المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الابْتِدَاءِ: "تعريف المبتدأ": المبتدأ: هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية غير الزائدة: - شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ١

[الأشموني، أبو الحسن]

الفصل: ‌ ‌الابْتِدَاءِ: "تعريف المبتدأ": المبتدأ: هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية غير الزائدة:

‌الابْتِدَاءِ:

"تعريف المبتدأ":

المبتدأ: هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية غير الزائدة: مخبرا عنه، أو وصفا رافعا لمستغنى به.

فالاسم يشمل الصريح، والمؤول نحو:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} "وتسمع بالمعيدي خير من أن تراه"2.

والعاري عن العوامل اللفظية مخرج لنحو الفاعل واسم "كان".

وغير الزائدة لإدخال، نحو:"بحسبك درهم"، و {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} 3.

ومخبرا عنه أو وصفا إلى آخره مخرج لأسماء الأفعال والأسماء قبل التركيب.

ورافعا لمستغنى به يشمل الفاعل، نحو:"أقائم الزيدان"، ونائبه، نحو:"أمضروب العبدان"، وخرج به نحو:"أقائم" من قولك: "أقائم أبوه زيد"؛ فإن مرفوعه غير مستغنى به.

و"أو" في التعريف للتنويع، لا للترديد، أي: المبتدأ نوعان: مبتدأ له خبر، ومبتدأ له مرفوع أغنى عن الخبر، وقد أشار إلى الأول بقوله:

1 البقرة: 184.

2 هذا القول من أمثال العرب وقد تقدم تخريجه.

3 فاطر: 3.

ص: 177

113-

مبتدأ زيد وعاذر خبر

إن قلت "زيد عاذر من اعتذر"

114-

وأول مبتدأ والثاني

فاعل اغنى في "أسار ذان"

115-

وقس وكاستفهام النفي وقد

يجوز نحو "فائز أولو الرشد"

"مُبْتَدَأٌ زَيْدٌ وَعَاذِرٌ خَبَرْ" أي: له "إنْ قُلْتَ زَيْدٌ عَاذِرٌ مَنِ اعْتَذَرْ" وإلى الثاني بقوله: "وَأَوَّلٌ" أي: من الجزأين "مُبْتَدَأٌ وَالثَّانِي" منهما "فَاعِلٌ اغْنَى" عن الخبر "فِي" نحو: "أسَارٍ ذان" الرجلان، ومنه قوله "من البسيط":

134-

أَقَاطِنٌ قومُ سَلْمَى أَمْ نَوَوْا ظَعنا

"إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا"

وقوله "من البسيط":

135-

أَمُنْجِزٌ أَنْتُمُو وَعْدا وَثِقْتُ بِهِ

أَم اقْتفيْتُمْ جَمِيعا نَهْجَ عُرْقُوبِ

134- التخريج: البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 190؛ وتخليص الشواهد ص181؛ وجواهر الأدب ص295؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ وشرح قطر الندى ص122؛ والمقاصد النحوية 1/ 512.

اللغة والمعنى: قاطن: اسم فاعل من قطن، أي سكن وأقام. ظعنا: ارتحالا.

يقول: هل ما زال قوم سلمى في مكانهم المعهود أم ارتحلوا عنه؟ ولكن إذا ارتحلوا فعيشة من تخلف عنهم غريبة عجيبة. والمراد تصوير نفسه في غياب سلمى.

الإعراب: أقاطن: الهمزة: للاستفهام، قاطن: مبتدأ مرفوع. قوم: فاعل مرفوع سد مسد الخبر، وهو مضاف. سلمى: مضاف إليه مجرور. أم: حرف عطف. نووا: فعل ماض، والواو: فاعل، والألف: للتفريق. ظعنا: مفعول به منصوب. إن: حرف شرط. يظعنوا: فعل مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو: فاعل، والألف: للتفريق، وهو فعل الشرط. فعجيب: الفاء: رابطة لجواب الشرط، عجيب: خبر مقدم. عيش: مبتدأ مؤخر مرفوع، وهو مضاف. من: اسم موصول مبني في محل جر بالإضافة. قطنا: فعل ماض، والفاعل: هو، والألف: للإطلاق.

وجملة "أقاطن قوم

" الاسمية لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية. وجملة "أم نووا ظعنا" الفعلية معطوفة على جملة لا محل لها من الإعراب. وجملة "يظعنوا

" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها فعل الشرط الجازم. وجملة "عجيب عيش من قطنا" الاسمية في محل جواب شرط جازم لاقترانها بالفاء. وجملة "ظعنا" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول.

والشاهد فيه قوله: "أقاطن قوم سلمى" حيث أتى الوصف، وهو "قاطن"، معتمدا على الاستفهام، وهو الهمزة، وبذلك اكتفى بالفاعل الذي هو قوله:"قوم سلمى" عن خبر المبتدأ.

135-

التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.

اللغة: المنجز: المنفذ، أو الذي يفي بالوعد. اقتفى: سلك وتبع. نهج: طريقة. عرقوب: رجل =

ص: 178

"وَقِسْ" على هذا ما أشبهه، من كل وصف اعتمد على استفهام ورفع مستغنى به.

ثم لا فرق في الوصف بين أن يكون اسم فاعل، أو اسم مفعول، أو صفة مشبهة، ولا في الاستفهام بين أن يكون بالهمزة، أو بـ"هل" أو كيف، أو من أو ما، ولا في المرفوع بين أن يكون ظاهرا أو ضميرا منفصلا.

"وَكَاسْتِفْهَامٍ" في ذلك "النَّفِيُ" الصالح لمباشرة الاسم: حرفا كان، وهو ما، ولا، وإن، أو اسما، وهو غير، أو فعلا، وهو ليس، إلا أن الوصف بعد "ليس" يرتفع على أنه اسمها، أو الفاعل يغني عن خبرها؛ وكذا "ما" الحجازية؛ وبعد "غير" يجر بالإضافة، و"غير" هي المبتدأ، وفاعل الوصف أغنى عن الخبر؛ ومن النفي بـ"ما" قوله "من الطويل":

136-

خَلِيْلَيّ مَا وَافٍ بِعَهْدِيَ أَنْتُمَا

إذَا لَمْ تَكُونَا لِي عَلَى مَنْ أقَاطِعُ

= يضرب به المثل في إخلاف الوعد.

المعنى: يتساءل الشاعر عما إذا كان أولئك القوم الذين وعدوه ما زالوا على وعدهم أم أنهم سلكوا طريق الإخلاف.

الإعراب: أمنجز: "الهمزة": للاستفهام، "منجز": مبتدأ مرفوع بالضمة. أنتم: ضمير منفصل مبني في محل رفع فاعل سد مسد الخبر. وعدا: مفعول به منصوب. وثقت: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل. به: جار ومجرور متعلقان بـ"وثقت". أم: حرف عطف. اقتفيتم: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل، و"الميم": لجمع الذكور. جميعا: حال منصوب بالفتحة. نهج: مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف. عرقوب: مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة "أمنجز أنتم": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "وثقت به": في محل نصب نعت "وعدا". وجملة "اقتفيتم" معطوفة على الجملة الابتدائية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "أمنجز أنتم" حيث سد الفاعل "أنتم" مسد الخبر لكونه وصفا معتمدا على الاستفهام.

136-

التخريج: البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 189؛ وتخليص الشواهد ص181؛ والدرر 2/ 5؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ وشرح شواهد المغني 2/ 898؛ وشرح قطر الندى ص121؛ ومغني اللبيب 2/ 556؛ والمقاصد النحوية 1/ 516؛ وهمع الهوامع 1/ 94.

اللغة والمعنى: خليلي: صديقي.

يقول: يا خليلي لن تكونا وفيين بعهدكما إذا لم تنصراني على من أخاصم أو أعادي.

الإعراب: خليلي: منادى منصوب بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف، والياء ضمير متصل مبني في محل =

ص: 179

ومن النفي بـ"غير" قوله "من الخفيف":

137-

غَيْرُ لَاهٍ عِدَاكَ فَاطَّرِحِ اللَّهْـ

ـوَ وَلَا تَغْترِرْ بِعَارضِ سلْم

وقوله "من المديد":

138-

غَيْرُ مَأَسُوفٍ عَلَى زَمَن

يَنقَضِي بِالْهَمّ وَالحزَنِ

= جر بالإضافة. ما: حرف نفي. واف: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة لأنه اسم منقوص. بعهدي: جار ومجرور متعلقان بـ"واف"، وهو مضاف، والياء في محل جر بالإضافة. أنتما: فاعل "واف" سد مسد الخبر. إذا: ظرف في محل نصب مفعول فيه. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تكونا: فعل مضارع مجزوم بحذف النون، والألف في محل رفع اسم "تكون". لي: جار ومجرور متعلقان بخبر "تكون" المحذوف. على من: جار ومجرور متعلقان بخبر "تكون" المحذوف. أقاطع: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا.

وجملة "خليلي

" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية. وجملة "ما واف بعهدي أنتما" الاسمية لا محل لها من الإعراب لأنها استئنافية. وجملة "لم تكونا" في محل جر بالإضافة. وجملة جواب الشرط محذوف، تقديرها: "إذا لم تكونا لي على من أقاطع فما واف بعهدي أنتما". وجملة "أقاطع" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول.

والشاهد فيه قوله: "ما واف أنتما" حيث جاء الوصف مبتدأ، وهو "واف" معتمدا على نفي، وهو "ما"، فاستغنى بالفاعل "أنتما" عن الخبر. وفي البيت شاهد آخر هو مجيء الفاعل ضميرا بارزا.

137-

التخريج: البيت بلا نسبة في تذكرة النحاة ص366؛ ومغني اللبيب 2/ 676.

اللغة: اللاهي: اسم فاعل من: لها، يلهو. اطرح: اترك.

المعنى: يقول: إن أعداءك غير غافلين عنك، بل يتربصون بك، ويتحينون الفرصة للانقضاض عليك، فلا تأمن مهادنتهم ووداعتهم.

الإعراب: "غير": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. "لاه": مضاف إليه مجرور. "عداك": فاعل مرفوع، وهو مضاف، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وقد سد مسد خبر المبتدأ "غير". "فاطرح": الفاء استئنافية، "اطرح": فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"أنت". "اللهو": مفعول به منصوب. "ولا": الواو حرف عطف، "لا": ناهية. "تغترر": فعل مضارع مجزوم، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"أنت". "بعارض": جار ومجرور متعلقان بـ"تغترر"، وهو مضاف. "سلم": مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة: "غير لاه عداك" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "اطرح اللهو" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "لا تغترر" معطوفة على سابقتها.

الشاهد: قوله: "غير لاه عداك" حيث استغني عن الخبر بفاعل "لاه" الذي هو "عداك".

138-

التخريج: البيت لأبي نواس في الدرر 2/ 6؛ وأمالي ابن الحاجب ص637؛ وخزانة الأدب 1/ 345؛ ومغني اللبيب 1/ 151، 2/ 176؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 94، 5/ 289، 7/ 25؛ =

ص: 180

"وَقَدْ يَجُوزُ" الابتداء بالوصف المذكور من غير اعتماد على نفي أو استفهام "نَحْوَ فَائِزٌ أُولوُ الرَّشَدْ" وهو قليل جدا، خلافا للأخفش والكوفيين، ولا حجة في قوله "من الطويل":

139-

خَبيرٌ بَنُو لهبٍ فَلَا تَكُ مُلْغِيا

مَقَالَةَ لِهْبِي إذَا الطيرُ مَرَّتِ

= وتذكرة النحاة ص171، 366، 405؛ وخزانة الأدب 9/ 547؛ والمقاصد النحوية 1/ 513؛ وهمع الهوامع 1/ 94.

اللغة: المأسوف: من الأسف، وهو شدة الحزن.

المعنى: يقول: يجب ألا نأسف على زمن تتوالى همومه وأحزانه.

الإعراب: "غير": مبتدأ مرفوع بالضمة، وهو مضاف. "مأسوف": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "على زمن": جار ومجرور متعلقان بـ"مأسوف" على أنه نائب فاعل سد مسد خبر المبتدأ. "ينقضي": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو": "بالهم": جار ومجرور متعلقان بـ"ينقضي". و"الحزن": الواو حرف عطف، "الحزن": معطوف على "الهم" مجرورة بالكسرة.

وجملة: "غير مأسوف

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "ينقضي" في محل جر نعت "زمن".

الشاهد: قوله: "غير مأسوف على زمن" حيث استغني عن خبر المبتدأ بنائب الفاعل.

139-

التخريج: البيت لرجل من الطائيين في تخليص الشواهد ص182؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ والمقاصد النحوية 1/ 518؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 191؛ والدرر 2/ 7؛ وشرح ابن عقيل ص103؛ وشرح عمدة الحافظ ص157؛ وهمع الهوامع 1/ 94.

اللغة: شرح المفردات: بنو لهب: قوم من الأزد عرفوا بزجر الطير. ملغيا: مهملا.

المعنى: يقول: إن بني لهب عالمون بزجر الطير فإذا قال لك أحدهم قولا فصدقه، ولا تتغافل عنه.

الإعراب: خبير: مبتدأ مرفوع بالضمة. بنو: فاعل "خبير" مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. لهب: مضاف إليه مجرور بالكسرة. فلا: الفاء حرف استئناف، "لا": ناهية. تك: فعل مضارع ناقص مجزوم بالسكون على النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره "أنت". ملغيا: خبر "تك" منصوب بالفتحة. مقالة: مفعول به لـ"ملغيا" منصوب بالفتحة، وهو مضاف. لهبي: مضاف إليه مجرور بالكسرة. إذا: ظرف يتضمن معنى الشرط متعلق بجوابه. الطير: فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده مرفوع بالضمة. مرت: فعل ماض مبني على الفتحة، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هي". وجواب "إذا" محذوف تقديره:"إذا مرت الطير فلا تك ملغيا".

وجملة "خبير

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لا تك ملغيا" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "الطير مرت" في محل جر بالإضافة، وجملة "مرت" تفسيرية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله: "خبير بنو لهب" حيث أعمل الوصف "خبير"، وهو بمعنى اسم الفاعل فرفع فاعلا، =

ص: 181

لجواز كون الوصف خبرا مقدما على حد: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} 1، وقوله "من الرجز":

140-

هن صديق للذي لم يشب

116-

والثان مبتدا وذا الوصف خبر

إن في سوى الإفراد طبقا استقر

"وَالثَّانِي مُبْتَدا" مؤخر "وَذَا الْوَصْفُ" المذكور "خَبَرْ" عنه مقدم "إنْ فِي سِوى الإِفْرَادِ" وهو التثنية والجمع "طِبْقَا استقَر" أي: استقر الوصف مطابقا للمرفوع بعده، نحو:"أقائمان الزيدان"، و"أقائمون الزيدون" ولا يجوز أن يكون الوصف في هذه الحالة مبتدأ وما بعده فاعلا أغنى عن الخبر، إلا على لغة "أكلوني البراغيث"، فإن تطابقا في الإفراد جاز الأمران، نحو:"أقائم زيد"، و"ما ذاهبة هند".

= وهو قوله: "بنو" من غير أن يتقدمه نفي أو استفهام، وهذا على مذهب الأخفش وبعض النحاة، أما جمهور النحاة فتأولوا البيت على التقديم والتأخير، فقالوا: إن قوله: "خبير" خبر مقدم، و"بنو" مبتدأ مؤخر. واعترض عليهم أنصار الأخفش بأن قوله:"بنو لهب" جمع، و"خبير" مفرد، فلزم الإخبار بالمفرد عن الجمع، وهذا لا يجوز، ورد على هذا الاعتراض بأن صيغة "فعيل" قد تستعمل للجمع، ومنه قوله تعالى:{وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] .

140-

التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.

المعنى: يقول: إن الفتيات يصادقن الشبان، فإذا وخط الشيب عارضك فلا تطمح إلى مودتهن، ولا تمن النفس بالاقتراب منهن.

الإعراب: هن: ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ. صديق: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة: للذي: جار ومجرور متعلقان بـ"صديق". لم: حرف نفي وجزم وقلب. يشب: فعل مضارع مجزوم بالسكون وحرك بالكسر للضرورة الشعرية، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو".

وجملة "هن صديق": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لم يشب": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "هن صديق" حيث أخبر بالمفرد "صديق" عن الجمع "هن" وهذا جائز.

ص: 182

"العامل في المبتدأ والخبر":

117-

ورفعوا مبتدأ بالابتدا

كذاك رفع خبر بالمبتدا

"وَرَفَعُوا" أي: العرب "مُبْتدأ بِالاِبتِدَا" وهو الاهتمام بالاسم وجعله مقدما ليسند إليه، فهو أمر معنوي "كَذَاكَ رَفْعُ خَبرٍ بِالمُبْتَدَا" وحده، قال سيبويه: فأما الذي بني عليه شيء هو هو فإن المبني عليه يرتفع به، كما ارتفع هو بالابتداء. وقيل: رافع الجزأين هو الابتداء؛ لأنه اقتضاهما، ونظير ذلك أن معنى التشبيه في "كأن" لما اقتضى مشبها ومشبها به كانت عاملة فيهما. وضعف بأن أقوى العوامل لا يعمل رفعين بدون إتباع، فما ليس أقوى أولى أن لا يعمل ذلك. وذهب المبرد إلى أن الابتداء رافع للمبتدأ، وهما رافعان للخبر، وهو قول بما لا نظير له. وذهب الكوفيون إلى أنهما مترافعان، وهذا الخلاف لفظي1.

"تعريف الخبر وأنواعه":

118-

والخبر: الجزء المتم الفائده

كالله بر والأيادي شاهده

"وَالْخَبَرُ الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الْفَائِدَهْ" مع مبتدأ غير الوصف المذكور، بدلالة المقام والتمثيل بقوله:"كَاللَّهُ بَرٌّ والأَيَادِي شَاهِدَهْ" فلا يرد الفاعل ونحوه.

119-

ومفردا يأتي، ويأتي جمله

حاوية معنى الذي سيقت له

120-

وإن تكن إياه معنى لاكتفى

بها كنطقي الله حسبي وكفى

"وَمُفْرَدا يَأتِي" الخبر، وهو الأصل. والمراد بالمفرد هنا ما ليس بجملة، كبر، وشاهدة. "وَيَأتِي جُمْلَهْ" وهي فعل مع فاعله، نحو:"زيد قام"، و"زيد قام أبوه"، أو مبتدأ مع خبره، نحو:"زيد أبوه قائم" ويشترط في الجملة أن تكون "حَاوِيَةً مَعْنَى" المبتدأ "الَّذِي سِيقَتْ" خبراً "لَهْ" ليحصل الربط.

1 انظر المسألة الخامسة في الإنصاف في مسائل الخلاف ص44-51.

ص: 183

وذلك بأن يكون فيها ضميره1: لفظا كما مثل، أو نية، نحو: "السمن منوان

1 قال محيي الدين عبد الحميد:

إذا كان الرابط من جملة الخبر ضميرا؛ فقد يكون هذا الضمير مرفوعا، وقد يكون منصوبا، وقد يكون مجرورا.

فإذا كان مرفوعا فقد يكون مبتدأ، نحو قولك:"محمد هو القائم"، بناء على بعض المذاهب، وقد يكون فاعلا، نحو قولك:"محمد ضرب غلامه"، ونحو قولك:"المحمدان يقومان"، ونحو قولك:"المخلصون يقومون بواجباتهم"؛ وقد يكون نائب فاعل، نحو قولك:"محمد قتل ظلما"، ونحو قولك:"المحمدان يحرمان الخير بظلمهما"؛ وقد يكون اسما لكان أو إحدى أخواتها، نحو قولك:"إبراهيم كان معنا أمس"؛ ونحو ذلك.

وإذا كان منصوبا فقد يكون ناصبه فعلا، نحو قولك:"محمد ضربه خالدا"، وقد يكون ناصبه وصفا، نحو قولك:"محمد أنا الضاربه"، وقد يكون ناصبه حرفا، نحو قولك:"محمد إنه رجل فاضل".

وإذا كان مجرورا فقد يكون مجرورا بحرف جر، نحو قولك:"محمد أخذت عنه الأدب"، وقد يكون مجرورا بالإضافة، نحو قولك:"محمد أبوه عالم".

ومتى علمت هذا التفصيل فاعلم أن العلماء قد اختلفوا في جواز حذف الضمير الذي يربط جملة الخبر بالمبتدأ.

فذهب سيبويه رحمه الله تعالى إلى أنه لا يجوز حذف الضمير الرابط مطلقا، سواء أكان مرفوعا أم منصوبا أم مجرورا.

وقد رد العلماء ذلك عليه، وأجازوا حذفه، واستدلوا على ما ذهبوا إليه بورود مثله في فصيح الكلام؛ من ذلك قوله تعالى:{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43] . فإن جملة "إن ذلك لمن عزم الأمور" خبر عن المبتدأ الذي هو "من" الموصولة، والتقدير: إن ذلك منه

إلخ.

ولمدع أن يدعي أن هذه الآية ليست مما حذف فيها الرابط، بل الرابط هو اسم الإشارة، وهو عائد على الصبر والغفران اللذين يدل عليهما قوله سبحانه:{صَبَرَ وَغَفَرَ} وكأنه قيل: الذي صبر وغفر إن صبره وغفرانه لمن عزم الأمور.

وذهب الفراء إلى أن العائد المنصوب يجوز حذفه، بشرط أن يكون المبتدأ لفظ "كل" وأن يكون ناصبه فعلا، نحو قوله تعالى:"وكل وعد الله الحسنى" في قراءة من رفع "كل"، وتقديره: وكل وعده الله الحسنى؛ ومثله قول أبي النجم العجلي "من الرجز":

قد أصبحت أم الخيار تدعي

علي ذنبا كله لم أصنع

في رواية من رفع "كله"، وتقديره: كله لم أصنعه؛ فكله: مبتدأ، وجملة "لم أصنع" خبره، وقد حذف منها الرابط كما رأيت تقديره، ومثله قول الشاعر "من الوافر":

ثلاث كلهن قتلت عمدا

فأخزى الله رابعة تعود

فكلهن: مبتدأ، وجملة "قتلت عمدا" خبره، والرابط محذوف، وتقديره: كلهن قتلته عمدا وذهب المحقق الرضي والأستاذ ابن مالك إلى جواز حذف العائد المجرور بثلاثة شروط:

الأول: أن يكون الجار حرفا دالا على التبعيض، وأن يكون الخبر جملة اسمية، وأن يكون المبتدأ في الجملة الاسمية المخبر بها بعض المبتدأ الأول، ودليلهما على ذلك مجيئه عن العرب في كلام لا ضرورة فيه، نحو قولهم:"البر الكر بستين"، وقولهم:"السمن منوان بدرهم"، وقولها:"زوجي المس مس أرنب والريح ريح زرنب"، وتقدير الكلام عندهما: البر الكر منه بستين، والسمن منوان منه بدرهم، وزوجي المس منه، وحملا عليه قوله تعالى:{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} أي: إن ذلك منه.

ص: 184

بدرهم"، أي: منوان منه، أو خلف عن ضميره، كقولها: "زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب"، قيل: "أل" عوض عن الضمير، والأصل: مسه مس أرنب وريحه ريح زرنب، كذا قاله الكوفيون وجماعة من البصريين، وجعلوا منه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} 1، أي: مأواه، والصحيح أن الضمير محذوف، أي المس له أو منه، وهي المأوى له، وإلا لزم جواز نحو: "زيد الأب قائم" وهو فاسد.

أو كان فيها إشارة إليه، نحو:{وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} 2.

أو إعادته بلفظه، نحو:{الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} 3. قال أبو الحسن: أو بمعناه، نحو: "زيد جاءني أبو عبد الله" إذا كان "أبو عبد الله" كنية له.

أو كان فيها عموم يشمله، نحو:"زيد نعم الرجل"، وقوله "من الطويل":

141-

فأما القتال لا قتال لَديكُم

ولكن سيرا في عراض المواكب

1 النازعات: 40، 41.

2 الأعراف: 26.

3 الحاقة: 1.

141-

التخريج: البيت للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص45؛ وخزانة الأدب 1/ 452؛ والدرر 5/ 110؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص106؛ والأشباه والنظائر 2/ 153؛ والجنى الداني ص524؛ وسر صناعة الإعراب ص265؛ وشرح شواهد الإيضاح ص107؛ وشرح شواهد المغني ص177؛ وشرح ابن عقيل ص597؛ وشرح المفصل 7/ 134، 9/ 412؛ والمنصف 3/ 118؛ ومغني اللبيب ص56؛ والمقاصد النحوية 1/ 577؛ 4/ 474؛ والمقتضب 2/ 71؛ وهمع الهوامع 2/ 67.

شرح المفردات: العراض: الناحية. المواكب: ج الموكب، وهو الجماعة من الناس.

المعنى: يقول: أما القتال فلا تحسنونه، ولستم من أهله، وإنما أنتم تحسنون السير مع الجماعات التي لا تقاتل، أي للاستقبال أو للاستعراض.

الإعراب: "فأما": الفاء بحسب ما قبلها، "أما": حرف شرط تفصيل. "القتال": مبتدأ مرفوع. "لا": نافية للجنس. "قتال": اسم "لا" مبني في محل نصب. "لديكم": ظرف مكان مبني، متعلق بمحذوف خبر "لا" وهو مضاف، و"كم": في محل جر بالإضافة. "ولكن": الواو حرف عطف، "لكن": حرف مشبه بالفعل، واسمه ضمير المخاطب المحذوف تقديره:"لكنكم". "سيرا": مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: "تسيرون سيرا" وهذه الجملة في محل رفع خبر "لكن". وقيل "سيرا" اسم "لكن" منصوب، والخبر محذوف =

ص: 185

كذا قالوه، وفيه نظر، لاستلزامه جواز "زيد مات الناس"، و"خالد لا رجل في الدار"، وهو غير جائز، فالأولى أن يخرج المثال على ما قاله أبو الحسن بناء على صحته، وعلى أن "أل" في فاعل "نعم" للعهد لا للجنس.

أو وقع بعدها جملة مشتملة على ضميره بشرط كونها: إما معطوفة بالفاء، نحو:"زيد مات عمرو فورثه" وقوله "من الطويل":

142-

وَإِنْسَانُ عَيْنِي يَحْسِرُ المَاءُ تَارَةً

فَيَبْدُو وَتَارَات يجُم فَيَغْرَقُ

قال هشام: أو الواو، نحو:"زيد ماتت هند وورثها". وإما شرطا مدلولا على جوابه بالخبر، نحو:"زيد يقوم عمرو إن قام".

= تقديره: "ولكن لكم سيرا". "في عراض": جار ومجرور متعلقان بـ"سيرا"، وهو مضاف. "الموكب": مضاف إليه مجرور.

وجملة: "أما القتال

" بحسب ما قبلها. وجملة: لا قتال لديكم" في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة: "لكن سيرا

" استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "لا قتال لديكم" حيث حذف الفاء من جواب "أما" مع أن الكلام ليس على تضمن قول محذوف، وذلك للضرورة.

142-

التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ص460؛ وخزانة الأدب 2/ 192؛ والدرر 2/ 17؛ والمقاصد النحوية 1/ 578، 4/ 494؛ ولكثير في المحتسب 1/ 150؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 103، 7/ 257؛ وتذكرة النحاة ص668؛ ومجالس ثعلب ص612؛ ومغني اللبيب 2/ 501؛ والمقرب 1/ 83؛ وهمع الهوامع 1/ 98.

شرح المفردات: إنسان العين: سوادها. حسر: غار. يبدو: يظهر. يجم: يكثر.

المعنى: يقول: إن بؤبؤ عيني يظهر حين تغور دموعي، ولكنه يغرق فيها حين تغزر.

الإعراب: "وإنسان": الواو بحسب ما قبلها، "إنسان" مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. "عيني": مضاف إليه، وهو مضاف، والياء في محل جر بالإضافة. "يحسر": فعل مضارع مرفوع. "الماء": فاعل مرفوع. "تارة": ظرف زمان منصوب، متعلق بـ"يحسر". وقيل مفعول مطلق، ومثله "مرة". "فيبدو": الفاء حرف عطف، "يبدو": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "وتارات": الواو حرف عطف، "تارات" معطوف على "تارة" منصوب بالكسرة، متعلق بـ"يجم". "يجم": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "فيغرق": الفاء: حرف عطف، "يغرق": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو".

وجملة: "إنسان عيني

" بحسب ما قبلها. وجملة "يحسر" في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "يبدو" معطوفة على جملة "يحسر الماء" فهي مثلها في محل رفع. وجملة "يجم" معطوفة على جملة "يحسر الماء". وجملة "يغرق" معطوفة لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "وإنسان عيني يحسر الماء فيبدو" حيث عطف الجملة التي تصلح لأن تكون خبرا عن المبتدأ وهي "فتبدو"، لاشتمالها على ضمير يعود إلى المبتدأ "إنسان"، عطفها على جملة لا تصلح لأن تكون خبرا لخلوها من ذلك الضمير، وهي "يحسر الماء".

ص: 186

"وَإِنْ تَكُنْ" الجملة الواقعة خبرا عن المبتدأ "إيَّاهُ مَعْنى اكْتَفَى بِهَا" عن الرابط "كَنُطْقِي اللَّهُ حَسْبِيَ وَكَفَى" فنطقي: مبتدأ، وجملة "الله حسبي" خبر عنه، ولا رابط فيها؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى؛ والمراد بالنطق المنطوق، ومنه قوله تعالى:{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 1، وقوله عليه الصلاة والسلام:"أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله".

121-

والمفرد الجامد فارغ وإن

يشتق فهو ذو ضمير مستكن

"وَ" الخبر "الْمُفْرَدُ الْجَامِدُ" منه "فَارِغٌ" من ضمير المبتدأ، خلافا للكوفيين، "وَإِن يُشْتَقَّ" المفرد، بمعنى يصاغ من المصدر ليدل على متصف به، كما صرح به في شرح التسهيل "فَهْوَ ذُو ضَمِيرٍ مُسْتَكِنْ" يرجع إلى المبتدأ؛ والمشتق بالمعنى المذكور هو: اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم التفضيل، وأما أسماء الآلة والزمان والمكان فليست مشتقة بالمعنى المذكور، فهي من الجوامد، وهو اصطلاح.

تنبيهان: الأول: في معنى المشتق ما أول به، نحو:"زيد أسد" أي: شجاع، و"عمرو تميمي" أي: منتسب إلى تميم، و"بكر ذو مال" أي: صاحب مال، ففي هذه الأخبار ضمير المبتدأ.

الثاني: يتعين في الضمير المرفوع بالوصف أن يكون مستترا أو منفصلا، ولا يجوز أن يكون بارزا متصلا، فألف "قائمان" وواو "قائمون" من قولك:"الزيدان قائمان"، و"الزيدون قائمون" ليستا بضميرين كما هما في "يقومان" و"يقومون"، بل حرفا تثنية وجمع وعلامتا إعراب.

1 يونس: 10.

ص: 187

122-

وأبرزنه مطلقا حيث تلا

ما ليس معناه له محصلا

"وَأَبْرِزَنْهُ" أي: الضمير المذكور "مُطْلَقَا" أي: وإن أمن اللبس "حَيْثُ تَلَا" الخبر "مَا" أي: مبتدأ "لَيْسَ مَعْنَاهُ" أي: معنى الخبر "لَهُ" أي: لذلك المبتدأ "مُحَصَّلا" مثاله عند خوف اللبس أن تقول عند إرادة الإخبار بضاربية زيد ومضروبية عمرو: "زيد عمرو ضاربه هو" فضاربه: خبر عن عمرو، ومعناه -هو الضاربية- لزيد، وبإبراز الضمير علم ذلك، ولو استتر آذن التركيب بعكس المعنى، ومثال ما أمن فيه اللبس:"زيد هند ضاربها هو"، و"هند زيد ضاربته هي" فيجب الإبراز أيضا، لجريان الخبر على غير من هو له، وقال الكوفيون: لا يجب الإبراز حينئذٍ، ووافقهم الناظم في غير هذا الكتاب، واستدلوا لذلك بقوله "من البسيط":

143-

قَوْمِي ذُرَى المَجْدِ بَانُوهَا وَقَدْ عَلِمَتْ

بِكُنْهِ ذَلِكَ عَدْنَانٌ وقَحْطَانُ

تنبيهان: الأول: من الصور التي يتلو الخبر فيها ما ليس معناه له أن يرفع ظاهرا، نحو:"زيد قائم أبوه" فالهاء في "أبوه" هو الضمير الذي كان مستكنا في "قائم"، ولا ضمير

143- التخريج: البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص186؛ والدرر 2/ 9؛ وشرح التصريح 1/ 162؛ وشرح ابن عقيل ص109؛ وهمع الهوامع 1/ 96.

شرح المفردات: الذرا: ج الذروة، وهي من الشيء أعلاه. بانوها: رافعوها. الكنه: حقيقة الشيء وغايته.

المعنى: يقول: إن قومي قد توصلوا إلى المجد والرفعة، وقد علم ذلك كل العرب من عدنانيين وقحطانيين.

الإعراب: "قومي": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء في محل جر بالإضافة. "ذرا": مبتدأ ثان مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر، وهو مضاف. "المجد": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "بانوها": خبر المبتدأ الثاني مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم، وهو مضاف، و"ها" في محل جر بالإضافة. "وقد": الواو حرف استئناف، و"قد": حرف تحقيق. "علمت": فعل ماض، والتاء للتأنيث. "بكنه": جار ومجرور متعلقان بـ"علمت"، وهو مضاف. "ذلك": اسم إشارة مبني في محل جر بالإضافة. "عدنان": فاعل "علمت" مرفوع. "وقحطان": الواو حرف عطف، و"قحطان": معطوف على "عدنان".

وجملة: "قومي

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ذرا المجد بانوها" في محل رفع خبر المبتدأ الأول "قومي". وجملة "علمت عدنان" استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "بانوها" حيث جاء به خبر للمبتدأ الثاني مشتقا، ولم يبرز الضمير، مع أن المشتق غير جار على مبتدئه في المعنى، ولو أبرز الضمير لقال:"قومي ذرا المجد بانوها هم"، وإنما لم يبرز الضمير لأمن اللبس، لأن "ذرا المجد" تكون مبنية لا بانية.

ص: 188

فيه حينئذٍ، لامتناع أن يرفع شيئين ظاهرا ومضمرا.

الثاني: قد عرفت أنه لا يجب الإبراز في "زيد هند ضاربته"، ولا "هند زيد ضاربها" ولا "زيد عمرو ضاربه" تريد الإخبار بضاربية عمرو؛ لجريان الخبر على من هو له، بل يتعين الاستتار في هذا الأخير، لما يلزم على الإبراز من إيهام ضاربية زيد.

123-

وأخبروا بظرف أو بحرف جر

ناوين معنى "كائن" أو "استقر"

"وَأَخْبَرُوا بِظَرفٍ" نحو، "زيد عندك""أَوْ بِحَرْفِ جَر" مع مجروره، نحو:"زيد في الدار""نَاوينَ" متعلقهما، إذ هو الخبر حقيقة حذف وجوباً، انتقل الضمير الذي كان فيه في الظرف والجار والمجرور، وزعم السيرافي أنه حذف معه، ولا ضمير في واحد منهما، وهو مردود بقوله "من الطويل":

144-

فَإِنْ يَكُ جُثْمانِي بِأَرْضٍ سِواكُمُ

فَإنَّ فُؤادِي عِنْدَك الدهرَ أَجْمَعُ

والمتعلق المنوي إما من قبيل المفرد، وهو ما في "مَعنَى كَائِن" نحو: ثابت ومستقر "أَوْ" الجملة، وهو ما في معنى "اسْتَقَرْ" وثبت، والمختار عند الناظم الأول.

144- التخريج: البيت لجميل بثينة في ديوانه ص111؛ وخزانة الأدب 1/ 395؛ والدرر 2/ 19؛ وسمط اللآلي ص505؛ وشرح التصريح 1/ 166؛ وشرح شواهد المغني 2/ 846؛ والمقاصد النحوية 1/ 525؛ ولكثير عزة في ديوانه ص404؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 442.

المعنى: يقول مخاطبا بثينة: إذا كان الجسم بعيدا عنكم فإن الفؤاد أبدا بقربكم، أي إنه مقيم على حبها.

الإعراب: "فإن": الفاء بحسب ما قبلها. "إن": حرف شرط جازم. "يك": فعل مضارع ناقص. "جثماني": اسم "يك" مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "بأرض": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر "يك"، وهو مضاف. "سواكم": مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر، وهو مضاف، و"كم": ضمير في محل جر بالإضافة. "فإن": الفاء رابطة لجواب الشرط، "إن": حرف مشبه بالفعل. "فؤادي": اسم "إن" منصوب، وهو مضاف، والياء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "عندك": ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر "إن"، وهو مضاف، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "الدهر": ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر "إن". "أجمع": توكيد للضمير المرفوع على الفاعلية المستكن بالظرف.

وجملة: "فإن يك

" بحسب ما قبلها. وجملة "إن فؤادي

" في محل جزم جواب الشرط.

الشاهد: قوله: "أجمع" حيث جاء توكيدا للضمير المستكن في الظرف الواقع متعلقه خبرا.

ص: 189

قال في شرح الكافية: وكونه اسم فاعل أولى لوجهين:

أحدهما: أن تقدير اسم الفاعل لا يحوج إلى تقدير آخر، لأنه واف بما يحتاج إليه المحل من تقدير خبر مرفوع، وتقدير الفعل يحوج إلى تقدير اسم فاعل؛ إذ لا بد من الحكم بالرفع على محل الفعل إذا ظهر في موضع الخبر، والرفع المحكوم عليه به لا يظهر إلا في اسم الفاعل.

الثاني: أن كل موضع كان فيه الظرف خبراً وقدر تعلقه بفعل أمكن تعلقه باسم الفاعل، وبعد "أما" و"إذا" الفجائية يتعين التعلق باسم الفاعل، نحو:"أما عندك فريد"، و"خرجت فإذا في الباب زيد" لأن "أما" و"إذا" الفجائية لا يليهما فعل ظاهر ولا مقدر، وإذا تعين تقدير اسم الفاعل في بعض المواضع ولم يتعين تقدير الفعل في بعض المواضع وجب رد المحتمل إلى ما لا احتمال فيه، ليجري الباب على سنن واحد.

ثم قال: وهذا الذي دللت على أولويته هو مذهب سيبويه، والآخر مذهب الأخفش، هذا كلامه.

ولك أن تقول: ما ذكر من الوجهين لا دلالة فيه؛ لأن ما ذكره في الأول معارض بأن أصل العمل للفعل، وأما الثاني فوجوب كون المتعلق اسم فاعل بعد "أما" و"إذا" إنما هو لخصوص المحل، كما إن وجوب كونه فعلا في نحو:"جاء الذي في الدار"، و"كل رجل في الدار فله درهم"، كذلك لوجوب كون الصلة وصفة النكرة الواقعة مبتدأ في خبرها الفاء جملة. على أن ابن جني سأل أبا الفتح الزعفراني: هل يجوز "إذا زيدا ضربته"؟ فقال: نعم، فقال ابن جني: يلزمك إيلاء "إذا" الفجائية الفعل، ولا يليها إلا الأسماء، فقال: لا يلزم ذلك لأن الفعل ملتزم الحذف؛ ويقال مثله في "أما"، فالمحذور ظهور الفعل بعدهما، لا تقديره بعدهما، لأنهم يغتفرون في المقدرات ما لا يغتفرون في الملفوظات، سلمنا أنه لا يليهما الفعل ظاهرا ولا مقدرا، لكن لا نسلم أنه وليهما فيما نحن فيه، إذ لا يجوز تقديره بعد المبتدأ، فيكون التقدير:"أما في الدار فزيد استقر"، و"خرجت فإذا في الباب زيد حصل".

لا يقال: إن الفعل وإن قدر متأخرا فهو في نية التقديم؛ إذ رتبة العامل قبل المعمول.

لأنا نقول: هذا المعمول ليس في مركزه: لكونه خبرا مقدما؛ وكون المتعلق فعلا هو مذهب أكثر البصريين، ونسب لسيبويه أيضا.

تنبيه: إنما يجب حذف المتعلق المذكور حيث كان استقرارا عاما، كما تقدم، فإن كان استقرارا خاصا نحو:"زيد جالس عندك"، أو "نائم في الدار" وجب ذكره؛ لعدم دلالتهما عليه عند الحذف حينئذٍ.

ص: 190

124-

ولا يكون اسم زمان خبرا

عن جثة وإن يفد فأخبرا

"وَلَا يَكُونُ اسْمُ زَمَانٍ خَبَرا عَنْ جُثَّةٍ" فلا يقال: "زيد اليوم"؛ لعدم الفائدة "وَإِنْ يُفِدْ" ذلك بواسطة تقدير مضاف هو معنى "فَأَخْبِرَا" كما في قولهم: "الهلال الليلة"، و"الرطب شهري ربيع"، و"اليوم خمر، وغدا أمر"1، وقوله "من الرجز":

145-

أكل عام نعم تحوونه

"يلقحه قوم وتنتجونه"

أي: طلوع الهلال، ووجود الرطب، وشرب خمر، وإحراز نعم؛ فالإخبار حينئذٍ باسم الزمان إنما هو عن معنى لا جثة.

هذا مذهب جمهور البصريين، وذهب قوم -منهم الناظم في تسهيله- إلى عدم تقدير مضاف، نظرا إلى أن هذه الأشياء تشبه المعنى، لحدوثها وقتا بعد وقت، وهذا الذي يقتضيه إطلاقه.

1 هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في أمثال العرب ص127؛ وتمثال الأمثال ص310؛ وجمهرة الأمثال ص272، 431؛ وجمهرة اللغة ص553؛ وخزانة الأدب 1/ 332، 8/ 356؛ والعقد الفريد 3/ 120؛ وكتاب الأمثال ص333؛ وكتاب الأمثال للسدوسي ص68؛ والمستقصى 1/ 358؛ ومجمع الأمثال 2/ 417، 421.

يضرب في تنقل الدهر بحالاته.

145-

التخريج: الرجز لقيس بن حصين في خزانة الأدب 1/ 409؛ والكتاب 1/ 129؛ ولصبي من بني سعد قيل إنه قيس بن الحصين في المقاصد النحوية 1/ 529؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 119؛ ولرجل ضبي في الأغاني 16/ 256؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 102؛ وتخليص الشواهد ص191؛ والرد على النحاة ص120؛ ولسان العرب 12/ 585 "نعم"؛ واللمع في العربية ص113.

اللغة: النعم: الإبل والشاه. تحوونه: تملكونه وتضمونه. يلقحه: يجعله لاقحا حاملا. تنتجونه: تتولون وضعه؛ ونتجت الناقة إذا ولدتها.

المعنى: أتضمون الإبل والشاء في كل عام بعدما سهر عليها قوم حتى غذت لواقحا، ثم تأتون أنتم فتولدونها؛ وهي إشارة إلى ما يستولون عليه في غاراتهم على الأقوام الأخرى.

الإعراب: "أكل": "الهمزة": حرف استفهام، "كل": ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بمحذوف خبر مقدم. "عام": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "نعم": مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. "تحوونه": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، و"الواو": ضمير متصل في محل رفع فاعل، و"الهاء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. "يلقحه": فعل مضارع مرفوع بالضمة، و"الهاء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. "قوم": فاعل "يلقحه" مرفوع بالضمة. "وتنتجونه": "الواو": للعطف، "تنتجون": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، و"الواو": ضمير متصل في محل رفع فاعل، و"الهاء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به.

وجملة "أكل عام نعم": ابتدائية لا محل لها. وجملة "تحوونه": في محل رفع صفة لـ"نعم". وجملة "يلقحه": في محل رفع صفة لـ"نعم". وجملة "تنتجونه": معطوفة على جملة في محل رفع.

الشاهد فيه قوله: "أكل عام نعم" حيث حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، والأصل "إحراز نعم" أو "حواية نعم" في كل عام.

ص: 191

"الابتداء بالنكرة":

125-

ولا يجوز الابتدا بالنكره

مالم تفد كعند زيد نمره

126-

وهل فتى فيكم فما خل لنا

ورجل من الكرام عندنا

127-

ورغبة في الخير خير وعمل

بر يزين وليقس مالم يقل

"وَلَا يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرهْ مَا لَمْ تُفِدْ" كما هو الغالب، فإن أفادت جاز الابتداء بها، ولم يشترط سيبويه والمتقدمون لجواز الابتداء بالنكرة إلا حصول الفائدة، ورأى المتأخرون أنه ليس كل أحد يهتدي إلى مواضع الفائدة فتتبعوها: فمن مقلّ مخلّ، ومن مكثر مورد ما لا يصح، أو معدد لأمور متداخلة.

والذي يظهر انحصار مقصود ما ذكروه في الذي سيذكر، وذلك خمسة عشر أمرا:

الأول: أن يكون الخبر مختصا: ظرفا، أو مجرورا، أو جملة، ويتقدم عليها "كَعِنْدَ زَيْدٍ نَمِرَهْ" و"في الدار رجل"، و"قصدك غلامه إنسان". قيل: ولا دخل للتقديم في التسويغ، وإنما هو لما في التأخير من توهم الوصف.

فإن قلت الاختصاص، نحو:"عند رجل مال"، و"لإنسان ثوب" امتنع، لعدم الفائدة.

الثاني: أن تكون عامة: إما بنفسها، كأسماء الشرط والاستفهام، نحو:"من يقم أكرمه"، و"ما تفعل أفعل"، ونحو:"من عندك؟ " و"ما عندك؟ "، أو بغيرها، وهي الواقعة في سياق استفهام أو نفي، نحو:{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} 1 "وَهَلْ فَتىً فِيْكُمْ فَمَا خِلٌّ لَنَا" و"ما أحد أغير من الله".

الثالث: أن تخصص بوصف: إما لفظا، نحو:{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} 2.

1 النمل: 60، 61، 62، 63، 64.

2 البقرة: 221.

ص: 192

"وَرَجُلٌ مِنَ الْكِرَامِ عِنْدَنَا"، أو تقديرا نحو:{وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} 1، أي: وطائفة من غيركم، بدليل ما قبله، وقولهم:"السمن منوان بدرهم"2 أي: منه، ومنه قولهم:"شر أهر ذا ناب"3 أي: شر عظيم، أو معنى، نحو:"رجيل عندنا"؛ لأنه في معنى رجل صغير، ومنه "ما أحسن زيدا"؛ لأن معناه: شيء عظيم حسن زيدا.

فإن كان الوصف غير مخصص لم يجز، نحو:"رجل من الناس جاءني"؛ لعدم الفائدة.

الرابع: أن تكون عاملة: إما رفعا، نحو:"قائم الزيدان" إذا جوزناه، أو نصبا، نحو:"أمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة""وَرَغْبَةٌ فِي الْخَيْرِ خَيْرٌ"، و"أفضل منك عندنا"؛ إذ المجرور فيها منصوب المحل بالمصدر والوصف، أو جرا، نحو:"خمس صلوات كتبهن الله"، "وَعَمَلْ بِرَ يَزِينُ"، و"مثلك لا يبخل"، و"غيرك لا يجود".

الخامس: العطف، بشرط أن يكون أحد المتعاطفين يجوز الابتداء به، نحو:{طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} ، أي: أمثل من غيرهما، ونحو:{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً} 4.

السادس: أن يراد بها الحقيقة، نحو:"رجل خير من امرأة"، ومنه:"تمرة خير من جرادة".

السابع: أن تكون في معنى الفعل، وهذا شامل لما يراد بها الدعاء، نحو:{سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} 5، و {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} 6، ولما يراد بها التعجب، نحو:"عجب لزيد"،

1 آل عمران: 154.

2 المنوان: مثنى المنى وهو مكيال للسمن وغيره، وقيل: وحدة وزن تساوي رطلين.

3 هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في خزانة الأدب 4/ 469، 9/ 262؛ وزهر الأكم 3/ 229؛ ولسان العرب 5/ 261 "هرر"؛ والمستقصى 2/ 130؛ ومجمع الأمثال 1/ 370.

ذو الناب: الكلب. وأهر الكلب: جعله يهر، أي: جعله يصوت دون أن ينبح.

يضرب عند ظهور أمارات الشر.

4 البقرة: 263.

5 الصافات: 130.

6 المطففين: 1.

ص: 193

وقوله "من الكامل":

146-

عَجَبٌ لِتِلْكَ قَضِيَّةٍ وَإقَامَتِي

فِيْكُمْ عَلَى تِلْكَ القَضِيَّة أَعْجَبُ

ولنحو: "قائم الزيدان"1 عند من جوزه؛ فيكون فيه مسوغا، كما في نحو:{وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} 2 فقد بان أن منعه عند الجمهور ليس لعدم المسوغ، بل لعدم شرط الاكتفاء بمرفوعه، وهو الاعتماد.

الثامن: أن يكون وقوع ذلك للنكرة من خوارق العادة، نحو:"بقرة تكلمت".

التاسع: أن تقع في أول الجملة الحالية؛ سواء ذات الواو وذات الضمير، كقوله "من الطويل":

147-

سرَيْنَا وَنَجْمٌ قَدْ أَضَاءَ فَمُذْ بَدَا

مُحَيَّاك أَخْفَى ضَوْءهُ كُلَّ شَارِق

146- التخريج: البيت لضمرة بن جابر في الدرر 3/ 72؛ ولهني بن أحمر في الكتاب 1/ 319؛ ولسان العرب 6/ 61 "حيس"؛ ولهمام بن مرة في الحماسة الشجرية 1/ 256؛ ولرؤبة في شرح المفصل 1/ 114؛ وبلا نسبة في سمط اللآلى ص288؛ وشرح التصريح 2/ 87؛ وهمع الهوامع 1/ 191.

المعنى: قال الشنتمري: "كان هذا الشاعر ممن يبر أمه ويخدمها، وكانت مع ذلك تؤثر أخا له عليه يقال له جندب. وقبله:

وإذا تكون كريهة أدعى لها

وإذا يحاس الحيس يدعى جندب

فعجب من ذلك ومن صبره عليه".

الإعراب: عجب: مبتدأ مرفوع بالضمة. لتلك: اللام حرف جر، "تلك": اسم إشارة مبني في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، أو بـ"عجب" إذا اعتبرت خبرا لمبتدأ محذوف تقديره "أمري عجب". قضية: حال من اسم الإشارة "تلك" منصوب بالفتحة. وإقامتي: الواو حرف عطف، "إقامتي": مبتدأ مرفوع بضمة منع من ظهورها انشغال المحل بالحركة المناسبة، وهو مضاف، والياء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. فيكم: في: حرف جر، "الكاف": ضمير متصل مبني في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بـ"إقامة". على: حرف جر. تلك: اسم إشارة مبني في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بـ"إقامة". القضية: بدل من تلك مجرور بالكسرة. أعجب: خبر للمبتدأ "إقامتي" مرفوع بالضمة.

الشاهد فيه قوله: "عجب" على الابتداء مع أنه نكرة، أو على إضمار مبتدأ تقديره:"أمري عجب". فكلمة عجب تفارق "سبحان الله" من جهة أنها تتصرف فتستعمل مرفوعة.

1 المسوغان في هذا المثال كون النكرة عاملة الرفع، إذا ما بعدها فاعل، وكونها في معنى الفعل.

2 ق: 4؛ والمسوغان هما كون النكرة موصوفة وكون خبرها جارا ومجرورا تاما متقدما عليها.

147-

التخريج: البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 98؛ وتخليص الشواهد ص193؛ والدرر =

ص: 194

وكقوله "من البسيط":

148-

الذِّئْبُ يَطْرُقُهَا فِي الدَّهْرِ وَاحِدَةً

وَكُلَّ يَوْمٍ تَرَانِي مُدْيَةٌ بِيَدِي

= 2/ 32؛ وشرح شواهد المغني 2/ 863؛ ومغني اللبيب 2/ 471؛ والمقاصد النحوية 1/ 546؛ وهمع الهوامع 1/ 101.

اللغة: سرينا: مشينا ليلا. أضاء: أنار. المحيا: الوجه. الشارق: الكوكب المشرق.

المعنى: يقول إن ممدوحه يشبه البدر، وإن نور وجهه أشد إشراقا من نور البدر.

الإعراب: "سرينا": فعل ماض، و"نا": ضمير متصل في محل رفع فاعل، "ونجم": الواو حالية، "نجم": مبتدأ مرفوع بالضمة. "قد": حرف تحقيق. "أضاء": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "فمذ": الفاء: استئنافية، "مذ": ظرف زمان، وقيل اسم زمان في محل رفع مبتدأ. "بدا": فعل ماض. "محياك": فاعل مرفوع، وهو مضاف، والكاف ضمير في محل جر بالإضافة. "أخفى": فعل ماض. "ضوؤه": فاعل مرفوع، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "كل": مفعول به، وهو مضاف. "شارق": مضاف إليه مجرور.

وجملة: "سرينا" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ونجم أضاء" في محل نصب حال. وجملة: "أضاء" في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة: "بدا" في محل جر بالإضافة. وجملة: "أخفى" في محل رفع خبر المبتدأ "مذ".

الشاهد: قوله: "ونجم قد أضاء" حيث جيء بمبتدأ نكرة بعد الواو الحالية.

148-

التخريج: البيت للحماسي في تخليص الشواهد ص196؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 98؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1570؛ وشرح شواهد المغني 2/ 864.

اللغة: الطارق: القادم ليلا. يطرقها: يأتيها ليلا. المدية: السكين.

المعنى: إني من بيت كريم، فحلالي تتمنى رؤية الذئب على رؤيتي، لكثرة ما أذبح منها للأضياف.

الإعراب: الذئب: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. يطرقها: فعل مضارع مرفوع بالضمة، و"الهاء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هو". في الدهر: جار ومجرور متعلقان بـ"يطرقها". واحدة: نائب مفعول مطلق منصوب بالفتحة. وكل يوم: "الواو": عاطفة، و"كل": ظرف زمان مبني في محل نصب، متعلق بالفعل "تراني"، و"يوم": مضاف إليه مجرور بالكسرة. تراني: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هي". مدية: مبتدأ مرفوع بالضمة. بيدي: جار ومجرور، و"الياء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجار والمجرور متعلقان بالخبر المحذوف.

وجملة "الذئب يطرقها": ابتدائية لا محل لها. وجملة "يطرقها": في محل رفع خبر. وجملة "تراني": معطوفة على جملة "الذئب يطرقها" لا محل لها. وجملة "مدية بيدي": في محل نصب حال.

والشاهد فيه قوله: "مدية بيدي" حيث جاء المبتدأ "مدية" نكرة واقعة في جملة الحال بدون الرابط، الواو.

ص: 195

العاشر: أن تقع بعد "إذا" المفاجأة، نحو:"خرجت فإذا أسد بالباب"، وقوله "من الوافر":

149-

حَسِبْتُكَ فِي الْوَغَى مرْدَى حُرُوبٍ

إذَا خَوَرٌ لَدَيكَ فَقُلْتُ سُحْقا

بناء على أن "إذا" حرف كما يقول الناظم تبعا للأخفش، لا ظرف مكان كما يقول ابن عصفور تبعا للمبرد، ولا زمان كما يقول الزمخشري تبعا للزجاج1.

149- التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.

اللغة: حسبتك: ظننتك. الوغى: الحرب. مردى حروب: أي شجاع، ورام ماهر. الخور: الضعف. سحقا: بعدا، وهو دعاء بالشر.

المعنى: يقول: لقد ظننتك بطلا شجاعا فإذا بك جبان لا يعتمد عليك.

الإعراب: حسبتك: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل، و"الكاف": ضمير في محل نصب مفعول به أول. في الوغى: جار ومجرور متعلقان بـ"حسب". مردى: مفعول به ثان، وهو مضاف. حروب: مضاف إليه مجرور. إذا: فجائية. خور: مبتدأ مرفوع. لديك: ظرف متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. فقلت: "الفاء": حرف استئناف، "قلت": فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل. سحقا: مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: سحقت سحقا.

وجملة "حسبتك

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "إذا خور": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "قلت سحقا" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "سحقت سحقا" في محل نصب مقول القول.

الشاهد: قوله: "إذا خور لديك" حيث ورد المبتدأ "خور" نكرة لوقوعه بعد "إذا" الفجائية.

1 قال محي الدين عبد الحميد:

اعلم أن إذا المفاجأة تختص بالجمل الاسمية، ولا تحتاج إلى جواب، ولا تقع في أول الكلام؛ لأن الغرض من الإتيان بها الدلالة على أن ما بعدها قد حصل بعد وجود ما قبلها على سبيل المفاجأة، وذلك لا يتأتى إلا بأن يسبقها شيء، وهي مع ذلك كله تدل على أن ما بعدها حاصل في حال حصول ما قبلها؛ بخلاف إذا الشرطية في هذه الأمور الأربعة؛ فإنها تختص بجمل الأفعال وإذا وليها اسم فهو على تقدير فعل على الراجح من مذاهب النحاة، وهي محتاجة إلى الجواب، وهي تقع في صدر الكلام، وهي تدل على أن جوابها حاصل بعد حصول الشرط؛ وقد اختلف العلماء في "إذا" المفاجأة أهي حرف أم اسم، فذهب الأخفش إلى أنها حرف، وأيد مذهبه هذا ابن مالك، والذين ذهبوا إلى أنها اسم قالوا: هي ظرف، ثم اختلفوا؛ فقال المبرد: هي ظرف مكان، وأيده في هذا ابن عصفور، وذهب الزجاج إلى أنها ظرف زمان؛ وأيده في هذا المذهب جار الله الزمخشري.

والصحيح ما ذهب إليه الأخفش وجرى عليه ابن مالك؛ بدليل إجماعهم على صحة قولهم: خرجت فإذا إن زيدا بالباب، بكسر همزة إن، ووجه دلالة هذا على ما ذهبنا إليه أن "إذا" لو كانت في هذا المثال ظرفا لاحتاجت إلى متعلق تتعلق به، وهذا المتعلق إما أن يكون هو "خرجت" المتقدم، وإما أن يكون =

ص: 196

الحادي عشر: أن تقع بعد "لولا" كقوله "من البسيط":

150-

لَوْلَا اصْطِبَارٌ لأَوْدَى كُلُّ ذِي مِقَةٍ

"لما استقلت مطاياهن للظعن"

الثاني عشر: أن تقع بعد لام الابتداء، نحو:"لرجل قائم".

الثالث عشر: أن تقع جوابا، نحو:"رجل" في جواب "من عندك؟ "، التقدير: رجل عندي.

الرابع عشر: أن تقع بعد "كم" الخبرية، كقوله "من الكامل":

151-

كَمْ عمَّةٌ لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالَةٌ

فَدْعاءُ قَدْ حَلَبَتْ عَليَّ عِشارِي

= متعلق الجار والمجرور الذي هو خبر "إن"، وإما أن يكون غير مذكور في الكلام؛ والأمور الثلاثة باطلة: أما بطلان الأول فلأن ما قبل الفاء لا يعمل فيما بعدها، وأما الثاني فلأن معمول خبر إن لا يتقدم عليها ولو كان ظرفا أو جارا ومجرورا، وأما الثالث فلأن الأصل عدم الحذف.

150-

التخريج: البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 112، والدرر 2/ 23؛ وشرح التصريح 1/ 170؛ وشرح ابن عقيل ص115؛ والمقاصد النحوية 1/ 532؛ وهمع الهوامع 1/ 101.

شرح المفردات: أودى: هلك. المقة: الحب. استقل القوم: ارتحلوا. المطايا: ج المطية، وهي الدابة التي تركب. الظعن: الارتحال.

المعنى: يقول: لولا الاصطبار والتجلد على رحيل الأحباب لقضى كل محب لا محالة.

الإعراب: "لولا": حرف شرط غير جازم، حرف امتناع لوجود. "اصطبار": مبتدأ مرفوع وخبره محذوف تقديره: "موجود". "لأودى": اللام واقعة في جواب الشرط، "أودى" فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. "كل": فاعل مرفوع، وهو مضاف. "ذي": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. "مقة": مضاف إليه مجرور. "لما": ظرف زمان مبني في محل نصب متعلق بـ"أودى". "استقلت": فعل ماض والتاء للتأنيث. "مطاياهن": فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر، وهو مضاف، "هن": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "للظعن": جار ومجرور متعلقان بـ"استقلت".

وجملة: "لولا اصطبار

" الشرطية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لأودى

" جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. وجملة "استقلت مطاياهن" في محل جر بالإضافة.

الشاهد: قوله: "لولا اصطبار" حيث جاءت النكرة مبتدأ بعد "لولا".

151-

التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 361؛ والأشباه والنظائر 8/ 123؛ وخزانة الأدب 6/ 458، 489، 492، 493، 495، 498؛ والدرر 4/ 45؛ وشرح التصريح 2/ 280؛ وشرح شواهد المغني 1/ 511؛ وشرح عمدة الحافظ ص536؛ وشرح المفصل 4/ 133؛ والكتاب 2/ 72، 162، 166؛ ولسان العرب 4/ 573 "عشر"؛ واللمع 228؛ ومغني اللبيب 1/ 185؛ والمقاصد النحوية 4/ 489؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 331؛ وشرح ابن عقيل ص116؛ ولسان العرب 12/ 528 "كمم"؛ والمقتضب 3/ 58؛ والمقرب 1/ 312؛ وهمع الهوامع 1/ 254.

ص: 197

الخامس عشر: أن تكون مبهمة، كقوله "من المتقارب":

152-

مُرَسَّعَةٌ بَيْنَ أرْسَاغِهِ

بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغِي أرْنَبَا

= شرح المفردات: الفدعاء: التي اعوجت أصابعها من الحلب، أو التي اعوجت مفاصلها. العشار: الناقة التي عمرها عشرة أشهر، أو التي أتى عليها عشرة أشهر من زمان حلبها.

المعنى: يقول: إن لك يا جرير كثيرا من العمات والخالات الفدعاوات قد عملن عندي في حلب نوقي، أو في رعي ماشيتي.

الإعراب: تروى "عمة" و"خالة" مرفوعتين ومجرورتين ومنصوبتين. فإن رويتهما مرفوعتين، فيجوز بـ"كم" أن تكون خبرية، أو استفهامية تهكمية في محل نصب مفعول مطلق، أو ظرف زمان متعلق بـ"حلبت" ومميزها محذوف مجرور إذا قدرت "كم" خبرية، أو منصوب إذا قدرت "كم" استفهامية. "عمة": مبتدأ مرفوع. "لك": جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت لـ"عمة". "يا": حرف نداء. "جرير": منادى مبني على الضم في محل نصب. "وخالة": الواو حرف عطف، "خالة": معطوف على "عمة". "فدعاء": نعت "خالة" مرفوع. "قد": حرف تحقيق. "حلبت": فعل ماض، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هي". "علي": جار ومجرور متعلقان بـ"حلب". "عشاري": مفعول به لـ"حلب" منصوب، وهو مضاف، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. فإن نصبت "عمة" و"خالة" فتكون "كم" استفهامية في محل رفع مبتدأ. "عمة": تمييز منصوب.

وجملة: "كم عمة

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة النداء: "يا جرير" اعتراضية وجملة: "قد حلبت

" في محل رفع خبر المبتدأ "عمة" أو "كم".

الشاهد: قوله: "عمة" حيث يجوز فيها الرفع على الابتداء، والمسوغ للابتداء بها وقوعها بعد "كم" الخبرية أو الاستفهامية.

152-

التخريج: البيت لامرئ القيس في ديوانه ص128؛ وإنباه الرواة 4/ 174؛ ولسان العرب 8/ 123، 124 "رسع"، 8/ 318 "لسع" 12/ 401 "عسم"؛ ومجالس ثعلب 1/ 102؛ والمعاني الكبير ص211؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص73؛ وشرح المفصل 1/ 36.

اللغة: المرسعة: التعويذة التي تعلق بين الكوع والكرسوع مخافة العطب. الرسغ: المفصل بين الكف والساعد. العسم: اليبس أو الاعوجاج في الرسغ.

المعنى: يخاطب الشاعر في بيت سابق أخته، ويطلب منها أن لا تتزوج رجلا جبانا، يضع التعاويذ خوف العطب، ويقعد عن الحروب، وفي رسغه يبس، يبحث عن الأرانب ليتخذ من كعابها تمائم. لأن العرب كانت تزعم أن كعاب الأرانب تبعد أذية السحرة والجن.

الإعراب: "مرسعة" مبتدأ مرفوع. "بين": ظرف مكان منصوب، متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وهو مضاف. "أرساغه": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "به": جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ المحذوف. "عسم": مبتدأ مؤخر مرفوع. "يبتغي": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "أرنبا": مفعول به منصوب بالفتحة.

وجملة: "مرسعة بين أرساغه" في محل نصب نعت "بوهة" في البيت السابق. وجملة "به عسم" في محل نصب نعت "بوهه". وجملة "يبتغي أرنبا" في محل نصب نعت "بوهة".

الشاهد: قوله: "مرسعة" حيث أتت مبتدأ وهي نكرة، وذلك لأنها مبهمة.

ص: 198

"وَلْيُقَسْ" على ما قيل "مَا لَمْ يُقَلْ"؛ والضابط حصول الفائدة.

"مواضع تأخر الخبر وجوبا":

128-

والأصل في الأخبار أن تؤخرا

وجوزوا التقديم إذ لا ضرارا

"وَالأَصْلُ فِي الأَخْبَارِ أنْ تُؤخَّرَا" عن المبتدآت؛ لأن الخبر يشبه الصفة من حيث أنه موافق في الإعراب لما هو له، دال عَلَى الحقيقة أو على شيء من سببية؛ ولما لم يبلغ درجتها في وجوب التأخير توسعوا فيه "وَجَوَّزُوا الْتَّقْدِيمَ إذْ لَا ضَرَرا"1 في ذلك، نحو:"تميمي أنا" و"مشنوء من يشنؤك"، فإن حصل في التقديم ضرر فلعارض كما ستعرفه.

129-

فامنعه حين يستوي الجزآن

عرفا ونكرا عادمي بيان

130-

كذا إذا ما الفعل كان الخبرا

أو قصد استعماله منحصرا

131-

أو كان مسندا لذي لام ابتدا

أو لازم الصدر كمن لي منجدا

إذا تقرر ذلك "فَامْنَعْهُ" أي: تقديم الخبر "حِينَ يَسْتَوِي الجزآنِ" يعني المبتدأ والخبر "عُرْفا وَنُكْرا" أي: في التعريف والتنكير، "عَادِمَي بَيَانِ" أي: قرينة تبين المراد، نحو:"صديقي زيد"، و"أفضل منك أفضل مني"؛ لأجل خوف اللبس، فإن لم يستويا، نحو:"رجل صالح حاضر"، أو استويا واجدي بيان -أي: قرينة تبين المراد- نحو: "أبو يوسف أبو حنيفة" جاز التقديم، فتقول:"حاضر رجل صالح"، و"أبو حنيفة أبو يوسف"؛ للعلم بخبرية المقدم، ومنه قوله "من الطويل":

153-

بَنُونَا بَنُوا أَبنَائنَا وَبَنَاتُنَا

بَنُوهنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الأَبَاعدِ

1 هذا مذهب البصريين، والكوفيين لا يجوزون تقديم الخبر أصلا، سواء أكان مفردا أم جملة، استوى مع المبتدأ، أم لم يستو.

153-

التخريج: البيت للفرزدق في خزانة الأدب 1/ 444؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 66؛ وتخليص الشواهد ص198؛ والحيوان 1/ 346؛ والدرر 2/ 24؛ وشرح التصريح 1/ 173؛ وشرح شواهد المغني 2/ 848؛ وشرح ابن عقيل ص119؛ وشرح المفصل 1/ 99، 9/ 132؛ ومغني اللبيب 2/ 452؛ وهمع الهوامع 1/ 102. =

ص: 199

أي: بنوا أبنائنا مثل بنينا.

و"كَذا" يمتنع التقديم "إذَا مَا الفِعْلُ" من حيث الصورة المحسوسة، وهو الذي فاعله ليس محسوسا بل مستترا "كَانَ الْخَبرا" لإيهام تقديمه -والحالة هذه- فاعلية المبتدأ، فلا يقال في نحو:"زيد قام": قام زيد، على أن زيدا مبتدأ، بل فاعل، فإن كان الخبر ليس فعلا في الحس: بأن يكون له فاعل محسوس؛ من ضمير بارز، أو اسم ظاهر، نحو:"الزيدان قاما"، و"الزيدون قاموا"، و"زيد قام أبوه" جاز التقديم، فتقول:"قاما الزيدان" و"قاموا الزيدون"، و"قام أبوه زيد"؛ للأمن من المحذور المذكور، إلا على لغة أكلوني البراغيث، وليس ذلك مانعا من تقديم الخبر؛ لأن تقديم الخبر أكثر من هذه اللغة، والحمل على الأكثر راجح، قاله في شرح التسهيل.

وأصل التركيب: كذا إذا ما الخبر كان فعلا؛ لأن الخبر هو المحدث عنه، فلا يحسن جعله حديثا، لكنه قلب العبارة لضرورة النظم، وليعود الضمير على أقرب مذكور في قوله "أَوْ قُصِدَ اسْتِعْمَالُهُ مُنْحَصِرا" أي: وكذا يمتنع تقديم الخبر إذا استعمل منحصرا، نحو:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} 2؛ إذ لو قدم الخبر -والحالة هذه- لانعكس المعنى المقصود، ولأشعر التركيب حينئذٍ بانحصار المبتدأ.

فإن قلت: المحذور منتف إذا تقدم الخبر المحصور بإلا مع "إلا".

= الإعراب: "بنونا": خبر مقدم للمبتدأ مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف، و"نا": ضمير في محل جر بالإضافة. "بنو": مبتدأ مؤخر مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. "أبنائنا": مضاف إليه مجرور بالكسرة، وهو مضاف، و"نا": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "وبناتنا": الواو حرف عطف، "بناتنا" مبتدأ أول مرفوع، وهو مضاف، و"نا": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "بنوهن": مبتدأ ثان مرفوع، وهو مضاف، و"هن": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "أبناء": خبر للمبتدأ الثاني، وهو مضاف. "الرجال": مضاف إليه. "الأباعد": نعت "الرجال" مجرور بالكسرة.

وجملة: "بنونا

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "بناتنا بنوهن

" معطوفة من الجملة السابقة. وجملة: "بنوهن

" في محل رفع خبر المبتدأ الأول.

الشاهد: قوله: "بنونا بنو أبنائنا" حيث جاز تقديم الخبر على المبتدأ مع مساواتهما في التعريف، لأجل القرينة المعنوية، لأن الخبر هو محط الفائدة، فما يكون فيه التشبيه الذي تذكر الجملة لأجله فهو الخبر، وهو قوله:"بنونا" إذ المعنى أن بني أبنائنا مثل بنينا لا أن بنينا مثل بني أبنائنا.

1 آل عمران: 144.

2 الرعد: 7؛ والنازعات: 45.

ص: 200

قلت: هو كذلك، إلا أنهم ألزموه التأخير حملا على المحصور بإنما، وأما قوله "من الطويل":

154-

"فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى

عليهم" وَهَلْ إلَاّ عَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ

فشاذ.

وكذا يمتنع تقديم الخبر إذا كانت لام الابتداء داخلة على المبتدأ، نحو:"لزيد قائم"، كما أشار إليه بقوله:"أَوْ كَانَ" أي: الخبر "مُسْنَدا لذي لَام ابْتَدَا"؛ لاستحقاق لام الابتداء الصدر، وأما قوله "من الكامل":

155-

خَالِي لأَنْتَ وَمَنْ جَريرٌ خَالُهُ

يَنَل الْعَلَاءَ وَيُكَرم الأَخْوَالَا

فشاذ، أو مؤول؛ فقيل: اللام زائدة، وقيل: اللام داخلة على مبتدأ محذوف، أي:

154- التخريج: البيت للكميت في تخليص الشواهد ص192؛ والدرر 2/ 26؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 139؛ وشرح التصريح 1/ 173؛ والمقاصد النحوية 1/ 534؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص121؛ وهمع الهوامع 1/ 102.

شرح المفردات: المعول: الذي يعتمد عليه.

الإعراب: "فيا": الفاء بحسب ما قبلها، و"يا": حرف نداء. "رب": منادى منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة لاشتغال المحل بالحركة المناسبة، وهو مضاف، والياء المحذوفة ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "هل": حرف استفهام إنكاري دال على نفي. "إلا": حرف حصر. "بك": جار ومجرور متعلقان بـ"يرتجي"، أو بمحذوف خبر مقدم. "النصر": مبتدأ مرفوع. "يرتجى": فعل مضارع للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو". "عليهم": جار ومجرور متعلقان بـ"يرتجى". "وهل": الواو حرف عطف، "هل": حرف استفهام إنكاري دال على نفي. "إلا": حرف حصر واستثناء. "عليك": جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ المقدم. "المعول": مبتدأ مؤخر.

وجملة "يا رب

" بحسب ما قبلها. وجملة "النصر يرتجى" استئنافية لا محل لها من الإعراب وجملة "يرتجى" في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "عليك المعول" معطوفة على جملة "النصر يرتجى".

الشاهد: قوله: "بك النصر" و"عليك المعول" حيث قدم الخبر المحصور بـ"إلا" في الموضعين شذوذا، والقياس القول:"هل النصر يرتجى إلا بك" و"هل المعول إلا عليك". ويجوز اعتبار جملة "يرتجى" خبرا للمبتدأ "النصر"، وعلى هذا الاعتبار لا شاهد عليه في صدر البيت.

155-

التخريج: البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 323؛ وسر صناعة الإعراب ص378؛ وشرح التصريح 1/ 174؛ ولسان العرب 1/ 510 "شهرب"؛ والمقاصد النحوية 1/ 556.

اللغة: العلاء: الشرف والرفعة.

الإعراب: "خالي": خبر مقدم مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، أو =

ص: 201

لهو أنت، وقيل: أصله لخالي أنت، أخرت اللام للضرورة.

"أَو" مسندا لمبتدأ "لَازِمِ الْصَّدر" كاسم الاستفهام، والشرط، والتعجب، و"كم" الخبرية "كَمَنْ لِي مُنْجِدَا"، و"من يقم أحسن إليه"، و"ما أحسن زيدا"، و"كم عبيد لزيد"، ومنه قوله "من الكامل":

كَمْ عَمَّةٍ لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالَةٍ

فَدْعَاءَ قَدْ حَلَبَتْ عَليَّ عِشَارِي1

وفي معنى اسم الاستفهام والشرط ما أضيف إليهما، نحو:"غلام من عندك؟ " و"غلام من يقم أقم معه" فهذه خمس مسائل يمتنع فيها تقديم الخبر.

تنبيه: يجب أيضا تأخير الخبر المقرون بالفاء، نحو:"الذي يأتيني فله درهم" قاله في شرح الكافية.

وهذا مشروع في المسائل التي يجب فيها تقديم الخبر.

"مواضع تقدم الخبر وجوبا":

132-

ونحو "عندي درهم"، و"لي وطر"

ملتزم فيه تقدم الخبر

133-

كذا إذا عاد عليه مضمر

مما به عنه مبينا يخبر

134-

كذا إذا يستوجب التصديرا

كأين من علمته نصيرا

135-

وخبر المحصور قدم أبدا

كـ"ما لنا إلا اتباع أحمدا"

"وَنَحْو: "عِندِي دِرْهَمٌ" و"لِي وَطَرْ"، و"قصدك غلامه رجل" "مُلْتَزَمٌ فِيهِ تَقَدُّمُ الْخَبَر"

= مبتدأ مرفوع. "لأنت": اللام: لام الابتداء، "أنت": ضمير في محل رفع مبتدأ مؤخر أو خبر المبتدأ، والوجه الأول هو الأصح. "ومن": الواو حرف استئناف. "من": اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ أول. "جرير": مبتدأ ثان مرفوع. "خاله": خبر للمبتدأ الثاني، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "ينل": فعل مضارع مجزوم تشبيها "لمن" الموصولية بالشرط، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "العلاء": مفعول به منصوب. "ويكرم": الواو حرف عطف، "يكرم": فعل مضارع مجزوم لأنه معطوف على "ينل"، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "الأخوالا": تمييز منصوب، و"أل" الداخلة على الأخوال زائدة، والتقدير:"ويكرم أخوالا".

وجملة: "خالي لأنت" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "من جرير خاله" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "جرير خاله" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "ينل" في محل رفع خبر المبتدأ "من". وجملة "يكرم" معطوفة على جملة "ينل".

الشاهد: قوله: "خالي لأنت" حيث قدم الخبر على المبتدأ الذي دخلت عليه لام الابتداء شذوذا.

1 تقدم بالرقم 151.

ص: 202

رفعا لإيهام كونه نعتا في مقام الاحتمال، إذ لو قلت:"درهم عندي"، و"وطر لي"، و"رجل قصدك غلامه"؛ احتمل أن يكون التابع خبرا للمبتدأ وأن يكون نعتا له؛ لأنه نكرة محضة، وحاجة النكرة إلى التخصيص ليفيد الإخبار عنها فائدة يعتد بمثلها آكد من حاجتها إلى الخبر، ولهذا لو كانت النكرة مختصة جاز تقديمها. نحو:{وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ} 1 و"كَذَا" يلتزم تقدم الخبر "إذَا عَادَ عَلَيْهِ مُضْمَرُ مِمَّا" أي: من المبتدأ الذي "بِهِ" أي: بالخبر "عَنْهُ" أي: عن ذلك المبتدأ "مُبِينا يُخْبَرُ". والمعنى أنه يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه ضمير من المبتدأ، نحو:"على التمرة مثلها زبدا" وقوله "من الطويل":

156-

أَهَابُكِ إجْلَالا وَمَا بِكِ قُدْرَةٌ

عَلَيَّ ولكِنْ مِلءُ عَيْنٍ حَبِيبُهَا

فلا يجوز "مثلها زبدا على التمرة"، ولا "حبيبها ملء عين"، لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة.

وقد عرفت أن قوله: "عاد عليه" هو على حذف مضاف، أي: عاد على ملابسه.

و"كَذَا" يلتزم تقدم الخبر "إذا يَسْتَوْجِبُ الْتَصْدِيرَا" بأن يكون اسم استفهام، أو مضافا

1 الأنعام: 2.

156-

التخريج: البيت للمجنون في ديوانه ص58؛ ولنصيب بن رباح في ديوانه ص68؛ وتخليص الشواهد ص201؛ وسمط اللآلي ص401؛ وشرح التصريح 1/ 176؛ والمقاصد النحوية 1/ 537؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص123؛ وشرح عمدة الحافظ ص173.

شرح المفردات: أهابك: أخافك. إجلالا: إعظاما.

المعنى: يقول مخاطبا حبيبته: إنني أشعر بالخوف أمامك لأنني أعظمك، وليست لك القدرة علي ولكنك حبيبة ملء العين، تسيطرين علي بحبك وعاطفتك.

الإعراب: "أهابك": فعل مضارع مرفوع، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنا". "إجلالا": مفعول لأجله منصوب. "وما": الواو حالية، و"ما": حرف نفي. "بك": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. "قدرة": مبتدأ مؤخر مرفوع. "علي": جار ومجرور متعلقان بـ"قدرة". أو بمحذوف نعت لـ"قدرة". "ولكن": "الواو": استئنافية، "لكن": حرف استدراك. "ملء": خبر مقدم للمبتدأ مرفوع، وهو مضاف. "عين": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "حبيبها": مبتدأ مؤخر مرفوع، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

وجملة: "أهابك

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "وما بك قدرة" في محل نصب حال. وجملة "لكن ملء عين حبيبها" استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "ملء عين حبيبها" حيث تقدم الخبر وجوبا لاتصال المبتدأ بضمير يعود على جزء من الخبر، وهو قوله:"عين".

ص: 203

إليه "كَأَيْنَ مَنْ عَلِمْتَهُ نَصِيرَا" و"صبيحة أي يوم سفرك".

"وَخَبَرَ" المبتدأ "الْمَحْصُور" فيه بإلا أو بإنما "قَدِّمْ أبَدَا" على المبتدأ "كَمَا لَنَا إلا اتِّبَاعُ أَحْمَدَا"، و"إنما عندك زيد"؛ لما سلف.

تنبيه: كذلك يجب تقديم الخبر إذا كان المبتدأ "أن" وصلتها، نحو:"عندي أنك فاضل"، إذ لو قدم المبتدأ لالتبست أن المفتوحة بالمكسورة، وأن المؤكدة بالتي هي لغة في "لعل"، ولهذا يجوز ذلك بعد "أما" كقوله "من البسيط":

157-

عِنْدِي اصْطِبَارٌ وَأَمَا أنَّنِي جَزِعٌ

يَوْمَ النَّوَى فَلِوَجْدٍ كَادَ يَبْرِينِي

لأن "إن" المكسورة و"لعل" لا يدخلان هنا. اهـ.

157- التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 26؛ وشرح التصريح 1/ 175؛ وشرح شواهد المغني 2/ 661؛ ومغني اللبيب 1/ 279؛ والمقاصد النحوية 1/ 536؛ وهمع الهوامع 1/ 103.

شرح المفردات: الاصطبار: التجلد واحتمال البين. الجزع: الخوف، أو الحزن وعدم احتمال البين. والنوى: البعد. الوجد: شدة الحب. يبريني: يضنيني ويهلكني.

المعنى: يقول: إنه صبور على احتمال الشدائد، إلا أن الفراق كان صعبا عليه وكاد يهلكه.

الإعراب: "عندي": ظرف مكان متعلق بخبر محذوف للمبتدأ، وهو مضاف؛ والياء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "اصطبار": مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. "وأما": الواو حرف استئناف، و"أما": حرف تفصيل وشرط. "أنني": حرف مشبه بالفعل، والنون الثانية للوقاية، والياء ضمير متصل مبني في محل نصب اسم "أن". "جزع": خبر "أن" مرفوع بالضمة. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل رفع مبتدأ. "يوم": ظرف زمان متعلق بـ"جزع"، وهو مضاف. "النوى": مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر. "فلوجد": الفاء: حرف رابط جواب "أما"، و"لوجد" جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ المؤول من "أن" ومعموليها. "كاد": فعل ماض ناقص من أفعال المقاربة، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "يبريني": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة، والنون للوقاية، والياء ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو".

وجملة: "عندي اصطبار" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أما أنني

فلوجد" الشرطية استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "كاد يبريني" في محل جر نعت "وجد". وجملة "يبريني" في محل نصب خبر "كاد".

الشاهد: قوله: "أما أنني جزع

" حيث وقع المصدر المؤول مبتدأ، وتقدم على خبره الذي هو الجار والمجرور. وقد جاز ذلك لأمن اللبس بين "أن" المفتوحة الهمزة وإن "المكسورة الهمزة لفظا" ولأمن اللبس بين "أن" المفتوحة الهمزة المؤكدة، والتي بمعنى "لعل" كما قال ابن هشام.

ص: 204

"مواضع حذف المبتدأ والخبر جوازا":

136-

وحذف ما يعلم جائز كما

تقول "زيد" بعد "من عندكما"

137-

وفي جواب: "كيف زيد" قل "دنف"

فزيد استغني عنه إذ عرف

"وَحَذفُ مَا يُعْلَمُ" من الجزأين بالقرينة "جَائِزٌ كَمَا تَقُولُ زَيْدٌ" من غير ذكر الخبر "بَعْدَ" ما يقال لك: "مَنْ عِنْدَكُمَا؟ " والتقدير: "زيد عندنا، وإن شئت صرحت به. ولو كان المجاب به نكرة، نحو: "رجل"، قدر الخبر أيضا بعده. قال في شرح التسهيل: ولا يجوز أن يكون التقدير: "عندي رجل" إلا على ضعف.

"وَفِي جَوَاب كَيْفَ زَيْدٌ؟ قلْ دَنِفْ" بغير ذكر المبتدأ "فَزَيْدٌ" المبتدأ "اسْتُغْنِيَ عَنْهُ" لفظا "إذْ" قد "عُرِفْ" بقرينة السؤال، والتقدير: هو دنف، وإن شئت صرحت به، وقد يحذف الجزآن معا إذا خلا محل مفرد، كقوله تعالى:{وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} 1 أي: فعدتهن ثلاثة أشهر، فحذفت هذه الجملة لوقوعها موقع مفرد، وهو "كذلك"؛ لدلالة الجملة التي قبلها -وهي {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} 2- عليها.

واعلم أن حذف المبتدأ والخبر منه ما سبيله الجواز كما سلف، ومنه ما سبيله الوجوب، وهذا شروع في بيانه.

"مواضع حذف الخبر وجوبا":

138-

وبعد لولا غالبا حذف الخبر

حتم وفي نص يمين ذا استقر

139-

وبعد واو عينت مفهوم مع

كمثل "كل صانع وما صنع"

140-

وقبل حال لا يكون خبرا

عن الذي خبره قد أضمرا

141-

كضربي العبد مسيئا وأتم

تبييني الحق منوطا بالحكم

"وَبَعْدَ لَوْلا" الامتناعية "غَالِبا" أي: في غالب أحوالها، وهو كون الامتناع معلقا بها على وجود المبتدأ الوجود المطلق "حَذْف الخَبْر حَتْمٌ" نحو: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ

1 الطلاق: 4.

2 الطلاق: 4.

ص: 205

بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} 1، أي: ولولا دفع الله الناس موجود، حذف "موجود" وجوبا؛ للعلم به، وسد جوابها مسده، أما إذا كان الامتناع معلقا على الوجود المقيد -وهو غير الغالب عليها- فإن لم يدل على المقيد دليل وجوب ذكره، نحو:"لولا زيد سالمنا ما سلم" وجعل منه قوله عليه الصلاة والسلام: "لولا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم"، وإن دل عليه دليل جاز إثباته وحذفه، نحو:"لولا أنصار زيد حموه ما سلم"، وجعل منه قول المعري "من الوافر":

158-

يُذِيبُ الرُّعْبُ مِنْهُ كُلَّ عَضْبٍ

فَلَولَا الغِمْدُ يُمْسِكُهُ لسَالا

واعلم أن ما ذكره الناظم هو مذهب الرماني، وابن الشجري، والشلوبين، وذهب الجمهور إلى أن الخبر بعد "لولا" واجب الحذف مطلقا، بناء على أنه لا يكون إلا كونا مطلقا، وإذا أريد الكون المقيد جعل مبتدأ، فتقول: لولا مسالمة زيد إيانا ما سلم، أي:

1 البقرة: 251.

158-

التخريج: البيت لأبي العلاء المعري في الجنى الداني ص600؛ والدرر 2/ 27؛ ورصف المباني ص295؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص128؛ ومغني اللبيب 1/ 273؛ والمقرب 1/ 84.

شرح المفردات: الرعب: الخوف الشديد. العضب: السيف القاطع. الغمد: قراب السيف.

المعنى: يقول: إن سطوته وشدة إخافته للأعداء يذيب سيوفهم، ولولا وجودها في أغمادها لسالت على الأرض.

الإعراب: "يذيب": فعل مضارع مرفوع بالضمة. "الرعب": فاعل مرفوع بالضمة. "منه": جار ومجرور متعلقان بـ"الرعب". "كل": مفعول به منصوب وهو مضاف. "عضب": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "فلولا": الفاء حرف استئناف، و"لولا": حرف امتناع لوجود. "الغمد": مبتدأ مرفوع. "يمسكه": فعل مضارع مرفوع بالضمة، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو". "لسالا": اللام واقعة في جواب "لولا"، و"سالا" فعل ماض والألف للإطلاق، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو".

وجملة: "يذيب الرعب

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "لولا الغمد

" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "يمسكه" في محل رفع خبر المبتدأ "الغمد". وجملة "لسالا" جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب.

والتمثيل به في قوله: "فلولا الغمد يمسكه" الواقع بعد "لولا" لكونه خاصا، وقد دل عليه الدليل. وخبر المبتدأ الواقع بعد "لولا" يجوز ذكره ويجوز حذفه إذا كان كونا خاصا. والقياس عند الجمهور واجب الحذف.

ص: 206

موجودة، وأما الحديث فمروي بالمعنى، ولحنوا المعرّي.

"وَفِي نَصِّ يَمِينٍ ذَا" الحكم، وهو حذف الخبر وجوبا "اسْتَقَر"، نحو:"لعمرك لأفعلن"، و"أَيمن الله لأقومن"، أي: لعمرك قسمي، وايمن الله يميني، فحذف الخبر وجوبا؛ للعلم به وسد جواب القسم مسده.

فإن كان المبتدأ غير نص في اليمين جاز إثبات الخبر وحذفه، نحو:"عهد الله لأفعلن"، و"عهد الله عليّ لأفعلن".

تنبيه: اقتصر في شرح الكافية على المثال الأول، وزاد ولده المثال الثاني، وتبعه عليه في التوضيح، وفيه نظر؛ إذ لا يتعين كون المحذوف فيه الخبر، لجواز كون المبتدأ هو المحذوف، والتقدير: قسمي أيمن الله، بخلاف المثال الأول، لمكان لام الابتداء.

"وَ" كذا يجب حذف الخبر الواقع "بَعْدَ" مدخول "وَاوٍ عَيَّنَتْ مَفْهُوْمَ مَعْ" وهي الواو المسماة بواو المصاحبة "كَمِثْلِ" قولك: "كُلُّ صَانِع وَمَا صَنَعْ"، و"كل رجل وضيعته" تقديره مقرونان، إلا أنه لا يذكر؛ للعلم به، وسد العطف مسده1.

1 قال محيي الدين عبد الحميد:

اعلم أن المراد في هذا الموضع بكون الواو نصا في المعية أن دلالتها على المعية أظهر من دلالتها على غيرها؛ وللعلماء في هذا الموضع اختلافان "أحدهما" هل هناك محذوف لا بد من تقديره أولا؟ "والثاني" هل هذا المحذوف ممتنع الذكر أو هو جائز الذكر؟

فأما عن الخلاف الأول فقد ذهب البصريون إلى أن في نحو قولك: "كل رجل وضيعته" من كل مبتدأ عطف عليه اسم بالواو الدالة. على المعية نصا؛ محذوفا هو خبر المبتدأ؛ وذهب الكوفيون والأخفش إلى أن الكلام تام مستغن عن تقدير شيء؛ وذلك من قبل أن الواو بمعنى "مع" وأنت لو ذكرت "مع" في الكلام فقلت: "كل رجل مع ضيعته" لكان الكلام تاما مستغنيا عن التقدير؛ فكذا ما هو بمعنى ذلك، وقد رد العلامة رضى الدين هذا المذهب بقوله:"وقال الكوفيون: وضيعته خبر المبتدأ؛ لأن الواو بمعنى "مع"، فكأنك قلت: كل رجل مع ضيعته، فإذا صرحت بمع لم تحتج إلى تقدير الخبر، فكذا مع الواو التي بمعناه؛ فلا يكون هذا المثال إذا مما نحن فيه، أي: مما حذف خبره، وفيه نظر، لأن الواو إن كانت بمعنى "مع" تكون في اللفظ للعطف، فإذا كانت وضيعته عطفا على المبتدأ لم يكن خبرا، فإن قيل: يجوز أن يكون رفع ما بعد الواو منقولا عن الواو ولكونها خبر المبتدأ، فالجواب أن "مع" إذا وقع =

ص: 207

فإن لم تكن الواو للمصاحبة نصاً كما في نحو: "زيد وعمرو مجتمعان" لم يجب الحذف، قال الشاعر "من الطويل":

159-

تَمَنَّوْا لي الْمَوْتَ الَّذِي يَشْعَبُ الفَتْى

وَكلُّ امْرئ والْمَوتُ يَلْتَقِيْانِ

= خبرا عن المبتدأ لا يستحق الرفع لفظا حتى ينقل إلى ما بعده، بل يكون منصوبا لفظا على الظرفية مرفوعا محلا لقيامه مقام الخبر، نحو:"زيد معك"، كما تقول:"زيد عندك" اهـ كلامه، ورد قوم ما ذهب إليه الكوفيون بأن كون الشيء بمعنى الشيء لا يستلزم أن يكون شأنهما واحدا من حيث الإعراب، وكلام المحقق الرضي في الواقع بيان للفرق بين الواو ومع في الاستعمال.

وأما عن الخلاف الثاني فإنا وجدنا النحاة قديمهم وحديثهم يذكرون هذا الموضع مما يجب فيه حذف الخبر، ويعللون للحذف ولوجوبه بما ستسمع، ولكن المحقق الرضي وقف من هذا الموضع موقف المتشكك الحائر، ثم استظهر في آخر بحثه أن هذا الموضع مما يغلب فيه حذف الخبر، وليس مما وجب فيه حذفه، قال:"وقال البصريون الخبر محذوف، أي: كل رجل وضيعته مقرونان، وفيه أيضا إشكال، إذ ليس في تقديرهم لفظ يسد مسد الخبر فكيف حذف وجوبا، وإنما قلنا ذلك لأن الخبر مثنى، فمحله بعد المعطوف، وليس بعد المعطوف لفظ يسد مسد الخبر، ولو تكلفنا وقلنا: التقدير كل رجل مقرون وضيعته، أي هو مقرون بضيعته، وضيعته مقرونة به، كما تقول: زيد قائم وعمرو، ثم حذف "مقرون" وأقيم المعطوف مقامه، لبقي البحث في حذف خبر المعطوف وجوبا من غير ساد مسده، ويجوز أن يقال عند ذلك: إن المعطوف أجري مجرى المعطوف عليه في وجوب حذف خبره؛ هذا، والظاهر أن حذف الخبر في مثله غالب لا واجب" اهـ، وقد تكلم ابن قاسم في الرد على ما ذكر الرضي كلاما ليس من شأننا أن نحكيه؛ لأننا لا نقره ولا نوافق عليه، فارجع إليه إن شئت في حواشي الصبان، ومما ذكر فيه الخبر ما حكاه الرضي من قول علي رضي الله عنه:"فأنتم والساعة في قرن".

159-

التخريج: البيت للفرزدق في شرح التصريح 1/ 180؛ والمقاصد النحوية 1/ 543؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص211؛ وخزانة الأدب 6/ 283.

شرح المفردات: يشعب: يصدع ويفرق.

المعنى: يقول: تمنوا لي الموت، وإن حدث فذلك شأن كل إنسان حي.

الإعراب: "تمنوا": فعل ماض، والواو: فاعل، والألف فارقة. "لي": جار ومجرور متعلقان بـ"تمنوا". "الموت": مفعول به منصوب. "الذي": اسم موصول في محل نصب نعت "الموت". "يشعب": فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "الفتى": مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة. "وكل": الواو حرف استئناف، و"كل": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. "امرئ": مضاف إليه مجرور. "والموت": الواو حرف عطف، "الموت": معطوف على "كل" مرفوع. "يلتقيان": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والألف ضمير في محل رفع فاعل.

وجملة: "تمنوا" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يشعب

" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة: "كل امرئ

" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يلتقيان" في محل رفع خبر المبتدأ. =

ص: 208

وزعم الكوفيون والأخفش أن نحو: "كل رجل وضيعته" مستغن عن تقدير خبر؛ لأن معناه مع ضيعته، فكما أنك لو جئت بـ"مع" موضع الواو لم تحتج إلى مزيد عليها وعلى ما يليها في حصول الفائدة كذلك لا تحتاج إليه مع الواو ومصحوبها.

"وَقَبْلَ حَالٍ لَا يَكُونُ خَبَرا"، أي: ويجب حذف الخبر إذا وقع قبل حال لا تصلح خبرا "عَنِ" المبتدأ "الَّذِي خَبرُهُ قَدْ أُضْمِرا" وذلك فيما إذا كان المبتدأ مصدرا عاملا في اسم، مفسر لضمير ذي حال بعده لا تصلح لأن تكون خبرا عن ذلك المبتدأ، أو اسم تفضيل مضافا إلى المصدر المذكور أو إلى مؤول به، فالأول "كَضَرْبِيَ الْعَبْدَ مُسِيئا" وَالثاني مثل "أَتم تَبيِيني الحقَّ مَنُوطا بِالْحكَمْ" إذا جعل "منوطا" جاريا على الحق لا على المبتدأ، والثالث نحو:"أخطب ما يكون الأمير قائما"، والتقدير: إذ كان، أو: إذا كان، مسيئا ومنوطا وقائما؛ فمسيئا ومنوطا وقائما: نصب على الحال من الضمير في "كان"، وحذفت جملة "كان" التي هي الخبر للعلم بها وسد الحال مسدها، وقد عرفت أن هذه الحال لا تصلح خبرا لمباينتها المبتدأ، إذ الضرب مثلا لا يصح أن يخبر عنه بالإساءة.

فإن قلت: جعل هذا المنصوب حالا مبني على أن "كان" تامة، فلم لا جعلت ناقصة والمنصوب خبرها؛ لأن حذف الناقصة أكثر؟

فالجواب أنه منع من ذلك أمران:

أحدهما: أنا لم نر العرب استعملت في هذا الموضع إلا أسماء منكورة مشتقة من المصادر، فحكمنا بأنها أحوال، إذ لو كانت أخبارا لـ"كان" المضمرة لجاز أن تكون معارف ونكرات ومشتقة وغير مشتقة.

الثاني: وقوع الجملة الاسمية مقرونة بالواو موقعه، كقوله عليه الصلاة والسلام:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" وقول الشاعر "من البسيط":

160-

غيْرُ اقْتِراني مِنَ الْمَوْلى حَلِيْفَ رِضا

وَشَرُّ بُعْدِي عَنْهُ وَهْوَ غَضْبَانُ

= الشاهد: قوله: "وكل امرئ والموت يلتقيان" حيث ذكر الخبر الذي هو جملة: "يلتقيان"، لأن "الواو" في قوله:"والموت" ليست نصا في معنى المصاحبة أو الاقتران، ولو كانت كذلك لكان حذف الخبر واجبا لا معدل للمتكلم عنه، كما في قولك:"كل ثوب وقيمته".

160-

التخريج: البيت بلا نسبة في تذكرة النحاة ص650؛ والدرر 2/ 30؛ والمقاصد النحوية 1/ 579؛ وهمع الهوامع 1/ 107. =

ص: 209

فإن قلت: فما المحوج إلى إضمار "كان" لتكون عاملة في الحال؟ وما المانع أن يعمل فيها المصدر؟

فالجواب أنه لو كان العامل في الحال هو المصدر لكانت من صلته، فلا تسد مسد خبره؛ فيفتقر الأمر إلى تقدير خبر؛ ليصح عمل المصدر في الحال، فيكون التقدير: ضربي العبد مسيئا موجود، وهو رأي كوفي.

وذهب الأخفش إلى أن الخبر المحذوف مصدر مضاف إلى ضمير ذي الحال، والتقدير: ضربي العبد ضربه مسيئا، واختاره في التسهيل.

وقد منع الفراء وقوع هذه الحال فعلا مضارعا، وأجازه سيبويه، ومنه قوله "من الرجز":

161-

وَرَأْيُ عَيْنِي الْفَتَى أَبَاكَا

يُعْطِي الْجَزيلَ فَعَلَيْكَ ذَاكَا

= اللغة: الحليف: المساعد.

الإعراب: خبر: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. اقترابي: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"الياء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. من المولى: جار ومجرور متعلقان بـ"اقتراب". حليف: حال منصوب سد مسد الخبر، وهو مضاف. رضا: مضاف إليه مجرور. وشر: "الواو": حرف عطف، "شر": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. بعدي: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"الياء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. عنه: جار ومجرور متعلقان بـ"بعدي": وهو: "الواو": حالية، "هو": ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ. غضبان: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.

وجملة "خير اقترابي

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "شر بعدي": معطوفة على سابقتها. وجملة: "هو غضبان": في محل نصب حال سدت مسد الخبر تقديره: "وشر بعدي عن المولى" إذا كان والحال أنه غضبان.

الشاهد: قوله: "وشر بعدي عنه وهو غضبان" حيث جاء الحال سادا مسد الخبر جملة اسمية مقترنة بالواو، وهذا يدل على أن "كان" المقدرة هي تامة لأنها لو كانت ناقصة لاحتاجت إلى خبر، والخبر لا يقترن بالواو.

161-

التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص181؛ والدرر 2/ 28؛ والكتاب 1/ 191؛ والمقاصد النحوية 1/ 572؛ وبلا نسبة في تلخيص الشواهد ص212؛ والدرر 5/ 249؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 389؛ وهمع الهوامع 1/ 107، 2/ 93.

اللغة: الجزيل: الكثير. عليك ذاك: أي لا تقصر فيه.

الإعراب: ورأي: "الواو": بحسب ما قبلها، "رأي": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. عيني: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى، و"الياء": الثانية ضمير متصل في محل جر بالإضافة. الفتى: مفعول به للمصدر. أباكا: بدل أو عطف بيان من "الفتى"، و"الألف" للإطلاق. يعطي: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير =

ص: 210

أما إذا صلح الحال لأن يكون خبرًا لعدم مباينته للمبتدأ فإنه يتعين رفعه خبرًا، فلا يجوز "ضربي زيدًا شديدًا" وشذ قولهم:"حكمك مسمطًا"، أي: حكمك لك مثبتًا، كما شذ "زيد قائمًا"، و"خرجت فإذا زيد جالسًا" فيما حكاه الأخفش، أي: ثبت قائمًا وجالسًا.

ولا يجوز أن يكون الخبر المحذوف "إذ كان" أو "إذا كان"؛ لما عرفت من أنه لا يجوز الإخبار بالزمان عن الجثة.

"مواضع حذف المبتدأ وجوبا":

تنبيه: لم يتعرض هنا لمواضع وجوب حذف المبتدأ، وعدها في غير هذا الكتاب أربعة:

الأول: ما أخبر عنه بنعت مقطوع للرفع؛ في معرض مدح، أو ذم، أو ترحم.

الثاني: ما أخبر عنه بمخصوص "نعم" و"بئس" المؤخر، نحو:"نعم الرجل زيد"، و"بئس الرجل عمرو" إذا قدر المخصوص خبرًا، فإن كان مقدمًا، نحو:"زيد نعم الرجل"، فهو مبتدأ لا غير؛ وقد ذكر الناظم هذين في موضعهما من هذا الكتاب.

الثالث: ما حكاه الفارسي من قولهم: "في ذمتي لأفعلن"، التقدير: في ذمتي عهد أو ميثاق.

الرابع: ما أخبر عنه بمصدر مرفوع، جيء به بدلًا من اللفظ بفعله، نحو:"سمع وطاعة"، أي: أمري سمع وطاعة، ومنه قوله "من الطويل":

162-

وَقَالَتْ حَنَانٌ مَا أَتى بِكَ ها هُنَا

أَذُو نَسَبٍ أَمْ أنْتَ بِالْحَيِّ عَارِفُ

= مستتر فيه جوازا تقديره "هو". الجزيل: مفعول به منصوب بالفتحة. فعليك: "الفاء": استئنافية، "عليك": اسم فعل أمر بمعنى الزم، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. ذاكا: اسم إشارة مبني في محل نصب مفعول به لاسم فعل الأمر. والألف حرف للإطلاق.

وجملة "رأي عيني

": بحسب ما قبلها. وجملة "يعطي

": في محل نصب حال، وقد سدت مسد الخبر. وجملة "فعليك ذاكا" استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "يعطي الجزيل" حيث سددت الحال مسد الخبر، وهي جملة فعلية وهذا جائز حسب رأي الكسائي والأخفش، وغير جائز حسب الفراء.

162-

التخريج: البيت لمنذر بن درهم الكلبي في خزانة الأدب 2/ 112؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 235؛ وبلا نسبة في أمالي الزجاجي ص131؛ والدرر اللوامع 3/ 66؛ وشرح التصريح 1/ 177؛ وشرح =

ص: 211

أي: أمري حنان، أي: رحمة، وقول الراجز:

163-

شَكَا إليَّ جَمَلِي طُولَ السَّرى

صَبْرٌ جَميلٌ فَكِلانَا مُبْتَلَى

= عمدة الحافظ ص190؛ وشرح المفصل 1/ 118؛ والصاحبي في فقه اللغة ص266؛ والكتاب 1/ 320، 349؛ ولسان العرب 13/ 129 "حنن"؛ والمقاصد النحوية 1/ 539؛ والمقتضب 3/ 225؛ وهمع الهوامع 1/ 189.

شرح المفردات: الحنان: العطف والرحمة.

المعنى: يصور الشاعر غيرة محبوبته التي التقاها مصادفة، فأنكرته خوفا عليه من قومها الغيارى ورحمة به على تجشمه الأهوال، فلقنته جوابا إذا ما سأله أحد عن سبب مجيئه، وهو النسب أو المعرفة بالحي.

الإعراب: "وقالت": الواو بحسب ما قبلها، "قالت": فعل ماض والتاء للتأنيث، وفاعله

جوازا هي. "حنان": خبر لمبتدأ محذوف تقديره "أمري". "ما": اسم استفهام في محل رفع مبتدأ. "أتى": فعل ماض وفاعله

"هو". "بك": جار ومجرور متعلقان بـ"أتى". "ههنا": "ها": للتنبيه، "هنا": ظرف مكان متعلق بـ"أتى". "أذو": الهمزة للاستفهام، و"ذو": خبر لمبتدأ محذوف تقديره: أأنت ذو نسب، وهو مضاف. "نسب": مضاف إليه مجرور. "أم": حرف عطف. "أنت": ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. "بالحي": جار ومجرور متعلقان بـ"عارف". "عارف": خبر المبتدأ.

وجملة: "قالت" بحسب ما قبلها. وجملة "أمري حنان" في محل نصب مفعول به. وجملة "ما أتى بك" استئنافية لا محل لها من الإعراب.

وجملة: "أتى بك" في محل رفع خبر المبتدأ "ما". وجملة: "أذو نسب" المؤلفة من المبتدأ المحذوف والخبر استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "أنت بالحي عارف" معطوفة على جملة "أذو نسب".

الشاهد: قوله: "حنان" المرفوع بتقدير مبتدأ، أي "أمري حنان"، وهو نائب عن المصدر الواقع بدلا من الفعل.

163-

التخريج: البيت للملبد بن حرملة في شرح أبيات سيبويه 1/ 317؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 107؛ والكتاب 1/ 321؛ ولسان العرب 14/ 440 "شكا".

اللغة: السرى: السير ليلا.

الإعراب: شكا: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة. إلي: جار ومجرور متعلقان بـ"شكا". جملي: فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"الياء": ضمير في محل جر بالإضافة. طول: مفعول به منصوب، وهو مضاف. السرى: مضاف إليه مجرور. صبر: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "أمرنا". جميل: نعت "صبر" مرفوع. فكلانا: "الفاء": تعليلية، "كلانا": مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، وهو مضاف، و"نا": ضمير في محل جر بالإضافة. مبتلى: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة.

وجملة "شكا إلي جملي

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب وجملة "صبر جميل": استئنافية لا محل لها من الأعراب. وجملة "كلانا مبتلى": تعليلية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "صبر جميل" حيث رفع "صبر" على أنه خبر لمبتدأ محذوف.

ص: 212

أي: أمرنا صبر جميل.

"تعدد الخبر وأنواعه":

142-

وأخبروا باثنين أو بأكثرا

عن واحد كـ"هم سراة شعرا"

"وَأَخْبَرُوا باثْنِينِ أَوْ بِأَكْثَرا عَنْ" مبتدأ "وَاحِد"؛ لأن الخبر حكم، ويجوز أن يحكم على الشيء الواحد بحكمين فأكثر.

ثم تعدد الخبر على ضربين:

الأول: تعدد في اللفظ والمعنى "كَهُمْ سَرَاةٌ شُعَرَا"، ونحو:{وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} 1، وقوله "من الرجز":

164-

مَنْ يَكُ ذَا بَت فَهَذَا بَتِّي

مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشتِّي

1 البروج: 14، 16.

164-

التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص189؛ وجمهرة اللغة ص62؛ والدرر 2/ 33؛ والمقاصد النحوية 1/ 561؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 725؛ وتخليص الشواهد ص214؛ والدرر 5/ 109؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 33؛ وشرح المفصل 1/ 99؛ والكتاب 2/ 84؛ ولسان العرب 2/ 8 "بتت"، 7/ 456 "قيظ"، 9/ 201 "صيف"، 14/ 421 "شتا"؛ وهمع الهوامع 1/ 108، 2/ 67.

اللغة: البت: الكساء، أو طيلسان من خز. المقيظ: الذي يكفي للقيظ أي الحر. المصيف: الذي يكفي للصيف. المشتي: الذي يكفي للشتاء.

المعنى: يقول: "إذا كان لامرئ كساءا، فإن لي كساء يكفيني لجميع الفصول.

الإعراب: "من": اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ. "يك": فعل مضارع ناقص مجزوم، لأنه فعل الشرط، لأنه فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر تقديره:"هو". "ذا": خبر "يك" منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. "بت": مضاف إليه مجرور. "فهذا": الفاء رابطة جواب الشرط، "هذا": اسم إشارة في محل رفع مبتدأ. "بتي": خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة. "مقيظ": خبر أول لمبتدأ محذوف تقديره: "هو" مرفوع. "مصيف": خبر ثان للمبتدأ المحذوف "هو". "مشتي": خبر ثالث للمبتدأ "هو"، والياء للإشباع.

وجملة: "من يك

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "يك ذا بت" في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "فهذا بتي" في محل جزم جواب الشرط. وجملة: "هو مقيظ" في محل رفع صفة لـ"بتي".

الشاهد: قوله: "فهذا بتي مقيظ، مصيف، مشتي" حيث وردت أخبار متعددة لمبتدأ واحد من غير عطف.

ص: 213

وقوله "من الطويل":

165-

يَنَامُ بِإحْدَى مُقْلَتَيهِ وَيَتَّقِي

بِأُخْرَى الأَعَادِي فَهْوَ يَقْظَانُ نَائِمُ

وهذا الضرب يجوز فيه العطف وتركه.

والثاني: تعدد في اللفظ دون المعنى، وضابطه أن لا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ، نحو:"هذا حلو حامض"، أي: مز، و"هذا أعسر أيسر"، أي: أضبط، وهذا الضرب لا يجوز فيه العطف، خلافا لأبي علي.

هكذا اقتصر الناظم على هذين النوعين في شرح الكافية، وزاد ولده في شرحه نوعا ثالثا يجب في العطف، وهو أن يتعدد الخبر لتعدد ما هو له: إما حقيقة، نحو:"بنوك كاتب وصائغ وفقيه"، وقوله "من المتقارب":

166-

يَدَاكَ يَدٌ خَيْرُهَا يُرْتَجَى

وَأُخْرَى لأَعْدَائِهَا غائظَهْ

165- التخريج: البيت لحميد بن ثور في ديوانه ص105؛ وأمالي المرتضى 2/ 213؛ وخزانة الأدب 4/ 292؛ والشعر والشعراء 1/ 398؛ والمقاصد النحوية 1/ 562؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص214.

اللغة: المقلة: العين.

الإعراب: "ينام": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "بإحدى": جار ومجرور متعلقان بـ"ينام"، وهو مضاف. "مقلتيه": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "ويتقي": الواو حرف عطف، "يتقي" فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره:"هو". "بأخرى": جار ومجرور متعلقان بـ"يتقي". "الأعادي": مفعول به منصوب. "فهو": الفاء حرف استئناف، "هو": ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. "يقظان": خبر المبتدأ مرفوع. "نائم": خبر ثان للمبتدأ "هو" مرفوع.

وجملة: "ينام" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "يتقي" معطوفة على الجملة الأولى. وجملة: "هو يقظان" استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "فهو يقظان نائم" حيث وقع خبران لمبتدأ واحد من غير عطف.

166-

التخريج: البيت لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص155؛ وشرح التحصيل 1/ 182؛ والمقاصد النحوية 1/ 572؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 17، 18؛ وتخليص الشواهد ص212؛ وخزانة الأدب 1/ 133؛ ولسان العرب 7/ 454 "غيظ".

المعنى: يقول عن ممدوحه إنه رجل جواد، نافع لأصحابه وطالبي معروفه، كما أنه شجاع مغيظ لأعدائه ومناوئيه.

الإعراب: "يداك": مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى، وهو مضاف، والكاف ضمير متصل في محل جر =

ص: 214

وإما حكما كقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ} 1.

واعترضه في التوضيح فمنع أن يكون النوع الثاني والثالث من باب تعدد الخبر بما حاصله أن قولهم: "حلو حامض" في معنى الخبر الواحد؛ بدليل امتناع العطف وأن يتوسط بينهما مبتدأ، وأن نحو قوله:

يَدَاك يَدٌ خَيْرُها يُرْتَجَى

وأخرى لأعدائها غائظه2

في قوة مبتدأين لكل منهما خبر، وأن نحو:{أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} 3 الثاني: تابع لا خبر.

قلت: وفي الاعتراض نظر:

أما ما قاله في الأول فليس بشيء؛ إذ لم يصادم كلام الشارح، بل هو عينه؛ لأنه إنما جعله متعددا في اللفظ دون المعنى، وذكر له ضابطا بأن لا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ، كما قدمته، فكيف يتجه الاعتراض عليه بما ذكر؟

وأما الثاني فهو أن كون "يداك" ونحوه في قوة مبتدأين لا ينافي كونه بحسب اللفظ مبتدأ واحدا؛ إذ النظر إلى كون المبتدأ واحدا أو متعددا إنما هو إلى لفظه، لا إلى معناه، وهو واضح لا خفاء فيه.

وأما قوله في الثالث: "أن الثاني يكون تابعا لا خبرا" فإنا نقول: لا منافاة أيضا بين

= بالإضافة. "يد": خبر المبتدأ مرفوع. "خيرها": مبتدأ مرفوع بالضمة، وهو مضاف، و"ها" ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "يرتجى": فعل مضارع للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة للتعذر، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره "هو". "وأخرى": الواو حرف عطف، "أخرى" معطوف على "يد". "لأعدائها": جار ومجرور متعلقان بـ"غائظه" وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "غائظه": نعت "أخرى" مرفوع، وسكن لضرورة الوزن.

وجملة: "يداك يد" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "خيرها يرتجى" في محل رفع نعت "يد". وجملة "يرتجى" في محل رفع خبر المبتدأ "خيرها".

الشاهد: قوله: "يداك يد

وأخرى" حيث جاء الخبر متعددا لتعدد المخبر عنه، ولذلك وجب العطف بالواو.

1 الحديد: 20.

2 تقدم بالرقم 166.

3 الحديد: 20.

ص: 215

كونه تابعًا وكونه خبرًا، إذ هو تابع من حيث توسط الحرف بينه وبين متبوعه، خير من حيث عطفه على خبر؛ إذ المعطوف على الخبر خبر، كما أن المعطوف على الصلة صلة، والمعطوف على المبتدأ مبتدأ، وغير ذلك، وهو أيضًا ظاهر.

"اقتران الخبر بالفاء":

خاتمة: حق خبر المبتدأ أن لا تدخل عليه فاء؛ لأن نسبته من المبتدأ نسبة الفعل من الفاعل ونسبة الصفة من الموصوف؛ إلا أن بعض المبتدآت يشبه أدوات الشرط فيقترن خبره بالفاء: إما وجوبًا؛ وذلك بعد أما نحو: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} 1.

وأما قوله:

أَمَّا الْقِتَالُ لَا قِتَالَ لَدَيْكُمُ2

فضرورة، وإما جوازًا، وذلك: إما موصولة بفعل لا حرف شرط معه، أو بظرف، وإما موصوف بهما، أو مضاف إلى أحدهما، وإما موصوف بالموصول المذكور؛ بشرط قصد العموم، واستقبال معنى الصلة أو الصفة، نحو:"الذي يأتيني -أو في الدار- فله درهم"، و"رجل يسألني

أو في المسجد، فله برّ"، و"كل الذي تفعل فلك أو عليك"، و"كل رجل يتقي الله فسعيد"، و"السعي الذي تسعاه فستلقاه".

فلو عدم العموم لم تدخل الفاء؛ لانتفاء شبه الشرط، وكذا لو عدم الاستقبال، أو وجد مع الصلة أو الصفة حرف شرط.

وإذا دخل شيء من نواسخ الابتداء على المبتدأ الذي اقترن خبره بالفاء أزال الفاء، إن لم يكن "إن"، أو "أن"، أو "لكن" بإجماع المحققين، فإن كان الناسخ "إن" و"أن" و"لكن" جاز بقاء الفاء، نص على ذلك في "إن" و"أن" سيبويه، وهو الصحيح الذي ورد نص القرآن المجيد به، كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} 4، {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ

1 فصلت: 17.

2 تقدم بالرقم 141.

3 الأحقاف: 13.

4 آل عمران: 91.

ص: 216

بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} 1، {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} 3، ومثال ذلك مع "لكن" قول الشاعر "من البسيط":

167-

بِكُل دَاهِيَةٍ أَلْقَى الْعِدَاءَ وَقَدْ

يُظَنُّ أَنِّي فِي مَكْرِي بِهِمْ فَزِعُ

كَلَاّ وَلَكِنَّ مَا أُبْدِيهِ مِنْ فَرَقٍ

فَكَيْ يُغَرُّوا فَيُغْرِيهمْ بِيَ الْطَّمَعُ

1 آل عمران: 21.

2 الأنفال: 41.

3 الجمعة: 8.

167-

التخريج: لم أقع عليهما فيما عدت إليه من مصادر.

اللغة: الداهية: الرجل البصير بعواقب الأمور. المكر: الخداع. الفزع: الخائف. الفرق: الخوف.

الإعراب: بكل: جار ومجرور متعلقان بـ"ألقى"، وهو مضاف. داهية: مضاف إليه مجرور بالكسرة. ألقى: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره "أنا". العداء: مفعول به منصوب. وقد: "الواو" حالية. "قد" حرف تقليل. يظن: فعل مضارع للمجهول مرفوع. أني: حرف مشبه بالفعل، و"الياء": ضمير متصل في محل نصب اسم "إن". في مكري: جار مجرور متعلقان بـ"فزع"، وهو مضاف، و"الياء": ضمير في محل جر بالإضافة. بهم: جار ومجرور متعلقان بـ"مكري". فزع: خبر "إن" مرفوع. كلا: حرف جواب وردع. والمصدر المؤول من "أن" ومعموليها في محل نصب مفعول به. ولكن: "الواو": حرف استئناف، "لكن": حرف مشبه بالفعل. ما: اسم موصول مبني في محل نصب اسم "لكن". أبديه: فعل مضارع مرفوع، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنا". من فرق: جار ومجرور متعلقان بـ"أبدي". فكي: "الفاء": زائدة، "كي": حرف جر للتعليل. يغروا: فعل مضارع للمجهول منصوب بـ"أن" مضمرة وعلامة نصبه النون لأنه من الأفعال الخمسة، و"الواو": ضمير متصل مبني في محل رفع نائب فاعل. والمصدر المؤول من "أن يغروا" في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر "لكن". فيغريهم:"الفاء": تعليلية. "يغريهم": فعل مضارع مرفوع، و"هم" ضمير في محل نصب مفعول به. بي: جار ومجرور متعلقان بـ"يغريهم". الطمع: فاعل مرفوع بالضمة.

وجملة "بكل داهية ألقى

": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "قد يظن": في محل نصب حال. وجملة "لكن ما أبديه": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أبديه": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "فيغريهم": استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "ولكن ما أبديه

فكي يغروا" زاد الفاء على خبر المبتدأ المنسوخ بـ"لكن" لكونه أشبه اسم الشرط وأشبه خبره الجواب.

ص: 217

وقال الآخر "من الطويل":

168-

فَوَاللَّهِ مَا فَارَقْتُكُمْ قَالِيا لَكُمْ

وَلَكِنَّ مَا يُقْضَى فَسَوْفَ يَكُوْنُ

وروي عن الأخفش أنه منع دخول الفاء بعد "أن"، وهذا عجيب؛ لأن زيادة الفاء في الخبر على رأيه جائزة، وإن لم يكن المبتدأ يشبه أداة الشرط، نحو:"زيد فقائم" فإذا دخلت "إن" على اسم يشبه أداة الشرط فوجود الفاء في الخبر أحسن وأسهل من وجودها في خبر "زيد" وشبهه، وثبوت هذا عن الأخفش مستبعد. والله أعلم.

168- التخريج: البيت للأفوه الأودي في الدرر 2/ 40، وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 99؛ وأوضح المسالك 1/ 348؛ وشرح التصريح 1/ 225؛ ومعجم البلدان 2/ 220 "الحجاز"؛ والمقاصد النحوية 2/ 415؛ وهمع الهوامع 1/ 110.

اللغة: شرح المفردات: قاليا: كارها، مبغضا، يقضى: يقدر.

المعنى: يقسم بان فراقه لهم ليس كرها لهم وإنما هو قضاء من الله وقدره.

الإعراب: فوالله: الفاء حسب ما قبلها، والواو: حرف جر للقسم، و"الله": اسم الجلالة مجرور بالكسرة. والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المحذوف تقديره: "أقسم". ما: حرف نفي. فارقتكم: فعل ماض مبني على السكون. والتاء: ضمير متصل في محل رفع فاعل. و"كم": ضمير متصل في محل جر بحرف الجر. والجار والمجرور متعلقان بـ"قاليا". ولكن: الواو: حرف عطف. "لكن": حرف مشبه بالفعل. ما: اسم موصول مبني في محل نصب اسم "لكن". يقضى: فعل مضارع للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو". فسوف: الفاء: زائدة. "سوف": حرف تسويف. يكون: فعل مضارع تام، مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو".

وجملة: "والله

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "فارقتكم" لا محل لها من الإعراب لأنها جواب القسم. وجملة "لكن

" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يقضى" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "سوف يكون" في محل رفع خبر "لكن".

الشاهد فيه قوله: "فسوف يكون" حيث دخلت الفاء خبر "لكن"، وهذا جائز.

ص: 218