الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2)
البيان الجزائري
عندما نزلت قوات الحلفاء بالجزائر في 8 تشرين الثاني - نوفمبر - 1942 - تداعى القادة السياسيون لعقد اجتماع من أجل تحديد الشروط التي يمكن على أساسها التعاون مع الحلفاء، ودعم مجهودهم الحزبي. وتم تكليف (فرحات عباس) بصياغة هذا البيان الذي عرف باسم (بيان الشعب الجزائري) والذي نال موافقة القادة لسياسيين للبلاد، وحظي بدعم الشعب الجزائري وجاءت صيغة البيان كالتالي (*):
(
…
لقد أعطى الرئيس الامريكي روزفلت، تأكيدا في تصريح أدلى به باسم الحلفاء، بأن حقوق جميع الشعوب، الكبيرة منها والصغيرة، ستكون محترمة في تنظيم العالم الجديد.
إن الشعب الجزائري الذي يجد له قوة في هذا التصريح يطلب منذ اليوم، كي يتجنب كل سوء تفاهم، وكي يقطع الطريق على الغايات والمطامع التي يمكن أن تنشأ غدا، يطالب بما يلي:
1 -
إلغاء النظام الاستعماري الذي هو في حقيقة أمره استثمار شعب لشعب آخر. إن هذا الاستعمار ليس إلا
شكلا جماعيا للرق الفربي في العصور القديمة، والقنانة في العصور الوسطى. وهو بالاضافة إلى ذلك، أحد الأسباب الرئيسية في المنازعات والخصومات بين الدول الكبرى.
2 -
تطبيق حق تقرير المصير على جميع البلدان الصغيرة معها والكبيرة على حد سواء.
3 -
إعلان دستور جزائري يضمن:
(أ) الحرية والمساواة المطلقة بين جميع سكانها دون تمييز في العنصر والدين.
(ب) إلغاء الملكية الاقطاعية بتطبيق إصلاح زراعي شامل، وإعلان حق الفلاحين بالرفاهية.
(ج) الاعتراف باللغة العربية لغة رسمية على نفس المستوى الذي تتمتع به اللغة الافرنسية.
(د) حرية الصحافة وحق الاجتماع.
(هـ) التعليم الالزامي والمجاني للأطفال من الجنسين.
(و) حرية العبادة بالنسبة لجميع السكان، وتطبيق مبدأ فصل الدين عن الدولة بالنسبة للدين الإسلامي.
(ز) اشتراك عرب الجزائر بشكل فعال وفوري في حكم بلادهم، على غرار ما أعلنته الحكومة البريطانية والجنرال كاترو في سوريا، لأن مثل هذه الحكومة هي وحدها التي يمكنها أن تحقق في جو تسوده الوحدة المعنوية التامة مساهمة الشعب الجزائري في المعركة المشتركة.
(ح) إطلاق سراح جميع المحكومين والمعتقلين السياسيين، مهما كان الحزب الذي ينتمون إليه.
اجتمع المندوبون الشرعيون الممثلون للشعب الجزائري - الذين كانوا في مدينة الجزائر. وأقروا بالاجماع صياغة البيان في شباط - فبراير - 1943. وقام وفد جزائري يضم الدكتور بن جلول وصياح عبد القادر، والدكتور تمزالي وأورباح وبن علي شريف والدكتور الأخضري وفرحات عباس. بمقابلة الحاكم العام - مارسيل بارتان - يوم 21 آذار - مارس - 1943، وسلمه نص البيان. وفي اليوم التالي سلم الوفد البيان المذكور إلى ممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفييتي. كما تم إيصال البيان إلى لندن والجنرال ديغول والقاهرة - الحكومة المصرية - وقد قبل الحاكم العام للجزائر أن يأخذ بعين الاعتبار الميثاق الجديد كأساس لنظام الجزائر القادم. ووعد بتشكيل لجنة تضع مشروعا للإصلاحات القابلة للتحقيق بشكل فوري. وصدر قرار في 3 نيسان - أبريل - عين فيه ممثل فرنسا (لجنة الدراسة الاقتصادية والاجتماعية الإسلامية). وقد اجتمعت هذه اللجة مرتين، المرة الأولى من 14 إلى 17 نيسان - ابريل - والمرة الثانية من 23، لى 26 حزيران. فأقرت بحضور مفوض الحكومة (السيد بيرك) وهو المدير العام للشؤون الإسلامية مسودة إصلاحات عرفت باسم (ملحق البيان). وكان هذا الملحق يتضمن جزئين. كان الجزء الأول مخصصا للإصلاحات التي يناسب تأجيلها إلى نهاية النزاع. وكان هذا الجزء بالصيغة التالية:
(عند إنتهاء المنازعات تتشكل في الجزائر دولة جزائرية، لها دستورها الخاص الذي تضعه جمعية تأسيسية جزائرية، تنتخب بالاقتراع العام من قبل جميع سكان الجزائر).
أما الجزء الثاني، فكان يبحث بالاصلاحات التي يطلبها الشعب الجزائري، مع أخذ الظروف الحالية بعين الاعتبار لتوجيه مستقبل البلاد. وكان من أبرز الإصلاحات ذات الصفة السياسية حسبما جاءت في (ملحق البيان):
(أ) اشتراك الممثلين العرب بشكل فوري وفعال في حكم الجزائر وإدارتها:
1 -
تحويل حكومة عموم الجزائر إلى حكومة جزائرية، تتألف من وزراء موزعين بالتساوي بين الافرنسيين والجزائريين، وتصبح الادارات الحالية إدارات وزارية، كما يصبح رئيس الحكومة حاكما عاما، ويلقب بالسفير المفوض السامي لفرنسا في الجزائر.
2 -
التمثيل المتساوي للافرنسيين والجزائريين في صفوف المجالس المنتخبة والأجهزة الاستشارية (مجلس الحكومة الأعلى، المفوضيات المالية للمجالس العامة، مجلس البلديات غرف التجارة والزراعة، مجلس الحكماء، وجميع المصالح والمجالس واللجان والهيئات والنقابات، يدعى بالتوالي لأجل تكملة تمثيل العرب في هذه المجالس المنتخبون، والمنتخبون السابقون، بدءا بالمندوبين الماليين، حتى ممتلي النقابات العمالية.
3 -
تصبح إدارة الدوار المستقلة في المديريات المختلطة حسب قانون 1884، البلدة والجمعية ورئيسها مجلسا بلديا وعمدة الدوار (رئيس الدوار).
4 -
السماح للعرب بتولي جميع الوظائف العامة، ومن بينها سلطات الحاكم، ضمن الشروط ذاتها السارية في التوظيف والترفع والتقاعد على الموظفين إفرنسيين، والاعتراف بمبدأ التوزيع المتساوي لهذه الوظائف بين إفرنسين والعرب.
5 -
إلغاء جميع القوانين والاجراءات الاستثنائية وتطبيق الحق العام، ضمن نطاق التشريع الجزائري.
(ب) المساواة أمام ضريبة الدم.
1 -
إلغاء القيود المفروضة على المواطنيين والخدمة العسكرية المسماة (تسخير الوطنيين) ووضع صيغ موحدة للتعبئة والمساواة في العدل والسلف ومعاشات التقاعد والمكافآت، والحق بالترفيع إلى جميع الرتب.
2 -
تسليم الاعلام الجزائرية إلى أفواج من جيش الحملة الافريقية، لأن هذه باشتراكها مع الاعلام الإفرنسية، ترفع من الروح المعنوية لجنودنا (*).
(*) ليل الاستعمار (فرحات عباس) ترجةة وليم خوري ص183 - 185، 189 - 192 وحياة كفاح (أحمد توفيق المدني) 369/ 2 - 370 و374 - 370.