أو (6/ 241/ 31028 - العلمية) والدارمي في "مسنده"(4/ رقم: 2901 - الداراني) والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(1/ 115/ 110) والحاكم (4/ 11) والفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 489) والطبراني في "الكبير"(23/ رقم: 1/ 29).

من طريقين: عن مسلم بن صبيح به.

الأولى: عن الأعمش عنه به.

ص: 154

والثانية: عن أبي معاويه عنه به.

وحسَّن إسناده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 242).

قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

* * *

149 -

عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "لما توفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قلتُ لرجلِ من الأنصار: يا فلان؛ هَلُمَّ فَلْنَسأَلْ أصحابَ النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم اليوم كثير.

فقال: واعجبًا لك يا ابن عباس! أترى الناسَ يحتاجون إليكَ وفي الناسِ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من ترى؟!

قال: فتركَ ذلك، وأقبلتُ على المسألة وتَتَبُّع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان لَيَبْلُغنِي الحديثُ عن الرجلِ فآتيه -وهو قَائِلٌ-، فأتوَسَّدُ ردائي على بابه، فَتُسْفِي الريحُ على وجهي الترابَ، فيخرجُ فيراني، فيقول: يا ابن عمّ رسول الله؛ ما جاء بك؟ ألا أرسَلْتَ إليَّ فآتيك. فأقول: لا؛ أنا أحقُّ أن آتيكَ. فأسألَهُ عن الحديث.

قال: فبقي الرجلُ حتى رآني؛ وقد اجتمع الناسُ عليَّ؛ فقال: كان هذا الفتى أعقلَ منّي".

صحيح. أخرجه الدارمي في "مسنده"(1/ 467 - 468/ 595 - الداراني) والحاكم في "المستدرك"(1/ 156) والخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1/ 235 - 236/ 219 - الرسالة) والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ رقم: 10592) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1/ 365 - 366/ 507 - ابن الجوزي) والفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 542).

من طريق: يزيد بن هارون، ثنا جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وهو أصل في طلب الحديث وتوقير المحدّث".

ص: 155

ما يستفاد من الأثر:

1 -

أهمية العلم وحرص أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه.

2 -

أهمية الطلب في الصِّغَر، وأنه يؤتي ثمارًا أكثر مما يؤتيها التعلّم في الكِبَر.

3 -

توقير أهل العلم، والصبر على تحصيل العلوم منهم.

4 -

حرص عبد الله بن عباس رضي الله عنهما على العلم وتعلّمه وصبره في سبيل ذلك.

5 -

توقير الصحابة لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتبجيلهم.

* * *

150 -

عن مجاهد بن جبر رحمه الله أنه قال: "القرآن يَشْفَعُ لصاحبه يوم القيامة؛ يقول: يا ربّ؛ جعلتني في جوفه، فأسهرتُ ليلَهُ، ومنعتُهُ كثيرًا من شهوته؛ ولكل عامِل عَمَالة. فيقول: ابسُط يدَكَ -أو قال: يمينك- فيملأها من رضوانه، فلا يسخطُ عليه بعدها، ثم يقال: اقرأ وارقه؛ فيرفعُ له بكلّ آية درجة، وبكلِّ آية حسنة".

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(10/ 496، 499/ 10098، 10107 - الهندية) وابن المبارك في "الزهد"(رقم: 806) وسعيد بن منصور في "سننه"(رقم: 22 - ط، الصميعي) وابن الضريس في "فضائل القرآن"(رقم: 103).

من طريق: شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن مجاهد به.

وهذا إسناد صحيح.

وللأثر طرق أخرى عن مجاهد، أصحها هذا الطريق الذي ذكرناه، ومن أراد الاستزادة فليراجع تحقيق الدكتور سعد آل حميد على "السنن" لسعيد بن منصور (1/ 113 - وما بعدها).

* * *

151 -

عن طارق بن شهاب، قال: خرجَ عمر بن الخطاب إلى الشام، ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فأتوا على مخاضة، وعمر على ناقة له، فنزل

ص: 156

عنها وخلع خُفَّيهِ فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته، فخاض بها المخاضة، فقال أبو عببدة:

"يا أمير المؤمنين؛ أأنتَ تفعلُ هذا؟! تخلعُ خُفَّيْكَ وتضعهما على عاتِقِكَ، وتأخذُ بزمام ناقتِكَ، وتخوضُ بها المخاضة! ما يسرُّني أن أهل البلد استشرفوكَ"!

فقال عمر: "أوه! لو يَقُل ذا غيرك أبا عبيدة؛ جعلتُه نكالًا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم. إنا كُنَّا أذَلَّ قومٍ، فأعَزَّنا اللهُ بالإسلام، فمهما نطلبُ العِزَّ بغير ما أعزنا اللهُ به؛ أذلَّنا الله".

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(13/ 41، 263 - 264 - الهندية) أو (8/ 146 - الفكر) أو (7/ 28، 113/ 33836، 34433 - العلمية) والحاكم في "المستدرك"(1/ 62 و 3/ 82) وهناد في "الزهد"(رقم: 817) وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(ص 2 - ترجمة عمر- دار الفكر) والدينوري في "المجالسة"(2/ 273/ 418).

من طريق: أبي معاوية، عن الأعمش، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب به.

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه الحاكم (1/ 61 - 62) وأبو داود السجستاني في "الزهد"(رقم: 69) وابن المبارك في "الزهد"(رقم: 584) والبيهقي في "شعب الإيمان"(6/ 291/ 8196) وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 47).

من طريق: سفيان بن عيينة، ثنا أيوب بن عائذ الطائي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب به. وبعضهم أسقط من الإسناد أيوب بن عائذ.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين .. "، ووافقه الذهبي. وقال الشيخ الألباني في"الصحيحة" (1/ 118 - المعارف):"وهو كما قالا".

ص: 157

152 -

عن خَرَشَة بن الحُر، قال: رأيتُ عمرَ بن الخطاب يَضرِبُ أَكُفَّ الناسِ في رَجَبَ، حتى يضعوها في الجفَانِ، ويقول:"كلوا؛ فإنما هو شهرٌ كان يُعَظِّمُهُ أهلُ الجاهلية، فلما جاء الإسلامُ تُرِكَ".

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 345/ 9758 - العلمية) والطبراني في "المعجم الأوسط"(7/ 327/ 7636 - الحرمين) أو (8/ 310/ 7632 - الطحان).

من طريق الأعمش، عن وَبَرة بن عبد الرحمن المُسْلِيّ، عن خرشة به.

قال الشيخ الألباني في "النصيحة بالتحذير من تخريب ابن عبد المنان لكتب الأئمة الرجيحةأ"(ص 211): "إسناده صحيح"، وكذا قال في "الإرواء"(4/ 113/ 957)، وصححه شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى"(25/ 290 - 291).

فقه الأثر:

- أن الكراهة الواردة في الأثر هي صوم شهر رجب كلّه، أو اتّخاذ هذا الصوم عادة.

والدليل على هذا؛ ما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح -كما قال الشيخ الألباني-"أن ابن عمر إذا رأى الناس وما يعدّونه لرجب؛ كره ذلك".

وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه"(4/ 292/ 7854) - بإسناد صحيح، كما قال الألباني- عن عطاء، قال:"كان ابن عباس بنهى عن صيام رجب كلّه؛ لئلا يُتَّخذَ عيدًا".

قال الإمام اْبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي في كتابه الماتع "الحوادث

والبدع" (ص 141 - 142 - ط. ابن الجوزي):

"وفي الجملة: أنه يُكرهُ صومُه على أحد ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه إذا خصَّه المسلمون بالصوم في كل عام؛ حسب العوام ومن لا معرفة له بالشريعة -مع ظهور صيامه- أنه فرض كرمضان. أو: أنه سنة ثابتة خصَّهُ الرسول صلى الله عليه وسلم بالصوم كالسنن الراتبة. أو: أن الصومَ فيه مخصوصٌ بفضل ثواب على سائر الشهور، جارٍ مجرى صوم عاشوراء، وفضل آخر الليل على أوله في الصلاة، فيكون من باب الفضائل لا من باب السُّنَنِ والفرائض، ولو كان من باب الفضائل

ص: 158

لسَنَّةُ عليه السلام أو فعله ولو مرَّة في العمر؛ كما فعل في صوم عاشوراء، وفي الثُّلث الغابر من الليل، ولمَّا لم يفعله؛ بَطُلَ كونه مخصوصًا بالفضيلة، ولا هو فرض ولا سُنَّةٌ باتفاق، فلم يبقَ لتخصيصه بالصيام وَجْهٌ؛ فَكُرِهَ صيامُه والدوام عليه؛ حذرًا من أن يُلْحَقَ بالفرائض والسُّنَن الراتبة عند العوام.

فإن أحبَّ امرؤٌ أن يصومَهُ على وَجْهِ تُؤْمَنُ فيه الذريعةُ وانتشارُ الأمر حتى لا يُعَدَّ فرضًا أو سنة؛ فلا بأس بذلك" اهـ.

* * *

153 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كانت أمي تُعَالِجُنِي للسُّمُنَةِ، نريدُ أن تدخلَني على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما استقامَ لها ذلك حتى أكلتُ القِثَّاء بالرُّطَبِ، فسَمِنْتُ كأَحسن سمنة".

أخرجه أبو داود (3903) والنسائي في "الكبرى"(4/ 167/ 6725) وابن ماجه (3324) وأبو نعيم في "الطب"(ق 140/ 1) - كما في "الصحيحة"(1/ 123 - المعارف).

من طريق: هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به.

وصحح إسناده الألباني في "الصحيحة"(1/ 123).

والقثاء: نوع من أنواع اللقطين، يشبه البطيخ.

ومما يدلُّ عليه الأثر أن أكل القثَّاء بالرطب يسمن البدن، وقد فضل ابن القيم في فوائد القثَّاء والرطب في الطب النبوي من "زاد المعاد" فليراجع.

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يأكل الرطب بالقثاء. أخرجاه في الصحيحين.

* * *

154 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ على المنبر:{وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)} [عبس: 31] فقال: "هذه الفاكهة قد عَرَفْنَاها؛ فما الأبّ"؟ ثم رجع إلى نفسه، فقال:"لعمركَ؟ إن هذا لهو التكَلُّف يا عمر".

صحيح، أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (1/ 181/ رقم: 43 - ط.

ص: 159

الصميعي) وابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 512 - 513/ 15154 - الهندية) أو (6/ 136/ 30096 - العلمية) وأبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 375 - أبن كثير) والحاكم (2/ 514) والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 229 - 230/ 2084).

من طريق: يزيد بن هارون، ثنا حميد الطويل، عن أنس به.

وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

وأخرجه الحاكم (2/ 290) من طريق: عبد الله بن المبارك، عن حميد به.

وأخرجه الهروي في "ذم الكلام وأهله"(3/ 35/ 530 - الغرباء) من طريق: حماد، عن ثابت وحميد، عن أنس به.

(ووقع في المطبوعة: "ثنا حماد بن ثابت، وحميد .. "! وهذا تصحيف؛ فليصحَّح).

وأخرجه البخاري (7293) من طريق: حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس به مختصرًا.

وانظر "الفتح"(13/ 271).

وأخرجه الهروي (3/ 34 - 35/ 528) من طريق: حماد، عن يونس بن عبيد، عن ثابت به.

وأخرجه الحاكم (2/ 514) والبيهقي في "الشعب"(5/ 230) والطبري (30/ 60) والهروي في "ذم الكلام"(3/ 35/ 529) من طرق؛ عن الزهري، عن أنس به.

* * *

155 -

عن محمد بن سيرين، قال: سألتُ عَبيدَة السَّلماني عن آية من كتاب الله عز وجل، فقال:"عليكَ بتقوى اللهِ عز وجل، والسَّدَادِ، فقد ذهب الذين كانوا يعلمون فيمَ أنزل القرآن".

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(1/ 185/ 44 - الصميعي) وابن أبي شيبة

ص: 160

في "المصنف"(10/ 511/ 10148 - الهندية) أو (6/ 136/ 30090 - العلمية) والطبري في "تفسيره"(1/ 86/ 97) وأبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 377 - ابن كثير) والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 230/ 2085) والواحدي في "أسباب النزول"(ص 9 - ط. الحميدان).

من طرق؛ عن ابن عون، عن محمد بن سيرين به.

وإسناده صحيح.

* * *

156 -

عن نافع مولى ابن عمر، أن ابن عمر سمع صوت زمارة راعٍ، فوضع أُصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول:"يا نافع؛ أتسمع"؟ فأقول: نعم. فيمضي، حتى قلتُ: لا. فوضع يديه، وأعاد راحلته إلى الطريق، وقال:"رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وسمع زمّارة راعٍ - فصنع مثلَ هذا".

صحيح. أخرجَهُ أحمد (2/ 8، 38) أو رقم (4535، 4965 - شاكر) وأبو داود (4924) والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 222) وابن حبان في "صحيحه"(2/ 468/ 693 - الإحسان) أو (2013 - موارد الظمآن) وأبو بكر الآجري في "تحريم النرد والشطرنج"(رقم: 64) وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 129) وأبو بكر الخلال في "كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"(ص 89 - 90) وابن أبي الدنيا في "كتاب الورع"(رقم: 79/ ص 68) وابن الجوزي في "تلبيس إبليس"(ص 232).

من طرق؛ عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، عن نافع به.

قال أبو علي اللؤلؤي -كما في "السنن" لأبي داود- (5/ 141): "سمعتُ أبا داود يقول: هذا حديث منكر".

قال شرف الحق محمد أشرف العظيم آبادي صاحب "عون المعبود في شرح سنن أبي داود"(13/ 286): "هكذا قال أبو داود! ولا يُعْلَمُ وَجْهُ النكارة، فإن هذا الحديث رواته كلهم ثقات، وليس بمخالف لرواية أوثق منه. وقد قال السيوطي: قال الحافظ شمس الدين ابن عبد الهادي: هذا حديث ضعّفه

ص: 161

محمد بن طاهر، وتعلّق على سليمان بن موسى، وقال: تفرَّد به؛ وليس كما قال، فسليمان حَسَنُ الحديثِ، وثَّقَهُ غير واحد من الأئمة، وتابعه ميمون بن مهران عن نافع، وروايته في "مسند أبى يعلى"، ومطعم بن المقدام الصنعاني عن نافع؛ وروايته عند الطبراني، فهذان متابعان لسليمان بن موسى" اهـ.

قلت: رواية ميمون بن مهران أخرجها أبو داود (4926) والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 222) وفي "شعب الإيمان"(4/ 283/ 5120).

من طريق: أبي المليح الحسن بن عمر الرَّقي، عن ميمون بن مهران، عن نافع به.

قال أبو داود: "وهذا أنكرها"!

فتعقبه شرف الحق العظيم آبادي: "ولا يعلم وجه النكارة، بل إسناده قوي، وليس بمخالف لرواية الثقات".

أما رواية مطعم بن المقدام الصنعاني؛ فأخرجها: أبو داود (4925) والبيهقي (10/ 222) والآجري "تحريم النرد"(رقم: 65) والطبراني في "المعجم الصغير"(1/ 13) أو رقم (11 - بتحقيقي- يسّر الله إتمامه).

من طريق: محمود بن خالد، عن أبيه، عن مطعم بن المقدام، عن نافع به.

وهذا إسناد حسن في الشواهد.

والأثر صحّحه الشيخ أحمد شاكر، والعلامة الألباني في "تحريم آلات الطرب"(ص 116).

وله طريق أخرى عن محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثني ثعلبة بن أبي مالك التميمي، عن ليث بن أبي سُليم، عن مجاهد، عن ابن عمر نحوه.

أخرجه ابن ماجه (1894) وابن أبي الدنيا في "الورع"(رقم: 83).

وإسناده ضعيف لأجل ليث بن أبي سُليم.

وقال البوصيري في "الزوائد على السنن": "كذا وقع عند ابن ماجه: ثعلبة بن أبي مالك؛ وهو وهم من الفريابي، والصواب ثعلبة بن سهيل أبو مالك، كما ذكره المزي في التهذيب والأطراف" اهـ.

ص: 162

فقه الأثر:

هذا الأثر يدلُّ على حرص الصحابة على عدم استماع المعازف المحرّمة، وعلى الحمل بما أمرهم به رسولهم صلوات الله وسلامه عليه، على عكس ما نراه اليوم في زماننا من شباب ونساء المسلمين؟؛ يترنّمون بغناء ومعازف أهل الكفر والفسوق والعصيان، وكيف يحفظون الأغاني الماجنة كما يحفظون أسماءهم! وهم بالتالي لا يحفظون من كتاب الله إلا الفاتحة وسورة الناس! هذا إن كانوا من المصلّين!!

وفيه بُعد من يفتي في زماننا بجواز استماع بعض أنواع الغناء والمعازف بزعم أنها روحية أو وطنية! أو بزعم أنها لا تثير الحماسة العاطفية! ولا تهيّج المشاعر!! كذا يقول الأفّاكون.

وقد استدلّ بعضهم -كابن حزم وغيره- بهذا الأثر على جواز سماع المعازف! فقالوا: لو كان حرامًا ما أباح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لابن عمر أن يسمع، ولا أباح ابن عمر لنافع أن يسمع .. !!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ردًا على هذه الشبهة كما في "مجموع الفتاوى"(30/ 212):

"وهذا الحديث -إن كان ثابتًا- فلا حجة لهم فيه على إباحة الشبابة، بل هو على النهي عنها أولى؛ من وجوه:

أحدها: أن المحرّم الإستماع لا السماع، فالرجلُ لو سَمِعَ الكفرَ والكذبَ والغيبةَ والغِنَاءَ والشبابةَ من غير قصد منه -كأن يكون مجتازًا بطريق؛ فسمع ذلك- لم يأثم ذلك باتفاق المسلمين.

ولو كان الرجلُ مارًا فسمع القرآن من غير أن يستمع إليه؛ فلم يؤجر على ذلك، وإنما يؤجَرُ على الإستماع الذي يقصد.

فالنبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عمر مارًا مُختَارًا، لم يكن مستمعًا، وكذلك ابن عمر مع نافع.

الثاني: إنه إنما سدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أذنيه؛ مبالغة في التحفُّظ، حتى لا يسمع أصلًا.

فتبيَّن بذلك: أن الإمتناع من أن يسمعَ ذلك خير من السماع، وإن لم يكن في السماع إثم، ولو كان الصوتُ مباحًا لما كان يسدُّ أذنيه عن سماع المباح، بل

ص: 163

سدَّ أذنيه لئلا يسمعه، وإن لم يكن السماع محرّمًا: دلّ على أن الإمتناع من الإستماع أولى، فيكون على المنع من الإستماع أَدَلّ منه على الإذن فيه.

الثالث: أنه لو قدّر أن الإستماع لا يجوز؛ فلا سدَّ هو ورفيقه آذانهما لم يعرفا متى ينقطع الصوتُ، فيترك المتبوع سدّ أذنيه.

الرابع: أنه لم يعلم أن الرفيق كان بالغًا، أو صغيرًا دون البلوغ، والصبيان يُرَخَّصُ لهم في اللعب ما لا يرخّص فيه للبالغ"

قلت: رحم الله شيخ الإسلام ما أوسع علمه، وأقوى حجته، وأحسن دلالته.

وانظر لمزيد من الفائدة حول الموضوع كتاب العلامة الألباني رحمه الله "تحريم آلات الطرب" فإنه نفيس جداً، والله الهادي إلى سواء السبيل.

* * *

157 -

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: "لقد عِشْنَا بُرْهَةً من دَهْرِنَا وإن أحدَنَا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلمُ حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقفَ عنده منها، كما تتعلّمون أنتم القرآن.

ثم قال: لقد رأيتُ رجالًا يؤتى أحدَهم القرآن؛ فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقفَ عنده منه، ينثرُهُ نَثرَ الدَّقل".

أخرجه الحاكم (1/ 35) والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 120) وابن منده في "الإيمان"(2/ 369 - 370/ 207) والهروي في "ذم الكلام"(5/ 143/ 1458 - الغرباء).

من طريق: عبيد الله بن عمرو الزقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن القاسم بن عوف الشيباني، قال: سمعتُ ابن عمر يقول: .. فذكره.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علّة"، ووافقه الذهبي.

وفال ابن منده: "هذا إسناد صحيح على رسم مسلم والجماعة؛ إلا البخاري".

ص: 164

وأخرج نحوه الهروي في "ذم الكلام"(5/ 144/ 1459) من طريق أخرى عن ابن عمر.

وأخرج ابن ماجه (61) وابن منده (2/ 370/ 208) والبيهقي (3/ 120) من طريق: وكيع، عن حماد بن نجيح، عن أبي عمران الجوني، عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال:"كنا غلمانًا حزاورة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعلّمنا الإيمان قبل القرآن، ثم يعلّمنا القرآن، فازددنا به إيمانًا، وإنكم اليوم تعلّمون القرآن قبل الإيمان! ".

قال البوصيري في الزوائد: "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات".

وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه"(رقم: 52 - المكتب الإسلامي).

قوله في أثر عبد الله: "ينثره نثر الدقل"؟ قال ابن الأثير في النهاية (2/ 119 - مادة دقل): "هو رديء التمر ويابسه، وما ليس له اسم خاص، فتراه ليبسه ورداءته لا يجتمع ويكون منثورًا".

* * *

158 -

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "لمَّا قدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وُعِكَ أبو بكر وبلال، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمَّى قال:

كل امرئ مصبَّح في أهله

والموتُ أدنى من شِرَاكِ نعلِهِ

وكان بلال إذا أقلع عنه تغنَّى، فقال:

ألا ليت شعري هل أبيتَن ليلة

بوادِ وحولي إذخر وجليل

وهل أَرِدَنْ يومًا مياه مَجَنَّةٍ

وهل يَبدُوَن لي شامة وطفيل

اللهم اخْزِ عتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، كما أخرجونا من مكة".

أخرجه أحمد (6/ 82 - 83) من حديث أم المؤمنين رضي الله عنها.

وأصله في البخاري ومسلم، وهو مخرج في "الصحيحة" (رقم: 2584) فانظرها.

ص: 165

159 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه دخل على أخيه البراء وهو مُسْتَلْقٍ؛ واضعًا إحدى رجليه على الأخرى يتغنَّى، فنهاه.

فقال: "أترهبُ أن أموتَ على فراشي وقد تفرَّدتُ بقتل مائة من الكفّار، سوى من شَرَكني فيه الناس".

صحيح. أخرجه عبد الرزاق فى "مصنفه"(233/ 5/ 9469) ومعمر في جامعه - المطبوع في آخر "المصنف"(11/ 6/ 19742) والطبراني في "الكبير"(2/ رقم: 1178، 1179) وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 64/ 1125، 1126) وفي "حلية الأولياء"(1/ 350) وأحمد بن منيع كما في "المطالب العالية"(رقم: 4086 - العاصمة) وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 817/ 179 - الباز).

من طريق: محمد بن سيرين، عن أنس به - بعضهم مختصرًا، وبعضهم مطولًا.

وأخرجه الحاكم (3/ 291) من طريق: ثمامة بن أنس، عن أنس به.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي، ووافقهما الألباني في "تحريم آلات الطرب"(ص 128). وصحّح إسناده الحافظ ابن حجر في "الإصابة"(1/ 147).

وانظر لفقه الأثر وتوجيهه "تحريم آلات الطرب"(ص 129 - وما بعدها).

* * *

160 -

قال ابن وهب: أخبرني هشام بن سعد، من زيد بن أسلم، عن أبيه؛ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ركب برذَوْنًا، فجعل يتَبَخْتَرُ به، فجعل يضربه؛ فلا يزدادُ إلا تبخترًا، فنزل عنه، وقال:"ما حملتموني إلا على شيطان، ما نزلتُ عنه حتى أنكرتُ نفسي".

أخرجه ابن وهب كما في "تفسير القرآن العظيم" للحافظ ابن كثير (1/ 415 - ط. ابن الجوزي) ومن طريقه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(1/ رقم: 136 - شاكر).

ص: 166

وقال الحافظ ابن كثير: "إسناده صحيح".

وقال الشيخ أبو إسحاق الحويني وفقه الله: "وسنده جيد، وهشام بن سعد فيه مقال؛ لكنه أثبت الناس في زيد بن أسلم، كما قال أبو داود، وروايته هنا عنه، والله أعلم" اهـ.

* * *

161 -

عن الحكم بن الأعرج، قال: "انتهيتُ إلى ابن عباس رضي الله عنه وهو متوسِّدٌ رِدَاءَهُ عند زمزم، فقلتُ له: أخبرني عن صوم يوم عاشوراء.

فقال: "إذا رأيتَ هلال المحرّم فاعدد، وأصْبحْ يومَ التاسع صائمًا".

قلتُ. هكدا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه؟

قال: "نعم".

أخرجه مسلم (1133) وأحمد (1/ 239) أو رقم (2135 - شاكر) وأبو داود (2446) والنسائي في "الكبرى"(2/ 162/ 2859) والترمذي (754) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 313 - 314/ 9380 - العلمية) وابن خزيمة في "صحيحه"(3/ 291/ 2096 - 2098).

من طرق؛ عن الحكم بن الأعرج به.

فقه الأثر:

قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد"(2/ 75 - 76):

"فمن تأمل مجموع روايات ابن عباس تبيَّن له زوال الإشكال، وسعة علم ابن عباس، فإنه لم يجعل عاشوراء هو يوم التاسع؛ بل قال للسائل: "صم يوم التاسع"، واكتفى بمعرفة السائل أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر الذي يعدّه الناسُ كلهم يومَ عاشوراء، فأرشد السائل إلى صيام التاسع معه، وأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصومه كذلك. فإما أن يكون فعل ذلك هو الأولى، وإما يكون حمل فعله على الأمر به وعزمه عليه في المستقبل

" اهـ.

ص: 167

قلت: وقوله: "هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه"؟ وإجابة عبد الله بن عباس رضي الله عنه بـ"نعم"؛ إنما يدل على أمره به وعزمه عليه لا على فعله، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يَصُمْ يوم التاسع، بل قال:"لئن بقيت إلى قابل لأصومنَّ التاسع"، وفي رواية:"فإذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع"، قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:"فلم يأتِ العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم". أخرجه مسلم (1134) وغيره، والله تعالى أعلم.

* * *

162 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، في قول الله عز وجل:{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)} [الذاريات: 17]. قال: "كانوا يُصَلُّون فيما بين المغرب والعشاء".

وفي رواية: في قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]. قال: "كانوا يتيقَّظون ما بين المغرب والعشاء".

صحيح. أخرجه أبو داود (1321، 1322) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 15/ 5929 - العلمية) والحاكم (2/ 467) والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 19).

من طريق: سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس به.

قال العلامة الألباني رحمه الله في "إرواء الغليل"(2/ 222/ 469): "إسناده صحيح على شرط الشيخين، كما قال الحاكم، ووافقه الذهبي.

وقد تابعه يحيى بن سعيد -وهو الأنصاري القاضي- عن أنس، بلفظ:"إن هذه الآية {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} نزلت في انتظار هذه الصلاة التي تدعى العتمة".

أخرجه الترمذي (2/ 207) وقال: "حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه".

قلت - (الألباني) -: وإسناده صحيح، ورجاله رجال البخاري؛ غير شيخ الترمذي عبد الله بن أبي زياد، وهو ثقة.

ص: 168

وأما قوله: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه"؛ فقد عرفه أبو داود ومن ذكرناه من الوجه الأول" اهـ.

* * *

كراهة رفع الصوت عند الجنائز والقتال، والذِّكْرِ:

163 -

عن قيس بن عباد، قال:"كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون رَفْعَ الصوتِ عند الجنائز، وعند القتال، وعند الذكر".

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(4/ 99) أو (2/ 143، 517/ 30165، 33409 - العلمية) ووكيع في "الزهد"(2/ 462/ 211) وابن المبارك في "الزهد"(رقم: 247) والبيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 74) والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(8/ 91) وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 58) وابن المنذر في "الأوسط"(5/ 389/ 3056).

وأخرجه أبو داود (2656) والحاكم (2/ 116) -وليس فيه إلا ذكر القتال-.

كلهم من طريق: هشام -وتحرفت في مطبوعة "الزهد" لابن المبارك إلى همام! - صاحب الدستوائي، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس به.

وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (2/ 505/ 2314 - المكتب الإسلامي".

* * *

164 -

وعن سعيد بن جبير رحمه الله؛ "أنه كَرِهَ رفع الصوت عند الجنازة، وعند قراءة القرآن، وعند القتال".

أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 517/ 33410 - العلمية) ووكيع في "الزهد"(2/ 463/ 212) وعبد الرزاق في "مصنفه"(3/ 439 - 440/ 6243).

من طريق: شعبة، عن أبي العلاء، عن سعيد به.

وهذا إسناد صحيح.

ص: 169

165 -

عن ابراهيم النخعي رحمه الله، قال:"كانوا إذا شهدوا جنازة؛ فيظلُّون الأيام محزونين، يُعْرَفُ ذلك فيهم".

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(7/ 211/ 35378 - العلمية) وأحمد في "الزهد"(ص 365 - العلمية) وابن المبارك في "الزهد"(رقم: 246) وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 228).

من طريق: حسين بن علي، عن محمد بن سوقة، قال: زعموا أن إبراهيم كان يقول: "كنا إذا حضرنا جنازة، أو سمعنا بميت يُعْرَفُ ذلك فينا أيامًا؛ لأنا قد عرفنا أنه قد نزل به أمر صَيَّرَهُ إلى الجنة أو النار، وأنكم تتحدثون في جنائزكم

بحديث دنياكم".

وأخرجه أحمد في "الزهد"(ص 265) ووكيع في "الزهد"(2/ 460/ 257) وابن أبي الدنيا في "القبور"(رقم: 31 - الغرباء) وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 227 - 228).

من طريق: سفيان الثوري، عن محمد بن سوقة به.

وهو صحيح.

وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه"(7/ 210/ 35358 - العلمية) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن يحيى بن وثاب، قال:"كانوا إذا كانت فيهم جنازة عُرِفَ ذلك في وجوههم أيامًا".

وإسناده صحيح.

ولا حول ولا قوة إلا بالله.

* * *

166 -

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ أنها قالت للسائب: "ثلاثُ خِصَالِ لتَدَعْهُنَّ أو لأناجِزَنَّكَ".

قال: وما هي؟

قالت: "إيَّاك والسَّجَع؛ لا تسجع؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يسجعونَ،

ص: 170

واذا أنيتَ قومًا يتحدَّثون فلا تَقْطَعَنَّ حديثَهم، ولا تُمِلَّ الناسَ من كتاب الله، ولا تُحدِّثْ في الجمعة الا مرَّة، فإن أبيتَ فمرَّتين".

أخرجه أبو يعلى في "مسنده"(7/ 448 - 449/ 4475) قال: حدثنا إبراهيم، حدثنا حماد، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق؛ أن عائشة قالت للسائب: .. فذكره.

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه أحمد في "المسند"(6/ 217) أو رقم (25929 - قرطبة) من طريق: إسماعيل، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، قال: قالت عائشة لابن أبي السائب -قاصّ أهل المدينة-

فذكره.

وهذا إسناد منقطع؛ الشعبي لم يدرك عائشة رضي الله عنها.

لكن الأثر صحيح بما قبله، وانظر "مجمع الزوائد"(1/ 191).

وقولها: "لأناجزنك" أي: لأخاصمنك.

* * *

167 -

عن مجاهد قال: "دخلتُ أنا وعروة بن الزبير المسجد، فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالسٌ إلى حجرة عائشة، وإذا ناسٌ يُصَلُّونَ في المسجد صلاة الضحى.

قال: فسألناه عن صلاتهم.

فقال: "بدعة".

ثم قال له: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قال: "أربعًا، إحداهُن في رجب". فكرهنا أن نَرُدَّ عليه.

قال: وسمعنا اسْشتِنَانَ عائشة أم المؤمنين في الحجرة، فقال عروة: يا أمَّاه، يا أمَّ المؤمنين؛ ألا تسمعبن ما يقول أبو عبد الرحمن؟!

قالت: "وما يقول"؟

قال: يقول: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع مرَّات؛ إحداهنَّ في رجب".

ص: 171

قالت: "يرحمُ الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرة الا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قط".

أخرجه البخاري (1775، 1776، 4253، 4254) ومسلم (1255) وأحمد (2/ 72، 55، 157) والنسائي في "الكبرى"(471/ 4222) والترمذي (936) وابن ماجه (2998) وغيرهم.

فقه الأثر:

قول ابن عمر رضي الله عنهما عن صلاة الضحى إنها بدعة؛ هذا هو المشهور عنه، فإنه رضي الله عنه كان لا يراها من الصلاة التي ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه صلّاها، فقد روى البخاري (برقم: 1175) عن مورّق قال: "قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أتصلّي الضحى؟ قال: لا. قلت: فعمر؟ قال: لا. قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلتُ: فالنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا إخاله".

وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح -كما في "الفتح "(3/ 63/ تحت الحديث: 1175) - عن مجاهد عن ابن عمر أنه قال: "إنها محدثة، وإنها لمن أحسن ما أحدثوا".

وأخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح -كما في "الفتح" أيضًا- عن الحكم بن الأعرج، عن الأعرج، قال: سألتُ ابن عمر عن صلاة الضحى. فقال: "بدعة ونعمت البدعة".

قال الحافظ في "الفتح"(3/ 64): "وفي الجملة؛؟ ليس في أحاديث ابن عمر هذه ما يدفع مشروعية صلاة الضحى، لأن نفيه محمول على عدم رؤيته، لا على عدم الوقوع فى نفس الأمر، أو الذي نَفَاهُ صفة مخصوصة ..

قال عياض وغيره: إنما أنكر ابن عمر ملازمتها وإظهارها في المساجد وصلاتها جماعة، لا أنها مخالفة للسنة. ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه رأى قومًا يصلُّونها فأنكر عليهم، وقال: إن كان ولا بدّ ففي بيوتكم" اهـ.

قلت: وصلاة الضحى ثابتة في أحاديث كثيرة، لكن لعل الأمر -كما ذكر غير واحد من أهل العلم- خفي على عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

ص: 172

وقد توسع العلامة علي بن خلف ابن بطال في الكلام على هذه المسألة في "شرحه على صحيح البخاري" فانظره (3/ 165 - وما بعدها. ط مكتبة الرشد).

قوله: "فكرهنا أن نردَّ عليه"؛ فيه أدب من آداب العلم، وأن العالم إذا أخطأ أو نسي لا يُباشر المتعلّم أو السائل إلى ردّه، بل يسأل من هو أعلم منه؛ كما فعل مجاهد وعروة -رَحِمَهُمَا اللهُ-، فوكلا الأمر إلى أم المؤمنين رضي الله عنها، ثم هي ردّت وَهْمَ عبد الله بن عمر رضي الله عنه بأدب جمّ.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الفتح"(3/ 793): "ذكرته بكنيته تعظيمًا له، ودعت له إشارة إلى أنه نسي". ثم قال: "ولم تنكر عائشة على ابن عمر إلا قوله: إحداهن في رجب".

قال النووي رحمه الله في شرحه على "صحيح مسلم"(4/ 496): "هذا يدل على أنه اشبه عليه، أو نسي، أو شكَّ؛ ولهذا سكت على الإنكار على عائشة ومراجعتها بالكلام .. "

قلت: سكوته رضي الله عنه ورد بزيادة عند مسلم وغيره: "وابن عمر يسمع، فما قال لا ولا نعم، سكت". والله تعالى أعلم.

* * *

168 -

قال الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله: حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا خالد بن عبد الله، عن عبد الملك، عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر -وكان خال ولد عطاء- قال: أرسلتني أسماءُ إلى عبد الله بن عمر، فقالت:"بلغني أنكَ تحرِّمُ أشياءَ ثلاثة: العَلَمُ في الثوب، ومِيثَرَةُ الأَرجوان، وصوم رجبَ كلَّه".

فقال لي عبد الله: "أمَّا ما ذَكَرَتَ من رجب، فكيف بمن يصوم الأبد؟! وأما ما ذكرت من العَلَمِ في الثوب؛ فإني سمعتُ عمر بن الخطاب يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما يلبسُ الحريرَ من لا خَلَاقَ له"، فخِفْتُ أن يكون العَلَمُ منه. وأما ميثرة الأَرجوان؛ فهذه منيرة عبد الله" -فإذا هي أرجوان-.

ص: 173

فرجعتُ إلى أسماء، فخيَّرتُها، فقالت:"هذه جُبَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فأخرجت جبة طَيَالسيةِ كِسْرَوَانية، لها لِبنَةُ ديباج، وفَرْجَيْها مكفوفين بالديباج، فقالت:"هذه كانت عند عائشة حتى قُبِضَتْ، فلما قُبِضَتْ قبضتُها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يُسْتَشْفَى بها".

أخرجه مسلم (2069) وأحمد (1/ 26) أو رقم (181 - شاكر) -مختصرًا- من طريق يحيى به.

وأخرجه أبو داود (4054) وابن ماجه (3594) من طريق المغيرة بن زياد، عن عبد الله أبو عمر مولى أسماء بنت أبي بكر، قال:"رأيتُ ابن عمر في السوق اشترى ثوبًا شاميًا، فرأى فيه خيطًا أحمر؛ فردّه، فأتيتُ أسماء فذكرتُ ذلك لها، فقالت: يا جارية؛ ناوليني جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجت جبة طيالسية مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج".

فقه الأثر:

فيه المنع من لبس الحرير، ومذهب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فيه المنع العام، سواء كان خالصًا، أو عَلَمًا، وذلك تمسُّكًا منه رضي الله عنه بعموم النهي عن لبس الحرير.

والرخصة في لبس الثوب الذي فيه العَلَم من الحرير؛ ثابتة عن كثير من فقهاء الصحابة؛ بل قد روى مسلم (2067) عن سويد بن عفلة، أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية، فقال:"نهى نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم عن لُبسِ الحرير إلا موضع أصبعين، أو ثلاث، أو أربع".

وقوله في رجب: "فكيف بمن يصوم الأبد"؛ قال أبو العباس القرطبي في "المفهم"(5/ 392):

"معناه: إذا كان صوم الأبد جائزًا؛ فكيف لا يكون صوم رجب كله جائزًا؛ وهذا تكذيب لمن نقل عنه، وإبطال لقول من يقول بذلك. وقد تقدم في كتاب الصوم الإختلاف في صوم الأبد" اهـ.

وفيه: جواز التبرك والإستشفاء بآثار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا ثابت في السُّنَّة الصحيحة، وانظر كتاب "التبرك أنواعه وأحكامه" للدكتور ناصر بن

ص: 174

عبد الرحمن الجديع (ص 252 - وما بعدها. ط. مكتبة الرشد بالرياض).

قو له: طيالسية: أي: غليظة.

كسروانية: أي: منسوبة إلى كسرى، على قول.

والأَرجوان -بفتح الهمزة-: الأحمر.

والميثرة: وِطَاءٌ محشو يُترك على رحل البعير تحت الراكب، قاله ابن الأثير في "النهاية" (1/ 322 - مادة: ميثر/ باب: الميم مع الياء).

* * *

169 -

عن أم المؤمنين عائشة بنت الصدّيق رضي الله عنها وعن أبيها، قالت:"تزوَّجَني النبيُّ صلى الله عليه وسلم في شَوَّال، وأُدْخِلْتُ عليه في شوَّال؛ فأيَّ نسائه كانت أَحْظَى عنده منّي؟ ".

فكانت عائشة رضي الله عنها تستحبُّ أن تُدْخِلَ نساءَها في شوال.

أخرجه مسلم (1423) وأحمد (6/ 54، 206) أو (رقم: 24383، 25825 - قرطبة) والنسائي في "المجتبى"(6/ 70، 133) أو رقم (3236، 3377) وفي "الكبرى"(3/ 274، 333 - 334/ 5353، 5572 - العلمية) والترمذي (1093) وابن ماجه (1990) والدارمي (رقم: 2257) وعبد الرزاق في "مصنفه"(10459) وعبد بن حميد كما في "المنتخب"(رقم: 1508) والبغوي في "شرح السنة"(2259) والبيهقي في "السنن الكبرى- أو الكبير-"(7/ 290) والطبراني في "المعجم الكبير"(23/ رقم: 68) وابن حبان في "صحيحه"(9/ 365/ 4058 - الإحسان) وغيرهم.

من طرق؛ عن سفيان، عن إسماعيل بن أمية، حدثني عبد الله بن عروة، عن أبيه عروة، عن عائشة به.

فقه الأثر:

قال النووي رحمه الله (5/ 226): "فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال، وقد نصّ أصحابنا على استحبابه، واستدلُّوا بهذا الحديث.

وقصدت عائشة بهذا الكلام ردَّ ما كانت الجاهلية عليه، وما يتخيَّلُه بعضُ

ص: 175

العوام اليوم من كراهة التزويج والتزوّج والدخول في شوال؛ وهذا باطل لا أصل له، وهو من آثار الجاهلية؛ كانوا يتطيرون بذلك؛ لما في اسم شوال من الإشالة والرفع" اهـ.

والعرب في الجاهلية كانوا يتطيرون من هذا الإسم، ويقولون: إن لبن الإبل يشول؛ أي: يولي ويدبر، وكذلك الإبل في اشتداد الحر وانقطاع الرطب، فكانوا يتطيرون من عقد النكاح والدخول في هذا الشهر، ويقولون: إن المنكوحة تمتنع من ناكحها كما تمتنع طروقة الجمل إذا لقحت وشالت بذنبها!

فأبطل النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هذه الطِّيَرة والعادة الجاهلية.

* * *

170 -

عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، قال:"صحبتُ ابنَ عمر في طريق مكة، قال: فصلَّى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه، حتى جاء رَحْلَهُ، وجلس وجلسنا معه، فحانَتْ منه التِفَاتَةٌ نحو حيث صلَّى، فرأى ناسًا قيامًا، فقال: "ما يصنعُ هؤلاء؟ ".

قلت: يُسَبِّحون.

قال" لو كنتُ مُسَبِّحًا لأتممتُ صلاتي، يا ابن أخي؛ إني صَحِبْتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السفر؛ فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قَبَضَهُ اللهُ، وصحبتُ أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبتُ عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبتُ عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].

أخرجه البخاري (1101، 1102) ومسلم (689) -واللفظ له- وأبو داود (1223) والنسائي (3/ 123) وابن ماجه (1071) وغيرهم.

وانظر لفقه الأثر: "الفتح"(3/ 672 - 673) و"المفهم"(2/ 330). وخلاصة كلامهما: أن التطوع جائز في السفر، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يتطوع على راحلته

ص: 176

171 -

عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت:"فَرَضَ اللهُ الصَّلاةَ حين فرضَهَا ركعتين، ثم أتمَّها في الحَضَرِ، وأُقِرَّت صلاةُ السَّفَرِ على الفَرِيضَةِ الأولى".

قال الزهري: فقلتُ لعروة: ما بال عائشةَ تُتِمُّ.

قال: "تأوَّلت ما تأوَّلَ عثمان".

أخرجه البخاري (355، 1090، 3935) ومسلم (685) وأبو داود (1198) والنسائي في "المجتبى"(1/ 225) وغيرهم.

من طرق؛ عن عروة به، بألفاظ متعدّدة.

فقه الأثر:

الأثر في ظاهره مخالف لفعل عائشة رضي الله عنها، وهذا ما استغربه الزهري، فسأل عروة بن الزبير عنه، فأجاب بأن أم المؤمنين تأوّلت ما تأوّل عثمان؛ أي أن القصر رخصة لا واجب.

وانظر لتفصيل الكلام حول الخلاف في أن الصلاة إنما فرضت في أول الأمر ركعتين -كما في هذا الأثر-، أو أربع -كما في أثر ابن عباس قال:"فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة". أخرجه مسلم (687) - انظر التفصيل في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (1/ 553 - 554 و 2/ 664 - 666) و"المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" لأبي العباس القرطبي (2/ 323 - 328).

وفيهما أيضًا ذكر الخلاف في القصر هل هو عزيمة أم رخصة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:"صدقة تصدّق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته" أخرجه مسلم (686) وغيره.

وإن كان العمل على قصر الصلاة في السفر -لا الإتمام- كما قال الإمام الترمذي رحمه الله في "جامعه" بعد الحديث رقم (544).

وقد أشبع العلماء قديمًا وحديثًا في كتبهم الفقهية الكلام على هذه المسألة،

ص: 177

والذي رجّحه شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم والشوكاني والألباني وغيرهم أن القصر عزيمة.

والمجال لا يتَّسع هنا للبسط والبحث، فاطلب ذلك من مظانّه، والله الموفق.

وانظر لزامًا "السلسلة الصحيحة" للمحدث الألباني (رقم: 2814).

* * *

172 -

عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، قال:"هم الذين هاجروا مع محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة".

حسن، أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 273، 319، 324، 354) أو رقم (2463، 2928، 2989، 3321 - شاكر) والنسائي في "الكبرى"(6/ 313/ 11072 - الحلمية) وابن جرير الطبري في "تفسيره"(4/ 29) أو (7/ 101/ 7606 - شاكر) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(3/ 732/ 3968) وعبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 135/ 445) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(12/ 155 - الهندية) أو (6/ 401/ 32339 - العلمية) وابن المنذر في "تفسيره"(1/ 331/ 801) والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ رقم: 12303) والحاكم في "المستدرك"(2/ 294) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(1/ 771/ 1426).

كلهم من طريق: إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.

وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

وجوَّد إسناده الحافظ في "الفتح"(8/ 73 - تحت الحديث رقم: 4557).

وسماك بن حرب صدوق في روايته عن غير عكرمة، وهذا منها؛ فالإسناد حسن، والله أعلم.

* * *

173 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ

ص: 178

لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، قال:"نحنُ خير الناس للناس؛ نَجِيءُ بهم الأغلال في أعناقهم، فَنُدْخِلُهُم في الإسلام".

أخرجه البخاري (4557) وابن جرير الطبري في "تفسيره"(4/ 29 - 30) والنسائي في "الكبرى"(6/ 313/ 11071) وابن المنذر في "تفسيره"(1/ 332/ 803) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(732/ 3971) والحاكم (4/ 84).

من طرق؛ عن أبي حازم، عن أبي هريرة به.

وقد وهم الحاكم في إخراجه واستدراكه، فقد أخرجه البخاري كما رأيت، والله أعلم.

* * *

174 -

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال:"كانوا يَكرَهُونَ أن يَرْضَخُوا لأنسبائهم من المشركين، فنزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)} [البقرة: 272] ".

صحيح. أخرجه النسائي في "الكبرى"(6/ 305 - 306/ 11052) والبزار (3/ 42/ 2193 - كشف الأستار) وابن جرير الطبري (3/ 63) أو (5/ 587/ 6202 - 6205 - شاكر) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(2/ 537/ 2852) والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ رقم: 12453) والحاكم (2/ 285 و 4/ 156 - 157) والبيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 191) والفريابي في "تفسيره" كما في "العجاب" للحافظ ابن حجر (1/ 628) وابن المنذر في "تفسيره"(1/ 39/ 1).

كلهم من طريق: سفيان الثوري، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.

وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الصحيح.

وصححه الحاكم والذهبي.

وصححه أيضًا المحدث العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في

ص: 179

"الصحيح المسند في أسباب النزول"(ص 49 - 50).

تنبيه: أورد الأثر الحاكم في "مستدركه" في موضعين كما تقدم، لكنه سقط عنده في الموضع الأول ذكر الأعمش في الإسناد، والله أعلم.

فقه الأثر:

قوله: "يرضخوا لأنسبائهم"؛ أي: يعطوا أنسباءهم، رضخ له من ماله، أي: أعطاه. وأنسبائهم: أقربائهم.

قال الحافظ ابن جرير الطبري في "تفسيره": "يعني تعالى ذكره بذلك: ليس عليك يا محمد هدي المشركين إلى الإسلام، فتمنعهم صدقة التطوع، ولا تعطيهم منها؛ ليدخلوا في الإسلام، حاجة منهم إليها، ولكن الله يهدي من يشاء من خلقه إلى الاسلام فيوفقهم له، فلا تمنعهم الصدقة" اهـ.

* * *

175 -

عن عروة بن الزبير رضي الله عنه، قال: "قلتُ لعائشةَ زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذٍ حديثُ السِّنّ-: أرأيتِ قول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]، فما أرى على أحدٍ شيئًا ألَّا يَطَّوَّفَ بهما.

قالت عائشة: "كلا؛ لو كانت كما تقول؛ كانت لا جناح عليه ألَّا يطَّوَّفَ بهما، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار؛ كانوا يُهِلُّون بمناة، وكانت مناةُ حَذوَ قُدَيدِ، وكانوا يتحرَّجُونَ أن يطوفوا بين الصَّفَا والمروةَ، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ فأنزل الله:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .

أخرجه البخاري (1643، 1790، 4495، 4861) ومسلم (1277) ومالك في "الموطأ"(1/ 373) - كتاب الحج، (42) باب جامع السعي. وأحمد في "المسند"(6/ 144، 162، 227) أو رقم (25223، 25404، 26015 - قرطبة) وأبو داود (1901) والنسائي في "المجتبى"(5/ 237 - 239) أو رقم (2967، 2968) وفي "الكبرى"(2/ 415، 411/ 3960، 3961) و (6/ 293/ 11009) والترمذي (2965) وابن ماجه (2986) وابن جرير الطبري في "تفسيره"

ص: 180

(2/ 29، 31) والواحدي في "أسباب النزول"(ص 46) وابن أبي حاتم فى "تفسيره"(1/ 266/ 1430، 1431) والبغوي في "شرح السنة"(رقم: 1920) وفي "تفسيره"(1/ 133) والبيهقي في "السنن الكبير -أو الكبرى"(5/ 96 - 97) والحميدي في "مسنده"(1/ 107/ 219) وابن خزيمة في "صحيحه"(رقم: 2766، 2768، 2769) وأبو يعلى في "مسنده"(8/ 175 - 176/ 4730) وغيرهم.

من طريقين:

1 -

الزهري، عن عروة به.

2 -

هشام بن عروة، عن أبيه به.

* * *

176 -

عن عاصم الأحول، قال: "قلتُ لأنس بن مالك رضي الله عنه: كتم تكرهون السَّعْيَ بين الصفا والمروة؟

قال: "نعم؛ لأنها كانت من شعائر الجاهلية، حتى أنزل الله:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .

أخرجه البخاري (1648، 4496) ومسلم (1278) والنسائي في "الكبرى"(2/ 410/ 3959) والترمذي (2966) وابن خزيمة (4/ 235/ 2768) وعبد بن حميد في "المنتخب"(2/ 246/ 1224 - العدوي) والبيهقي (5/ 97) والحاكم (2/ 270) والطبري (2/ 28 - 29) وابن أبي حاتم (1/ 267/ 1432) وغيرهم.

* * *

177 -

عن ابن عباس رضي الله عنه، قال:"كان القِصاصُ في بني اسرائيل، ولم يكن فيهم الدِّيَة، فقال الله تبارك وتعالى لهذه الأمة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} إلى قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178]، فالعفو أن تُقْبَلَ الدِّيةُ في العَمْدِ، واتباعٌ بالمعروف: أن تتبع هذا بمعروف، وتؤدّى هذا بإحسان؛ فخُفِّفَ عن هذه الأمة".

أخرجه البخاري (4498، 6881) والنسائي في "المجتبى"(8/ 36) أو رقم

ص: 181

(4781)

وفي "الكبرى"(6/ 295/ 11014) والطبري في "تفسيره"(2/ 65) أو رقم (2594 - 2596) والشافعي في "مسنده"(2/ 99) والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 175/ 4995) وابن حبان في "صحيحه"(13/ 362 - 363/ 6010) وابن الجارود في "المنتقى"(رقم: 775) والدارقطني (3/ 86) والبيهقي (8/ 51، 52) وعبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 67) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 458/ 27962 - العلمية) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 293/ 1573) وسعيد بن منصور في "سننه" -التفسير- (2/ 652/ 246 - آل حميد) والنحاس في "ناسخه"(ص 21) والحاكم (2/ 273).

من طريق: عمرو بن دينار، قال "سمعتُ مجاهدًا، عن ابن عباس به.

ورواه عن عمرو بن دينار جماعة؛ منهم: سفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، ومحمد بن مسلم.

وخالفهم ورقاء بن عمرو؛ فرواه عن مجاهد، دون ذكر ابن عباس.

أخرجه النسائي في "المجتبى"(8/ 37) أو رقم (4782)، وهي رواية شاذة.

وخالفهم أيضًا حماد بن سلمة، فرواه عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس.

أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(3/ 367/ 2574 - شاكر) والحاكم (2/ 273). وهي رواية شاذة أيضًا.

قال الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف"(5/ 223): "قلت: وافق ابن عيينة محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، أخرجه الطبري.

وكذا رواه ابن أبي نجيح، عن مجاهد.

وخالف، الجميع حماد بن سلمة؛ فقال: عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس. أخرجه الطبري، والأول هو المحفوظ" اهـ.

ورواية ابن أبي نجيح أخرجها عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 67) وابن النحاس في "ناسخه"(ص 21) وابن جرير الطبرى (3/ 367 - 368/ 2577) والطبراني في "الكبير"(11/ رقم: 11155).

ص: 182

178 -

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: "نزلت هذه الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] ولم ينزل {مِنَ الْفَجْرِ}، فكان رجالٌ إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رِجْلِهِ الخيطَ الأبيض، والخيط الأسود، ولا يزال يأكل ويشربُ حتى يتبيَّن له رؤيتهما، فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك: {مِنَ الْفَجْرِ} فعَلِمُوا أنما يعني بذلكَ الليلَ والنهارَ".

أخرجه البخاري (1917، 4511) ومسلم (1091) وابن جرير الطبري (2/ 100) والنسائي في "الكبرى"(6/ 297/ 11022) والواحدي في "أسباب النزول"(ص 46 - 47) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 318/ 1687) والطبراني في "الكبير"(6/ رقم: 5791) والبيهقي (4/ 215) والبغوي في "تفسيره"(1/ 158).

من طريق: أبي غسان، حدثني أبو حازم، عن سهل به.

* * *

179 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن فاطمة رضي الله عنها قالت: "يا أنس؛ كيف طابت أنفسكم أن تَحْثُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب!

وقالت: يا أبتاهُ! مِنْ رَبِّهِ ما أَدْنَاهُ. وا أَبتَاهُ! جنةُ الفردوسِ مأواهُ. وا أبتاهُ! إلى جبربلَ ننعاهُ. وا أبتاهُ! أجابَ رَبًّا دَعَاهُ".

قال حماد بن زيد: "حين حدَّثَ ثابتٌ بكى، وقال ثابت: حين حدَّث به أنس بكى".

صحيح. أخرجه الدارمي (1/ 88/223 - حسين سليم أسد) وابن حبان (14/ 592/ 6622) من طريق حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس به.

وانظر: "صحيح البخاري"(4462) و"مسند أحمد"(3/ 197) و"سنن النسائي الكبرى"(1/ 606/ 1971) و"صحيح ابن حبان"(14/ 591/ 6621) و"مصنف عبد الرزاق"(6673) و"دلائل النبوة" للبيهقي (7/ 212 - 213).

ص: 183

180 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: "لما كان اليوم الذي دخَلَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ؛ أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه؛ أظلمَ منها كل شيء. وما نفضنا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم الأيدي -وإنا لفي دفنه- حتى أَنْكَرْنَا قلوبَنَا".

صحيح. أخرجه أحمد (3/ 221، 268) أو رقم (13336، 13858 - قرطبة) والترمذي في "جامعه"(3622) وفي "الشمائل المحمدية"(رقم: 395) وابن ماجه (1631) والبغوي في "شرح السنة"(14/ 49 - 50/ 3834) وفي "الأنوار في شمائل النبي المختار"(2/ 756 - 757/ 1210) وابن حبان في "صحيحه"(14/ 601/ 6634) وأبو يعلى في "مسنده"(6/ 51/ 3296) والحاكم (3/ 57) وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند"(2/ 1287/280) وابن سعد في "الطبقات"(2/ 274).

من طريق: جعفر بن سليمان الضّبَعي، عن ثابت، عن أنس به.

وهذا إسناد حسن. في جعفر بن سليمان كلام، لا ينزله عن مرتبة الحسن، لذا قال الحافظ:"صدوق زاهد، لكنه يتشيع".

قلت: وأحسن ما قيل فيه؛ قول ابن شاهين في "المختلف فيهم": "إنما تُكُلّمَ فيه لعلة المذهب، وما رأيتُ من طعن في حديثه إلا ابن عمار بقوله: جعفر بن سليمان ضعيف".

وقال البزار: "لم نسمع أحدًا يطعن عليه في الحديث، ولا في خطأ فيه، إنما ذُكِرَت عنه شيعيته، وأما حديثه فمستقيم". انظر "تهذيب التهذيب"(1/ 308 - ط الرسالة).

قلت: وقد تكلم بعضهم في روايته عن ثابت؛ ولكني لم أجد من طعن فيه بسبب هذه الرواية، وإنما تكلموا في الإكثار من روايته عن ثابت.

وقد احتجّ به مسلم وغيره.

فتصحيح إسناده -كما فعل محقق مسند أبي يعلى، ومحقق صحيح ابن حبان -فيه نظر يسير، والصواب -والله أعلم- أنه حسن فقط.

ص: 184

وتضعيف إسناده - كما فعل الشيخ مصطفى العدوي في تحقيقه على "المنتخب من المسند" لعبد بن حميد - غير سديد، والله أعلم.

قلت: لم ينفرد به عن ثابت، بل تابعه عليه حماد بن سلمة عن ثابت به.

أخرجه أحمد (3/ 122، 240، 287) أو رقم (12255، 13547، 14101 - قرطبة) وابن أبي شيبة (11/ 516) والدارمي في "مسنده"(1/ 223/ 89 - حسين سليم أسد) والحاكم (3/ 57).

فالأثر صحيح كما قال العلامة الألباني رحمه الله في "مختصر الشمائل"(196/ 329) وفي "صحيح موارد الظمآن"(2/ 331 - 332/ 1812).

* * *

181 -

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:"اقرؤوا سورة البقرة في بيوتكم؛ فإن الشيطان لا يدخلُ بيتًا يُقْرَأُ فبه سورة البقرة".

أخرجه النسائي في "الكبرى" -عمل اليوم والليلة- (6/ 240/ 10800) - نحوه- والدارمي في "مسنده"(4/ رقم: 3422 - حسين سليم أسد) والحاكم (1/ 561) و (2/ 259 - 265) وأبو عبيد الهروي في "فضائل القرآن"(ص 76) والفريابي في "فضائل القرآن"(رقم: 39، 40).

من طريق: شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله به.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".

وقال في الموضع الثاني: "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي، ووافقهما الألباني في "الصحيحة"(4/ 26).

قلت: لكن البخاري ما روى لأبي الأحوص عن ابن مسعود.

ثم إن رواية سلمة بن كهيل عن أبي الأحوص ليست من شرطهما، فإنهما لم يخرجاها.

فالإسناد صحيح فقط؛ كما قال الحاكم في الموضع الثاني من المستدرك.

وأخرجه الحاكم (1/ 561) والبيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 452/ 2376) والطبراني في "الكبير"(9/ رقم: 8643، 8644).

ص: 185

من طريق: عاصم بن أبي النجود، عن أبي الأحوص، عن عبد الله به موقوفًا عليه. وهذا الإسناد قد اختُلِفَ فيه.

فرواه عاصم بن أبي النجود، عن أبي الأحوص، عن عبد الله به مرفوعًا. أخرجه الحاكم (1/ 561) والبيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 452، 453/ 2377، 2380).

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(6/ 240/ 10799) والبيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 453/ 2379) وابن مردوية كما في "تفسير ابن كثير"(1/ 27). من طريق محمد بن عجلان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا ألفينَّ أحدكم يضع إحدى رجليه على الأخرى يتغنى وباع سورة البقرة يقرؤها؛ فإن الشيطان ينفر من البيت تقرأُ فيه سورة البقرة، وإن أصفر البيوت؛ الجوف الصُّفر من كتاب الله".

وتابعه -أي محمد بن عجلان- حلو بن السري، عن أبي إسحاق به.

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(رقم: 2248، 7766 - الحرمين) وفي "الصغير"(1/ 53).

وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن"(رقم: 41) من طريق: زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله موقوفًا.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(3/ 369/ 5998) والطبراني في "الكبير"(9/ رقم: 8642) من طريقه - عن معمر، عن أبي إسحاق به.

وأخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص 175) من طريق: شعبة، عن أبي إسحاق به.

فالصواب في هذه الرواية الوقف، أما الرفع فلا يصح.

لكن للمرفرع منه شواهد؛ منها: ما أخرجه مسلم (780) وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: "لا تجعلوا بيوتكم قبورًا؛ فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان".

والحمد لله على إنعامه وامتنانه.

ص: 186