المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كتاب الطهارة] [30] قال تمام (1/ رقم:153/ ص 205) أخبرنا أبو الحسن - الإعلام بنقد كتاب الروض البسام

[محمد صباح منصور]

الفصل: ‌ ‌[كتاب الطهارة] [30] قال تمام (1/ رقم:153/ ص 205) أخبرنا أبو الحسن

[كتاب الطهارة]

[30]

قال تمام (1/ رقم:153/ ص 205)

أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان قراعة وأبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم وأبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الكندي ابن بنت عُدَبَّس وغيرهم قالوا: نا أبو علي الحسن بن جرير الصُّوري: أنا محمد بن عُبيد الغسّاني: نا حمّاد بن سلمة عن ابن عون عن أبيه.

عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السواك مَطْهرةٌ للفم، مرضاة للرب عز وجل".

قال الدوسري:

"هكذا في جميع النسخ (ابن عون عن أبيه) وهو خطأ، فقد رواه أحمد (1/ 3، 10) والمروزي في مسند أبي بكر (رقم: 108، 110) وأبو يعلي (109، 110) عن حماد بن سلمة عن ابن أبي عتيق عن أبيه عن أبي بكر الصديق.

وابن أبي عتيق هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق، نسب إلى جده، وأبوه عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وروايته عن الصديق منقطعة.

وهذه الرواية معلولة كما نصّ عليها الحفاظ:

ثم ذكر بعض أقوال أهل العلم، ثم قال:

"وقد أخرجه على الصواب: الشافعي في مسنده (ترتيب السندي: 1/ 30) -ومن طريقه البيهقي (1/ 34) والبغوي في شرح السنة (1/ 394) - وأحمد

ص: 49

(6/ 47، 62، 238) وأبو نعيم في الحلية (7/ 159) من طريق ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي عتيق عن أبيه عن عائشة مرفوعًا.

وسنده حسن، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث في رواية أحمد" انتهى كلامه.

قلت: وقع في تخريج الدوسري خلط عجيب.

فإن الذين أخرجوه على الصواب كالشافعي والبيهقي والبغوي وغيرهم إنما رووه من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي عتيق، عن عائشة مرفوعًا (وليس عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي عتيق عن أبيه عن عائشة) كما قال الدوسري. وتحكمه هذا مبني على ما قرره في بداية التخريج أن ابن أبي عتيق هو: عبد الرحمن بن عبد الله. . .إلخ -وهو كذلك في الرواية الأولى عن أبي بكر الصديق- فما علاقتها بالرواية الأخرى؟.

وقد صرح بعض الذين أخرجوا الحديث باسم "عبد الله" كما عند الإمام أحمد (6/ 47 - 62 - 238) والبغوي (1/ 200) وابن المنذر في "الأوسط"(338) وأبي الشيخ في "ذكر الأقران ورواياتهم عن بعضهم بعضا"(298).

نعم أخرجه الإمام أحمد (6/ 124) والنسائي في "المجتبى"(رقم: 5) والمروزي في "مسند أبي بكر"(109) وغيرهم من طريق يزيد بن زريع عن عبد الرحمن بن أبي عتيق عن أبيه عن عائشة به.

فيكون محمد بن إسحاق متابعًا لعبد الرحمن بن عبد الله لا أنه الراوي عنه كما توهّم الأستاذ الفاضل، والله الموفق.

ص: 50

[31]

قال الدوسري (1/ ص 209):

"أخرج البيهقي (1/ 28) من طريق فرج بن فضالة عن عروة بن رويم عن عائشة. . . .".

أقول: عند البيهقي: "عن عروة بن رويم عن عمرة عن عائشة" فسقط ذكر عمرة من الإسناد عند الأخ الدوسري.

[32]

قال الدوسري (1/ 211)

"قلت: أخرجه أحمد (4/ 116) وأبو داود (47) والترمذي (23) وقال: "حسن صحيح" من طريق. . . (كذا).

قلت: لم يذكر الدوسري من أي طريق ولم يتم عبارته فأقول: أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن زيد بن خالد الجهني مرفوعًا: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة [زاد الترمذي: ولأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل].

قال أبو سلمة: فكان زيد بن خالد يشهد الصلوات في المسجد وسواكه على أذنه موضع القلم من أذن الكاتب لا يقوم إلى الصلاة إلا استنّ ثم ردّه إلى موضعه.

وإسناده صحيح كما قال الترمذي إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق فإنه مدلّس.

[33]

قال تمام (1/ رقم: 157/ ص 212):

"حدثنا أبو القاسم علي بن يعقوب: نا عبد الله بن أحمد بن حنبل: نا عثمان ابن أبي شيبة: نا شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول

ص: 51

الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام أحدكم من الليل فليَسْتَكْ".

قال الدوسري:

"شريك هو ابن عبد الله القاضي صدوق سيئ الحفظ، وباقي رجاله ثقات" انتهى.

قلت: لم ينفرد به شريك القاضي فقد تابعه عثمان بن سهل -ويقال اسمه: عيسى وهو الصواب كما في التهذيب-

أخرجه أبو طاهر المخلص -كما في المداوي (1/ 234) -: حدثنا البغوي: حدثنا عثمان بن سهل، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعًا.

وعيسى بن سهل ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ عنه في التقريب "مقبول" يعني حيث يتابع وإلا فليّن الحديث كما نص عليه في المقدمة. وهنا قد توبع، تابعه شريك كما مرّ معك، والله الموفق.

[34]

قال تمام (1/ رقم: 161/ ص 215 - 216):

"أخبرنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البَجَلي: نا محمد بن أحمد بن رِزْقان المصّيصي بدمشق سنةَ تسْعٍ وستين ومائتين: نا حجّاج ابن محمد الأعور: ناَ حَرِيز بن عثمان الرَّحبي عن سلمان بن سُمير الأَلهاني

عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنْ تستقيموا تُفلحوا، وخيرُ أعمالكم الصلاةُ، ولا يحافظ على الوُضوء إلا مؤمنٌ".

قال الدوسري:

محمد بن أحمد بن رزقان ذكره ابن ماكولا في "الإكمال"(4/ 184) وابن عساكر في التاريخ (14/ ق 342) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وسلمان بن

ص: 52

سُمير لم يوثقه غير ابن حبان، لكن قال أبو داود: شيوخ حريز بن عثمان كلهم ثقات.

والحديث أخرجه الطيالسي (996) وأحمد (5/ 276 - 277، 282) وابن أبي شيبة (1/ 5 - 6) والدرامي (1/ 168) وابن ماجه (277) والطبراني في الصغير (1/ 11 ، 2/ 88) والحاكم (1/ 130) -وصححه على شرطهما وأقره الذهبي- والبيهقي (1/ 82، 457) والخطيب في تاريخه (1/ 293) والبغوي في "شرح السنة"(1/ 327) من طرق عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان.

قال المنذري في الترغيب (1/ 162): "إسناده صحيح". أهـ. كذا قال، والصواب أنه منقطع.

قال البوصيري في الزوائد (1/ 41) بعدما نقل قول الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة): "قلت علته أن سالم لم يسمع من ثوبان قاله أحمد وأبو حاتم والبخاري وغيرهم" وقال أيضًا: "هذا الحديث رجاله ثقات إلا أنه منقطع بين سالم وثَوبان فإنه لم يسمع منه بلا خلاف".

وقال الذهبي في المهذب (1/ 100): "أخرجه ابن ماجه من حديث منصور عن سالم وهو لم يدرك ثوبان". أهـ.

انتهى كلام الأستاذ الدوسري بطوله.

قلت: تبيّن من التخريج السابق أن علة الحديث هي الانقطاع بين سالم بن أبي الجعد وثوبان لأنه لم يدركه.

لكنني -بحمد الله- قد وقفت على الواسطة بين سالم وثوبان.

أخرجه ابن سيد الناس في "الأجوبة"(10/ 2)(1) من طريق سالم بن أبي

(1) انظر: "جمهرة الأجزاء الحديثة"(ص 79)

ص: 53

الجعد، عن ثوبان.

ثم نقل عن الإمام أحمد أنه قال: "لم يسمع سالم من ثوبان بينهما معدان".

قلت: ومعدان هذا هو ابن أبي طلحة ثقة كما في "التقريب".

فصح بذلك الإسناد، وانتفى الانقطاع، والحمد لله على نعمه.

[35]

قال الدوسري (1/ رقم 176 - ص 225) في حديث أنس في تخليل اللحية: "وله طريق ثالثة أخرجها ابن سعد في طبقاته (1/ 386) من طريق يزيد الرقاشي عن أنس، والرقاشي متروك" أهـ.

قلت: لقد أبعدت النجعة يا أخانا، فالحديث أخرجه ابن ماجه في سننه (431) من طريق يزيد الرقاشي عن أنس، فالعزو إليه أولى من العزو إلى "طبقات ابن سعد" كما هو معلوم.

[36]

قال الدوسري (1/ ص 225).

"وقد وردت أحاديث عديدة في تخليل اللّحية لكنها كما قال الإمام أحمد وأبو حاتم الرازي: لا يثبت منها شيء. ." إلخ.

قلت: بل ثبت في تخليل اللحية عدة أحاديث، منها حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، وحديث عائشة رضي الله عنها، بالإضافة إلى حديث أنس بن مالك الذي خرّجه الأخ الدوسري برقم (176). وصححه.

وإليك تخريج هذه الأحاديث.

أولًا: حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه:

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 125) ومن طريقه الترمذي (1/ 31)

ص: 54

وابن ماجه (1/ 430).

وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 24) والدارمي (1/ 178 - 179) وابن الجارود (72) وابن خزيمة (1/ 151 - 152) وابن حبان (2/ 1078 - الإحسان) والدارقطني (1/ 86) والحا كم (1/ 148 - 149) - وعنه البيهقي (1/ 54) من طرق عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته".

وبعضهم يرويه مطوّلًا في ذكر صفة الوضوء.

وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

وقال الحاكم: "هذا إسناد صحيح، وقد احتجا بجميع رواته غير عامر بن شقيق، ولا أعلم في عامر بن شقيق طعنًا بوجهٍ من الوجوه". وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: ضعفه ابن معين".

قلت: وتضعيف ابن معين نقله عنه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(6/ 322).

وقال أبو حاتم عن عامر بن شقيق: "ليس بقوي، وليس من أبي وائل بسبيل".

أما الإمام النسائي فقال فيه: "ليس به بأس" وذكره الإمام ابن حبان في "الثقات"(7/ 249) وصحح له الترمذي وابن خزيمة والحاكم، وقد روى عنه شعبة، وهو لا يروي إلا عن ثقة. وقال الذهبي:"صَدُوق ضعّف".

وقال الترمذي في "العلل الكبير"(1/ 115): "قال محمد -يعني البخاري- أصحّ شيء عندي في التخليل حديث عثمان. قلت: إنهم يتكلمون في هذا الحديث فقال هو حسن".

ص: 55

وقال ابن الملقن في "البدر المنير"(3/ 394):

"هذا الحديث حسن" وقال أيضًا: كيف لا يكون صحيحًا والأئمة قد صحّحوه: الترمذي في "جامعه" وإمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والدارقطني كما تقدم عنه، والحاكم أبو عبد الله في "مستدركه" والشيخ تقي الدين ابن الصلاح. وشهد له إمام هذا الفن أبو عبد الله البخاري بأنه حديث حسن وبأنه أصحّ حديث في الباب. . ." إلخ.

ثانيًا: حديث عائشة رضي الله عنها:

أخرجه أحمد (6/ 235) والحاكم (1/ 150) والخطيب (12/ 414) من طريق عمر بن أبي وهب، عن موسى بن ثروان، عن طلحة بن عبيد الله بن كُرَيز عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته". وإسناده صحيح.

عمر بن أبي وهب ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(3/ 1/ 140) وحكى عن أبيه أنه قال: لا بأس به. وعن ابن معين أنه قال: ثقة. وعن أحمد بن حنبل أنه قال: ما أعلم به بأسًا. أهـ.

وموسى بن ثروان وطلحة بن عبيد الله. ثقتان كما في "التقريب" للحافظ ابن حجر.

قال الحافظ الهيثمي في "المجمع"(1/ 235):

"رواه أحمد ورجاله موثّقون".

وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص"(1/ 86):

"إسناده حسن".

ص: 56

[37]

قال الدوسري (1/ رقم 179 ص 226 - 227) في التعليق على حديث "الأذنان من الرأس":

"وللحديث عن أبي أمامة طرق أخرى:

فقد أخرجه أحمد (5/ 285 - 286) وأبو داود (134). . . . . من طريق سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عنه. أهـ

قلت: وعزو الأخ الدوسري الحديث إلى "أبي داود" وأنه رواه مرفوعًا خطأ، وقد وقع بمثل ما وقع به الإمام عبد الحق الإشبيلي في كتابه "الأحكام الوسطى"(1/ 132) وردّ عليه الحافظ ابن القطّان في كتابه العظيم "بيان الوَهم وَالإيهام الوَاقعين في كتاب الأحكام".

قال رحمه الله (2/ 280 - 281):

"ومن المشكوك في رفعه ممّا أورده -يعني الإشبيلي- مرفوعًا، ما ذكر من طريق أبي داود، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح المأقَين". قال: "الأذنان من الرأس".

لم يزد في الراده على هذا، ولا قال بإثره شيئًا، وكأنه عنده بين الضعف بشهر بن حوشب. والحديث عند أبي داود موقوف، أو مشكوك في رفعه.

قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب، ومسدد، وقتيبة، عن حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة -ذكر وضوء النبي صلى الله عليه وسلم- قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح المأقين".

وقال: "الأذنان من الرأس".

فقوله: وقال: "الأذنان من الرأس" يحتمل أن يكون القائل له النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكون أبا أمامة، والأظهر لحكم ظاهر اللفظ أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 57

فأورده أبو محمد على ذلك، وترك ما ذَكَر أبو داود بعده وذلك أنه قال: قال سليمان بن حرب: يقوله أبو أمامة.

وقال قتيبة عن حماد: لا أدري أهو من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي أمامة.

فهذا حماد -وهو الذي رواه عنه مسدد، وسليمان، وقتيبة- لا يدري من قول من هو؟ فقد تحقق الشك في رفعه.

وقد جزم سليمان بن حرب بأنه من قول أبي أمامة.

وقد بينه الدارقطني فقال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن خشيش، حدثنا يوسف القطان، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة أنه وصف وضوء رسول صلى الله عليه وسلم فقال:"كان إذا توضأ مسح مأقيه بالماء".

قال أبو أمامة: "الأذنان من الرأس".

قال سليمان بن حرب: "الأذنان من الرأس" إنما هو من قول أبي أمامة، فمن قال غير هذا فقد بدّل -أو كملة قالها سليمان- أي خطأ.

وقد رواه مرفوعًا عن حماد بن زيد في غير كتاب "أبي داود" جماعة منهم: "محمد بن زياد الزيادي، والهيثم بن جميل، ومعلى بن منصور، ومحمد بن أبي بكر".

إنما قصدت بيانَ ما أورد من كتاب أبي داود" انتهى كلام ابن القطان رحمه الله وهو نفيسٌ جدًّا.

[38]

قال تمام الرازي (1/ رقم: 180/ ص 227):

"أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن أيوب العَدْل قراءة عليه بالرملة: نا عبد الله

ص: 58

ابن وُهيب الغزّي: نا محمد بن أبي السَّرِيّ: نا عبد الرزاق عن سفيان عن عُبيد الله عن نافع.

عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأذنان من الرأس".

قال الدوسري:

"أخرجه الدارقطني (1/ 97) بنفس الإسناد، وقال: "رفعه وهم" انتهى.

قلت: أما قولك -حفظك الله-: "أخرجه الدارقطني بنفس الإسناد" فغير دقيق، بل غير صحيح.

فقد أخرجه الدارقطني (1/ 97) قال: حدثنا محمد بن عمر بن أيوب، نا عبد الله بن محمد بن وهيب الغزي، نا محمد بن أبي السري، ثنا عبد الرزاق، عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا.

وقال: كذا قال عبد الرزاق عن عبيد الله.

فأنت ترى أن عبد الرزاق رواه مباشرة عن عبيد الله بن عمر بينما في رواية تمام الرازي: "عن عبد الرزاق عن سفيان -وهو الثوري-، عن عبيد الله بن عمر. . .".

ثم ذكر الدارقطني رحمه الله الرواية التي ذُكِر فيها (سفيان) فقال:

ورواه إسحاق بن إبراهيم، عن ابن أبي السري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن عبيد الله. . .".

فهل يصح بعد ذلك أن يقول الأستاذ الفاضل:

"أخرجه الدارقطني بنفس الإسناد"؟!

ص: 59

[39]

وقال الدوسري (1/ ص 228) في التعليق على الحديث السابق:

"وأخرجه أيضًا- يعني الدارقطني (1/ 97) من طريق القاسم بن يحيى، عن إسماعيل بن عياش، عن نافع عنه.

قال الدارقطني: القاسم ضعيف. أهـ

قلت: سقط من الإسناد عند الدوسري: يحيى بن سعيد.

فعند الدارقطني هكذا ". . . عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن نافع عنه".

[40]

قال الدوسري (1/ ص 229) في حديث "الأذنان من الرأس".

"وأجود طرق الحديث طريق ابن عباس التي أخرجها الطبراني في "الكبير" (10/ 391) من طريق قارظ بن شيبة عن أبي غطفان عنه. وإسناده حسن، قارظ ليس به بأس كما قال النسائي.

وكان أول من نبّه على هذه الطريق -فيما أعلم- محدث الشام ناصر الدين الألباني في كتابه "الأحاديث الصحيحة"(1/ 52) وقد استوعب الكلام على طرق هذا الحديث فأجاد في ذلك". أهـ

قلت: أخطأ الأخ الدوسري في فتحسينه الحديث تَبَعًا للشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله وهكذا حال أكثر المحقّقين يقلّدون الشيخ الألباني فإذا ما تراجع عنه الشيخ الألباني رحمه الله فُضِحَ من كان قَدْ قلّده بغير دليل ولا تتبّع ولا دراية.

ولو لم يكن الشيخ الألباني رحمه الله أول من نبّه على هذه الرواية لما أحال عليه الأخ الدوسري -كما هي عادته-!!

ص: 60

وقد أفاض في تخريج هذه الرواية، فضيلة الشيخ المحقق مشهور حسن آل سلمان في تحقيقه لكتاب "الطهور" لأبي عبيد القاسم بن سلام، وتوصّل إلى شذوذ هذه الرواية. وذكر -حفظه الله- أنه عرض بحثه على الشيخ الألباني -فوافقه على ما توصّل إليه- كما سيأتي.

قال الشيخ مشهورحسن في "الطهور"(ص 368 - 369 - 370 - 371):

"وقد صححه شيخنا الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1/ 52 - 53) بطريق له من حديث ابن عباس، قال عنها:

"ومن الغرائب أن هذه الطريق مع صحتها أغفلها كل من خرّج الحديث من المتأخرين، كالزيلعي، وابن حجر، وغيرهما ممن ليس مختصًا في التخريج، بل أغفله أيضًا الحافظ الهيثمي، فلم يورده في "مجمع الزوائد" مع أنه على شرطه! وهذا كله مصداق قول القائل: "كم ترك الأول للآخر"، وهو دليل واضح على أهمية الرجوع إلى الأمهات عند إرادة التحقيق في حديث ما، فإنه سيجد فيها ما يجعل بحثه أقرب ما يكون نضجًا وصوابًا، والله تعالى هو الموفق" انتهى.

قلت: وهذه الطريق؛ ما أخرجه الطبراني في "الكبير"(10/ 391) رقم (1084) ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن قارظ بن شيبه عن أبي غطفان عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استنشقوا مرتين، والأذنان من الرأس".

قال شيخنا الألباني في "الصحيحة"(1/ 52): "وهذا سند صحيح، ورجاله كلهم ثقات ولا أعلم له علة".

قلت نعم؛ إن كان محفوظًا آخره. وقد أغفله الهيثمي لأنه موجود هي "السنن" لأبي داود وابن ماجه.

ص: 61

وقد جاء من ثلاثة طرق عن وكيع من غير ذكر الأذنين، وكذا رواه عشرة عن ابن أبي ذئب، وهذا يؤكد أن هذه الزيادة ليست محفوظة في هذا الحديث، ولعلها خطأ من الناسخ، أو سبق قلم من الطبراني. وعلى أحسن الأحوال فهي من شذوذ من دون الطبراني، لأن أحمد أخرج الحديث من ثلاثة طرق عن- ابن أبي ذئب دونها. وسيأتي بيان ذلك، وإليك ما وقفت عليه من طرق:

أخرج أبو داود في "السنن": (1/ 35) رقم (141) ثنا إبراهيم بن موسى ثنا وكيع وابن ماجة في "السنن": (1/ 143) رقم (408) ثنا علي بن محمد ثنا وكيع.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف": (1/ 40) ثنا وكيع وإسحاق الرازي. عن أبن أبي ذئب به، وبلفظ:"استنشقوا" وقال: "وقال وكيع: استنثروا".

وهذا يؤكد لك خطأ رواية الطبراني، فإنها عن وكيع، وفيها "استنشقوا" مع أنه قال خلاف ذلك. كما عند أبي داود وابن ماجه أيضًا.

ورواه بلفظ "استنثروا" عن ابن أبي ذئب غير وكيع، مثل: عبد الله بن المبارك، كما عند: النسائي في "الكبرى" رقم (97) أخبرنا سويد بن نصر قال أنا عبد الله به، وعبد الله هو ابن المبارك، كما في "تحفة الأشراف"(5/ 278) رقم (6567) و"النكت الظراف"، وفيهما:"وحديث النسائي في رواية ابن الأحمر ولم يذكره أبو القاسم".

وأبو داود الطيالسي في "المسند" رقم (2725) - ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى": (1/ 49) قال ثنا ابن أبي ذئب به، بلفظ:"إذا مضمض أحدكم واستنثر فليفعل ذلك مرتين بالغتين أو ثلاثًا" قال الحافظ في "الفتح": (1/ 262): "إسناده حسن" وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط": (1/ 377) رقم

ص: 62

(359)

ثنا علي بن الحسن ثنا إسحاق بن عيسى ابن بنت داود بن أبي هند ثنا ابن أبي ذئب به بلفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنثر مرة أو مرتين".

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 148) أخبرنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا خالد بن مخلد ثنا ابن أبي ذئب به ولفظه: واستنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثًا".

وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" رقم (77) ثنا محمد بن يحيى ثنا أسد بن موسى ثنا ابن أبي ذئب به مثله.

ورواه آدم قال: نا ابن أبي ذئب به، كما في "التاريخ الكبير":(4/ 1/ 201) وتصحفت فيه "استنثروا" إلى "أبشروا"!! فلتصحح.

وأخرجه أحمد في المسند": (1/ 352) ثنا هاشم بن القاسم عن ابن أبي ذئب به نحوه فهؤلاء ثلاثة: إبراهيم بن موسى، وعلي بن محمد، وأبو بكر بن أبي شيبة رووه عن وكيع دون ذكر الأذنين.

وتابع وكيعًا على الرواية دون هذا اللفظ أيضًا عشرة وهم:

أولًا: إسحاق بن سليمان الرازي، وهو كوفي الأصل، ثقة، فاضل.

ثانيًا: عبد الله بن المبارك، ثقة، ثبت، فقيه، عالم، جواد، مجاهد، جُمعت فيه خصال الخير.

ثالثًا: أبو داود الطيالسي، سليمان بن داود. ثقة، حافظ.

رابعًا: إسحاق بن عيسى، ابن بنت داود بن أبي هند، وهو صدوق يخطىء.

خامسًا: خالد بن مخلد القَطَواني، أبو الهيثم البجَلّي، مولاهم، الكوفي، صدوق يتشيع.

سادسًا: أسد بن موسى الأموت، المعروف بـ "أسد السنة"، صدوق يغرب.

ص: 63

سابعًا: آدم بن أبي إياس، ثقة، عابد.

ثامنًا: يزيد.

تاسعًا: يحيى بن سعيد القطان، ثقة، متقن، حافظ، إمام، قدوة.

عاشرًا: هاشم بن القاسم الليثي البغدادي، أبو النضر، لقبه قيصر، ثقة، ثبت.

فهذا يؤكد أن ذكر الأذنين ليس محفوظًا في هذا الحديث، وأن خطأ ما قد وقع على ما دون أحمد، فإن أحمد رواه في "المسند" من ثلاثة طرق -عن غير وكيع- من غير ذكر الأذنين. وقد أورد هذا الحديث هكذا دون الزيادة الأخيرة فيه: ابن عبد البر في "الاستذكار": (1/ 172) و"التمهيد": (4/ 33 - 34) وابن حجر في "التلخيص الحبير": (1/ 8 - 82) و"فتح الباري": (1/ 162).

وهذا كله يؤكد ما ذهبنا إليه، والله أعلم.

وقد أطلعت الشيخ الألباني -فسح الله مدته- على ما رقمت في سلخ شعبان سنة 1413 هـ، فذكر لي: أن لفظة "الأذنان من الرأس" في طريق الطبراني، التي كان قد قال عنها:"أغفلها كل من خرج الحديث من المتأخرين" شاذة غير صحيحة، وأنه -حفظه الله- دون ذلك على حواشي نسخته من "الصحيحة" لتأخذ مكانها في طبعة جديدة، أو في أول فرصة تسنح له بذلك، والله الموفق، وله الحمد على نعمه السابغة.

انتهى كلامه بطوله جزاه الله خيرًا.

ثم رأيت تراجع الشيخ رحمه الله في الطبعة الجديدة لـ "السلسلة الصحيحة" في الاستدراكات وهي آخر القسم الثاني (ص 903) لكنه يرى أن الحديث باجتماع طرقه يتقوى.

ص: 64

فرحمه الله وأسكنه فسيح جناته بمنه وكرمه، والله الموفق.

[41]

قال تمام (1/ رقم: 184/ ص 230 - 231):

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن سليمان بن أيوب بن حَذْلم وأبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب قالا: نا أبو علي الحسن بن جرير الصوري بدمشق قال: نا يعقوب بن حُميد بن كاسب قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يحدّث عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أسامة بن زيد.

عن بلال وعبد الله بن رواحة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ في دار حمل فسمح على المُوقَين (1) والخِمار".

قال الدوسري:

"أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 335) من طريق أبي مصعب، عن عبد الرحمن بن زيد به بنحوه.

وعبد الرحمن بن زيد متروك" انتهى

قلت: غفر الله لك يا فضيلة الأستاذ فإن حديث بلال، أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" (275) وهو بلفظ:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار".

[42]

قال الدوسري (1/ ص 233)

"وأبو سعد لم أر من ذكره"

قلت: ذكره الإمام البخاري في "الكنى"(رقم 315) وقال: "أبو سعد الأعور مولى حذيفة".

(1) قال الدوسري: "مثنى (موق) وهو ضرب من الخفاف" انتهى.

ص: 65

[43]

قال الدوسري (1/ ص 253)

"وقال ابن حبان عن بكّار -يعني ابن تميم-: لا يجوز الاحتجاج به، يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم. (كذا في تاريخ ابن عساكر: 3/ ق 256/ أ). أهـ كلامه.

قلت: وقع في "تاريخ ابن عساكر" في بعض النسخ الخطية بعض التداخل، فتداخلت ترجمة بكار بن تميم في ترجمة بكار بن شعيب فصارت واحدة.

فنقل الأستاذ الدوسري قول ابن حبان الذي كان في ترجمة بكار بن شعيب فجعله في ترجمة بكار بن تميم.

وقول ابن حبان في بكار بن شعيب موجود في كتابه "المجروحين"(1/ 226 - ط حمدي) ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(10/ 363)

وقد نبه محقق "التاريخ" على وجود التداخل المذكور آنفًا.

فيبقى بكار بن تميم قال فيه أبو حاتم الرازي: مجهول. وقد نقل قوله الأستاذ. والله الموفق.

[44]

قال تمام (1/ رقم: 214/ ص 257):

"أخبرنا أبو الحسن أحمد بن سليمان بن أيوب بن حذلم القاضي: نا سعد بن محمد البيروتي: نا إبراهيم بن محمد الشافعي: نا شريك عن أبي إسحاق عن الأسود.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغُسْل.

ص: 66

وقد خرّج الأستاذ الدوسري هذا الحديث من ثلاثة طرق.

الأول: عن شريك القاضي -كما هي رواية تمام وغيره ممن ذكرهم-

والثاني: عن زهير بن معاوية، والثالث: عن الحسن بن صالح، جميعهم عن أبي إسحاق.

ثم قال:

"وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي مدلس وقد عنعنه، وقد اختط بأخَرة" أهـ.

قلت: أما إعلالك الحديث باختلاط أبي إسحاق السبيعي فهو لا وجه له.

وذلك أن شريك بن عبد الله القاضي روى عنه قبل الاختلاط كما قال الإمام أحمد وابن معين "التهذيب"(4/ 294 - 295) لابن حجر.

والحديث أخرجه بنحوه الطبراني في "مسند الشامين"(2787) من طريق سعيد بن بشير، عن منصور بن زاذان، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل ثم يخرج إلى الصلاة فيصلي ولا يتوضأ".

وسعيد بن بشير ضعيف كما في "التقريب" ولكن يعتبر به.

فالحديث باجتماع هذين الطريقن حسن إن شاء الله.

وقد قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال ابن سيد الناس -كما في حاشية الشيخ أحمد شاكر على الترمذي-: "وأخرجه البيهقي بأسانيد جيدة".

وصححه الحاكم والألباني في "تمام المنة"(ص 129).

[45]

قال تمام (1/ رقم: 225/ ص 262):

- حدثنا أبو بكر محمد بن سهل بن أبي سعيد التنوخي القطّان: نا أبو علي

ص: 67

أحمد بن عبد الله بن زياد الإيادي بجَبلة: نا يزيد بن قُبيس: نا عبد الرحيم بن هارون عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا راح أحدُكم إلى الجمعة فليغتسل اغتساله من الجنابة".

قلت: لم يخرجه الأخ الدوسري وإنما قال: "ويغني عنه ما أخرجه البخاري. . . ." إلخ.

وحديث أبي هريرة هذا أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه"(11/ 92) من طريق عبد الله بن زياد بن سمعان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح عنه مرفوعًا بلفظ:"من حضر منكم الجمعة فليغتسل كغسله من الجنابة". وإسناده واه

عبد الله بن زياد بن سمعان متروك اتهمه بالكذب أبو داود وغيره، كذا في "التقريب".

وأخرجه أبو بكر العاقولي في "فوائده" -كما في "كنز العمال"(7/ 756) - من حديث عمر بن الخطاب.

[46]

وقال الدوسري (1/ ص 263):

"وفي صحيح البخاري (3/ 56) عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صومِ ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وترٍ" أهـ

قلت: وهذا الحديث أخرجه مسلم (721) من حديث أبي هريرة أيضًا، فالعزو إليهما أولى من الاقتصار على أحدهما، والله أعلم.

ص: 68