المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر الآذان بمصر وما كان فيه من الاختلاف - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - جـ ٣

[محمد خليل المرادي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث من سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للعالم الفاضل

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌السيد عبد الرحيم بن أبي اللطف

- ‌عبد الرحمن الشهير بشقده

- ‌عبد الرحيم المنير

- ‌عبد الرحيم المخللاتي

- ‌عبد الرحيم البراذعي

- ‌عبد الرحيم ابن حجيج

- ‌عبد الرحيم الكابلي

- ‌عبد الرحيم الطواقي

- ‌عبد الرحيم ابن شقيشقه

- ‌السيد عبد الرزاق الجندي

- ‌عبد الرزاق الرومي

- ‌السيد عبد الرزاق البهنسي

- ‌عبد الرسول الطريحي

- ‌عبد السلام الكاملي

- ‌عبد الصمد ابن همت

- ‌عبد العال الخليلي

- ‌عبد الغفور الجوهري

- ‌الشيخ عبد الغني النابلسي

- ‌قدس سره

- ‌عبد الغني بن رضوان

- ‌عبد الغني بن فضل الله

- ‌عبد الغني الياغوشي

- ‌عبد الغني بن محيي الدين بن مكية

- ‌عبد الفتاح التميمي

- ‌عبد الفتاح بن مغيزل

- ‌عبد الفتاح السباعي

- ‌السيد عبد القادر بن الكيلاني

- ‌عبد القادر الصديقي

- ‌عبد القادر ابن بشر

- ‌عبد القادر البانقوسي

- ‌عبد القادر الكدك

- ‌السيد عبد القادر بن شاهين

- ‌الشيخ عبد القادر التغلبي

- ‌عبد القادر الكردي

- ‌السيد عبد القادر الصمادي

- ‌السيد عبد القادر الكيال

- ‌عبد القادر الديري

- ‌عبد القادر بن يوسف نقيب ازاده

- ‌عبد القادر الصديقي

- ‌عبد الكريم الشراباتي

- ‌عبد الكريم الغزي

- ‌عبد الكريم السمهودي

- ‌عبد الكريم الداغستاني

- ‌عبد الكريم الخليفتي

- ‌السيد عبد الكريم ابن حمزه

- ‌عبد الكريم الأنصاري

- ‌عبد الكافي الحلبي

- ‌عبد الله باشا الجتجي

- ‌عبد الله البري

- ‌عبد الله الشرابي

- ‌عبد الله الجعفري

- ‌عبد الله الأسكداري

- ‌عبد الله الفراري

- ‌عبد الله يدي قله لي

- ‌عبد الله السويدي

- ‌عبد الله العجلوني

- ‌عبد الله البصروي

- ‌عبد الله الحلمي

- ‌عبد الله بن طرفة

- ‌عبد الله العلمي

- ‌عبد الله الجوهري

- ‌عبد الله القدسي

- ‌عبد الله الجركسي

- ‌عبد الله البشمقجي

- ‌عبد الله الخليفتي

- ‌السيد عبد الله الحدادي

- ‌عبد الله الطرابلسي

- ‌عبد الله صبحي

- ‌عبد الله بن فتح الله

- ‌عبد الله الحلبي

- ‌عبد الله التوني جوق

- ‌عبد الله الشبراوي

- ‌عبد الله الأنطاكي

- ‌عبد الله اليوسفي الحلبي

- ‌عبد الله البقاعي

- ‌عبد الله أنيس

- ‌عبد الله العجلوني

- ‌عبد الله السفاريني

- ‌عبد الله المدرس

- ‌عبد اللطيف المكتبي

- ‌السيد عبد اللطيف الكوراني

- ‌عبد اللطيف الخلوتي

- ‌عبد اللطيف المغربي

- ‌عبد اللطيف العشاري

- ‌السيد عبد اللطيف القدسي

- ‌عبد اللطيف الزوائدي

- ‌عبد اللطيف الأطاسي

- ‌السيد عبد اللطيف الكيلاني

- ‌عبد اللطيف العمري

- ‌عبد اللطيف الأدلبي

- ‌عبد المحسن الأسكداري

- ‌عبد المعطي الفلاقنسي

- ‌عبد المعطي الخليلي

- ‌عبد المعطي بن معتوق

- ‌السيد عبد المعطي الدمشقي

- ‌عبد الملك العصامي

- ‌عبد المنان الخماش

- ‌السيد عبد المنعم ابن الأشرف

- ‌عبد المولى السيري

- ‌عبد النبي النابلسي

- ‌عبد الهادي الحمصي

- ‌عبد الهادي المصري

- ‌عبد الوهاب السواري

- ‌عبد الوهاب العكري

- ‌عبد الوهاب الغميان

- ‌عبد الوهاب العفيفي

- ‌عبد الوهاب الدمشقي

- ‌السيد عبد الوهاب الحلبي

- ‌عبد الوهاب الموصلي

- ‌عثمان النحاس

- ‌عثمان بن صادق

- ‌عثمان بن حسين

- ‌الألاشهري الأشهرلي

- ‌السيد عثمان الفلاقنسي

- ‌عثمان ثروت

- ‌عثمان العقيلي

- ‌عثمان الدوركي

- ‌ذكر الآذان بمصر وما كان فيه من الاختلاف

- ‌عثمان الحلبي

- ‌عثمان العرياني

- ‌عثمان المجذوب

- ‌عثمان باشا الوزير

- ‌عثمان البقراصي

- ‌عثمان بن بكتاش الموصلي

- ‌عثمان الحافظ

- ‌عثمان العمري الموصلي

- ‌عثمان الصلاحي

- ‌عثمان الشمعة

- ‌عثمان القطان

- ‌عثمان بن ميرو

- ‌عثمان الخطيب الموصلي

- ‌عثمان بن حمودة

- ‌عمر شفائي

- ‌عمر اللبقي

- ‌عمر بن دلاور

- ‌عمر بن شاهين

- ‌عمر الطرابلسي

- ‌عمر البغدادي

- ‌عمر الأرمنازي

- ‌عمر الجوهري

- ‌عمر السكري

- ‌عمر السمهودي

- ‌عمر الظاهر الزيداني

- ‌عمر السفرجلاني

- ‌عمر الكيلاني

- ‌عمر السيري

- ‌عمر الأفيوني

- ‌عمر بن محمد البصير المصري

- ‌عمر الوحيد

- ‌عمر الرجيحي

- ‌عمر الوزان

- ‌عمر الطوراني

- ‌عمر كرامه

- ‌عمر اللاذقي

- ‌عمر الأرزنجاني

- ‌عمر الطحلاوي

- ‌عمر البقراصي

- ‌عمر الشهير بعميرة

- ‌عمر العينوسي

- ‌عمر العنز

- ‌علي العمادي

- ‌علي الشرواني

- ‌السيد علي العطار

- ‌علي التدمري

- ‌علي الواعظ البرادعي

- ‌علي المنيني

- ‌علي كزبر

- ‌علي الحريشي

- ‌علي الصعيدي

- ‌علي باشا الكور

- ‌علي العجلاني

- ‌علي الأسدي

- ‌علي بن حبيب الله القدسي

- ‌علي الدفتري

- ‌علي البرزنجي

- ‌علي الرومي

- ‌علي المصري

- ‌علي الطاغستاني

- ‌علي الغزي

- ‌علي الدفترداري

- ‌السيد علي الخباز

- ‌علي السمهودي

- ‌علي الأرمنازي

- ‌علي الكردي

- ‌علي السليمي

- ‌السيد علي المرادي

- ‌علي ابن أيوب الخلوتي

- ‌علي التركماني

- ‌علي السقاط

- ‌علي البصير

- ‌علي الأسكاف

- ‌علي الرختوان

- ‌علي الشدادي

- ‌علي الكبيسي

- ‌علي الزهري الشرواني

- ‌علي العمري

- ‌علي بن كرامة الطرابلسي

- ‌علي الدباغ

- ‌علي النبكي

- ‌السيد علي الكريمي

- ‌السيد علي الكيلاني

- ‌علي البدري

- ‌علي الطيان

- ‌علي الغلامي الموصلي

- ‌علي الأطفيحي

- ‌علي التونسي

- ‌علي الأسمر

- ‌عز الدين الحمصي

- ‌علاء الدين العذراوي

- ‌عليم الله الهندي

- ‌عطاء الله الموصلي

- ‌عطاء الله العاني

- ‌الجزء الرابع

- ‌فتح الله العمري الموصلي

- ‌محمد بن محمد الطيب المالكي

- ‌مصطفى التميمي

- ‌مصطفى النابلسي الحنبلي

- ‌عطية الله الأجهوري

- ‌عيد النمرسي

- ‌عيسى بن شمس الدين

- ‌عيسى البراوي

- ‌عيسى بن صبغة الله

- ‌عيسى القدومي

- ‌حرف الغين المعجمة

- ‌غياث الدين البلخي

- ‌حرف الفاء

- ‌فتح الله الداديخي

- ‌السيد فتحي الدفتري

- ‌الجزء الرابع

- ‌فتح الله العمري الموصلي

الفصل: ‌ذكر الآذان بمصر وما كان فيه من الاختلاف

العلامة محمود أفندي الأنطاكي وعين السيد محمد أفندي الكبيسي محدثاً وعين عبد الكريم أفندي الشرباتي واعظاً عقب صلاة الجمعة استطراد

‌ذكر الآذان بمصر وما كان فيه من الاختلاف

اعلم إن أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بالمدينة الشريفة وفي الأسفار وكان ابن أم مكتوم واسمه عمرو بن قيس بن شريح من بني عامر بن لؤي وقيل اسمه عبد الله وأمه أم واسمها عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة من بني مخزوم ربما أذن بالمدينة وأذن أبو محذورة واسمه أوس وقيل سمرة بن معير بن لوذان بن ربيعة بن معير بن عريج بن سعيد بن جمح وكان استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يؤذن مع بلال فأذن له وكان يؤذن في المسجد الحرام وأقام بمكة ومات بها ولم يأت المدينة قال ابن الكلبي كان أبو محذورة لا يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة لا في الفجر ولم يهاجر وأقام بمكة وقال ابن جريج علم النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة الآذان بالجعرانة حين قسم غنائم حنين ثم جعله مؤذناً في المسجد الحرام وقال الشعبي أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلال وأبو محذورة وابن أم مكتوم وقد جاء إن عثمان ابن عفان رضي الله عنه كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المنبر وقال محمد بن سعد عن الشعبي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة مؤذنين بلال وأبو محذورة وعمرو بن أم مكتوم فإذا غلب بلال أذن أبو محذورة وإذا غاب أبو محذورة أذن ابن أم مكتوم قلت لعل هذا كان بمكة وذكر ابن سعد إن بلالاً أذن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه وإن عمر رضي الله عنه أراده أن يؤذن له فأبى عليه فقال له إلى من ترى أن أجعل النداء فقال إلى سعد القرظ فإنه قد أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه عمر رضي الله عنه فجعل النداء إليه وإلى عقبه من بعده وقد ذكر إن سعد القرظ كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقبا قبا بضم الأول وذكر أبو داود في مراسيله والدارقطني في سننه قال بكير بن عبد الله الأشج كانت مساجد المدينة تسعة سوى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يصلون بآذان بلال رضي الله عنه وقد كان عند فتح مصر الآذان انما هو بالمسجد الجامع المعروف بجامع عمرو وبه صلاة الناس بأسرهم وكان من هدى الصحابة والتابعين رضي الله عنهم المحافظة على الجماعة وتشديد النكير على من تخلف عن صلاة الجماعة قال أبو عمرو الكندي في ذكر من عرف على المؤذنين بجامع عمرو بن العاص بفسطاط مصر وكان أول من عرف على المؤذنين أبو مسلم سالم بن عامر بن

ص: 153

عبد المرادي وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أذن لعمر بن الخطاب سار إلى مصر مع عمرو بن عاص يؤذن له حتى افتتحت مصر فأقام على الآذان وضم إليه عمرو بن العاص تسعة رجال يؤذنون وهم عاشرهم وكان الآذان في ولده حتى انقرضوا قال أبو الخير حدثني أبو مسلم وكان مؤذناً لعمرو بن العاص أن الآذان كان أوله لا إله إلا الله وآخره لا إله إلا الله وكان أبو مسلم يوصي بذلك حتى مات ويقول هكذا كان الآذان ثم عرف عليهم أخوه شرحبيل بن عامر وكانت له صحبة وفي عرافته زاده مسلمة بن مخلد في المسجد الجامع وجعل له المنار ولم يكن قبل ذلك وكان شرحبيل أول من رقى منارة مصر للآذان وإن مسلمة بن مخلد اعتكف في منارة الجامع فسمع أصوات نواقيس عالية بالفسطاط فدعا شرحبيل بن عامر فأخبره بما ساءه من ذلك فقال شرحبيل فإني أمدد بالآذان من نصف الليل إلى قرب الفجر فانههم أيها الأمير أن ينقسوا إذا أذنت فنهاهم مسلمة عن ضرب النواقيس وقت الآذان ومدد شرحبيل ومطط أكثر الليل إلى أن مات شرحبيل سنة خمس وستين.

وذكر عن عثمان رضي الله عنه أنه أول من رزق المؤذنين رزق من الباب الأول فلما كثرت مساجد الخطبة أمر مسلمة بن مخلد الأنصاري في امارته على مصر ببناء المنار في جميع المساجد خلا مساجد تجيب وخولان فكانوا يؤذنون في الجامع أولاً فإذا فرغوا أذن كل مؤذن في الفسطاط في وقت واحد فكان لآذانهم دوي شديد وكان الآذان أولاً بمصر كأذان أهل المدينة وهو الله أكبر الله أكبر وباقيه كما هو اليوم فلم يزل الأمر بمصر على ذلك في جامع عمره بالفسطاط وفي جامع العسكر وفي جامع أحمد بن طولون وبقية المساجد إلى أن قدم القائد جوهر بجيوش المعز لدين الله وبنى القاهرة فلما كان في يوم الجمعة الثامن من جمادي الأولى سنة تسع وخمسين وثلثمائة صلى القائد جوهر الجمعة في جامع أحمد بن طولون وخطب به عبد السميع ابن عمر العباسي بقلنسوة وسبني وطيلسان دبسي وأذن المؤذنون حي على خير العمل وهو أول ما أذن به بمصر وصلى به عبد السميع الجمعة فقرأ سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون وقنت في ركعة الثانية وانحط إلى السجود ونسي الركوع فصاح به علي بن الوليد قاضي عسكر جوهر بطلت الصلاة أعد ظهراً أربع ركعات ثم أذن بحي على خير العمل في سائر مساجد العسكر إلى حدود مسجد عبد الله وأنكر جوهر على عبد السميع إنه لم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة ولا قرأها في الخطبة فأنكره جوهر ومنعه من ذلك ولأربع بقين من جمادي الأولى المذكور أذن في الجامع العتيق لحي على خير العمل وجهروا في الجامع بالبسملة في الصلاة فلم يزل الأمر على ذلك طول مدة الخلفاء الفاطميين إلا أن الحاكم بأمر الله في سنة أربعمائة

ص: 154

أمر بجمع مؤذني القصر وسائر الجوامع وحضر قاضي القضاة مالك بن سعيد الفارقي وقرأ أبو علي العباسي سجلاً فيه الأمر بترك حي على خير العمل في الآذان وأن يقال في صلاة الصبح الصلاة خير من النوم وأن يكون ذلك من مؤذني القصر عند قولهم السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله فامتثل ذلك ثم عاد المؤذنون إلى قول حي على خير العمل في ربيع الآخر سنة احدى وأربعمائة ومنع في سنة خمس وأربعمائة مؤذنو جامع القاهرة ومؤذنو القصر من قولهم بعد الآذان السلام على أمير المؤمنين وأمرهم أن يقولوا بعد الآذان الصلاة رحمك الله ولهذا الفعل أصل قال الواقدي كان بلال رضي الله عنه يقف على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول السلام عليك يا رسول الله وربما قال السلام عليك بأبي أنت وأمي يا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة السلام عليك يا رسول الله قال البلادري وقال غيره كان يقول السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا رسول الله فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه الخلافة كان سعد القرظ يقف على بابه فيقول السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا خليفة رسول الله فلما استخلف عمر رضي الله عنه كان سعد يقف على بابه فيقول السلام عليك يا خليفة خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا خليفة خليفة رسول الله فلما قال عمر رضي الله عنه للناس أنتم المؤمنون وأنا أميركم فدعى أمير المؤمنين استطالة لقول القائل يا خليفة خليفة رسول الله ولمن بعده خليفة خليفة خليفة رسول الله كان المؤذن يقول السلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا أمير المؤمنين ثم إن عمر رضي الله عنه أمر المؤذن فزاد فيها رحمك الله ويقال إن عثمان رضي الله عنه زادها وما زال المؤذنون إذا أذنوا سلموا على الخلفاء وأمراء الأعمال ثم يقيمون الصلاة بعد السلام فيخرج الخليفة أو الأمير فيصلي بالناس هكذا كان العمل مدة أيام بني أمية ثم مدة خلافة بني العباس أيام كانت الخلفاء وأمراء الأعمال تصلي بالناس فلما استولى العجم وترك خلفاء بني العباس الصلاة بالناس ترك ذلك كما ترك غيره من سنن الإسلام.

ولم يكن أحد من الخلفاء الفاطميين يصلي بالناس الصلوات الخمس في كل يوم فسلم المؤذنون في أيامهم على الخليفة بعد الآذان للفجر فوق المنارات فلما انقضت أيامهم وغير السلطان صلاح الدين رسومهم لم يتجاسر المؤذنون على السلام عليه احتراماً للخليفة العباسي ببغداد فجعلوا عوض السلام على الخليفة السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمر ذلك قبل الآذان للفجر في كل ليلة بمصر والشام والحجاز وزيد فيه بأمر المحتسب صلاح الدين عبد الله البرلسي الصلاة والسلام عليك يا رسول الله وكان ذلك

ص: 155

بعد سنة ستين وسبعمائة فاستمر ذلك ولما تغلب أبو علي بن كتيفات بن الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي على رتبة الوزارة في أيام الحافظ لدين الله أبي الميمون عبد المجيد بن الأمير أبي القاسم محمد بن المستنصر بالله في سادس عشر ذي القعدة سنة أربع وعشرين وخمسمائة وسجن الحافظ وقيده واستولى على سائر ما في القصر من الأموال والذخائر وحملها إلى دار الوزارة وكان امامياً متشدداً في ذلك خالف ما عليه الدولة من مذهب الإسماعيلية وأظهر الدعاء للامام المنتظر وأزال من الآذان حي على خير العمل وقولهم محمد وعلى خير البشر وأسقط ذكر إسماعيل بن جعفر الذي تنتسب إليه الإسماعيلية فلما قتل في سادس عشر المحرم سنة ست وعشرين وخمسمائة عاد الأمر إلى الخليفة الحافظ وأعيد إلى الآذان ما كان أسقط منه وأول من قال في الآذان بالليل محمد وعلى خير البشر الحسين المعروف بأمير كان شكنبه ويقال أشكنبه وهو اسم أعجمي معناه الكرش شكنبه بكسر الشين وفتح الكاف والباء الكرش وأشكنبه بالتركي محرف منه وهو علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب وكان أول تأذينه بذلك في أيام سيف الدولة بن حمدان بحلب في سنة سبع وأربعين وثلثمائة قاله الشريف محمد بن أسعد الجواني النسابة ولم يزل الآذان بحلب يزاد فيه حي على خير العمل ومحمد وعلى خير البشر إلى أيام نور الدين محمود فلما فتح المدرسة الكبيرة المعروفة بالحلاوية استدعى أبا الحسن علي بن الحسن بن محمد البلخي الحنفي إليها فجاء ومعه جماعة من الفقهاء وألقى بها الدروس فلما سمع الآذان أمر الفقهاء فصعدوا المنارة وقت الآذان وقال لهم مروهم يؤذنوا الآذان المشروع ومن امتنع كبوه على رأسه فصعدوا وفعلوا ما أمرهم به واستمر الأمر على ذلك وأما مصر فلم يزل الآذان بها على مذهب القوم إلى أن استبد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بسلطنة ديار مصر وأزال الدولة الفاطمية في سنة سبع وستين وخمسمائة وكان ينتحل مذهب الامام الشافعي رضي الله عنه وعقيدة الشيخ أبي الحسن الأشعري رحمه الله فأبطل من الآذان قول حي على خير العمل وصار يؤذن في سائر إقليم مصر والشام بأذان أهل مكة وفيه تربيع وترجيع الشهادتين فاستمر الأمر على ذلك إلى أن بنت الأتراك المدارس بديار مصر وانتشر مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه في مصر فصار يؤذن في بعض المدارس التي للحنفية بأذان أهل الكوفة وتقام الصلاة أيضاً على رأيهم وما عدا ذلك فعلى ما قلنا إلا أنه في ليلة الجمعة إذا فرغ المؤذنون من التأذين سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شيء أحدثه محتسب القاهرة صلاح الدين عبد الله بن عبد الله البرلسي بعد سنة ستين وسبعمائة فاستمر إلى أن

ص: 156

كان في شعبان سنة احدى وتسعين وسبعمائة ومتولي الأمر بديار مصر الأمير منطاش القائم بدولة الملك الصالح المنصور أمير حاج المعروف بحاجي بن شعبان بن حسين بن محمد بن قلاون فسمع بعض الفقراء الخلاطين سلام المؤذنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة جمعة وقد استحسن ذلك طائفة من اخوانه فقال لهم أتحبون أن يكون هذا السلام في كل أذان قالوا نعم فبات تلك الليلة وأصبح متواجداً يزعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه وإنه أمره أن يذهب إلى المحتسب ويبلغه عنه أن يأمر المؤذنين بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أذان فمضى إلى محتسب القاهرة وهو يومئذ نجم الدين محمد الطنبدي وكان شيخاً جهولاً وبلهاناً مهولاً سئ السيرة في الحسبة والقضاء متهافتاً على الدرهم ولو قاده إلى البلاء لا يحتشم من أخذ البرطيل والرشوة ولا يراعي في مؤمن إلا ولا ذمة قد ضرى على الآثام وتجسد من أكل الحرام يرى إن العلم أرخاء

العذبة ولبس الجبة ويحسب إن رضى الله سبحانه في ضرب العباد بالدرة وولاية الحسبة لم تحمد الناس قط أياديه ولا شكرت أبداً مساعيه بل جهالاته شائعة وقبائح أفعاله ذائعة أشخص أشخص أزعج غير مرة إلى مجلس المظالم وأوقف مع من أوقف للمحاكمة بين يدي السلطان من أجل عيوب فوادح حقق فيها شكاته عليه القوادح. ذبة ولبس الجبة ويحسب إن رضى الله سبحانه في ضرب العباد بالدرة وولاية الحسبة لم تحمد الناس قط أياديه ولا شكرت أبداً مساعيه بل جهالاته شائعة وقبائح أفعاله ذائعة أشخص أشخص أزعج غير مرة إلى مجلس المظالم وأوقف مع من أوقف للمحاكمة بين يدي السلطان من أجل عيوب فوادح حقق فيها شكاته عليه القوادح.

وما زال في السيرة مذموماً ومن العامة والخاصة ملوماً وقال له رسول الله يأمرك أن تتقدم لسائر المؤذنين بأن يزيدوا في كل أذان قولهم الصلاة والسلام عليك يا رسول الله كما يفعل في ليالي الجمع فأعجب الجاهل هذا القول وجهل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر بعد وفاته إلا بما يوافق ما شرعه الله على لسانه في حياته وقد نهى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الزيادة فيما شرعه حيث يقول أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم ومحدثات الأمور فأمر بذلك في شعبان من السنة المذكورة وتمت هذه البدعة واستمرت إلى يومنا هذا في جميع ديار مصر وبلاد الشام وصارت العامة وأهل الجهالة ترى إن ذلك من جملة الآذان الذي لا يحل تركه وأدى ذلك إلى أن زاد بعض أهل الالحاد في الآذان ببعض القرى السلام بعد الآذان على شخص من المعتقدين الذين ماتوا فلا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون وأما التسبيح في الليل على المآذن فإنه لم يكن من فعل سلف الأمة وأول ما عرف من ذلك إن موسى بن عمران صلوات الله عليه لما كان ببني إسرائيل في التيه بعد غرق فرعون وقومه اتخذ بوقين من فضة مع رجلين من بني إسرائيل ينفخان فيهما وقت الرحيل ووقت النزول وفي أيام الأعياد وعند

ص: 157

ثلث الليل الأخير من كل ليلة فتقوم عند ذلك طائفة من بني لاوي سبط موسى عليه السلام ويقولون نشيداً منزلاً بالوحي فيه تخويف وتحذير وتعظيم لله تعالى وتنزيه له تعالى إلى وقت طلوع الفجر واستمر الحال على هذا كل ليلة مدة حياة موسى عليه السلام وبعده أيام يوشع بن نون ومن قام في بني إسرائيل من القضاة إلى أن قام بأمرهم داود عليه السلام وشرع في عمارة بيت المقدس فرتب في كل ليلة عدة من بني لاوي يقومون عند ثلث الليل الآخر فمنهم من يضرب بالآلات كالعود والسنطير والبربط والدف والمزمار ونحو ذلك ومنهم من يرفع عقيرته بالنشائد المنزلة بالوحي على نبي الله موسى عليه السلام والنشائد المنزلة بالوحي على داود عليه السلام ويقال إن عدد بني لاوي هذا كان ثمانية وثلاثين ألف رجل قد ذكر تفصيلهم في كتاب الزبور فإذا قام هؤلاء ببيت المقدس قام في كل محلة من محال بيت المقدس رجال يرفعون أصواتهم بذكر الله سبحانه من غير آلات فإن الآلات كانت مما يختص ببيت المقدس فقط وقد نهوا عن ضربها في غير البيت فيتسامع من قرية بيت المقدس فيقوم في كل قرية رجال يرفعون أصواتهم بذكر الله تعالى حتى يعم الصوت بالذكر جميع قرى بني إسرائيل ومدنهم وما زال الأمر على ذلك في كل ليلة إلى أن خرب بخت نصر بيت المقدس وجلا بني إسرائيل إلى بابل فبطل هذا العمل وغيره من بلاد بني إسرائيل مدة جلائهم في بابل سبعين سنة فلما عاد بنو إسرائيل من بابل وعمروا البيت العمارة الثانية أقاموا شرائعهم وعاد قيام بني لاوي بالبيت في الليل وقيام أهل محال القدس وأهل القرى والمدن على ما كان العمل عليه أيام عمارة البيت الأولى واستمر ذلك إلى أن خرب القدس بعد قتل نبي الله يحيى بن زكريا وقيام اليهود على روح الله ورسوله عيسى ابن مريم صلوات الله عليهم على يد طيطش فبطلت شرائع بني إسرائيل من حينئذ وبطل هذا القيام فيما بطل من بلاد بني إسرائيل وأما في الملة الاسلامية فكان ابتداء هذا لعمل بمصر وسببه إن مسلمة بن مخلد أمير مصر بنى مناراً لجامع عمرو بن العاص واعتكف فيه فسمع أصوات النواقيس عالية فشكا ذلك إلى شرحبيل بن عامر عريف المؤذنين فقال إني أمدد الآذان من نصف الليل إلى قرب الفجر فإنههم أيها الأمير أن ينقسوا إذا أذنت فنهاهم مسلمة عن ضرب النواقيس وقت الآذان ومدد شرحبيل ومطط أكثر الليل ثم إن الأمير أبا العباس أحمد بن طولون كان قد جعل في حجرة تقرب منه رجال تعرف بالمكبرين عدتهم اثنا عشر رجلاً يبيت في هذه الحجرة كل ليلة أربعة يجعلون الليل بينهم عقباً فكانوا يكبرون ويسبحون ويحمدون الله سبحانه في كل وقت ويقرأون

ص: 158