المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النائب عن الفاعل: - شرح الأشمونى لألفية ابن مالك - جـ ١

[الأشموني، أبو الحسن]

الفصل: ‌النائب عن الفاعل:

‌النائب عن الفاعل:

"الأغراض التي يحذف الفاعل من أجلها":

242-

ينوب مفعول به عن فاعل

فيما له كنيل خير نائل

"ينوب مفعول به عن فاعل" حذف لغرض: إما لفظي؛ كالإيجاز، وتصحيح النظم؛ أو معنوي؛ كالعلم به، والجهل، والإبهام، والتعظيم، والتحقير، والخوف منه، أو عليه، وسيأتي أنه ينوب عن الفاعل أشياء غير المفعول به، لكن هو الأصل في النيابة عنه "فيما له" من الأحكام؛ كالرفع، والعمدية، ووجوب التأخير، وغير ذلك "كنيل خير نائب" فـ"خير": نائب عن الفاعل المحذوف؛ إذ الأصل: "نال زيد خير نائل"، نعم النيابة مشروطة بأن يغير الفعل عن صيغته الأصلية إلى صيغة تؤذن بالنيابة.

"التغيرات التي تصيب الفعل عن إسناده لنائب الفاعل":

243-

فأول الفعل اضممن والمتصل

بالآخر أكسر في مضي كوصل

244-

واجعله من مضارع منفتحا

كينتحي المقول فيه ينتحى

245-

والثاني التالي تا المطاوعه

كالأول اجعله بلا منازعه

246-

وثالث الذي بهمز الوصل

كالأول اجعلنه كاستحلي

"فأول الفعل" الذي تبنيه للمفعول "اضممن" مطلقا "و" الحرف "المتصل بالآخر" منه

ص: 414

"اكسر في مضي كوصل" ودحرج "واجعله" أي: المتصل بالآخر "من مضارع منفتحا كينتحي المقول فيه" عند البناء للمفعول "ينتحى، و" الحرف.

"الثاني التالي تا المطاوعة" وشبهها من كل تاء مزيدة "كالأول اجعله بلا منازعه" تقول: "تدحرج الشيء"، و"تغوفل عن الأمر"، بإتباع الثاني للأول في الضم.

"وثالث" الفعل "الذي" بدئ "بهمز الوصل كالأول اجعلنه كاستحلي" الشراب، و"استخرج المال"، فتتبع الثالث أيضا للأول في الضم.

247-

واكسر أو اشمم "فا" ثلاثي أعل

عينا وضم جا كـ"بوع" فاحتمل

"واكسر أو اشمم فا" فعل "ثلاثي أعل عينا" واويا كان أو يائيا، فقد قرئ:{وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ} 1 بهما، والإشمام: هو الإتيان على الفاء بحركة بين الضم والكسر، وقد يسمى روما "وضم جا" في بعض اللغات "كبوع" وحوك "فاحتمل" كقوله "من الرجز":

383-

ليت وهل ينفع شيئا ليت

ليت شبابا بوع فاشتريت

1 هود: 44.

383-

التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص171؛ والدرر 4/ 26، 6/ 260؛ وشرح التصريح 1/ 295؛ وشرح شواهد المغني 3/ 819؛ والمقاصد النحوية 2/ 524؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص92؛ وتخليص الشواهد ص495؛ وشرح ابن عقيل ص256؛ ومغني اللبيب 2/ 632؛ وهمع الهوامع 1/ 248، 2/ 165.

الإعراب: "ليت": حرف مشبه بالفعل. "وهل": الواو حرف اعتراض، "هل": حرف استفهام. "ينفع": فعل مضارع مرفوع. "شيئا": مفعول به منصوب. "ليت": فاعل "ينفع". "ليت": حرف مشبه بالفعل مؤكد للأول. "شبابا": اسم "ليت" منصوب. "بوع": فعل ماض للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "فاشتريت": الفاء حرف عطف، "اشتريت": فعل ماض، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.

وجملة "ليت

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "هل ينفع

" اعتراضية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "بوع" في محل رفع خبر "ليت". وجملة: "اشتريت" معطوفة على "بوع".

الشاهد: قوله: "بوع" على لغة بعض العرب، والمشهور "بيع".

ص: 415

وكقوله "من الرجز":

384-

حوكت على نيرين إذ تحاك

تختبط الشوك ولا تشاك

تنبيه: أشار بقوله "فاحتمل" إلى ضعف هذه اللغة بالنسبة للغتين الأوليين، وتعزى لبني فقعس وبني دبير.

248-

وإن بشكل خيف لبس يجتنب

وما لباع قد يرى لنحو حب

"وإن بشكل" من هذه الأشكال "خيف لبس يجتنب" ذلك الشكل ويعدل إلى شكل آخر لا لبس فيه؛ فإذا أسند الفعل الثلاثي المعتل العين -بعد بنائه للمفعول- إلى ضمير متكلم أو مخاطب؛ فإن كان يائيا كـ"باع" من البيع اجتنب كسره وعدل إلى الضم أو الإشمام؛ لئلا يلتبس بفعل الفاعل، نحو:"بعت العبد"؛ فإنه بالكسر ليس إلا، وإن كان واويا كـ"سام" من السوم اجتنب ضمه وعدل إلى الكسر أو الإشمام؛ لئلا يلتبس بفعل الفاعل، نحو:"سمت العبد"، فإنه بالضم ليس إلا.

384- التخريج: الرجز بلا نسبة في تخليص الشواهد ص495؛ والدرر 6/ 261؛ وشرح التصريح 1/ 295؛ وشرح ابن عقيل ص255؛ والمقاصد النحوية 2/ 526؛ والمنصف 1/ 250؛ وهمع الهوامع 2/ 165.

شرح المفردات: حوكت: نسجت. النير: الخيوط والقصب إذا اجتمعت. اختبط: ضرب بشدة.

الإعراب: "حوكت": فعل ماض للمجهول، والتاء للتأنيث، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره:"هي". "على نيرين": جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في "حوكت". "إذ": ظرف زمان مبني في محل نصب مفعول فيه، متعلق بـ"حوكت". "تحاك": فعل مضارع للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي". "تختبط": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي". "الشوك": مفعول به منصوب. "ولا": الواو حرف عطف، "لا": حرف نفي. "تشاك": فعل مضارع للمجهول مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي".

وجملة "حوكت" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تحاك" في محل جر بالإضافة. وجملة "تختبط" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تشاك" معطوفة على "تختبط".

الشاهد: قوله: "حوكت" على لغة بعض العرب، والمشهور "حيكت".

ص: 416

تنبيه: ما ذكره من وجوب اجتناب الشكل الملبس على ما هو ظاهر كلامه هنا وصرح به في شرح الكافية لم يتعرض له سيبويه، بل ظاهر كلامه جواز الأوجه الثلاثة مطلقا، ولم يلتفت للإلباس؛ لحصوله في نحو:"مختار" و"تضار"، نعم، الاجتناب أولى وأرجح.

"وما لباع" ونحوه من جواز الضم والكسر والإشمام "قد يرى لنحو حب" و"رد"؛ من فعل ثلاثي مضاعف مدغم، لكن الأفصح هنا الضم، حتى قال بعضهم: لا يجوز غيره، والصحيح الجواز؛ فقد قرأ علقمة:"رِدَّتْ إِلَيْنَا""وَلَوْ رِدُّوا"2.

249-

وما لفا باع لما العين تلي

في اختار وانقاد وشبه ينجلي

"وما لفا باع" ونحوه من جواز الأوجه الثلاثة ثابت "لما العين تلي في" كل فعل على وزن افتعل أو انفعل، نحو:"اختار وانقاد وشبه ينجلي"؛ فتقول: اختور وانقود، واختير وانقيد، بضم التاء والقاف، وكسرهما، والإشمام، وتحرك الهمزة بحركتهما.

"أنواع النائب عن الفاعل وشروط نيابة كل واحد منها":

250-

وقابل من ظرف او من مصدر

أو حرف جر بنيابة حري

"وقابل" للنيابة "من ظرف او من مصدر أو" مجرور "حرف جر بنيابة حري" أي: حقيق، وما لا فلا، فالقابل للنيابة من الظروف والمصادر هو المتصرف المختص؛ نحو:"صيم رمضان"، و"جلس أمام الأمير"، {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} 3؛ بخلاف اللازم منهما، نحو: عند وإذا وسبحان ومعاذ؛ لامتناع الرفع، وأجاز الأخفش:"جلس عندك"، وبخلاف المبهم، نحو:"صيم زمان"، و"جلس مكان"، و"سِيرَ سَيرٌ"؛ لعدم الفائدة؛ فامتناع "سِيرَ" على إضمار السير أحقُّ، خلافا لمن أجازه.

1 يوسف: 65.

2 الأنعام: 28.

3 الحاقة: 13.

ص: 417

فأما قوله "من الطويل":

385-

وقالت متى يبخل عليك ويعتلل

يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب

فمعناه: ويعتلل هو، أي: الاعتلال المعهود، أو اعتلال عليك، فحذف "عليك"؛ لدلالة "عليك" الأول عليه، كما هو شأن الصفات المخصصة، وبذلك يوجه:{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ} 1 وقوله "من الطويل":

386-

فيالك من ذي حاجة حيل دونها

وما كل ما يهوى امرؤ هو نائله

385- التخريج: البيت لامرئ القيس في ديوانه ص42؛ وشرح التصريح 1/ 289؛ وشرح شواهد المغني ص92، 883؛ ولعلقمة في ديوانه ص83؛ ولأحدهما في المقاصد النحوية 2/ 506؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص516.

المعنى: يقول: إن هجرناك واعتللنا عليك يسؤك هذا الأمر، وإن وصلناك فكشف غرامك كان ذلك عادة لك ودربة.

الأعراب: "وقالت": الواو بحسب ما قبلها، قالت: فعل ماض مبني على الفتح، والتاء للتأنيث، وفاعله

هي. "متى": اسم شرط جازم مبني في محل نصب مفعول فيه متعلق بـ"يبخل". "يبخل": فعل مضارع للمجهول مجزوم لأنه فعل الشرط. "عليك": جار ومجرور متعلقان بـ"يبخل". "ويعتلل": الواو حرف عطف، "يعتلل": معطوف على "يبخل" ويعرب إعرابه، ونائب الفاعل مستتر تقديره "هو" يعود إلى مصدر الفعل "يعتلل". "يسؤك": فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط والفاعل

"هو"، والكاف في محل نصب مفعول به. "وإن": الواو حرف عطف، "إن": حرف شرط جازم. "يكشف": فعل مضارع للمجهول، وهو فعل الشرط. "غرامك": نائب فاعل مرفوع، وهو مضاف، والكاف في محل جر بالإضافة. "تدرب": فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط، وعلامته السكون، وحرك بالكسر للضرورة الشعرية.

وجملة: "قالت" بحسب ما قبلها. وجملة "متى يبخل

" في محل نصب مفعول به. وجملة "يبخل عليك" في محل جر بالإضافة. وجملة "يعتلل" معطوفة على جملة "يبخل". وجملة: "يسؤك" جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو بـ"إذا" لا محل لها من الإعراب. وجملة "إن يكشف" معطوفة على الجملة الشرطية السابقة. وجملة "تدرب" جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو بـ"إذا" لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: "ويعتلل"، فإن النائب عن الفاعل هو ضمير المصدر، أي: يعتلل هو الاعتلال المعهود، والتقدير: يعتلل اعتلال عليك، فيقدر "عليك" ههنا أيضا لدلالة "عليك" في قوله:"متى يبخل عليك" عليها، وقال ابن هشام: ولا بد عندي من تقدير "عليك" مدلولا عليها بالمذكورة، وتكون حالا من الضمير ليتقيد بها، فيفيد ما لم يفده الفعل "المغني ص516".

1 سبأ: 54.

386-

التخريج: البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص87؛ وشرح التصريح 1/ 290؛ والمقاصد النحوية 2/ 510. =

ص: 418

والقابل للنيابة من المجرورات هو الذي لم يلزم الجار له طريقة واحدة في الاستعمال، كـ"مذ" و"منذ" و"رب" وحروف القسم والاستثناء ونحو ذلك، ولا دل على تعليل كاللام والباء، و"من" إذا جاءت للتعليل، فأما قوله "من البسيط":

387-

يغضي حياء ويغضي من مهابته

فلا يكلم إلا حين يبتسم

= شرح المفردات: حيل دونها: قامت الحواجز دونها. يهوى: يريد. نائله: حاصل عليه.

المعنى: يقول: يا لك من رجل تقف الحواجز دون ما يريد، وليس كل ما يريده المرء يحصل عليه.

الإعراب: "فيا": الفاء بحسب ما قبلها، و"يا": حرف نداء للتعجب، أو تنبيه. "لك": جار ومجرور متعلقان بـ"يا". "من": حرف جر زائد. "ذي": اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه تمييز، وهو مضاف. "حاجة": مضاف إليه. "حيل": فعل ماض للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره:"هو" يعود إلى مصدر الفعل "حيل". "دونها": ظرف مكان متعلق بـ"حيل"، وهو مضاف، و"ها": في محل جر بالإضافة. "وما": الواو: حرف استئناف، "ما": حرف من أخوات "ليس". "كل": اسم "ما" مرفوع أو مبتدأ باعتبار "ما" حرف نفي. وهو مضاف. "ما": اسم موصول مبني في محل جر بالإضافة. "يهوى": فعل مضارع مرفوع. "امرؤ": فاعل مرفوع. "هو": ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. "نائله": خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة.

وجملة "فيا لك

" بحسب ما قبلها. وجملة "حيل دونها" في محل جر نعت "حاجة". وجملة: "ما كل

" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يهوى" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "هو نائله" في محل نصب خبر "ما" أو رفع خبر المبتدأ "كل".

الشاهد: قوله: "حيل دونها" حيث قيل إن "دون"، هنا، نائب فاعل، وقد خرجت عن الظرفية، وقيل: إن نائب فاعل "حيل" ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو، يعود إلى مصدر مبهم هو مصدر هذا الفعل، وكأنه قد قيل: حيل حول، مع أن هذا المصدر غير مختص. وقال جمهور النحاة: إن نائب فاعل "حيل" ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مصدر مقترن بـ"أل" العهدية، وكأنه قد قيل: حيل الحول المعهود، أو يعود إلى مصدر موصوف بـ"دون"، وكأنه قد قيل: حيل حول واقع دونها.

387-

التخريج: البيت للحزين الكناني "عمرو بن عبد وهيب" في الأغاني 15/ 263؛ ولسان العرب 13/ 114 "حزن"؛ والمؤتلف والمختلف ص89؛ وللفرزدق في ديوانه 2/ 179؛ وأمالي المرتضى 1/ 68؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1622؛ وشرح شواهد المغني 2/ 732؛ ومغني اللبيب 1/ 320؛ والمقاصد النحوية 2/ 513، 3/ 273؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 2/ 53.

شرح المفردات: يغضي: يخفض جفنه. المهابة: الاحترام.

المعنى: يقول: إنه يغض الطرف حياء، ولكن الناس لفرط مهابته لا يرفعون إليه أبصارهم إلا إذا ابتسم لهم.

الإعراب: "يغضي": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "حياء": =

ص: 419

فالنائب فيه ضمير المصدر كذلك، على ما مر، لا قوله: من مهابته.

تنبيهات: الأول: ذكر ابن إياز أن الباء الحالية في نحو: "خرج زيد بثيابه" لا تقوم مقام الفاعل، كما أن الأصل الذي تنوب عنه كذلك، وكذلك المميز إذا كان معه "من"، كقولك:"طبت من نفس"، فإنه لا يقوم مقام الفاعل أيضا؛ وفي هذا الثاني نظر؛ فقد نص ابن عصفور على أنه لا يجوز أن تدخل "من" على المميز المنتصب عن تمام الكلام.

الثاني: ذهب ابن درستويه والسهيلي وتلميذه الرندي إلى النائب في نحو: "مر بزيد" ضمير المصدر، لا المجرور؛ لأنه لا يتبع على المحل بالرفع، ولأنه يتقدم، نحو:{كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} 1 ولأنه إذا تقدم لم يكن مبتدأ، وكل شيء ينوب عن الفاعل فإنه إذا تقدم كان مبتدأ، ولأن الفعل لا يؤنث له في نحو:"مر بهند".

ولنا "سير بزيد سيرا"، وأنه إنما يراعى محل يظهر في الفصيح، نحو:"لست بقائم ولا قاعدا"، بالنصب، بخلاف "مررت بزيد الفاضل"، بالنصب، و"مر بزيد الفاضل"، بالرفع؛ لأنك تقول:"لست قائما"، ولا تقول في الفصيح2:"مررت زيدا"، ولا "مُر زيد"؛ على

= مفعول لأجله منصوب. "ويغضى": الواو حرف عطف، "يغضى": فعل مضارع للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه تقديره:"هو" يعود إلى مصدر الفعل "يغضي". "من مهابته": جار ومجرور متعلقان بـ"يغضى"، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "فلا": الفاء حرف عطف، و"لا": حرف نفي. "يكلم": فعل مضارع للمجهول، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "إلا": أداة حصر. "حين": ظرف زمان منصوب متعلق بـ"يكلم". "يبتسم": فعل مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو".

وجملة: "يغضى" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "يغضى من مهابته" معطوفة على جملة "يغضى حياء". وجملة "يكلم" معطوفة على جملة "يغضى". وجملة: "يبتسم" في محل جر بالإضافة.

الشاهد: قوله: "ويغضى من مهابته" حيث جاءت "من" للتعليل، وجاء نائب فاعل "يغضى" ضميرا مستترا فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مصدر موصوف بوصف محذوف يتعلق الجار والمجرور "من مهابته" نائب فاعل مع اعترافه أن "من" هنا للتعليل، وعنده أنه لا يمتنع نيابة المفعول لأجله عن الفاعل بخلاف جمهور النحاة.

1 الإسراء: 36.

2 قد ورد ذلك في ضرورة الشعر، نحو قول جرير "من الوافر":

تمرون الديار ولم تعوجوا

كلامكم علي إذا حرام

ولا يقاس عليه.

ص: 420

أن ابن جني أجاز أن يتبع على محله بالرفع؛ والنائب في الآية ضمير راجع إلى ما رجع إليه اسم "كان" وهو المكلف؛ وامتناع الابتداء لعدم التجرد؛ وقد أجازوا النيابة في نحو: "لم يضرب من أحد" مع امتناع "من أحد لم يضرب"؛ وقالوا في {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} 1: إن المجرور فاعل مع امتناع "كفت بهند".

الثالث: مذهب البصريين أن النائب إنما هو المجرور، لا الحرف، ولا المجموع، فكلام الناظم على حذف المضاف؛ لكن ظاهر كلامه في الكافية والتسهيل أن النائب المجموع.

251-

ولا ينوب بعض هذي إن وجد

في اللفظ مفعول به وقد يرد

"ولا ينوب بعض هذي" المذكورات، أعني الظرف والمصدر والمجرور "إن وجد في اللفظ مفعول به" بل يتعين إنابته، هذا مذهب سيبويه ومن تابعه؛ وذهب الكوفيون إلى جواز إنابة غيره مع وجوده مطلقا "وقد يرد" ذلك، كقراءة أبي جعفر:"ليُجزَى قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"2.

وقوله "من الرجز":

388-

لم يعن بالعلياء إلا سيدا

ولا شفى ذا الغي إلا ذو هدى

1 النساء: 79 وغيرها.

2 الجاثية: 14.

388-

التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173؛ والدرر 2/ 292؛ وشرح التصريح 1/ 291؛ والمقاصد النحوية 2/ 521؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص497؛ وشرح ابن عقيل 1/ 259؛ وهمع الهوامع 5/ 162.

شرح المفردات: يعنى: يهتم. العلياء: المجد. الغي: الضلال.

الإعراب: "لم": حرف جزم. "يعن": فعل مضارع للمجهول مجزوم بحذف حرف العلة. "بالعلياء": جار ومجرور نائب فاعل. "إلا": أداة حصر. "سيدا": مفعول به. "ولا": الواو حرف عطف، "لا": حرف نفي. "شقى": فعل ماض. "ذا": مفعول به مقدم، وهو مضاف. "الغي": مضاف إليه مجرور. "إلا": أداة حصر. "ذو": فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. "هدى": مضاف إليه مجرور.

وجملة: "لم يعن

" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "لا شفى

" معطوفة على جملة: "لم يعن". =

ص: 421

وقوله "من الرجز":

389-

وإنما يرضي المنيب ربه

ما دام معنيا بذكر قلبه

ووافقهم الأخفش، لكن بشرط تقدم النائب، كما في البيتين.

تنبيه: إذا فقد المفعول به جازت نيابة كل واحد من هذه الأشياء، قيل: ولا أولوية لواحد منهما؛ وقيل: المصدر أولى؛ وقيل: المجرور؛ وقال أبو حيان: ظرف مكان.

252-

وباتفاق قد ينوب الثان من

باب "كسا" فيما التباسه أمن

"وباتفاق قد ينوب" المفعول "الثان من باب كسا فيما التباسه أمن"، نحو:"كسي زيدا جبة"، و"أعطي عمرا درهم"، بخلاف مالم يؤمن التباسه، نحو:"أعطيت زيدا عمرا"؛ فلا يجوز اتفاقا أن يقال فيه: "أعطي زيدا عمرو"، بل يتعين فيه إنابة الأول؛ لأن كلا منهما يصلح لأن يكون آخذا.

تنبيه: فيما ذكره من الاتفاق نظر؛ فقد قيل بالمنع إذا كان نكرة والأول معرفة؛ حكي

= الشاهد: قوله: "لم يعن بالعلياء إلا سيدا" حيث أناب الجار والمجرور "بالعلياء" عن الفاعل مع وجود المفعول به "سيدا". وهذا جائز عند الكوفيين، وضرورة شعرية عند البصريين.

389-

التخريج: الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 149؛ وشرح التصريح 1/ 291؛ والمقاصد النحوية 2/ 519.

اللغة: المنيب: التائب. المعني: المهتم. الذكر: الصلاة والدعاء.

المعنى: إن الله يقبل توبة التائبين.

الإعراب: وإنما: الواو بحسب ما قبلها، "إنما": حرف مشبه بالفعل بطل عمله لاتصاله بـ"ما" الزائدة، "ما"؛ الزائدة. يرضي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. المنيب: فاعل مرفوع بالضمة. ربه: مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. ما: حرف مصدري. دام: فعل ماض ناقص. واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو". معنيا: خبر "ما دام" منصوب بالفتحة. بذكر: الباء حرف جر، "ذكر" اسم مجرور بالكسرة، وهو نائب فاعل لاسم المفعول "معنيا". قلبه: مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.

وجملة "إنما يرضي

" بحسب ما قبلها. وجملة المصدر المؤول من "ما" وما بعدها في محل نصب مفعول فيه.

الشاهد فيه قوله: "معنيا بذكر قلبه" حيث أناب الجار والمجرور "بذكر" عن الفاعل، مع وجود المفعول به "قلبه". وهذا جائز عند الكوفيين بشرط تقدم نائب الفاعل.

ص: 422

ذلك عن الكوفيين؛ وقيل بالمنع مطلقا، وقوله:"قد ينوب" الإشارة بـ"قد" إلى أن ذلك قليل بالنسبة إلى إنابة الأول، أو أنها للتحقيق.اهـ.

253-

في باب "ظن وأرى" المنع اشتهر

ولا أرى منعا إذ القصد ظهر

"وفي باب ظن و" باب "أرى المنع" من إقامة المفعول الثاني "اشتهر" عن النحاة، وإن أمن اللبس، فلا يجوز عندهم:"ظن زيدا قائم"، ولا "أعلم زيدا فرسك مسرجا"؛ "ولا أرى منعا" من ذلك "إذا القصد ظهر" كما في المثالين، وفاقا لابن طلحة وابن عصفور في الأول، ولقوم في الثاني، فإن لم يظهر القصد تعينت إنابة الأولى اتفاقا، فيقال في "ظننت زيدا عمرا"، و"أعلمت بكرا خالدا منطلقا":"ظن زيد عمرا"، و"أعلم بكر خالدا منطلقا"؛ ولا يجوز:"ظن زيد عمرو"، ولا "أعلم بكرا خالد منطلقا"؛ لما سلف.

تنبيهات: الأول: يشترط لإنابة المفعول الثاني -مع ما ذكره- ألا يكون جملة؛ فإن كان جملة امتنعت إنابته اتفاقا.

الثاني: أفهم كلامه أنه لا خلاف في جواز إنابة المفعول الأول في الأبواب الثلاثة، وقد صرح به في شرح الكافية؛ وأما الثالث في باب "أرى" فنقل ابن أبي الربيع وابن هشام الخضراوي وابن الناظم الاتفاق على منع إنابته؛ والحق أن الخلاف موجودا؛ فقد أجازه بعضهم حيث لا لبس، وهو مقتضى كلام التسهيل، نحو:"أعلم زيدا فرسك مسرج".

الثالث: احتج من منع إنابة الثاني في باب "ظن" مطلقا بالإلباس فيما إذا كانا نكرتين أو معرفتين، ويعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة إن كان الثاني نكرة، نحو:"ظن قائم زيدا"؛ لأن الغالب كونه مشتقا.

واحتج من منع إنابته مطلقا في باب أعلم -وهم قوم منهم الخضراوي والأبذي وابن عصفور- بأن الأول مفعول صريح، والآخران مبتدأ وخبر شبها بمفعولي "أعطى"، وبأن السماع إنما جاء بإنابة الأول، كقوله "من الطويل":

390-

ونبئت عبد الله بالجو أصبحت

كراما مواليها لئيما صميمها

390- التخريج: البيت للفرزدق في شرح التصريح 1/ 293؛ والكتاب 1/ 39؛ والمقاصد النحوية 2/ 522؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في شرح أبيات سيبويه 1/ 426. =

ص: 423

الرابع: حكى ابن السراج أن قوما يجيزون إنابة خبر "كان" المفرد، وهو فاسد؛ لعدم الفائدة ولاستلزامه إخبارا عن غير مذكور ولا مقدر؛ وأجاز الكسائي نيابة التمييز، فأجاز في "امتلأت الدار رجالا":"امتلئ رجال"، وإلى ذلك أشار في الكافية بقوله:

وقول قوم قد ينوب الخبر

بباب كان مفردا لا ينصر

وناب تمييز لدى الكسائي

لشاهد عن القياس نائي

اهـ.

واعلم أنه كما لا يرفع رافع الفاعل إلا فاعلا واحدا كذلك لا يرفع رافع النائب عنه إلا نائبا واحدا.

254-

وما سوى النائب مما علقا

بالرافع النصب له محققا

"وما سوى" ذلك "النائب مما علقا بالرافع" له "النصب له محققا"، إما لفظا إن لم يكن جارا ومجرورا، أو محلا إن يكنه.

= شرح المفردات: عبد الله: قبيلة عبد الله بن دارم. الجو: اسم موضع. الصميم: الأصل.

المعنى: يقول لقد علمت أن قبيلة بني عبد الله التي تقطن بالجو قد أصبحت ذليلة بحيث أن مواليهم قد تفوقوا عليهم بالكرم والجود، وأن صميمهم أصبح خسيسا.

الإعراب: "ونبئت": الواو بحسب ما قبلها، "نبئت": فعل ماض للمجهول والتاء نائب فاعل. "عبد الله": "عبد": مفعول به منصوب، وهو مضاف، "الله": لفظ الجلالة، مضاف إليه مجرور. "بالجو": جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من "عبد الله". "أصبحت": فعل ماض ناقص، والتاء للتأنيث، واسمها ضمير مستتر تقديره:"هي". "كراما": خبر "أصبح" منصوب. "مواليها": فاعل لـ"كراما" أو اسم "أصبح" مرفوع، وهو مضاف، و"ها" في محل جر بالإضافة. "لئيما": معطوف على "كراما" بحرف عطف محذوف. "صميمها" فاعل لـ"لنيما" مرفوع، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.

وجملة "نبئت": بحسب ما قبلها. وجملة: "أصبحت" في محل نصب مفعول به ثالث لـ"نبئت".

الشاهد: قوله: "نبئت عبد الله" حيث أناب المفعول الأول الذي هو تاء المتكلم عن الفاعل، ولم ينب الثاني أو الثالث، وذلك هو الأكثر في الاستعمال.

ص: 424

"رفع المفعول به ونصب الفاعل عند أمن اللبس":

تنبيه: قال في الكافية:

ورفع مفعول به لا يلتبس

مع نصب فاعل رووا فلا تقس

أي: قد حملهم ظهور المعنى على إعراب كل من الفاعل والمفعول به بإعراب الآخر؛ كقولهم: "خرق الثوب المسمار"، وقوله "من البسيط":

391-

مثل القنافذ هداجون قد بلغت

نجران أو بلغت سوآتهم هجر

ولا يقاس على ذلك، انتهى.

391- التخريج: البيت للأخطل في ديوانه ص178؛ وتخليص الشواهد ص247؛ والدرر 3/ 5؛ وشرح شواهد المغني 2/ 972؛ ولسان العرب 5/ 195 "نجز"؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 337؛ وأمالي المرتضى 1/ 446؛ ورصف المباني ص390؛ والمحتسب 2/ 118؛ وهمع الهوامع 1/ 165.

اللغة: نجران وهجر، هما بلدان في اليمن. السوءة: الفاحشة. والقنافذ: جمع مفرده قنفذ: حيوان يعرف بكثرة مسيرة ليلا، وهداجون من الهدج، وهو مشي الشح الضعيف.

المعنى: إنهم أخبث من القنافذ يتسللون ليلا إما للسرقة أو للفاحشة، وقد علم بهم أهل اليمن.

الإعراب: مثل: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم وهو مضاف. القنافذ: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. هداجون: خبر مرفوع للمبتدأ هم وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم. قد: حرف تحقيق. بلغت: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة و"التاء": للتأنيث: نجران: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. أو: حرف عطف. بلغت: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة و"التاء" للتأنيث. سوءاتهم: مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم وهو مضاف و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. و"الميم": للجماعة. هجر: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.

وجملة "مثل القنافذ": مع المبتدأ المحذوف ابتدائية لا محل لها. وجملة "بلغت نجران": في محل نصب حال، ويمكن أن تكون خبرا ثالثا للمبتدأ المحذوف. وجملة "أو بلغت سوءاتهم هجر": معطوفة في محل نصب.

والشاهد فيه قوله: "بلغت سوءاتهم هجر" وبالأصل "بلغت سوءاتهم هجرا" فقلب الكلام ونصب الفاعل ورفع المفعول به على عادة بعض العرب.

ص: 425

خاتمة: إذا قلت: "زيد في رزق عمرو عشرون دينارا" تعين رفع "عشرين" على النيابة؛ فإن قدمت "عمرا" فقلت: "عمرو زيد في رزقه عشرون" جاز رفع "العشرين" ونصبه؛ وعلى الرفع فالفعل خال من الضمير؛ فيجب توحيده مع المثنى والمجموع، ويجب ذكر الجار والمجرور لأجل الضمير الراجع إلى المبتدأ، وعلى النصب فالفعل محتمل للضمير؛ فيبرز في التثنية والجمع، ولا يجب ذكر الجار والمجرور.

ص: 426