الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
607
- " ليأتين على جهنم يوم كأنها زرع هاج، وآخر تخفق أبوابها ".
باطل.
أخرجه الطبراني في " جزء من حديثه " رواية أبي نعيم (28 / 1) والخطيب (9 / 122) عن عبد الله بن مسعود بن كدام عن جعفر عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا به. وذكره ابن الجوزي في " الموضوعات "(3 / 268) من هذا الوجه وقال: " هذا حديث موضوع محال، جعفر هو ابن الزبير متروك ". وأقره السيوطي (2 / 466) ثم ابن عراق (391 / 1) .
وأقول: جعفر هذا وضاع، وقد مضى له أحاديث. لكن الراوي عنه ابن مسعر هالك أيضا، وقد أشار لهذا الذهبي في ترجمة جعفر فقال:" ويروي بإسناد مظلم عنه حديث متنه: يأتي على جهنم.... ".
ثم أعاده في ترجمة ابن مسعر فقال فيه: " قال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه.. " ثم قال: " وفي معجم الطبراني من حديث هذا التالف عن جعفر بن الزبير (في الأصل " الزبير بن سعيد " وهو تحريف) عن القاسم عن أبي أمامة في انقطاع عذاب جهنم، فهذا باطل ". وأقره الحافظ في " اللسان " وأورده في " تخريج أحاديث الكشاف "(4 / 87 رقم 194) ولم يعزه لأحد! ولعل الحديث أصله موقوف على بعض الصحابة، رفعه هذا التالف أو شيخه عمدا أو خطأ، فقد أخرجه البزار عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن عمرو قال:" يأتي على النار زمان تخفق أبوابها ليس فيه أحد. يعني من الموحدين ".
قال الحافظ: " كذا فيه، ورجاله ثقات، والتفسير لا أدري ممن هو؟ وهو أولى من تفسير المصنف ". قلت: الظاهر أن التفسير المذكور، من مخرجه البزار، فقد أخرج الفسوي في " تاريخه " بسند البزار عينه عن أبي بلج به، وليس فيه التفسير المذكور، هكذا ذكره الذهبي في ترجمة أبي بلج، وكذا الحافظ في " التهذيب " عن الفسوي وزاد:" قال ثابت البناني: سألت الحسن عن هذا؟ فأنكره ".
وأبو بلج هذا في نفسه ثقة، ولكنه ضعيف من قبل حفظه، ولذلك عد الذهبي هذا الأثر من بلاياه! ثم قال:" وهو منكر ". وجملة القول أن هذا الحديث لا يصح مرفوعا ولا موقوفا.
هذا وتفسير الزمخشري الذي سبقت الإشارة إليه في كلام الحافظ هو قوله في " تفسيره "(2 / 236) : " وقد بلغني أن من الضلال من اغتر بهذا الحديث فاعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار، وهذا والعياذ بالله من الخذلان المبين، ولئن صح هذا عن ابن عمرو فمعناه أنهم يخرجون من النار إلى برد الزمهرير، فذلك خلوجهنم وصفق أبوابها ". وهذا تأويل بعيد.
والأقرب ما سبق عن الحافظ، إلا أنني أرى أن الصواب عدم الاشتغال بالتأويل ما دام أن الحديث لم يصح. والله أعلم. واعلم أن من أذناب هؤلاء الضلال في القول بانتهاء عذاب الكفار الطائفة القاديانية، بل هم قد زادوا في ذلك على إخوانهم الضلال، فذهبوا إلى أن مصير الكفار إلى الجنة! نص على ذلك ابن دجالهم الأكبر محمود بشير بن غلام أحمد في كتاب " الدعوة الأحمدية ". فمن شاء التأكد من ذلك فليراجعها فإني لم أطلها الآن. وإن مما يجب الوقوف عنده، وتحقيق القول فيه ما ذكره ابن القيم في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " (2 / 171 - 172) من رواية عبد بن حميد (قال) : بإسنادين صحيحين له عن الحسن قال:
قال عمر بن الخطاب: " لولبث أهل النار عدد رمل عالج، لكان لهم يوم يخرجون فيه ". ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى (لابثين فيها أحقابا) .
وقال ابن القيم: " وحسبك بهذا الإسناد جلالة، والحسن وإن لم يسمع من عمر، فإنما رواه عن بعض التابعين، ولو لم يصح عنده ذلك عن عمر لما جزم به وقال: قال عمر بن الخطاب ".
قلت: هذا كلام خطابي، أستغرب صدوره من ابن القيم رحمه الله. لأنه خلاف ما هو مقرر عند أهل الحديث في تعريف الحديث الصحيح: أنه المسند المتصل برواية العدل الضابط، فإذا اعترف بانقطاعه بين الحسن وعمر، فهو مناف للصحة بله الجلالة! وخلاف المعروف عندهم من ردهم لمراسيل الحسن البصري خاصة، ولذلك قال الحافظ ابن حجر في أثر الحسن هذا نفسه:" فهو منقطع، ومراسيل الحسن عندهم واهية، لأنه كان يأخذ من كل أحد "! وقوله: " فإنما رواه عن بعض التابعين،.... " قلنا: نعم، فكان ماذا؟ أليس كذلك كل مرسل تابعي؟ إنما رواه عن تابعي إن لم يكن عن صحابي؟ فلماذا إذن اعتبر المحدثون الحديث المرسل أو المنقطع من قسم الحديث الضعيف؟ ذلك لاحتمال أن يكون الرجل الساقط من الإسناد مجهولا أو ضعيفا لا يحتج به لوعرف، وهذا بخلاف ما لوكان المرسل لا يروي إلا عن صحابي فإن حديثه حجة، لأن الصحابة كلهم عدول، فهذا المرسل فقط هو الذي يحتج به من بين المراسيل كلها، وهو الذي اختاره الغزالي وصححه الحافظ العلائي في " جامع التحصيل في أحكام المراسيل "(7 / 1) ، وأما دعوى البعض أن الإجماع كان على الاحتجاج بالحديث المرسل حتى جاء
الإمام الشافعي، فدعوى باطلة مردودة بأمور منها ما رواه مسلم في مقدمة " صحيحه "(1 / 12) عن عبد
الله بن المبارك أنه رد حديث " إن من البر بعد البر أن تصلي لهما مع صلاتك، وتصوم لهما مع صيامك " بعلة الإرسال، في قصة له تراجع هناك.
وابن المبارك رحمه الله توفي قبل الشافعي بأكثر من عشرين سنة. وكلام ابن القيم المذكور - مع مخالفته للأصول - يلزمه أن يقبل مراسيل الحسن البصري كلها إذا صح السند إليه بها، وما أخاله يلتزم ذلك، كيف ومنها ما رواه عن سمرة مرفوعا. " لما حملت حواء طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث. فسمته عبد الحارث، فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره ".
فهذا إسناده خير من إسناد الحسن عن عمر، لأنه قد قيل أن الحسن سمع من سمرة، بل ثبت أنه سمع منه حديث العقيقة في " صحيح البخاري "، وهو مع جلالته، مدلس لا يحتج بما عنعنه من الحديث، ولوكان قد لقي الذي دلس عنه كسمرة، فهل يحتج ابن القيم بحديثه هذا عن سمرة ويقول فيه: " فإنما رواه عن بعض التابعين
…
"؟ ! كلا إن ابن القيم رحمه الله تعالى أعلم وأفقه من أن يفعل ذلك، مع العلم أن بعضهم قد فسر بهذا الحديث قوله تعالى:(فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما)
فأرجع ضمير (جعلا) إلى آدم وحواء عليهما السلام! مع أن الحسن نفسه لم يفسر الآية بحديثه هذا كما بيناه فيما تقدم (رقم 342) ، وكذلك صنع ابن القيم فإنه فسر الآية المذكورة بنحوما فسره الحسن، قال في " التبيان " (264) :" فاستطرد من ذكر الأبو ين إلى ذكر المشركين من أولادهم ".
وكم من حديث من رواية الحسن مرسلا أو منقطعا لم يأخذ به ابن القيم كغيره من أهل العلم بل إن بعضها ثبت عن الحسن الإفتاء بخلافه، وليس هذا مجال بيانه، غير أني أقول: إن هذا الأثر الذي رواه الحسن عن عمر، هو في المعنى كالأثر المتقدم الذي رواه أبو بلج عن عبد الله بن عمرو.
ومع ذلك لما سئل عنه الحسن رحمه الله تعالى أنكره، كما تقدم من رواية الفسوي عن ثابت عنه. وأقول الآن: إن حديث بطلان الصلاة بالقهقهة قد جاء مرسلا عن جماعة من التابعين أشهرهم أبو العالية، ومنهم الحسن البصري، وهو صحيح عنه، فقد قال البيهقي في " كتاب معرفة السنن والآثار " (ص 139 - طبع الهند) :" وقد رواه جماعة عن الحسن البصري مرسلا ".
فهل يأخذ به ابن القيم؟! ويؤسفني أن أقول: إن القاديانية في ضلالهم المشار إليه آنفا (ص 73) يجدون متكئا لهم في بعض ما ذهبوا إليه في بعض كتب أئمتنا من أهل السنة، فقد عقد العلامة ابن القيم في كتابه " الحادي " فصلا خاصا في أبدية النار، أطال الكلام فيه جدا، وحكى في ذلك سبعة أقوال، أبطلها كلها سوى قولين منها: