المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عبد الله اليوسفي الحلبي - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - جـ ٣

[محمد خليل المرادي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث من سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للعالم الفاضل

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌السيد عبد الرحيم بن أبي اللطف

- ‌عبد الرحمن الشهير بشقده

- ‌عبد الرحيم المنير

- ‌عبد الرحيم المخللاتي

- ‌عبد الرحيم البراذعي

- ‌عبد الرحيم ابن حجيج

- ‌عبد الرحيم الكابلي

- ‌عبد الرحيم الطواقي

- ‌عبد الرحيم ابن شقيشقه

- ‌السيد عبد الرزاق الجندي

- ‌عبد الرزاق الرومي

- ‌السيد عبد الرزاق البهنسي

- ‌عبد الرسول الطريحي

- ‌عبد السلام الكاملي

- ‌عبد الصمد ابن همت

- ‌عبد العال الخليلي

- ‌عبد الغفور الجوهري

- ‌الشيخ عبد الغني النابلسي

- ‌قدس سره

- ‌عبد الغني بن رضوان

- ‌عبد الغني بن فضل الله

- ‌عبد الغني الياغوشي

- ‌عبد الغني بن محيي الدين بن مكية

- ‌عبد الفتاح التميمي

- ‌عبد الفتاح بن مغيزل

- ‌عبد الفتاح السباعي

- ‌السيد عبد القادر بن الكيلاني

- ‌عبد القادر الصديقي

- ‌عبد القادر ابن بشر

- ‌عبد القادر البانقوسي

- ‌عبد القادر الكدك

- ‌السيد عبد القادر بن شاهين

- ‌الشيخ عبد القادر التغلبي

- ‌عبد القادر الكردي

- ‌السيد عبد القادر الصمادي

- ‌السيد عبد القادر الكيال

- ‌عبد القادر الديري

- ‌عبد القادر بن يوسف نقيب ازاده

- ‌عبد القادر الصديقي

- ‌عبد الكريم الشراباتي

- ‌عبد الكريم الغزي

- ‌عبد الكريم السمهودي

- ‌عبد الكريم الداغستاني

- ‌عبد الكريم الخليفتي

- ‌السيد عبد الكريم ابن حمزه

- ‌عبد الكريم الأنصاري

- ‌عبد الكافي الحلبي

- ‌عبد الله باشا الجتجي

- ‌عبد الله البري

- ‌عبد الله الشرابي

- ‌عبد الله الجعفري

- ‌عبد الله الأسكداري

- ‌عبد الله الفراري

- ‌عبد الله يدي قله لي

- ‌عبد الله السويدي

- ‌عبد الله العجلوني

- ‌عبد الله البصروي

- ‌عبد الله الحلمي

- ‌عبد الله بن طرفة

- ‌عبد الله العلمي

- ‌عبد الله الجوهري

- ‌عبد الله القدسي

- ‌عبد الله الجركسي

- ‌عبد الله البشمقجي

- ‌عبد الله الخليفتي

- ‌السيد عبد الله الحدادي

- ‌عبد الله الطرابلسي

- ‌عبد الله صبحي

- ‌عبد الله بن فتح الله

- ‌عبد الله الحلبي

- ‌عبد الله التوني جوق

- ‌عبد الله الشبراوي

- ‌عبد الله الأنطاكي

- ‌عبد الله اليوسفي الحلبي

- ‌عبد الله البقاعي

- ‌عبد الله أنيس

- ‌عبد الله العجلوني

- ‌عبد الله السفاريني

- ‌عبد الله المدرس

- ‌عبد اللطيف المكتبي

- ‌السيد عبد اللطيف الكوراني

- ‌عبد اللطيف الخلوتي

- ‌عبد اللطيف المغربي

- ‌عبد اللطيف العشاري

- ‌السيد عبد اللطيف القدسي

- ‌عبد اللطيف الزوائدي

- ‌عبد اللطيف الأطاسي

- ‌السيد عبد اللطيف الكيلاني

- ‌عبد اللطيف العمري

- ‌عبد اللطيف الأدلبي

- ‌عبد المحسن الأسكداري

- ‌عبد المعطي الفلاقنسي

- ‌عبد المعطي الخليلي

- ‌عبد المعطي بن معتوق

- ‌السيد عبد المعطي الدمشقي

- ‌عبد الملك العصامي

- ‌عبد المنان الخماش

- ‌السيد عبد المنعم ابن الأشرف

- ‌عبد المولى السيري

- ‌عبد النبي النابلسي

- ‌عبد الهادي الحمصي

- ‌عبد الهادي المصري

- ‌عبد الوهاب السواري

- ‌عبد الوهاب العكري

- ‌عبد الوهاب الغميان

- ‌عبد الوهاب العفيفي

- ‌عبد الوهاب الدمشقي

- ‌السيد عبد الوهاب الحلبي

- ‌عبد الوهاب الموصلي

- ‌عثمان النحاس

- ‌عثمان بن صادق

- ‌عثمان بن حسين

- ‌الألاشهري الأشهرلي

- ‌السيد عثمان الفلاقنسي

- ‌عثمان ثروت

- ‌عثمان العقيلي

- ‌عثمان الدوركي

- ‌ذكر الآذان بمصر وما كان فيه من الاختلاف

- ‌عثمان الحلبي

- ‌عثمان العرياني

- ‌عثمان المجذوب

- ‌عثمان باشا الوزير

- ‌عثمان البقراصي

- ‌عثمان بن بكتاش الموصلي

- ‌عثمان الحافظ

- ‌عثمان العمري الموصلي

- ‌عثمان الصلاحي

- ‌عثمان الشمعة

- ‌عثمان القطان

- ‌عثمان بن ميرو

- ‌عثمان الخطيب الموصلي

- ‌عثمان بن حمودة

- ‌عمر شفائي

- ‌عمر اللبقي

- ‌عمر بن دلاور

- ‌عمر بن شاهين

- ‌عمر الطرابلسي

- ‌عمر البغدادي

- ‌عمر الأرمنازي

- ‌عمر الجوهري

- ‌عمر السكري

- ‌عمر السمهودي

- ‌عمر الظاهر الزيداني

- ‌عمر السفرجلاني

- ‌عمر الكيلاني

- ‌عمر السيري

- ‌عمر الأفيوني

- ‌عمر بن محمد البصير المصري

- ‌عمر الوحيد

- ‌عمر الرجيحي

- ‌عمر الوزان

- ‌عمر الطوراني

- ‌عمر كرامه

- ‌عمر اللاذقي

- ‌عمر الأرزنجاني

- ‌عمر الطحلاوي

- ‌عمر البقراصي

- ‌عمر الشهير بعميرة

- ‌عمر العينوسي

- ‌عمر العنز

- ‌علي العمادي

- ‌علي الشرواني

- ‌السيد علي العطار

- ‌علي التدمري

- ‌علي الواعظ البرادعي

- ‌علي المنيني

- ‌علي كزبر

- ‌علي الحريشي

- ‌علي الصعيدي

- ‌علي باشا الكور

- ‌علي العجلاني

- ‌علي الأسدي

- ‌علي بن حبيب الله القدسي

- ‌علي الدفتري

- ‌علي البرزنجي

- ‌علي الرومي

- ‌علي المصري

- ‌علي الطاغستاني

- ‌علي الغزي

- ‌علي الدفترداري

- ‌السيد علي الخباز

- ‌علي السمهودي

- ‌علي الأرمنازي

- ‌علي الكردي

- ‌علي السليمي

- ‌السيد علي المرادي

- ‌علي ابن أيوب الخلوتي

- ‌علي التركماني

- ‌علي السقاط

- ‌علي البصير

- ‌علي الأسكاف

- ‌علي الرختوان

- ‌علي الشدادي

- ‌علي الكبيسي

- ‌علي الزهري الشرواني

- ‌علي العمري

- ‌علي بن كرامة الطرابلسي

- ‌علي الدباغ

- ‌علي النبكي

- ‌السيد علي الكريمي

- ‌السيد علي الكيلاني

- ‌علي البدري

- ‌علي الطيان

- ‌علي الغلامي الموصلي

- ‌علي الأطفيحي

- ‌علي التونسي

- ‌علي الأسمر

- ‌عز الدين الحمصي

- ‌علاء الدين العذراوي

- ‌عليم الله الهندي

- ‌عطاء الله الموصلي

- ‌عطاء الله العاني

- ‌الجزء الرابع

- ‌فتح الله العمري الموصلي

- ‌محمد بن محمد الطيب المالكي

- ‌مصطفى التميمي

- ‌مصطفى النابلسي الحنبلي

- ‌عطية الله الأجهوري

- ‌عيد النمرسي

- ‌عيسى بن شمس الدين

- ‌عيسى البراوي

- ‌عيسى بن صبغة الله

- ‌عيسى القدومي

- ‌حرف الغين المعجمة

- ‌غياث الدين البلخي

- ‌حرف الفاء

- ‌فتح الله الداديخي

- ‌السيد فتحي الدفتري

- ‌الجزء الرابع

- ‌فتح الله العمري الموصلي

الفصل: ‌عبد الله اليوسفي الحلبي

رحمه الله تعالى وإيانا.

‌عبد الله الأنطاكي

عبد الله بن محمود الأنطاكي ثم الحلبي الحنفي مدرس الرضائية الشيخ الفاضل النبيل البارع ولد بأنطاكية بعد الثلاثين ومائة وألف وقرأ على والده ولازمه كثيراً وله الذكاء المفرط والأدب الغض والنظم العالي في اللغة الفارسية والتركية صرف ذكاءه في الأدب ومعاشرة الأدباء وعجز والده عن رده فتركه فذهب بعد وفاة والده إلى اسلامبول ودفتر دارها يومئذ منيف أفندي الأنطاكي أحد تلامذة والده فأكرمه وأدخله بين كتبة الديوان ثم خرج صحبة الوزير حسين باشا داماد الوزير الأعظم محمد راغب باشا من اسلامبول حين خرج المشار إليه بمنصب الرها وكان عند كاتب ديوانه فلما عزل الوزير المشار إليه من الرها وصل معه لحلب ومنها فارقه وذهب إلى اسلامبول ودخل إلى القلم ثانياً وتزوج باسلامبول وشعره كثير موجود بأيدي الناس وكانت وفاته في أواخر هذا القرن رحمه الله تعالى وأموات المسلمين وإيانا.

‌عبد الله اليوسفي الحلبي

عبد الله بن يوسف بن عبد الله المعروف باليوسفي الحلبي الأديب الشاعر البارع الماهر الناظم الناثر المكثار كان أوحد الشهباء في النظم والتاريخ والاختراعات العجيبة والأشعار الغريبة ولزوم ما لا يلزم والابتكارات في فنون الأدب من تواريخ وقصائد وغيرها وله بديعية التزم فيها تسمية الأنواع واخترع أربعة أنواع غريبة نظمها فيها وشرحها شرحاً جيداً ولد بحلب وقرأ على والده مدة حياته ثم على الشيخ حسن السرميني وبعده على المحدث الشيخ طه الجبريني ثم على الفقيه الشيخ محمود البادستاني والشيخ محمد المصري وعليه قرأ الأندلسية في علم العروض وقرأه مع علم القافية على الشيخ علي الميقاتي وعلى الشيخ قاسم البكرجي والشيخ محمد الحصري واشتغل بالأدب وقريض الشعر مدة على هؤلاء الفضلاء وافترع افترع افتض أبكار الأفكار وصاغ قلائد المعاني نظيمة الأسلاك وله أشعار ومدائح وتواريخ وأحاجي ومعميات وغيرها شيء كثير وامتدح الأعيان والعلماء وغيرهم ووقعت له بين أبناء عصره المطارحات والمساجلات وكان بحلب يتعانى بيع البن في حانوته الواقع بالقرب من جامعها الأموي فلذا اشتهر بالبنى وكان في غاية من الفقر وضنك العيش وقد عرض له قبل وفاته بثلاث سنوات صمم عظيم وكان

ص: 108

أولاً عارضاً له فزاد حتى منعه من السماع بالكلية بحيث صار الناس يخاطبونه بالاشارة فحصل له من ذلك كدر عظيم فبادر للاستغاثة بالجناب الرفيع النبوي بألف بيت راجياً الشفاء من ذلك ببركتها وشرع فلم يتيسر له الاتمام وخطب مدة في جامع البهرمية نيابة عن بني الشيخ طه وسافر إلى طرابلس الشام ولاذقية العرب وقدم دمشق ووفد اليها مراراً واجتمع بوالدي وحباه من الاكرام والالتفات ما جاوز الحد والغايات وامتدحه بقصائد وأشعار كثيرة وجرى بينه وبين ادباء دمشق من المجاورات والمطارحات ما يفعم يقال أفعمه إذا ملأه بطون الصفحات وبالجملة فهو فريد عصره بالاختراعات الغريبة وفن التاريخ وسرعة النظم والارتجال في التاريخ ومن شعره مادحاً والدي ومهنياً له بالافتاء

أيا جلقاً لا زلت باسمة الثغر

بصيب أفراح تدوم مدى الدهر

ولا برحت أنوار مجدك تنجلي

مطالعها حسناً من اليمن واليسر

وما انفك مغناك يلوح مسرة

ودوحة علياك مضمخة العطر

تسامت بقاع اليمن فيك بسادة

لهم شرف يسمو على الأنجم الزهر

لهم في انتماء المجد خير أرومة

وعلياهم تعلو على هامة النسر

ولا سيما منهم همام مكرم

مجيد على الشأن مرتفع القدر

هو السيد السامي الرفيع مكانة

من الفضل يستجلي المحامد بالشكر

ومن هو بالأصل الرفيع تشامخت

مراتبه العليا إلى ذروة الفجر

لقد شرف الافتاء نير فضله

ووفق أحكام المسائل في الذكر

وأودع أنواع العلوم براعة

من الفضل لم تبرح بحضرته تجري

أما هو في عليا دمشق هلالها

وكوكبها السامي على الكوكب الدري

كفى شرفاً إن المديح لمثله

يطرز أنواع القريض من الشعر

ويزهو افتخاراً في نعوت كماله

ويرتع في روض البلاغة في السر

خليلي بالعهد الذي تليت به

صحائف آيات المحبة بالجهر

فنب عن بعيد الدار فضلاً ومنة

بتقبيل أيد دونها صفة البحر

وبلغه عني أجزل المدح والثنا

وخير دعاء لم يزل أمد الدهر

فلا زال محروس الجناب ممتعاً

بإقباله يجني المكارم بالبشر

وقوله فيه

سعد السعود بدا إن زارني قمر

بحسنه كل أهل الحسن قد قمرا

جوري وجنته الحمراء مزدهر

وقد حوى وجهه في مهده الزهرا

ص: 109

إن قابلته شموس في الضحى قهرت

أو قابل النجم في إشراقه فهرا

وخاله عمه بالحسن فانبهرت

عقول أهل الهواي إذ بالبها بهرا

إن رحت أحكي لحسن فيه قد شهرا

قطعت دون بلوغي الدهر والشهرا

لي مقلة في هواه الليل قد سهرت

وقد شكوت سقام الجفن والسهرا

واصل عشقي له بالعين من نظر

فليته لي بعين العطف قد نظرا

ومنذ أغنى لماه العذب عن سكر

والعقل مني بزاهي حسنه سكرا

ما بت والقلب في لقياه منجبر

ولا بجنح الدياجي باللقا جبرا

لم أنسه قافلاً كالغصن من سفر

وعن محباً حكاه البدر قد سفرا

وشمت ظبياً سطا بالطرف في نفر

وكلما رمت منه وصله نفرا

راسلته برسالات ذرى سطر

أبغي الرضى فحروف النفي لي سطرا

فبت أشكو الأسى والوجد مع عبر

بها على شديد الحزن قد عبرا

علقته بعد طي السن في كبر

وكان بالصد قبلي أهلك الكبرا

وخانني الصبر مذ أمسيت في ضجراً

ولم أزل في هواه ضيقاً ضجرا

وبت من أمن خل خان في غدر

وصاحبي الصادق المخبور لي غدرا

وبت أرعى نجوم الليل في سحر

في عشق خشف بعنج الطرف لي سحرا

متيماً والهاً والقلب في خطر

والحب بعد الجفا نحو العد أخطرا

وعندما الوجد في الأحشا نما وطرا

ولم أكن قاضياً من أصله وطرا

وجار دهري وبي أفضى إلى عسر

وللتخلص من أعبائه عسرا

وجهت وجهي إلى من زانه خفر

وكم لمثلي بسامي عزه خفرا

من بالكمالات من قبل الصبا شعرا

ومدح زاهي علاه أفحم الشعراء

أعيذه بالضحى والليل من شعر

والأنبيا وسبا والنور والشعرا

شهم همام له من جوده بدر

إليه من مهده الاسعاد قد بدرا

كم ألبسته يد العلياء من أزر

حتى ارتدى برداء المجد واتزرا

لم يلوه عن غياث الملتجي فتر

وعن سلوك سبيل الرشد ما فترا

جداه من راحتيه قد حكى نهراً

فلم يخب سائلاً يوماً ولا نهرا

أوحت إليه معالي أصله فقراً

لأنت دون البرايا ملجأ الفقرا

السيد المنقذ الملهوف من خطر

وأزمة إذ حوى الأفضال والخطرا

على قدر تولي رشده قدر

يعفو ويصفح في حلم إذا قدرا

أقصى مرادي بقاه ما بقي دهر

وما أضا قمر في الأفق وازدهرا

ص: 110

ومن حواه حماه الرحب من ثمر

ما أينع الدوح في أغصانه الثمرا

في رفعة مع صفا وقت بلا كدر

مع السلامة مما يحدث الكدرا

بجده المجتبي من بشرت زبر

به وفي صحف التنزيل قد زبرا

صلى عليه آله فضله ذكراً

مسلماً دون حصر كلما ذكرا

والآل ما لاح في أفق السما خطر

والصحب من لم يزالوا دائماً خطرا

يا سيداً ساد في بدو وفي حضر

ودام صدراً مهاباً أينما حضرا

خذها مهذبة من كف مبتكر

كمثلها في مديح الغير ما ابتكرا

وأسلم ودم راشداً حاوي العلا أمراً

يعنوا لما شئته المأمور والأمرا

وله وأرسلها إلى والدي هي وما يليها من النثر

أنت للفضل قلبه وجنانه

ولنثر القريض حقاً لسانه

ولا وج الكمال خير سمى

ولحال الملهوف أنت أمانه

ولكل المداح خير مجيد

ولنور الأمناح أنت بيانه

يا أخا المجد والبراعة واللطف

ومن بالعلاء شيد مكانه

يا على المقام هلك مديحاً

من محب قد ساعدته بنانه

فتهني بما حبيت من الدهر

سمواً وما حياك زمانه

وتهني شكراً بشهر صيام

فهو شهر لقد تعاظم شأنه

ضاعف الله فيه كل جزاء

وبمحو الزلات كان امتنانه

فهو شهر لدى الآله عظيم

فتحت فيه للأنام جنانه

لم يزل عائداً عليك بخير

كل عام يحلو لديك أو أنه

أمد الدهر ما بك المدح يغدو

في نظام يزهو لعمري اقترانه

إذ به اليوسفي يعرب شوقاً

عنه يبدي لسنانه وجنانه

فعلى قدرك العلي سلام

وثناء يدوم فيك ضمانه

إن أحسن ما توشحت به ذاتك العلية وترشحت به صفاتك البهية واتضح به نور جمالك وابلج به سر كمالك وأشرف ما ترجم عن حقيقة فضلك وموه بعظيم كنه قدرك لسان الظهور والتبيان واقرار الطمأنينة القائمة بالجنان الساطعة بنور البيان والعطف ما جرت به الأقلام من مخترعات القرائح والافهام من زواهر جواهر الابداع وفوائد فرائد الايداع وجنحت لنحوه القلوب وسنحت إليه في عام الغيوب بدائع اثنية بديعية وحسن فقرات اختراعية تعرب عن سنانك الأبهى وصفاتك الأزهى وجوامع

ص: 111

أدعية قرعت باب التضرع والابتهال بأيدي الخلوص وسلكت مهيع العموم والخصوص فصادف مسراها جدير الوصول وشام سواطع أنوار الأنس ومطالع القبول وحقيقة شوق كابد لاعجه وعرج منازل زفرات صعوده وقطع معارجه كلفاً بذلك المحيا البديع الذي أحيى الله بمشاهدته القلوب ونفي ببهجته حوالك الكروب إذ هو عنوان المحاسن إلا وحديه مهرجان الملائح الأبلجية ومشكاة اليراعات النورانية ونبراس الاختراعات التشبيهية والتمثيلية تعرف منه فذلكة الفضايل بأقوى الدلائل حيث امتاز طالعه الأسنى بشرف ذاتك الحسنى التي أحرزت من المحاسن أوفاها ومن المحامد أصفاها وأخذت من الحلم أحسنه ومن العلم أبينه ومن الوفا أعمه ومن السخاء أتمه فتسلسلت أحاديث شرفها المرفوعة التي لا ضعيفة ولا موضوعة وتجملت بشرف معلوماتك وصحة مروياتك وعرجت لسدرة منتهى علمك المهذب وفضلك المرتب إلى أن بلغت في الفتق والرتق قصبات السبق فاستنار بها لألآ تقريرك وتحريرك وافتائك وامتازت به مطالع عليائك فكمل له الشرف الأعلى وراق له المورد الأحلى فلعمري انك لعلي المكارم وجلي المراحم وخاصة خلاصة الفضلاء المحققين والعلماء المدققين فلطالما تجلت لك عرائس العلوم اللدنية وتحلت بفهمك الوقاد أجياد الفوائد العقلية والنقلية ولطالما افتخرت بوجودك الأقطار الدمشقية والمواطن الجلقية حيث طلعت في سماء أهلها بدراً وسموت بحسن آرائك شرفاً وقدراً واستطردت خيول أوهامهم بتوفيقك وفتحت لهم خزائن برك وتحقيقك وطرزت ثياب خوفهم أمناً وكسوتهم من فضلك شرفاً وحسناً لا زالت شموس فضلك ساطعة أنواراً كاملة أسراراً ولا برحت قلوب الأنام بوجودك مسرورة وأقسامهم بجنابك مبرورة وما انفكت سوابغ النعم عليك وافدة والسادة منقادة اليك واردة ومتع الله جميع الأنام بطول بقائك ونور سنائك إنه على ذلك قدير وبالاجابة جدير آمين وبعد فالذي يعرضه العبد الداع ويرقه بقلمه ويعربه بكلمه إني أحمد الله تعالى اليك ملازم على وظيفة شكرك مترنم ببديع مدحك وبريع ذكرك أتذكر زماناً منحني صفوه وجذبني نحوه وأراني صفاء وجهك الأنور وجبينك الأزهر فتشتعل بي الأشواق الكامنة والأفكار الواهنة حيث قذفتني يد القدرة في لجة البعاد وأوثقتني بسلاسل العجز عن بلوغ المراد فلم أظفر بالنعمة الكبرى وهي النظر إلى وجهك مرة اخرى فأبسط كف

ص: 112

السؤال لمن يعلم الأحوال وأسأل بأشرف أسمائه وأكرم أنبيائه أن يبلغني ما أتمناه من مشاهدة وجهك الأسنى وما ذلك على الله بعزيز

أيا ملك الحسن في موكبه

واليمن والسعد في كوكبه

ويا قمر أضاء في مغربه

أما في البرية من ينتبه

يهني بك العام إذ أنت به

وفقت المها بالعيون الكحال

ملكت البها إذ حويت الكمال

وحسنك أمسى بديع الجمال

وإن وقعت شبهة في الهلال

فأنت على الناس لا تشتبه

وامتدح والدي بهذه القصيدة مؤرخاً فيه العام

عاما عام سعيدحيث وافى بالسرورمستهلاً في هناء

مقبلاً في كل خيردافعاً اضمار عامكان حلفاً لشرور

نجمه نجم تراءىطالعاً في محصن نورفهو غيث وغياث

مع يمن وحبوربشرت منه ليالإنه خير دهور

حيث زاد الخصب وانزاحت مطايا كل ضيرقالت الأفراح فيه

من كبير وصغيرفهو عام الخير والاقبال والرزق الغزير

شرحت فيه صدورمن رؤس وصدورسيما أكرم شهم

ذو البهاء المستنيرمن إذا ناديته فيدفع شر مستطير

قلت يا خير مناديبل ويا خير عشيرفي زمان ضاع فيه

كل مسكين فقيريا على القدر يا منقام بالأمر الخطير

يا مرادي دون غيرمن مليك وأميرأنت لي جنة نصر

خير واق ونصيركل عام أنت راقلمقامات الأجور

كفك العليا إذا مارحت أشكو من عسيوندى كفك أزري

لسحاب وبحوردانت العليا ودامتلقيام ونشور

في فناك الرحب دهراًوحماك المستنيرفهو باب لنوال

وغياث المستجيردم كما تختار داعلهناء وبرور

لا تخف غدر غدورلا ولا مكر مكورسيما في عام أمن

وأمان من نكيرعامنا هذا عطاءمن جدي الرب القدير

ساقه منا وفضلاًفيه جبر للكسيرفلذا قلت مشيراً

حيث وافى بالحبورعامنا أرخه بشرىلهناء مع سرور

ص: 113

وحين قدم حلب الشهباء الفاضل الأديب الشيخ محمد سعيد البغدادي المعروف بالسويدي امتدحه المترجم وجرت بينهما محاورات أدبية منها ما كتب إليه السويدي يعاتبه بقوله

يا سيداً ساد في أفعاله البؤس

لما عششت فإن العش معكوس

قد قلت إن الذي نرجوه في شغل

مدعو بأنس وهو داع ومأنوس

وعدتني ثاني الأيام إنك في

الحانوت منتظر والوعد تنفيس

فمذ أتيت إلى الحانوت ما نظرت

عيني سوى الخلف والأخلاف تعكيس

فسرت سيراً حثيثاً نحو مقتصدي

فما ظفرت كأن القصد تأييس

فقمت أسري إلى دار ببحرتها

عرش على الماء منه الماء تأسيس

من حوله جنتا حسن وأحمده

أضحى سليمان ملك منه بلقيس

ومذ وقفت أناجي فيض رحمته

صاح الأوز صياحاً فيه تعبيس

لولا استغاثة ربي كنت مبتلعاً

بجوف حوت أوز فيه تغطيس

يا صاحباً صاحب الغش العظيم لقد

أورثتني موحشاً ما فيه تأنيس

حبست طبعي ثقيلاً مذ حجبت من ال

جنان شخصاً كما أداه ابليس

انصف ولم سوء صنع منك وإسع إلى

عذر عن الغدر فالتغدير ترجيس

فأجابه المترجم معتذراً ومداعباً ومؤرخاً بقوله

أما وحرمة عهد قد جنيت به

محبة ما بها والله تدليس

وقد أقمت علي دعوى فضائلها

أدلة كم لها في الود تأسيس

ما كان مني قصور يقتضي سأماً

ولا فتور ولا نقص ولا بؤس

ولا تخلفت عمداً عن جنابك في

انجاز وعد له في الحكم تجنيس

بل كان سهو أو إن السهو معذرة

كبرى وليس بها شك وتلبيس

ألا وعلمي يقيناً إن مخلفه

وغد من الناس منحوس ومنكوس

ومنجز الوعد مستجلي مناقبه

فكم حلا فيه تشطير وتخميس

هبني وإن قد جرى عمداً فمثلك لا

يشينه في مقام الحلم تدنيس

أخا النباهة أجريت العتاب على

حكم التهكم هل أغراك ابليس

أم اعتمدت على فهم أراك به

خلاف ما هو معقول ومحسوس

لو كنت مصطحباً للغش يلزم أن

يكون منه ومدحي فيك محبوس

فإن عفوت عفونا حيث قابلنا

منك الوداد وعم القلب تأنيس

لا زلت تسمو سماء الفضل في نعم

وحيثما كنت محروس ومأنوس

ص: 114

ما امتاز ربع غرامي حين أرخه

وبيت صدق مرامي فيك ملموس

ثم كتب اليوسفي المترجم إلى السويدي في مجلس أحد أمجاد حلب ارتجالاً بقوله

بغداد دار الفضل قد بزغت بها

شمس الفضائل في رفيع علاء

سمحت بحسن سعودها لسعيدها

ولقد أرته محاسن الشهباء

حيث استنار الفضل من اشراقه

لما بدا في طالع لألاء

أو ما ترى بقدومه الزاهي انجلت

في طالع يزهو على الجوزاء

أهلاً به وبحسن بهجة فضله

وبشعره السامي بحسن ذكاء

لا زالت الشهباء من أنواره

بالفضل تستجلي أتم بهاء

ما اليوسفي بدر نظم قريضه

يروي حديث بلاغة الفصحاء

فأجابها السويدي ارتجالاً أيضاً بقوله

أتى سعيد حيث نلت سعادة

في رؤيتي لمحاسن الشهباء

أنعم بها وبأهلها فلقد حوت

حسناً لناظرها جميل بهاء

جلت عن التشبيه إلا قولنا

هي جنة الدنيا ونور الرائي

فالله أحمد حيث بدل سفرتي

عن تدمر بمدينة حسناء

فأنا السعيد وباغتنام اليوسفي

قد صرت أسعد إذ بلغت منائي

من درة في شعرة من جوهر

في نثره متلألئ اللألاء

شكراً لمجلس سيدي عثمان مذ

بجلوسه مستجلب الآلاء

أكرم به وبربه وبصحبه

درت عليه سحائب النعماء

ثم إن المترجم أنشد في مجلس نقيب حلب الكواكبي بقوله

كواكب الفضل قد لاحت سواطعها

ونال منها سعيد غاية الأرب

فأحمد الله إني كنت عندهما

أنزه الطرف في روض من الأدب

فيالها ساعة قد أسفرت علناً

عن كل ما تقتضيه بهجة الطرب

فأجابه السويدي وقال

كواكب المجد في بحبوحة سطعت

فزينت فوق حسن زينة الأدب

أنا السعيد لما عاينت نظرتها

وحسنها اليوسفي بالأنس والطرب

وصرت أسعد مذ فخري لمفتخر

كواكبي حيث عمتني منا الأرب

ومن شعر صاحب الترجمة قوله

سكرت بعيني من أحب فلم أزل

مدى الدهر نشواناً وعقلي ذاهل

ص: 115