الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(6/ 92) من طريق: ابن مصفى، ثنا بقية، عن علي بن أبي جملة، عن نافع، عن ابن عمر به نحوه مرفوعاً.
قال الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(4/ 197): "بقية مدلّس، وقد عنعنه. وعلي بن أبي جملة؛ لم أجد له ترجمة؛ سوى أن أبا نعيم ذكره في كتابه مقروناً مع رجاء بن أبي سلمة، ووصفهما بأنهما العابدان الراويان، فهو من شيوخ بقية المجهولين" اهـ.
وفي "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 435/ 2809) قال: "سألتُ أبي عن حديث رواه بقية عن محمد بن أبي جميلة .. فذكره. قال: فسمعتُ أبي يقول: هذا حديث منكر، ومحمد مجهول".
قلت: وانظر لزاماً كلام محقق كتاب "الشريعة" للآجري الوليد بن نبيه سيف النصر - جزاه الله خيراً (1/ 397 - 398) فإنه مهم.
خلاصة الكلام أن الخبر لا يصح مرفوعاً بل هو منكر، وقد حكم بذلك جمع من الحفاظ؛ منهم: ابن تيمية -كما تقدم- والحافظ ابن كثير، والذهبي، وابن حجر، وابن الجوزي، والسيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 255) وابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث"(ص 236)، وابن أبي حاتم، وأبوه أبو حاتم، والهيثمي، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 316) والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص 506) والعلامة مقبل بن هادي الوادعي في "أحاديث معلّة ظاهرها الصحة" (ص 93 - 94/ رقم: 87 - الطبعة الثانية، دار الآثار) وفي "القدر"(ص 519).
وصححه الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني لغيره في "الصحيحة"(رقم: 1642)، والراجح قول من تقدم من الحفاظ، والله تعالى أعلم.
* * *
-
خطر رَمْي المسلم بالكفر:
283 -
عن أبي سفيان طلحة بن نافع الواسطي، قال: سأل رجلٌ جابرَ بن عبد الله: هل كنتم تُسَمُّونَ أحداً من أهل القِبْلَةِ كافراً؟
قال: "مَعَاذَ اللهِ".
قال: فهل تُسَمّونَهُ مشركاً؟
قال: "لا".
صحيح. أخرجه أبو يعلى في "مسنده"(4/ 207/ 2317) وأبو عبيد القاسم بن سلام في "الإيمان"(رقم: 29) والطبراني في "المعجم الأوسط"(7/ 230/ 7354 - الحرمين) أو (8/ 173 - 174/ 7350 - الطحان) والأصبهاني في "الترغيب"(2/ 423) وابن أبي زمنين في أصول السنة" (رقم: 144) وابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" (ص 405).
من طريق: الأعمش، عن أبي سفيان به.
وأبو سفيان أحاديث الأعمش عنه مستقيمة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "المطالب العالية"(رقم: 2998 - العاصمة): "صحيح موقوف".
وقال العلامة الألباني في تحقيقه لكتاب "الإيمان" لأبي عبيد (ص 98): "صحيح علي شرط مسلم".
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(10/ 461/ 19708) عن معمر، عن قتادة، عن جابر رضي الله عنه، ولفظه:"هل في المصلين مشرك؟ قال: "لا".
وأخرج الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" -كما في "بغية الباحث"(رقم: 34) و "المطالب العالية"(رقم: 2997) و"إتحاف الخيرة المهرة"(1/ 160/ 171 - الوطن) - ومن طريقه أبي نعيم في "صفة النفاق"(136/ ص 153)، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، ثنا إبراهيم بن عقيل، عن أبيه، عن وهب -يعني: ابن منبه- قال: سألتُ جابراً رضي الله عنه: هل في المصفين طواغيت؟ قال: "لا". وسألته: هل فيهم مشرك؟ قال: "لا".
وهذا إسناد منقطع؛ فإن وهب بن منبه لم يدرك جابراً، ولم يسمع منه.
وأخرجه أبو نعيم في "صفة النفاق"(ص 154/ رقم: 137) من طريق: ابن لهيعة، عن أبي الزبير، أنه سأل جابراً
…
ثم حوله من طريق: عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، قال: سألت جابراً: أكنتم تعدُّون الذنوب شركاً؟ فقال: "معاذ الله! ولم نكن ندعوا منافقاً
مشركاً، ولم نكن نرى في المصلين شركاً". وإسناده حسن.
وأخرج ابن أبي عاصم في "السنة"(2/ 459/ 976 - المكتب الإسلامى) أو (2/ 671/ 1010 - الجوابرة) من طريق: يحيى بن عباد، ثنا سعيد بن زيد، ثنا الجعد بن دينار؛ أبو عثمان، ثنا سليمان بن قيس اليشكري الأعور، قال: سألتُ جابر بن عبد الله: هل كنتم ترون الذنوب شركاً؟ فقال: "معاذ الله! ما كنا نزعم أن في المصلين مشركاً".
ووقع في الأصل: يحيى بن عبادة، وصححه الشيخ الجوابرة، وأشار إلي ذلك في هامش الكتاب.
قال العلامة الألباني: "إسناده ضعيف، ورجاله موثقون؛ غير يحيى بن عبادة- والظاهر أنه الذي في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 173): "يحيى بن عبادة بن عبيد الله العمري؛ روى عن القاسم بن محمد، روى عنه الفزاري؛ سمعت أبي يقول: لا أعرفه".
وحسِّن إسناده الشيخ باسم الجوابرة حفظه الله، وهو الأصوب - لأن الصواب في اسم يحيى؛ هو: ابن عباد، وهو الضبعي؛ "صدوق".
وأخرج أبو يعلى في "مسنده"(7/ 136 - 137/ 3144) قال: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عكرمة، حدثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قلتُ: يا أبا حمزة؛ إن قوماً يشهدون علينا بالكفر والشرك! قال أنس: "أولئك شرُّ الخلق والخليقة". وله تتمة ..
قال الهيثمي في "المجمع"(1/ 107): "رواه أبو يعلى، وفيه يزيد الرقاشي؛ وقد ضعفه الأكثر، ووثقه أبو أحمد بن عدي، وقال: عنده أحاديث صالحة عن أنس، وأرجو أنه لا بأس به".
فقه الأثر:
فيه خطر رمي المسلم بالكفر والشرك، وأنهما لا يطلقان على أهل القبلة وأهل الإسلام.
وهذا الأثر عظيم جليل، فيه ردٌّ الجماعات التي تكفّر المسلمين اليوم، وتطلق ألفاظ الكفر والشرك على من يقع في بعض المعاصي والمنكرات.
بل ولا يجوز إطلاق هذه الكلمة على من وقع في الكفر نفسه؛ فإن من وقع في الكفر أو الشرك؛ لم يقع الكفر والشرك عليه، كما قرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء المحققين.
وللتكفير شروط وموانع لتحققه في المعين - كما هو معلوم عند أهل العلم ممن وفقهم الله لإتباع السنة.
لكنَّ الزائغين المنحرفين لا يعبؤون بهذا التقرير، فيكفّرون المسلمين!
وإخراج المسلم من الإيمان لا يتأتى إلا بيقين، كما أن دخوله بالإسلام لا يتأتى إلا بيقين.
والكلام يطول في هذه المسألة، ولقد كتب العلماء قديماً وحديثاً في تأصيل هذه المسألة، وإنما جرَّنا للكلام فيها ما نراه من حال بعض الأفراد المتسرعين في إطلاق التكفير على المسلم، وهؤلاء المساكين لا يعلمون أن هذه السِّمة من سمات الخوارج! نعوذ بالله من الضلال بعد الهداية.
وإني أنصح إخواني أن يقرؤوا كتاب "الإيمان الأوسط" لشيخ الإسلام ابن تيمية وهو ضمن المجلد السابع من "مجموع الفتاوى"، وقد طبع مفرداً؛ ففيه تقرير سني سلفي لهذه المسألة.
كما أنصحهم بالرجوع إلى كتاب "التحذير من فتنة التكفير" للشيخ الفاضل علي بن حسن بن عبد الحميد الحلبي الأثري -وفقه الله تعالى- وهو في الأصل تقريرات للعلامة المحدث السَّلفي السُّنّي الأثري محمد ناصر الدين الألباني، وعلّق عليه العالمان الإمامان السلفيان ابن باز وابن عثيمين -رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى-، وجزاهما ومن قبلهما عن الإسلام خيراً.
* * *
284 -
قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: حدثنا أبو نعيم، حدثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عمر، عن أبيه، قال: قال أناسٌ لابن عمر: إنا ندخُلُ على سلطاننا؛ فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم. قال: "كنا نعدُّها نفاقاً".
أخرجه البخاري (7178) وحنبل في "جزئه"(ص 62/ رقم: 1) وأبو نعيم
في "صفة النفاق"(رقم: 98) والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 164) والحسن بن سفيان في "مسنده" والإسماعيلي في "المستخرج" - كما في "الفتح"(13/ 182).
من طريق: عاصم بن محمد به.
وله طرق أخرى عن ابن عمر:
- فقد أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" -كما في "بغية الباحث"(رقم: 1095) - وأبو نعيم في "صفة النفاق"(رقم: 94) والفريابي في "صفة النفاق"(رقم: 65 - البدر) وابن بطة في "الإبانة"(رقم: 920).
من طريق: الأوزاعي، حدثني الزهري، عن عروة، قال: قلت لعبد الله بن عمر: .. فذكر نحوه.
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه الفريابي في "صفة النفاق"(رقم: 64) والبيهقي (8/ 165) والفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 376 - 377).
من طريق: ابن شهاب الزهري، حدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت، عن عروة بن الزبير به.
وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة حال عبد الله بن خارجة.
لكن هو صحيح بما قبله، والزهري مشهور بروايته عن عروة، فجائز أن يكون رواه عن عبد الله بن خارجة، ثم رواه عن عروة، وقد رواه عن خارجة بن زيد أبي عبد الله بن خارجة.
أخرجه أبو نعيم في "صفة النفاق"(رقم: 95) من طريق: الأوزاعي، حدثني الزهري، حدثني خارجة بن زيد بن ثابت، عن عروة به.
وأخرجه أبو نعيم (رقم: 96) والخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(رقم: 300). من طريق: الحسن بن قزعة، ثنا مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، قال: قلنا لابن عمر. فذكره.
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه أحمد في "المسند"(2/ 105) أو رقم: (5829 - شاكر) والنسائي في "الكبرى"(5/ 231/ 8759) وابن ماجه (3975) وأبو نعيم في "صفة النفاق"(97) وابن أبي الدنيا في "الصمت"(رقم: 279 - الحويني) وفي "ذم الغيبة"(رقم: 142) وابن أبي شيبة -كما في "الفتح"(13/ 182) - وابن عساكر في "جزء ذم ذي الوجهين واللسانين"(رقم: 10) والأصبهاني التيمي في "الترغيب والترهيب"(1/ 109 - 110 - ط شعبان) وابن بطة في "الإبانة"(رقم: 922).
من طريق: يعلى بن عبيد الطنافسي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي الشعثاء، قال: قلنا لابن عمر: .. فذكره بنحوه.
وصحّح إسناده العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تحقيقه على "المسند".
وأخرجه أحمد (2/ 69) أو رقم (5373 - شاكر) من طريق: يزيد بن الهاد، عن محمد بن عبد الله، أنه حدّثه: أن عبد الله بن عمر .. فذكره مطولاً.
وصحّح إسناده العلامة أحمد شاكر،
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت"(278) وفي "ذم الغيبة" وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"(2/ رقم: 681) وابن أبي زمنين في "أصول السنة"(رقم: 168) وعبد الرحمن الأصبهاني في "الإيمان" كما في "الفتح"(13/ 182).
من طريق: أبي إسحاق السبيعي، عن عريب الهمداني، قال: قلت لابن عمر: .. فذكره. وإسناده ضعيف.
خلاصة الكلام أن الأثر صحيح جداً، والحمد لله، وله طرق كثيرة عن ابن عمر رضي الله عنه.
* * *
285 -
قال الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، قال: قال لي عمر: "يا أبا أمية؛ إني لا أدري لعلّي أن لا ألقاك بعد عامي هذا؛ فاسْمَعْ وأَطِعْ - وإن أُمِّرَ عليك عبدٌ حبَشِيٌّ مجدع، إن ضَرَبَكَ فاصْبِرْ، وإن حَرَمَكَ فاصْبِرْ، وإن أرادَ أمراً ينتقِصُ دينَكَ؛ فقل: سمعٌ وطاعة، دمي دون ديني،
فلا تفارق الجماعة".
أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(6/ 548/ 33700 - العلمية) وابن أبي زمنين في "أصول السنة"(رقم: 205) والبيهقي في "الكبرى"(8/ 159) والخلال في "السنة"(رقم: 54).
من طريق: سفيان به.
وإسناده صحيح.
* * *
286 -
عن مصعب بن سعد، أنه قال:"لا تُجالِسْ مَفْتُوناً؛ فإنه لن يُخْطِئَكَ منه إحدى خِصْلَتَيْنِ: إما أن يُفْتِنَكَ فتُتَابِعه، أو يُؤْذِيَكَ قبل أن نُفَارِقَهُ".
أخرجه البيهقي في "الإعتقاد"(ص 320 - ط أبي العينين) وابن بطة في "الابانة"(رقم: 393، 433).
من طريق: سفيان بن دينار، قال: سمعت مصعب بن سعد يقول: فذكره.
ورواه عن سفيان؛ يعلى بن عبيد، وابن المبارك.
فالأثر صحيح.
* * *
287 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:"إن أهل مكة سألوا نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم أن يُرِيَهُم آية؛ فأراهم انشِقَاق القمر مرَّتين".
أخرجه البخاري (3637، 3868، 4867، 4868) ومسلم (2802) وأحمد (3/ 165، 257، 220، 275) أو رقم (12711 - قرطبة، وانظر أطرافه هناك) وابنه عبد الله في زوائد "المسند"(3/ 278) والنسائي في "الكبرى"(6/ 476/ 11554) والترمذي (3286) والطيالسي (1960) وابن جرير الطبري في "تفسيره"(27/ 50) والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 262 - 263) وفي "الإعتقاد"(ص 359) وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند"(رقم: 1185) والطحاوي في "مشكل الآثار"(1/ 303) وأبو يعلى في "مسنده"(رقم: 2929، 2930، 3113، 3141، 3187، 3254) واللالكائي في "شرح الأصول"(رقم:1461 - 1463) وغيرهم.
وزاد بعضهم قول الله عز وجل: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} الآية. واقتصر بعضهم على حكاية الإنشقاق.
* * *
288 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "انشقَّ القمرُ بمكةَ حتى صار فرقتين، فقال كفار أهل مكة: هدا سِحْرٌ سحَركم به ابن أبي كبشة! انظروا السّفار؛ فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق، وإن كانوا لم يروا ما رأيتم؛ فهو سحر سحركم به.
قال: فسُئِلَ السّفار؛ وقدموا من كل وَجْهٍ، فقالوا: رأينا".
أخرجه الطيالسي في "مسنده"(295) والبيهقي في "الدلائل"(2/ 266) وفي "الإعتقاد"(ص 359 - 365) وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(ص 235 - 236) واللالكائي في "شرح الأصول"(رقم: 160).
من طريق: مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله به.
وهذا إسناد صحيح.
وأصله في الصحيحين مختصراً.
* * *
289 -
قال الإمام الحافظ أبو محمد الدارمي رحمه الله: حدثنا عمرو بن محون، عن خالد بن عبد الله، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، في قوله تعالى:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]. قال: "يأتي أهلَهُ كيف شاء؛ هي قائماً، أو قاعداً، وبين يديها، ومن خَلْفِهَا".
أخرجه الدارمي في "مسنده" -أو سننه- (1/ 731/ 1173 - الداراني) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(4/ 229) أو (3/ 509/ 16658 - العلمية) من طريق: خالد الحذاء به.
وإسناده صحيح.
290 -
وقال الدارمي: حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج، حدثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن يزيد بن الوليد، عن إبراهيم - في قوله تعالى:{فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} [البقرة: 222]. قال: "في الفَرْجِ".
أخرجه الدارمي (1/ 731/ 1174) وابن أبي شيبة (4/ 232) أو (3/ 510/ 16673 - العلمية). من طريق ابن إدريس به.
وهذا إسناد صحيح.
* * *
291 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار، شَرِبُوا حتى إذا نَهِلُوا؛ عَبَثَ بعضُهم ببعضِ، فلما صَحَوْا؛ جعل الرجلُ يرى الأثر برأسه وبوجهه وبلحيته، فيقول: قد فعل بي هذا أخي! - وكانوا إخوةَ ليس في قلوبهم ضَغَائِنُ-، والله لو كان بي رؤوفاً رحيماً ما فعل بي هذا. فوقعت في قلوبهم الضَّغَائِنُ، فأنزل اللهُ عز وجل:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 95 - 91].
فقال ناسٌ: هي رجس! وهي في بَطْنِ فلان قُتِلَ يومَ بدر! وفلان قتل يوم أحد!
فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة: 93].
حسن. أخرجه النسائي في "الكبرى"(6/ 337/ 11151) والطبري في "تفسيره"(7/ 23) والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ رقم: 12459) والحاكم في "المستدرك"(4/ 141 - 142) والبيهقي في "السنن"(8/ 285 - 286).
من طريق: ربيعة بن كلثوم، عن أبيه كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.
وهذا إسناد حسن، ربيعةُ بن كلثوم وأبوه كلثوم بن جبر، فيهما كلام يسير، وهما حسنا الحديث إن شاء الله.
ووقع في مطبوعة المستدرك: كلثوم بن جبير؛ فليصحح.
والأثر أورده العلامة مقبل بن هادي الوادعي في "الصحيح المسند من أسباب النزول"(ص 100 - 101) مصححاً له.
* * *
292 -
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه كان يكري أرض آل عمر، فسأل رافع بن خديج؛ فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض. فترك ذلك ابن عمر.
وفي رواية: "كُنَّا نُخَابر، ولا نرى بذلك بأساً؛ حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها، فتركناها من أجل ذلك".
أخرجه البخاري (2343، 2344) ومسلم (1547/ 109، 110، 111) والنسائي في "المجتبى"(7/ 46، 47) أو رقم (3920، 3921، 2922، 2923، 2924 - المعرفة) وفي "الكبرى"(3/ 102، 103/ 4645، 4641، 4642، 4643، 4644) وابن ماجه (2453) أو (2498 - ط الشيخ علي الحلبي) وأحمد (3/ 465 و 4/ 140) أو رقم (15860، 17304 - قرطبة) والحازمي في "الإعتبار"(ص 172 - حمص) أو (رقم: 271) والبيهقي (6/ 130) والخطيب في "تاريخه"(1/ 357) وفي "الفقيه والمتفقه"(1/ 368/ 367)، وغيرهم.
من طرق؛ عن نافع، عن ابن عمر به.
وله ألفاظ متعددة.
وأخرجه البخاري (2345) ومسلم (1547/ 112) وأحمد (3/ 465) أو رقم (15868 - قرطبة) وأبو داود (3394) والنسائي في "الكبرى"(3/ 100/ 4633) وفي "المجتبى"(7/ 44 - 45) أو رقم (3913 - المعرفة) والبيهقي (6/ 129) والطحاوي (2/ 256) والحازمي في "الإعتبار في الناسخ والمنسوخ"(ص 172 - حمص) أو رقم (270 - ابن حزم).
من طريق: ابن شهاب الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه به.
ولفظه: "أن عبد الله بن عمر كان يكري أرضه، حتى بلغه أن رافع بن خديج الأنصاري كان ينهى عن كراء الأرض، فلقيه عبد الله، فقال: يا ابن خديج! ماذا
تحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كراء الأرض؟ قال رافع: سمعتُ عمَّيَّ - وكانا قد شهدا بدراً- يحدثان أهل الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض.
قال عبد الله: لقد كنت أعلم في عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم أن الأرض تكرى.
ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدَثَ في ذلك شيئاً لم يكن علِمَهُ فترك كراء الأرض".
وفات الشيخ الألباني رحمه الله في "الإرواء"(5/ 298) عزوه للبخاري.
والرواية الثانية المذكورة؛ أخرجها مسلم (1547/ 106) وأحمد (1/ 234 و 2/ 11 و 3/ 465 و 4/ 142) أو رقم (2087، 2086، 4586 - شاكر) و (15867، 17328 - قرطبة) والنسائي في "الكبرى"(3/ 103، 104/ 4646، 4647، 4648) وفي "المجتبى"(7/ 48) أو رقم (3926 - 3928 - المعرفة) والطيالسي (رقم: 965) والشافعي في "الرسالة"(ص 445/ رقم: 1225) والحميدي في "مسنده"(1/ 198/ 405) وابن عبد البر في "التمهيد"(3/ 42 - ط المغرب).
من طرق؛ عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر به.
وللأثر طرق أخرى، انظرها في "الإرواء" (رقم: 1478).
فقه الأثر:
فيه النهي عن كراء الأرض، وعن المخابرة.
وكراء الأرض: استئجارها. وصورة النهي في كراء الأرض: هو استئجارها مقابل الثلث أو الربع أو النصف .. وهكذا.
أما كراء الأرض بأجرة معلومة؛ فجائز، ودليله حديث رافع بن خَدِيج نفسه؛ فعن حنظلة بن قيس رضي الله عنهما، قال: سألتُ رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والفضة. فقال: لا بأس به؛ إنما كانوا يُؤَاجِرُون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم -على الماذِيانات، وأقبال الجداول، وأشياءَ من الزرع؛ فيهلك هذا، ويَسْلَمُ هذا، ويسلم هذا، ويهلَكُ هذا، ولم يكن للناس كراءٌ إلا هذا؛ فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم مضمون؛ فلا بأس به". رواه مسلم (1547) وغيره، وأصله عند البخاري (2347).
قال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" (ص 46/ الجزء الثاني/ رقم: 907 -
ط الزهيري): (وفيه بيانٌ لما أُجْمِلَ في المتَّفَقِ عليه من إطلاق النهي عن كراء الأرض".
وبوب البخاري رحمه الله في "صحيحه": (باب: كراء الأرض بالذهب والفضة).
قال الحافظ في "الفتح"(5/ 31): (كأنه أراد الإشارة إلى أن النهي الوارد عن كراء الأرض محمول على إذا ما أكريت بشيء مجهول - وهو قول الجمهور، أو بشيء مما يخرج منها ولو كان معلوماً، وليس المراد النهي عن كرائها بالذهب والفضة".
وانظر بقية كلامه في حكاية الخلاف في المسألة، وكلام الحازمي في "الإعتبار"(ص 170 - 174 - حمص) أو (2/ 610 - وما بعدها، ط ابن حزم) وغيرهما من كتب الفقه.
والمخابرة: هي مزارعة الأرض بجزء مما يخرج منها كالثلث أو الربع، أو بجزء معين من الخارج منها.
وفيه: وجوب الأخذ بخبر الواحد إن أتى بدليل، فهذا ابن عمر رضي الله عنه أخذ بخبر رافع لما أخبره بالنهي المذكور.
وفيه: ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورضي عنهم- من الرجوع إلى الحق، وعدم الإعتداد برأي إن خالف الدليل.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في "الرسالة"(ص 445/ رقم: 1226): "فإن ابن عمر قد كان ينتفع بالمخابرة ويراها حلالاً، ولم يتوسَّع؛ إذا أخبره واحدٌ لا يتهمه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عنها- أن يُخابر بعد خبره، ولا يستعمل رأيه مع ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يقول: ما عاب هذا علينا أحد، ونحن نعمل به إلى اليوم! ".
* * *
293 -
وعن طاوس، قال: كنتُ مع ابن عباس إذ قال له زيد بن ثابت: "أَتُفْتِي أن تَصْدُرَ الحائضُ قبل أن يكون آخرُ عهدها بالبيت"؟
فقال له ابن عباس: "إمَّالَى! فَاسْأَلْ فلانة الأنصارية؛ هل أمرها بدلك النبيُّ"؟
فرجع زيدُ بن ثابت يضحك، وبقول:"ما أراكَ إلَّا قد صَدَقْتَ".
أخرجه مسلم (1328/ 381) وأحمد (1/ 226، 348) أو رقم (1990، 3256 - شاكر) والشافعي في "الرسالة"(ص 439 - 441/ رقم: 1216) وفي "الأم"(2/ 181) وفي "المسند"(1/ 132 - العلمية) والبيهقي في "الكبرى"(5/ 163) والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(1/ 367/ 366).
من طريق: ابن جريج، أخبرني الحسن بن مسلم، عن طاوس به.
قال الشافعي رحمه الله في "الرسالة"(ص 441 - 442/ رقم: 1217): "سمع زيدٌ النهي أن يصدر أحد من الحج حتى يكون آخر عهده بالبيت، وكانت الحائض عنده من الحاج الداخلين في ذلك النهي، فلما أفتاها ابن عباس بالصَّدْر إذا كانت قد زارت بعد النحر - أنكر عليه زيدٌ، فلما أخبره عن المرأة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك، فسألها فأخبرته؛ فصدَّق المرأة، ورأى عليه حقاً أن يرجع عن خلاف ابن عباس، وما لابن عباس حجة غيرُ خبر المرأة" اهـ.
* * *
294 -
وعن سفيان الثوري رحمه الله، أنه قال:"ليس بعاقلٍ من لم يعدّ البلاء نعمةً، والرَّخاءَ مصيبة".
أخرجه ابن المبارك في "الزهد"- زوائد نعيم- (ص 25) وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 55 و 8/ 242) والدينوري في "المجالسة"(1/ 420 - 421/ 118).
من طرق؛ عن سفيان به.
* * *
295 -
عن سعيد بن المسيّب رحمه الله قال: "الأوَّاب: الذي يُذْنِبُ ثم يتوبُ، ثم يذنبُ ثم يتوبُ، ثم يذنب ثم يتوب".
صحيح. أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 376) وابن جرير الطبري
في "تفسيره"(15/ 70) وابن المبارك في "الزهد"(رقم: 1094) وهناد في "الزهد"(رقم: 906) وأبو نعيم في "الحلية"(2/ 165) وابن عساكر في "التوبة"(رقم: 14).
من طريق: يحيى بن سعيد، عن سعيد به.
* * *
296 -
عن ابن عباس رضي الله عنه في قول الله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77]. قال: "مكثَ ألف عامٍ، ثم قال: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} ".
صحيح. أخرجه الطبري في "تفسيره"(25/ 59) وعبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 2/ 202) وأسد بن موسى في "الزهد"(رقم: 4) وابن أبي الدنيا في "صفة النار"(رقم: 85 - ابن حزم).
من طريق: عطاء بن السائب، عن أبي الحسن، عن ابن عباس به.
وهذا إسناد جيد.
وأخرجه الحاكم (2/ 448) ومن طريقه البيهقي في "البعث والنشور"(رقم: 588) من طريق: قبيصة، ثنا سفيان، عن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس به.
* * *
297 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال في قول الله تعالى:{زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: 88]، قال:"عقاربُ أنيابها كالنَّخْلِ الطِّوَالِ".
صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(13/ 158 - 159) أو (7/ 74/ 34127 - العلمية) وعبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 2/ 362) وأسد بن موسى في "الزهد"(رقم: 26) وهناد في "الزهد"(رقم: 260) وأبو يعلى في "مسنده"(5/ 65 - 66/ 2659) والطبري في "تفسيره"(14/ 160 - 161) والحاكم (2/ 355 - 356 و 4/ 593 - 594) والبيهقي في "البعث والنشور"(رقم: 560) وابن أبي الدنيا في "صفة النار"(رقم: 93) والطبراني في "المعجم الكبير"(9/ رقم: 9105،9104).
من طريق: الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله به.
وهذا إسناد صحيح. وقد رواه عن الأعمش غير واحد؛ منهم شعبة، فانتفى التدليس.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9/ رقم: 9103) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله به.
* * *
298 -
وعن مجاهد بن جبر، أنه قال: "يُلقَى الجرَبُ على أهل النار، فيحكُّون حتى يبدو العظم، فيقولون: بمَ أصابنا هذا؟!
فيقال: بأذاكم المؤمنين".
صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(13/ 161/ 15990 - الهند) أو (7/ 75/ 34132 - العلمية) وأسد بن موسى في "الزهد"(رقم: 39) وهناد في "الزهد"(278) وابن أبي الدنيا في "صفة النار"(رقم: 124).
من طريق: أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد به. وإسناده صحيح.
* * *
299 -
عن طارق بن شهاب، قال: عادَ خبابَ بن الأرتّ بقايا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أبشِرْ أبا عبد الله؛ إخوانك تَقْدُمُ عليهم غداً. فبكى، فقال:"أما إنني ليس بجزع، ولكنكم ذكرتموني أقواماً، وسمَّيتموهم لي إخواناً، وإن أولئك قد مَضَوْا بأجورهم كما هي، وأخافُ أن يكون ثواب ما تذكرون من تلك الأعمال ما أوتينا من بعدهم".
صحيح. أخرجه الحميدي في "مسنده"(1/ 86/ 158) وابن سعد فى "الطبقات"(3/ 124) وابن المبارك في "الزهد"(رقم: 522) وأبو داود في "الزهد"(رقم: 274) والطبراني في "الكبير"(4/ رقم: 3616) والبيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 384/ 10674) وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 145 - 146). من طريق: مسعر، ثنا قيس بن مسلم، عن طارق به.
وهذا إسناد صحيح.
300 -
عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: "اعبد اللهَ كأنك ترَاهُ، وعُدَّ نفسَكَ مع الموتى، وإيَّاكَ ودعوة المظلوم، واعلم أن قليلاً يكفِيكَ خيرٌ من كثيرٍ يُلْهِيكَ.
واعلم أنَّ البِرَّ لا يَبْلَى، وأن الإثمَ لا ينسى".
صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(8/ 167) أو (7/ 127 - 128/ 34569 - العلمية) وأبو داود في "الزهد"(رقم: 240) ووكيع في "الزهد"(رقم: 13) وابن المبارك في "الزهد"(رقم: 1155 - زوائد المروزي) وأحمد في "الزهد"(رقم: 716 - الكتاب العربي) أو (2/ 56 - ط دار النهضة) وهناد في "الزهد"(رقم: 508) والبيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 381 - 382/ 10664) وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 211 - 212) وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(13/ 761 - 762).
من طرق؛ عن عبد الله بن مرة، عن أبي الدرداء به.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 382/ 10665) وابن عساكر (13/ 762) من طريق: أبي وائل، عن أبي الدرداء به.
وأخرجه ابن المبارك (1551) وابن أبي حاتم في "الزهد"(رقم: 20 - دار أطلس) وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(13/ 762) والخطيب البغدادي في "اقتضاء العلم العمل"(رقم: 18).
من طريق: يزيد بن إبراهيم، عن الحسن البصري، عن أبي الدرداء به.
والحسن لم يلقَ أبا الدرداء.
* * *
301 -
قال سفيان الثوري رحمه الله: "إنما الذينِ بالآثار، إنما الذينُ بالآثار، إنما الدِّينُ بالآثار".
صحيح. أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(1/ 782/ 1458 و 2/ 1049/ 2022) وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 367) و (7/ 57) والبيهقي في "المدخل إلى السنن"(1/ 214 - 215/ 235 - أضواء السلف) والهروي في "ذم الكلام"(2/ 264/ 334).
من طريق: محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، عن أبيه، قال: سمعتُ عبد الله بن المبارك يقول: سمعتُ سفيان الثوري يقول: فذكره.
ولفظه عند البيهقي وأبي نعيم: "إنما العلم كله العلم بالآثار".
وهذا إسناد صحيح؛ محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة وأبوه ثقتان.
وأخرجه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(ص 34 - 35/ رقم: 3 - ط عالم الكتب، بيروت) من طريق: عبد الله بن وهب الدينوري، ثنا زيد بن أخزم، ثنا أبو داود الطيالسي، قال: قال سفيان: فذكره.
وهذا إشاد ضعيف جدًا؛ لأجل عبد الله بن وهب الدينوري، قال الدارقطني:"متروك".
لكنه صحيح بما قبله.
ويستغرب من قول الشيخ عمرو بن عبد المنعم سليم من قوله في تعليقه على طبعته من كتاب "شرف أصحاب الحديث"(ص 24 - مكتبة ابن تيمية) عن إسناد ابن عبد البر: "وفيه من لم أعرف"!
* * *
302 -
وعن محمد بن سيرين -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- قال: "كانوا يَرَوْنَ أنه على الطَّرِيق ما دَامَ علي الأثَرِ".
صحيح. أخرجه الدارمي في "مسنده" -أو سننه- (1/ 251/ 142، 143 - الداراني) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1049/ 2019، 2525) واللالكلائي في "شرح أصول الإعتقاد"(رقم: 109، 110) والبيهقي في "المدخل"(1/ 211 - 212/ 230).
من طرق؛ عن ابن عون، عن ابن سيرين به.
وأخرجه البيهقي في "المدخل"(رقم: 220) من طريق: محمد بن سليمان بن حبيب، ثنا أزهر، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن ابن عمر من قوله به:"لا يزال الناس على الطريق ما اتبعوا الأثر".
3531 -
وعن عبد الله بن المبارك رحمه الله، قال:"ليكنُ الذي تَعْتَمِدُ علبه هو الأثر، وخُذْ من الرأي ما يُفَسِّرُ لك الحديث".
صحيح. أخرجه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(2/ 346/ 1573) وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 165) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1050/ 2523) والبيهقي في "المدخل"(رقم: 240). من طرق؛ عن عبدان بن عثمان، عن عبد الله بن المبارك به.
* * *
304 -
وقال أيضًا: "إن ابْتُلِيتَ بالقضاء؛ فعليك بالأثر".
صحيح. أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(8/ 166) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1049/ 2021).
من طريق: علي بن حسن بن شقيق، قال: سمعتُ عبد الله بن المبارك، يقول: .. فذكره.
* * *
305 -
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال:"إذا جَامَعَ المُعْتَكِفُ بطلَ اعتكافُه؛ واسْتَأْنَفَ".
صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 338/ 9680 - العلمية) وعبد الرزاق في "مصنفه"(4/ 363) وحرب في "مسائلة" -كما في "الفروع" لابن مفلح (3/ 191).
من طريق: وكيع، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس به.
وهذا إسناد صحيح؛ كما قال ابن مفلح، والألباني في "إرواء الغليل"(4/ 148/ 976).
* * *
306 -
عن مالك بن أنس رحمه الله، قال: "كُلَّما جاءنا رجلٌ أَجْدَل من
رجُلٍ؛ تَرَكْنَا ما نزل به جبربلُ على محمد صلى الله عليه وسلم لجَدَلِهِ"؟!
صحيح. أخرجه اللالكائي في "شرح أصول الإعتقاد"(رقم: 293) والخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(رقم: 1) والهروي في "ذم الكلام"(4/ 113/ 869، 870 - ط الغرباء) والذهبي في "سير أعلام النبلاء"(8/ 99).
من طرق؛ عن إسحاق بن عيسى، قال: سمعتُ مالكًا يقول: .. فذكره.
* * *
307 -
قال الإمام الطحاوي رحمه الله: حدثنا محمد بن خزيمة، حدثنا مُعَلَّى بن أسد العَمِّي، ثنا عبد العزيز بن المختار ين عبد الله الداناج، قال:"شهدتُ أبا سَلَمة ابن عبد الرحمن جلسَ في مسجدٍ في زمن خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد. قال: فجاء الحسن فجلس إليه فتحدَّثا، فقال أبو سلمة: "حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إن الشمسَ والقمرَ يُكَوَّرانِ في النار يومَ القيامة".
قال: فقال الحسن: ما ذنبهما؟!
فقال: إنما أُحدِّثُكَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". فسكتَ الحسنُ.
صحيح. أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(1/ 66 - 67) وصالح ابن الإمام أحمد في "مسائل أبيه"(ص 132/ رقم: 491 - ط دار الوطن) وابن بطة في "الإبانة"(رقم: 70) والبيهقي في "البعث والنشور"، والبزار والإسماعيلي والخطابي - كما في "الفتح"(6/ 346) تحت الحديث رقم (3200).
كلهم من طريق: يونس بن محمد، حدثنا عبد العزيز بن المختار به.
عدا الطحاوي وابن بطة؛ فمن طريق: معلَّى بن أسد به.
قال الشيخ الألباني عن الطريق الأولى: "وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجه في "صحيحه" -مختصرًا-
…
وليس عنده قصة أبي سلمة مع الحسن وهي صحيحة" اهـ. "الصحيحة" (رقم: 124).
فقه الأثر:
قال العلامة الألباني في "الصحيحة"(1/ 244 - 245):
"وليس المراد من الحديث ما تبادر إلى ذهن الحسن البصري؛ أن الشمس والقمر في النار يُعَذَّبان ميها عقوبة لهما؛ كلَّا! فإن الله عز وجل لا يُعذِّب من أطاعه من. خلقه، ومن ذلك الشمس والقمر؛ كما يشير إليه قول الله تبارك وتعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج: 18]، فأخبر تعالى أن عذابه إنما يحق على غير من كان يسجد له تعالى في الدنيا؛ كلما قال الطحاوي، وعليه؛ فإلقاؤهما في النار يحتمل أمرين:
الأول: أنهما من وقود النار؛ قال الإسماعيلي: "لا يلزم من جعلهما في النار تعذيبهما؛ فإن لله في النار ملائكة وحجارة وغيرها؛ لتكون لأهل النار عذابًا، وآلة من آلات العذاب، وما شاء الله من ذلك؛ فلا تكون هي معذبة".
الثاني: أنهما يلقيان فيها تبكيتًا لعُبَّادِهما. قال الخطابي: "ليس المراد بكونهما في النار تعذيبهما بذلك، ولكنه تبكيتٌ لمن كان يعبدهما في الدنيا؛ ليعلموا أن عبادتهم لهما كانت باطلة".
* * *
308 -
قال الإمام الحافظ أبو عبد الرحمن النسائي: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، قال: حدثني أبو زميل، قال: حدثني عبد الله بن عباس، قال:
"لمَّا خرجَت الحرورية اعتزلوا فيٍ دارِ، وكانوا ستة آلاف، فقلتُ لعليٍّ: يا أمير المؤمنين؛ أَبْرِدْ بالصلاة؛ لعلِّي أُكَلِّمُ هؤلاء القوم".
قال: "إني أخافهم عليك".
قلتُ: "كلَّا". فلبستُ وترَجَّلْتُ، ودخلتُ عليهم في دارِ، نصفَ النهار -وهم قائلون- فقالوا: مرحبًا بك يا ابن عباس! فما جاء بك؟!
قلت لهم: "أتيتُكم من عند أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم -
المهاجرين والأنصار، ومن عند ابن عمِّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصهره- وعليهم نزل القرآن، فهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد؛ لأبلِّغكم ما يقولون، وأبلغهم ما تقولون".
فانتحى إليَّ نَفَرٌ منهم.
قلتُ: "هاتوا ما نَقَمْتُمْ على أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، وابن عمّه".
قالوا: ثلاث.
قلتُ: "ما هُنَّ".
قالوا: أما إحداهنَّ: فإنه حَكَّمَ الرجالَ في أمر الله، وقال الله:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} (1). ما شأن الرجال والحكم؟!
قلتُ: "هذه واحدة".
قالوا: وأما الثانية: فإنه قَاتَلَ ولم يَسْبِ ولم يَغْنَمْ؛ إن كانوا كُفَّارًا لقد حَلَّ سَبْيُهُم، ولئن كانوا مؤمنين ما حلَّ سَبْيُهُم ولا قتالُهم.
قلتُ: "هذه ثِنْتَان؛ فما الثالثة"؟
قالوا: محَى عن نفسه (من أمير المؤمنين)؛ فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين!!
قلتُ: "هل عندكم شيء غير هذا"؟
قالوا: حسبنا هذا.
قلتُ لهم: "أرأيتكم إن قرأتُ عليكم من كتاب الله جلَّ ثناؤه، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ما يردُّ قولكم؛ أترجعون"؟
قالوا: نعم.
(1) سورة يوسف: 40، 67.
قلتُ: "أما قولُكم: حَكمَ الرجالَ في أمر الله؛ فإني أقرأُ عليكم في كتاب الله أَنْ قد صَيَّرَ اللهُ حُكمَهُ إلى الرجال في ثمن ربع درهم، فأَمَرَ اللهُ تبارك وتعالى أن يَحْكُمُوا فيه؛ أرأيتَ قولَ الله تبارك وتعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (1) وكان من حُكِمْ الله أن صَيَّرَهُ إلى الرجال يَحْكُمُونَ فيه، ولو شاء لحَكمَ فيه، فجاز من حكم الرجال.
أنشدكم بالله؛ أَحُكم الرجالِ في صلاح ذاتِ البَيْنِ وحَقْن دمائهم أفضل أو في أرنب"؟!
قالوا: بلى؛ بل هدا أفضل.
"وفي المرأة وزوجها: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (2) فنشدنكم بالله؛ حكم الرجال في صَلاحَ ذات بينهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة؟! خرجتَ من هذه"؟
قالوا: نعم.
قلتُ: "وأما قولُكم: قاتَلَ ولم يَسْبِ ولم يَغْنَمْ؛ أَفَتَسْبُونَ أُمَّكُم عائشة؛ تَستَحِلُّون منها ما تستحِلُّون من غيرها وهي أمُّكم؟! فإن قُلْتُم: إنا نَستَحِلُّ منها ما نستحِلُّ من غيرها؛ فقد كفرتُم. وإن قلتمُ: ليستْ بأُمِّنَا؛ فقد كفرتُم، لأن الله تعالى يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (3) فأنتم بين ضلالتين؛ فَأْتُوا منها بمخرج. أفخرجْتَ من هذه"؟
قالوا: نعم.
"وأما محي نفسه أمير المؤمنين؛ فأنا آتيكم بما ترضون؛ إن نبيَّ الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية صَالَحَ المشركين، فقال لعليٍّ:
(1) سورة المائدة: 95.
(2)
سورة النساء: 35.
(3)
سورة الأحزاب: 6.
"اكتُبْ يا عليّ: هذا ما صَالَحَ عليه محمد رسول الله". قالوا: لو نعلمُ أنك رسولُ الله ما قاتلناك!
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "امحُ يا عليّ، اللهم إنك تعلمُ أني رسول الله، امحُ يا علي واكتب: هدا ما صَالَحَ عليه محمد بن عبد الله".
واللهِ لرسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم خيرٌ من عليّ، وقد محى عن نفسه، ولم يكن مَحْوُه نفسه ذلك محاه من النبوة، أخَرَجْتَ من هذه"؟
قالوا: نعم.
فرجَعَ منهم ألفان، وخَرَجَ سائرهم، فقُتلوا على ضلالتهم، فقتلهم المهاجرون والأنصار".
حسن. أخرجه: النسائي في "السنن الكبرى"(5/ 165 - 167/ 8575) أو (رقم: 190) من "الخصائص" وأحمد في "المسند"(1/ 342) أو رقم (3187 - شاكر) -مختصرًا- وأبو داود (4037) - مختصرًا، وليس عنده هذا السياق- وعبد الرزاق في "المصنف" (10/ 157/ 18678) والحاكم (2/ 150) و (4/ 182) والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 179) والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ رقم: 15098) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 962/ 1834) وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 318 - 320) والفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 522 - 524) والخوارزمي في "المناقب"(244) وأبو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال"(رقم: 444) وابن الجوزي في "تلبيس إبليس"(ص 91 - 93) والمعافى النهرواني في "الجليس الصالح"(1/ 558 - 560 - عالم الكتب).
من طريقين عن عكرمة بن عمار به:
1 -
عبد الرحمن بن مهدي عنه به.
2 -
عمر بن يونس اليمامي عنه به.
وصحَّح إسناده المحدث أحمد شاكر في تحقيقه علي "المسند"(5/ 67 / 3187)، وحسَّن إسناده المحدث الألباني في "صحيح سنن أبي داود" رقم (3406).
والتحسين هو الأقرب؛ للكلام الذي في عكرمة بن عمار -وهو كلام يسير لا يضر- لذا قال الحافظ ابن حجر في "التقريب": "صدوق يغلط".
ومن العلماء والحفاظ من أطلق القول بتوثيقه -وهم كُثر- والله تعالى أعلم.
فقه الأثر:
في هذا الأئر العظيم فوائد ومعانٍ كثيرة وجليلة، منها:
1 -
الحرص على الجماعة وعدم الإعتزال عنها، إذ الإعتزال عن جماعة المسلمين من علامات الخوارج كما تقدم من سِمَةِ هؤلاء الخوارج بأنهم اعتزلوا في دارٍ وكانوا ستة آلاف.
2 -
أنه لا يناظر المخالف أو المبتاع أو الضال إلا رجل عالم متمكن، فإن لم يكن أهلًا ولا عالمًا بشبهات المخالفين، ومتمسكًا بالطريق المستقيم، ضابطًا للعلوم وأصولها .. ؛ فلا يناظر.
فأنت ترى أن عبد الله بن عباس وهو حبر الأمة، ومن أبرز فقهاء الصحابة وعلمائهم، قد خاف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه من الخوارج.
ويحتمل الخوف أن يكون هنا: إما لإلحاق الضرر به من قتل أو حبسٍ أو غيرهما.
أو لاحتمال عدم تمكن ابن عباس من مناظرتهم لأجل شبهاتهم، أو أن أمير المؤمنين خاف عليه أن تعلق شبهة من شبه القوم في قلبه .. وكل هذا جائز، والله أعلم بالصواب.
3 -
رأيتَ كيف أن الخوارج الحرورية لم يسلّموا على ابن عباس؛ إنما قالوا: "مرحبًا بك يا ابن عباس"! وهذا من سماتهم -أنهم يحكمون على من خالفهم بالكفر- مهما كانت منزلته، فيعاملونه معاملة الكافر، وعلى هذا جماعات التكفير والهجرة في عصرنا، والله المستعان.
4 -
أن أي قوم أو فرقة أو مذهب أو طائفة لم تكن معتصمة بما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهي على ضلال وانحراف، أرأيت كيف احتج ابن عباس رضي الله عنه على الخوارج بأنهم ما كان فيهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحد.
5 -
أن الواجب على المتعلم أو العالم أو الإمام أن يرشد الضال والمنحرف، ويبين له ما خفي عليه بالدليل، فهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لما رأى أنه الخوارج تمسّكوا بشبه ظنوا أنها دين وحق، قارعهم بالحجة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأرشدهم إلى الصواب، وعلَّمهم كيف يستدلّون، لأن المخالف قد يظن أن القول الذي يعتقده هو محض الصواب؛ وخلافه باطل وداحض، فيحارب عليه، ويوالي ويعادي على ذلك، وهذا لأنه لم يفهم الكتاب والسنة على ما فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لهذا قدَّمَ عبدُ الله بن عباس بالمقدمة الآنفة الذكر واحتجَّ عليهم بأنه ليس من أحد من الصحابة بينهم، فكان هذا سبب انحرافهم وضلالهم وبعدهم عن الحق، وفي هذا تأصيلٌ منهجي عزيز، فعُضَّ عليه أيها السُّني وتمسَّك بعراه.
6 -
فيه أن المخالفين الأولين كانوا على جانب كبير من الأنصاف والأوبة للحق إذا بأن لهم، فقد رأيتَ كيف رجع مع ابن عباس ألفان، بعكس ما نراه من مخالفي زماننا من ركوب الرأس والتعنت، والصد عن الحق، والنكوص عنه، وعدم اتباع الدليل إذا بان ولاح، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا به.
هذا ما فتح الله به من ذكر بعض فوائد هذه المناظرة العظيمة، ولا شك أن فيها الدُّرَّ الثمين، والله نسأل أن يعلمنا ويفقهنا ويسدّدنا.
وانظر الذي بعده فإنه متعلق به.
* * *
309 -
قال الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: حدثنا إسحاق بن عيسى الطبَّاع، حدثني يحيى بن سُليم، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن عبيد الله بن عياض بن عمروٍ القاري، قال: جاء عبدُ الله بن شدَّاد، فدخل على عائشةَ، ونحن عندها جلوس، مَرْجعَهُ من العراق لَيَالِيَ قُتِلَ عليٌّ، فقالت له:"يا عبد الله بن شدَّاد؛ هل أنتَ صَادِقي عما أسالُكَ عنه؟ تحدّثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم عليّ"؟
قال: "وما لي لا أَصْدُقُكِ"!
قالت: "فحدِّثني عن قصّتهم".
قال: "فإنَّ عليًّا لمَّا كاتَبَ معاويةَ، وحكم الحكمان؛ خرجَ عليه ثمانيةُ آلاف من قُرَّاء الناس، فنزلو بأرض يُقَالُ لها: حَرُورَاء، من جانب الكوفة، وإنهم عَتَبُوا عليه؛ فقالوا: انسَلَخْتَ من قميص ألبَسَكَهُ اللهُ تعالى، واسم سَمَّاكَ الله تعالى به، ثم انطَلَقْتَ فَحَكَّمْتَ في دينِ الله، فلا حُكْم إلَّا لله تعالى! فلمَّا أَنْ بلغَ عليًّا ما عتبوا عليه وفارقوه عليه؛ فأمر مؤذّنًا، فأذَّن: أن لا يَدْخُلَ على أمير المؤمنين إلَّا رجلٌ قد حَمَلَ القرآن.
فلمَّا أنِ امتلأت الدَّارُ من قُرَّاءِ الناس؛ دَعَا بمصحفِ إمام عظيم، فوضَعَهُ بين يَدَيهِ، فجعلَ يَصُكُّهُ بيده، ويقول؟ أيها المصحف! حدِّثِ الناسَ"!
فناداه الناسُ؛ فقالوا: يا أمير المؤمنين؛ ما تسأل عنه؟! إنما هو مِدَادُ في ورقٍ! ونحن نتكَلَّمُ بما روينا منه؛ فماذا تريد؟
قال: "أصحابُكم هؤلاء الذين خرجوا؛ بيني وبينهم كتاب الله، يقولُ الله تعالى في كتابه؛ في امرأة ورجل:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} (1)، فأمّةُ محمد صلى الله عليه وآله وسلم أعظمُ دَمًا وحُرمةً من امرأةٍ ورجلٍ؟! ونقَمُوا عليَّ أَنْ كاتَبْتُ معاويةَ: كتبَ عليٌّ بن أبي طالب ..
وقد جاءنا سهيل بن عمرٍو ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحديبية حين صَالَحَ قومَه قريشًا، فكتبَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم.
فقال سهيل: لا تكتُبْ بسم الله الرحمن الرحيم.
فقال: "كيف نكتُب"؟! فقال: اكتب بِاسْمِكَ اللهمَّ.
فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فاكتُبْ: محمد رسول الله".
(1) سورة النساء: 35.
فقال: لو أعلمُ أنك رسول الله؛ لم أُخَالِقكَ.
فكتَبَ: هدا ما صَالَحَ محمد بن عبد الله قريشًا.
يقولُ اللهُ تعالى في كتابه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} (1).
فبعثَ إليهم عليٌّ عبدَ الله بن عباس، فخرجتُ معه، حتى إذا توسَّطْنَا عسكرهم؛ قام ابن الكوَّاء يخطبُ الناسَ، فقال: يا حملةَ القرآن؛ إن هذا عبدَ الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفُه فأنا أُعَرِّفُه من كتاب الله ما يعرفه به؛ هذا ممَّن نزلَ فيه وفي قومه:{قَوْمٌ خَصِمُونَ} (2)، فَرُدُّوهُ إلي صاحبه، ولا تُوَاضِعُوهُ كتابَ اللهِ.
فقام خطباؤهم، فقالوا: والله لنُوَاضِعَنَّهُ كتابَ الله؛ فإن جاء بحقٍّ نَعْرِفُهُ لنَتَّبِعَنَّهُ، وإن جاء بباطل لنُبَكِّتَنَّهُ بباطله.
فواضَعُوا عبدَ الله الكتابَ ثلاثةَ أيام، فرجع منهم أربعةُ آلاف؛ كلّهم تائب - فيهم ابن الكوَّاء- حتى أدخَلَهُم على عليٍّ الكوفةَ.
فبعثَ عليٌّ إلى بقيتهم، فقال: قد كان من أمرنا وأمر الناسِ ما قد رأيتُم، فقفوا حيث شئتم، حتى تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بيننا وبينكم أن لَّا تسفكوا دمًا حرامًا، أو تقطعوا سبيلًا، أو تَظلِمُوا ذِمَّةً؛ فإنكم إن فعلتُم؛ فقد نبذنا إليكم الحربَ على سواءٍ، إن الله لا يحب الخائنين".
فقالت له عائشةُ: "با ابن شدَّاد؛ فقد قتلهم"؟
نقال: والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيلَ، وسفكوا الدَّمَ، واستحلُّوا أهل الذِّمَّةَ.
فقالت: "الله"؟! قال: "آللهِ الذى لا اله إلا هو؛ لقد كان".
(1) سورة الأحزاب: 21.
(2)
سورة الزخرف: 58.
قالت: "فما شيءٌ بلَغَنِي عن أهل الذّمّةِ، يتحدّثونه؛ يقولون: ذو الثُّدَيّ، وذو الثُّدَيّ"؟
قال: قد رأيتُه وقمتُ مع عليّ عليه في القتلى، فدعا الناسَ، فقال:"أتعرفون هذا"؟
فما أكثر من جاء يقول: قد رأيتُه في مسجد بني فلان يصلّي، ورأيتُه في مسجد بني فلان يصلي، ولم يَأْتوا فيهِ بثَبْتٍ يُعْرَفُ إلا ذلك.
قالت: "فما قول عليّ حين قام عليه كما يزعم أهل العراق"؟
قال: سمعتُه يقول: "صَدَقَ اللهُ ورسولُه".
قالت: "هل سمعتَ منه أن قال غير ذلك"؟ قال: اللهمَّ لا.
قالت: "أجل؛ صدقَ اللهُ ورسولُه، يرحمُ اللهُ عليًّا؛ إن كان من كلامه لا يرى شيئًا يعجبُه إلا قال: صَدَقَ اللهُ ورسولُه؛ فيذهبُ أهلُ العراق يكذبون عليه في الحديث".
صحيح. أخرجه أحمد في "المسند"(1/ 86 - 87) أو رقم (656 - شاكر) وأبو يعلى في "مسنده"(1/ 367 - 370/ 474) والحاكم (2/ 151 - 153) والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 179 - 180).
مق طريق: يحيى بن سليم به.
وهذا إسناد صحيح، كما قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (7/ 281) والعلامة المحدث أحمد شاكر في تحقيقه على "المسند" والألباني في "الإرواء" (رقم: 2459).
* * *
310 -
عن الإمام التقي الورع عبد الله بن المبارك -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- أنه قال: "الإسنادُ عندي من الدين، ولولا الإسناد لقالَ من شاءَ ما شَاءَ".
أخرجه الإمام مسلم في مقدمة "صحيحه"(1/ 15) والترمذي في "العلل الصغير"(10/ 439 - تحفة الأحوذي) والحاكم في "معرفة علوم الحديث"
(ص 6) والخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(رقم: 74 - ط عالم الكتب ببيروت) وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(1/ 16) وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام وأهله"(4/ 214/ 1016 - ط الغرباء الأثرية) والسمعاني في "أدب الإملاء والإستملاء"(ص 6 - 7).
من طرق؛ عن عبدان، عن ابن المبارك به.
وأخرجه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(رقم: 73) من طريق: أبي بكر الطالقاني، عن ابن المبارك به، ولفظه:"الإسناد من الدين".
وإسناده حسن كما تجده في تحقيقي على الكتاب.
وللأستاذ عاصم القريوتي وفقه الله رسالة جميلة فى معنى هذا الأثر وأهميته ومنزلته في ديننا وشرعنا، فانظرها بوركت وهُدِيتَ للحق والطريق المستقيم.
* * *
311 -
وعنه رحمه الله أنه قال: "مَثَلُ الذي يَطلُبُ أَمْرَ دِينِهِ بلا إسنادِ، كمثل الذي يرتقي السَّطْحَ بلا سُلَّمِ".
أخرجه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(رقم: 75) والسمعاني في "أدب الإملاء والإستملاء"(ص 6).
من طريق: محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: سمعتُ أحمد بن نصر المقرئ يقول: سمعتُ إبراهيم بن معدان يقول: قال ابن المبارك: .. فذكره.
وإسناده جيد.
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام"(4/ 215/ 1017) من طريق أخرى.
وبوَّب الخطيب رحمه الله على هذا الأثر والذي قبله بقوله: "البيان أن الإسناد هي الطريق إلى معرفة أحكام الشريعة".
* * *
312 -
قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "من تَعَلَّمَ القرآنَ عَظُمَت قيمَتُهُ، ومن نَظَرَ في الفِقْهِ نَبُلَ مِقْدَارُهُ، ومن كتبَ الحديثَ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ، ومن نظَرَ في اللغة رقَّ قَلْبُهُ، ومن نظَرَ في الحسابِ
جزلَ رأيُهُ، ومن لم يَصُنْ نفسَهُ؛ لم ينفعه عِلْمُهُ".
صحيح. أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(7/ 276) وفي "شرف أصحاب الحديث"(رقم: 143 - ط عالم الكتب) وفي "الفقيه والمتفقه"(1/ 151/ 139 - ط ابن الجوزي) والبيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 281 - 282) وفي "المدخل إلى السنن"(رقم: 511) وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/ 123) وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام"(4/ 278 - 279/ 1122).
من طرق؛ عن المزني، عن الشافعي به.
* * *
- حبُّ أهل الحديث علامة أهل السنة، وبغضهم علامة أهل البدع:
313 -
عن قتيبة بن سعيد، أنه قال:"إذا رأيتَ الرجُلَ يُحِبُّ أهلَ الحديثِ- مثل يحيى بن سعيد القطَّان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وذكر قومًا آخرين - فإنه على السُّنَّةِ، ومن خَالَفَ هذا فاعلم أنه مُبْتَدِعٌ".
صحيح. أخرجه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(رقم: 148) وأبو عثمان إسماعيل الصابوني في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث"(رقم: 172 - ط بدر البدر) أو (ص 307 - 309 - ط دار العاصمة) واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(رقم: 59).
من طرق صحيحة، عن قتيبة بن سعيد به.
* * *
314 -
وعن أحمد بن سنان القطان، قال "ليس في الدنيا مُبْتَدِعٌ إلا وهو يُبغِضُ أهلَ الحديث، واذا ابتدَعَ الرجلُ نُزِعَ حلاوةُ الحديثِ من قَلْبِهِ".
صحيح. أخرجه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث" (رقم: 151) والحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص 4) وأبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني في "عقيدة السلف أصحاب الحديث" (رقم: 163 - ط بدر البدر) أو (ص 299 - 300 - ط العاصمة) والهروي في "ذم الكلام" (2/ 158/ 237 - ط الغرباء الأثرية).
من طريق: أبي علي الحسين بن علي الحافظ، قال: سمعتُ جعفر بن محمد بن سنان الواسطي يقول: سمعتُ أحمد بن سنان القطان يقول: .. فذكره.
وهذا إسناد صحيح.
* * *
315 -
وعن أبي نصر بن سلام، قال:"ليس شيءٌ أثقل على أهل الإلحادِ ولا أبغض إليهم من سماع الحدبث وروايته بإسناده".
صحيح. أخرجه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(رقم: 152) والحاكم في "معرفة علوم الحديث"(ص 4) وأبو عثمان الصابوني في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث"(رقم: 165) أو (ص 302 - العاصمة) وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام"(2/ 159/ 239).
من طريق: أبي نصر أحمد بن سهل الفقيه، عن أبي نصر بن سلام به.
* * *
316 -
قال الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي: وأخبرنا أبو بكر- أحمد بن محمد بن عبد الواحد المروروذي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: سمعتُ أبا الحسين بن أحمد الحنظلي يقول: سمعتُ أبا إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، قال:"كنتُ أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند أبي عبد الله أحمد بن حنبل، فقال له أحمد بن الحسن: يا أبا عبد الله؛ ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحابَ الحديث، فقال: أصحابُ الحدبثِ قومُ سوءِ! فقام أبو عبد الله وهو بنفضُ ثوبه، فقال: "زنديقٌ، زنديقٌ، زنديقٌ" ودخل البيتَ".
أثر لا باس به، جيد. أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (رقم: 153) والحاكم في "معرفة علوم الحديث"(ص 4) والصابوني في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث"(رقم: 164 - ط البدر) أو (ص 301 - العاصمة) والهروي في "ذم الكلام"(2/ 160/ 241) وابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة"(1/ 38 و 280) وابن الجوزى فى "مناقب الإمام أحمد"(ص 233).
من طريق: أبي الحسين الحنظلي به.
وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(11/ 299). وأبو الحسين الحنظلي هو: محمد بن أحمد؛ ذكره الخطيب في "تاريخ بغداد"(1/ 283) وذكر أن فيه لينًا.
* * *
- ذمَ الرأي:
317 -
عن عامر بن شراحيل الشعبي، أنه قال:"ما كلمة أبغض إليَّ من: (أرأيتَ").
صحيح. أخرجه ابن بطة في "الإبانة"(رقم: 605) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1076/ 2095) والبيهقي في "المدخل"(رقم: 226).
من طريق: الأشجعي، عن ابن أبي خالد، عن الشعبي به.
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه الدارمي في "مسنده"(1/ 281/ 199 - الدارائي)، قال: أخبرنا الحسن بن بشر، حدثنا أبي، عن إسماعيل، عن عامر الشعبي به، ولفظه:"ما أبغض إليَّ أرأيتَ؛ أرأيتَ يسأل الرجل صاحبه، فيقول: أرأيت"! وكان لا يُقَايِسُ.
وإسناده ضعيف؛ بشر بن سَلْم "منكر الحديث"، كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 358). لكن الأثر صحيح بما قبله.
* * *
318 -
وقال الدارمي رحمه الله: أخبرنا صدقة بن الفضل، حدثنا يحيى بن سعيد، عن الزبرقان، قال:"نهاني أبو وائل أن أُجَالِسَ أصحابَ أرأيتَ".
صحيح. أخرجه الدارمي (1/ 282/ 200 - الداراني) وابن بطة في "الإبانة"(رقم 415، 416، 654) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1076/ 2094).
من طرق؛ عن الزبرقان السرَّاج به.
319 -
عن عروة بن الزبير- رضي الله عنهما أنه قال: "السُّنَنُ، السُّنَنُ؛ فإن السُّنَنَ قِوَامُ الدِّينِ".
صحيح. أخرجه ابن نصر المروزي في "السنة"(رقم: 112 - ط العاصمة) والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(رقم: 221).
من طريق: يحيى بن أيوب، عن هشام بن عروة، عن عروة به.
وعلَّقه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 2029/1051) عن ابن وهب، عن يحيى به.
* * *
320 -
قال الحافظ محمد بن سعد الزهري رحمه الله: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا صالح بن مسلم، قال: كنتُ مع الشَّعبي، وبدي في يده، أو يده في يدي، فانتهينا إلى المسجد؛ فإذا حَمَّاد في المسجد، وحوله أصحابه، ولهم ضوضاة وأصوات، قال: فقال: "لقد بغَّضَ إليَّ هؤلاء هذا المسجد، حتى تركوه أبغض إليَّ من كناسة داري؛ معاشر الصعافقة".
فانصاع راجعًا، ورجعنا.
وفي رواية: فقلتُ: مِمَّ يا أبا عمرو؟
قال: "هؤلاء الرَّائيُّون أصحاب الرأي، لمَّا أَغيَتهُمْ أحاديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يحفظوها؛ يجادلون".
صحيح. أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(6/ 251).
وأخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1048/ 2017) والخطيب البعدادي في "الفقيه والمتفقه"(1/ 462/ 499) وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 320).
من طريق: إسماعيل بن إبراهيم -[الشهير بابن عُلَيَّة]-، ثنا صالح بن مسلم به.
وهذا إسناد صحيح.
وصالح بن مسلم هو: البكري، ترجمه ابن أبر حاتم في "الجرح والتعديل"(4/ 413/ 1817) وذكر توثيقه عن أحمد، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين وغيرهم.
وقد وهم الدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي في تحقيقه لكتاب "المدخل" للبيهقي (1/ 198 - ط أضواء السلف) باعتبار صالح بن مسلم؛ هو: صالح بن صالح بن مسلم بن حي!
وكذا وهم محقق كتاب "جامع بيان العلم" أبو الأشبال الزهيري (2/ 1048 و 1074 - ط ابن الجوزي) باعتباره صالح بن مسلم بن رومان! وهذا بعيد جدًا.
ومثله صنيع محقق "الإبانة" لابن بطة (2/ 515).
والأثر أخرجه أيضًا ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1074/ 2089) والبيهقي في "المدخل"(1/ 197 - 198/ 215) وابن بطة في "الإبانة"(رقم:602).
من طريق: المبارك بن سعيد الثوري، ثنا صالح بن مسلم به.
وإسناده صحيح أيضًا.
وأخرجه ابن حبان في الثقات" (6/ 464) والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (1/ 462/ 500).
من طريق: محمد بن كناسة، ثنا صالح بن مسلم به.
وأخرجه ابن بطة في "الإبانة"(رقم: 603) والبيهقي في "المدخل"(رقم: 228) من طريق: يحيى بن سعيد، عن صالح به.
وأخرجه ابن بطة في "الإبانة"(رقم 600) من طريق: يحيى بن أيوب البجلي، عن يونس، قال: قال لي الشعبي: "ما مجلس أجلسه أحبّ إليَّ من المسجد إذ كنَّا نجلس فيه إلى أبيك، ثم نتحول إلى الربيع بن خثيم، فيقرينا القرآن، حتى نشأ هؤلاء الصعافقة؛ والله لئن أجلس على كناسة أحبّ إليَّ من أن أجلس معهم".
وأخرجه (رقم: 601) من طريق: عبد الله بن محمد الزهري، ثنا سفيان، عن يونس بن أبي إسحاق به نحوه.
والصعافقة: هم الذين يدخلون السوقَ بلا رأس مال، فإذا اشترى التاجر شيئًا دخل معه فيه، وواحدهم: صعفق.
أراد: هؤلاء لا علم عندهم، فهم بمنزلة التجار الذين ليس لهم رأس مال.
قاله ابن الأثير في "النهاية"(3/ 31).
* * *
321 -
عن محمد بن سيرين رحمه الله قال: "إنَّ هذا العِلْمَ دِينٌ؛ فانظروا عَمَّن تأخذون دينَكُم".
أخرجه مسلم في مقدمة "صحيحه"(1/ 27 - 28) - 5 - باب: بيان أن الإسناد من الدين، وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات
…
، والدارمي في "مسنده" (1/ رقم: 399، 438، 343) والخطيب البغدادي في "الكفاية في علم الرواية"(ص 121 - 122) وفي "الفقيه والمتفقه"(1/ 191، 192، 378/ 844، 845، 846، 1133، 1134) وابن سعد في "الطبقات الكبري"(7/ 194) وأبو نعيم في "الحلية"(2/ 278) وابن خير في "الفهرسة"(ص 18) وابن سمعون في "أماليه"(رقم: 73) والجوهري في "مسند الموطأ"(ص 36) والسَّلَفي في "الطيوريات"(رقم: 57، 58. 60) وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 15) وابن عدي في مقدمة "الكامل"(1/ 252 - 254 - العلمية) والهروي في "ذم الكلام"(5/ 58 - 60/ 1381).
من طرق كثيرة، عن محمد بن سيرين به.
وقد رُوي مرفوعًا؛ لكنه لا يصح؛ وتفصيل الكلام عليه في "الضعيفة"(رقم: 2481).
وهذا الأثر بابٌ عظيمٌ من أبواب الدين، وأصلٌ أصيل، فعُضَّ عليه أيها السُّنيّ واعمل به بعد فقهه، وفقنا الله لما يحبه ويرضاه.
322 -
عن عامر بن شراحيل الشعبي -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- قال: "ما حَدَّثُوكَ عن أصحابِ محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ فَخُذهُ، وما قالوا برأيهم؛ فَبُلْ عليه".
صحيح. أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(11/ 256) وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 319) والخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(رقم: 154) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1/ 776 / 1438) والبيهقي في "المدخل"(رقم: 814).
من طريق: عبد الرزاق، قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن ابن أبجر، قال: قال لي الشعبي: .. فذكره.
وإسناده صحيح.
* * *
- من فقه صلاة الجمعة:
323 -
عن ثعلبة بن أبي مالك القُرَظي، قال:"كانوا في زمان عمر بن الخطاب يُصَلُّونَ يومَ الجمعة، حتى يَخرُجَ عُمَرُ، فإذا خرجَ عمرُ، وجلسَ على المنبر، وأذَّنَ المؤذِّنون -قال ثعلبة-: جلسنا نَتَحَدَّثُ، فإذا سَكَتَ المؤذِّنونَ، وقامَ عمرُ يخطبُ؛ أنْصَتْنَا، فلم يتكلَّمْ منَّا أحدٌ".
قال ابن شهاب -راوي الخبر عن ثعلبة-: "فخروجُ الإمام يقطعُ الصلاةَ، وكلامُهُ يقطعُ الكلامَ".
صحيح. أخرجه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 66/ 7) والطحاوي في "مشكل الآثار"(1/ 217) والشافعي في "الأم"(1/ 175) وفي "المسند"(1/ 139) والبيهقي في "الكبرى"(3/ 192).
من طريق ابن شهاب، عن ثعلبة به.
وصححه الحافظ النووي رحمه الله في "المجموع"(4/ 220) والألباني في "تمام المنة"(ص 339) وفي "الضعيفة"(1/ 201 - 202).
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1/ 448، 458/ 5173، 5296 - العلمية) من طريق: عباد بن العوام، عن يحيى بن سعيد، عن يزيد بن عبد الله،
عن ثعلبة قال: "أدركتُ عمر وعثمان؛ فكان الإمام إذا خرج يوم الجمعة تركنا
الصلاة، فإذا تكلَّم تركنا الكلام".
وهذا إسناد صحيح، كما قال الشيخ الألباني في "تمام المنة"(ص 340). وأخرجه البيهقي (3/ 193) والفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 408) من طريق أخرى عن ثعلبة به.
فقه الأثر:
1 -
فيه جواز الكلام يوم الجمعة ولو كان الخطيب على المنبر، وأن هذا الكلام لا ينقطع إلا بابتداء الخطيب بالكلام.
2 -
وجوب الإنصات للخطيب وسماع كلامه.
3 -
جواز الصلاة قبل صعود الإمام على المنبر؛ كصلاة النافلة وتحية المسجد وغيرها، وأن الصلاة لا تنقطع إلا بصعود الإمام على المنبر.
4 -
قال الألباني رحمه الله في (تمام المنة)(ص 340) -: " (فائدة): في هذا الأثر دليل على عدم وجوب إجابة المؤذن، لجريان العمل في عهد عمر على التحدُّث في أثناء الأذان، وسكوت عمر عليه، وكثيرًا ما سئلتُ عن الدليل الصارف للأمر بإجابة المؤذن عن الوجوب؟ فأجبتُ بهذا، والله أعلم" اهـ.
* * *
324 -
وعن السائب بن يزيد، قال:"كُنا نُصَلِّي في زمن عمر يوم الجمعة، فإذا خَرَجَ عمرُ وجلس على المنبر؛ قَطَعْنَا الصلاةَ. وكُنا نَنَحَدَّثُ ويُحَدِّثُنا، فإذا سكت المؤذن خطب فلم نتكلم حتى يفرغَ من خطبته".
أخرجه إسحاق بن راهوية في "مسنده" كلما في "المطالب العالية"(رقم: 712 - ط العاصمة) من طريق: أبي عامر العقدي، حدثني عبد الله بن جعفر -من ولد المسور- عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن السائب بن يزيد به.
وصحَّح إسناده الحافظ ابن حجر؛ فقال: "هذا إسناد صحيح موقوف". ورجاله رجال الصحيحين؛ عدا عبد الله بن جعفر؛ فهو من رجال مسلم.
- ذم أصحاب الكلام:
325 -
قال الإمام الشافعي رحمه الله: "حُكمِي في أصحاب الكلامِ أن يُضرَبُوا بالجريد، وُيحْمَلُوا على الإبلِ، ويُطَافَ بهم في العشائرَ والقبائل، ويُنَادى عليهم: هذا جزاءُ من ترَكَ الكتابَ والسنةَ وأخد في الكلام".
صحيح. أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 462) والخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(رقم: 163) وابن عبد البر في "الانتقاء في مناقب الأئمة الثلاثة الفقهاء"(ص 123 - 124) والبغوي في "شرح السنة"(1/ 218) والهروي في "ذم الكلام"(4/ 294 - 295/ 1142) وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 116) وابن حجر العسقلاني في "توالي التأسيس"(ص 111).
من طرق صحيحة ثابتة.
والأثر أورده الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(10/ 29) وابن أبي العز الحنفي في "شرح العقيدة الطحاوية"(ص 75 - المكتب الإسلامي) أو (1/ 120 - ط الرسالة) وعلي القاري في "شرح الفقه الأكبر"(ص 2 - 3) والسيوطي في "الأمر بالإتباع والنهي عن الإبتداع"(ص 72) وابن مفلح الحنبلي في "الآداب الشرعية"(1/ 225).
* * *
326 -
قال أبو الطفيل: قال حذيفة بن اليمان:
"ليس من ماتَ فاستراح بميتٍ
…
إنما الميت ميت الأحياء
وقيل له: يا أبا عبد الله! وما ميت الأحياء؟
قال: "الذي لا يعرفُ المعروفَ بقلبه، ولا يُنكِرُ المنكر بقلبه".
أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذكر الموت" -الذي قام على جمعه وتخريجه الشيخ البحَّاثة مشهور بن حسن آل سلمان- (ص 26 - 27/ رقم: 27) ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 383/ 10670) وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(12/ 190)، وأخرجه ابن أبي شيبة فى "المصنف"(15/ 172 - 173)