المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(المُصَحَّفُ وَالمُحَرَّفُ) الواقعان في المشتبه من السَّند والمتن، أي هذا مبحثهما، - شرح الأثيوبي على ألفية السيوطي في الحديث = إسعاف ذوي الوطر بشرح نظم الدرر في علم الأثر - جـ ٢

[محمد بن علي بن آدم الأثيوبي]

فهرس الكتاب

- ‌كتابةُ الحديثِ وضبْطُهُ

- ‌(صفةُ رواية الحديث)

- ‌(آداب المحدث)

- ‌مسألةفي تعريف الحافظ والمحدث والمسند وغيرها

- ‌(آداب طالب الحديث)

- ‌(العالي والنازل)

- ‌(المسلسل)

- ‌(غريب ألفاظ الحديث)

- ‌(المُصَحَّفُ وَالمُحَرَّفُ)

- ‌(الناسخ والمنسوخ من الحديث)

- ‌(مختلف الحديث)

- ‌(أسباب الحديث)

- ‌(معرفة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌(معرفة التابعين وأتباعهم)

- ‌(رواية الأكابر عن الأصاغر، والصحابة عن التابعين)

- ‌(رواية الصحابة عن التابعين عن الصحابة)

- ‌(رواية الأقران)

- ‌(الإخوة والأخوات)

- ‌(رواية الآباء عن الأبناء وعكسه)

- ‌(السابق واللاحق)

- ‌(من روى عن شيخ ثم روى عنه بواسطة)

- ‌(الوُحدان)

- ‌(من لم يرو إلَاّ حديثًا واحدًا)

- ‌(من لم يرو إلَاّ عن واحد)

- ‌(مَن أسند عنه من الصحابة الذين ماتوا في حياته صلى الله عليه وسلم

- ‌(مَن ذكر بنعوت متعددة)

- ‌(أفراد العلم)

- ‌(الأسماء والكنى)

- ‌(أنواع عشرة من الأسماء والكنى مزيدة على ابن الصلاح والألفية) أي العراقية

- ‌(الألقاب)

- ‌(المؤتلف والمختلف)

- ‌(المتفق والمفترق)

- ‌(المتشابه)

- ‌(المشتبه المقلوب)

- ‌(من نسب إلى غير أبيه)

- ‌(المنسوبون إلي خلاف الظاهر)

- ‌(المبهَمات)

- ‌(معرفة الثقات والضعفاء)

- ‌(معرفة من خلط من الثقات)

- ‌(طبقات الرواة)

- ‌(أوطان الرواة وبلدانهم)

- ‌(التأريخ)

الفصل: ‌ ‌(المُصَحَّفُ وَالمُحَرَّفُ) الواقعان في المشتبه من السَّند والمتن، أي هذا مبحثهما،

(المُصَحَّفُ وَالمُحَرَّفُ)

الواقعان في المشتبه من السَّند والمتن، أي هذا مبحثهما، وهما النوع السادس والأربعون والسابع والأربعون، ولكونهما تحويل الكلمة من الهيئة المتعارفة إلى غيرها كانا فنًّا مهماً لا ينهض بأعبائهما إلا الحفاظ الحذاق، كالدارقطني وأبي أحمد العسكري كما أشار إليه بقوله:

627 -

وَالْعَسْكَرِيْ صَنَّفَ فِي التَّصْحِيفِ

وَالدَّارَقُطْنِيْ أَيَّمَا تَصْنِيفِ

(والعسكري صنف) مبتدأ وخبر، أي الإمام اللغوي الحجة أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، المتوفى في صفر سنة 283، (في) فن (التصحيف) والتحريف وشَرْحِ ما يقع فيه، وهو من أنفس الكتب وأكثرها فائدة كما قاله ابن شاكر.

وقال السخاوي: له عدة كتب أكبرها لسائر ما يقع فيه التصحيف من الأسماء والألفاظ غير مقتصر على الحديث، ثم أفرد منه كتاباً يتعلق بأهل الأدب وهو ما يقع فيه التصحيف من ألفاظ اللغة والشعر وأسماء الشعراء أو الفرسان، وأخبار العرب وأيامها، ووقائعها، وأماكنها، وأنسابها.

ثم آخر فيما يختص بالمحدثين من ذلك غير متقيد بما وقع فيه التصحيف فقط بل ذكر فيه ما هو معرض لذلك، وفي بعض المحكي مما وقع لبعض المحدثين ما يكاد اللبيب يضحك منه. اهـ.

ص: 160

(والدارقطني) عطف على الضمير في صنف هو الإمام الحافظ نَسِيج وحده، وقَرِيع دهره في صناعة الحديث، ومعرفة رجاله، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي المتوفى سنة 385 عن 79 سنة، منسوب إلى دارقطن محلة ببغداد.

وقوله: (أيما تصنيف) بالنصب وما زائدة صفة لمحذوف أي تصنيفاً كاملًا في بابه، قال ابن هشام في المغني في أثناء تعداد معاني أي: والرابع أن تكون دالة على معنى الكمال فتقع صفة للنكرة نحو زيد رجلٌ أيُّ رجلٍ، أي كامل في صفات الرجال، وحالاً للمعرفة كمررت بعبد الله أيَّ رجل اهـ.

والمعنى: أنه صنف في هذا الفن كتاباً مفيداً جِدًّا قال الناظم: أورد فيه كل تصحيف وقع للعلماء حتى في القرآن، من ذلك: ما رواه عن عثمان بن أبي شيبة قرأ على أصحابه في التفسير جعل السفينة في رحل أخيه، فقيل له: إنما جعل السقاية فقال أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم.

وقرأ أيضاً (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ) قالها ألف لام ميم، يعني: كأول البقرة، قال الذهبي: لعله سبق في لسانه وإلا فقطعاً أنه يحفظ سورة الفيل.

وقرأ أيضاً فضرب لهم بِسِنَّورٍ لَهُ نَابُ فردوا عليه فقال: قراءة حمزة عندنا بدعة، قال الذهبي: فكأنه كان صاحب دعابة ولعله تاب وأناب.

ثم بيّن معنى التصحيف والتحريف فقال:

628 -

فَمَا يُغَيَّرْ نُقْطُهُ مُصَحَّفُ

أَوْ شَكْلُهُ لا أَحْرُفٌ مُحَرَّفُ

(فما) الفاء فصيحية، وما شرطية لجَزْمِ الفعل بعدها، مبتدأ (يغير) بالبناء للمفعول (نقطه) نائب فاعله، وهو بضم ففتح جمع نقطة كغرفة وغرف، إلا أنه خففه بتسكين القاف للوزن، أي أيُّ حَرْفٍ غُيِّرَت نُقْطَةٌ من نُقَطِهِ (مصحف) خبر لمحذوف مع الرابِطِ، أي فهو مصحف بصيغة اسم المفعول.

ص: 161

(أو شكله) بالرفع عطف على نقطه، أي أو غير شكله أي حركاته، يقال: شَكَلْت الكتاب شَكْلًا من باب قتل أعلمته بعلامات الإعراب، قاله في المصباح. (لا أحرف) أي ليست الأحرف منه مغيرة (محرف) أي فهو محرف.

وحاصل معنى البيت: أن ما كان فيه تغيير حرف أو حروف بتغيير النقط مع بقاء صورة الخط يسمى تصحيفاً، وما كان فيه ذلك في الشكل يسمى خريفاً، وستأتي أمثلة كل منهما وهكذا قسمه الحافظ رحمه الله.

ثم ذكر أقسامه فقال:

629 -

فَقَدْ يَكُونُ سَنَدًا وَمَتْنَا

وَسَامِعًا وَظَاهِرًا وَمَعْنَى

(فقد يكون) أي المذكور من التصحيف والتحريف (سنداً) أي فيه (ومتناً) أي فيه ويكون أيضاً (سامعاً): أي خَطَأ سَمْعِ سَامِعِ، وذلك بأن يكون الاسم واللقب، أو الاسم واسم الأب على وزن اسم آخَرَ ولَقَبِهِ، أو اسم آخر واسم أبيه، والحروف مختلفة شكلًا ونقطاً فيشتبه على السامع فيغيره (و) يكون أيضاً (ظاهراً) يعني: لفظاً بدليل ما بعده (و) يكون (معنى) أي من جهة المعنى، قال المحقق: لكنه ليس من التصحيف على الحقيقة بل هو من باب الخطأ في الفهم.

ثم ذكر أمثلة هذه الأقسام بالترتيب فقال:

630 -

فَأَوَّلٌ: " مُرَاجِمٌ " صَحَّفَهُ

يَحْيَى " مُزَاحِمًا " فَمَا أَنْصَفَهُ

(فأول) الفاء فصيحية أي إذا أردت أمثلة هذه الأقسام، فأقول لك:(أَوَّلٌ) منها وهو مبتدأ على حذف مضاف أي مثال أول، وهو التصحيف في السَّند (مراجم) بضم الميم فراء فجيم والد العَوَّام، وابنُهُ هذا يروي عن أبي عثمان النَّهْدِيّ وروى عنه شعبة.

(صحفه) أي مراجماً هذا (يَحْيَى) بن معين بن عَوْن الإمام الجليل، إمام الجرح والتعديل المتوفى سنة 233 فجعله (مزاحماً) بالزاي والحاء

ص: 162

المهملة، وذلك في حديث شعبة عن العوَّام بن مراجم، عن أبي عثمان النهدي، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لتؤدون الحقوق إلى أهلها " الحديث.

(فما) نافية (أنصفه) أي ما أعطاه حقه، يقال: أنصف الرجل صاحبه أعطاه حقه، أفاده في اللسان، يعني: أن يَحْيَى ما أعطى هذا الاسم ما يستحقه من الضبط.

ثم ذكر مثال الثاني بقوله:

631 -

وَبَعْدَهُ: " يُشَقِّقُونَ الْخُطَبَا "

صَحَّفَهُ وَكِيعُ قَالَ: " الْحَطَبَا "

(وبعده) أي بعد تصحيف السَّند، أو بعد مراجم، وهو خبر مقدم، وقوله (يشققون الخطبا) مبتدأ مؤخر محكى لقصد لفظه.

(صحّفه وكيع) بن الجراح الإمام الحافظ المتوفى سنة 196 هـ، يعني: أن هذا الكلام يذكر بعدما تقدم مثالاً لتصحيف المتن، حال كونه صحفه وكيع (قال الحطبا) أي حال كونه قائلاً فيه الحطب بدل الخطب، وهو حديث روى عن معاوية رضي الله عنه قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يشققون الخطب تشقيق الشعر " أي الذين يتكلفون تحسينه كما يتكلفون تحسين الشعر، فصحفه وكيع بالحاء المهملة المفتوحة بدل الخاء المعجمة المضمومة.

ونقل ابن الصلاح أن ابن شاهين صحف هذا الحرف مرة في جامع المنصور فقال بعض الملاحين: يا قوم فكيف نعمل والحاجة مَاسَّة.

ثم ذكر مثال الثالث فقال:

632 -

وَثَالِثٌ: كَـ " خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَهْ "

شُعْبَةُ قَالَ مَالِكُ بْنُ عُرْفُطَهْ

(وثالث) أي مثال ثالث الأقسام، وهو التصحيف في السمع مبتدأ خبره (كخالد بن علقمة شعبة) بن الحجاج مبتدأ خبره جملة قوله:(قال) فيه (مالك بن عرفطة) بالتصحيف، والحديث في مسند الإمام أحمد، قال:

ص: 163

حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن مالك بن عرفطة، عن عبد خير، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" نهى عن الدباء والمزفت " قال أحمد: صحف شعبة فيه فإنما هو خالد بن علقمة، وقد رواه زائدة بن قدامة وغيره على ما قاله أحمد، قاله ابن الصلاح، وذكر المحقق ابن شاكرٍ ههنا اعتراضاً فيه نظر، وكحديث عاصم الأحول رواه بعضهم فقال واصل الأحدب.

ثم ذكر مثال الرابع فقال:

633 -

وَرَابِعٌ: مِثْلُ حَدِيثِ احْتَجَرَا

صَحَّفَهُ بِالمِيمِ بَعْضُ الْكُبَرَا

(ورابع) أي رابع الأقسام، رهو التصحيف في اللفظ مبتدأ خبره قوله:(مثل حديث احتجرا) بألف الإطلاق حال كونه (صَحَّفَهُ بالميم) بدل الراء (بعض الكبرا) فاعل صحف، وهو عبد الله بن لهيعة بن عقبة المصري المتوفى سنة 174، وهو ما رواه ابن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إليه بإسناده، عن زيد بن ثابت:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد " وإنما هو بالراء احتجر في المسجد بخُصّ وحصير حُجْرَة يصلى فيها فصحفه ابن لهيعة لكونه أخذه من كتابٍ بغير سماع، ذكر ذلك مسلم في كتاب التمييز له.

ثم ذكر مثال الخامس فقال:

634 -

وَخَامِسٌ مِثْلُ حَدِيثِ الْعَنَزَهْ

ظَنَّ الْقَبِيلَ عَالِمٌ مِنْ عَنَزَهْ

(وَخَامِسٌ) أي خامس الأقسام وهو التصحيف في المعنى وإعرابه كسابقه (مِثْلُ حَدِيثِ الْعَنَزَهْ) في حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى العنزة " والعنزة بفتحتين عصا أقصر من الرمح، ولها زجٌّ من أسفلها، والمراد أنها كانت تغرز بين يديه إذا صلى في الفضاء لتستره.

(ظن القبيل) أي توهم أن المراد بالعنزة في هذا الحديث القبيلة المشهورة (عالم) التنوين للتعظيم أي عالم جليل (من) قبيلة (عنزة) وهو، الحافظ الحجة أبو موسى محمد بن المثنى أحد شيوخ الأئمة الستة المذكورين في قولي:

ص: 164

اشْتَرَكَ الأئمَّةُ الْهُدَاةُ

ذَوُو الأصولِ السِّتَّةِ الْوُعَاةُ

فِي تِسْعَةٍ مِنَ الشُّيُوخِْ الْمَهَرَهْ

الْحَافِظِين النَّاقِدِينَ الْبَرَرَهْ

أوْلَئِكَ الأشَجُّ (1)، وَابنُ مَعْمَرٍ (2)،

نَصْرٌ (3)، وَيَعْقُوبُ (4) وَعَمْروٌ (5) السَّرِي

وَابنُ (6) الْعَلَاءِ، وَابْنً (7) بَشَّارٍ كَذَا

ابنُ (8) الْمُثَنَّى وَزِيَاد (9) يُحْتَذَى

وحاصل معنى البيت: أن أبا موسى محمد بن المثنى العنزي المتوفى سنة 252 توهم أن العنزة في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة المراد بها القبيلة التي هو منها، فقال: نحن قوم لنا شرف نحن من عنزة قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلينا.

وقال الناظم: وأعجب من ذلك ما ذكره الحاكم عن أعرابي زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى شاة.

صحفها عنْزة بسكون النون، ثم رواها بالمعنى على وهمه فأخطأ من وجهين.

وقال ابن الصلاح: وكثير من التصحيف المنقول من الأكابر الجِلِّةِ لهم فيه أعذار لَمْ ينقلها ناقلوها.

قال الإمام أحمد: ومن يَعرَى من الخطأ والتصحيف؟

(تَتِمَّة): الظاهر أنه ليس في هذا الباب زيادة كما هو صنيع المحقق في نسخته والله أعلم.

(1) عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج الكوفي المتوفى 257 هـ.

(2)

محمد بن معمر القيسي البصري المتوفى سنة 250 هـ.

(3)

نصر بن علي الجهضمي البصري المتوفى سنة 250 هـ.

(4)

يعقوب بن إبراهيم الدورقي المتوفى سنة 252 هـ.

(5)

عمرو بن علي الفلاس المتوفى سنة 249 هـ.

(6)

محمد بن العلاء أبو كريب الهمداني الكوفي المتوفى سنة 248 هـ.

(7)

محمد بن بشار أبو بكر بندار البصري المتوفى سنة 252 هـ.

(8)

محمد بن المثنى أبو موسى العنزي البصري المتوفى سنة 252 هـ.

(9)

زياد بن يحيى الحساني العدني المكي المتوفى سنة 254 هـ.

ص: 165