الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُعْرَبُ وَالْمَبْنِي:
"تعريفهما":
المعرب والمبني: اسما مفعول مشتقان من الإعراب والبناء، فوجب أن يقدم بيان الإعراب والبناء، فالإعراب في اللغة: مصدر أعرب، أي: أبان، أي: أظهر، أو أجال، أو حسن أو غير، أو أزال عَرَبَ الشيء وهو فساده، أو تكلم بالعربية، أو أعطى العربون، أو ولد له ولد عربي اللون، أو تكلم بالفحش، أو لم يلحن في الكلام، أو صار له خيل عراب، أو تحبب إلى غيره، ومنه العَروبة المتحببة إلى زوجها.
وأما في الاصطلاح ففيه مذهبان: أحدهما أنه لفظي، واختاره الناظم ونسبه إلى المحققين، وعرفه في التسهيل بقوله: ما جيء به لبيان مقتضى العامل من حركة أو حرف أو سكون أو حذف. والثاني: أنه معنوي والحركات دلائل عليه، واختاره الأعلم وكثيرون. وهو ظاهر مذهب سيبويه، وعرَّفوه بأنه: تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظا أو تقديرا، والمذهب الأول أقرب إلى الصواب، لأن المذهب الثاني يقتضي أن التغيير الأول ليس إعرابا؛ لأن العوامل لم تختلف بعد، وليس كذلك.
والبناء في اللغة: وضع شيء على شيء على صفة يراد بها الثبوت، وأما في الاصطلاح فقال في التسهيل: ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب، وليس حكاية أو اتباعا أو نقلا أو تخلصا من سكونين، فعلى هذا هو لفظي. وقيل: هو لزوم آخر الكلمة حركة أو سكونا لغير عامل أو اعتلال، وعلى هذا هو معنوي، والمناسبة في التسمية على المذهبين فيهما ظاهرة.
"المعرب والمبني من الأسماء":
15-
والاسم منه معرب ومبني
…
لشبه من الحروف مدني
"وَالاسْمُ مِنْهُ" أي: بعضه "مُعْرَبٌ" على الأصل فيه، ويسمى متمكنا، ومنه أي: وبعضه الآخر "مَبْنِي" على خلاف الأصل فيه، ويسمى غير متمكن، ولا واسطة بينهما على الأصح الذي ذهب إليه الناظم، ويعلم ذلك من قوله:"ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف". وبناؤه "لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِي" أي: مقرب لقوته، يعني أن علة بناء الاسم منحصرة في مشابهته الحرف شبها قويا يقربه منه، والاحتراز بذلك من الشبه الضعيف وهو الذي عارضه شيء من خواص الاسم.
16-
كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا
…
والمعنوي في متى وفي هنا
17-
وكنيابة عن الفعل بلا
…
تأثر وكافتقار أصلا
"كَالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ" وهو: أن يكون الاسم موضوعا على صورة وضع الحروف، بأن يكون قد وضع على حرف أو حرفي هجاء كما "في اسْمَي" قولك:"جِئْتَنَا" وهما التاء، ونا، إذ الأول على حرف والثاني على حرفين، فشابه الأول الحرف الأحادي كباء الجر، وشابه الثاني الحرف الثنائي كـ"عن". والأصل في وضع الحروف أن تكون على حرف أو حرفي هجاء، وما وضع على أكثر فعلى خلاف الأصل، وأصل الاسم أن يوضع على ثلاثة فصاعدا، فما وضع على أقل منها فقد شابه الحرف في وضعه واستحق البناء؛ وأعرب نحو "يد" و"دم" لأنهما ثلاثيان وضعا.
تنبيه: قال الشاطبي: "نا" في قوله: "جئتنا" موضوعة على حرفين ثانيهما حرف لين وضعا أوليا كـ"ما" و"لا"؛ فإن شيئا من الأسماء على هذا الوضع غير موجود، نص عليه سيبويه والنحويون، بخلاف ما هو على حرفين وليس ثانيهما حرف لين فليس ذلك من وضع الحرف المختص به، ثم قال: وبهذا بعينه اعترض ابن جني على من اعتل لبناء "كم"، و"من" بأنهما موضوعان على حرفين فأشبها "هل" و"بل"، ثم قال: فعلى الجملة وضع الحرف المختص به إنما هو إذا كان ثاني الحرفين حرف لين على حد ما مثل به الناظم، فما أشار إليه هو التحقيق، ومن أطلق الوضع على حرفين وأثبت به شبه الحرف ليس إطلاقه بسديد، انتهى.
"وَ" كالشبه "الْمَعْنَويِّ" وهو: أن يكون الاسم قد تضمن معنى من معاني الحروف، لا بمعنى أنه حل محلا هو للحرف؛ كتضمن الظرف معنى في، والتمييز معنى "من"، بل بمعنى
أنه خلف حرفًا في معناه، أي: أدى به معنى حقه أن يؤدى بالحرف لا بالاسم، سواء تضمن معنى حرف موجود كما فِي "مَتَى" فإنها تستعمل للاستفهام، نحو: متى تقوم؟ وللشرط، نحو:"متى تقم أقم"، فهي مبنية لتضمنها معنى الهمزة في الأول ومعنى إن في الثاني، وكلاهما موجود. أو غير موجود "وَ" ذلك كما فِي "هُنَا" أي: أسماء الإشارة، فإنها مبنية لأنها تضمنت معنى حرف كان من حقهم أن يضعوه فما فعلوا، لأن الإشارة معنى حقه أن يؤدى بالحرف كالخطاب والتنبيه. "وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الْفِعْلِ" في العمل "بَلا تَأَثُّرٍ" بالعوامل، ويسمى الشبه الاستعمالي، وذلك موجود في أسماء الأفعال، فإنها تعمل نيابة عن الأفعال ولا يعمل غيرها فيها، بناء على الصحيح من أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب كما سيأتي، فأشبهت "ليت" و"لعل" مثلًا، ألا ترى أنهما نائبتان عن "أتمنى" و"أترجى"، ولا يدخل عليهما عامل؟ والاحتراز بانتفاء التأثر عما ناب عن الفعل في العمل، ولكنه يتأثر بالعوامل: كالمصدر النائب عن فعله فإنه معرب لعدم كمال مشابهته للحرف "وَكَافْتِقَارٍ أُصِّلا" ويسمى الشبه الافتقاري، وهو: أن يفتقر الاسم إلى الجملة افتقارًا مؤصلًا -أي: لازمًا- كالحرف، كما في "إذ" و"إذا" و"حيث" والموصولات الاسمية. أما ما افتقر إلى مفرد كـ"سبحان"، أو إلى جملة لكن افتقارًا غير مؤصل -أي: غير لازم- كافتقار المضاف في نحو: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} 1 إلى الجملة بعده؛ فلا يبنى؛ لأن افتقار "يوم" إلى الجملة بعده ليس لذاته، وإنما هو لعارض كونه مضافًا إليها، والمضاف من حيث هو مضاف مفتقر إلى المضاف إليه، ألا ترى أن "يومًا" في غير هذا التركيب لا يفتقر إليها؟ نحو: هذا يوم مبارك، ومثله النكرة الموصوفة بالجملة، فإنها مفتقرة إليها لكن افتقارًا غير مؤصل، لأنه ليس لذات النكرة، وإنما هو لعارض كونها موصوفة بها، والموصوف من حيث هو موصوف مفتقر إلى صفته، وعند زوال عارض الموصوفية يزول الافتقار.
تنبيهان: الأول: إنما أعربت أي: الشرطية والاستفهامية والموصولة و"ذان" و"تان" و"اللذان" و"اللتان" لضعف الشبه بما عارضه في "أي" من لزوم الإضافة، وفي البواقي من وجود التثنية، وهما من خواص الأسماء، وإنما بنيت "أي" الموصولة وهي مضافة لفظًا إذا كان مصدر صلتها ضميرًا محذوفًا نحو:{ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} 2 قرئ بضم "أي" بناء وبنصبها؛ لأنها لما حذفت صدر صلتها نزل ما هي مضافة إليه منزلته، فصارت كأنها منقطعة عن الإضافة لفظًا ونية مع قيام موجب البناء؛ فمن لاحظ ذلك بنى، ومن لاحظ الحقيقة أعرب، فلو حذف ما تضاف إليه أعربت أيضًا؛ لقيام التنوين مقامه كما في "كل"، وزعم ابن الطراوة أن "أيهم" مقطوعة عن الإضافة، فلذلك بنيت، وأن "هم أشد"
1 المائدة: 119.
2 مريم: 69.
مبتدأ وخبر، ورد برسم المصحف الضمير متصلا، والإجماع على أنها إذا لم تضف كانت معربة، وإنما بنى "الذين" وإن كان الجمع من خواص الأسماء لأنه لم يجر على سنن الجموع؛ لأنه أخص من "الذي"، وشأن الجمع أن يكون أعم من مفرده، ومن أعربه نظر إلى مجرد الصورة، وقيل هو على هذه اللغة مبني جيء به على صورة المعرب، ومن أعرب "ذو" و"ذات" الطائيتين حملهما على "ذي" و"ذات" بمعنى: صاحب وصاحبة.
الثاني: عد في شرح الكافية من أنواع الشبه الشبه الإهمالي، ومثل له بفواتح السور، والمراد الأسماء مطلقا قبل التركيب، فإنها مبنية لشبهها بالحروف المهملة في كونها لا عاملة ولا معمولة، وذهب بعضهم إلى أنها موقوفة أي: لا معربة ولا مبنية، وبعضهم إلى أنها معربة حكما، ولأجل سكوته عن هذا النوع أشار إلى عدم الحصر فيما ذكره بكاف التشبيه:
18-
ومعرب الأسماء ما قد سلما
…
من شبه الحرف كأرض وسما
"وَمُعْرَبُ الأَسْمَاءِ مَا قَدْ سَلِمَا مِنْ شَبَهِ الْحَرْفِ" الشبه المذكور، وهذا على قسمين: صحيح يظهر إعرابه "كَأَرْض"، ومعتل يقدر إعرابه نحو:"سُمَا" بالقصر لغة في الاسم، وفيه عشر لغات منقولة عن العرب: اسم، وسم، وسما، مثلثة1، والعاشرة سماة، وقد جمعتها في قولي "من الرجز":
لغات الاسم قد حواها الحصر
…
في بيت شعر وهو هذا الشعر
اسم وحذف همزة والقصر
…
مثلثات مع سماة عشر
تنبيه: بدأ في الذكر بالمعرب لشرفه، وفي التعليل بالمبني لكون علته وجودية، وعلة المعرب عدمية، والاهتمام بالوجودي أولى من الاهتمام بالعدمي، وأيضا فلأن أفراد معلول علة البناء محصورة، بخلاف علة الإعراب، فقدم علة البناء ليبين أفراد معلولها.
"المعرب والمبني من الأفعال":
19-
وفعل أمر ومضي بنيا
…
وأعربوا مضارعا إن عريا
20-
من نون توكيد مباشر ومن
…
نون إناث كيرعن من فتن
1 أي بفتح السين وضمها وكسرها.
"وَفِعْلُ أَمْرٍ" وَفعل "مُضِي بُنِيَا" على الأصل في الأفعال: الأول على ما يجزم به مضارعه من سكون أو حذف، والثاني على الفتح: لفظا كضرب، أو تقديرا كرمي، وبني على الحركة لمشابهته المضارع في وقوعه صفة وصلة وخبرا وحالا وشرطا، وبني على الفتح لخفته. وأما نحو:"ضربت" و"انطلقنا" و"استبقن" فالسكون فيه عارض أوجبه كراهتهم توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة، لأن الفاعل كالجزء من فعله، وكذلك ضمة "ضربوا" عارضة أوجبها مناسبة الواو.
تنبيه: بناء الماضي مجمع عليه، وأما الأمر فذهب الكوفيون إلى أنه معرب مجزوم بلام الأمر مقدرة1، وهو عندهم مقتطع من المضارع، فأصل قم: لتقم؛ فحذفت اللام للتخفيف، وتبعها حرف المضارعة، قال في المغني: وبقولهم: أقول، لأن الأمر معنى فحقه أن يؤدى بالحرف، ولأنه أخو النهي، وقد دل عليه بالحرف، انتهى.
"وَأَعْرَبُوا مُضَارِعا" بطريق الحمل على الاسم؛ لمشابهته إياه: في الإبهام والتخصيص، وقبول لام الابتداء، والجريان على لفظ اسم الفاعل: في الحركات والسكنات، وعدد الحروف، وتعيين الحروف الأصول والزوائد. وقال الناظم في التسهيل: بجواز شبه ما وجب له، يعني من قبوله بصيغة واحدة معاني مختلفة لولا الإعراب لالتبست. وأشار بقوله:"بجواز" إلى أن سبب الإعراب واجب للاسم وجائز للمضارع؛ لأن الاسم ليس له ما يغنيه عن الإعراب، لأن معانيه مقصورة عليه، والمضارع يغنيه عن الإعراب وضع اسم مكانه، كما في نحو:"لا تعن بالجفاء وتمدح عمرا" فإنه يحتمل المعاني الثلاثة في: "لا تأكل السمك وتشرب اللبن"2، ويغني عن الإعراب في ذلك وضع الاسم مكان كل من المجزوم والمنصوب والمرفوع، فيقال:"لا تعن بالجفاء ومدح عمرو"، و"لا تعن بالجفاء مادحا عمرا"، و"لا تعن بالجفاء ولك مدح عمرو" ومن ثم كان الاسم أصلا والمضارع فرعا، خلافا للكوفيين؛ فإنهم ذهبوا إلى أن الإعراب أصل في الأفعال كما هو أصل في الأسماء، قالوا: لأن اللبس الذي أوجب الإعراب في نحو الأسماء موجود في الأفعال في بعض المواضع، كما في نحو:"لا تأكل السمك وتشرب اللبن" كما تقدم. وأجيب بأن اللبس في المضارع كان يمكن إزالته بغير الإعراب كما تقدم.
وإنما يعرب المضارع "إِنْ عَرِيَ مِنْ نُونِ تَوْكِيدٍ مُبَاشِرٍ" له، نحو: {لَيُسْجَنَنَّ
1 انظر المسألة الثانية والسبعين في الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين ص524-549.
2 إذا رفعت "تشرب" كان النهي محصورا في أكل السمك مع إباحة شرب اللبن، وإن نصبتها كان النهي منصبا على الجمع بينهما، أي أنك تستطيع أكل السمك في وقت ما وتشرب اللبن في وقت آخر؛ وإذا جزمت "تشرب" كان النهي متوجها إلى الاثنين معا سواء كانا في وقت واحد أم في وقتين مختلفين.
وَلَيَكُونَنْ} 1 "وَمِنْ نُونِ إِنَاثٍ كَيَرُعْنَ" من قولك: "النسوة يرعن" أي: يخفن "مَنْ فُتنْ" فإن لم يعر منهما لم يعرب؛ لمعارضة شبه الاسم بما هو من خصائص الأفعال، فرجع إلى أصله من البناء، فيبنى مع الأولى على الفتح لتركيبه معها تركيب خمسة عشر، ومع الثانية على السكون حملا على الماضي المتصل بها، لأنهما مستويان في أصالة السكون وعروض الحركة، كما قاله في شرح الكافية، والاحتراز بـ"المباشر" عن غير المباشر، وهو الذي فصل بين الفعل وبينه فاصل: ملفوظ به كألف الاثنين، أو مقدر كواو الجماعة وياء المخاطبة، نحو:"هل تضربان يا زيدان"، و"هل تضربن يا زيدون"، و"هل تضربن يا هند"، الأصل: تضربانن، وتضربونن، وتضربينن، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، ولم تحذف نون التوكيد لفوات المقصود منها بحذفها، ثم حذفت الواو والياء لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة والكسرة دليلا على المحذوف، ولم تحذف الألف لئلا يلتبس بفعل الواحد، وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه مستوفى، فهذا ونحوه معرب، والضابط أن ما كان رفعه بالضمة إذا أكد بالنون بني لتركبه معها، وما كان رفعه بالنون إذا أكد بالنون لم يبن لعدم تركبه معها، لأن العرب لم تركب ثلاثة أشياء.
تنبيه: ما ذكرناه من التفرقة بين المباشرة وغيرها هو المشهور والمنصور، وذهب الأخفش وطائفة إلى البناء مطلقا، وطائفة إلى الإعراب مطلقا، وأما نون الإناث فقال في شرح التسهيل: أن المتصل بها مبني بلا خلاف، وليس كما قال، فقد ذهب قوم -منهم ابن درستويه، وابن طلحة، والسهيلي- إلى أنه معرب بإعراب مقدر منع من ظهوره ما عرض فيه من الشبه بالماضي.
"بناء الحروف وسبب بنائها":
21-
وكل حرف مستحق للبنا
…
والأصل في المبني أن يسكنا
22-
ومنه ذو فتح وذو كسر وضم
…
كـ"أين""أمس""حيث" والساكن "كم"
"وَكُلُّ حَرفٍ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَا" الذي به الإجماع، إذ ليس فيه مقتضى الإعراب، لأنه لا يعتوره من المعاني ما يحتاج إلى الإعراب "وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنَيِّ" اسما كان أو فعلا أو حرفا "أَنْ يُسَكَّنَا" أي: السكون، لخفته وثقل الحركة، والمبني ثقيل، فلو حرك اجتمع ثقيلان "وَمِنْهُ" أي: من المبني ما حرك لعارض اقتضى تحريكه، والمحرك "ذُو فَتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَ" ذو
1 يوسف: 32.
"ضَمْ" فذو الفتح "كَأَيْنَ" و"ضرب" و"رب"، وذو الكسر، نحو:"أَمْسِ" و"جير"، وذو الضم نحو:"حَيْثُ" و"منذ""وَالْسَّاكِنُ"، نحو:"كَمْ" و"اضرب" و"هل"، فالبناء على السكون يكون في الاسم والفعل والحرف لكونه الأصل، وكذلك الفتح لكونه أخف الحركات وأقربها إلى السكون، وأما الضم والكسر فيكونان في الاسم والحرف، لا الفعل؛ لثقلهما وثقل الفعل. وبني "أين" لشبهه بالحرف في المعنى، وهو الهمزة إن كان استفهاما، و"إن" إن كان شرطا. وبني أمس عند الحجازيين لتضمنه معنى حرف التعريف؛ لأنه معرفة بغير أداة ظاهرة، وبني "حيث" للافتقار اللازم إلى جملة، وبني كم للشبه الوضعي، أو لتضمن الاستفهامية معنى الهمزة، والخبرية معنى "رب" التي للتكثير.
تنبيه: ما بني من الأسماء على السكون فيه سؤال واحد: لم بني؟ وما بني منها على الحركة فيه ثلاثة أسئلة: لم بني؟ ولم حرك؟ ولم كانت الحركة كذا؟ وما بني من الأفعال أو الحروف على السكون لا يسأل عنه، وما بني منهما على حركة فيه سؤالان: لم حرك؟ ولم كانت الحركة كذا؟
وأسباب البناء على الحركة خمسة، التقاء الساكنين كـ"أين"، وكون الكلمة على حرف واحد كبعض المضمرات، أو عرضة لأن يبتدأ بها كباء الجر، أو لها أصل في التمكن كأول، أو شابهت المعرب كالماضي فإنه أشبه المضارع في وقوعه صفة وصلة وحالا وخبرا كما تقدم.
وأسباب البناء على الفتح: طلب الخفة كـ"أين"، ومجاورة الألف كـ"أيان"، وكونها حركة الأصل نحو:"يا مضارَ" ترخيم "مضارٍّ"، اسم مفعول، والفرق بين معنيين بأداة واحدة، نحو:"يا لزيد لعمرو"، والإتباع نحو:"كيف"، بنيت على الفتح إتباعا لحركة الكاف؛ لأن الياء بينهما ساكنة، والساكن حاجز غير حصين.
وأسباب البناء على الكسر: التقاء الساكنين كـ"أمس"، ومجانسة العمل كباء الجر، والحمل على المقابل كلام الأمر: كسرت حملا على لام الجر؛ فإنها في الفعل نظيرتها في الاسم، والإشعار بالتأنيث، نحو:"أنت"، وكونها حركة الأصل، نحو:"يا مضارِ" ترخيم "مضارّ"، اسم فاعل، والفرق بين أداتين، كلام الجر: كسرت فرقا بينها وبين لام الابتداء في نحو: "لموسى عبد"، والإتباع نحو:"ذِهِ" و"تِهِ" -بالكسر- في الإشارة للمؤنثة.
وأسباب البناء على الضم: أن لا يكون للكلمة حال الإعراب، نحو: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ
قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} 1، بالضم ومشابهته الغايات، نحو:"يا زيد" فإنه أشبه "قبل" و"بعد"، قيل: من جهة أنه يكون متمكنا في حالة أخرى، وقيل: من جهة أنه لا تكون له الضمة حالة الإعراب، وقال السيرافي: من جهة أنه إذا نكر أو أضيف أعرب، ومن هذا "حيث" فإنها إنما ضمت لشبهها بـ"قبل" و"بعد"، من جهة أنها كانت مستحقة للإضافة إلى المفرد كسائر أخواتها فمنعت ذلك كما منعت "قبل" و"بعد" الإضافة، وكونها حركة الأصل، نحو:"يا تحاج" ترخيم "تحاجج"، مصدر "تحاج"، إذا سمي به، وكونه في الكلمة كالواو في نظيرتها، كـ"نحن"، ونظيرتها همو، وكونه في الكلمة مثله في نظيرتها، نحو:"اخشوا القوم" ونظيرتها "قُلُ ادْعُوا" 2 والإتباع: كمنذ.
وقد بان لك أن ألقاب البناء ضم وفتح وكسر وسكون، ويسمى أيضا وقفا.
وهذا شروع في ذكر ألقاب الإعراب، وهي أيضا أربعة: رفع، ونصب، وجر، وجزم، وعن المازني أن الجزم ليس بإعراب، فمن هذه الأربعة ما هو مشترك بين الأسماء والأفعال، وما هو مختص بقبيل منهما، وقد أشار إلى الأول بقوله:
23-
والرفع والنصب اجعلن إعرابا
…
لاسم وفعل نحو لن أهابا
24-
والاسم قد خصص بالجر كما
…
قد خصص الفعل بأن ينجزما
25-
فارفع بضم وانصبن فتحا وجر
…
كسرا كـ"ذكر الله عبده يسر"
26-
واجزم بتسكين وغير ما ذكر
…
ينوب نحو جا أخو بني نمر
"وَالْرَّفعَ وَالْنَّصْبَ اجْعَلَنْ إِعْرَابا لاِسْمٍ وَفِعْلٍ" فالاسم، نحو:"أن زيدا قائم"، والفعل "نَحْوُ": أقوم، و"لَنْ أَهَابَا" وإلى الثاني أشار بقوله:"والاِسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ" أي: فلا يوجد في الفعل. قال في التسهيل: لأن عامله لا يستقل فيحمل غيره عليه، بخلاف الرفع والنصب "كَما قَدْ خُصِّصَ الْفِعْلُ بِأَنْ يَنْجَزِمَا" أي: بالجزم؛ لكونه فيه حينئذٍ كالعوض من الجر، قاله في التسهيل.
واعلم أن الأصل في كل معرب أن يكون إعرابه بالحركات أو السكون، والأصل في
1 الروم: 4.
2 الأعراف: 195.
كل معرب بالحركات أن يكون رفعه بالضمة ونصبه بالفتحة وجره بالكسرة، وإلى ذلك الإشارة بقوله:"فَارفَعْ بِضَم، وَانْصِبَنْ فَتْحَا، وَجُرْ كَسْرا كَذِكْرُ اللَّهِ عَبْدَهُ يَسُرْ" فـ"ذكر": مبتدأ، وهو مرفوع بالضم، والاسم الكريم مضاف إليه، وهو مجرور بالكسر، و"عبده": مفعول به، وهو منصوب بالفتح. ثم أشار إلى ما بقي وهو الجزم بقوله:"واجزم بتسكين" نحو: لم يقم.
تنبيه: لا منافاة بين جعل هذه الأشياء إعرابا وجعلها علامات إعراب؛ إذ هي إعراب من حيث عموم كونها أثرا جلبه العامل، وعلامات إعراب من حيث الخصوص.
"وَغَيْرُ مَا ذُكِرْ" من الإعراب بالحركات والسكون مما سيأتي، فرع عما ذكر "يَنُوبُ" عنه، فينوب عن الضمة الواو والألف والنون، وعن الفتحة الألف والياء والكسرة وحذف النون، وَعن الكسرة الفتحة والياء، وعن السكون حذف الحرف: فللرفع أربع علامات، وللنصب خمس علامات، وللجر ثلاث علامات، وللجزم علامتان، فهذه أربع عشرة علامة: منها أربعة أصول، وعشرة فروع لها تنوب عنها.
فالإعراب بالفرع النائب "نَحْوَ جَا أخُو بَنِي نَمِرْ" فـ"أخو": فاعل، والواو فيه نائبة عن الضمة، و"بني": مضاف إليه، والياء فيه نائبة عن الكسرة، وعلى هذا الحذو.
واعلم أن النائب في الاسم إما حرف وإما حركة، وفي الفعل إما حرف وإما حذف، فنيابة الحرف عن الحركة في الاسم تكون في ثلاثة مواضع: الأسماء الستة، والمثنى، والمجموع على حده، فبدأ بالأسماء الستة لأنها أسماء مفردة، والمفرد سابق المثنى والمجموع، ولأن إعرابها على الأصل في الإعراب بالفرع من كل وجه، فقال:
"إعراب الأسماء الستة":
27-
وارفع بواو وانصبن بالألف
…
واجرر بياء ما من الأسما أصف
"وَارْفَعْ بِوَاو وانْصِبَنَّ بِالأَلِف وَاجْرُرْ بِيَاء" أي: نيابة عن الحركات الثلاث "مَا" أي: الذي "مِنَ الأَسْمَا أَصِفْ" لك بعد "مِنْ ذَاكَ" أي: من الذي أصفه لك.
28-
من ذاك "ذو" إن صحبة أبانا
…
والفم حيث الميم منه بانا
"ذُو إنْ صُحْبَةً أَبَانَا" أي: أظهر، لا ذو الموصولة الطائية، فإن الأشهر فيها البناء عند طيئ "وَالْفَمُ حَيْثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا" أي: انفصل، فإن لم ينفصل منه أعرب بالحركات الظاهرة عليها. وفيه حينئذٍ عشر لغات: نقصه، وقصره، وتضعيفه -مثلث الفاء فيهن1- والعاشرة إتباع فائه لميمه، وفصحاهن فتح فائه منقوصا.
29-
أب أخ حم كذاك وهن
…
والنقص في هذا الأخير أحسن
30-
وفي أب وتالييه يندر
…
وقصرها من نقصهن أشهر
و"أَبٌ" و"أَخٌ" و"حَمٌ كَذَاكَ" مما أصفه "وَهَنُ" وهي كلمة يكنى بها عن أسماء الأجناس، وقيل: عما يستقبح ذكره، وقيل: عن الفرج خاصة، فهذه الأسماء الستة تعرب بالواو رفعا، وبالألف نصبا، وبالياء جرا، وهذا الإعراب متعين في الأول منها -وهو ذو- ولهذا بدأ به، وفي الثاني منها -وهو الفم- في حالة عدم الميم، ولهذا ثنى به، وغير متعين في الثلاثة التي تليهما -وهي "أب"، و"أخ"، و"حم"- لكنه الأشهر والأحسن فيها "وَالْنَّقْصُ فِي هَذَا الأَخِيرِ" وهو "هن""أَحْسَنُ" من الإتمام، وهو الإعراب بالأحرف الثلاثة، ولذلك أخره. والنقص: أن تحذف لامه ويعرب بالحركات الظاهرة على العين، وهي النون، وفي الحديث: $ "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا" ، ولقلة الإتمام في "هن" أنكر الفراء جوازه، وهو محجوج بحكاية سيبويه الإتمام عند العرب، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ "وَفِي أَبٍ وَتَالِيَيْهِ" وهما "أخ" و"حم" "يَنْدُرُ" أي: يقل النقص، ومنه قوله "من الرجز":
15-
بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيٌّ فِي الكَرَمْ
…
ومن يُشَابِهْ أَبَهُ فَمَا ظَلَمْ
1 أي بفتحها وضمها وكسرها.
15-
التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص182؛ والدرر 1/ 106؛ وشرح التصريح 1/ 64؛ والمقاصد النحوية 1/ 129؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص57؛ وشرح ابن عقيل ص32؛ وهمع الهوامع 1/ 39. =
"وَقَصْرُهَا" أي: قصر "أب" و"أخ" و"حم""مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ""قصرها": مبتدأ، و"أشهر": خبره، ومن نقصهن: متعلق بأشهر، وهو من تقديم "من" على أفعل التفضيل، وهو قليل، كما ستعرفه. والمراد أن استعمال "أب" و"أخ" و"حم" مقصورة -أي: بالألف مطلقا- أكثر وأشهر من استعمالها منقوصة -أي: محذوفة اللامات- معربة على الأحرف الصحيحة بالحركات الظاهرة. ومن القصر قوله "من الرجز":
16-
إنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا
…
قَدْ بَلَغَا فِي الْمَجْدِ غَايَتَاهَا
= شرح المفردات: عدي: هو ابن حاتم الطائي. اقتدى: اتخذه قدوة. ما ظلم: أي لم يظلم أمه لأنه جاء على مثال أبيه.
المعنى: يقول: إن عديا سار على خطى أبيه في الجود والكرم، وليس هناك من هو أولى بهذا الشبه.
الإعراب: "بأبه": جار ومجرور متعلقان بـ"اقتدى"، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "اقتدى": فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة. "عدي": فاعل مرفوع بالضمة. "في الكرم": جار ومجرور متعلقان بـ"اقتدى". "ومن": الواو حرف استئناف، و"من": اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ. "يشابه": فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". "أبه": مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "فما": الفاء واقعة في جواب الشرط، و"ما": حرف نفي. "ظلم": فعل ماض مبني على الفتح، وجيء بالسكون مراعاة للروي، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هو".
وجملة: "اقتدى عدي" الفعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
وجملة "ومن يشابه
…
فما ظلم" الشرطية استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "يشابه" الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "فما ظلم" الفعلية في محل جزم جواب الشرط المقترن بالفاء.
الشاهد: قوله: "بأبه" و "يشابه أبه" حيث أعرب الشاعر هاتين اللفظين بالحركات، فجر الأولى بالكسرة الظاهرة، ونصب الثانية بالفتحة الظاهرة مع أنهما مضافتان إلى ضمير الغائب، وذلك على بعض لغات العرب، والأشهر الجر بالياء، والنصب بالألف.
16-
التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص168؛ وله أو لأبي النجم في الدرر 1/ 106؛ وشرح التصريح 1/ 65؛ وشرح شواهد المغني 1/ 127؛ والمقاصد النحوية 1/ 133، 3/ 636؛ وله أو لرجل من بني الحارث في خزانة الأدب 7/ 455؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص46؛ والإنصاف ص18؛ وأوضح المسالك 1/ 46؛ وتخليص الشواهد ص58؛ وخزانة الأدب 4/ 105، 7/ 1453؛ ورصف المباني 24، 236؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 705؛ وشرح شواهد المغني 2/ 585؛ وشرح ابن عقيل ص33؛ وشرح المفصل 1/ 53؛ ومغني اللبيب 1/ 38؛ وهمع الهوامع 1/ 39.
اللغة والمعنى: المجد: الرفعة والشرف. غايتها: أي منتهاها. والمقصود بالغايتين: الحسب والنسب.
يقول الشاعر: إن أبا هذه المرأة وجدها قد بلغا في المجد إلى الذروة. =
وفي المثل "مكره أخاك لا بطل"1؛ وحاصل ما ذكره أن في "أب" و"أخ" و"حم" ثلاث لغات: أشهرها الإعراب بالأحرف الثلاثة، والثانية أن تكون بالألف مطلقا، والثالثة أن تحذف منها الأحرف الثلاثة، وهذا نادر، وأن في هن لغتين: النقص وهو الأشهر، والإتمام وهو قليل؛ وزاد في التسهيل في "أب" التشديد، فيكون فيه أربع لغات؛ وفي "أخ" التشديد و"أخْوا" -بإسكان الخاء- فيكون فيه خمس لغات، وفي "حم":"حمْوا" كـ"قرْو"، وحمْأ كَقَرْء، وحمَأ كخطَأ فيكون فيه ست لغات.
تنبيه: مذهب سيبويه أن "ذو" بمعنى صاحب وزنها "فَعَلٌ" -بالتحريك- ولامها ياء، ومذهب الخليل أن وزنها "فعْل" -بالإسكان- ولامها واو، فهي من باب قوة، وأصله: ذوو، وقال ابن كيسان: تحتمل الوزنين جميعا. و"فوك": وزنه عند الخليل وسيبويه "فَعْل" -بفتح الفاء وسكون العين- وأصله: "فوْهٌ" لامه هاء، وذهب الفراء إلى أن وزنه "فُعْل"، بضم الفاء. و"أب" و"أخ" و"حم" و"هن": وزنها عند البصريين "فَعَل" -بالتحريك- ولاماتها واوات، بدليل تثنيتها بالواو، وذهب بعضهم إلى أن لام "حم" ياء من الحماية؛ لأن أحماء المرأة يحمونها، وهو مردود بقولهم في التثنية:"حموان"، وفي إحدى لغاته "حمْو"، وذهب الفراء إلى أن وزن "أب" و"أخ" و"حم": فَعْل، بالإسكان، ورد
= الإعراب: إن: حرف مشبه بالفعل. أباها: اسم "إن" منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف، و"ها" ضمير في محل جر بالإضافة. وأبا: الواو حرف عطف، أبا: معطوف على "أباها" منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. أباها: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر، وهو مضاف، والهاء: ضمير في محل جر بالإضافة. قد: حرف تحقيق. بلغا: فعل ماض مبني على الفتح، والألف: ضمير فاعل. في: حرف جر. المجد: اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بـ"بلغا". غايتاها: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر، وهو مضاف. و"ها" ضمير في محل جر بالإضافة. وجملة "إن أباها
…
" الاسمية لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية. وجملة "بلغا
…
" الفعلية في محل رفع خبر "إن".
وفي البيت شاهدان: أولهما قوله: "أبا أباها" حيث ألزم قوله "أبا"، وهو من الأسماء الستة الألف في حالة الجر على لغة، والأشهر القول:"أبا أبيها". وثانيهما قوله: "قد بلغا في المجد غايتاها" حيث ألزم المثنى الألف في جملة النصب، على لغة، والأشهر النصب بالياء.
1 ورد المثل في أمثال العرب ص112؛ وجمهرة الأمثال 2/ 213، 242؛ وخزانة الأدب 7/ 299؛ والعقد الفريد 3/ 130؛ والفاخر ص63؛ وكتاب الأمثال ص271؛ ولسان العرب 11/ 108 "جرل"؛ والمستقصى 2/ 347؛ ومجمع الأمثال 2/ 318؛ والوسيط في الأمثال ص156. والرواية في جميع هذه المصادر:"مكره أخوك لا بطل".
يضرب في حمل الرجل صاحبه على ما ليس من شأنه بالإكراه.
بسماع قصرها، وبجمعها على "أفعال". وأما "هن" فاستدل الشارح على أن أصله التحريك بقولهم: هَنة وهَنَوَات، وقد استدل بذلك بعض شراح الجزولية، واعترضه ابن إياز بأن فتحة النون في "هَنَة" يحتمل أن تكون لهاء التأنيث، وفي "هنوات" لكونه مثل "جفنات"، فتح لأجل جمعه بالألف والتاء، وإن كانت العين ساكنة في الواحدة، وقد حكى بعضهم في جمعه أهناء، فبه يستدل على أن وزنه "فَعَل" بالتحريك.
31-
وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا
…
لليا كجا أخو أبيك ذا اعتلا
"وَشَرْطُ ذَا الإعْرَابِ" بالأحرف الثلاثة في الكلمات الست "أَنْ يُضَفْنَ لَا لِلْيَا"، مع ما هن عليه من الإفراد والتكبير "كَجَا أَخُو أَبِيكَ ذَا اعْتِلَا" فكل واحد من هذه الأسماء مفرد، مكبر، مضاف، وإضافته لغير الياء، وقد احتوت هذه الأمثلة على أنواع غير الياء، فإن غير الياء: إما ظاهر أو مضمر؛ والظاهر إما معرفة أو نكرة، واحترز بالإضافة عما إذا لم تضف، فإنها تكون منقوصة معربة بالحركات الظاهرة، نحو:"جاء أب"، و"رأيت أخا"، و"مررت بحم". وكلها تفرد إلا "ذو" فإنها ملازمة للإضافة1. وإذا أفرد "فوك" عوض من عينه -وهي الواو- ميم، وقد تثبت الميم مع الإضافة، كقوله "من الرجز":
17-
يُصْبِحُ ظَمْآنَ وَفِي الْبَحْرِ فَمُهْ
ولا يختص بالضرورة، خلافا لأبي علي، لقوله صلى الله عليه وسلم: $" لَخُلُوفُ فمِ الصائم أطيبُ عند
1 تضاف ذو إلى أسماء الأجناس، نحو: ذو العقل، ذو الكرم، وقد جاء إضافتها إلى الضمير، وهو شاذ، لا يكون إلا في ضرورة شعرية، كقول كعب بن زهير "من الوافر":
صبحنا الخزرجية مرهفات
…
أبار ذوي أرومتها ذووها
17-
التخريج: الرجز لرؤبة في ديوانه ص159؛ والحيوان 3/ 265؛ وخزانة الأدب 4/ 451، 454، 460؛ والدرر 1/ 114؛ وشرح شواهد المغني 1/ 467؛ والمقاصد النحوية 1/ 139؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 64؛ وهمع الهوامع 1/ 40.
اللغة: ظمآن: عطشان.
الإعراب: يصبح: فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". ظمآن: خبر "يصبح" منصوب بالفتحة. وفي البحر: "الواو": حالية. "في البحر": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. فمه: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. =
الله من ريح المسك"، والاحتراز بقوله: "لا لليا" عما إذا أضيفت للياء، فإنها تعرب بحركات مقدرة كسائر الأسماء المضافة للياء. وكلها تضاف للياء إلا "ذو"، فإنها لا تضاف لمضمر، وإنما تضاف لاسم جنس ظاهر غير صفة، وما خالف ذلك فهو نادر. وبكونها مفردة عما إذا كانت مثناة أو مجموعة جمع سلامة، فإنها تعرب إعرابهما، وإن جمعت جمع تكسير أعربت بالحركات الظاهرة. وبكونها مكبرة عما إذا صغرت، فإنها تعرب أيضا بالحركات الظاهرة.
واعلم أن ما ذكره الناظم من أن إعراب هذه الأسماء بالأحرف هو مذهب طائفة من النحويين: منهم الزجاجي، وقطرب، والزيادي، من البصريين، وهشام من الكوفيين1، في أحد قوليه. قال في شرح التسهيل: وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف، ومذهب سيبويه والفارسي وجمهور البصريين أنها معربة بحركات مقدرة على الحروف وأتبع فيها ما قبل الآخر للآخر، فإذا قلت:"قام أبو زيد" فأصله: أبَوُ زيد، ثم أتبعت حركة الباء لحركة الواو فصار أبُوُ زيد، فاستثقلت الضمة على الواو فحذفت. وإذا قلت: رأيت أبا زيد، فأصله أبَوَ زيد، فقيل: تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، وقيل: ذهبت حركة الباء ثم حركت إتباعا لحركة الواو، ثم انقلبت الواو ألفا. قيل وهذا أولى ليتوافق النصب مع الرفع والجر في الإتباع، وإذا قلت: مررت بأبي زيد، فأصله بأبَو زيد، فأتبعت حركة الباء لحركة الواو فصار: بأبِو زيد، فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت كما حذفت الضمة، ثم قلبت الواو ياء؛ لسكونها بعد كسرة كما في نحو:"ميزان". وذكر في التسهيل أن هذا المذهب أصح، وهذان المذهبان من جملة عشرة مذاهب في إعراب هذه الأسماء، وهما أقواها.
تنبيه: إنما أعربت هذه الأسماء بالأحرف توطئة لإعراب المثنى والمجموع عَلَى حده بها؛ وذلك أنهم أرادوا أن يعربوا المثنى والمجموع بالأحرف للفرق بينهما وبين المفرد، فأعربوا بعض المفردات بها ليأنس بها الطبع، فإذا انتقل الإعراب بها إلى المثنى والمجموع لم ينفر منه لسابق الألفة وإنما اختيرت هذه الأسماء لأنها تشبه المثنى لفظا ومعنى: أما لفظا فلأنها لا تستعمل كذلك إلا مضافة، والمضاف مع المضاف إليه اثنان، وأما معنى فلاستلزام كل واحد منها آخر: فالأب يستلزم ابنا، والأخ يستلزم أخا، وكذا البواقي، وإنما اختيرت
= وجملة "يصبح ظمآن": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "في البحر فمه": في محل نصب حال.
الشاهد: قوله "فمه" حيث أثبت الميم في "فم" مع أنه أضيف إلى الضمير الغائب.
1 انظر المسألة الثانية في الإنصاف في مسائل الخلاف ص17-33.
هذه الأحرف لما بينها وبين الحركات الثلاث من المناسبة الظاهرة.
"إعراب المثنى":
32-
بالألف ارفع المثنى وكلا
…
إذا بمضمر مضافا وصلا
33-
كلتا كذلك اثنان واثنتان
…
كابنين وابنتين يجريان
34-
وتخلف اليا في جميعها الألف
…
جرا ونصبا بعد فتح قد ألف
"بِالأَلِفِ ارْفَعِ الْمُثَنَّى" نيابة عن الضمة. والمثنى: اسم ناب عن اثنين اتفقا في الوزن والحروف بزيادة أغنت عن العاطف والمعطوف؛ فـ"اسم ناب عن اثنين" يشمل المثنى الحقيقي كالزيدين، وغيره كالقمرين واثنين واثنتين، و"كلا" و"كلتا"، والألفاظ الموضوعة للاثنين كزوج وشفع، فخرج بالقيد الأول نحو:"العَمْرَين" في عمرٍو وعُمَرَ، وبالثاني نحو:"العُمَرَيْن" في أبي بكر وعمر، وبالثالث:"كلا" و"كلتا" و"اثنان" و"اثنتان" و"ثنتان"، إذ لم يسمع "كِل" ولا "كِلْت"، ولا "اثن" ولا "اثنة" ولا "ثنت" وأَما قوله "من الرجز":
18-
فِي كِلْتَ رِجْلَيْهَا سُلَامَى وَاحِدَهْ
…
"كلتاهما مقرونة بزائده"
فإنما أراد "كلتا" فحذف الألف للضرورة، فهذه المخرجات ملحقات بالمثنى في إعرابه وليست منه "وَكِلَا إذَا بِمُضْمَرٍ مُضَافا وُصِلا" الألف للإطلاق: أي: وارفع بالألف "كلا" إذا وصل بمضمر حال كونه مضافا إلى ذلك المضمر حملا على المثنى
18- التخريج: الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص288؛ وخزانة الأدب 1/ 129، 133؛ والدرر 1/ 120؛ ولسان العرب 15/ 229 "كلا"؛ واللمع في العربية ص172؛ والمقاصد النحوية 1/ 159؛ وهمع الهوامع 1/ 41.
اللغة: سلامى: واحدة السلاميات، وهي العظام التي تكون بين مفصلين من مفاصل الأصابع في اليد أو الرجل.
الإعراب: "في": حرف جر. "كلت": اسم مبني على الفتح في محل جر بـ"في" وهو مضاف، والجار والمجرور متعلقان بالخبر المحذوف. "رجليها": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف، و"ها" ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. "سلامى": مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. "واحده": صفة لـ"سلامى" مرفوعة. "كلتاهما": "كلتا" مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، وهو مضاف، "هما": ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. "مقرونة": خبر مرفوع بالضمة. "بزائدة": جار ومجرور متعلقان بـ"مقرونة".
والشاهد فيه قوله: "في كلت" حيث وردت مفردة، فدل على أن "كلتا" تثنية كما يرى الكوفيون.
الحقيقي و"كِلْتَا كَذَاكَ" أي: ككلا في ذلك، تقول:"جاءني الرجلان كلاهما، والمرأتان كلتاهما" فإن أضيفا إلى ظاهر أعربا بحركات مقدرة على الألف رفعا ونصبا وجرا، وبعضهم يعربهما إعراب المثنى في هذه الحالة أيضا، وبعضهم يعربهما إعراب المقصور مطلقا، ومنه قوله "من الكامل":
19-
نِعْمَ الفَتَى عَمَدَت إلَيْهَ مَطِيَّتي
…
في حِينِ جدَّ بنا المسِيرُ كِلانَا
"كلا وكلتا":
تنبيه: "كلا" و"كلتا" اسمان ملازمان للإضافة، ولفظهما مفرد، ومعناهما مثنى، ولذلك أجيز في ضميرهما اعتبار المعنى فيثنى، واعتبار اللفظ فيفرد، وقد اجتمعا في قوله "من البسيط":
20-
كلاهُمَا حِين جدَّ الجَريُ بَيْنَهُمَا
…
قَدْ أَقْلَعَا وكلَا أَنْفَيْهِمَا رَابي
19- التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
اللغة: عمدت: قصدت. المطية: الدابة التي تركب.
المعنى: يثني الشاعر على ممدوحه الذي توجه إليه على مطيته لجوده ووفرة عطائه.
الإعراب: نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة. الفتى: فاعل مرفوع. عمدت: فعل ماض، و"التاء": للتأنيث. إليه: جار ومجرور متعلقان بـ"عمدت". مطيتي: فاعل مرفوع، وهو مضاف و"الياء": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. في حين: جار ومجرور متعلقان بـ"عمدت"، ويجوز في "حين" البناء على الفتح في محل جر. جد: فعل ماض مبني على الفتحة. بنا: جار ومجرور متعلقان بـ"جد". المسير: فاعل مرفوع بالضمة. كلانا: توكيد لـ"نا" في "لنا" مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر، وهو مضاف، و"نا": ضمير مبني في محل جر بالإضافة.
وجملة "نعم الفتى": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "عمدت
…
": في محل رفع نعت "الفتى". وجملة "جد بنا المسير": في محل جر بالإضافة.
الشاهد: قوله: "كلانا" حيث عومل معاملة الاسم المقصور مع كونه متصلا بالضمير، فجره بكسرة مقدرة على الألف للتعذر، والأصل أن يقال:"كلينا" مجرور بالياء. وهذا دليل على أن بعض العرب يجعلون المثنى بالألف في جميع أحواله.
20-
التخريج: البيت للفرزدق في أسرار العربية ص287؛ وتخليص الشواهد ص66؛ والخصائص 3/ 314؛ والدرر 1/ 122؛ وشرح التصريح 2/ 43؛ وشرح شواهد المغني ص522؛ ونوادر أبي زيد ص162؛ ولم أقع عليه في ديوانه؛ وهو للفرزدق أو لجرير في لسان العرب 9/ 156؛ "سكف"؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 131، 4/ 299؛ والخصائص 2/ 421؛ وشرح شواهد الإيضاح ص171؛ وشرح المفصل 1/ 54؛ ومغني اللبيب ص204؛ وهمع الهوامع 1/ 41. =
إلا أَن اعتبار اللفظ أكثر، وبه جاء القرآن، قال تعالى:{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} 1 ولم يقل: آتتا، فلما كان لكلا وكلتا حظ من الإفراد وحظ من التثنية أجريا في إعرابهما مجرى المفرد تارة ومجرى المثنى تارة، وخص إجراؤهما مجرى المثنى بحالة الإضافة إلى المضمر؛ لأن الإعراب بالحروف فرع الإعراب بالحركات، والإضافة إلى المضمر فرع الإضافة إلى الظاهر لأن الظاهر أصل المضمر، فجعل الفرع من الفرع، والأصل مع الأصل؛ مراعاة للمناسبة.
"اثْنَانِ وَاثْنَتَانِ" -بالمثلثة- اسمان من أسماء التثنية، وليسا بمثنيين حقيقة، كما سبق "كَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ" -بالموحدة- اللذين هما مثنيان حقيقة "يَجْرِيَانِ" مطلقا: فيرفعان بالألف، ومثل اثنتين ثنتان2 في لغة تميم.
"وَتَخْلُفُ اليَا فِي" هذه الألفاظ "جَمِيعِهَا" أي: المثنى وما ألحق به "الأَلِفْ جَرًّا ونَصْبا بَعْدَ فَتْحٍ قَدْ أُلِفْ" اليا: فاعل "تخلف"، قصره للضرورة، والألف: مفعول به، وجرا ونصبا: نصب على الحال من المجرور بفي، أي: مجرورة ومنصوبة، وسبب فتح ما قبل الياء الإشعار بأنها خلف عن الألف، والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا.
= اللغة: كلاهما: يقصد بنت جرير وزوجها الأبلق. أقلعا: كفا عنه وتركاه. رابي: منتفخ.
المعنى: إن ابنة جرير وزوجها حينما جد الخطب تركاه، ويا لسوء منظرهما وأنفهما منتفخ قبيح.
الإعراب: "كلاهما": مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، وهما: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "حين": ظرف مبني على الفتح في محل نصب متعلق بـ"أقلعا". "جد": فعل ماض مبني على الفتح. "الجري" فاعل مرفوع بالضمة. "بينهما": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلف بالفعل "جد"، والضمير "هما" في محل جر بالإضافة. "قد أقلعا":"قد": حرف تحقيق، "أقلعا": فعل ماض مبني على الفتح، وألف الاثنين في محل رفع فاعل. "وكلا":"الواو" حالية، "كلا": مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى. "أنفيهما": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة، و"هما": ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. "رابي": خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة.
وجملة: "كلاهما قد أقلعا": ابتدائية لا محل لها. وجملة "قد أقلعا": في محل رفع خبر. وجملة "وكلا أنفيهما رابي" في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "كلاهما قد أقلعا" وقوله "وكلا أنفيهما رابي" فقد أعاد الضمير إلى "كلاهما" في العبارة الأولى مثنى، وذلك قوله:"أقلعا" مراعاة لمعنى "كلا". وأخبر عن "كلا" في العبارة الثانية بمفرد، وذلك في قوله "رابي" مراعاة للفظ "كلا" فدل ذلك على أنه يجوز مراعاة لفظ "كلا" ومراعاة معناها.
1 الكهف: 33.
2 وردت "ثنتان" في قول الراجز:
كأن خصييه من التدلدل
…
ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل
وحاصل ما قاله أن المثنى وما ألحق به يرفع بالألف، ويجر وينصب بالياء المفتوح ما قبلها.
تنبيهان: الأول: في المثنى وما ألحق به لغة أخرى، وهي لزوم الألف رفعا ونصبا وجرا؛ وهي لغة بني الحارث بن كعب وقبائل أخر، وأنكرها المبرد، وهو محجوج بنقل الأئمة، قال الشاعر "من الطويل":
21-
فَأَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاع وَلَوْ رَأَى
…
مَسَاغا لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّمَا
وجعل منه: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} 1، و$" لا وتران في ليلة".
الثاني: لو سمي بالمثنى ففي إعرابه وجهان: أحدهما إعرابه قبل التسمية، والثاني يجعل كعمران، فيلزم الألف ويمنع الصرف، وقيده في التسهيل بأن لا يجاوز سبعة أحرف،
21- التخريج البيت للمتلمس في ديوانه ص34؛ والحيوان 4/ 263؛ وخزانة الأدب 7/ 487؛ والمؤتلف والمختلف ص71؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص757؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 704؛ وشرح المفصل 3/ 128.
اللغة: أطرق: نكس رأسه وسكت عن الكلام. الشجاع: الحية العظيمة. المساغ: المكان السهل، وهو اسم مكان في "ساغ" إذا دخل ونفذ. صمم: عض.
المعنى: يقول: نكس رأسه في الأرض صامتا كما تفعل الحية العظيمة التي تثب على الفارس لتعضه كلما سنحت لها الظروف وتهيأ لها الأمر.
الإعراب: فأطرق: "الفاء": بحسب ما قبلها، "أطرق": فعل ماض مبني على الفتحة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". إطراق: مفعول مطلق منصوب بالفتحة، وهو مضاف: الشجاع: مضاف إليه مجرور بالكسرة. ولو: "الواو": حالية، "لو": حرف شرط غير جازم. رأى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. مساغا: مفعول به مقدم منصوب بالفتحة. لناباه: "اللام": حرف جر، "ناباه": اسم مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير في محل جر بالإضافة. الشجاع: فاعل "رأى" مرفوع بالضمة. لصمما: "اللام": واقعة في جواب "لو"، "صمما": فعل ماض مبني على الفتحة، والألف للإطلاق، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو".
وجملة "أطرق
…
": بحسب ما قبلها. وجملة "صمما": لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم.
الشاهد: قوله: "لناباه" حيث أجرى المثنى مجرى الاسم المقصور فجره بالكسرة مقدرة على ألألف بدلا من الياء. والأصل أن يقال: "لنابيه". وهذا دليل على أن بعض العرب يجعلون المثنى بالألف في جميع أحواله.
1 طه: 63.
فإن جاوزها كاشهيبابين لم يجز إعرابه بالحركات.
"إعراب جمع المذكر السالم":
35-
وارفع بواو وبيا اجرر وانصب
…
سالم جمع "عامر" و"مذنب"
"وَارْفَعْ بِوَاوٍ" نيابة عن الضمة، "وبِيَا اجْرُرْ وانْصِبِ" نيابة عن الكسرة والفتحة "سَالِمَ جَمْعِ عَامِرٍ" وجمع "مُذْنِبِ" وهما عامرون ومذنبون، ويسمى هذا الجمع جمع المذكر السالم؛ لسلامة بناء واحده، ويقال له: جمع السلامة لمذكر، والجمع على حد المثنى؛ لأن كلا منهما يعرب بحرف علة بعده نون تسقط للإضافة.
36-
وشبه ذين وبه عشرونا
…
وبابه ألحق والأهلونا
37-
أولو وعالمون عليونا
…
وأرضون شذ والسنونا
38-
وبابه ومثل حين قد يرد
…
ذا الباب وهو عند قوم يطرد
وأشار بقوله "وَشِبْهِ ذَيْنِ" إلى أن الذي يجمع هذا الجمع اسم وصفة:
فالاسم ما كان كعامر: علما، لمذكر، عاقل، خاليا من تاء التأنيث، ومن التركيب، ومن الإعراب بحرفين؛ فلا يجمع هذا الجمع ما كان من الأسماء غير علم، كرجل، أو علما لمؤنث، كزينب، أو لغير عاقل، كلاحق، علم فرس، أو فيه تاء التأنيث، كطلحة، أو التركيب المزجي، كمعد يكرب، وأجازه بعضهم، أو الإسنادي، كبرق نحره، بالاتفاق، أو الإعراب بحرفين، كالزيدين أو الزيدين علما.
والصفة ما كان كمذنب: صفة، لمذكر، عاقل، خالية من تاء التأنيث، ليست من باب أفعل فعلاء، ولا من باب فعلان فعلى، ولا مما يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث، فلا يجمع هذا الجمع ما كان من الصفات لمؤنث، كحائض، أو لمذكر غير عاقل، كسابق، صفة فرس، أو فيه تاء التأنيث، كعلامة ونسابة، أو كان من باب أفعل فعلاء، كأحمر، وشذ قوله "من الوافر":
22-
فَمَا وَجَدَتْ نِسَاءُ بَنِي تَمِيمٍ
…
حَلَائِلَ أَسْوَدِينَ وَأَحمرِينَ
22- التخريج: البيت للكميت بن زيد في ديوانه 2/ 116؛ والمقرب 2/ 50؛ وللحكيم الأعور بن =
أو من باب فعلان فعلى، كسكران؛ فإن مؤنثه سكرى، أو يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث، كصبور وجريح، فإنه يقال فيه: رجل صبور وجريح، وامرأة صبور وجريح.
تنبيهات: الأول: أجاز الكوفيون أن يجمع نحو "طلحة" هذا الجمع.
الثاني: يستثنى مما فيه التاء ما جعل علما من الثلاثي المعوض من فائه تاء التأنيث، نحو:"عدة" أو من لامه نحو "ثبة"؛ فإنه يجوز جمعه هذا الجمع.
الثالث: يقوم مقام الصفة التصغير؛ فنحو: "رجيل" يقال فيه: رجيلون.
الرابع: لم يشترط الكوفيون الشرط الأخير، مستدلين بقوله "من البسيط":
23-
مِنَّا الْذِي هُو مَا إن طَرَّ شاربُهُ
…
والْعَانسونَ وَمِنَّا الْمُرْدُ والشيبُ
= عياش الكلبي في خزانة الأدب 1/ 178؛ والدرر 1/ 132؛ وشرح شواهد الشافية ص143؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 8/ 18؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 171؛ وشرح المفصل 5/ 60؛ وهمع الهوامع 1/ 45.
اللغة: تميم: قبيلة. الحلائل: ج الحليل، وهو الزوج.
الإعراب: فما: "الفاء": بحسب ما قبلها، و"ما": نافية. وجدت: فعل ماض مبني على الفتح و"التاء": للتأنيث. نساء: فاعل مرفوع بالضمة، وهو مضاف. بني: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. تميم: مضاف إليه مجرور بالكسرة. حلائل: مفعول به منصوب بالفتحة. أسودين: نعت "حلائل" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم. وأحمرين: "الواو": حرف عطف، "أحمرين": معطوف على "أسودين" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم.
وجملة "ما وجدت
…
": بحسب ما قبلها.
الشاهد: قوله: "أسودين وأحمرين" حيث جمعهما جمع مذكر سالم مع كون مؤنثهما على وزن "فعلاء" إذ يجب أن يقال: "سود" و"حمر". وهذا شاذ عند جمهرة النحاة.
23-
التخريج: البيت لأبي قيس بن رفاعة في إصلاح المنطق ص341؛ ولسان العرب 6/ 149 "عنس"؛ ولأبي قيس بن رفاعة، أو لأبي قيس بن الأسلت في الدرر 1/ 131؛ وشرح شواهد المغني ص716؛ والمقاصد النحوية 1/ 167؛ وبلا نسبة في الأزهية ص97؛ وأمالي القالي 2/ 67؛ وسر صناعة الإعراب ص683؛ وهمع الهوامع 1/ 45.
اللغة: طر: طلع أو نبت. عانس: الآنسة المقيمة في أهلها على غير زواج. الأمرد: حان وقت ظهور شعر لحيته ولم يظهر. أشيب: صاحب الشعر الأبيض.
المعنى: إنا قوم شجعان، فينا من لم تنبت لحيته، والكهل، والرجل الذي لم يتزوج، وكلنا سواء في الشجاعة والإقدام. =
فالعانس: من الصفات المشتركة التي لا تقبل التاء عند قصد التأنيث؛ لأنها تقع للمذكر والمؤنث بلفظ واحد، ولا حجة لهم في البيت لشذوذه.
"وَبِهِ" أي: وبالجمع السالم المذكر "عِشْرُونَ وَبَابُهُ" إلى التسعين "ألحِقَ" في الإعراب بالحرفين، وليس بجمع وإلا لزم صحة انطلاق "ثلاثين" مثلاً على تسعة، و"عشرين" على ثلاثين، وهو باطل "وَ" ألحق به أيضا "الأهْلُونَا" لأنه وإن كان جمعا لأهل فأهل ليس بعلم ولا صفة، وألحق به "أُولُو" لأنه اسم جمع لا جمع "وَ" ألحق به أيضا "عَالَمُونَا" لأنه: إما أن لا يكون جمعا لعالم؛ لأنه أخص منه؛ إذ لا يقال إلا على العقلاء، والعالم يقال على كل ما سوى الله، ويجب كون الجمع أعم من مفرده، أو يكون جمعا له باعتبار تغليب من يعقل، فهو جمع لغير علم ولا صفة، وألحق به "عِلِّيونا" لأنه ليس بجمع، وإنما هو اسم لأعلى الجنة "وَأرَضُونَ" -بفتح الراء- جمع أرض -بسكونها- "شَذَّ" قياسا؛ لأنه جمع تكسير، ومفرده مؤنث بدليل "أريضة"، وغير عاقل، وكذلك "السنُونا" -بكسر السين- جمع سنة -بفتحها- "وَبَابُهُ" كذلك شذ قياسا، والمراد ببابه: كل كلمة ثلاثية حذفت لامها عوضت منها هاء التأنيث ولم تكسر، فهذا الباب اطرد فيه الجمع بالواو والنون رفعا، وبالياء والنون جرا ونصبا، نحو:"عضة وعضين"، و"عزة وعزين" و"أرة وأرين" و"ثبة وثبين" و"قلة وقلين" قال الله تعالى:{كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} 1، {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ
= الإعراب: منا: جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف. الذي اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. هو: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. ما إن طر: "ما": نافية، و"إن": زائدة، و"طر": فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة. شاربه: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والعانسون: "الواو": حرف عطف، و"العانسون": اسم معطوف على "الذي" مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. الواو: حرف عطف. منا: جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف. المرد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة. والشيب: "الواو": عاطفة، و"الشيب": اسم معطوف على المرد مرفوع بالضمة الظاهرة.
وجملة "منا الذي": ابتدائية لا محل لها. وجملة "هو طر شاربه": صلة موصول لا محل لها. وجملة "طر شاربه": في محل رفع خبر للمبتدأ هو. وجملة "ومنا المرد": معطوفة على "منا الذي" لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "ما إن" فقد وردت ما نافية وإن زائدة فيما رأى البعض أن ما مصدرية زمانية، كما وردت كلمة عانس لوصف الذكور جوازا، وجمعت جمعا مذكر سالما بالواو والنون على رأي الكوفيين.
1 المؤمنون: 112.
عِضِينَ} 1، {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} 2 وأصل سنة سنو أو سنة، لقولهم في الجمع: سنوات، وسنهات، وفي الفعل سانيت وسانهت، وأصل سانيت سانوت؛ قلبوا الواو ياء حين جاوزت -متطرفة- ثلاثة أحرف، وأصل عضة عضو من العضو واحد الأعضاء، أي: أن الكفار جعلوا القرآن أعضاء، أي: مفرقا، يقال: عضَّيته وعضوته تعضية، أي: فرقته تفرقة، قال ذو الرمة "من الرجز":
24-
وليسَ دِيْنُ اللَّهِ بالمعضَّى
أي: بالمفرق؛ لأنهم فرقوا أقاويلهم فيه، أو عضة، من العضه، وهو البهتان، والعضه أيضا: السحر في لغة قريش، قال الشاعر "من المتقارب":
25-
أَعُوذُ بِرَبي من النَّافِثَا
…
تِ في عُقَدِ العَاضِه المعضِه
1 الحجر: 91.
2 المعارج: 37.
24-
التخريج: الرجز لرؤبة في ديوانه ص81؛ وشرح التصريح 1/ 73.
اللغة والمعنى: المعضى: المجزأ أو المفرق.
أي: ليس دين الله بالمفرق.
الإعراب: وليس: الواو: حسب ما قبلها، ليس: فعل ماض ناقص. دين: اسم "ليس" مرفوع، وهو مضاف. الله: اسم الجلالة مضاف إليه مجرور بالكسرة. بالمعضى: الباء حرف جر زائدة، المعضى: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر "ليس".
والشاهد فيه قوله: "المعضى"، وهو اسم مفعول من "عضى" بمعنى: فرق.
25-
التخريج: البيت بلا نسبة في كتاب العين 1/ 99؛ وتاج العروس "عضه"؛ ولسان العرب 13/ 516 "عضه".
اللغة: أعوذ: ألجأ. النافثات: ج النافثة، وهي الساحرة. العقد: ج العقدة، وهي من عادة الساحر أن يأخذ خيطا فيقول كلاما، ثم يعقد عقدة وينفث فيها. العاضه: الساحر والكاذب.
المعنى: يقول: أعوذ بربي من أولئك السحرة الذين ينفثون في العقد كذبا وتخييلا.
الإعراب: أعوذ: فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنا". بربي: جار ومجرور متعلقان بـ"أعوذ"، وهو مضاف، و"الياء": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. من النافثات: جار ومجرور متعلقان بـ"أعوذ". في عقد: جار ومجرور متعلقان بـ"النافثات"، وهو مضاف. العاضه: مضاف إليه مجرور بالكسرة. المعضه: نعت "العاضه" مجرور بالكسرة.
وجملة "أعوذ بربي": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "العاضه المعضه" حيث وردا اسمي فاعلين: الأول من الثلاثي "عضه"، والثاني من =
وأصل عزة -وهي الفرقة من الناس- عزو، وأصل إرة -وهي موضع النار- إرى، وأصل ثبة -وهي الجماعة- ثبو، وقيل: ثبي، من ثبيت، أي: جمعت، والأول أقوى وعليه الأكثر، لأن ما حذف من اللامات أكثره واو، وأصل قلة -وهي عودان يلعب بها الصبيان- قلو.
ولا يجوز ذلك في نحو "تمرة" لعدم الحذف، وشذ "إضون" جمع إضاة كقناة، وهي الغدير، و"حرون" جمع حرة، و"إحرون" جمع إحرة، والإحرة والحرة: الأرض ذات الحجارة السود، و"إوزون" جمع إوزة، وهي البطة، ولا في نحو:"عدة" و"زنة" لأن المحذوف الفاء، وشذ "رقون" في جمع رقة، وهي الفضة، و"لدون" في جمع لدة، وهي التراب، و"حشون" في جمع حشة، وهي الأرض الموحشة، ولا في نحو:"يد" و"دم" لعدم التعويض، وشذ "أبون"، و"أخون" ولا في نحو "اسم"، و"أخت" لأن المعوض غير الهاء؛ إذ هو في الأول الهمزة، وفي الثاني التاء، وشذ "بنون" في جمع "ابن"، وهو مثل "اسم"، ولا في نحو:"شاة"، و"شفة"؛ لأنهما كسرا على "شياه" و"شفاه"، وشذ "ظبون" في جمع "ظبة"، وهي حد السهم والسيف، فإنهم كسروه على ظبي، بالضم، وأظب، ومع ذلك جمعوه على ظبين.
تنبيه: ما كان من باب سنة -مفتوح الفاء- كسرت فاؤه في الجمع، نحو:"سنين"، وما كان مكسور الفاء لم يغير في الجمع على الأفصح، نحو:"مئين" وحكي مئون وسنون وعزون -بالضم- وما كان مضموم الفاء ففيه وجهان: الكسر، والضم، نحو:"ثبين"، و"قلين".
"وَمِثْلَ حِينٍ قَدْ يَرِدْ ذَا الْبَابُ" فيكون معربا بالحركات الظاهرة على النون مع لزوم الياء كقوله "من الطويل":
26-
دَعَانِيَ مِنْ نَجدٍ فإِنَّ سِنِينَهُ
…
لَهبْنَ بِنَا شِينا وَشَيَّبْنَنَا مُرْدَا
= الرباعي "أعضه". وهما يدلان على أن لام الكلمة "هاء" وليست حرفا معتلا، وإلا لكان اسم الفاعل "عاضيا" و"معضيا".
26-
التخريج: البيت للصمة بن عبد الله القشيري في تخليص الشواهد ص71؛ وخزانة الأدب 8/ 58، 59، 61، 62، 76؛ وشرح التصريح 1/ 77؛ وشرح شواهد الإيضاح ص597؛ وشرح المفصل 5/ 11، 12، والمقاصد النحوية 1/ 169؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص157؛ وشرح ابن عقيل ص39؛
وفي الحديث: $ "اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف" في إحدى الروايتين "وَهْوَ" أي: مجيء الجمع مثل حين "عِنْدَ قَوْمٍ" من النحاة منهم الفراء "يَطَّرِدْ" في جمع المذكر السالم وما حمل عليه، وخرجوا عليه قوله "من الخفيف":
27-
رُبَّ حَي عَرندَسٍ ذِي طَلَال
…
لَا يَزَالونَ ضَارِبينَ القِباب
= ولسان العرب 3/ 413 "نجد"، 13/ 501 "سنه"؛ ومجالس ثعلب ص177، 320.
شرح المفردات: دعاني: اتركاني. نجد: اسم موضع. السنين: ج السنة، وهي العام. المرد: ج الأمرد، وهو الذي لم ينبت شعر بوجهه.
المعنى: يقول: اتركاني من ذكر نجد، لأن الأيام التي قضاها هناك شيبته رغم صغره، وذلك لكثرة ما لاقى من المآسي والأحزان.
الإعراب: "دعاني": فعل أمر مبني على حذف النون، والألف ضمير متصل في محل رفع فاعل، والنون: للوقاية، والياء في محل نصب مفعول به. "من نجد": جار ومجرور متعلقان بـ"دعاني". "فإن": الفاء استئنافية، "إن": حرف مشبه بالفعل. "سنينه": اسم "إن" منصوب، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "لعبن": فعل ماض مبني على السكون، والنون ضمير متصل في محل رفع فاعل.
"بنا": جار ومجرور متعلقان بـ"لعبن". "شيبا": حال منصوب. "وشيبننا": الواو حرف عطف، و"شيبننا" فعل ماض مبني على السكون. والنون: ضمير في محل رفع فاعل، و"نا": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. "مردا": حال منصوب.
وجملة: "دعاني
…
" ابتدائية لا محل لها من الإعراب، وجملة: "إن سنينه
…
" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "لعبن
…
" الفعلية في محل رفع خبر "إن". وجملة "شيبننا
…
" معطوفة على جملة "لعبن"، فهي مثلها في محل رفع.
الشاهد: قوله: "فإن سنينه" حيث نصب "سنين" بالفتحة على لغة بعض العرب. ولم يعاملها معاملة جمع المذكر السالم في رفعها بالواو، ونصبها وجرها بالياء.
27-
التخريج: البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص75؛ وخزانة الأدب 8/ 61؛ والدرر 1/ 136؛ وشرح التصريح 1/ 77؛ ومغني اللبيب ص643؛ والمقاصد النحوية 1/ 176؛ وهمع الهوامع 1/ 47.
شرح المفردات: العرندس: من الإبل الشديد، وهو أيضا: الأسد. وحي عرندس: أي منيع. الطلال: الحسن والجمال. القباب: ج القبة، وهي الخيمة.
المعنى: يقول: إنه حي عزيز الجانب، خصيب، لا يستطيع أحد أن يزحزحهم عنه لأنهم أشداء لا يهابون الموت.
الإعراب: "رب": حرف جر شبيه بالزائد. "حي": اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ. "عرندس": نعت "حي" مجرور لفظا، مرفوع محلا. "ذي": نعث ثان لـ"حي" مجرور لفظا بالياء لأنه من =
وقوله "من الوافر":
28-
"وماذا تبتغي الشعراء مني"
…
وَقَد جَاوَزْتُ حَدَّ الأرْبعين
= الأسماء الستة مرفوع محلا، وهو مضاف. "طلال": مضاف إليه مجرور بالكسرة "لا": حرف نفي "يزالون": فعل مضارع ناقص، و"الواو": ضمير متصل مبني في محل رفع اسم "لا يزالون". "ضاربين": خبر "لا يزالون" منصوب بالفتحة الظاهرة، وهو مضاف. "القباب": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة: "رب حي
…
لا يزالون
…
" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لا يزالون
…
" في محل رفع خبر المبتدأ "حي".
الشاهد: قوله: "ضاربين القباب" حيث نصب "ضاربين" بالفتحة الظاهرة على النون، وجعل هذه النون كالنون التي من أصل الكلمة وقبلها ياء في نحو "مجانين". ولو لم يعاملها هذه المعاملة لكان عليه أن يقول:"ضاربي القباب" لأن نون جمع المذكر السالم تحذف عند الإضافة. وخرج على أن الأصل: "ضاربين ضاربي القباب" فحذف "ضاربي" لدلالة "ضاربين" عليه. وخرج بوجه آخر "الدرر 1/ 137".
28-
التخريج: البيت لسحيم بن وثيل في إصلاح المنطق ص156؛ وتخليص الشواهد ص74؛ وتذكرة النحاة ص480؛ وخزانة الأدب 8/ 61، 62، 65، 67، 68؛ وحماسة البحتري ص13؛ والدرر 1/ 140؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 627؛ وشرح التصريح 1/ 77؛ وشرح ابن عقيل ص41؛ وشرح المفصل 5/ 11؛ ولسان العرب 3/ 513 "نجذ"، 8/ 99 "ربع"، 14/ 255 "دري"؛ والمقاصد النحوية 1/ 191؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 248؛ وجواهر الأدب ص155؛ والمقتضب 3/ 332؛ وهمع الهوامع 1/ 49.
المعنى: يقول: ماذا يريد الشعراء مني، وكيف يمنون أنفسهم في خديعتي وقد بلغت سن الأربعين، وهي سن الحنكة والتجربة والاختبار؟
الإعراب: "وماذا": الواو بحسب ما قبلها، "ماذا": اسم استفهام في محل نصب مفعول به مقدم لـ"تبتغي". أو "ما": اسم استفهام في محل رفع مبتدأ أو خبر مبتدأ مقدم، و"ذا": اسم موصول في محل رفع خبر المبتدأ "ما" أو مبتدأ مؤخر. "تبتغي": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. "الشعراء": فاعل مرفوع بالضمة، وتكون جملة "تبتغي" صلة الموصول تقديرها:"ما الذي تبتغيه الشعراء مني". "مني": جار ومجرور متعلقان بـ"تبتغي". "وقد": الواو: خالية، و"قد": حرف تحقيق. "جاوزت": فعل ماض مبني على السكون، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "حد": مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف. "الأربعين": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة "ماذا": الاسمية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تبتغي الشعراء" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، أو ابتدائية لا محل لها من الإعراب إذا أعربنا "ماذا" مفعول به. وجملة "وقد جاوزت" الفعلية في محل نصب حال.
الشاهد: قوله: "الأربعين" حيث أعرب بالحركات، فجر بالكسرة، ولم يعامل جمع المذكر السالم الذي هو الأكثر شيوعا. وقيل: إن كسرة النون، هنا، لغة من لغات العرب، وقيل: كسرت النون على ما هو الأصل في التخلص من التقاء الساكنين.
والصحيح أنه لا يطرد، بل يقتصر فيه على السماع.
تنبيهان: الأول: قد عرفت أن إعراب المثنى والمجموع على حده مخالف للقياس من وجهين: "الأول" من حيث الإعراب بالحروف، "والثاني" من حيث إن رفع المثنى ليس بالواو، ونصبه ليس بالألف، وكذا نصب المجموع.
أما العلة في مخالفتهما القياس في الوجه الأول فلأن المثنى والمجموع فرعان عن الآحاد، والإعراب بالحروف فرع عن الإعراب بالحركات، فجعل الفرع للفرع طلبا للمناسبة، وأيضا فقد أعرب بعض الآحاد -وهي الأسماء الستة- بالحروف، فلو لم يجعل إعرابهما بالحروف لزم أن يكون للفرع مزية على الأصل، ولأنهما لما كان في آخرهما حروف -وهي علامة التثنية والجمع- تصلح أن تكون إعرابا بقلب بعضها إلى بعض، فجعل إعرابهما بالحروف؛ لأن الإعراب بها بغير حركة أخف منها مع الحركة.
وأما العلة في مخالفتهما للقياس في الوجه الثاني فلأن حروف الإعراب ثلاثة، والإعراب ستة: ثلاثة للمثنى، وثلاثة للمجموع، فلو جعل إعرابهما بها على حد إعراب الأسماء الستة لالتبس المثنى بالمجموع في نحو:"رأيت زيداك"، ولو جعل إعراب أحدهما كذلك دون الآخر بقي الآخر بلا إعراب، فوزعت عليهما، وأعطي المثنى الألف لكونها مدلولا بها على التثنية مع الفعل: اسما في نحو: "اضربا"، وحرفا في نحو:"ضربا أخواك"، وأعطي المجموع الواو لكونها مدلولا بها على الجمعية في الفعل: اسما في نحو: "اضربوا"، وحرفا في نحو:"أكلوني البراغيث"، وجرا بالياء على الأصل، وحمل النصب على الجر فيهما، ولم يحمل على الرفع لمناسبة النصب للجر دون الرفع؛ لأن كلا منهما فضلة، ومن حيث المخرج؛ لأن الفتح من أقصى الحلق، والكسر من وسط الفم، والضم من الشفتين.
الثاني: ما أفهمه النظم وصرح به في شرح التسهيل من أن إعراب المثنى والمجموع على حده بالحروف، هو مذهب قطرب وطائفة من المتأخرين، ونسب إلى الزجاج والزجاجي، قيل: وهو مذهب الكوفيين، وذهب سيبويه ومن وافقه إلى أن إعرابهما بحركات مقدرة على الأحرف1.
1 انظر المسألة الثالثة في الإنصاف في مسائل الخلاف ص33-39.
"حركة نون جمع المذكر السالم واللغات فيها":
39-
ونون مجموع وما به التحق
…
فافتح وقل من بكسره نطق
40-
ونون ما ثني والملحق به
…
بعكس ذاك استعملوه فانتبه
"وَنُونَ مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ" في إعرابه "فَافْتَحْ" طلبا للخفة من ثقل الجمع، وفرقا بينه وبين نون المثنى "وَقَلَّ مَنْ بِكَسْرِهِ نَطَقْ" من العرب، قال في شرح التسهيل: يجوز أن يكون كسر نون الجمع وما ألحق به لغة، وجزم به في شرح الكافية، ومما ورد منه قوله "من الوافر":
29-
عَرَفْنَا جَعْفَرا وبنِي أبِيهِ
…
وأنكَرْنَا زعَانِفَ آخَرِينِ
وقوله:
وَقَدْ جَاوَزْتُ حدَّ الأربعينِ1
29- التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص429؛ والاشتقاق ص538؛ وتخليص الشواهد ص72؛ وتذكرة النحاة ص480؛ وخزانة الأدب 8/ 6، 9، والدرر 1/ 140؛ والمقاصد النحوية 1/ 187؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 79؛ وشرح ابن عقيل ص40.
شرح المفردات: جعفر: هو جعفر بن يربوع، بنو أبيه: أي إخوته. أنكرها: جهلنا. زعانف: ج زعنفة، وهي الأتباع والحواشي.
المعنى: يقول: عرفنا جعفرا وإخوانه وهم: عرين وعبيد وجهور
…
وعرفنا أنهم ليسوا منا، كما أنكرنا الأتباع والحواشي الآخرين الذين لا يفتخر بهم.
الإعراب: "عرفنا": فعل ماض مبني على السكون، و"نا": ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. "جعفرا": مفعول به منصوب بالفتحة. "وبني": الواو حرف عطف، "بني": معطوف على "جعفرا" منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. "أبيه": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "وأنكرنا": الواو حرف عطف، "أنكرنا": معطوف على "عرفنا" وتعرب إعرابها. "زعانف": مفعوب به منصوب بالفتحة. "آخرين": نعت "زعانف" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم.
وجملة "عرفنا
…
" الفعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أنكرنا
…
" معطوفة على الجملة السابقة.
الشاهد: قوله: "آخرين" حيث نصبه بالياء لأنه جمع مذكر سالم، وكسر النون بعدها على لغة بعضهم. ورأى بعضهم أن ذلك للضرورة الشعرية.
1 تقدم بالرقم 28.
"وَنُونُ مَا ثُنِّيَ والْمُلحَق بِهْ" وهو اثنان واثنتان وثنتان "بِعَكْسِ ذَاكَ" النون "اسْتَعْمَلُوهُ" فكسروه كثيرا على الأصل في التقاء الساكنين، وفتحوه قليلا بعد الياء "فَانْتَبِهْ" لذلك. وهذه اللغة حكاها الكسائي والفراء، كقوله "من الطويل":
30-
عَلَى أَحْوَذِيَّيْن اسْتَقَلَّتْ عَشِيَّةً
…
فَمَا هِيَ إلَاّ لَمْحَةٌ وتَغِيبُ
وقيل: لا تختص هذه اللغة بالياء، بل تكون مع الألف أيضا، وهو ظاهر كلام النظم، وبه صرح السيرافي، كقوله "من الرجز":
31-
أَعْرِفُ منهَا الجِيدَ وَالْعَيْنَانَا
…
وَمَنخِرَيْن أَشبهَا ظَبْيَانَا
وحكى الشيباني ضمها مع الألف، كقول بعض العرب:"هما خليلانُ".
30- التخريج: البيت لحميد بن ثور في ديوانه ص55؛ وخزانة الأدب 7/ 458؛ والدرر 1/ 137، وشرح المفصل 4/ 141؛ والمقاصد النحوية 1/ 177؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 63؛ وتخليص الشواهد ص79؛ وجواهر الأدب ص154؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 488؛ وشرح التحصيل 1/ 78؛ وشرح ابن عقيل ص42؛ ولسان العرب 3/ 486 "حوذ"؛ والمقرب 3/ 136؛ وهمع الهوامع 1/ 49.
شرح المفردات: الأحوذيان: مثنى الأحوذي، وهو الحاذق، أو الخفيف المشمر لأمر ما. استقلت: ارتفعت.
المعنى: يقول: إن القطاة قد طارت بجناحين سريعين، فما إن يقع عليها نظرك حتى تختفي وتغيب لشدة هذه السرعة.
الإعراب: "على أحوذيين": جار ومجرور متعلقان بـ"استقلت". "استقلت": فعل ماض مبني على الفتحة، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هي". "عشية": ظرف زمان منصوب متعلق بـ"استقل". "فما": الفاء حرف عطف، و"ما": حرف نفي. "هي": ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. "إلا": حرف حصر. "لمحة": خبر المبتدأ مرفوع بالضمة، "وتغيب": الواو حرف عطف، "تغيب": فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي".
الشاهد: قوله: "أحوذيين" حيث فتحت نون المثنى على لغة بعض العرب. وليس الفتح، هنا، ضرورة لأن الكسر يصح معه الوزن.
31-
التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانة ص187؛ ولرؤبة أو رجل من ضبة في الدرر 1/ 139؛ والمقاصد 1/ 184؛ ولرجل في نوادر أبي زيد ص15؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص80؛ وخزانة الأدب 7/ 452، 453، 456، 457؛ ورصف المباني ص24؛ وسر صناعة الإعراب 489، 705؛ وشرح التصريح 1/ 78؛ وشرح ابن عقيل ص42؛ وشرح المفصل 3/ 29، 4/ 64، 67، 143؛ وهمع الهوامع 1/ 49. =
وقوله "من الرجز":
32-
يا أَبَتَا أَرَّقَني القِذَّانُ
…
فالنومُ لا تألَفُهُ العَيْنَانُ
تنبيه: قيل: لحقت النون المثنى والمجموع عوضا عما فاتهما من الإعراب بالحركات ومن دخول التنوين، وحذفت مع الإضافة نظرا إلى التعويض بها عن التنوين، ولم تحذف مع
= شرح المفردات: الجيد: العنق. المنخر: ثقب الأنف. ظبيان: قيل اسم رجل، وقيل: مثنى "ظبي"، وهو الغزال، وهنا لا معنى له. والمرجح أن يكون اسم علم.
المعنى: يقول إنه عرف لها عنقا ضخما، وعينين غريبتين، ومنخرين يشبهان ظبيانا.
الإعراب: "أعرف": فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره "أنا". "منها": جار ومجرور متعلقان بـ"أعرف". الجيد: مفعول به منصوب. "والعينانا": الواو: حرف عطف، "العينانا" معطوف على "الجيد" منصوب بالفتحة، والألف للإطلاق. "ومنخرين": الواو حرف عطف، "منخرين": معطوف على "الجيد" منصوب بالياء لأنه مثنى. "أشبها": فعل ماض والألف ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. "ظبيانا": مفعول به.
وجملة: "أعرف
…
" الفعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب: وجملة: "أشبها ظبيانا" الفعلية في محل نصب نعت "منخرين".
الشاهد: قوله: "والعينانا" حيث فتح نون المثنى، ونصبه بفتحة مقدرة على الألف، وذلك على لغة بعض العرب.
32-
التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص186؛ وخزانة الأدب 1/ 92؛ وبلا نسبة في الدرر 1/ 142؛ وشرح التصريح 1/ 78؛ وهمع الهوامع 1/ 49.
اللغة: أرقني: سهرني. القذان: البراغيث.
الإعراب: يا: حرف نداء. أبتا: منادى منصوب بالفتحة المقدرة على الياء المقلوبة ألفا، وهو مضاف، و"الياء" المقلوبة ألفا ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أرقني: فعل ماض مبني على الفتحة، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير في محل نصب مفعول به. القذان: فاعل مرفوع بالضمة. فالنوم: "الفاء": للتفريع، "النوم": مبتدأ مرفوع بالضمة. لا: نافية. تألفه: فعل مضارع مرفوع بالضمة، و"الهاء": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. العينان: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر، و"النون": عوض عن التنوين في الاسم المفرد.
وجملة النداء ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أرقني القذان": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "النوم
…
": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تألفه": في محل رفع خبر المبتدأ.
الشاهد: قوله: "العينان" حيث رفع المثنى بالضمة المقدرة على الألف، وأجراه مجرى الاسم المقصور، والأصل أن يقال:"العينان""بكسر النون"، وهذا دليل أن بعض العرب يجعلون المثنى بالألف في جميع أحواله.
الألف واللام -وإن كان التنوين يحذف معهما- نظرًا إلى التعويض بها عن الحركة أيضًا.
وقيل: لحقت لدفع توهم الإضافة في نحو: "جاءني خليلان موسى وعيسى"، و"مررت ببنين كرام"، ودفع توهم الإفراد في نحو:"جاءني هذان"، و"مررت بالمهتدِينَ"، وكسرت مع المثنى على الأصل في التقاء الساكنين لأنه قبل الجمع، ثم خولف بالحركة في الجمع طلبًا للفرق، وجعلت فتحة طلبًا للخفة، وقد مر ذلك، وإنما لم يكتف بحركة ما قبل الياء فارقًا لتخلفه في نحو:"المصطفين".
ولما فرغ من بيان ما ناب فيه حرف عن حركة من الأسماء أخذ في بيان ما نابت فيه حركة عن حركة، وهو شيئان: ما جمع بألف وتاء، وما لا ينصرف، وبدأ بالأول لأن فيه حمل النصب على غيره، والثاني فيه حمل الجر على غيره، والأول أكثر فقال:
"إعراب جمع المؤنث السالم":
41-
وما بتا وألف قد جمعا
…
يكسر في الجر وفي النصب معا
"وَمَا بِتَا وَأَلِفٍ قَدْ جُمِعَا" الباء: متعلقة بجمع، أي: ما كان جمعًا بسبب ملابسته للألف والتاء، أي: كان لهما مدخل في الدلالة على جمعيته "يُكْسَرُ فِي الْجَرِّ وَفِي الْنَّصْبِ مَعا" كسر إعراب، خلافًا للأخفش في زعمه أنه مبني في حالة النصب، وهو فاسد؛ إذ لا موجب لبنائه، وإنما نصب بالكسرة مع تأتي الفتحة ليجري على سنن أصله، وهو جمع المذكر السالم، في حمل نصبه على جره، وجوز الكوفيون نصبه بالفتحة مطلقًا، وهشام فيما حذفت لامه، ومنه قول بعض العرب:"سمعت لغاتهم"، ومحل هذا القول ما لم يرد إليه المحذوف، فإن رد إليه نصب بالكسرة: كسنوات، وعضوات.
تنبيه: إنما لم يعبر بجمع المؤنث السالم كما عبر به غيره؛ ليتناول ما كان منه لمذكر كحمامات وسرادقات، وما لم يسلم فيه بناء الواحد، نحو: بنات وأخوات، ولا يرد عليه نحو أبيات وقضاة؛ لأن الألف والتاء فيهما لا دخل لهما في الدلالة على الجمعية.
42-
كذا أولات والذي اسما قد جعل
…
كأذرعات فيه ذا أيضا قبل
"كَذَا أُولَات" وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه، يعرب هذا الإعراب إلحاقًا له
بالجمع المذكور، قال تعالى:{وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} 1 "وَالَّذِي اسْما قَدْ جُعِلْ" من هذا الجمع "كَأَذْرِعَاتٍ" اسم قرية بالشام، وذاله معجمة، أصله جمع "أذرعة" التي هي جمع ذراع "فِيهِ ذَا" الإعراب "أَيْضا قُبِلَ" على اللغة الفصحى، ومن العرب من يمنعه التنوين ويجره وينصبه بالكسرة، ومنهم من يجعله كأرطاة علما، فلا ينونه، ويجره وينصبه بالفتحة، وإذا وقف عليه قلب التاء هاء؛ وقد روي بالأوجه الثلاثة قوله "من الطويل":
33-
تَنَوَّرتُها مِنْ أَذْرِعات وأَهلُها
…
بِيَثْرِبَ أدنَى دَارِهَا نَظَرٌ عالي
1 الطلاق: 6.
33-
التخريج: البيت لامرئ القيس في ديوانه ص31؛ وخزانة الأدب 1/ 56؛ والدرر 1/ 82؛ ورصف المباني ص345؛ وسر صناعة الإعراب ص467؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 219؛ وشرح التصريح 1/ 83؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1359؛ وشرح المفصل 1/ 47؛ والكتاب 3/ 233؛ والمقاصد النحوية 1/ 196؛ والمقتضب 3/ 333، 4/ 38؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص44؛ وشرح المفصل 9/ 34.
شرح المفردات: تنورتها: تبصرت نارها من بعيد. أذرعات: بلد في أطراف الشام. يثرب: اسم مدينة، وهي التي هاجر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد، فسميت المدينة المنورة. أدنى: أقرب. نظر عال: أي يحتاج إلى نظر بعيد.
المعنى: يتوهم الشاعر أنه نظر إلى النار المشبوبة في دار الحبيبة، وهو بعيد عنها يتحرق لرؤيتها، ويتمنى لقاءها.
الإعراب: "تنورتها": فعل ماض مبني على السكون، والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل، و"ها": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. "من أذرعات": جار ومجرور متعلقان بـ"تنورتها". "وأهلها": الواو حالية، "أهلها": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة، "بيثرب": جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ المحذوف تقديره: "موجودون". "أدنى": مبتدأ مرفوع وهو مضاف. "دارها": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "نظر": خبر المبتدأ مرفوع. "عال": نعت "نظر" مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة لأنه اسم منقوص.
وجملة: "تنورتها
…
" الفعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "وأهلها بيثرب" الاسمية في محل نصب حال. وجملة "أدنى دارها نظر" الاسمية استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "أذرعات" حيث يجوز فيه:
1-
الكسر مع التنوين، وذلك مراعاة لـ"أذرعات" قبل التسمية به، فهو جمع مؤنث سالم. وهذا الجمع يجر بالكسرة الظاهرة، وينون تنوين مقابلة لا تنوين تنكير.
2-
الكسر بلا تنوين، لأنه جمع بحسب أصله، وعلم لمؤنث بحسب حاله، فجر بالكسرة كما يجر =
والوجه الثالث ممنوع عند البصريين، جائز عند الكوفيين.
تنبيه: قد تقدم بيان حكم إعراب المثنى إذا سمي به، وأما المجموع على حده ففيه خمسة أوجه:
الأول: كإعرابه قبل التسمية به.
والثاني: أن يكون كغِسْلِينٍ، في لزوم الياء والإعراب بالحركات الثلاث على النون منونة.
والثالث: أن يجري مجرى عَرَبُونٍ، في لزوم الواو والإعراب بالحركات على النون منونة.
والرابع: أن يجري مجرى هَارُونَ، في لزوم الواو والإعراب على النون غير مصروف للعلمية وشبه المعجمة.
والخامس: أن تلزمه الواو وفتح النون، ذكره السيرافي، وهذه الأوجه مترتبة كل واحد منها دون ما قبله، وشرط جعله كغسلين وما بعده أن لا يتجاوز سبعة أحرف، فإن تجاوزها كاشهيبابين تعين الوجه الأول، قاله في التسهيل.
"إعراب الاسم الممنوع من الصرف":
43-
وجر بالفتحة ما لا ينصرف
…
ما لم يضف أو يك بعد "أل" ردف
"وَجُرَّ بِالْفَتْحَةِ" نيابة عن الكسرة "ما لَا يَنْصَرِفْ"، وهو ما فيه علتان من علل تسع كأحسن، أو واحدة منها تقوم مقامهما كمساجد وصحراء، كما سيأتي في بابه؛ لأنه شابه الفعل فثقل، فلم يدخله التنوين؛ لأنه علامة الأخف عليهم والأمكن عندهم، فامتنع الجر بالكسرة لمنع التنوين؛ لتآخيهما في اختصاصهما بالأسماء؛ ولتعاقبهما على معنى واحد في
= جمع المؤنث السالم، ومنع من التنوين كما يمنع العلم المؤنث.
3-
الفتح بغير تنوين لأنه علم مؤنث ممنوع من الصرف.
باب "راقودُ خلاًّ" و"راقودُ خلٍّ"1، فلما منعوه الكسرة عوّضوه منها الفتحة، نحو:{فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} 2 وهذا "مَا لَمْ يُضَفْ أَوْ يَكُ بَعْدَ "أَلْ" رَدِفْ" أي: تبع، فإن أضيف أو تبع "أل" ضعف شبه الفعل؛ فرجع إلى أصله من الجر بالكسرة، نحو:{فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} 3 ولا فرق في "أل" بين المعرَّفة كما مثل، والموصولة، نحو:{كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ} 4، وقوله "من الطويل":
34-
وَمَا أَنْتَ بِالْيَقْظَانِ نَاظِرُهُ إِذَا
…
نَسِيتَ بِمَنْ تَهواهُ ذِكْرَ العَواقِبِ
بناء على أن "أل" توصل بالصفة المشبهة، وفيه ما سيأتي، والزائدة كقوله "من الطويل":
35-
رَأَيْتُ الوليدَ بنَ الْيَزِيدِ مُبَارَكَا
…
"شديدا بأعباء الخلافة كاهله"
1 الراقود: إناء كبير عميق.
2 النساء: 86.
3 البقرة: 187.
4 هود: 24.
34-
التخريج: البيت بلا نسبة في المقاصد النحوية 1/ 215.
اللغة: اليقظان: الحذر والمنتبه. الناظر: هنا البصيرة. تهواه: تحبه. العواقب: ج العاقبة وهي النتيجة.
المعنى: يقول: لست بالرجل الحذر إذا كنت بسبب من تحب تنسى عواقب أعمالك وسير أحوالك.
الإعراب: وما: "الواو": بحسب ما قبلها، و"ما": نافية تعمل عمل "ليس"، أو نافية مهملة. أنت: ضمير منفصل مبني في محل رفع اسم "ما"، أو في محل رفع المبتدأ. باليقظان:"الباء": حرف جر زائد، و"اليقظان": اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر "ما" أو مرفوع محلا على أنه خبر المبتدأ. ناظره: فاعل لـ"يقظان" مرفوع بالضمة، وهو مضاف، و"الهاء": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. وقيل: إن خبر "ما" أو خبر المبتدأ هو "أل" في "اليقظان"، وهي بمعنى اسم الموصول "الذي". فالصفة المشبهة "يقظان" مع فاعلها صلته. إذا: ظرف يتضمن معنى الشرط متعلق بجوابه. نسيت: فعل ماض مبني على السكون، و"التاء": ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. بمن: جار ومجرور متعلقان بـ"نسيت". تهواه: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر، و"الهاء": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره "أنت". ذكر: مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف. العواقب: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة "ما أنت باليقظان": بحسب ما قبلها. وجملة "نسيت": في محل جر بالإضافة. وجملة "تهواه": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "باليقظان" حيث دخلت "أل" على الصفة المشبهة باسم الفاعل فجر بالكسرة مع وجود الوصفية وزيادة الألف والنون.
35-
التخريج: البيت لابن ميادة في ديوانه ص192؛ وخزانة الأدب 2/ 226؛ والدرر 1/ 87؛ =
ومثل أل "أم" في لغة طيئ، كقوله "من الطويل":
36-
أإِنْ شِمْتَ مِنْ نَجْدٍ بُرَيْقَا تَأَلَّقَا
…
تبيتُ بِلَيْلِ امْأَرْمَدِ اعتادَ أو لقَا
= وسر صناعة الإعراب 2/ 451؛ وشرح شواهد الشافية ص12؛ وشرح شواهد المغني 1/ 164؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد"؛ والمقاصد النحوية 1/ 218، 509؛ ولجرير في لسان العرب 8/ 393 "وسع"، وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 322؛ والأشباه والنظائر 1/ 23، 8/ 306، والإنصاف 1/ 317؛ وأوضح المسالك 1/ 73؛ وخزانة الأدب 7/ 247، 9/ 442؛ وشرح التصريح 1/ 153؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 36؛ ومغني اللبيب 1/ 52؛ وهمع الهوامع 1/ 24.
اللغة وشرح المفردات: الوليد بن يزيد: هو الخليفة الأموي الحادي عشر، خلف عمه هشام بن عبد الملك، وكان يجيد قول الشعر، ويحب شرب الخمر. الأعباء: ج العبء، وهو الحمل الثقيل. الكاهل: ما بين الكتفين.
المعنى: يقول: إنه رأى الوليد بن يزيد منعما وميمون الطائر، وقادرا على تحمل أعباء الخلافة.
الإعراب: رأيت: فعل ماض بمني على السكون، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. الوليد: مفعول به أول منصوب بالفتحة. بن: نعت "الوليد" منصوب بالفتحة، وهو مضاف. اليزيد: مضاف إليه مجرور بالكسرة. مباركا: مفعول به ثان لـ"رأى" منصوب بالفتحة الظاهرة، أو حال. شديدا: معطوف على "مباركا" بحرف عطف محذوف، أو حال ثانية إن عددنا الأولى حالا. بأعباء: الباء: حرف جر، "أعباء": اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بـ"شديدا"، وهو مضاف. الخلافة: مضاف إليه مجرور بالكسرة. كاهله: فاعل "شديدا" مرفوع بالضمة. وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.
وجملة: "رأيت الوليد
…
" ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "اليزيد" وهنا احتمالان:
أولهما أن الشاعر أدخل "أل" على "يزيد" للضرورة أو للمح الأصل، فتكون "أل" زائدة، والاسم ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، وإنما جر بالكسرة لدخول "أل" عليه.
وثانيهما أن الشاعر قصد تنكير "يزيد" قبل إدخال "أل" ككلمة "الرجل" ونحوه، ولهذا زالت علميته ولم يبق فيه سوى علة واحدة وهي وزن الفعل، فهو إذن ليس ممنوعا من الصرف، فلا يصح التمثيل به للممنوع من الصرف الذي يجر بالكسرة لدخول "أل" عليه.
36-
التخريج: البيت لبعض الطائيين في المقاصد النحوية 1/ 222؛ وبلا نسبة في الدرر 1/ 88؛ وهمع الهوامع 1/ 24.
اللغة: شمت: نظرت من بعيد. التألق: الوميض، واللمع. امرأمد: أي الأرمد، وهو الذي في عينه رمد أي وجع. أولقا: خبل، وشبه جنون.
المعنى: يقول: أتبيت قريح العين، مؤرق الجفنين كما أصيب بخبل أو جنون لأنك رأيت السحاب من بعيد آتيا من جهة نجد حيث يقطن الأحباب؟ =
تنبيهان: الأول: "ما" الأولى موصولة، والثانية حرفية، وهي ظرفية مصدرية، أي: مدة كونه غير مضاف ولا تابع لـ"أل".
الثاني: ظاهر كلامه أن ما لا ينصرف إذا أضيف أو تبع "أل" يكون باقيا على منعه من الصرف، هو اختيار جماعة، وذهب جماعة -منهم المبرد، والسيرافي، وابن السراج- إلى أنه يكون منصرفا مطلقا، وهو الأقوى، واختار الناظم في نكته على مقدمة ابن الحاجب أنه إذا زالت منه علة فمنصرف، نحو: بأحمدكم، وإن بقيت العلتان فلا، نحو: بأحسنكم.
ولما فرغ من مواضع النيابة في الاسم شرع في مواضعها في الفعل فقال:
"إعراب الأفعال الخمسة":
44-
واجعل لنحو "يفعلان" النونا
…
رفعا وتدعين وتسألونا
45-
وحذفها للجزم والنصب سمه
…
"كلم تكوني لترومي مظلمه"
"وَاجْعَلْ لِنَحْو يَفْعَلانِ" أي: من كل فعل مضارع اتصل به ألف اثنين اسما أو حرفا "النُّونا رَفْعَا" الأصل علامة رفع، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، يدل على ذلك ما بعده، والتقدير: اجعل النون علامة الرفع لنحو: يفعلان، "وَ" لنحو:"تَدْعِينَ" من كل مضارع اتصل به ياء المخاطبة "وَتَسْأَلُونَا" من كل مضارع اتصل به واو الجمع اسما أو حرفا؛ فالأمثلة خمسة على اللغتين، وهي: يفعلان، وتفعلان، وتفعلون،
= الإعراب: أأن: "الهمزة": للاستفهام، و"أن": حرف مصدري حذفت قبلها لام التعليل، أو شرطية جازمة، فعلها فعل ماض وجوابها فعل مضارع مرفوع. وعلى الشرط الثاني يجب كسر همزة "إن". شمت: فعل ماض مبني على السكون، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع فاعل. من نجد: جار ومجرور جار ومجرور متعلقان بـ"شمت". بريقا: مفعول به منصوب بالفتحة. تألقا: فعل ماض مبني على الفتحة، والألف للإطلاق. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". تبيت: فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:"أنت". بليل: جار ومجرور متعلقان بـ"تبيت"، وهو مضاف. امأرمد: مضاف إليه مجرور بالكسرة. اعتاد: فعل ماض مبني على الفتح، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هو". أولقا: مفعول به منصوب بالفتحة، والألف للإطلاق.
وجملة "أن": وما دخلت عليه في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف قياسا، والجار والمجرور متعلقان بـ"تبيت". وجملة "تألق": في محل نصب نعت "بريقا". وجملة "اعتاد": في محل نصب حال، أو في محل جر نعت "امأرمد"، لأن المحلى بـ"أل" الجنسية معرفة لفظا في قوة النكرة.
الشاهد: قوله: "امأرمد" حيث جر بالكسرة لدخول "أم" عليه التي هي بمثابة "أل" عند سائر العرب.
ويفعلون، وتفعلين، فهذه الأمثلة رفعها بثبات النون نيابة عن الضمة، "وَحَذْفُهَا" أي: النون "لِلْجَزْمِ وَالْنَّصْبِ سِمَهْ" أي: علامة، نيابة عن السكون في الأول، وعن الفتحة في الثاني "كَلَمْ تَكُونِي لِتَرُومِي مَظْلَمَهْ" الأصل تكونين وترومين، فحذفت النون للجازم في الأول وهو "لم"، وللناصب في الثاني وهو "أن" المضمرة بعد لام الجحود.
تنبيهان: الأول: قدم الحذف للجزم لأنه الأصل، والحذف للنصب محمول عليه، وهذا مذهب الجمهور، وذهب بعضهم إلى أن إعراب هذه الأمثلة بحركات مقدرة على لام الفعل.
الثاني: إنما ثبتت النون مع الناصب في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} 1 لأنه ليس من هذه الأمثلة؛ إذ الواو فيه لام الفعل، والنون ضمير النسوة، والفعل معها مبني، مثل:{يَتَرَبَّصْنَ} 2 ووزنه: يفعلن، بخلاف "الرجال يعفون"؛ فإنه من هذه الأمثلة؛ إذ واوه ضمير الفاعل، ونونه علامة الرفع تحذف للجازم والناصب، نحو:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} 3، ووزنه: تفعوا، وأصله تعفووا.
ولما فرغ من بيان إعراب الصحيح من القبيلين شرع في بيان إعراب المعتل منهما، وبدأ بالاسم فقال:
"إعراب المقصور والمنقوص من الأسماء ولغات العرب فيهما":
46-
وسم معتلا من الأسماء ما
…
كالمصطفى والمرتقي مكارما
47-
فالأول الإعراب فيه قدرا
…
جميعه وهو الذي قد قصرا
48-
والثان منقوص، ونصبه ظهر
…
ورفعه ينوى كذا أيضا يجر
"وَسَمِّ مُعْتَلاًّ مِنَ الأَسْمَاءِ مَا" أي: الاسم المعرب الذي حرف إعرابه ألف لينة لازمة "كَالْمُصْطَفَى" وموسى والعصا، أو ياء لازمة قبلها كسرة: كالداعي "وَالْمُرْتَقِي مَكَارِمَا".
1 البقرة: 237.
2 البقرة: 228.
3 البقرة: 237.
تنبيه: إنما سمي كل من هذين الاسمين معتلا لأن آخره حرف علة، أو لأن الأول يعل آخره بالقلب: إما عن ياء، نحو: الفتى، أو عن واو، نحو: المصطفى، والثاني يعل آخره بالحذف؛ فخرج بالمعرب نحو: متى والذي، وبذكر الألف في الأول المنقوص، نحو: المرتقي، وبذكر اللينة المهموز، نحو: الخطأ، وبذكر الياء في الثاني المقصور، نحو: الفتى، وبذكر اللزوم فيهما نحو:"رأيت أخاك"، و"جاء الزيدان" في الأول، و"مررت بأخيك وغلاميك وبنيك" في الثاني، وباشتراط الكسرة قبل الياء نحو: ظبي وكرسي.
"فَالأَوَّلُ" وهو ما كان كالمصطفى "الإِعْرَابُ فِيهِ قُدِّرَا جَمِيْعُهُ" على الألف؛ لتعذر تحريكها "وَهْوَ الَّذِي قَدْ قُصِرَا" أي: سمي مقصورا، والقصر: الحبس، ومنه:{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} 1، أي: محبوسات على بعولتهن، وسمي بذلك؛ لأنه محبوس عن المدّ، أو عن ظهور الإعراب؛ "وَالْثَّانِ" وهو ما كان كالمرتقي "مَنْقُوصٌ" سمي بذلك لحذف لامه للتنوين، أو لأنه نقص منه ظهور بعض الحركات، "وَنَصْبُهُ ظَهَرْ" على الياء لخفته، نحو:"رأيت المرتقي" و"مرتقياه" و {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} 2، {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} 3، "وَرَفْعُهُ يُنْوَى" على الياء ولا يظهر، نحو:{يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} 4، {لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} 5. فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الياء الموجودة أو المحذوفة، و"كَذَا أَيْضا يُجَرْ" بكسر منوي، نحو: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} 6، و {أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ} 7، وإنما لم يظهر الرفع والجر استثقالا، لا تعذرا، لإمكانهما، قال جرير "من الطويل":
37-
فَيَوْما يُوافِينَ الْهَوَى غيرَ مَاضِي
…
"ويوما ترى منهن غولا تغول"
1 الرحمن: 72.
2 الأحقاف: 31.
3 الأحزاب: 46.
4 القمر: 6.
5 الرعد: 7.
6 البقرة: 186.
7 الشعراء: 225.
37-
التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص140؛ وخزانة الأدب 8/ 358؛ والخصائص 3/ 159؛ وشرح المفصل 10/ 101؛ والكتاب 3/ 314؛ ولسان العرب 11/ 507 "غول"، 15/ 283 "مضى"؛ والمقاصد النحوية 1/ 227؛ والمقتضب 1/ 114؛ والمنصف 2/ 114؛ ونوادر أبي زيد ص203؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 10/ 104؛ والمقتضب 3/ 354؛ والممتع في التصريف 2/ 556؛ والمنصف 2/ 80.
اللغة: يوافين: يقبلن. غير ماض: غير نافذ. الغول: كل ما يغتال الإنسان أو يهلكه، وقد وصفه العرب بصفات غريبة ولا يعرفونه. تغول: أي تتغول. وتغولت الغول: تلونت. =
وقال الآخر "من الطويل":
38-
لَعَمْرُكَ مَا تَدري متى أنتَ جَائِيٌ
…
وَلَكنَّ أَقصَى مُدَّةِ العُمْرِ عَاجِلُ
= المعنى: يقول مصورا شأنه مع الأحبة: إنهن يقبلن عليه ويعدنه بالوصال فيخلفن ويبتعدن عنه، أي إنهن يتلون في معاملته.
الإعراب: فيوما: "الفاء": بحسب ما قبلها، "يوما": ظرف منصوب متعلق بـ"يوافين". يوافين: فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، و"النون": ضمير في محل رفع فاعل. الهوى: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة. غير: نعت لمنعوت محذوف، أو مفعول به ثان منصوب بالفتحة، وهو مضاف. ماض: مضاف إليه مجرور بالكسرة. ويوما: "الواو" حرف عطف، "يوما": ظرف زمان منصوب متعلق بـ"ترى". ترى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره "أنت". منهن: جار ومجرور متعلقان بـ"ترى". غولا: مفعول به منصوب بالفتحة. تغول: فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:"هي".
وجملة "يوافين": في محل جر بالإضافة. وجملة "ترى": في محل جر بالإضافة. وجملة "تغول": في محل نصب نعت "غولا"، أو في محل نصب مفعول به ثان إن جعلت "ترى" علمية.
الشاهد: قوله: "غير ماضي" حيث جر الاسم المنقوص "ماضي" بكسرة ظاهرة، والقياس أن يحذفها.
38-
التخريج: البيت بلا نسبة في تذكرة النحاة ص637.
اللغة: تدري: تعلم. عاجل: قريب.
المعنى: إنك يا صاحبي لا تدري متى سيحين أجلك فكل ذلك قد قدر في كتاب، ولكن ما نحن واثقون منه أن عمر الإنسان محدود والموت قريب.
الإعراب: "لعمرك": "اللام": حرف للقسم، "عمر": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"الكاف": ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وخبره محذوف تقديره: قسمي. "ما تدري": "ما": نافية لا عمل لها، "تدري": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. "متى": اسم استفهام مبني في محل نصب ظرف زمان متعلق بـ"جائي". "أنت": مبتدأ مرفوع بالضمة. "جائي": خبر مرفوع بالضمة. "ولكن": "الواو": استئنافية، "لكن": حرف مشبه بالفعل. "أقصى" اسم لكن منصوب بالفتحة المقدرة على الألف وهو مضاف. "مدة": مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف "العمر": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "عاجل": خبر لكن مرفوع بالضمة.
وجملة "إنك لا تدري": بحسب ما قبلها. وجملة "لا تدري" استئنافية لا محل لها. وجملة "متى الموت جائي": في محل نصب سدت مسد مفعولي "تدري". وجملة "لكن أقصى
…
": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "جائي" جاءت الرواية هنا لتدل على إمكانية رفعه بالضمة الظاهرة على الياء، والقياس حذفها.
تنبيه: من العرب من يسكن الياء في النصب أيضا، قال الشاعر "من الطويل":
39-
ولوْ أَنَّ واشٍ بِاليَمَامَةِ دَارُهُ
…
وَدَارِي بأعْلَى حَضْرَمَوْتَ اهْتَدَى لِيَا
قال أبو العباس المبرد: وهو من أحسن ضرورات الشعر؛ لأنه حمل حالة النصب على حالتي الرفع والجر.
"إعراب المعتل من الأفعال":
49-
وأي فعل آخر منه ألف
…
أو واو أو ياء فمعتلا عرف
39- التخريج: البيت للمجنون في ديوانه ص233؛ وخزانة الأدب 10/ 484؛ وشرح شواهد الشافية ص71، 405، وشرح شواهد المغني 2/ 698؛ وبلا نسبة في بغية الوعاة 1/ 289؛ والدر 1/ 166؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 177، 3/ 183؛ وشرح المفصل 6/ 51؛ وهمع الهوامع 1/ 53.
المعنى: لحظي السيئ فإن كل وشاة العرب يتقصدون الإيقاع بيني وبين ليلى، ولا أدري لماذا؟
الإعراب: ولو أن واش: "الواو": سحب ما قبلها، و"لو": حرف امتناع لامتناع، و"أن": حرف مشبه بالفعل، و"واش" اسمها منصوب بالفتحة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة شذوذا لعلة تنوين المنقوص. باليمامة: جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف. داره: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. وداري: "الواو": حالية، و"داري": مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء لاشتغال المحل بالحركة المناسبة و"الياء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة، و"دار": مضاف. بأعلى: جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف، و"أعلى": مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف لأنه على وزن أفعل. حضرموت: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه مركب مزجي ممنوع من الصرف. اهتدى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر و"الفاعل": ضمير مستتر جوازا تقديره هو. ليا: جار ومجرور متعلقان بالفعل اهتدى، و"الألف": للإطلاق.
وجملة "لو أن واش اهتدى": ابتدائية لا محل لها. وجملة "باليمامة داره": في محل نصب صفة لاسم "إن" والخبر محذوف والتقدير: "قصدني". وجملة "داري بأعلى حضرموت" حالية محلها النصب. وجملة "اهتدى ليا": جواب شرط غير جازم لا محل لها. والمصدر المؤول من "أن واش
…
" في محل رفع فاعل لفعل محذوف بعد لو وجملته فعل الشرط لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "لو أن واش" فقد نون اسمها بالكسر والصواب التنوين فتحا والتقدير "لو أن واشيا".
"وَأَيُّ فِعْلٍ" كان "آخِرٌ مِنْهُ أَلِفْ" نحو: يخشى "أَوْ وَاوٌ" نحو: يدعو "أَوْ يَاءٌ" نحو: يرمي "فَمُعْتَلا عُرِفْ" أي: شرط، وهو مبتدأ مضاف، و"فعل" مضاف إليه، وكان بعده مقدرة، و"هي" إما شأنية، و"آخر منه ألف" جملة من مبتدأ وخبر خبرها مفسرة للضمير المستتر فيها، أو ناقصة، وآخر اسمها، و"ألف" خبرها، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة، و"عرف" جواب الشرط، وفيه ضمير مستكن نائب عن الفاعل عائد على "فعل" وخبر المبتدأ جملة الشرط، وقيل: هي وجملة الجواب معا، وقيل: جملة الجواب فقط، و"معتلا" حال منه مقدم على عامله؛ والمعنى: أي فعل كان آخره حرفا من الأحرف المذكورة فإنه يسمى معتلا.
50-
فالألف انو فيه غير الجزم
…
وأبد نصب ما كيدعو يرمي
51-
والرفع فيهما انو واحذف جازما
…
ثلاثهن تقض حكما لازما
"فَالأَلِفَ انْوِ فِيهِ غَيْرَ الْجَزْمِ" وهو الرفع والنصب، نحو:"زيد يسعى"، "ولن يخشى" لتعذر الحركة على الألف، والألف: نصب بفعل مضمر يفسره الفعل الذي بعده "وَأَبْدِ" أي: أظهر "نَصْبَ مَا" آخره واو "كَيَدْعُو" أو ياء نحو: "يَرْمِي" لخفة النصب، وأما قوله "من الطويل":
40-
"وما سودتني عامر عن وارثة"
…
أَبَى اللَّهُ أَنْ أَسْمُو بأُم ولَا أَبِ
40- التخريج: البيت لعامر بن الطفيل في الحيوان 2/ 95؛ وخزانة الأدب 8/ 343، 344، 345، 348؛ وشرح شواهد الشافية ص404؛ وشرح شواهد المغني ص953؛ وشرح المفصل 10/ 101؛ والشعر والشعراء ص343؛ ولسان العرب 11/ 593 "كلل"؛ والمقاصد النحوية 1/ 242؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 185؛ والخصائص 2/ 242؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 183؛ والمحتسب 1/ 127.
اللغة: سودتنى: جعلتني سيدا. سمى: ارتفع.
المعنى: لم أصل إلى المجد بالوراثة عن آبائي وجدودي بل بما زدت عليهم من سعيي في طلب مكارم الأخلاق والفروسية.
الإعراب: وما: "الواو": حسب ما قبلها، و"ما": نافية. سودتني: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به و"التاء": للتأنيث. عامر: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. عن وراثة: جار ومجرور متعلقان بالفعل "سودتني". أبى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. الله: لفظ الجلالة، فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. أن أسمو:"أن": =
وقوله "من البسيط":
41-
مَا أَقْدَرَ اللَّهُ أَنْ يُدْنِي عَلَى شَحَطٍ
…
مَنْ دارُهُ الْحَزْنُ مِمَّنْ دارُهُ صُولُ
فضرورة.
"وَالرَّفْعَ فِيهِمَا أي: الواوي واليائي "انْوِ" لثقله عليهما "وَاحْذِفْ جَازِمَا ثَلَاثَهُنَّ" وأبق
= حرف ناصب، "أسمو": فعل مضارع منصوب بالفتحة المقدرة على الواو لضرورة الشعر، و"الفاعل": ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا. بأم: جار ومجرور متعلقان بالفعل أسمو. ولا أب: "الواو": عاطفة، "لا": زائدة نافية و"أب": اسم معطوف على أم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
وجملة "وما سودتني": بحسب الواو. وجملة "أبى الله": استئنافية لا محل لها. والمصدر المؤول من "أن أسمو" في محل نصب مفعول به للفعل "أبى". وجملة "أسمو" صلة الموصول الحرفي لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "أن أسمو" حيث لم يظهر الفتحة على الواو للضرورة الشعرية.
41-
التخريج: البيت لحندج بن حندج المري في الدرر 6/ 266؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص183؛ ومعجم البلدان 3/ 435 "صول"؛ والمقاصد النحوية 1/ 238؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 164؛ وهمع الهوامع 2/ 167.
اللغة يدني: يقرب. على شحط: على بعد. الحزن: موضع، وكذلك صول.
المعنى: يقول إن الله -جل وعز- قادر على تقريب البعيد، فبقدرته يقترب الذي داره في "الحزن" من الذي داره في "صول".
الإعراب: "ما": نكرة تامة بمعنى شيء في محل رفع مبتدأ. "أقدر": فعل ماضي مبني على الفتح، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هو". "الله": لفظ الجلالة مفعول به منصوب لفظا بالفتحة، مرفوع معنى على أنه الفاعل. "أن": حرف مصدري ناصب. "يدني": فعل مضارع منصوب بالفتحة المقدرة على الياء، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هو". والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل نصب بنزع الخافض. "على شحط": جار ومجرور متعلقان بـ"يدني". "من": اسم موصول بمعنى "الذي" في محل نصب مفعول به. "داره": خبر مقدم مرفوع بالضمة، و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "الحزن": مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. "ممن": "مِن": حرف جر، "مَن": اسم موصول بمعنى "الذي" في محل جر بحرف الجر. "داره": خبر مقدم مرفوع بالضمة، و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "صول": مبتدأ مرفوع بالضمة.
وجملة "ما أقدر الله": ابتدائية لا محل لها. وجملة "أقدر الله": في محل رفع خبر للمبتدأ "ما". وجملة "يدني": صلة الموصول الحرفي لا محل لها. وجملة "داره الحزن": صلة الموصول لا محل لها. وجملة "داره صول": صلة الموصول لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "أن يدني" حيث لم يُظهر الفتحة على الفعل "يدني" مع إمكانية ظهورها، للضرورة الشعرية.
الحركة التي قبل المحذوف دالة عليه "تَقْضِ حُكْما لَازِما"، نحو:"لم يخش"، و"لم يغز"، و"لم يرم"، فالرفع: نصب المفعولية لأنو، وفيهما: متعلق به، واحذف: عطف على "انو"، وفي كل منهما ضمير مستتر وهو فاعله، وجازما: حال من فاعل "احذف"، و"ثلاثهن": مفعول به، إما لاحذف والضمير في "ثلاثهن" لأحرف العلة الثلاثة، ومعمول الحال محذوف، وهي الأفعال الثلاثة المعتلة، والتقدير: احذف أحرف العلة ثلاثهن حال كونك جازما الأفعال الثلاثة المذكورة، أو يكون معمولا للحال، والضمير للأفعال، ومعمول الفعل محذوف، وهو الأحرف الثلاثة، والتقدير: احذف أحرف العلة حال كونك جازما الأفعال ثلاثهن، و"تقض": مجزوم جواب احذف، و"حكما": مفعول به إن كان "تقض" بمعنى: تؤدي، ومفعول مطلق إن كان بمعنى: تحكم.
خاتمة: وقد ثبت حرف العلة مع الجازم في قوله "من الطويل":
42-
وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ
…
كَأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أَسِيرا يَمَانِيَا
42- التخريج: البيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في الأغاني 16/ 258؛ وخزانة الأدب 2/ 196، 202؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 76؛ وشرح اختيارات المفضل ص768؛ وشرح شواهد الإيضاح ص414؛ وشرح شواهد المغني 2/ 675؛ ولسان العرب 3/ 517 "هذذ"؛ 5/ 75 "قدر"، 6/ 115 "شمس"؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 15؛ وشرح المفصل 5/ 97، 10/ 107؛ والمحتسب 1/ 69.
اللغة: شيخة: امرأة عجوز. عبشمية: نحت مشتق من آل عبد شمس، يمانيا: نسبة إلى اليمن.
المعنى: تضحك ساخرة مني امرأة عجوز من بني عبد شمس، وكأنني الأسير الأول من اليمن في قومها.
الإعراب: وتضحك: "الواو": حسب ما قبلها، و"تضحك": فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة. مني: جار ومجرور متعلقان بالفعل تضحك و"النون": للوقاية. شيخة: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. عبشمية: صفة مرفوعة بالضمة الظاهرة. كأن: حرف مشبه بالفعل مخفف، واسمه محذوف. لم: حرف نفي وقلب وجزم. تر: فعل مضارع مجزوم بحذف الألف، و"الفاعل": ضمير مستتر جوازا تقديره هي. قبلي: ظرف زمان منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء لانشغال المحل بالحركة المناسبة، وهو مضاف، متعلق بالفعل "تر" و"الياء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أسيرا: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. يمانيا: صفة منصوبة بالفتحة الظاهرة.
وجملة "وتضحك شيخة" ابتدائية لا محل لها. وجملة "كأن لم تر
…
": حالية محلها النصب. وجملة "لم تر أسيرا": في محل رفع خبر كأن.
والشاهد فيه قوله: "لم ترى" فمنهم من رأى أن إثبات الألف هو ضرورة شعرية، بينما رأى آخرون أن أصل الفعل "ترأى" فحذفت الهمزة وأبقيت الألف بعد الجزم.
وقوله "من الوافر":
43-
أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالأَنْبَاءُ تَنْمِي
…
بِمَا لَاقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ
وقوله "من البسيط":
44-
هَجَوْتَ زَبَّانَ ثُمَّ جِئْتَ مُعْتَذِرا
…
مِنْ هَجْوِ زَبَّانَ لَمْ تَهْجُو وَلَمْ تَدَعِ
43- التخريج: البيت لقيس بن زهير في الأغاني 17/ 131؛ وخزانة الأدب 8/ 359، 361، 362؛ والدرر 1/ 162؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 340؛ وشرح شواهد الشافية ص408؛ وشرح شواهد المغني ص328، 808؛ والمقاصد النحوية 1/ 230؛ ولسان العرب 14/ 14 "أتى"؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص103، والأشباه والنظائر 5/ 280؛ والإنصاف 1/ 30؛ والجنى الداني ص50؛ وجواهر الأدب ص50؛ وخزانة الأدب 9/ 524؛ والخصائص 1/ 333، 337؛ ورصف المباني ص149؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 78، 2/ 631؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 184؛ وشرح المفصل 8/ 24، 10/ 104؛ والكتاب 3/ 316؛ ولسان العرب 5/ 75 "قدر"، 14/ 324 "رضي"، 14/ 434 "شظي"، 15/ 492 "يا"؛ والمحتسب 1/ 67، 215؛ ومغني اللبيب 1/ 108، 2/ 387؛ والمقرب 1/ 50، 203؛ والممتع في التصريف 2/ 537؛ والمنصف 2/ 81، 114، 115؛ وهمع الهوامع 1/ 52.
شرح المفردات: الأنباء: الأخبار. تنمي: ترتفع، تنتشر. اللبون: ذات اللبن، أي الإبل.
المعنى: يفخر الشاعر بشجاعته ويتساءل عما إذا عرف الناس بما فعل بإبل بني زياد التي استاقها وباعها استيفاء لحقه، غير مبال بما يعرف عنهم من شجاعة وبأس. الإعراب:"ألم": الهمزة للاستفهام، و"لم": حرف جزم. يأتيك: فعل مضارع مجزوم بالسكون خلافا لما هو متعارف عليه، أي: حذف حرف العلة. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: "هو" يعود إلى المفهوم من السياق والقرائن الأخرى، والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. "والأنباء": الواو حالية، و"الأنباء": مبتدأ مرفوع بالضمة. "تنمي": فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره "هي". "بما": جار ومجرور متعلقان بـ"يأتي". وذهب بعضهم إلى القول بأن الباء حرف جر زائد، و"ما" فاعل والتقدير:"ألم يأتيك الذي لاقته لبون بني زياد". وفي رأينا الوجه الأول هو الأصوب. "لاقت": فعل ماض والتاء للتأنيث. "لبون": فاعل مرفوع بالضمة، وهو مضاف. "بني": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. "زياد": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة: "ألم يأتيك
…
" الفعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "والأنباء تنمي" الاسمية في محل نصب حال. وجملة "لاقت
…
" الفعلية صلة الموصول. وجملة "تنمي" في محل رفع خبره.
الشاهد: قوله: "ألم يأتيك" حيث أثبت الياء للضرورة الشعرية. ويروى: "وهل أتاك" و"ألم يأتك" و"ألم يبلغك" ولا شاهد في هذه الروايات.
44-
التخريج: البيت لزبان بن العلاء في معجم الأدباء 11/ 158؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 8/ 359؛ والدرر 1/ 162؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 630؛ وشرح التصريح 1/ 87؛ وشرح شافية ابن =
فقيل: ضرورة، وقيل: بل حذف حرف العلة ثم أشبعت الفتحة في "تر" فنشأت ألف، والكسرة في "يأتك" فنشأت ياء، والضمة في "تهج" فنشأت واو، وأما:{سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى} 1 فـ"لا" نافية لا ناهية، أي: فلست تنسى.
= الحاجب 3/ 184؛ وشرح شواهد الشافية ص406؛ وشرح المفصل 10/ 104؛ ولسان العرب 15/ 492 "يا"؛ والمقاصد النحوية 1/ 234؛ والممتع في التصريف 2/ 537؛ والمنصف 2/ 115؛ وهمع الهوامع 1/ 52.
اللغة: زبان: اسم رجل.
المعنى: لقد شتمت زبان، ثم اعتذرت له، فكأنك لم تشتمه، ولم تتركه سالما.
الإعراب: "هجوت": فعل ماض مبني على السكون، و"التاء": ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. "زبان": مفعول به منصوب بالفتحة. "ثم": حرف عطف. "جئت": فعل ماض مبني على السكون، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع فاعل. "معتذرا": حال منصوب بالفتحة. "من هجو": جار ومجرور متعلقان بالفعل "جئت". "زبان": مضاف إليه مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون. "لم": حرف جزم ونفي وقلب. "تهجو": فعل مضارع مجزوم بـ"لم" وعلامة جزمه حذف حرف العلة، و"الواو" زائدة للضرورة الشعرية. والفاعل ضمير مستتر تقديره "أنت". "ولم":"الواو": للعطف، "لم": حرف جزم ونفي وقلب. "تدع": فعل مضارع مجزوم بـ"لم" وعلامة جزمه حذف حرف العلة، والفاعل ضمير مستتر تقديره "أنت".
وجملة "هجوت": ابتدائية لا محل لها. وجملة "جئت": معطوفة على جملة لا محل لها. وجملة "تهجو": في محل نصب حال. وجملة "لم تدع": معطوفة على السابقة فهي مثلها في محل نصب.
الشاهد فيه قوله: "تهجو"، حيث أشبع ضمة "الجيم" فنشأت "الواو" التي هي غير حرف العلة المحذوف بسبب الجزم.
1 الأعلى: 6.