الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عشر رمضان سنة خمس وسبعين ومائة وألف ودفن خارج باب أنطاكية بتربة الولي المشهور الشيخ تغلب شرقي تربته رحمه الله تعالى ومن مات من أموات المسلمين أجمعين.
حرف الفاء
فتح الله الداديخي
فتح الله بن عبد الواحد الحنفي الداديخي الأصل الدمشقي أحد الأفاضل والأدباء كان يتولى النيابات في محاكم دمشق والقضاء وقرأ في بداية أمره شيئاً من الفقه والنحو وطلب وكان أديباً بارعاً وتولى في دمشق تولية وتدريس المدرسة الباسطية في صالحية دمشق بالقرب من الجسر الأبيض وكذلك تولية وتدريس المدرسة الريحانية داخل دمشق وفي أيامه سكرت محكمة البيانية الكائنة في محلة باب شرقي بالقرب من محلة النصارى وهي مدرسة وتوليتها الآن على أحد بني محاسن ووقع في زمانه فيها بعض منكرات وأمور مخلات فسكرت وهي إلى الآن كذلك ونسبت الأمور الصادرة فيها للمترجم لكونه كان يتولاها وكان ذا شعر وأدب وشيبة بيضاء نيرة ومجد مؤثل المؤثل كمعظم ولطف خلال وشرف نفس كريمة مع هيبة وطلعة باهرة وإيراد نوادر وتكلم ومما وقع له إنه طلب من الشيخ أحمد المنيني تاريخاً لتجديد الباسطية المدرسة المذكورة فعمل له التاريخ وعرض على مفتي دمشق إذ ذاك المولى محمد العمادي حين دعاه المترجم هو والقاضي والأعيان للمدرسة المرقومة لأجل إثبات العمارة على الوقف فاستحسنه العمادي وقال يستحق صاحب هذا التاريخ وليمة عظيمة نكون أيضاً فيها فوعد ولم يف فاتفق إن المنيني المذكور خرج يوماً للصالحية ومعه الشيخ أحمد البقاعي نزيل قسطنطينية فأقاما ذلك اليوم في الباسطية من غير علم المترجم فقال المنيني لا ننزل من هنا إلا حتى ننكت على صاحب المدرسة حيث لم يف بوعده ثم إنه عمل بيتين وهما قوله
لله يوم الباسطية إنه
…
بالأنس معدود من الأعمار
قلنا به في ظل عيش ناعم
…
داني الظلال مقلص الأثمار
ثم عمل البقاعي بيتين من هذا القبيل ثم إن المنيني عدل عن البيتين المذكورين لقصورهما عن النورية بالمراد وعمل بيتين وغيرهما قوله
مدرسة الفتح غدت جنة
…
بديعة تزهو بإشراقها
قالوا غدا يقري لو فادها
…
قلت نعم لكن بأوراقها
وقد أنشد ذلك للعمادي فلم تعجبه أبيات البقاعي ولا البيتين الأولين وكان مغبر الخاطر من الداديخي وكان في ذلك المجلس الشيخ أحمد الكردي الدمشقي فقال له العمادي أجز بيتي المنيني فأنشأ وقال
نعم المدارس باسطية فتحنا
…
لو أنها بنداه كانت تعمر
لفظ بلا معنى كذلك ذاته
…
طول بلا طول وذا لا ينكر
فتغيظ الداديخي لما سمع ذلك وتسابا طويلاً ثم إن الكردي عمل بيتين آخرين في الداديخي وهما قوله
مالي بمدح الفتح لا أكتفي
…
فقدره قد فاق بين الورى
يا سائلي عنه وعن بيته
…
كلاهما قد أمسيا في الخراب
ومراده الاكتفاء بذلك لأن الداديخي كان بيته في محلة الخراب وأنشدهما الكردي في المجلس أيضاً فوقع بينهما مشاجرة وخصام أدى إلى قبيح الكلام ثم اجتمعا في الجامع الأموي في رمضان وكانت الواقعة قبيل رمضان بأيام فتشاتما طويلاً بالهجر من القول وخرج كل منهما عن حده من الاستطالة على صاحبه والصول ثم إن الكردي عمل في الفتح الداديخي هجاء آخر بليغاً طويلاً وعرضه في مسوداته على المنيني فمزقه شذر مذر وقال له أنت قلت فيه مقطوعين يبقيان إلى آخر الدهر وما تكلم هو فيك لا يبقى في الفكر انتهى وقد حدثني كثير من أصحابي بأجوبة صدرت من الداديخي المترجم إلى أناس صدرت مع حسن التعبير منها إن أخا الشيخ أحمد المنيني المذكور آنفاً وهو الشيخ عبد الرحمن المنيني أراد أن ينكت على الداديخي بأن أصله قروي فلاح فقال له كم ساعة بين داديخ وحلب فأجابه بالحال مقدار ما بين قرية منين ودمشق فأفحمه وأراد أن أصلك كذلك مثلي قروي إن كان مرادك ذلك ويعجبني من هذا القبيل ما أجاب به المنيني المذكور إلى أحد تجار دمشق المشاهير ويعرف بابن الزرابيلي حين سأله بقوله مولانا متى خلعتم الزرابيل من أرجلكم قاصداً التنكيت عليه بأنه قروي فأجابه المنين بالارتجال من حين تركتم صنعتها والاشتغال بها فأفحمه بالجواب وكان المترجم الداديخي ينظم الشعر الباهر فمن ذلك ما كتبه للشيخ محمد الكنجي بقوله
يا سيداً زار وما زرته
…
فمني النقص ومنه التمام
إن كان في ذلك فقد قضى
…
بأني المأموم وهو الامام
فطالما زار الغمام الثرى
…
ولم يزر قط الثرى للغمام
فأجابه الكنجي بقوله
زرتك يا كهف الندى والسخا
…
وكعبة الفضل وركن المرام
فلم أجد أنسك حسب المنى
…
ولم أخب إذ قد يزار المقام
وحيث كان الفضل يسعى له
…
والمنهل العذب كثير الزمام
وهذا تضمين حسن وممن ضمنه بعضهم بقوله وأجاد
لما بدا والشهد من ريقه
…
ودونه يستشهد المستهام
ازدحم النمل على خده
…
والمنهل العذب كثير الزحام
وكتب المترجم للكنجي ملغزاً بقوله
يا سيداً فاق أولي عصره
…
ومن رقى بالمجد أعلى مقام
وفاضل الوقت وكنز التقى
…
وجبهة الدهر ومسك الختام
من حاز قصب السبق بين الورى
…
حتى المعالي قادها بالزمام
يروى حديث الفضل عن والد
…
وعن جدود في البرايا كرام
محمد يرويه عن أحمد
…
أعني به الكنجي ذاك الهمام
ابن لنا ما أنتم إذا قل في
…
خواصنا يكثر عند العوام
بيت له بابان قد أغلقا
…
وفيه مصرعان تبدو عظام
رباعي التركيب من أحرف
…
بدت لرائيها كبدر التمام
لولاه ما كان يرى ناثر
…
كلا ولا يوجد فينا نظام
ولا صرفنا للعلا همة
…
ولا بدا الفقه وعلم الكلام
ومالك القلب له ينبغي
…
فانظر تراه بعد قلب يرام
تحريفه يؤلم أهل النهى
…
وإن تصحف لم تجد غير لام
شبهت منه عارضاً أخضراً
…
وفيه للعلم أوي والقوام
يصلح للجمع وتعريفه
…
جمع بدا عند حصول الخصام
أصبح كالصبح جلياً يرى
…
وحسن مرآه بدا للأنام
فاكشف لفتح الله عن حله
…
وأرق ودم طول المدى يا امام
ما حرك الأغصان ريح الصبا
…
وما نعى الديك فقيد الظلام
وأعذر أخاً فكر شتيت ولا
…
تجعل جوابي لن ترى والسلام
فأجابه الكنجي
أيا شفيق الفضل يا من سما
…
بفضله النامي على كل هام
ويا أديباً حسن ألفاظه
…
قد علمتنا طرق الانسجام
وذو أياد لم تزل في الورى
…
للجود والمعروف في الاغتنام
يد لفعل الخير مبسوطة
…
باليمن والاخرى إلى الالتئام
أنت ملاذ الفضل بين الملا
…
أنت حليف المجد ذو الاحتشام
وأنت فتح الله في خلقه
…
من أصبح الدهر لديه غلام
الغزت في احدى وتسعين لا
…
تقبل شكا يا رفيع المقام
وهو الذي تقديم نصف له
…
وربعه لأمك أهل الملام
وإن حذفت ربعه عامداً
…
في كل وقت كلم قد يرام
حسبك يا مفضال هذا فقد
…
أصبحت في الناس أمير الكلام
فأشرح لنا عن أحرف أربع
…
قد ركبت فيتا بحسن النظام
اسم وإن تطرح لنا نصفه
…
مشدداً فعل ذوي الاهتمام
أو تقلب النصف بتسهيله
…
فهو حياة تقبل الانقسام
أو تأخذ المقلوب مع نصف ما
…
ألقيت فهو المبتغى للأنام
أو تسحب الغاية منه إلى
…
ثانيه مع حذف وقلب امام
ونصفه حرف وفي قلبه
…
نفي فلا تحفل به يا همام
ونصفه يجمع كل الورى
…
وكل شيء فيه حسب المرام
إن قدم النصف إلى صدره
…
وصير الثاني منه ختام
فأنت لا شك هو بين الورى
…
يا فاضلاً أعيا فهوم الكرام
فأظهر لنا السر الذي قد خفي
…
فأنت رب العز ماضي الحسام
وكن بأوفى الخير في نعمة
…
وأبق ودم وأسلم إلى كل عام
فأجابه المترجم والغزلة
ما روضة غناء ذات ابتسام
…
أو عقد در فاخر الانتظام
أو غادة حسنا قد أقبلت
…
سجلة بين يديها غلام
مهضومة الأحشاء مياسة
…
في كفها راح صفا ضمن جام
عزيزة في المصر بهنانة
…
ترنو بلحظ ساحر للأنام
جاذبتها ذكر الهوى والصبا
…
وطيب أوقات مضت كالمنام
قالت أما يكفيك ما قد جرى
…
قدما فإن الوصل عندي حرام
وأحمرت الوجنات منها وقد
…
فاقت بمرآها لبدر التمام
عندي بأحلى من عقود أتت
…
من فاضل الوقت أمير الكلام
العالم المفضال نجل الولى
…
أديب هذا العصر نجل الكرام
تضمنت لغزاً صحيحاً بدا
…
في ضمن أبيات نراها عظام
وكررت ما قد لغزنا له
…
مع ضم أعمال نراها فخام