الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَفضَلَ الصَّدَقَةَ ما وَافَق ضَرُورة أَو حَاجَة وَيَتَرَجَّحُ فعْلُ الصَّدَقَةِ وَالمَعْرُوف في طَرِيق مَكّة بأرْبَعَة أُمُور: أَحَدُها: أَنَّ الْحَاجَةَ أَمسُّ. الثَّاني: أنهُ لا بَدَلَ يَلْجأ إليه. والثَّالث: مُجَاهَدَةُ النَّفس لشُحها (1) بالشَّيء مخافةَ الحاجَةِ. الرَّابع: أنَّهُ إِعانَة لقَاصِدي بَيْت الله تعالى.
فَصْل
مُخْتَصَرٌ جدَّاً فيما يَتَعَلَّقُ بوجُوب الْحَجُّ
لا يجب الْحَجُّ (2)
= السلام، فإن المقصود منه الأمان لكل من المسلم والمجيب، وأن كلاً منهما سالم من الآخر، وأمان الصبي لا يصح، ولا يسقط الفرض بصلاة النساء مع وجود ذكر ولو صبياً لأنه أكمل منهن، فإن لم يصل أمرنه بها، فإن امتنع بعد ذلك توجه الفرض إليهن.
(1)
الشح: البخل.
(2)
أي: والعمرة، وقد يشملها اسم الحج وهما واجبان لقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] ولحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: يا رسول الله هل على النساء من جهاد؟
قال: "نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة"، رواه الإمام أحمد وابن ماجه رحمهما الله بإسناد صحيح، وإذا ثبت ذلك في النساء، فالرجال أولى، وأما خبر الترمذي رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العمرة أواجبة هي؟
قال: "لا .. وإن تعتمر خير" فقد اتفق الحفاظ على ضعفه، ولا تجب العمرة إلا مرة كالحج، ووجوب الحج والعمرة عند الإمام الشافعي رحمه الله على التراخي لأنه عليه الصلاة والسلام فرض عليه الحج في السنة السادسة على المختار كما سيأتي، ولم يحج إلا في السنة العاشرة الهجرية، وعند الإِمامين مالك وأحمد رحمهما الله تعالى: الحج على الفور وليس للإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى نص في المسألة، وقد اختلف صاحباه رحمهما الله تعالى فقال محمد:(على التراخي). وقال أبو يوسف: (على الفور).
ودليل من قال بوجوب الحج على الفور إطلاق الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس =
في العُمْر إلَاّ مرة واحدة (1)
= قد فرض عليكم الحج فحجوا" الحديث
…
رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وإطلاقه يقتضي الفورية عند الأصوليين، ويؤيده خبر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً:(تعجلوا إلى الحج -يعني الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له) رواه أحمد. فإن قيل: لو كان واجباً على الفور لم يؤخره صلى الله عليه وسلم.
أجيب: باحتمال أنّ الله تعالى أطلع نبيه على أنه لا يموت حتى يحج، فيكون على يقين من الإدراك، قاله أبو زيد الحنفي، أو لاحتمال عدم الاستطاعة، أو حاجة خوف في حقه منعه من الخروج، ومنع أكثر أصحابه خوفاً عليه.
وأجاب بعضهم بأن الحج لم يفرض إلا في السنة التاسعة وأن آية فرضه هي قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] وهي نزلت عام الوفود آخر سنة تسع، وهذا هو اللائق بهديه وحاله صلى الله عليه وسلم.
واختلف الأئمة رحمهم الله تعالى في وجوب العمرة، فقالت الحنفية والمالكية ورواية عن الحنابلة بعدم وجوبها وعلى هذه الرواية يجب إتمامها إذا شرع فيها، والمذهب وجوبها كالشافعية مطلقاً على المكي وغيره كما تقدم من الآية والحديث لقوله صلى الله عليه وسلم:
"تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد".
وفي رواية للإمام أحمد: على أن العمرة لا تجب على المكي بخلاف غيره. قال الإِمام أحمد: كان ابن عباس رضي الله عنهما يرى العمرة واجبة ويقول: (يا أهل مكة ليس عليكم عمرة إنما عمرتكم الطواف بالبيت) وهو من رواية إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف. اهـ (مفيد الأنام ونور الظلام) للشيخ عبد الله بن جاسر رحمه الله تعالى.
(1)
أي لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد فرض الحج إلا مرة واحدة، وهي حجة الوداع ولقوله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ حج حجة فقد أدى فرضه، ومن حج ثانية فقد داين ربه، ومن حج ثلاث حجج حرم الله شعره وبشره على النار".
فلو ارتد شخص والعياذ بالله بعد الإِتيان بالحج والعمرة ثم أسلم لم يجبا عليه ثانياً، لأن الردة لا تحبط عمل مَنْ مات مسلماً وإن أحبطت ثواب عمله لقوله تعالى:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} فهذه الآية مقيدة لآية: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5] وقد يستغني عن هذا القيد بعجز آية: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} =
إِلا أن ينذِره (1) والناس أرْبَعَة (2) أقْسَامٍ: قِسْمٌ يَصحُ لَهُ الْحَج (3)، وقِسْمٌ يَصح منه بالمُبَاشَرَة (4)، وقِسْم يقَع له عَن حَجَّةِ الإِسْلَامِ، وَقَسْم يجِبُ عليه. فَأَمَّا القِسْمُ الأَوَّلُ وَهُوَ الصحة الْمُطَلَقَة (5) فَشَرطُهَا الإِسْلَام (6) فَقَطْ فَلا يَصحُ حَجُّ كافر ولَا يُشْتَرَط التكليفُ (7) بَلْ يَصِحُّ إِحْرَامُ الوَلي عَنْ الصبي الَّذي لا يُميز (8) وَعَنْ الْمَجْنُون (9) وأما صحة المُبَاشَرَة فَشَرْطُها الإسْلَامُ
= وهو قوله تعالى: {وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)} إذ لا يكون الخسران مع الموت على الإسلام. أسأله تعالى لي وللمسلمين الموت على الإسلام آمين. وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله بوجوب الإعادة.
(1)
أي الحج أو ينذر العمرة أو ينذرهما أو يفسد تطوع أحدهما أو تطوعهما فإنه يجب عليه الاستمرار فيه وقضاؤه وسيأتي آخر الكتاب كلام في الفرض إن شاء الله تعالى.
(2)
بقي قسم خاص وهو من يصح منه النسك ويجب عليه ولا يجزيه عن حجة الإسلام وعمرته أو عنهما وشرطه الإسلام والبلوغ والعقل والوقت ومعرفة الكيفية بأن يأتي بأعمال النسك عالماً بأنه يفعلها عنه، وإن لم يكن حراً فيصح نذر الرقيق المكلف بالنسك ويقع عن نذره.
(3)
أي والعمرة كما تقدم لاتحاد شرطهما.
(4)
بالمباشرة لأعمال النسك.
(5)
أي عن مباشرة ووقوع عن نذر أو عن نسك الإِسلام ووجوبه.
(6)
أي والوقت.
(7)
وهو ضعيف.
(8)
أي والمميز أيضاً كما يأتي.
(9)
أي وعن المغمى عليه إنْ لم يرج زوال إغمائه قبل فوات الوقوف، فلا يصح الإحرام عنه وصفة إحرام الولي عمن ذكر أن ينوي جعله محرماً بأن يقول: جعلته محرماً أو يقول: أحرمت عنه ثم يلبي ندباً وحيث صار المولى محرماً أحضره وليه سائر المواقف وجوباً في الواجب وندباً في المندوب، ويفعل عنه ما لا يمكن منه كالرمي بعد رمي نفسه ويصلي عنه سنتي الطواف والإِحرام ويشترط في الصلاة طهرهما عن الحدث والخبث ولا يطوف ولا يسعى الولي به إلا بعد سعيه عن نفسه كما تقدم في الرمي هذا كله في غير المميز، أما المميز فيطوف ويصلي ركعتي الطواف ويسعى ويرمي الأحجار بنفسه، ثم إن =
والتمييز (1) فَلَا تَصحُّ مُبَاشَرَة (2) الْمَجْنُون والصبِي الذي لا يُمَيز وتَصح (3) مِنَ المُمَيِّزِ (4) وَالْعَبْدِ (5) وأما وُقُوعُهُ (6) عن حَجةِ الإِسْلَامِ فَشُرُوطُه أرْبَعَةٌ (7):
الإِسْلَامُ والْعَقْلُ والْحُرَيّه وَالْبُلُوغُ (8) فلو تكَلَّفَ الفَقيرُ الحَجَّ وَقَعَ عن حَجة الإِسلَام (9) وأما وُجُوبُ حَجَّة الإسْلَام فلها خَمْسَةُ شُرُوط: الإِسْلَام (10) والبُلُوغُ والْعَقْلُ والْحُرِّيةُ والاسْتِطَاعَةُ (11).
(فرع): الاسْتِطَاعَةُ نَوْعان: اسْتِطَاعَة مُباشَرَةٍ بنفْسه واسْتِطَاعَةُ تحصِيلِهِ
= الولي يغرم واجباً بإحرام كدم تمتع وقران وفوات وكفدية شيء عن المحظورات إنْ ارتكبها المميز، أما غير المميز فلا فدية في ارتكابه محظوراً على أحد.
(1)
أي والوقت ومعرفة الكيفية بأن يأتي بالأعمال عالماً أنه يفعلها عن النسك كما تقدم فللمميز ولو صغيراً أو رقيقاً أن يحرم بإذن وليه ويباشر الأعمال بنفسه.
(2)
مباشرة أي إحرام.
(3)
أي المباشرة والمراد بها هنا الإِحرام كما تقدم.
(4)
أي بإذن الولي.
(5)
أي وإنْ لم يأذن له سيده.
(6)
أي النسك عن حجة الإِسلام أو عمرته أو عنهما.
(7)
أي ولو في نائب عن ميت ومعضوب وسيأتي كما لو كمل الناقص قبل الوقوف.
(8)
والوقت ومعرفة الكيفية وإن لم يكن مستطيعاً.
(9)
أي وإن حرم السفر على الفقير للنسك إذا حصل له ضرر منه لكمال حاله لا من صغير ورقيق وإن كَمُلا بعده لخبر: "أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى" فإن كملا قبل الوقوف أو في أثنائه أجزأهما وأعادا السعي إن كانا سعيا بعد طواف القدوم.
(10)
أما المرتد فيخاطب بالحج والعمرة في ردته حتى لو استطاع ثم أسلم لزماه، وإن افتقر فإن أخره حتى مات فُعلا عنه من تركته، هذا إذا أسلم، فإن لم يسلم ومات على ردته لا يقضيان عنه.
(11)
لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97].
بغَيره، فَالأُوْلَى تتعَلَقُ بخَمْسَة أُمُور: الرَّاحِلَةُ إن كان بَيْنَهُ وبينَ مكَّة مرْحَلَتَان فَصاعداً والزادُ وأَمْن الطريق وصحةُ الْبَدن وإمْكَانُ السيْر (1).
وَتُشْتَرَطُ الرَّاحِلَةُ (2) وإنْ كان قَادراً على المشي لكن الأَفْضَلُ لِلْقَادر أن يحُج ماشياً وتُشْتَرطُ راحلةٌ لَا يَجِدُ مَعَها مَشَقَّة (3) شديدة فإنْ احتَاجَ إلى محْمِل (4) أوْ كنِيسة (5) عَلَى البَعير اشْتُرِطَ القُدْرَة عليه.
وسَوَاء قَدَرَ على الراحِلَةِ بثَمَن أوْ أجْرةِ الْمِثْل (6) فاضلاً عما يَحْتاج إليه ويُشْتَرَطُ في الزاد ما يكفيه لِذهابه ورُجُوعه (7) فَاضلاً عما يحْتَاجُ إليه لنَفَقَة (8)
(1) أي بقاء زمن يمكن فيه الحج.
(2)
المراد بالراحلة هنا ما اعتيد الركوب عليها لغالب أمثاله، وفي قول: كل ما يصلح للركوب عليه بالنسبة لطريقه الذي يسلكه، وإن لم يلِقْ به ركوبه.
(3)
المشقة الشديدة هنا وفي المعضوب وغيره ما يخشى منها محذور تيمم أو لا يطاق الصبر عليها عادة.
(4)
محمل: بفتح الميم الأولى وكسر الثانية وقيل بالعكس، وهو الخشب الذي يركب عليه مع عديل يركب معه في الجانب الآخر فوق ظهر الراحلة وهو المسمى بالشقدف.
(5)
الكنيسة: أعواد مرتفعة من جوانب المحمل يوضع عليها ستر يدمع الحر والبرد.
(6)
أي فلا أثر لوجود الراحلة بإعارة ونحوها.
(7)
أي وإن لم يكن له ببلده أهل وعشيرة لوحشة الغربة ولنزع النفوس إلى الأوطان وتشترط أيضاً قدرته على أوعية الزاد.
(8)
المراد بالنفقة المؤنة ليشمل أجرة الطبيب، وشراء الأدوية وإعفاف الأب إنْ احتاج إلى ذلك.
مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتهُمْ (1) وَكِسْوتُهُمْ مُدةَ ذِهَابه ورُجُوعه (2) وفَاضلاً عَنْ مَسْكَن (3) وَخَادَم (4) يَحْتَاجُ إِلَيْهِمَا (5).
وعَنْ قَضاء دَين يكُونُ عليه حَالاً كان أوْ مُؤَجلاً (6) وأمَا الطريق فَيُشترطُ أمْنُهُ (7) في ثَلَاثة أشْياء: في النَّفس (8) والمال (9) والبُضْعِ (10).
فَلَا يَجِبُ (11) عَلَى المَرْأةِ حتَّى تَأْمَن على نَفْسها بِزَوْجٍ أوْ
(1) كزوجته وفرعه وأصله.
(2)
أي ومدة إقامته بمكة.
(3)
أي لائق به ما لم يستغن عنه بسكنى الربُط ونحوها وإلا بيع مسكنه وصرف ثمنه في أداء النسك.
(4)
أي لائق به.
(5)
أي لزمانته أو منصبه.
(6)
أي ولو لله تعالى كالنذر والكفارة.
(7)
أي أمناً لائقاً بالسفر، وهو دون أمن الحضر، ولو كان أمنه ظناً أي فلا يشترط الأمن التام كما يكون في بيته، وخرج بالأمن الخوف من نحو سبع أو غيره فلا يجب النسك حينئذ لعدم الاستطاعة.
(8)
في النفس أي المحترمة له أو لغيره من أهله وأولاده الذين معه والعضو كالنفس ومنفعته كذلك.
(9)
أي المال الذي معه المحتاج إليه لنفقته ونحوها لا مال تجارة فلا يشترط الأمن عليه حيث كان يأمن عليه لو أبقاه في بلده وإلا فلا بد من الأمن عليه، ومثل ماله الوديعة.
(10)
أي بضعه أو بضع غيره كحريمه.
(11)
أي النسك على المرأة شابة أو عجوزاً ومثل المرأة الخنثى، ويلحق بهما الأمرد الجميل فيجب في حقه استصحاب محرم أو سيد ولا يكتفي فيه بمثله وإن تعدد لحرمة نظر كل للآخر والخلوة به.
مَحرم (1) أوْ ثِقاتٍ (2).
وَأمَّا رُكُوبُ البَحْر فَإنْ كان الْغَالِبُ مِنْهُ السَلَامَة وَجَبَ (3) وإلَاّ فَلَا (4).
ويشترطُ وجودُ الماء (5) والزادِ في المواضعِ التي جرت العادةُ (6) بِحَملِه منها ووجودُ العَلَفِ عَلى حَسَبِ العادةِ (7) وَأمَّا البَدَنُ فَيُشْتَرط فيه قوة يَسْتَمسكُ
(1) أي بنسب أو رضاع أو مصاهرة.
(2)
أي بأن بلغن وجمعن صفات العدالة وفي قول: يكتفي بالمراهقات اللاتي جمعن صفات العدالة، واشترط في نسك المرأة ما ذكر لقوله صلى الله عليه وسلم في خبر الصحيحين:"لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو محرم". وفي رواية: "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم". وفي رواية: "مسافة بريد إلا ومعها محرم" فالمراد كل ما يسمى سفراً طويلاً أو قصيراً لرواية ابن عباس رضي الله عنهما المطلقة: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم".
(3)
أي إن تعين البحر طريقاً كأن حدث بطريق البر نحو خوف أو عطش فلا ينتظر زوال مانعه.
(4)
أي ويحرم ركوب البحر سواء أغلب الهلاك أم استوى الأمران والعبرة بوقت الركوب ولا فرق حينئذ بين سفر الحج وغيره، ولو وجب فوراً كالهجرة.
(5)
أي بثمن المثل وهو القدر اللائق في ذلك الزمان والمكان فلا يلزمه الزيادة على ذلك وإن قلت وحكم الزاد حكم الماء.
(6)
أي عادة أهل طريقه التي يتوجه منها لأن ذلك يختلف باختلاف النواحي بحسب بعد المياه وقربها.
(7)
هو المعتمد أي فلا يشترط وجوده في كل مرحلة، ومثله الآن وجود البنزين على حسب العادة، فالحاصل أنه يشترط أنْ يكون في الحجيج من يحمل الثلاثة الزاد والماء والعلف أو ما هو الآن بدله من البنزين، وأدوات السيارات ونحوها في المفازات التي يعتاد حملها فيها، وأنْ توجد الثلاثة في المواضع التي يعتاد حملها منها.
بها على الرَّاحِلَةِ بغَيْرِ مَشَقة شَدِيدة (1) والمَحْجُورُ عليه كَغَيْرِهِ (2) وكَذَا الأَعْمَى الذي يَجدُ قائِداً (3)، وأمَّا إمْكَان السَّيرِ فأَنْ يجد هذه الأُمُور (4) وتَبقَّى زَمَن يمكنهُ الذِّهاب فيه إلَى الحَجَ على السَّيْرِ المُعتَاد.
(1) المشقة الشديدة هي كما تقدم: ما يخشى منها محذور تيمم أو لا يطاق الصبر عليها.
(2)
أي في الوجوب لكن يشترط قدرة المحجور عليه بسفه على أجرة مثلٍ حافظٍ نفقته إن طلبها من الولي لأنه يحرم عليه إعطاؤها له من ماله بخلافها من مال الولي وإنما جاز للولي في الحضر دفع النفقة إلى المحجور عليه بسفه أسبوعاً فأسبوعاً إذا لم يتلفها لأنه فيه مراتب له بخلافها في السفر وإنْ قصر، وأفهم قول المصنف رحمه الله تعالى أن ولي المحجور عليه بسفه ليس له تحليله في نسك الإسلاك وكذا تطوع أحرم به قبل الحجر أو منذور قبله، وإن أحرم به بعده أو أحرم بهما بعده وكفته نفقته الحضر أو أتمها من كسبه في طريقه وإلا فله تحليله كما له منعه ابتداء، وإنما صح إحرامه بغير إذن وليه بخلاف المميز لأنه مكلف.
(3)
أي وقدر على أجرة مثله إن طلبها ومثله مقطوع اليدين والرجلين إذا وجد معيناً.
(4)
أي التي ذكرت في استطاعة المباشرة بالنفس، ويقال لها: استطاعة البدن والمال، والأمور هي أحد عشر أمراً يؤخذ غالبها من كلام المصنف رحمه الله: وجود مؤن السفر، وجود الراحلة مع وجود شق محمل لمن لا يقدر على الراحلة، وجود الماء والزاد في المواضع التي يعتاد حملهما منها بثمن مثله، خروج زوج أو محرم مع المرأة، ثبوته على الراحلة بلا مشقة، وجود ما مَر من الزاد وغيره وقت خروج الناس من بلده، وجود رفقة حيث لم يأمن وجود ما مر بمالٍ حاصل عنده أو بدين حال على مليء، وجود الأعمى قائداً يقوده ويهديه عند ركوبه ونزوله ولو بأجرة مثل قدر عليها، بقاء زمن يمكنه الوصول فيه إلى عَرَفة بالسير المعتاد بعد وجود ما ذكر، وهذا الشرط لأصل الوجوب كما يقتضيه صنيع المصنف رحمه الله فلو لم يمكنه سقط الوجوب.
وأمّا اسْتِطَاعَةُ التحْصيلِ بِغَيْرِهِ فَهُوَ أَنْ يَعْجِزَ عَنْ الْحَج بِنَفْسِهِ بِمَوْت (1) أوْ كِبَير أوْ زَمانة (2) أوْ مَرَض لَا يُرْجَى زَوَالُهُ (3) أوْ هَرَم بِحَيْثُ لا يَسْتَطِيعُ الثبُوتَ على الرَّاحِلَة إِلا بِمَشَقة شديدَة (4) وهَذَا العَاجِزُ الْحَي يُسَمَّى مَعْضُوباً (5) بالْعَيْن المُهْمَلَةِ والضادِ المُعْجمَةِ ثم تَجِبُ الاسْتِنَابةُ (6) عن المَيّت (7) إذَا كَانَ قَدْ اسْتَطَاعَ في حَيَاتِهِ وَلَمْ يَحِج هَذا إذَا كَانَ لَهُ تَركةٌ وإلا فَلَا يَجِبُ على الْوَارِثِ، وَيَجُوزُ (8) لِلْوَارِثِ والأَجْنَبِي (9) الحَجُّ عنهُ سَواءٌ أوْصَى به أم لا وأمَّا
(1) خرج بالموت نحو الجنون والمرض المرجو زواله، فلا تجوز الإنابة بسببهما ومقطوع الأطراف لأنه يمكنه الثبوت على الراحلة فلا تجوز له الإنابة.
(2)
الزمانة: هي الابتلاء والعاهة وضعف الحركة من تتابع المرض وهي العضب.
(3)
أي بقول عَدْلَيْ طب أو معرفة نفسه إن كان عارفاً، وبه قالت الحنابلة وقالت الحنفية: من يرجى برؤه ينيب، فإن قدر على الحج بنفسه لزمه وإلا أجزأه ذلك والله أعلم.
(4)
المشقة الشديدة هي كما تقدم ما يخشى منها محذور تيمم أو لا يطاق الصبر عليها.
(5)
أي من العضب وهو الضعف أو القطع لانقطاع حركته هذا هو الأشهر ويجوز بالصاد المهملة كأنه قطع عصبه أو ضرب.
(6)
أي فوراً وذلك لخبر الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها؟ قال: "نعم حجي عنها، أرأيتِ لو كان على أمك دَيْن كنت قاضيته عنها". قالت: نعم، قال:"اقضوا حق الله فالله أحق بالوفاء". شبه الحج بالدين وأمر بقضائه فدل على وجوبه.
(7)
أي غير المرتد، أما هو فلا تصح الإِنابة عنه، وهو معلوم من تعبيره بقوله: له تركة، إذ المرتد والعياذ بالله لا تركة له، بل ماله فيء للمسلمين بخلاف ما لو ارتد المستطيع فأسلم ومات مسلماً قضي من تركته.
(8)
أي بل يسن فعل النسك عن الميت للوارث وغيره، وللأجنبي أيضاً لكن القريب آكد لا سيما الوارث.
(9)
أي ولو بغير إذن القريب ويفرق بينه وبين توقف الصوم عنه على إذن القريب =
المَعْضُوبُ (1) فَلَا يَصح الحَج عنهُ بِغَيْر إذْنه (2) وَتَلْزَمُهُ الاسْتنَابة (3) إنْ وجدَ مالاً يسْتأجرُ به من يحُج عنْهُ فَاضِلاً عَنْ حَاجَته (4) يَوْم الاستئجَار (5) خَاصَّة سَوَاءٌ
= بأن هذا أشبه بالديْن فأعطي حكمه بخلاف الصوم فإنه بدني والأصل امتناعه عن الغير كالصلاة لكن صحت السنة به في القريب فتوقف فعل غيره على إذنه على أن له بدلاً وهو الإطعام.
(1)
أي الذي بينه وبين مكة مرحلتان فأكثر، فلو كان بينه وبين مكة دون مرحلتين لزمه النسك بنفسه لأنه لا يتعذر عليه الركوب فيما مرّ من محمل فمِحَفة فسرير، والآن سخر الله السيارات ونحوها فلله الحمد والمنة على نعمه جعلنا الله من الشاكرين آمين، ولا نظر للمشقة عليه لاحتمالها في حد القرب، وإن كانت تبيح التيمم فإنْ عجز عن ذلك حج عنه بعد موته من تركته.
(2)
أي لأن النسك يحتاج للنية والمعضوب أهل لها وللأذن لأنه لو تكلف النسك وفعله صح عنه.
(3)
أي فوراً عند السادة الحنفية والسادة الحنابلة وعند السادة الشافعية رحم الله تعالى الجميع إن عضب بعد الوجوب والتمكن وعلى التراخي إن عضب قبل الوجوب أو معه أو بعده ولم يمكنه الأداء وذلك لأنه مستطيع بالمال وهي كالاستطاعة بالنفس ولخبر الصحيحين: إن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله أن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفاحج عنه؟ قال: "نعم". وعند السادة المالكية رحمهم الله تعالى: العاجز لا حج عليه إلا أنْ يستطيع بنفسه لقوله تعالى: {مَنِ استطاع إليه سبيلا} وهذا غير مستطيع، ولأن هذه عبادة لا تدخلها النيابة مع القدرة، فلا تدخلها مع العجز كالصلاة والصوم.
قال المصنف في شرح مسلم رحمهما الله تعالى: مذهبنا ومذهب الجمهور جواز الحج عن العاجز بموت أو عضب وهو الزمانة والهرم ونحوهما، وقال مالك والليث والحسن بن صالح رحمهم الله تعالى: لا يحج أحد إلا عن ميت لم يحج حجة الإسلام.
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: وحكي عن النخعي وبعض السلف: لا يصح الحج عن الميت ولا غيره وهي رواية عن مالك وإن أوصى به. اهـ.
(4)
منها حاجة عياله.
(5)
أي وليلته وقوله: (خاصة) احترز به عن نفقة نفسه، ونفقة عياله بعد يوم الاستئجار وليلته. =
وَجَدَ أجْرَة راكب أوْ ماش بشَرْط أَنْ يَرْضَى بأجرَة الْمثْل (1) فإنْ لم يجد المال ووجد من يتبرع بالْحَجِّ عنْه من أَوْلَاده وَأَوْلاد أَولَاده الذُّكور وَالإناث لزمَهُ اسْتنابَتُهُ بشَرْط أَنْ يكُونَ الْوَلد (2) حَج عنْ نفْسه وَيُوثَقُ به (3) وهو غَيْر مَعْضُوب (4) ولَوْ بَذَلَ الأخُ أوْ الأَجْنَبِي الطّاعَة فهُمَا كالْوَلَد (5) على الأَصَحِّ، ولَوْ بَذَلَ الْوَلَدُ أوْ غَيْرُهُ المالَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ على الأَصَح (6) وتَجوزُ الاستْنابة في
= (الخلاصة): يشترط في المال الذي يستأجر به المعضوب مَنْ يحج عنه أن يكون فاضلاً عن جميع ما يحتاجه من نفقة وكسوة وخادم لنفسه أو لعياله بالنسبة ليوم الاستئجار وليلته ويشترط أن يكون فاضلاً عن جميع ما يحتاجه أيضاً بالنسبة لما بعد يوم الاستئجار ما عدا النفقة سواء كانت لنفسه أو لعياله فلا يشترط أن يكون المال فاضلاً عنها بعد يوم الاستئجار وذلك لأن لو لم يفارق البلد أمكنه تحصيله ولو بالقرض.
(1)
أو دونها لا بأكثر وإن قل.
(2)
المراد بالولد هنا الفرع وإن سَفَلَ ومثله فيما ذكر الأصل وإن علا، وكذا الأجنبي كما يأتي.
(3)
أي بأن يكون عدلاً، وإلا لم تصح الاستنابة ولو مع المشاهدة لأن نيته لا يطلع عليها وبه يعلم أن هذا شرط في كل من يحج عن غيره بإجارة أو جعالة.
(4)
فلا يجب الإذن له وإنْ صح حجه عنه لو تكلفه ويشترط أيضاً ألا يكون الفرع أو الأصل ماشياً ولا مُعَولاً على السؤال أو الكسب إلا أن يكتسب في يوم كفاية أيام وكان السفر قصيراً.
(5)
إلا في عدم المشي في السفر الطويل فإنه شرط في القريب دون الأجنبي لأن المعضوب يشق عليه مشى قريبه.
(6)
أي لعظم المنة في المال. ألا ترى أن الإنسان يستنكف عن الاستعانة بمال الغير ولا يستنكف عن الاستعانة ببدنه في الأشغال ولو تبرع أصله أو فرعه باستئجار من يحج عنه أو قال له أحدهما: استأجر وأنا أدفع عنك المال يلزمه الإذن أو الاستئجار لأن المنة منهما أخف من غيرهما.
حَجِّ التَّطَوُّعِ لِلْمَيِّت (1) وَالمَعْضُوب (2) على الأَصَحّ، ولو اسْتناب المعْضُوب من يَحجُّ عنه وحَج عنهُ ثُمَّ زَالَ الْعَضْبُ وشُفِي لم يُجْزِه (3) على الأَصحِّ بَلْ عَلَيْهِ أنْ يَحُجَّ.
(1) أي إن أوصى الميت بنسك التطوع وإلا امتنع فعله عنه مطلقاً، ولو من الوارث على المعتمد خلافاً للحنفية المجبرين لنسك التطوع عن الميت بغير وصية والمانعين له في الفرض إلا بوصية عكس ما عليه الشافعية.
(2)
إذا أدى شخص حجة الإسلام عن نفسه وهو قادر على الحج بنفسه فهل له أن يستنيب في حج التطوع. فيه روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله إحداهما: الجواز، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله لأنها حجة لا تلزمه بنفسه فجاز أن يستنيب فيها كالمعضوب.
والثانية: لا يجوز كالشافعي رحمه الله لأنه قادر على الحج بنفسه فلم يجز أن يستنيب فيه كالفرض، والإمام مالك لا يقول بالاستنابة إلا عن الميت كما تقدم والله أعلم.
(3)
أي ولا ثواب له لوقوع الحج نفلاً للأجير والثواب له، فلا أجرة له، ولو حضر المعضوب مكة أو عرفة في سنة حج الأجير لم يقع حج الأجير عنه لتعين مباشرته بنفسه ويلزمه للأجير الأجرة، وفرق بين المسئلتين بأن المعضوب لا تقصير منه في حق الأجير بالشفاء بخلاف الحضور فإنه بعد أنْ ورطَ الأجير مقصر به فلزمته أجرته، وبعدم الإِجزاء.
قال أصحاب أبي حنيفة: لأن هذا بدل إياس فإذا برأ تبينا أنه لم يكن ميئوساً منه، فلزمه الأصل، وعند الحنابلة أجزأه لأنه أتى بما أمر به فخرج من عهدته، والمعتبر لجواز استنابة النائب اليأس ظاهراً، وسواء عوفي قبل فراغ نائبه من النسك أو بعده، ولا يجزىء إنْ عوفي قبل إحرام نائبه لقدرته على المبدل قبل الشروع في البدل.
حكم ما إذا مات الحاج عن نفسه في أثناء حجه هل تجوز النيابة على حجه؟
قال المصنف رحمه الله في مجموعه: فيه قولان مشهوران (الأصح) الجديد: لا يجوز كالصلاة والصوم (والقديم) يجوز لدخول النيابة، فعلى الجديد يبطل المأتى به، إلا في الثواب ويجب الإِحجاج عنه من تركته، إنْ كان قد استقر الحج في ذمته، وإنْ كان تطوعاً أو لم يستطع إلا هذه السنة لم يجب، وعلى القديم قد يموت وقد بقي وقت الإحرام، وقد يموت بعد خروج وقته، فإنْ بقي أحرم النائب بالحج ويقف بعرفة إن لم =
(فرع): إذا وُجدَت شرائط وُجوب الْحَج وَجَب على التراخي (1) فَلَهُ تأخيرهُ ما لَمْ يَخْش الْعَضْبَ (2) فَإنْ خَشِيَه (3) حَرُمَ عَلَيه التأخيرُ على الأَصَحِّ (4) هَذَا مَذْهَبُنَا (5).
= يكن الميت وقف، ولا يقف إن كان وقف، ويأتي بباقي الأعمال، فلا بأس بوقوع إحرام النائب داخل الميقات لأنه يبني على إحرام أنشىء منه، وإن لم يبق وقت الإحرام فبمَ يحرم به النائب؟ وجهان:(أحدهما) وبه قال أبو إسحق: يحرم بعمرة ثم يطوف ويسعى فيجزئانه عن طواف الحج وسعيه، ولا يبيت ولا يرمي، لأنهما لبسا من العمرة لكن يجبران بالدم، (وأصحهما) وبه قطع الأكثرون تفريعاً على القديم أنه يحرم بالحج ويأتي ببقية الأعمال، وإنما يمنع إنشاء الإحرام بعد أشهر الحج إذا ابتدأه، وهذا ليس مبتدأ، بل مبني على إحرام قد وقع في أشهر الحج وعلى هذا إذا مات بين التحللين أحرم إحراماً لا يحرم فيه اللبس والقلم، وإنما يحرم النساء كما لو بقي الميت، هذا كله إذا مات قبل التحللين، فإن مات بعدهما لم تجز النيابة بلا خلاف لأنه يمكن جبر الباقي بالدم. اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة رحمه الله في مغنيه: فإن خرج للحج فمات في الطريق حُج عنه من حيث مات لأنه أسقط بعض ما وجب عليه، فلم يجب ثانياً، وكذلك إنْ مات نائبه استنيب من حيث مات لذلك. ولو أحرم بالحج ثم مات صحت النيابة عنه فيما بقي من النسك سواء كان إحرامه لنفسه أو لغيره، نص عليه، لأنها عبادة تدخلها النيابة. فاذا مات بعد فعل بعضها قضى عنه باقيها كالزكاة. انتهى.
(1)
أي عند الإمام الشافعي ومحمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمهم الله تعالى كما تقدم وعند جمهور الأئمة على الفور، وقد تقدم الكلام على هذا في التعليق على فصل مختصر جداً فيما يتعلق بوجوب الحج، فراجعه تجد فيه أقوال الأئمة رحمهم الله تعالى بأدلتها.
(2)
أي أو الموت أو هلاك ماله.
(3)
أي بقرينة ولو ضعيفة لأنه لا يجوز تأخير الواجب الموسع إلا إنْ غلب على الظن تمكن الشخص منه وهذا مفقود في مسألتنا.
(4)
ووجه مقابل الأصح أن أصل الحج على التراخي فلا يتغير بأمر محتمل.
(5)
أي معشر الشافعية رحمهم الله وجميع المسلمين آمين.
وقال مالك (1) وأبو حنيفة (2) وأحمد والمزني رحمهم الله تعالى يجب على الفور. ثمَّ عنْدَنا إذَا أخَّرَ فَمَاتَ (3) تَبيَّنَ أنَّهُ ماتَ عَاصِياً على الأَصَح لتَفْريطه، ومن فَوَائد مَوْته عَاصياً أَنهُ لَوْ شَهِدَ بشهَادَة ولم يُحْكَمْ بها حتَّى ماتَ (4) لَمْ يُحْكَمْ بها كما لَوْ بَانَ فِسْقه وَيُحْكَمُ بعصيانه مِنَ السنة الأَخيرَة من سنِي الإمْكَان (5) عَلَى الأَصَح.
(فرع): مَنْ وَجَبَ عليه حَجَّةُ الإِسْلَام لَا يصح مِنْهُ غَيْرُها قَبلهَا فَلَوْ
(1) أي في رواية ذكرها القاضي عياض وجمع من المغاربة رحمهم الله تعالى.
(2)
فيه نظر لما قيل، وقد تقدم أنه لا نص للإمام أبي حنيفة في وجوب الحج على الفور، وإنما هو قول جمهور أصحابه رحمهم الله منهم أبو يوسف، ويجاب عن المصنف بأن المأخوذ من قواعد الإمام يصح نسبته إليه على خلاف فيه ذكروه في أن المخرج هل ينسب للشافعي رحمه الله تعالى أو لا؟ ويسن تعجيل الحج خروجاً من الخلاف، ولخبر:"حجوا قبل أن لا تحجوا" رواه الجماعة وورد من طريق ضعيفة بل صَح عن عمر رضي الله عنه كما في الحاشية: (من لم يمنعه من الحج حاجة أو مرض حابس أو سلطان جائر فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً) وهذا محمول عند العلماء على الزجر والتغليظ أو على المستحِلّ والله أعلم.
(3)
أي أو عضب فيتبين بعد عضبه فسقه في السنة الأخيرة من سني الإمكان وفيما بعدها إلى أن يحج عنه فتجب عليه الاستنابة فوراً كما مَر، وكذا يجب الفور على وارث الميت ونحوه كما مَر.
(4)
قال العلامة ابن حجر رحمه الله في حاشيته: (قضيته إنه لو حكم بها لا ينقض الحكم وليس على إطلاقه بل الذي دَل عليه كلام الروضة هنا وكلامهم في الشهادات أنْ الحكم بشهادته قبل آخر سني الإمكان لا ينقض وبعده ينقض لأنه تبين به فسقه). اهـ.
(5)
أي من وقت خروج قافلة بلده من تلك السنة الأخيرة من سني الإمكان لتبين أن هذا الوقت هو الذي كان يلزمه فيه المضي معهم.
اجْتَمَعَ عليه حَجةُ الإِسْلَام وقَضَاءٌ ونذْر (1) قُدمَتْ حَجةُ الإِسْلَام ثُم الْقَضَاءُ ثُم النَّذْرُ.
ولَوْ أحْرَمَ بغَيْرِهَا (2) وَقَعَ عَنْهَا لا عَما نَوَى، وَمن عليه قضَاءٌ أوْ نَذْرٌ لَا يَحجُّ عَنْ غيره (3) فَلو أحْرَمَ عن غيرِه وَقَعَ عَنْ نَفْسه عمَّا عليه (4) ولو اسْتَأجَرَ المعْضُوبُ من يَحُجُّ عنه عن النَّذْرِ وعَلَيْهِ حَجةُ الإِسْلَام وَقَعَ عَنْ حَجة الإِسْلَام ولَوْ اسْتأجَرَ شَخْصَيْن فَحَجَّا عَنْهُ الْحَجتَين (5) في سنهَ وَاحِدَة أجْزَأه (6) على الأصح.
وَفُرُوعُ هَذَا الْبَابِ كَثيرَةٌ وَفيمَا أشَرْتُ إلَيْهِ تنبيهٌ عَلَى مَا بقِي وَاللهُ تَعَالَى أعْلَمُ.
(1) صورة اجتماع الثلاثة أن يفسد صبي حجه، ثم يبلغ فينذر الحج.
مذاهب العلماء فيمن عليه حجة الإِسلام وحجة نذر
قال المصنف رحمه الله في مجموعه: قد ذكرنا أن مذهبنا وجوب تقديم حجة الإِسلام، وبه قال ابن عمر وعطاء وأحمد وإسحق وأبو عبيد. وقال ابن عباس وعكرمة والأوزاعي: يجزيه حجة واحدة عنهما، وقال مالك: إذا أراد بذلك وفاء نذره فهي عن النذر، وعليه حجة الإِسلام من قابل، والله أعلم.
(2)
أي بغير حجة الإِسلام ومثلها حجة القضاء فلو أحرم بالنذر وقع عن حجة الإِسلام، فإنْ لم تكن عليه حجة الإسلام وقع عن حجة القضاء لا عن النذر.
(3)
يستثنى منه ما لو استأجره الغير في الذمة، فإنه يجوز وطريقه أن يحج عن نفسه ثم عن غيره.
(4)
هذا فيمن نذر حجاً تلك السنة وقع حجه فيها عن حجة الإِسلام والنذر.
(5)
أي حجة الإِسلام وحجة النذر.
(6)
أي سواء ترتب إحرام الرجلين أو لا، لكن إنْ ترتب إحرامهما وقع الأول لحجة الإِسلام، وإلا وقع إحرام كلٍ عما استؤجر له. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مذاهب العلماء في حكم الاستئجار للحج
قال المصنف رحمه الله في مجموعه: قد ذكرنا أن مذهبنا صحة الإِجارة للحج بشرطه السابق وبه قال مالك وقال أبو حنيفة وأحمد: لا يصح عقد الإجارة عليه، بل يعطى رزقاً عليه، قال أبو حنيفة: يعطيه نفقة الطريق فإنْ فضل منها شيء رده، ويكون الحج للفاعل وللمستأجر ثواب نفقته لأنه عبادة بدنية، فلا يجوز الاستئجار عليها كالصلاة والصوم لأن الحج يقع طاعة فلا يجوز أخْذ العوض عليه، ودليلنا أنه عمل تدخله النيابة فجاز أخذ العوض عليه كتفرقة الصدقة وغيرها.
(فإنْ قيل): لا نسلم دخول النيابة بل يقع الحج عن الفاعل.
(قلنا): هذا منابذ للأحاديث الصحيحة السابقة في إذن النبي صلى الله عليه وسلم في الحج عن العاجز، وقوله صلى الله عليه وسلم:"فَدَيْن الله أحق بالقضاء" و"حج عن أبيك" وغير ذلك. ودليل آخر وهو أن الحج يجوز أخذ الرزق عليه بالإجماع، فجاز أخذ الأجرة عليه كبناء المساجد والقناطر، وأما الجواب عن قياسهم على الصلاة والصوم، فهو أنه لا تدخلهما النيابة بخلاف الحج وعن قولهم: الحج يقع طاعة، فينتقض بأخذ الرزق والله أعلم. اهـ ملخصاً.
(مسألتان): قال العلامة ابن قدامة في مغنيه: أما إذا أعطي ألف درهم أو كذا أو كذا فقيل له: حج بهذه فله أن يتوسع فيها، وإن فضل شيء فهو له، وإذا قال الميت: حجوا عني حجة بألف درهم، فدفعوها إلى رجل، فله أنْ يتوسع فيها وما فضل فهو له. اهـ.
أقسام الاستئجار للنسك
قسمان: استئجار عين واستئجار ذمة:
(فالأول): كاستأجرتك لتحج عني أو عن مَيتي أو عن فلان هذه السنة بكذا، فإن عين غير السنة الأولى لم يصح العقد وَإنْ أطلق صح وحُمل على السنة الحاضرة، فإن كان لا يصل مكة إلا لسنتين فأكثر فالأولى من سني إمكان الوصول ويشترط لصحته قدرة الأجير على الشروع في العمل واتساع المدة له والمكي ونحو ممن يدرك الحج في سنته إذا خرج في أشهر يستأجره في أشهر الحج. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= و (الثاني): كألزمت ذمتك حجة لي أو لمورثي أو لفلان بكذا.
ولاستئجار العين شروط ملخصها كما في إرشاد الأنام للعلامة السيد البطاح المكي رحمه الله تعالى نقلاً عن كتاب فتح القدير باختصار متعلقات نسك الأجير للعلامة محمد بن سليمان الكردي رحمه الله تعالى أربعة عشر شرطاً:
(أحدها): أن يباشر الأجير عمل النسك الذي استؤجر له بنفسه فليس له فعله بغيره فإن فعله فلا شيء للأوّل مطلقاً ولا للثاني إن علم الفساد وإلا فله أجرة المثل على الإذن له.
(ثانيها): أن يعين السنة الأولى من سني إمكان الحج من بلد الإِجارة أو يطلق وينزل الإطلاق عليها.
(ثالثها): أن يقع العقد في زمن خروج الناس من ذلك البلد بحيث يشتغل عقب العقد بالخروج أو بأسبابه كشراء الزاد ونحوه ولا يضير انتظار خروج القافلة الخارجة بعد العقد حيث يخشى من خروجه وحده نحو وحشة ولو جدّ في السير فوصل الميقات قبل أشهر الحج بطلت الإجارة، والعمرة يستأجر لها سائر السنة إلا من عليه بقية نسك فلا يستأجر عنه.
(رابعها): أن لا يشترط المستأجر على الأجير تأخير العمل.
(خامسها): قدرة الأجير على الشروع في العمل عقب الإجارة بأن لا يقوم به نحو مرض أو خوف.
(سادسها): اتساع المدة لإدراك الحج بعد العقد.
(سابعها): أن يكون الأجير قد حج عن نفسه، وقال أبو حنيفة ومالك بجواز حج الضرورة عن غيره مع الكراهة.
(ثامنها): أن لا يخالف الأجير في كيفية أداء ما استؤجر له، فإن أبدل الأجير بقران أو تمتع بإفراداً أو بإفراد تمتعاً انفسخت الإجارة.
(تاسعها): أن لا يفسد الأجير نسكه وإلا انفسخت الإجارة وانقلب النسك له ويلزمه ما يلزم المفسد لنسكه.
(عاشرها): أن لا يؤخر الأجير الإحرام عن أول سني الإمكان فإن أخره انفسخت الإجارة فإن حج عنه في الثانية وقع الحج للمستأجر واستحق الأجير أجرة المثل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (حادي عشرها): حياة الأجير إلى تمام أركان النسك، فلو مات قبل الإحرام فلا شيء له من الأجرة أو بعد الإحرام وقبل تمام الأركان أثيب المحجوج عنه على ذلك واستحق الأجير قسطه من المسمى أو من أجرة المثل كالعامل في المجاعلة، ويعتبر ذلك من ابتداء السير وتنفسخ الإِجارة فإن مات بعد تمام الأركان دون باقي الأعمال الواجبة والمسنونة لم يؤثر ذلك على صحة الإجارة لكن يلزم الأجير قسط ما بقي من الواجبات والسنن وتجبر الواجبات بدماء وهي على المستأجر لوقوع النسك له مع عدم إساءة الأجير.
(ثاني عشرها): أن لا يقع على الأجير حصر يتحلل بسببه وإلا كان كموت الأجير في التفصيل السابق آنفاً.
(ثالث عشرها): أن لا يفوت الحج على الأجير وإلا انقلب له ولزمه ما يلزم في الفوات إذا كان النسك له وانفسخت الإجارة.
(رابع عشرها): أن لا ينذر الأجير النسك الذي استؤجر له قبل الوقوف بعرفات في الحج وقبل الطواف في العمرة وإلا انصرف له كما لو أحرم بتطوع ثم نذره فإنه ينصرف لفرضه وانفسخت الإجارة.
وأما شروط الإجارة الذمية فهي تخالف الإجارة العينية في الشروط السابقة فيها، فلا يشترط هنا أن يباشر الأجير عمل النسك الذي استؤجر له بنفسه ولا قدرته على الشروع في العمل ولا أن يكون قد حج عن نفسه ولا يقدح في ذلك خوف الأجير أو مرضه إذ له الإنابة فيها ولا بلا عذر ولو بشيء قليل دون ما استؤجر به، ويجوز له حينئذ كل الزائد، نعم يلزمه أن لا يستأجر إلا عدلاً، وأما وكلاء الأوصياء في الاستئجار فيجب عليهم أن يستأجروا بالمال المدفوع إليهم جميعه ولا يحل لهم أخذ شيء من ذلك المال وإلاّ فسقوا وعزروا، وكذلك الوصي حيث علم بأحوالهم ووكلهم، وكذلك الفقيه العاقد بينهما إذا علم.
ويصح تعيين غير السنة الأولى من سني الإمكان فإن قدم الأجير النسك على السنة المعينة فقد زاد خيراً وعند الإطلاق ينصرف إلى الأولى كإجارة العين ولا تنفسخ الإجارة بإفساد الأجير لنسك ولا بتحلله بالإحصار ولا بفوات الحج ولا نذر الأجير النسك قبل الوقوف أو الطواف في العمرة لكن حيث لزم من ذلك تأخير النسك يخير المستأجر بين الفسخ وعدمه ويكون خياره على التراخي، قال: والذي تلخص للفقير من ذلك شرطان: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (أحدهما): حلول الإجارة فيمتنع فيها تأجيلها سواء تأخر العمل عن العقد أم اتصل به بخلاف إجارة العين.
(ثانيهما): تسليمها في مجلس العقد كرأس مال المسلم فيمتنع الاستبدال عنها والحوالة بها وعليها والإبراء منها ويثبت فيها خيار المجلس بخلاف العينية فإن الأصح عدم ثبوته فيها، وتحصل إجارة الذمة بنحو ألزمت ذمتك حجة لي أو لمورثي أو لفلان بكذا.
وقال: ويشترط في كل من إجارة العين والذمة شروط فإن انتفى شرط منها فسدت سواء كانت عينية أو ذمية:
(أحدها): علم المتعاقدين أعمال النسك عند العقد أركانه وواجباته وسننه وتردد ابن حجر في حاشية الإيضاح في المراد بالسنن هل هي المجمع عليها أو الشهيرة من مذهب الأجير وهي ما لا يخفى على من له إلمام بالمناسك. قال: وفي كل من هذين الاحتمالين مشقة لا تخفى ولهذا رأينا المتورعين يعدلون إلى الجعالة لأنه يغتفر فيها الجهل بالعمل.
وتردد أيضاً في الحاشية في المراد بالأركان والواجبات والسنن هل هي على مذهب الأجير أو المستأجر له وعلى كل فلو استأجر من يظنه موافقاً في مذهبه فبان مخالفاً فهل يتخير في الفسخ ويجب في صورة الميت أو لا يتخير؟ قال: ولعل الثاني أقرب أي بناء على أنه يلزمه تقليد إمام المستأجر له فيأتي بالأعمال على مذهبه.
(ثانيها): أن ينوي النسك عمن استؤجر له ولا بد من نوع تعيين له عند العقد كمن أوصاني أو أتبرع عنه وعند الإحرام كمن استؤجرت له ولا يشترط معرفته.
(ثالثها): كون الأجرة معلومة، فإن كانت في الذمة اشترط العلم بها جنساً وقدراً وصفة، وإن كانت معينة اشترط معاينتها.
(رابعها): استجماع ما اشترطوه في البائع والمشتري من الرشد وعدم الإكراه والجنون وغير ذلك.
(خامسها): يشترط في الأجير لحج الفرض خاصة، ولو قضاء أو نذراً، الحرية والبلوغ، وأما الذكورة والأنوثة فلا تشترط فتصح إنابة الرجل عن المرأة وعكسه.
(سادسها): كون المحجوج عنه ميتاً أو معضوباً أذن في الحج عنه.
(سابعها): بيان أنه إفراد أو تمتع أو قران إن كان الاستئجار للحج والعمرة أو للنسك، فإن أبهم بطل لكنه يقع للمستأجر بأجرة المثل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (ثامنها): أن لا يشترط المستأجر على الأجير مجاوزة الميقات بلا إحرام وإلا فسدت الإجارة ومن ذلك أن يشترط المستأجر عن الآفاقي على الأجير المكي ونحوه أن يحرم من مكة أو من دون مسافة ميقات المحجوج عنه وإن لم يشترط ذلك المستأجر على الأجير وفعله الأجير بنفسه لزمه دم مجاوزة الميقات وحط القسط من الأجرة ولا يشترط تعيين الميقات بل يحمل على ميقات المحجوج عنه وله العدول عنه إلى مثل مسافته وكذا إلى ميقات آفاقي أقرب من ميقات المحجوج عنه على نزاع فيه.
(تاسعها): أن يكون الأجير عدلاً في غير معين الموصي العالم بفسقه وإلا لم تصح إنابته ولو مع المشاهدة، والمراد العدالة الظاهرة دون الباطنة.
(عاشرها): أن يكون النسك المستأجر له مما يطلب فعله من المجوج عنه وإلا بطلت الإجارة.
(حادي عشرها): أن يكون بين المعضوب وبين مكة مسافة القصر فأكثر وإلا لم يجز له الإنابة حتى يموت فيحج عنه بعد موته.
(ثاني عشرها): أن يوصي الميت بأداء النسك عنه إن كان النسك تطوعاً وإلا فلا يصح.
(ثالث عشرها): أن لا يتكلف المعضوب الحج ويحضر مع أجيره بعرفة وإلا انفسخت الإجارة ووقع الحج للأجير مع استحقاقه الأجرة.
(رابع عشرها): أن لا يشفى المعضوب من عضبه وإلا وقع الحج للأجير ولا أجرة له هذا آخر شروط الإجارتين فتكون شروط العينية ثمانية وعشرين شرطاً، وشروط الذمية ستة عشر شرطاً. ثم قال: الباب الرابع في الجعالة وهي تجامع الإجارة في كثر الأحكام وتفارقها في أمور:
في جوازها على عمل مجهول وصحتها من غير معين وكونها جائزة من الطرفين، وتنقسم كالإجارة إلى قسمين: عينية كجاعلتك لتحج، سواء قال بنفسك أم لم يقل، وذمية كألزمت ذمتك تحصيل كذا، ففي الأولى لا بد أن يعين أوّل سني الإمكان أو يطلق وإلا فلا يصح وهكذا إلى آخر ما ذكرناه في الإجارة العينية يجري نظيره هنا وما سبق في الذمية يجري نظيره في الجعالة الذمية ثم قال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= اعلم أنه لا تصح الإجارة على زيارته صلى الله عليه وسلم وبحث في التحفة الصحة فيما لو انضبطت كأن كتبت له بورقة وتصح على تبليغ السلام عليه صلى الله عليه وسلم.
وأما الجعالة فلا تصح على الوقوف عند القبر وتصح على الدعاء ثمة ولا يضر الجهل بنفس الدعاء ولو استُجعل شخص من جماعة على الدعاء صح، فإن دعا لكل منهم استحق جُعل الجميع وإن اتحد السير ويجري هنا ما سبق في الإجارة، ففي الجعالة العينية لا بد أن يعين أول سني الإمكان أو يطلق إلى آخر ما ذكر من الشروط، وفي الجعالة الذمية يصح تعيين غير السنة الأولى إلخ.
ويجب على من استأجر أو جاعل بمال ميت أن يعمل في الفسخ وعدمه بما فيه المصلحة للميت. اهـ الملخص من فتح القدير. ثم قال:
خاتمة: الحج عنه صلى الله عليه وسلم لا يصح وجعل ثواب الحج له أو لغيره بعد الحج على جهة الدعاء صحيح ولا يصح بيع ثواب حج التطوع ولا غيره من العبادات. اهـ.