الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(معرفة من خلط من الثقات)
أي هذا مبحثها وهو النوع الثامن والثمانون من أنواع علوم الحديث.
قال السخاوي: وكان الأنسب ذكره فيمن تقبل روايته ومن ترد، كما في الذي قبله، وهو فن مهم عزيز، وفائدة ضبطهم تمييز المقبول، من غيره، ولذا لم يذكر الضعفاء منهم كأبي معشر نجيح بن عبد الرحمن السَّندي المدني، لأنهم غير مقبولين، بدونه، اهـ.
946 -
وَالْحَازِمِيْ أَلَّفَ فِيمَنْ خَلَّطَا
…
مِنَ الثِّقَاتِ آخِرًا فَأُسْقِطَا
947 -
مَا حَدَّثُوا فِي الاِخْتِلاطِ أَوْ يُشَكّْ
…
وَبِاعْتِبَارِ مَنْ رَوَى عَنْهُمْ يُفَكّْ
948 -
كَابْنَيْ أَبِي عَرُوبَةٍ وَالسَّائِبِ
…
وَذَكَرُوا رَبِيعَةً لَكِنْ أُبِي
(و) الحافظ أبو بكر محمد بن موسى (الحازمي) نسبة إلى أحد أجداده (قد ألفا) بالبناء للفاعل والألف إطلاقية والفاعل ضمير الحازمي، أي صنف الحازمي (1) جزءً لطيفاً (في) معرفة (من خلطا) بتشديد اللام، والألف إطلاقية (من الثقات) حال مِنْ مَنْ، أي حال كون ذلك المخلط من الثقات، واحترز به من الضعفاء فإنه لا فائدة في ذكرهم، في هذا النوع،
(1) وممن ألف فيه صلاح الدين العلائي في جزء اختصره جدا، والحافظ برهان الدين سبط بن العجمي ولكنه ذكر الثقات وغيرهم، وأحسن مؤلف فيه، تأليف أبي البركات محمد بن أحمد الشهير بابن الكَيَّال وسماه الكواكب النيرات، في معرفة من اختلط من الرواة الثقات، مطبوع بتحقيق كمال يوسف الحوت.
لردهم بدونه، كما تقدم في كلام السخاوي. (آخرًا) منصوب على الظرفية متعلق بخلط، أي في آخر عمره، يعني: غالباً، وإلا فليس قيداً فيه، ومثله قول مالك: إنما يَخْرَفُ الكذابون.
وحقيقة الاختلاط: فساد العقل، وعدم انتظام الأقوال، والأفعال، إما بخرف أو ضرر أو مرض، أو عارض من موت ابن، وسرقة مال، أو ذهاب كتب أو احتراقها. (فأسقطا) بالبناء للمفعول، والألف للإطلاق، ونائب فاعله قوله:(ما حدثوا) أي الحديث الذي حدثوا به (في الاختلاط) أي في حالة اختلاطهم (أو) ما (يشك) بالبناء للمفعول، أي يشك فيه هل هو قبل الاختلاط، أو بعده.
وحاصل المعنى: أنه يسقط ما حدث به بعد الاختلاط، أو شك فيه وأشكل: أرواه قبلُ، أو بعدُ؟ وقُبِلَ ما رواه قبلُ الاختلاط لثقته.
(وباعتبار) من روى عنهم أي نَقَلَ الحديث عن المخلطين متعلق بقوله: (يفك) بالبناء للمفعول، أي يزال الإشكال، من فككت العَظْمَ فَكًّا من باب قتل: أزلته من مفصله، والمعنى: أنه يتميز ما حدثوا به قبل الاختلاط وبعده، باعتبار الرواة عنهم، فمن نقل قَبْلَ الاختلاط قبِلَ ومن نقل بعده رُدَّ. ثم ذكر أمثلة لهم بقوله (كابني) بصيغة التثنية مضاف إلى (أبي عروبة) وما عطف عليه، وصرف للضرورة، وهو سعيد بن أبي عروبة مهران العدوي، البصري، أبو النضر، أحد كبار الأئمة، وثقاتهم، فقد اختلط اختلاطاً قبيحاً، وطالت مدته، واختلف في ابتدائها، فقيل في سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل في سنة اثنين وأربعين، وقيل في سنة ثمان وأربعين، وقيل سنة ثلاثة وأربعين، وقيل سنة اثنين وثلاثين ومائة، واختلف في موته، فقيل سنة خمسين، أو خمس أو ست أو سبع وخمسين ومائة، وقد سمع منه قبل الاختلاط جماعة، منهم خالد بن الحارث، ورَوْحُ بن عُبَادة، وابن المبارك، وعبد الوهاب الثقفي، وغيرهم.
(والسائب) عطف على أبي، وهو عطاء بن السائب، الثقفي، الكوفي، أحد التابعين، أبو محمد، ويقال: أبو السائب، مات سنة 136 هـ.
فقد صرح جماعة من الأئمة باختلاطه، وممن سمع منه قبل الاختلاط
فقط أيوب، وحماد بن زيد، وزائدة، وزهير وابن عيينة، والثَّوري، وشعبة، ووهيب، وغيرهم، وممن سمع منه بعده فقط إسماعيل بن علية، وجَرِير بن
عبد الحميد، وخالد بن عبد الله الواسطي، وابن جريجٍ، وعلي بن عاصم،
ومحمد بن فضيل، وغيرهم، وممن سمع منه في الوقتين، معاً أبو عوانة،
وغيره، ووصفه ابن معين بالاختلاط الشديد، لكن قال ابن حبان: إنه اختلط بآخره، ولم يفحش حتى يستحق أن يعدل به
عن مسلك العدول. اهـ
(وذكروا) أي العلماء فيمن اختلط (ربيعة) بالصرف للضرورة، هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فروخ، المدني، أحد الأثبات، شيخ مالك، الشهير بربيعة الرأي، لأنه كان مع معرفته بالسنة، قائلًا به، قال ابن الصلاح، قيل: إنه تغير في آخر عمره، وتُرِكَ الاعتماد عليه لذلك، قال العراقي: ولم أقف عليه لغيره، ولا أعلم أحداً تكلم فيه بالاختلاط، ولذا قال الناظم:(لكن أبى) بالبناء للمفعول أي منع هذا القول من الاعتماد عليه، لاحتجاج الشيخين به، وتوثيق الحفاظ له، وإنما قال الواقدي: كانوا يتقونه لموضع الرأي، على أن عبد العزيز بن أبي سلمة، قال: قلت لربيعة في مرضه الذي مات فيه، إنا قد تعلمنا منك وربما جاءنا من يستفتينا في الشيء لم نسمع فيه شيئاً، فنرى رأينا خيراً من رأيه لنفسه فنفتيه قال: فقال أقعدوني، ثم قال: ويحك يا عبد العزيز لأنْ تَمُوتَ جاهلاً خير من أن تقول في شيء بغير علم، لا، لا، لا. ثلاث مرات، وكانت وفاته في سنة اثنتين أو ست وثلاثين أو اثنتين وأربعين، ومائة، بالمدينة، وقال ابن عبد البر: ذمَّه جماعة من أهل الحديث لإعراقه في الرأي. اهـ. وذكر ابن الصلاح جماعة آخرين من المختلطين، ثم قال: اعلم أن من كان هذا القبيل محتجاً به في الصَّحِيحين، أو أحدهما، فإنا نعرف على الجملة أن ذلك مما تميز وكان مأخوذاً عنه قبل الاختلاط. اهـ.
(تَتِمَّة): الزيادات قوله: (والحازمي ألف فيمن)، وقوله: وباعتبار البيت، وقوله: لكن أبى.