الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلامة محمود أفندي الأنطاكي وعين السيد محمد أفندي الكبيسي محدثاً وعين عبد الكريم أفندي الشرباتي واعظاً عقب صلاة الجمعة استطراد
ذكر الآذان بمصر وما كان فيه من الاختلاف
اعلم إن أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بالمدينة الشريفة وفي الأسفار وكان ابن أم مكتوم واسمه عمرو بن قيس بن شريح من بني عامر بن لؤي وقيل اسمه عبد الله وأمه أم واسمها عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة من بني مخزوم ربما أذن بالمدينة وأذن أبو محذورة واسمه أوس وقيل سمرة بن معير بن لوذان بن ربيعة بن معير بن عريج بن سعيد بن جمح وكان استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يؤذن مع بلال فأذن له وكان يؤذن في المسجد الحرام وأقام بمكة ومات بها ولم يأت المدينة قال ابن الكلبي كان أبو محذورة لا يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة لا في الفجر ولم يهاجر وأقام بمكة وقال ابن جريج علم النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة الآذان بالجعرانة حين قسم غنائم حنين ثم جعله مؤذناً في المسجد الحرام وقال الشعبي أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلال وأبو محذورة وابن أم مكتوم وقد جاء إن عثمان ابن عفان رضي الله عنه كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المنبر وقال محمد بن سعد عن الشعبي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة مؤذنين بلال وأبو محذورة وعمرو بن أم مكتوم فإذا غلب بلال أذن أبو محذورة وإذا غاب أبو محذورة أذن ابن أم مكتوم قلت لعل هذا كان بمكة وذكر ابن سعد إن بلالاً أذن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه وإن عمر رضي الله عنه أراده أن يؤذن له فأبى عليه فقال له إلى من ترى أن أجعل النداء فقال إلى سعد القرظ فإنه قد أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه عمر رضي الله عنه فجعل النداء إليه وإلى عقبه من بعده وقد ذكر إن سعد القرظ كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقبا قبا بضم الأول وذكر أبو داود في مراسيله والدارقطني في سننه قال بكير بن عبد الله الأشج كانت مساجد المدينة تسعة سوى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يصلون بآذان بلال رضي الله عنه وقد كان عند فتح مصر الآذان انما هو بالمسجد الجامع المعروف بجامع عمرو وبه صلاة الناس بأسرهم وكان من هدى الصحابة والتابعين رضي الله عنهم المحافظة على الجماعة وتشديد النكير على من تخلف عن صلاة الجماعة قال أبو عمرو الكندي في ذكر من عرف على المؤذنين بجامع عمرو بن العاص بفسطاط مصر وكان أول من عرف على المؤذنين أبو مسلم سالم بن عامر بن
عبد المرادي وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أذن لعمر بن الخطاب سار إلى مصر مع عمرو بن عاص يؤذن له حتى افتتحت مصر فأقام على الآذان وضم إليه عمرو بن العاص تسعة رجال يؤذنون وهم عاشرهم وكان الآذان في ولده حتى انقرضوا قال أبو الخير حدثني أبو مسلم وكان مؤذناً لعمرو بن العاص أن الآذان كان أوله لا إله إلا الله وآخره لا إله إلا الله وكان أبو مسلم يوصي بذلك حتى مات ويقول هكذا كان الآذان ثم عرف عليهم أخوه شرحبيل بن عامر وكانت له صحبة وفي عرافته زاده مسلمة بن مخلد في المسجد الجامع وجعل له المنار ولم يكن قبل ذلك وكان شرحبيل أول من رقى منارة مصر للآذان وإن مسلمة بن مخلد اعتكف في منارة الجامع فسمع أصوات نواقيس عالية بالفسطاط فدعا شرحبيل بن عامر فأخبره بما ساءه من ذلك فقال شرحبيل فإني أمدد بالآذان من نصف الليل إلى قرب الفجر فانههم أيها الأمير أن ينقسوا إذا أذنت فنهاهم مسلمة عن ضرب النواقيس وقت الآذان ومدد شرحبيل ومطط أكثر الليل إلى أن مات شرحبيل سنة خمس وستين.
وذكر عن عثمان رضي الله عنه أنه أول من رزق المؤذنين رزق من الباب الأول فلما كثرت مساجد الخطبة أمر مسلمة بن مخلد الأنصاري في امارته على مصر ببناء المنار في جميع المساجد خلا مساجد تجيب وخولان فكانوا يؤذنون في الجامع أولاً فإذا فرغوا أذن كل مؤذن في الفسطاط في وقت واحد فكان لآذانهم دوي شديد وكان الآذان أولاً بمصر كأذان أهل المدينة وهو الله أكبر الله أكبر وباقيه كما هو اليوم فلم يزل الأمر بمصر على ذلك في جامع عمره بالفسطاط وفي جامع العسكر وفي جامع أحمد بن طولون وبقية المساجد إلى أن قدم القائد جوهر بجيوش المعز لدين الله وبنى القاهرة فلما كان في يوم الجمعة الثامن من جمادي الأولى سنة تسع وخمسين وثلثمائة صلى القائد جوهر الجمعة في جامع أحمد بن طولون وخطب به عبد السميع ابن عمر العباسي بقلنسوة وسبني وطيلسان دبسي وأذن المؤذنون حي على خير العمل وهو أول ما أذن به بمصر وصلى به عبد السميع الجمعة فقرأ سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون وقنت في ركعة الثانية وانحط إلى السجود ونسي الركوع فصاح به علي بن الوليد قاضي عسكر جوهر بطلت الصلاة أعد ظهراً أربع ركعات ثم أذن بحي على خير العمل في سائر مساجد العسكر إلى حدود مسجد عبد الله وأنكر جوهر على عبد السميع إنه لم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة ولا قرأها في الخطبة فأنكره جوهر ومنعه من ذلك ولأربع بقين من جمادي الأولى المذكور أذن في الجامع العتيق لحي على خير العمل وجهروا في الجامع بالبسملة في الصلاة فلم يزل الأمر على ذلك طول مدة الخلفاء الفاطميين إلا أن الحاكم بأمر الله في سنة أربعمائة
أمر بجمع مؤذني القصر وسائر الجوامع وحضر قاضي القضاة مالك بن سعيد الفارقي وقرأ أبو علي العباسي سجلاً فيه الأمر بترك حي على خير العمل في الآذان وأن يقال في صلاة الصبح الصلاة خير من النوم وأن يكون ذلك من مؤذني القصر عند قولهم السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله فامتثل ذلك ثم عاد المؤذنون إلى قول حي على خير العمل في ربيع الآخر سنة احدى وأربعمائة ومنع في سنة خمس وأربعمائة مؤذنو جامع القاهرة ومؤذنو القصر من قولهم بعد الآذان السلام على أمير المؤمنين وأمرهم أن يقولوا بعد الآذان الصلاة رحمك الله ولهذا الفعل أصل قال الواقدي كان بلال رضي الله عنه يقف على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول السلام عليك يا رسول الله وربما قال السلام عليك بأبي أنت وأمي يا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة السلام عليك يا رسول الله قال البلادري وقال غيره كان يقول السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا رسول الله فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه الخلافة كان سعد القرظ يقف على بابه فيقول السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا خليفة رسول الله فلما استخلف عمر رضي الله عنه كان سعد يقف على بابه فيقول السلام عليك يا خليفة خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا خليفة خليفة رسول الله فلما قال عمر رضي الله عنه للناس أنتم المؤمنون وأنا أميركم فدعى أمير المؤمنين استطالة لقول القائل يا خليفة خليفة رسول الله ولمن بعده خليفة خليفة خليفة رسول الله كان المؤذن يقول السلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا أمير المؤمنين ثم إن عمر رضي الله عنه أمر المؤذن فزاد فيها رحمك الله ويقال إن عثمان رضي الله عنه زادها وما زال المؤذنون إذا أذنوا سلموا على الخلفاء وأمراء الأعمال ثم يقيمون الصلاة بعد السلام فيخرج الخليفة أو الأمير فيصلي بالناس هكذا كان العمل مدة أيام بني أمية ثم مدة خلافة بني العباس أيام كانت الخلفاء وأمراء الأعمال تصلي بالناس فلما استولى العجم وترك خلفاء بني العباس الصلاة بالناس ترك ذلك كما ترك غيره من سنن الإسلام.
ولم يكن أحد من الخلفاء الفاطميين يصلي بالناس الصلوات الخمس في كل يوم فسلم المؤذنون في أيامهم على الخليفة بعد الآذان للفجر فوق المنارات فلما انقضت أيامهم وغير السلطان صلاح الدين رسومهم لم يتجاسر المؤذنون على السلام عليه احتراماً للخليفة العباسي ببغداد فجعلوا عوض السلام على الخليفة السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمر ذلك قبل الآذان للفجر في كل ليلة بمصر والشام والحجاز وزيد فيه بأمر المحتسب صلاح الدين عبد الله البرلسي الصلاة والسلام عليك يا رسول الله وكان ذلك
بعد سنة ستين وسبعمائة فاستمر ذلك ولما تغلب أبو علي بن كتيفات بن الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي على رتبة الوزارة في أيام الحافظ لدين الله أبي الميمون عبد المجيد بن الأمير أبي القاسم محمد بن المستنصر بالله في سادس عشر ذي القعدة سنة أربع وعشرين وخمسمائة وسجن الحافظ وقيده واستولى على سائر ما في القصر من الأموال والذخائر وحملها إلى دار الوزارة وكان امامياً متشدداً في ذلك خالف ما عليه الدولة من مذهب الإسماعيلية وأظهر الدعاء للامام المنتظر وأزال من الآذان حي على خير العمل وقولهم محمد وعلى خير البشر وأسقط ذكر إسماعيل بن جعفر الذي تنتسب إليه الإسماعيلية فلما قتل في سادس عشر المحرم سنة ست وعشرين وخمسمائة عاد الأمر إلى الخليفة الحافظ وأعيد إلى الآذان ما كان أسقط منه وأول من قال في الآذان بالليل محمد وعلى خير البشر الحسين المعروف بأمير كان شكنبه ويقال أشكنبه وهو اسم أعجمي معناه الكرش شكنبه بكسر الشين وفتح الكاف والباء الكرش وأشكنبه بالتركي محرف منه وهو علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب وكان أول تأذينه بذلك في أيام سيف الدولة بن حمدان بحلب في سنة سبع وأربعين وثلثمائة قاله الشريف محمد بن أسعد الجواني النسابة ولم يزل الآذان بحلب يزاد فيه حي على خير العمل ومحمد وعلى خير البشر إلى أيام نور الدين محمود فلما فتح المدرسة الكبيرة المعروفة بالحلاوية استدعى أبا الحسن علي بن الحسن بن محمد البلخي الحنفي إليها فجاء ومعه جماعة من الفقهاء وألقى بها الدروس فلما سمع الآذان أمر الفقهاء فصعدوا المنارة وقت الآذان وقال لهم مروهم يؤذنوا الآذان المشروع ومن امتنع كبوه على رأسه فصعدوا وفعلوا ما أمرهم به واستمر الأمر على ذلك وأما مصر فلم يزل الآذان بها على مذهب القوم إلى أن استبد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بسلطنة ديار مصر وأزال الدولة الفاطمية في سنة سبع وستين وخمسمائة وكان ينتحل مذهب الامام الشافعي رضي الله عنه وعقيدة الشيخ أبي الحسن الأشعري رحمه الله فأبطل من الآذان قول حي على خير العمل وصار يؤذن في سائر إقليم مصر والشام بأذان أهل مكة وفيه تربيع وترجيع الشهادتين فاستمر الأمر على ذلك إلى أن بنت الأتراك المدارس بديار مصر وانتشر مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه في مصر فصار يؤذن في بعض المدارس التي للحنفية بأذان أهل الكوفة وتقام الصلاة أيضاً على رأيهم وما عدا ذلك فعلى ما قلنا إلا أنه في ليلة الجمعة إذا فرغ المؤذنون من التأذين سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شيء أحدثه محتسب القاهرة صلاح الدين عبد الله بن عبد الله البرلسي بعد سنة ستين وسبعمائة فاستمر إلى أن
كان في شعبان سنة احدى وتسعين وسبعمائة ومتولي الأمر بديار مصر الأمير منطاش القائم بدولة الملك الصالح المنصور أمير حاج المعروف بحاجي بن شعبان بن حسين بن محمد بن قلاون فسمع بعض الفقراء الخلاطين سلام المؤذنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة جمعة وقد استحسن ذلك طائفة من اخوانه فقال لهم أتحبون أن يكون هذا السلام في كل أذان قالوا نعم فبات تلك الليلة وأصبح متواجداً يزعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه وإنه أمره أن يذهب إلى المحتسب ويبلغه عنه أن يأمر المؤذنين بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أذان فمضى إلى محتسب القاهرة وهو يومئذ نجم الدين محمد الطنبدي وكان شيخاً جهولاً وبلهاناً مهولاً سئ السيرة في الحسبة والقضاء متهافتاً على الدرهم ولو قاده إلى البلاء لا يحتشم من أخذ البرطيل والرشوة ولا يراعي في مؤمن إلا ولا ذمة قد ضرى على الآثام وتجسد من أكل الحرام يرى إن العلم أرخاء
العذبة ولبس الجبة ويحسب إن رضى الله سبحانه في ضرب العباد بالدرة وولاية الحسبة لم تحمد الناس قط أياديه ولا شكرت أبداً مساعيه بل جهالاته شائعة وقبائح أفعاله ذائعة أشخص أشخص أزعج غير مرة إلى مجلس المظالم وأوقف مع من أوقف للمحاكمة بين يدي السلطان من أجل عيوب فوادح حقق فيها شكاته عليه القوادح. ذبة ولبس الجبة ويحسب إن رضى الله سبحانه في ضرب العباد بالدرة وولاية الحسبة لم تحمد الناس قط أياديه ولا شكرت أبداً مساعيه بل جهالاته شائعة وقبائح أفعاله ذائعة أشخص أشخص أزعج غير مرة إلى مجلس المظالم وأوقف مع من أوقف للمحاكمة بين يدي السلطان من أجل عيوب فوادح حقق فيها شكاته عليه القوادح.
وما زال في السيرة مذموماً ومن العامة والخاصة ملوماً وقال له رسول الله يأمرك أن تتقدم لسائر المؤذنين بأن يزيدوا في كل أذان قولهم الصلاة والسلام عليك يا رسول الله كما يفعل في ليالي الجمع فأعجب الجاهل هذا القول وجهل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر بعد وفاته إلا بما يوافق ما شرعه الله على لسانه في حياته وقد نهى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الزيادة فيما شرعه حيث يقول أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم ومحدثات الأمور فأمر بذلك في شعبان من السنة المذكورة وتمت هذه البدعة واستمرت إلى يومنا هذا في جميع ديار مصر وبلاد الشام وصارت العامة وأهل الجهالة ترى إن ذلك من جملة الآذان الذي لا يحل تركه وأدى ذلك إلى أن زاد بعض أهل الالحاد في الآذان ببعض القرى السلام بعد الآذان على شخص من المعتقدين الذين ماتوا فلا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون وأما التسبيح في الليل على المآذن فإنه لم يكن من فعل سلف الأمة وأول ما عرف من ذلك إن موسى بن عمران صلوات الله عليه لما كان ببني إسرائيل في التيه بعد غرق فرعون وقومه اتخذ بوقين من فضة مع رجلين من بني إسرائيل ينفخان فيهما وقت الرحيل ووقت النزول وفي أيام الأعياد وعند
ثلث الليل الأخير من كل ليلة فتقوم عند ذلك طائفة من بني لاوي سبط موسى عليه السلام ويقولون نشيداً منزلاً بالوحي فيه تخويف وتحذير وتعظيم لله تعالى وتنزيه له تعالى إلى وقت طلوع الفجر واستمر الحال على هذا كل ليلة مدة حياة موسى عليه السلام وبعده أيام يوشع بن نون ومن قام في بني إسرائيل من القضاة إلى أن قام بأمرهم داود عليه السلام وشرع في عمارة بيت المقدس فرتب في كل ليلة عدة من بني لاوي يقومون عند ثلث الليل الآخر فمنهم من يضرب بالآلات كالعود والسنطير والبربط والدف والمزمار ونحو ذلك ومنهم من يرفع عقيرته بالنشائد المنزلة بالوحي على نبي الله موسى عليه السلام والنشائد المنزلة بالوحي على داود عليه السلام ويقال إن عدد بني لاوي هذا كان ثمانية وثلاثين ألف رجل قد ذكر تفصيلهم في كتاب الزبور فإذا قام هؤلاء ببيت المقدس قام في كل محلة من محال بيت المقدس رجال يرفعون أصواتهم بذكر الله سبحانه من غير آلات فإن الآلات كانت مما يختص ببيت المقدس فقط وقد نهوا عن ضربها في غير البيت فيتسامع من قرية بيت المقدس فيقوم في كل قرية رجال يرفعون أصواتهم بذكر الله تعالى حتى يعم الصوت بالذكر جميع قرى بني إسرائيل ومدنهم وما زال الأمر على ذلك في كل ليلة إلى أن خرب بخت نصر بيت المقدس وجلا بني إسرائيل إلى بابل فبطل هذا العمل وغيره من بلاد بني إسرائيل مدة جلائهم في بابل سبعين سنة فلما عاد بنو إسرائيل من بابل وعمروا البيت العمارة الثانية أقاموا شرائعهم وعاد قيام بني لاوي بالبيت في الليل وقيام أهل محال القدس وأهل القرى والمدن على ما كان العمل عليه أيام عمارة البيت الأولى واستمر ذلك إلى أن خرب القدس بعد قتل نبي الله يحيى بن زكريا وقيام اليهود على روح الله ورسوله عيسى ابن مريم صلوات الله عليهم على يد طيطش فبطلت شرائع بني إسرائيل من حينئذ وبطل هذا القيام فيما بطل من بلاد بني إسرائيل وأما في الملة الاسلامية فكان ابتداء هذا لعمل بمصر وسببه إن مسلمة بن مخلد أمير مصر بنى مناراً لجامع عمرو بن العاص واعتكف فيه فسمع أصوات النواقيس عالية فشكا ذلك إلى شرحبيل بن عامر عريف المؤذنين فقال إني أمدد الآذان من نصف الليل إلى قرب الفجر فإنههم أيها الأمير أن ينقسوا إذا أذنت فنهاهم مسلمة عن ضرب النواقيس وقت الآذان ومدد شرحبيل ومطط أكثر الليل ثم إن الأمير أبا العباس أحمد بن طولون كان قد جعل في حجرة تقرب منه رجال تعرف بالمكبرين عدتهم اثنا عشر رجلاً يبيت في هذه الحجرة كل ليلة أربعة يجعلون الليل بينهم عقباً فكانوا يكبرون ويسبحون ويحمدون الله سبحانه في كل وقت ويقرأون