الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلة حديث الترجمة إنما هي تفرد محمد بن الأشعث بهما، وهن في عداد مجهولي الحال. فقد أورده البخاري في " التاريخ الكبير "(1 / 1 / 16) وابن أبي حاتم (3 / 2 / 206) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، نعم ذكره ابن حبان في " الثقات "(3 / 231) وروى عنه جمع من الثقات، فمثله حسن الحديث عندي إذا لم يخالف، ولكن لما كان قد تفرد بهذا الحديث وخالف فيه الثقة وهو طلحة بن عبد الله بن عثمان القرشي الذي أثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة وهي صائمة، كان الحديث بسبب هذه المخالفة شاذا بل منكرا وقد اتق الشيخان على إخراج حديثها بلفظ:" كان يقبل وهو صائم " وليس فيه بيان أنها كانت صائمة أيضا كما في حديث القرشي عنها وقد خفي هذا على بعض أهل العلم، كما خفي عليه حال هذا الحديث المنكر، فقال الصنعاني في " سبل السلام " (2 / 218) :" تنبيه ": قولها: " وهو صائم " لا يدل على أنه قبلها وهي صائمة فقد أخرج ابن حبان بإسناده (عنها) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمس وجهها وهي صائمة، وقال: ليس بين الخبرين تضاد، إنه كان يملك إربه، ونبه بفعله ذلك على جواز هذا الفعل لمن هو بمثابة حاله، وترك استعماله إذا كانت المرأة صائمة، علما منه بما ركب في النساء من الضعف عند الأشياء التي ترد عليهن، انتهى ".
فقد فات ابن حبان حديث القرشي المشار إليه، وتبعه عليه الصنعاني، وذهل هذا عن علة حديث ابن حبان! وتبعه على ذلك الشوكاني (4 / 180) .
ولكن هذا لم يفته حديث القرشي، بل ذكره من طريق النسائي، فالعجب منه كيف ذكر الحديثين دون أن يذكر التوفيق بينهما، والراجح من المرجوح منهما. فهذا هو الذي حملني على تحرير القول في نكارة هذا الحديث، والله ولي التوفيق. ثم إني لما رأيت الحديث في " المصنف " ووجدت متنه بلفظ:" كان لا يمتنع من وجهي وأنا صائمة "، تيقنت شذوذ لفظ ابن حبان، كما تبينت أنه لا علاقة لابن الأشعث به، وإنما هو من ابن حبان نفسه أو من شيخه عمران، والله أعلم.
959
- " الوضوء مما خرج وليس مما دخل ".
منكر.
رواه ابن عدي (194 / 2) والدارقطني (ص 55) والبيهقي (1 / 116) عن الفضل بن المختار عن ابن أبي ذئب عن شعبة - يعني - مولى ابن عباس عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال البيهقي: " لا يثبت ". قلت: وله ثلاث علل:
الأولى: الفضل بن المختار، وهو أبو سهل البصري وهو متروك، قال أبو حاتم:" أحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل ". وقال ابن عدي:
" عامة أحاديثه منكرة لا يتابع عليها ". وساق له الذهبي أحاديث، قال في واحد منها: يشبه أن يكون موضوعا "، وفي الأخرى، " هذه أباطيل وعجائب "!
الثانية: شعبة مولى ابن عباس، وهو صدوق سيء الحفظ، كما في " التقريب ". وقال في " التلخيص " (ص 43) :" وفي إسناده الفضل بن المختار، وهو ضعيف جدا، وفيه شعبة مولى ابن عباس وهو ضعيف، وقال ابن عدي: الأصل في هذا الحديث أنه موقوف، وقال البيهقي: لا يثبت مرفوعا، ورواه سعيد بن منصور موقوفا من طريق الأعمش عن أبي ظبيان عنه، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة، وإسناده أضعف من الأول ومن حديث ابن مسعود موقوفا ". قلت: فقد أشار الحافظ إلى أن في الحديث علة أخرى وهي: الثالثة: وهي الوقف، فإن شعبة المذكور علاوة على كونه ضعيفا، فقد خالفه الثقة أبو ظبيان وهو حصين بن جندب الجهني فقال: عن ابن عباس في الحجامة للصائم قال: " الفطر مما دخل، وليس مما خرج، والوضوء مما خرج وليس مما دخل ". رواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان.
ذكره الحافظ في " الفتح "(4 / 141) وقد علقه البخاري في " صحيحه " مجزوما به مقتصرا على الشطر الأول منه " وقد وصله أيضا البيهقي في " سننه " (1 / 116 و4 / 261) من طريق أخرى عن وكيع به، وهذا سند صحيح موقوف، فهو الصواب كما أشار إلى ذلك ابن عدي ثم البيهقي ثم الحافظ. وأما حديث أبي أمامة الذي أشار إليه الحافظ في كلامه السابق فهو الآتي عقبه. (تنبيه) : ذكر الشوكاني حديث الترجمة هذا بلفظ: الفطر مما دخل، والوضوء مما خرج " وقال: " أخرجه البخاري تعليقا، ووصله البيهقي والدارقطني وابن أبي شيبة ". ثم ضعفه بالفضل بن المختار، وشعبة مولى ابن عباس.
أقول: وفي هذا التخريج على إيجازه أوهام لابد من التنبيه عليها. الأول: أن الحديث عند البخاري وابن أبي شيبة موقوف وليس بمرفوع كما تقدم. الثاني: أن إسنادهما صحيح وليس بضعيف.
الثالث: أن البخاري لم يخرجه بتمامه، بل الشطر الأول منه فقط، كما سبق منا التنصيص عليه. وقد وقع في بعض هذه الأوهام الصنعاني قبل الشوكاني! فإنه ذكر الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مجزوما به بلفظ:" الفطر مما دخل وليس مما خرج ". ثم قال في تخريجه: " علقه البخاري عن ابن عباس، ووصله عنه ابن أبي شيبة ". فوهم الوهم الأول، وزاد وهما آخر، وهو أن المرفوع صحيح لجزمه به وعدم ذكر علته،