المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(المسلسل) أي هذا مبحثه، وهو النوع الرابع والأربعون من أنواع علوم - شرح الأثيوبي على ألفية السيوطي في الحديث = إسعاف ذوي الوطر بشرح نظم الدرر في علم الأثر - جـ ٢

[محمد بن علي بن آدم الأثيوبي]

فهرس الكتاب

- ‌كتابةُ الحديثِ وضبْطُهُ

- ‌(صفةُ رواية الحديث)

- ‌(آداب المحدث)

- ‌مسألةفي تعريف الحافظ والمحدث والمسند وغيرها

- ‌(آداب طالب الحديث)

- ‌(العالي والنازل)

- ‌(المسلسل)

- ‌(غريب ألفاظ الحديث)

- ‌(المُصَحَّفُ وَالمُحَرَّفُ)

- ‌(الناسخ والمنسوخ من الحديث)

- ‌(مختلف الحديث)

- ‌(أسباب الحديث)

- ‌(معرفة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌(معرفة التابعين وأتباعهم)

- ‌(رواية الأكابر عن الأصاغر، والصحابة عن التابعين)

- ‌(رواية الصحابة عن التابعين عن الصحابة)

- ‌(رواية الأقران)

- ‌(الإخوة والأخوات)

- ‌(رواية الآباء عن الأبناء وعكسه)

- ‌(السابق واللاحق)

- ‌(من روى عن شيخ ثم روى عنه بواسطة)

- ‌(الوُحدان)

- ‌(من لم يرو إلَاّ حديثًا واحدًا)

- ‌(من لم يرو إلَاّ عن واحد)

- ‌(مَن أسند عنه من الصحابة الذين ماتوا في حياته صلى الله عليه وسلم

- ‌(مَن ذكر بنعوت متعددة)

- ‌(أفراد العلم)

- ‌(الأسماء والكنى)

- ‌(أنواع عشرة من الأسماء والكنى مزيدة على ابن الصلاح والألفية) أي العراقية

- ‌(الألقاب)

- ‌(المؤتلف والمختلف)

- ‌(المتفق والمفترق)

- ‌(المتشابه)

- ‌(المشتبه المقلوب)

- ‌(من نسب إلى غير أبيه)

- ‌(المنسوبون إلي خلاف الظاهر)

- ‌(المبهَمات)

- ‌(معرفة الثقات والضعفاء)

- ‌(معرفة من خلط من الثقات)

- ‌(طبقات الرواة)

- ‌(أوطان الرواة وبلدانهم)

- ‌(التأريخ)

الفصل: ‌ ‌(المسلسل) أي هذا مبحثه، وهو النوع الرابع والأربعون من أنواع علوم

(المسلسل)

أي هذا مبحثه، وهو النوع الرابع والأربعون من أنواع علوم الحديث، وهو لغة المتصل، والسلسلة اتصال الشيء بعضه ببعض، ومنه سلسلة الحديد، بفتح السينين وكسرهما وهو من صفات الإسناد فقط كسابقه.

واصطلاحاً ما ذكره بقوله:

618 -

هُوَ الَّذِي إِسْنَادُهُ رِجَالَهْ

قَدْ تَابَعُوا فِي صِفَةٍ أَوْ حَالَهْ

619 -

قَوْلِيَّةٍ فِعْلِيَّةٍ كِلَيْهِمَا

لَهُمْ أَوِ الإِسْنَادِ فِيمَا قُسِّمَا

(هو) أي المسلسل في اصطلاحهم (الذي إسناده) مبتدأ (رجاله) منصوب بفعل محذوف أي أعني رجاله (قد تابعوا) بحذف إحدى التاءين، أي تواردوا واحداً بعد واحد، والجملة خبر المبتدإ (في صفة) أي على صفة واحدة (أو) على (حالة) واحدة (قولية) صفة لصفة، وحذف نظيره لحالة (فعليه) عطف على ما قبله بحذف عاطف، أي أو صفة فعلية (كليهما) عطف عليه أيضاً بعاطف محذوف، أي أو كليهما أي القولية والفعلية معاً.

(لهم) حال من صفة، وما عطف عليه أي حال كون الوصف والحالة لرجال الإسناد (أو الإسناد) أي رواية الحديث فالإسناد هنا بمعنى رفع القول إلى قائله بخلافه فيما تقدم فإنه بمعنى الرجال قاله الشارح.

ص: 151

(فيما قسما) خبر لمحذوف أي هذا حاصل في تقسيم المحدثين لأنواع المسلسل.

وحاصل معنى البيتين: أن المسلسل هو الحديث الذي توارد رجال إسناده واحداً فواحداً على صفة واحدة، أو حالة واحدة سواء كانت الصفة والحالة للرواة أو للرواية، وسواء أكان ما وقع منه في الإسناد في صيغ الأداء أم متعلقاً بزمن الرواية، أو بالمكان، أوبالتاريخ، وسواء كانت صفات الرواة أو أحوالهم أقوالاً، أم أفعالًا، أم كليهما.

مثال المتسلسل بوصف الرواة القولي: المسلسل بقراءة سورة الصف ونحوه.

ومثال صفاتهم الفعلية كالمسلسل بالفقهاء وبالحفاظ وبالقراء ونحو ذلك.

ومثال التسلسل بصفات الرواية كقول كل من رواته سمعت فلاناً، وحدثنا، أو أخبرنا، أو شهدت على فلان قال: شهدت على فلان ونحو ذلك.

ومثال التسلسل بأحوال الرواة القولية حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " يا معاذ إني أحبك فقل في دبر كل صلاة " الحديث (1). فقد تسلسل لنا بقول كل راو من رواته وأنا أحبك فقل.

ومثال التسلسل بالفعلية حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: " شبك بيدي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم وقال: " خلق الله الأرض " الحديث (2)، فقد تسلسل لنا تشبيك كل رواته بيد من رواه عنه.

ومثال اجتماعهما حديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً: " لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حلوه ومره، قال: وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على لحيته وقال: " آمنت بالقدر " (3). فقد تسلسل لنا بقبض كل واحد من رواته على لحيته مع قوله آمنت بالقدر إلى آخره.

(1) أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم.

(2)

أخرجه مسلم.

(3)

أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث ص 40.

ص: 152

وأما ما يتعلق بزمن الرواية أو مكانها أو تاريخها فكالمسلسل بالتحمل يوم العيد، وقص الأظفار في يوم الخميس، وكالمسلسل بإجابة الدعاء في الملتزم.

وكالمسلسل بكون الراوي آخر من روى عن شيخه، وبالجملة فأنواع التسلسل كثيرة لا تنحصر كما قال ابن الصلاح.

620 -

وَخَيْرُهُ الدَّالُّ عَلَى الْوَصْفِ، وَمِنْ

مُفَادِهِ زِيَادَةُ الضَّبْطِ زُكِنْ

(وخيره الدال) مبتدأ وخبر، أي أفضل أنواع المسلسل هو الذي يدل (على الوصف) أي وصف الاتصال، فأل بدل عن المضاف إليه على رأي بعض النحاة، وإنما قدرناه الاتصال لدلالة قوله: زيادة الضبط لأن الاتصال أعلى شروط الضبط، والمعنى: أن أفضل أنواعه ما دل على الاتصال فى السماع وعدم التدليس كما في قراءة سورة الصف، قال الحافظ رحمه الله: هو من أصح مسلسل يُرْوَى في الدنيا، وقال الناظم: قلت: والمسلسل بالحفاظ والفقهاء أيضاً بل ذكر في شرح النخبة أنه مِمَّا يفيد العلم القطعي.

(ومن) جملة (مفاده) مصدر ميمي لأفاد، أي من فائدة المسلسل، أو اسم مفعول له أيضاً أي الوصف الذي أفاده المسلسل، وهو خبر مقدم لقوله:(زيادة الضبط) أي اشتماله على زيادة ضبط الراوي، وكذا الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فعلاً ونحوه، وقوله:(زكن) بالبناء للمفعول، أي علم، قال: في " ق " زَكِنَه كفرح وأزكنه علمه، وفهمه وتَفرَّسه، وظنه، أو الزَّكْنُ ظن بمنزلة اليقين عندك، أو طرف من الظن اهـ. والجملة حال مما قبله، ويحتمل أن تكون خبر للمبتدإ، والجار والمجرور يتعلق بها، أي زيادةُ ضبط الراو عُلِمَ من فائدة المسلسل.

621 -

وَقَلَّمَا يَسْلَمُ فِي التَّسَلْسُلِ

مِنْ خَلَلٍ وَرُبَّمَا لَمْ يُوصَلِ

622 -

كَأَوَّلِيَّةٍ لِسُفْيَاَن انْتَهَى

وَخَيْرُهُ مُسَلْسَلٌ بِالْفُقَهَا

ص: 153

(وقلما)" ما " هذه زائدة تسمى كافة لأنها كفت الفعل عن عمل الرفع في الفاعل، قال في مغني اللبيب: ما معناه: لا تَتَّصِلُ " ما " هذه إلا بثلاثة أفعال، قَلَّ، وكثُرَ وطالَ، وعلة ذلك شبههن برب، ولا يدخل حينئذ إلا على جملة فعلية صُرِّحَ بفعليتهاكقوله (من بحر الخفيف):

قَلَّمَا يَبْرَحُ اللبِيْبُ إِلَى مَا

يُورِثُ المجدَ دَاعِياً أو مُجِيباً

وزعم بعضهم أن " ما " مع هذه الأفعال مصدرية لا كافة اهـ. وعلى هذا فالفعل بعدها صلتها وهي في تأويل المصدر فاعل قَلَّ.

وقال العلامة الأمير ما معناه: وزاد بعضهم على هذه الأفعال قَصُر، وهي أفعال لا فاعل لها، كالتوكيد اللفظي، في قام قام زيد، وكان الزائدةِ اهـ.

ونظمت ذلك بقولي (من الرجز):

وَمَا تُكُفُّ طَالَ قَلَّ كَثرا

وَبَعْضُهُمْ زَادَ عَلَيْهَا قَصُرَا

وَلَا يَلِي الفَاعِلُ هَذِهِ كَمَا

فِي قَامَ قَامَ إِذ مُؤكّداً سَمَا

وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مَا مُؤوِّلَهْ

فَمَعَ مَا يَلِي تَكُونُ فَاعِلَهْ

(يسلم) أي المسلسل (في) وصف (التسلسل) لا في أصل المتن (من خلل) متعلق بيسلم أيَ عَيبِ بضعف، كمسلسل المشابكة فمتنه صحيح، والطريق بالتسلسل فيها مقال.

وحاصل المعنى: أن سلامة المسلسل من الضعف في وصف التسلسل، لا في أصل المتن قليل، وقد لا يصح وصفاً ومتناً.

(وربما) للتقليل (لم يوصل) بالبناء للمفعول أي التسلسل بأن يقع فيه انقطاع، إما في أوله أو وسطه أو آخره، ثم مَثَّلَ للمنقطع في أوله بقوله:(كأولية) أي كالحديث المسلسل بوصف الأولية، وهو قول كل راو من رواته أول حديث سمعته من شيخي، فالجار والمجرور خبرٌ لِمَحْذُوف، أي ذلك كائن كأولية (لسفيان) متعلق بانتهى، وهو الحافظ الحجة أبو محمد الأعور

ص: 154

سفيان بن عيينة الهلالي الكوفي، ثم المكي، ثقة، فقيه، ولد سنة 157 ومات سنة 198 هـ عن 91 سنة، (انتهى) أي انقطع تسلسله يقال: انتهى الأمر بلغ النهاية، وهي أقصى ما يمكن أن يبلغه. اهـ المصباح.

والجملة صفة لأولية، أي كأولية منتهية إلى سفيان.

وحاصل المعنى: أن تسلسل هذا الحديث بالأولية ما جاوز سفيان بل انقطع عنده فمن رواه مسلسلاً إلى آخره فقد وهم. والحديث ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: " الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " فهو مسلسل بقول كل راو أول حديث سمعته من شيخي إلى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس عن مولاه ابن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح بشواهده كما قال السخاوي.

(وخيره) أي أفضل أنواع المسلسلات على الإطلاق مبتدأ، خبره قوله (مسلسل) أي حديث مسلسل (بالفقهاء) أي الأئمة الحفاظ المتقنين، فقد قال الحافظ: إنه مما يفيد العلم القطعي حيث لا يكون غريبا كحديث رواه أحمد عن الشافعي عن مالك مع مشاركة غيرهم لهم.

(تَتِمَّة): الزيادات في هذا الباب: قوله: وخيره الدال على الوصف

البيت. وقوله: لسفيان انتهى

البيت.

ص: 155