الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال النووي مثل ذلك، وزاد هذا غلط منهما، وكأنه وابن الصلاح أرادا لفظ الحديث والحق معهما، لكن سياق ابن ماجه يعطي بعض معناه كما أسلفناه ". قلت: ما سلف من كلامه ينص على أن سياق ابن ماجه يعطي معناه كله لا بعضه، فليتأمل فإن السياق المشار إليه يحتمل بعض المعنى أو كله، أما البعض فهو جهر الإمام وحده، وهو صريح في ذلك، وأما الكل، فهو هذا مع جهر المؤتمين لقوله فيه " فيرتج بها المسجد "، فإن هذا يحتمل أن الارتجاج سببه تأمين الرسول صلى الله عليه وسلم وهو صريح الحديث، ويحتمل أنه بسبب تأمين المؤتمين معه، وهو محتمل، وهذا هو لفظ ابن ماجه:" كان إذا تلا (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول (فيرتج بها المسجد) ".
952
- " كان إذا تلا (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول (فيرتج بها المسجد) ".
ضعيف.
أخرجه أبو داود (1 / 148) والسياق له وابن ماجه (1 / 281) والزيادة له، كلاهما من طريق بشر بن رافع عن أبي عبد الله بن عم أبي هريرة عن أبي هريرة مرفوعا.
قلت: وهذا سند ضعيف، وقول الحافظ أبو زرعة ابن العراقي في " طرح التثريب " (2 / 268) :" وإسناده جيد " غير جيد، يبينه ما يأتيك من النصوص، فقال الحافظ في " التلخيص " (90) :" وبشر بن رافع ضعيف، وابن عم أبي هريرة، قيل: لا يعرف، وقد وثقه ابن حبان ". وقال البوصيري في " الزوائد "(ق 56 / 1) : " هذا إسناد ضعيف، أبو عبد الله لا يعرف حاله،
وبشر ضعفه أحمد، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات ". قلت: وتمام كلام ابن حبان (1 / 179) : " كأنه كان المتعمد لها ". ومن أوهام الشوكاني رحمه الله أنه قال في هذا الحديث بعد أن ذكره المجد ابن تيمية بلفظ أبي داود ولفظ ابن ماجه (2 / 188) قال الشوكاني: " أخرجه أيضا الدارقطني، وقال: إسناده حسن، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما " والبيهقي وقال: حسن صحيح "! وهؤلاء إنما أخرجوا الشطر الأول من الحديث بلفظ: " كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته فقال: آمين "، فليس فيه تسميع من يليه من الصف.... الخ، فهذا اللفظ لا يحتمل ما يحتمله لفظ ابن ماجه من تأمين المؤتمين أيضا حتى يرتج بها المسجد، فثبت الفرق بين اللفظين، ولم يجز عزوالأول منهما إلى من أخرج الآخر، كما هو ظاهر.
على أن هذا اللفظ إسناده ضعيف أيضا، فإن فيه عندهم جميعا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي وهو المعروف بابن زبريق وهو ضعيف، قال أبو حاتم:" شيخ لا بأس به " وأثنى عليه ابن معين خيرا، وقال النسائي:" ليس بثقة ". وقال محمد بن عوف: " ما أشك أن إسحاق بن زبريق يكذب ".
لكن هذا اللفظ معناه صحيح، فإن له شاهدا من حديث وائل بن حجر بسند صحيح. وأما اللفظ الأول فلا أعرف ما يشهد له من السنة إلا ما رواه الشافعي في " مسنده " (1 / 76) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء قال: " كنت أسمع الأئمة وذكر ابن الزبير ومن بعده يقولون آمين، ويقول من خلفهم آمين، حتى أن للمسجد للجة ". سكت عليه الحافظ كما سبق قريبا، وفيه علتان: الأولى: ضعف مسلم بن خالد وهو الزنجي، قال الحافظ: صدوق، كثير الأوهام ".
الثانية: عنعنة ابن جريج، فإنه كان مدلسا، ولعله تلقاه عن خال بن أبي أنوف فقد رواه عن عطاء بلفظ:" أدركت مائتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد (يعني الحرام) إذا قال الإمام " ولا الضالين " رفعوا أصواتهم بآمين، (وفي رواية) : سمعت لهم رجة بآمين ". أخرجه ابن حبان في " الثقات "(2 / 74) والبيهقي (2 / 59) والرواية الأخرى له. وخالد هذا ترجمه ابن أبي حاتم (1 / 2 / 355 - 356) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأورده ابن حبان في " الثقات " وفي ترجمته ساق له هذا الأثر، وتوثيق ابن حبان فيه تساهل معروف، ولذلك فإني غير مطمئن لصحة روايته، فإن كان ابن جريج أخذه عنه فالطريق واحدة، وإلا فلا ندري عمن تلقاه ابن جريج، ويبدو أن الإمام الشافعي نفسه لم يطمئن أيضا لصحة روايته هذه، فقد ذهب إلى خلافها، قال في " الأم " (1 / 95) :" فإذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن قال آمين، ورفع بها صوته، ليقتدي به من كان خلفه، فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم، ولا أحب أن يجهروا بها ". فلوأن هذا الأثر ثابت عن أولئك الصحابة عند الشافعي لما أحب خلاف فعلهم إن شاء الله ولذلك فالأقرب إلى الصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه الشافعي أن يجهر الإمام دون المؤتمين. والله أعلم.
ثم رأيت البخاري قد علق أثر ابن الزبير المذكور بصيغة الجزم، فقال الحافظ في " الفتح " (2 / 208) : " وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء، قال ويعني ابن جريج، قلت له: أكان