المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السيد عبد الكريم ابن حمزه - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - جـ ٣

[محمد خليل المرادي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث من سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للعالم الفاضل

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌السيد عبد الرحيم بن أبي اللطف

- ‌عبد الرحمن الشهير بشقده

- ‌عبد الرحيم المنير

- ‌عبد الرحيم المخللاتي

- ‌عبد الرحيم البراذعي

- ‌عبد الرحيم ابن حجيج

- ‌عبد الرحيم الكابلي

- ‌عبد الرحيم الطواقي

- ‌عبد الرحيم ابن شقيشقه

- ‌السيد عبد الرزاق الجندي

- ‌عبد الرزاق الرومي

- ‌السيد عبد الرزاق البهنسي

- ‌عبد الرسول الطريحي

- ‌عبد السلام الكاملي

- ‌عبد الصمد ابن همت

- ‌عبد العال الخليلي

- ‌عبد الغفور الجوهري

- ‌الشيخ عبد الغني النابلسي

- ‌قدس سره

- ‌عبد الغني بن رضوان

- ‌عبد الغني بن فضل الله

- ‌عبد الغني الياغوشي

- ‌عبد الغني بن محيي الدين بن مكية

- ‌عبد الفتاح التميمي

- ‌عبد الفتاح بن مغيزل

- ‌عبد الفتاح السباعي

- ‌السيد عبد القادر بن الكيلاني

- ‌عبد القادر الصديقي

- ‌عبد القادر ابن بشر

- ‌عبد القادر البانقوسي

- ‌عبد القادر الكدك

- ‌السيد عبد القادر بن شاهين

- ‌الشيخ عبد القادر التغلبي

- ‌عبد القادر الكردي

- ‌السيد عبد القادر الصمادي

- ‌السيد عبد القادر الكيال

- ‌عبد القادر الديري

- ‌عبد القادر بن يوسف نقيب ازاده

- ‌عبد القادر الصديقي

- ‌عبد الكريم الشراباتي

- ‌عبد الكريم الغزي

- ‌عبد الكريم السمهودي

- ‌عبد الكريم الداغستاني

- ‌عبد الكريم الخليفتي

- ‌السيد عبد الكريم ابن حمزه

- ‌عبد الكريم الأنصاري

- ‌عبد الكافي الحلبي

- ‌عبد الله باشا الجتجي

- ‌عبد الله البري

- ‌عبد الله الشرابي

- ‌عبد الله الجعفري

- ‌عبد الله الأسكداري

- ‌عبد الله الفراري

- ‌عبد الله يدي قله لي

- ‌عبد الله السويدي

- ‌عبد الله العجلوني

- ‌عبد الله البصروي

- ‌عبد الله الحلمي

- ‌عبد الله بن طرفة

- ‌عبد الله العلمي

- ‌عبد الله الجوهري

- ‌عبد الله القدسي

- ‌عبد الله الجركسي

- ‌عبد الله البشمقجي

- ‌عبد الله الخليفتي

- ‌السيد عبد الله الحدادي

- ‌عبد الله الطرابلسي

- ‌عبد الله صبحي

- ‌عبد الله بن فتح الله

- ‌عبد الله الحلبي

- ‌عبد الله التوني جوق

- ‌عبد الله الشبراوي

- ‌عبد الله الأنطاكي

- ‌عبد الله اليوسفي الحلبي

- ‌عبد الله البقاعي

- ‌عبد الله أنيس

- ‌عبد الله العجلوني

- ‌عبد الله السفاريني

- ‌عبد الله المدرس

- ‌عبد اللطيف المكتبي

- ‌السيد عبد اللطيف الكوراني

- ‌عبد اللطيف الخلوتي

- ‌عبد اللطيف المغربي

- ‌عبد اللطيف العشاري

- ‌السيد عبد اللطيف القدسي

- ‌عبد اللطيف الزوائدي

- ‌عبد اللطيف الأطاسي

- ‌السيد عبد اللطيف الكيلاني

- ‌عبد اللطيف العمري

- ‌عبد اللطيف الأدلبي

- ‌عبد المحسن الأسكداري

- ‌عبد المعطي الفلاقنسي

- ‌عبد المعطي الخليلي

- ‌عبد المعطي بن معتوق

- ‌السيد عبد المعطي الدمشقي

- ‌عبد الملك العصامي

- ‌عبد المنان الخماش

- ‌السيد عبد المنعم ابن الأشرف

- ‌عبد المولى السيري

- ‌عبد النبي النابلسي

- ‌عبد الهادي الحمصي

- ‌عبد الهادي المصري

- ‌عبد الوهاب السواري

- ‌عبد الوهاب العكري

- ‌عبد الوهاب الغميان

- ‌عبد الوهاب العفيفي

- ‌عبد الوهاب الدمشقي

- ‌السيد عبد الوهاب الحلبي

- ‌عبد الوهاب الموصلي

- ‌عثمان النحاس

- ‌عثمان بن صادق

- ‌عثمان بن حسين

- ‌الألاشهري الأشهرلي

- ‌السيد عثمان الفلاقنسي

- ‌عثمان ثروت

- ‌عثمان العقيلي

- ‌عثمان الدوركي

- ‌ذكر الآذان بمصر وما كان فيه من الاختلاف

- ‌عثمان الحلبي

- ‌عثمان العرياني

- ‌عثمان المجذوب

- ‌عثمان باشا الوزير

- ‌عثمان البقراصي

- ‌عثمان بن بكتاش الموصلي

- ‌عثمان الحافظ

- ‌عثمان العمري الموصلي

- ‌عثمان الصلاحي

- ‌عثمان الشمعة

- ‌عثمان القطان

- ‌عثمان بن ميرو

- ‌عثمان الخطيب الموصلي

- ‌عثمان بن حمودة

- ‌عمر شفائي

- ‌عمر اللبقي

- ‌عمر بن دلاور

- ‌عمر بن شاهين

- ‌عمر الطرابلسي

- ‌عمر البغدادي

- ‌عمر الأرمنازي

- ‌عمر الجوهري

- ‌عمر السكري

- ‌عمر السمهودي

- ‌عمر الظاهر الزيداني

- ‌عمر السفرجلاني

- ‌عمر الكيلاني

- ‌عمر السيري

- ‌عمر الأفيوني

- ‌عمر بن محمد البصير المصري

- ‌عمر الوحيد

- ‌عمر الرجيحي

- ‌عمر الوزان

- ‌عمر الطوراني

- ‌عمر كرامه

- ‌عمر اللاذقي

- ‌عمر الأرزنجاني

- ‌عمر الطحلاوي

- ‌عمر البقراصي

- ‌عمر الشهير بعميرة

- ‌عمر العينوسي

- ‌عمر العنز

- ‌علي العمادي

- ‌علي الشرواني

- ‌السيد علي العطار

- ‌علي التدمري

- ‌علي الواعظ البرادعي

- ‌علي المنيني

- ‌علي كزبر

- ‌علي الحريشي

- ‌علي الصعيدي

- ‌علي باشا الكور

- ‌علي العجلاني

- ‌علي الأسدي

- ‌علي بن حبيب الله القدسي

- ‌علي الدفتري

- ‌علي البرزنجي

- ‌علي الرومي

- ‌علي المصري

- ‌علي الطاغستاني

- ‌علي الغزي

- ‌علي الدفترداري

- ‌السيد علي الخباز

- ‌علي السمهودي

- ‌علي الأرمنازي

- ‌علي الكردي

- ‌علي السليمي

- ‌السيد علي المرادي

- ‌علي ابن أيوب الخلوتي

- ‌علي التركماني

- ‌علي السقاط

- ‌علي البصير

- ‌علي الأسكاف

- ‌علي الرختوان

- ‌علي الشدادي

- ‌علي الكبيسي

- ‌علي الزهري الشرواني

- ‌علي العمري

- ‌علي بن كرامة الطرابلسي

- ‌علي الدباغ

- ‌علي النبكي

- ‌السيد علي الكريمي

- ‌السيد علي الكيلاني

- ‌علي البدري

- ‌علي الطيان

- ‌علي الغلامي الموصلي

- ‌علي الأطفيحي

- ‌علي التونسي

- ‌علي الأسمر

- ‌عز الدين الحمصي

- ‌علاء الدين العذراوي

- ‌عليم الله الهندي

- ‌عطاء الله الموصلي

- ‌عطاء الله العاني

- ‌الجزء الرابع

- ‌فتح الله العمري الموصلي

- ‌محمد بن محمد الطيب المالكي

- ‌مصطفى التميمي

- ‌مصطفى النابلسي الحنبلي

- ‌عطية الله الأجهوري

- ‌عيد النمرسي

- ‌عيسى بن شمس الدين

- ‌عيسى البراوي

- ‌عيسى بن صبغة الله

- ‌عيسى القدومي

- ‌حرف الغين المعجمة

- ‌غياث الدين البلخي

- ‌حرف الفاء

- ‌فتح الله الداديخي

- ‌السيد فتحي الدفتري

- ‌الجزء الرابع

- ‌فتح الله العمري الموصلي

الفصل: ‌السيد عبد الكريم ابن حمزه

محمد حياة السندي ودرس بالجامع الأموي وبجامع الورد بسويقة صاروجا وكانت وفاته ليلة نصف شعبان سنة ثمان وتسعين ومائة وألف ودفن بسفح قاسيون قرب مدفن البلخي رحمه الله تعالى.

‌عبد الكريم الخليفتي

عبد الكريم بن عبد الله الخليفتي العباسي الحنفي العالم الفاضل الفقيه البارع الشاعر مفتي السادة الحنفية بالمدينة النبوية ولد بها سنة سبعين وألف ونشأ بها وأخذ بطلب العلم فأخذ عن الشيخ أحمد بن ناصر الدرعي وعبد الله أفندي البوسنوي وحسن أفندي البوسنوي والشيخ حسن التونسي والشيخ إبراهيم البيري والشيخ حسن العجيمي والأستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي والشيخ محمد بن إبراهيم الدكدكجي والشهاب أحمد بن محمد النخلي والشيخ محمد بن سليمان المغربي محدث الحجاز وغيرهم وبرع وفضل حتى صار أفضل أهل بيته وله من التآليف رسالة اختار فيها ترجج قول الامامين أبي يوسف ومحمد في حرمة توسد الحرير وافتراشه وله فتاوي وتحريرات أخر وله شعر لطيف ومن شعره قوله مقرظاً على رسالة للخطيب أبي الخير في مناقب أبي حنيفة رضي الله عنه

جمع يفوق شقائق النعمان

حسناً بذكر مناقب النعمان

نظمت فرائده أنامل كامل

أضحى له ذكر عظيم الشأن

أعني أبا الخير المضارع أمره

من قد مضى وعلا على كيوان

الفاضل السامي بحسن صفاته

أبدا على الأشكال والأقران

فرع نشا من دوحة المجد التي

سقيت بماء الفضل والتبيان

هو أحمد الحاوي لوزن الفضل مع

علمية جمعت شريف معاني

عين الأفاضل مبتدأ خبر الثنا

عن كل ندب من بني الأزمان

خطبته أبكار العلى فأجابها

وبه استقلت عن حبيب ثاني

لا زال ذا الفرع العزيز وأصله

في عز فخر عامر الأركان

ما قال من نظر الرسالة مادحاً

جمع يفوق شقائق النعمان

وله غير ذلك من الأشعار والنظام والنثار وكان صدراً محتشماً ورأس رأس مثل فتح باباً في المدينة المنورة وطار صيته في الآفاق ووقع على تقدمه الاتفاق وكانت وفاته في المدينة المنورة سنة ثلاث وثلاثين ومائة وألف رحمه الله تعالى.

‌السيد عبد الكريم ابن حمزه

السيد عبد الكريم ابن السيد محمد ابن السيد محمد كمال الدين الحسيني المعروف

ص: 66

بابن حمزة الحنفي الدمشقي نقيب السادة الأشراف بدمشق الفاضل العالم العلامة الأديب البارع الصدر الرئيس الصنديد الأجل كان مائلاً إلى التنعم والدعة والرفاهية وعنده من لطف الأخلاق ومحاسن الشيم وأدوات الظرف ما فاق به أهل زمانه وله شعر لطيف ونثر حسن وكان سمح اليد كثير البدل أبطأ عنه الشيب مع قوته ونشاطه وحسن خلقه وخلقه بفتح الخاء وأحديهما بالضم ولطف معاشرته ولد في ليلة الثلاثاء قبل العشاء الأخيرة لخمس بقين من ذي القعدة سنة احدى وخمسين وألف ونشأ بها في ظل أبيه في غاية من بلهنية العيش وقرأ وحصل بدمشق على جماعة منهم والده محدث دمشق الشام المتوفي في صفر سنة خمس وثمانين بعد الألف والشيخ نجم الدين الغزي والأستاذ الشيخ محمد البلباني الصالحي وأجاز له نزيله العلامة المشهور الشيخ محمد بن سليمان المغربي نزيل الحرمين وكان نزيل داره بدمشق ومنهم خير الدين ابن أحمد الرملي مفتي الحنفية بها وغيرهم وتولى نقابة الأشراف بدمشق مرات عديدة وتولى تدريس القيمرية البرانية وترددت إليه الناس لقضاء حوائجها ورحل للروم وأصيب بابن له نجيب فصير واحتسب وترجمه الأمين المحبي في نفحته وذكر له من شعره شيئاً وقال في وصفه هو بيت القصيد وواسطة عقد المجد النضيد تجسم من شرف محض وكرم لا يحتاج خيره إلى خضخضة ومخض إلى ما حاز من أشتات الكمال والمعاني المربية على الآمال وهو بعد أبيه النقيب ومحله فوق المعلى والرقيب فمهما ترقى البدر فقاصر عن مراقيه والبحر لو عذب لكان بعض سواقيه وله مع النباهة روح الفضل وجسمه ومن بشر أساريره ينهض أثره المجد ورسمه وبيني وبينه ودمورث في الأعقاب وحب خالد ما دامت الأحقاب ولي في كل لحظة منه أمل ينشيه ويعيده وفي مرأى وجهه نوروز إذا مضى أقبل عيده وإذا أردت مدحه أرسلت نفسي وما تجود فلا تنتهي عند وصف من أوصافه إلا وتقول أحسن الموجود وأنا أرجو الله تعالى في كل ما يشاؤه وأسأله من الخير ما يدوم به ممتلئاً رشاؤه وقد أوردت من نفثاته السحرية ونسماته الشحرية ما هو أحسن من نور تفتحه الصبا وأوقع من خلسة الوصل في عهد الصبا انتهى مقاله فيه ومن شعره الباهر النضر قوله

لقد دعانا إلى الربا الطرب

فأجبناه حسبما يجب

واستبقنا والشوق يجذبنا

كان أشواقنا لنا نجب

ص: 67

وشملنا والحظوظ تسعدنا

مجتمع سلك عقدنا الأدب

فحللنا منها بمرتبع

هو للزائرين منتخب

وقد حبانا الربيع مقتبلاً

بمزاياه والمنى نخب

فالروض مخضلة ملابسه

يجمع فيها الحسن والأدب

وفد تناغت به بلابله

فمنهم فاقد ومصطحب

وموكب الزهر في حدائقه

منتزه بالعيون منتهب

تظل مغناه وهو من دهر

فباب نور كأنها سحب

ينعشنا العرف من شمها

ومثل هذا العبير يكتسب

والمرج رحب الفناء مصطحب

عليه ذيل النسيم ينسجب

تخاله من زبرجد نضر

بحراً غدا بالنسيم يضطرب

يشوقنا حسنه ومنظره

يسرنا حيث زانه الخصب

ولأنسكاب المياه حسن صدا

يرقص عند استماعه الحبب

فمذ نعمنا بذا وذاك وقد

تكنفتنا بفيئها القضب

أخصب ربع المنى وطاب به

العيش لنا واستفزنا الطرب

فعاد للوجد مدنف طرباً

وهكذا مدنف الهوى طرب

ومال وفق الهوى وحق له

ذلك إذ ليس ما به لعب

وراح يملي غرامه وليها

في غزل رق صوغه عجب

ومن يكن بالغرام ممتحناً

لا غرو بالشوق قلبه يجب

يا بأبي مترف ألفت به

الوجد وما غير محنتي السبب

أطعت فيه الهوى ومعدنه

مغنطيس الجمال منجذب

جماله فتنة لذي نسك

مهذب زان حسنه الأدب

نمازج اللطف والعفاف به

كذا لمى الثغر منه والشنب

بدر محياه ما به كلف

برونق الحسن راح ينحجب

وقده السمهري من مرح

ما اهتز إلا ازدهت به القضب

وما بطر في رنا لرامقه

الأوسهم اللحاظ منتشب

شهي لفظ تكاد رقته

تسترق اللب وهو محتجب

منطقه سكر لمستمع

وسكرنا من سماعه طرب

قد منحت بالجمال صورته

وقد منحت الهوى ولا عتب

أوسعني فيه حبه ولها

وليس الا هواه لي أرب

وقد أبى غير مهجتي سكناً

وهي له مرتع ومنقلب

ص: 68

فلا خلا من هواه لي خلد

وذاك بيني وبينه النسب

وقوله

لا وصدق انتما المحب الودود

لغرام سما به للسعود

ونزول الحمى وقد طال نأى

باشتياق ونمى من المعمود

وارتضاع لما جلتها أكف

خضبتها دما ابنة العنقود

وارتشاف اللمى ولثم خدود

واعتناق الدمى ذوات النهود

ما الهوى بي كما يظن جهول

بل غرامي بما عليه شهودي

وقوله

لست إلا كلا على اشفاقك

فبر حماك جد على عشاقك

وأعد نظرة الحنان لقلبي

روع من لم يزل على ميثاقك

وأرع ودارضيته منك حاشي

نبذ وداتي على مصادقك

إن قلباً حللته عرض أنت

به جوهر على اطلاقك

كيف يرضى دون التملي بلقيا

ك محب إقالة من وثاقك

وقوله

امنح الطرف منك طلق العنان

لأجتلاء الورود في الأغصان

والثمن من اللثم باللحاظ منك خدوداً

صبغها من صنائع الرحمن

واغتنم طيب وصله فلعمري

إنه غرة بوجه الزمان

فانتهز فيه فرصة لأمانيك

وحسب الشجي نيل الأماني

حيث وجه الزمان طلق وريعان

التصابي اقباله متداني

وبحيث المنى يسرك منها

ما تدانت قطافه للبنان

واصطحب للندام كل مجيد

لقصار الفصول ذات المعاني

المعى حلو الحديث يجاريك

بما يشتهيه ذي تبيان

واصطفى للغناء كل طروب

ناعم الصوت متقن الألحان

يوسع السمع شدوه طرباً والقلب

شجواً بأنة الأشجان

وأغن يا صاح قبل فوتك واستج

ل عروساً بمطريات الأغاني

وأجتليها عذراء كأساً وكأساً

يتلألأ حبابها كالجمان

يتهادى بها اليك غرير

خنث اللحظ فاتر الأجفان

لين العطف يستبيك إذا ما

قام يختال مثل خوط البان

يشبه النور منه رونق وجه

وترى الخد منه كالأرجوان

واجتنى للمشام من يامن يانع الزهر

صنوفاً من روضك الفينان

ص: 69

وأطلق العود في المجامر والند

مان حي بماء ورد القناني

فلعمري هذا هو العيش فاغنم

فسوى الله كل شئ فاني

ومن المستجاد من شعره قوله

ومهفهف غض الأديم يرق ماء

الحسن في جسمانه الألماس

كدنا للطف صفاء خديه نرى

ما مر خلفهما من الأنفاس

ومن ذلك للسيد الأمين المحبي

ومقرطق ترف الأديم تخاله

كالغصن قد عبث النسيم بقده

ويكاد إن شرب المدامة أن ترى

ما مر منها تحت أحمر خده

ومن ذلك للفاضل عبد الباقي السمان الدمشقي أحد المدرسين بالقسطنطينية

ومهفهف لولا جفون عيونه

خلنا دم الوجنات من ألحاظه

وتكاد تقرأ من صفاء خدوده

ما مر خلف الخد من ألفاظه

ومن ذلك للأديب الشيخ صادق الخراط

أفديه ذا خد نقي لم تزل

منا العقول تتيه في مرآته

تكاد تنظر عذب ريقة ثغره

تنساب حول الدر من صفحاته

ومن ذلك للأديب عبد الحي الخال

ترف الأديم منعم الجسم الذي

سقاه ماء شبابه من وسمه

في كل عضو منه تنظر كل ما

أضمرت قبل وقوعه في وهمه

ومن ذلك قول الأديب الشيخ سعيد السمان

بأبي وبي ترف أغن مهفهف

وهب الغصون رفاهة من قده

فتكاد تبصر برد ريقته وما

ينساب منها في صحائف خده

وللمترجم

وذي لطف له شيم رطاب

حكتها من ربا نجد نسيم

تنكر بالتجافي قلت دعني

من التمويه ذالاً يستقيم

فقال أمنكر ذا أنت حتماً

فقلت نعم لما نقل النسيم

ومن ذلك قول الأديب السيد أسعد العبادي

وبي ترف صافي الأديم مهفهف

رأى الغصن يحكيه فأخجله قدا

وأوهم إن الورد يحكي خدوده

فأنبت ذاك الوهم في خده وردا

ومن ذلك قول الذهبي

ومحجب ساجي اللحاظ كأنه

معنى توهم في الخيال إذا سرى

وتكاد تقرأ في أسرة وجهه

وصقيل خد منه ما قد أضمرا

ص: 70

ومما رق وراق قوله في معنى آخر

رب ساق أتى بماء قراح

غب سقي المدام للندمان

قابل الخد منه بالكأس عمداً

إذ غدا الخد منه كالأرجوان

فاكتسى من شعاعه الكأس حسناً

لم نخله الا مدام الدنان

وله فيه أيضاً

يا بروحي ساق إذا ما أتانا

بقراح خلال حث المدام

لم نخل غير خمرة إذ شعاع

الخد قد مازج الأنا باحتكام

وكتب الأمين المحيي المذكور له يمدحه بقوله

كتمت هوائي لو يفيد التكتم

وكيف ودمع العين عنه يترجم

لك الله قلبي كم نقاسي لواعجاً

لها في الحشا نار من العشق تضرم

بليت بقاس لا يزال يذيقني

من الصد ما لم يلقه قبل مغرم

فسلمت قلبي طائعاً غير إنني

أؤخر رجلاً في الهوى وأقدم

وما كنت أدري إن للعشق فتنة

وإن اجتناب الشر للحر أسلم

فلما رأى وجدي عليه تغيرت

خلائقه ثم انثنى يتحكم

وصد وجاز إني على الصد بالقلا

وأعرض عني وهو بالحال يعلم

وبدل ميثاقي وأضحى مجانباً

يمر فيثنى عطفه لا يسلم

وأغدق دمعي وهو ماء ممنع

وحلل قتلي وهو أمر محرم

عفا الله عنه من بخيل بقربه

وسامحه من ظالم ليس يرحم

أقضي به عمري مع اليأس والمنى

ولي من عذولي كل وقت مهيم

أبيت أعاني الوجد ليلة لم أكن

بغير ثنا فرد الورى أترنم

عنيت النقيب السيد السند الذي

غدا مثل بسم الله فهو مقدم

وحيد له الأفضال طبع وشيمة

وفيه انتهى جود الورى والتكرم

إذا كان نور الشمس لازم جرمها

فطلعته الزهراء مجسم

وناديه روض بالفضائل من مزهر

لساني فيه البلبل المترنم

تعطر هبات النسيم خلاله

فليست بعرف غيرها تتنسم

ويفتر عن لآلآء بشركائه

مقبل شادي أليس إذ يتبسم

أمولاي أنت الناس يا فوق فوقهم

لأنك للطلاب رزق مقسم

هواك بقلبي ليس يبرح لحظة

به أبتدي الود الصحيح وأختم

ولي في علاك الباهر المجد في الورى

عقود كلام بالثناء تنظم

قواف إذا ما أنشدت بين أسرة

فقس لديها بالفصاحة أبكم

ص: 71

وما هي إلا الزاهرات فلو بدت

لقامت مقام الزهر والليل مظلم

تمنع بها من مادح ليس يرتجي

من الدهر شيئاً غير أنك تسلم

وحسبك شكري ما بقيت على المدا

وقلبي وأعضائي تصدق والفم

فكتب المترجم إليه مراجعاً بقصيدة مغيراً للوزن لا القافية

حسب المنى حيث الحوادث نوم

وحواسدي وعواذلي واللوم

وافتنى الحسناء في داجي ذوا

ئبها وللأشواق في مخيم

عذراء وافت وهي تخترق الضيا

من وجهها مذ لاح فيه تبسم

فتعطرت منها الربوع وفاض في

أنحائها منها السنا يتسنم

ولطالما راقبت من ولهي بها

طيفاً يلم بزورة تتنعم

ومن اغتذى ضرع الهوى هل عينه

يوماً بتهويم الكرى تتنعم

كلا إذا الأحشاء خامرها الهوى

قدماً فلا عجه بها متضرم

وافت فحق لها الهناء بها كما

الواشون حق لهم بذاك ترغم

فغدوت ذا طرب قرير العين سلك

الشمل بالأحباب لي متنظم

لأبدع إن أسلو إذاً وأجر ذيل

العجب تيهاً والهوى أتهكم

وأميد نشواناً بكأس حديثها

وثناء ناظم عقدها أترنم

لم لا أكن بثناه مترنماً

وهو الأمين وبالمنى المتكرم

الأريحي المكرمات ومن حوى

حسن الحلا فيها عدا يتوسم

رب الفصاحة والنباهة من غدا

وله من الفضل الجسيم تجسم

ما اللطف في النسمات إلا من كريم

خلاله وبعرفها يتنسم

تخذ التطول بالمكارم عادة

فكأنه كلف بذاك متيم

لا غروان ملأت محامده المسا

مع وأستلذ سماعها المترنم

يا فرع أبناء الكرام ومن لهم

في كل محمد رتبة وتقدم

بشراك ما أوتيت من أجر بما

عاينت من وصب عداك يميم

فتهن مأجوراً ومسروراً بعا

فية أتتك فلا عدتك تعمم

وعدتك أسقام عنتك وللعدى

العادين وافت بينهم تتقسم

وبقيت في ظل التهاني سالماً

والعيش مخضر لديك مخيم

واليكها قسية ألفاظها

كالدر في سلك الثناء تنظم

جادت بها منى قريحة موقن

بجمودها إذ جاء منك مهيم

فأعذر وكن بثنائها متمتعاً

حسب المنى حيث الحوادث نوم

فكتب إليه الأمين معتذراً عن مراجعته بقصيدة لعارض المرض بقوله

ص: 72

ليس فمي فيك يبلغ الشكرا

من بعد ما قد ملأته درا

بعثت لي بالحياة في كلم

يزيد في العمر لطفها عمرا

من كل لفظ في اللطف أحسبه

ينفث هاروت منه لي سحرا

لم تصطنع جبرك القلوب لمن

يدعوك إلا وتقتني أجرا

يا من هو الروض في خلائقه

يعبق من نسمة الندى نشرا

شوقي لتقبيل راحتيك لقد

جاوز حتى لم يبق لي صبرا

لكن عذري لديك متضح

فأقبل حماك الآله لي عذرا

فبعث إليه بهذه الأبيات

أيها الموسم المنى بشراً

دمت تستنطق النهى شكرا

ودام ثغر الوداد يبسم من

بشر محياك لافظاً درا

وحبذا منك ذا لا تمله

فهو لعمري ينافس السحرا

لقد منحت المحب منك بما

أثلج منه الفؤاد والصدرا

من كل لفظ في اللطف أحسبه

ينفث هاروت منه لي سحرا

فدم لنا روضة نسر بها

ومن رباها نستنشق العطرا

وفيك دامت لنا المنى أمم

إن نلتها كان لي بها البشرى

وكتب المترجم يستدعي السيد محمد أمين المذكور إلى منتزه

أنعم الله للجناب صباحه

وبإسعاده أراش جناحه

وحبانا حسب المنى بأعا

ليه وآداب فضله المستباحه

وأقر العيون منا بما من

غض آدابه أجاد اقتراحه

يا أمين الكمال وابن ذوي الف

ضل وخدن العلي ورب الفصاحه

لا عد منا الوفاء منك بأوفى

صدق عهد يجدي إلى نجاحه

فأجب داعياً إلى منزل الق

صف صباحاً لكي تنال رياحه

مسعداً حظه ببشر ولطف

بهما الصدر راح يلقي انشراحه

وابق سلماً خديمك السعد

ما أسعد خل إلى الخليل صباحه

فأجابه في طلبه الأمين مرتجلاً

أسعد الله من تكون صباحه

فمحياك للصباح صباحه

بأبي أنت رائشاً لجناحي

في زمان عدمت فيه نجاحه

كان قدما جواد حظي جموحاً

فلأنت الذي ألنت جماحه

قد أتتني أبياتك الغر تختال

وقد أوتيت جميع الملاحه

ص: 73

مبدعات لا يبرح الطرف عنها

فهي قيد النواظر اللماحه

كل لفظ منها كوسطى نظام

زين العقد منه جيد الفصاحة

قد دعتني إلى اقتسام عهود

أنا منها في غبطة وارتياحه

ألف سمع وطاعة ولك الأمر

الذي ما برحت أرجو نجاحه

وأبق وأسلم على المدا لمحب

لك يدعو غدوه ورواحه

وعزم يوماً على التنزه في حديقة أتخذها مألف نشاطه ومحل أنسه وانبساطه فكتب إلى الأمين أيضاً يستدعيه اليها مألف محل الألفة

نتفداك مستماح الوداد

ثابتاً في حفاظه كوداي

مستباح الجني وطلق المحيا

ذا جنان رحب وبشر بادي

يا كريماً خصاله تجذب الآما

ل طبعاً لفضله المستجاد

أثمد للعيون بشر محيا

ك فكن مفضلاً بذاك مهادي

وأجب مسعداً بلقياك داع

شفه الشوق فهو بالمرصاد

وأبق سلماً ممتعاً بأمانيك

على رغم معطس الحساد

ما تداعت إلى التداني أمان

من مشوق أشواقه في ازدياد

وللمترجم

ما لقلبي عن الغرام براح

إذ هوى من أحب زاد وراح

فعسى العاذل المفند يصغي

ليريح المشوق بل يرتاح

من تسليه ليس يرجي فإني

فيه يجدي من العذول اقتراح

والتسلي دون التملي لأمر

من عميد وما سواه جناح

كيف يرجي سلوه وهو جسم

والهوى الروح والحبيب النجاح

جل من الهم العظيم تسليه

وفيه إلى الرضاع ارتياح

ويح من كامن الهوى بين جنبيه

مقيم ومنه تندي الجراح

حيث دون المنى فياف وبيد

وهو يصبو وما لديه جناح

يا أخلاي إن وجدي لعذري

لجلي فخري به الافتضاح

وبه همتي لتنمو وتسمو

حيث صدري عراه منه انشراح

سائلي عن جلي وجدي وعما

فيه فخري ما كل وجد رباح

إنما الوجد ما حمدت به سيرك

فيه إذا أتاك الصباح

فالمحبون في المحبة شتى

كل قلب بما حوى نضاح

فمعنى بمغنطيس جمال

ومحب مرامه الأشباح

ص: 74

فحليف الهوى هواه هوان

وأخو الوجد وجده مصباح

جل من أشغل القلوب بما أو

دعها وهو بالمنى مناح

حسب ما شاء كل حزب اليهم

صاح مغري بشامة مقداح

الطرف بسكون الطاء العين لا يثنى ويجمع والطرف محركة الناحية جمعه الأطراف شفاء الغليل فأطراف بقصد الجمع للطرف العين مولد

كان من قلبه المحبة حلت

عنه ولت من الخصال الشحاح

وبدا روح أنسه لمحبيه

وبالروح تجذب الأرواح

إن من هام بالجمال سعيد

ونجاح غدوه والرواح

وقال رحمه الله تعالى

وذاكر شاقني منه تواجده

والليل داج فضل الرشد واجده

آثار من كل معمود كمين هوى

والوجد قد ظهرت فيه شواهده

يعطو بعاطل جيد أجيد طرباً

والذكر لا غرو يشجي فيه رائده

ما راح من لينه في الذكر منثنياً

إلا وطا من الإيقاع شاهده

وما التفات بدا منه يعاطفه

إلا وظن شروق الصبح جاهده

توسط الجمع يحكي العقد منتظماً

فكان وسطاه وانضمت فرائده

فكل صب ثوى في قلبه أمل

في حبه وانثنى كل يكابده

وعاد من كان يهواه يراقبه

طوراً وآونة يغشاه وارده

فجل من أودع الأشباح تبصرة

سر الجمال ليفني فيه عابده

وله أيضاً

حبذا طيب يومنا المشكور

بفنا السفح في ذرى المأطور

حيث سار النسيم يهدي لنا عر

ف الخزامي من نفحه المعطور

ولدينا جداول جعدتها

نسمات تبري أذى المخمور

وبحيث المنى لنا قد تدانت

فغدا يومنا مناط السرور

يالها خلسة بها سمح الدهر

فجاءت كنفثة المصدور

وقال

قابل الورد حيث حليت وانظر

ما يسر القلوب والأنظارا

وتسلى بحسن مرآه عن شبه

له إن له شممت انتظارا

على ينبيه عنك واشيه كي

يغضبه منك قاصداً اصرارا

فيوافيك عاجلاً غيرة منه

ويأبى المزار الاجهارا

ص: 75

يا بروحي من الحبيب طرازه

قد سباني من القوام اهتزازه

أنفداه من جميل محيا

زان يا صاح خده غمازه

أبرز العيد لي هلال محيا

هـ وعندي ما العيد إلا انيرازه

فاستباني بطلعة دونها البدر

بهاء وليس يخفي امتيازه

وحباني ببشره منجزاً لي

سبق وعد يا حبذا انجازه

وقال

إلى متى تحث كأس هوى

وتحتسي للجمال أكؤسه

ومنك لحظ يصيب من جسدي

من أسهم الفتك صاح أرؤسه

وكم يرجى انعطاف قلبك لي

مني فؤاد وأنت مؤنسه

الست طوع اليمين منك وقد

أذقتني من جفاك أبأسه

أعادة فيك ذاك أم ولع

أم ذا لأمر غدوت توجسه

ناشدتك الله هل لذا أمد

به زمان دنا تنفسه

وهل لمضناك عند ذا طمع

برحمة أم أراك تبلسه

رحماك فأكفف شبا جفاك فكم

يود منك ألوفاً تيأسه

فقد غدا فاقداً لراحته

وغاله ذا الجفا تأنسه

فجد بعطف له ونظرة إشفاق

تفدتك منه أنفسه

لعله يصح من خمار هوى

أنت حمياه بل وأكؤسه

وقال

ومألف للربيع جدد لي

هواي إذ زرته وجلاسي

أشجاره أينعت بخضرته

وبعض نور بقي على الرأس

فخلتها من زبرجد قبباً

قد رصعتها صغار الماس

وقال

وجنى ذي محيا

فيه أبدى الحسن جأشه

ما اجتلته العين إلا

ازداد حسناً وبشاشه

ذهبي اللون المى

الثغر يغري بي مراشه

إن رنا بالطرف يوماً

إلزم الصب اندهاشه

ما سوى ريقته الخمر

بها يروى عطاشه

ظبي أنس بابلي

الطرف مبول الوراشه

إن وفى يوماً لمقتو

ل الهوى أبدى انتعاشه

غصنه ما اهتز الا

ألزم الردف ارتعاشه

ص: 76

ويزين الخد منه

حجل أبدى رشاشه

قد أتاح الله مرعا

هـ من القلب الحشاشه

وحباه الحسن حتى

تخذ الفتك معاشه

واخش يا غر الهوى

واحذر بأن تبغي احتراشه

وله قوله هذه القصيدة ممتدحاً بها بعض الكرام

هواي عذري بربة الشنف

يا حبذا دلها على ضعفي

مصونة لا يرام منظرها

دون خيال يلم بالطرف

ما رمته إن يلم في سنة

إلا ألم السهاد في طرفي

إني لطرفي كري أراه غدا

ممنعاً في لحاظها الوطف

لهفي على نظرة أعللها

لعل أشفي بها من اللهف

ذات جمال تزدان من مرح

فتزدري بالقضيب والخشف

قوامها السمهري ما خطرت

إلا وفي الحسن جل عن وصف

كخنصر خصرها وخاتمه

منطقة تستوي على الردف

خضيبة الكف لثم راحتها

يغني مدير المدام عن رشف

إلا بروحي شهي مبسمها

فما بغير اللمى الشفا ألفي

كأنما ريقها المدامة يستشفي

بها من مدامها الصرف

فتانة باللحاظ جاد بها

داع اليها رغماً عن الأنف

فمذ فؤادي أجاب ممتثلاً

ولم أرى من سعى إلى الحتف

أيست إلا من البكاء لأستشفي

لدائي وذاك لا يشفي

أطعت صرف الهوى بها ولها

فمذ وعت ذا انثنت إلى العسف

قد كنت من قبل هجرها أنفاً

ذا عزة لا أراع من حتفي

فصار ذلي بها على رغم

ونال من الغرام بالعنف

فمطمعي في وصال غادرة

ما وعدها منجز سوى الخلف

تعلة بل وضلة وعنا

أنسب لا غرو فيه للسخف

أمطمع صاح بعد طود منا

أم مأمل بعد سيد كهف

هو الكريم الذي خلائقه

قد صاغها خيمه من اللطف

ألا ريحي الذكي سؤدده

إلا لمعي السخي بالعطف

من بشره في الجبين مؤتلق

متفق لطفه مع الظرف

مولى حوى الفضل والحجي فغدا

موحداً فيهما بلا خلف

ص: 77

مولاي يا من غدت مكارمه

تمنح راجيه بالذي يشفي

أتاك عبد مؤملاً فعسى

يعود حراً محسد الوصف

يود تكرار داخل فيه

يمتاز حكماً بذاك في الصف

وإن تكن رتبة مماثلة

فهي اعتبار به لدى العرف

فجد بتحقيق مأملي كرماً

فجود رحماك فوق ما يكفي

وحسن ظني بها على ثقة

حاشى بأني أجاب بالكف

فلا برحت الزمان طوع مني

منه على رغم ما رن الصرف

آمالنا من علاك مخصبة

يوكف جود لها على وكف

مكتسباً للثناء مغتنماً

خير دعاء متابع الذرف

وقال

بروحي من أفضت لسلبي خلائقه

وذو الحسن مثل الصبح بنبيك صادقه

إذا طال ليلي مثل الشوق وجهه

بدا فأخال الصبح أبراه فالقه

تمثل من نور جني يكاد من

لطافته يؤذيه باللحظ رامقه

يجرد من لحظيه إن كان رامقاً

لها روت سيفاً تستبينا بوارقه

يغنج بالتكحيل أجفان طرفه

وقد زرفنت بالعارضين شقائقه

وما قصده التحسين بالكحل إنما

لتحديد عضب لم يحد عنه عاشقه

فحاذر سهاماً فوقت عن حواجب

من اللحظ ريشت بالجفون رواشقه

وما فرعه المسود فوق جبينه

سوى لاحق والصبح لا شك سابقه

ومسكي خال فوق مخضر شارب

كشحرور روض شوقته حدائقه

وما السكر إلا من رضاب بثغره

إذا مزج الصهباء من فيه ذائقه

فما البدر إلا ما أظلت ذوائبه

وما الشمس إلا ما حوته بنائقه

إذا اهتز رمحاً أو تمايل بانة

وإن ماس تيهاً قلت قد جل خالقه

وقال

كانا ركوب والليالي منازل

وأيامنا خيل البريد بنا تجري

وآمالنا تزداد ما جد سيرنا

مطامعها ثم المصير إلى القبر

وقال

ألقت على وجهه شمس الضحى جسداً

شعاعها فغدا باليد مستترا

وذاك من غيرة إذ فاتها شنب

والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا

وللشيخ محمد سعيد الدمياطي اللقيمي

ص: 78

غريب حسن أدار الراح في يده

مذ أثرت لونها في خده أثرا

فخلته البدر يجلو الشمس في فلك

والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا

ولأبن نباتة مضمناً

وافى إلي وكأس الراح في يده

فخلت من لطفه إن النسيم سرى

لا تدرك الراح معنى من شمائله

والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا

ولبعضهم مضمناً

وفي الحبيب الذي أهواه من سفر

والشمس في وجهه قد أثرت أثرا

فقلت لا تعجبوا شمساً على قمر

والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا

وكانت وفاة المترجم في ليلة الثلاثاء مع الغروب رابع شهر رجب سنة ثمان عشرة ومائة وألف ودفن بتربة مرج الدحداح في المقبرة الغربية ورثاه الأستاذ عبد الغني النابلسي بقوله

مالي أرى البارق النجدي ما ومضا

أشطت الدار أم ولى الفتى ومضى

من بيت حمزة نجم غاب تحت ثرى

وكان مرتفعاً ويلاه فانخفضا

يا طالما أشرقت منه منازله

فضاء من نوره في الخافقين فضا

عبد الكريم على الرب الكريم به

قد أقبل المرض المستوجب المرضا

وغض من فقده طرف الكمال حياً

والمجد قد شب في أحشاه جمر غضا

فيه الشهامة والطبع الأبي وقد

رماه سهم منون وافق الغرضا

وكان سيفاً مصوناً في غلاف علي

فاستله الآن مولاه العلي وقضا

إن لم نجد عوضاً عنه فإن لنا

في صنوه وابنه من بعده عوضا

وهاتف الغيب أضحى في مسامعنا

يقول أرخت أنسل النبي مضى

هم الأمان لأهل الأرض في خبر

عن النبي وهذا الحكم ما انتقضا

وكلما غربت شمس لهم طلعت

شمس فلاتك يا ابن الدهر معترضا

هو من قول القائل

نجوم علاء كلما غاب كوكب

بدا كوكب تأوى إليه كواكبه

نقول هذا نسلي فيه أنفسنا

عن حكم رب علينا بالفراق قضى

يا كوكباً في دمشق الشام زاد به

صدر الزمان انشراحاً كان فانقبضا

أوحشت أوج المعالي والمفاخر هل

أوفى بك الدهر من مولاك ما افترضا

إن غاب شخصك فالباقي به خلف

ومن يغب جوهراً إذ لم يغب عرضا

يا آل بيت النبي الحق إن بكم

فيما قضى الله تفويضاً له ورضا

ص: 79