الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" هذا الحديث ضعيف، وكأنه مركب على مالك، لكن معناه ليس ببعيد، بل هو صحيح من بعض الوجوه ".
927
- " لا يشربن أحد منكم قائما، فمن نسي فليستقىء ".
منكر بهذا اللفظ.
أخرجه مسلم في " صحيحه "(6 / 110 - 111) من طريق عمر بن حمزة: أخبرني أبو غطفان المري أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وعمر هذا وإن احتج به مسلم فقد ضعفه الإمام أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم، ولذلك أورده الذهبي في " الميزان " وذكره في " الضعفاء " وقال:" ضعفه ابن معين لنكارة حديثه ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ".
قلت: وقد صح النهي عن الشرب قائما في غير ما حديث، عن غير واحد من الصحابة، ومنهم أبوهريرة، لكن بغير هذا اللفظ، وفيه الأمر بالاستقاء، لكن ليس فيه ذكر النسيان، فهذا هو المستنكر من الحديث، وإلا فسائره محفوظ. ولذلك أوردته في " الأحاديث الصحيحة " تحت رقم (177) .
928
- " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم، والناس يمرون بين يديه، ليس بينه وبين الكعبة سترة. (وفي رواية) : طاف بالبيت سبعا، ثم صلى ركعتين بحذائه في حاشية المقام، وليس بينه وبين الطواف أحد ".
ضعيف.
أخرجه أحمد (6 / 399) والسياق له وعنه أبو داود (1 / 315) والأزرقي في " أخبار مكة "(ص 305) والبيهقي في " سننه الكبرى "(1 / 273) عن سفيان بن عيينة قال: حدثنا كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة سمع بعض أهله يحدث عن جده به. قلت وهذا سند ضعيف لجهالة الواسطة بين كثير وجده. وفيه علة أخرى وهي الاختلاف في إسناده، فقد رواه سفيان مرة عن كثير، هكذا، وقال مرة أخرى: حدثني كثير بن كثير عمن سمع جده، وقال سفيان: وكان ابن جريج أنبأ عنه قال: حدثنا كثير عن أبيه فسألته؟ فقال: ليس من أبي سمعته ولكن من بعض أهلي عن جدي! قلت: ورواية ابن جريج أخرجها النسائي (1 / 123 و2 / 40) وابن ماجه (4958) وهي الرواية الثانية وهي رواية لأحمد وابن حبان (415 - موارد) وكذا البيهقي وقال: " وقد قيل عن ابن جريج عن كثير عن أبيه قال: حدثني أعيان بني المطلب عن المطلب، ورواية ابن عيينة أحفظ ".
قلت: ويحتمل عندي أن يكون الاختلاف من نفس كثير بن كثير، بل لعل هذا أولى من
نسبة الوهم إلى ابن جريج لأن كثيرا ينزل عن ابن جريج في العدالة والضبط كثيرا! ومما يؤيد الاحتمال المذكور أنه قد تابع ابن جريج زهير بن محمد العنبري عند ابن حبان (414) . وأي الأمرين كان فالحديث ضعيف لجهالة الواسطة كما سبق. ثم رأيت الحديث في " فوائد محمد بن بشر الزبيري "(28 / 1) من طريق سالم بن عبد الله، رجل من أهل البصرة عن كثير بن كثير أن المطلب بن أبي وداعة رأى النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الكعبة وقام بحيال الركن الأسود فصلى ركعتين، والناس يمرون بين يديه: النساء والرجال ".
فهذا اختلاف آخر يؤكد ضعف الحديث. وإذا عرفت ذلك فقد استدل بعضهم بالحديث على جواز المرور بين يدي المصلي في مسجد مكة خاصة، وبعضهم أطلق، ومن تراجم النسائي للحديث " باب الرخصة في ذلك " يعني المرور بين يدي المصلي وسترته، ولا يخفى عليك فساد هذا الاستدلال، وذلك لوجوه:
الأول: ضعف الحديث.
الثاني: مخالفته لعموم الأحاديث التي توجب على المصلي أن يصلي إلى سترة وهي معروفة، وكذا الأحاديث التي تنهى عن المرور كقوله صلى الله عليه وسلم:" لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا من أن يمر بين يديه ". رواه البخاري ومسلم وهو مخرج في " صحيح أبي داود "(698) .
الثالث: أن الحديث ليس فيه التصريح بأن الناس كانوا يمرون بينه صلى الله عليه وسلم وبين موضع سجوده، فإن هذا هو المقصود من المرور المنهي عنه على الراجح من أقوال العلماء. ولذلك قال السندي في " حاشيته على النسائي ":" ظاهره أنه لا حاجة إلى السترة في مكة. وبه قيل، ومن لا يقول به، يحمله على أن الطائفين كانوا يمرون وراء موضع السجود، أو وراء ما يقع فيه نظر الخاشع ".
ولقد لمست أثر هذا الحديث الضعيف في مكة حينما حججت لأول مرة سنة (1369) ، فقد دخلتها ليلا فطفت سبعا، ثم جئت المقام، فافتتحت الصلاة، فما كدت أشرع فيها حتى وجدت نفسي في جهاد مستمر مع المارة بيني وبين موضع سجودي، فما أكاد أنتهي من صد أحدهم عملا بأمره صلى الله عليه وسلم حتى يأتي آخر " فأصده وهكذا!! ولقد اغتاظ أحدهم من صدي هذا فوقف قريبا مني حتى انتهيت من الصلاة، ثم أقبل علي منكرا، فلما احتججت عليه بالأحاديث الواردة في النهي عن المرور، والآمرة بدفع المار، أجاب بأن مكة مستثناة من ذلك، فرددت عليه، واشتد النزاع بيني وبينه، فطلبت الرجوع في حله إلى أهل العلم، فلما اتصلنا بهم إذا هم مختلفون! واحتج بعضهم بهذا الحديث، فطلبت إثبات صحته فلم يستطيعوا، فكان ذلك من أسباب تخريج هذا الحديث، وبيان علته.
فتأمل فيما ذكرته يتبين لك خطر الأحاديث الضعيفة وأثرها السيئ في الأمة.