المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أحمد بن بللا: - سلسلة جهاد شعب الجزائر - جـ ٨

[بسام العسلي]

الفصل: ‌ أحمد بن بللا:

أنتم ستهزمون، لأنكم لا تؤمنون بأي شيء. أجل، إن إفرنسيين لم يعودوا يؤمنون بفرنسا. لقد غدوتم الماضي. فأنتم مجزؤون، ولا تعرفون ما تريديون. أما نحن، فنمثل المستقبل، لأننا نؤمن بالجمهورية الجزائرية. وإذا قدر لي أن أموت، فسيأتي بعدي الألوف ليواصلوا القتال) (*).

ومات (محمد العربي بن مهيدي) تحت التعذيب، وانضم إلى قافلة الشهداء الأبرار. وبقيت كلماته اغنية حلوة على شفاه المجاهدين، وتحققت آماله، وارتفعت رايات الجمهورية الجزائرية.

3 -

‌ أحمد بن بللا:

من مواليد وهران في غرب الجزائر، من أبويين مغربيين - مراكشيين وخدم جنديا في الجيش الإفرنسي قبل أن ينتقل للعمل في المجال الوطني - الساسي - وقد منح وسام الاستحقاق لشجاعته في حملتي شمال أفريقيا وايطاليا أثناء الحرب العالمية الثانية. وقد عاد في عام 1946 إلى الجزائر حيث تم انتخابه عضوا في المجلس البلدي في مدينة وهران. وسرعان ما أصبح عضوا عاملا في نشاط الحركة الديمرقراطية لأنصار الحرية في وهران. وخلف في عام 1949 حسين آية أحمد في رئاسة المنظمة الخاصة (الشرف العسكري). وعندما اكتشف الافرنسيون أمر المنظمة في عام 1950، اعتقل بن بللا، ولكنه تمكن من الفرار من سجنه في عام 1952،

(*) صحيفة الاكسبرس 24 تشرين الأول - اكتوبر - 1957.

ص: 192

فمضى إلى القاهرة، حيث أقام مقر قيادة الحركة فيها. وتعاون مع لجنة تحرير المغرب العربي. وعندما حدث الانشقاق الخطير (الحركة الديموقراطية) انتاب القلق بن بللا وأمكن له تأمين الاتصال مع قادة التنظيم السري في الجزائر - عن طريق محمد بوضياف - ووضعوا معا خطة الثورة. وأظهر بن بللا خلال ذلك كله، قدرا كبيرا من الكفاءة التنظيمية، والقدرة على التأثير على الآخرين. وإليه يعزى الفضل في الحصول على شحنات كبيرة من الأسلحة من بعض الحكومات المترددة، ونقلها إلى المجاهدين في داخل الجزائر بمختلف الطرق والأساليب. وكانت البعثة الخارجية في العام 1956، قد قطعت شوطا بعيدا في طريق الوصول إلى حل عن طريق التفاوض مع فرنسا، عندما اعتقل فجأة. فقد كانت طائرة مغربية تقل أعضاء البعثة إلى تونس لإجراء مشاورات نهائية في موضوع شمال أفريقيا، عندما أرغمت الطائرة - في عملية قرصنة جوية نظمتها المخابرات الإفرنسية - على تغيير خط سيرها، والتوجه إلى الجزائر حيث تم اعتقال (بن بللا) يوم 22 - تشرين الاول - اكتوبر - 1956. واعتقل معه المجاهدين حسين آية أحمد ومحمد بوضياف ومحمد خيضر، وقد استثارت عملية القرصنة الإفرنسية أحرار العالم، وبصورة خاصة دولتي تونس والمغرب. وعلى الرغم من كل الاحتجاجات، فقد مضت فرنسا في مخططاتها العدوانية، وظنت أن اعتقال زعماء الثورة، سيتيح الفرصة أمامها لتدمير الثورة ذاتها. غير أن قيادة جبهة التحرير وجيش التحرير عملتا على تصعيد الصراع. وعندما عقدت قيادة الثورة مؤتمر الصومام،

ص: 193

وتم تشكيل المجلس الوطني للثورة الجزائرية، كان هذا المجلس يضم الزعماء الأربعة المختطفين (بالاضافة إلى (رابح بيطاط) الذي سجنته فرنسا منذ شباط - فبراير - 1955) وعندما تشكلت الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة فرحات عباس في 19 أيلول - سبتمبر - 1958 ضمت هذه الحكومة في عضويتها القادة المختطفين والمسجونين في سجون فرنسا، ولم يكن ذلك مجرد تقدير لجهاد القادة وتضحياتهم بقدر ما كان إمعانا في تحدي السلطة الاستعمارية. وعندما طلبت فرنسا - ديغول - التفاوض مع الحكومة الجزائرية المؤقتة، ردت على ذلك بأن الزعماء المعتقلين لديها هم وفدها للمفاوضات. ورفضت فرنسا ذلك، وبقي المعتقلون في السجون الافرنسية حتى تم تحرير الجزائر. ودخل بن بللا العاصمة (الجزائر) يوم 14 أيلول - سبتمبر - 1962. ثم أجريت الانتخابات للمجلس التأسيسي الذي وافق على تعيين أحمد بن بللا رئيسا للحكومة. وفي 10 أيلول - سبتمبر - 1963 أجري استفتاء في الجزائر، أسفر عن انتخاب (احمد بن بللا) أول رئيس للجمهررية الجزائرية الديموقراطية الشعبية. غير أنه لم يستمر في رئاسته، فقد قاد (هواري بومدين) الانقلاب ضده يوم 19 حزيران - يونيو - 1965. واختفى بن بللا عن المسرح السياسي، إلى ما بعد وفاة الرئيس هواري بومدين، حتى عمل الرئيس (الشاذلي بن جديدا) على رفع القيود التي كانت مفروضة على بن بللا، الذي أعلن عن رغبته في التوجه للحج وزيارة الأماكن المقدسة. وكان تصرف الرئيس الشاذلي بن جديد هو إعادة الاعتبار من مجاهد إلى مجاهد.

ص: 194