المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السابعفيما يجب على من ترك من نسكه مأمورا أو ارتكب محرما - الإيضاح في مناسك الحج والعمرة

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌التعريف بصاحب الإِيضاحرحمه الله تعالى

- ‌التعريف بصاحب الحاشية على الإيضاح

- ‌التعريف بمؤلف الإِفصاح

- ‌مقدمة صاحب الإِفصاح

- ‌مقدمة الإِيضاح

- ‌أسرار الحج وذكرياته

- ‌منافع الحج دينية ودنيوية

- ‌الباب الأولفي آداب سفره وفيه مسائل

- ‌فصلإِذَا جَمَعَ في وَقْت الأُولَى أَذَّنَ لَهَا

- ‌فصلوَيُسْتَحَب صَلَاةُ الْجَمَاعَة في السَّفَر

- ‌فصلوَتُسَنُّ السُنَنُ الرَاتِبةُ مَعَ الْفَرَائِضِ في السفَرِ

- ‌فَصْلوَالتيمُّمُ مَسْحُ الْوَجْه

- ‌فَصْلإذا صَلَّى بالتيَمم لِعَدَم الْمَاءِ الَّذِي يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ إِعَادةُ الصَّلَاة

- ‌فَصْلٌإذا لَمْ يَجِدْ ماءَ ولا تُرَاباَ صَلَّى على حَسَبِ حَالِهِ

- ‌فَصْلمما تَعُمُّ به الْبَلْوَى وَيَحْتَاجُ إلى مَعْرِفَتِهِ سَالِكُ طَرِيْقِ الْحَجِّ حُكْمُ مَنْ يَمُوتُ مَعَهُمْ

- ‌فَصْلوممَّا يَتأكدُ الوَصيةُ به أنَّهُ يَنْبَغي أَن يحْرصَ على فعل الْمَعْرُوف

- ‌فَصْلمُخْتَصَرٌ جدَّاً فيما يَتَعَلَّقُ بوجُوب الْحَجُّ

- ‌الباب الثانيفي الإحرام

- ‌فَصْلٌفي ميقات الحج

- ‌فَصْلفي آداب الإِحرام

- ‌فَصْلٌفي التلبية

- ‌فَصْلفي محرمات الإِحرام

- ‌الأَوَّل: اللُّبْسُ:

- ‌النوع الثاني: من محرمات الإحرام الطيب:

- ‌النوع الرابع: الحلق وقلم الظفر:

- ‌النوع الخامس: عَقْدُ النكاحِ:

- ‌النوع السادس: الجمَاعُ ومُقَدّماته:

- ‌فَصْلٌهذه مُحَرَّماتُ الإِحرام السَّبْعَة وما يَتَعَلَّقُ بها والمرأة كالرَّجل في جَميعها

- ‌فَصْلوما سِوَى هذه المحرمات السَّبْعة لا تحرُمُ على المُحْرم

- ‌الفصل الأولفي آداب دخولها

- ‌الفصل الثانيفي كيفية الطواف

- ‌فَرْعٌ في وَاجِبَاتِ السَّعْي وَشُرُوطِهِ وَسُنَنِهِ وَآدَابِهِ:

- ‌الفصل الرابعفي الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَبْلَهُ وَبَعْدهُ

- ‌الفصل السادسفي الدفع إلى منى

- ‌الفصلُ السابعُفي الأعمالِ المشروعةِ بِمنى يَوْم النَّحْرِ

- ‌فَصْلٌلِلحج تَحَلُّلانِ

- ‌فَصْلفي أمورٍ تُشْرَعُ يوم النحرِ ويتعلقُ بِهِ غيرُ مَا ذكرناهُ

- ‌الفصل الثامنفيما يفعله بمنى في أيام التشريق ولياليها

- ‌الباب الرَّابعفي الْعُمْرة وَفِيهِ مَسَائِلُ

- ‌الباب الخامسفي المقام بمكة وطواف الوداع وفيه مسائل

- ‌الباب السادسفي زِيَارَةِ قَبْرِ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ وَعَظَّمَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌الباب السابعفيما يجب على من ترك من نسكه مأموراً أو ارتكب محرماً

- ‌فَصْلٌوَأَما ارْتِكَابُ الْمَحْظُورِ

- ‌فَصْليَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لصيْد حَرم المدينةِ وَأشجَارهِ

- ‌فَصْلوَيَحْرُمُ صَيْدُ وَجِّ

- ‌فَصْلٌفِيمَا إذَا فَعَلَ الْمُحْرِمُ مَحْظُورَيْنِ أوْ أكْثَرَ هَلْ يَتَدَاخَلُ

- ‌فَصْلٌفي الإِحْصَارِ

- ‌فَصْلٌمتى صارَ الصَّبِيُّ مُحَرِماً فَعَلَ ما قَدَرَ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌالزائِدُ مِنْ نَفقةِ الصَّبِي

- ‌فَصْلٌيُمْنَعُ الصَّبِي الْمُحْرِمُ

- ‌فَصلإذا جامعَ الصَّبِي

- ‌فَصْلحُكْمُ الْمَجْنُونِ حُكْمُ الصَّبِي

- ‌فَصْلإذَا بَلَغَ الصبي فِي أثناءِ الْحَجّ

- ‌فَصْلٌإِحْرَامُ العبدِ صحيحٌ

- ‌فَصْلٌفي آدابِ رُجُوعِهِ مِنْ سَفَرِ حَجّهِ

- ‌فَصْلٌذكر أقضى القضاةِ الماورديُّ في الأحكامِ السلطانيةِ باباً في الولايةِ على الحجيجِ أنَا أذكرُ إِن شاءَ الله تعالى مقاصِدَهُ

- ‌فَصْلٌنَختم به الكتاب وإن لم يكنْ له اختصاص بالمناسك

الفصل: ‌الباب السابعفيما يجب على من ترك من نسكه مأمورا أو ارتكب محرما

‌الباب السابع

فيما يجب على من ترك من نسكه مأموراً أو ارتكب محرماً

(1)

اعْلَمْ أنَّ من لم يترك مأْموراً وَلَمْ يَرْتكبْ مَحَرَّماً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أصْلاً.

وَأَمَّا مَنْ تَرَكَ المأْمُورَ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْب لا يَفُوتُ بهِ الحَجُّ، وَضَرْب يَفُوتُ بِهِ. فالذي لا يَفُوتُ بِهِ مَا عَدا الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ وَهُوَ أَنْوَاع:

أَحَدُهما: مَأْذُون فِيهِ وَهُوَ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ فَإنَّ فِيهِمَا تَرْك وَاجِبٍ (2) مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَجِبُ فِيهِمَا هَدْي (3) وَهُوَ

(1) قال في الحاشية: هذا الباب يحتاج إلى قاعدة تجمع أطرافه فلنشر إلى مهماتها، فنقول: وجوب الدم إما مرتب لا يجوز العدول عنه إلا مع العجز، وإما مخير يجوز العدول عنه مطلقاً، وكل منهما باعتبار بدله، إما مقدرة أي قدر الشرع بدله شيئاً محدوداً أو معدل أي أمر فيه بالتقويم والعدول إلى غيره، فلا يجتمع ترتيب وتخيير ولا تقدير وتعديل فالحاصل أربعة أقسام. اهـ. والأربعة تأتي في الكتاب إن شاء الله وهي: الترتيب والتقدير، الترتيب والتعديل، التخيير والتعديل، التخيير والتقدير.

(2)

هو ترك الميقات في أحد نسكيه كما مَرّ فدمهما دم جبر.

(3)

هذا الهدي هو دم الترتيب والتقدير: ومعنى الترتيب أنه لا ينتقل الشخص إلى الثاني إلا بعد العجز عن الأول ومعنى التقدير أنه ينتقل الشخص إلى شيء قَدره الشرع كالصيام للعشرة الأيام هنا وإليه أشار العلامة ابن المقرئ رحمه الله تعالى بقوله: (أربعة =

ص: 469

شَاة (1) فَصَاعِدَاً (2) مِمَّا يُجْزِىءُ فِي الأَضْحِيَةِ وَقَد سَبَقَ بَيَانُه (3). فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ لِعَجْزِهِ عَنِ الثمَنِ فِي الحج أوْ لِكَوْنهِ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ وَمَؤونة سَفَرِهِ أَوْ لِكَوْنهِ لَا يُبَاعُ إلا بِأَكْثَرِ مِنْ ثَمَنِ المِثْلِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (4) انْتَقَلَ إِلَى الصَّوْم، فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيام في الْحَجّ وَسَبْعَة إِذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ. وَوَقْتُ وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ إِذَا أَحْرَمَ بِالحَجّ (5) فَإِذَا وَجَبَ جَازَتْ إرَاقَتُه (6) وَلَمْ يَتَوَقَّتْ بِوَقْت كَسَائِرِ دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ لكِنّ الأفْضَل إرَاقَتُهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَجُوزُ إِرَاقَتُهُ بَعْدَ الفَرَاغ مِنَ العُمْرَةِ (7) وَقَبْلَ الإحْرَامِ بِالْحَجّ عَلَى الأَصَح، وَلَا يَجُوزُ

= دماء حج تحصر -فالأول المرتب المقدر تمتع فوت وحج قرناً- وترك رمي والمبيت بمنى، وتركه الميقات والمزدلفة -أو لم يودع أو كمشي أخلفه، ناذره يصوم إنْ دماً فقد- ثلاثة فيه وسبعاً في البلد).

ذكر المصنف رحمه الله منها دم التمتع والقران وترك الإحرام من الميقات وترك الرمي وترك المبيت بمزدلفة أو منى وترك طواف الوداع والفوات ويزاد عليها ترك المشي المنذور، والركوب المنذور، وما لزم الأجير أو المستأجر ونذر نحو الإفراد والحلق والحفا فأخلف، وكل سُنة من سنن النسك إذا نذرها وهذا في واجب، وفي مسنون ترك الجمع بين الليل والنهار في وقوفه بعرفة، وترك ركعتي الطواف وترك الإِحرام عند دخول مكة لغير نسك وصلاة الصبح بمزدلفة.

(1)

صفتها صفة الأضحية ويقوم مقامها سُبعْ بدنة أو سُبعْ بقرة.

(2)

أي فبقرة فواحدة من الإبل وليس مراده فشاتين فأكثر لأن الزائد على واحدة لا يتبع واجباً والكلام فيه قد تقدم.

(3)

أي في الباب الأول في الإحرام.

(4)

وكذا لو وجد الثمن، وعدم الهدي حالاً فله الانتقال للصوم وإن علم أنه يجده قبل فراغ الصوم كما في المجموع، وفيه ولو كان يرجوه فله الصوم.

(5)

وبه قال أبو حنيفة وأحمد وعند مالك: لا يجب حتى يرمي جمرة العقبة.

(6)

عند أبي حنيفة ومالك وأحمد لا تجوز إراقته إلا في يوم النحر.

(7)

أي لأنه وجب بسببين الاعتمار في أشهر الحج ثم الإتيان بالحج في عام الاعتمار فجاز تقديمه على أحدهما كالزكاة بعد ملك النصاب والله أعلم. =

ص: 470

قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنَ العُمْرَةِ عَلَى الأصَحّ.

وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الإِحْرَامِ بِالْحَجّ (1) وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ شَيْءٍ مِنَ الثلَاثَةِ في يَوْمِ النَّحْرِ وَلَا في أَيامِ التَشْرِيقِ (2)، وَيُسْتَحَب أَنْ يصومَ الثلَاثَةَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ لأَنَّهُ يُسْتَحَب لِلْحَاجّ أنْ لَا يَصُومَ يَوْمَ عَرَفَةَ (3) وَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ هذَا إِذَا قَدَّمَ إِحْرَامَهُ بِالْحَجّ عَلَى يَوْمِ السادِسِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ قَالَ أصْحَابُنَا: يُسْتَحَب لِلْمُتَمَتعِ (4) الذي هُوَ مِنْ أْهْلِ الصَّوْمِ أنْ يُحْرِمَ بِالْحَجّ قَبْلَ السَّادِسِ (5) وَأَمَّا وَاجِدُ الْهَدْيِ فَيُسْتَحَب أنْ يُحْرِمَ بِالْحَجّ فِي الْيَوْمِ الثامِنِ، وَقَدْ سَبق بيانُ هذَا.

= (تتمة): قال صاحب رفع الأستار عن دماء الحج والاعتمار رحمه الله تعالى: تكرار المتمتع العمرة في أشهر الحج لا يتكرر به الدم كما قاله بعض المشايخ المتأخرين خلافاً للريمي رحمه الله تعالى. اهـ.

(1)

قال في الحاشية: هو المذهب وما في شرح مسلم مما يخالفه شاذ بل قيل سهو. اهـ. وبه قال مالك وقال أبو حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين بجوازه بعد الإِحرام بالعمرة.

(2)

هذا هو الجديد المعتمد وبه قال أبو حنيفة لحديث عمرو بن العاص أنه قال لابنه عبد الله رضي الله عنهما في أيام التشريق: (إنها الأيام التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومهن، وأمر بفطرهن) أخرجه أبو داود وابن المنذر وصححه ابن خزيمة والحاكم كما في الفتح). ولحديث مسلم: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله) والقديم المختار الجواز، واختاره في الروضة من جهة الدليل وهو مذهب مالك وأحمد في رواية لما رواه البخاري في صحيحه عن عروة عن عائشة وعن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين قالا:(لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي).

(3)

أي للاتباع ولأنه أنشط للدعاء والتلبية.

(4)

أي والقارن ونحوهما ممن يمكنه إيقاع الثلاثة في الحج.

(5)

أي ليصوم الخامس والسادس والسابع ولا بد من تبييت نية الصوم ليلاً لكونه واجباً.

ص: 471

وَإِذَا فَاتَهُ صَوْمُ الثلَاثَةِ (1) بِالْحَج لَزِمَ قَضاؤهُ (2) وَأَمَّا السَّبْعَة فَوقتُ وجُوبِهَا إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ (3) فَلَوْ صَامَهَا فِي الطَّرِيقِ لَمْ يَصحّ عَلَى الأَصَح (4) وَإِذَا لَمْ يَصُمْ الثلَاثَةَ حَتى رَجَعَ لَزِمَهُ أنْ يُفَرقَ بينَ الثلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ بِفِطْرِ (5) أَرْبَعَةِ أيام وَمُدَّة إمْكَانِ السيرِ إِلَى أهْلِهِ عَلَى العَالَةِ الغَالِبةِ هَذَا هُوَ الأَصَحُّ (6) وَيُسْتَحَب

(1) على الجديد يفوت بغروب شمس يوم عرفة، وبه قال أبو حنيفة: ويستقر الهدي في ذمته.

(2)

ولا دم عليه وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة: عليه دمان دم للتمتع ودم لتأخير الصوم، وعن أحمد ثلاث روايات:(أصحها): كأبي حنيفة، والثانية: دم واحد، والثالثة: يفرق بين المعذور وغيره، وكذا إن أخر الهدي من سنة إلى سنة.

(3)

أي إلى وطنه أو ما يريد توطنه ولو مكة وهذا فيمن طاف طواف الإفاضة وحلق وسعى على الأصح من قولي الشافعي، وهو مذهب أحمد للحديث المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله" والثاني: الجواز قبل الرجوع، وفي وقت الجواز ذلك وجهان: أحدهما: إذا خرج من مكة وهو قول مالك والثاني: إذا فرغ من الحج وإن كان بمكة وهو قول أبي حنيفة. اهـ كتاب رحمة الأمة في اختلاف الأئمة.

وقال في المجموع: و (الثاني) يصومها إذا تحلل من حجه، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأحمد رضي الله عنهم قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن مَنْ وجد الهدي لا يحرم عليه الصوم والله أعلم. اهـ.

أقول: قول ابن المنذر رحمه الله تعالى: ولا يحرم عليه الصوم. هذا إذا وجد المتمتع الهدي في صوم السبعة، وأما إذا وجده في صوم الثلاثة فقال أبو حنيفة: ووافقه المزني من الشافعية: يلزمه الهدي كما في المجموع.

(4)

قال ابن قدامة في مغنيه: قال الأثرم سئل أحمد: هل يصوم في الطريق أو بمكة؟ قال: كيف شاء. وبهذا قال أبو حنيفة ومالك.

(5)

ليس المراد به تعاطي مفطر بل عدم صومه في تلك المدة بنية نحو التمتع.

(6)

وعند الحنابلة: لا يلزم التفريق. قال العلامة ابن قدامة في مغنيه: وإذا صام عشرة أيام لم يلزمه التفريق بين الثلاثة والسبعة. اهـ.

ص: 472

التتابعُ في صَوْمِ الثَّلَاثَةِ (1) وَكَذا في صوْمِ السَّبعَةِ ولا يجبُ، فإذا لم يجِد الهَدْيَ فشرعَ في صومِ الثَّلاثةِ أو السبعة ثم وجدَهُ لم يلزمْهُ الهَدْيُ بل يستَمرُّ في الصَّوْمِ لكن يُسْتَحَب الرُّجُوعُ إلى الهَدْيِ (2).

النوع الثاني: تَرْك غير مأذُون فيهِ وهو تركُ الإِحْرامِ من المِيقَاتِ أو الرَّمْي أو الجمعِ بينَ الليْلِ والنَّهَارِ بِعَرَفَةَ أو المبيتِ بمُزْدَلِفَة أو بمنى أو طوافِ الوداعِ. فالأوَّلَانِ من هذهِ الستَّةُ مُتّفق على وَجُوبِهِمَا والأرْبَعَةُ مُخْتَلَف في وجوبِهَا (3) كما سَبَقَ بيانُهُ، فَمَنْ تركَ واجباً من هذه لزِمَهُ دَمُ شاة فَصَاعِداً فإِنْ عَجَزَ فالأصَحُّ أَنَّهُ كالمتَمَتِّعِ فيصومُ ثلَاثَة أيامٍ في الحَجّ (4) وسَبعةً إذا رجع إلى أهلهِ، وقيلَ إذا عَجَزَ قُومَتْ الشَّاةُ درَاهِمَ واشترَى بها طَعَامَاً وَتَصدقَ بِهِ فإِن عَجَزَ عن الطعامِ صَامَ عن كُلّ مدّ يَوماً.

النوع الثالث: تَرْكُ طَوَافِ الإِفَاضَةِ أو السَعْيِ أو الحَلْقِ وهذه لا مَدْخَلَ للجُبْرانِ فِيها ولا تُفوتُ ما دامَ حَياً وقد سَبَقَ بيانُ هذا في آخرِ البابِ الثالثِ (5).

الضربُ الثاني: تركُ ما يفوتُ بِهِ الْحَج وَهُوَ الوقُوفُ بِعَرَفَةَ، فَمَن فَاتَه

(1) أي إنْ أحرم قبل السادس وإلا تعين التتابع لضيق الوقت لا لنفس التتابع.

(2)

به قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: يلزمه إنْ وجده في الثلاثة ولا يلزمه في السبعة.

(3)

الراجح أن الأول من هذه الأربعة واجب أو مستحب والثلاثة الباقية واجبة.

(4)

لا يتصور إلا في ترك الإِحرام من الميقات بخلاف الخمسة بعده.

(5)

أي عند قوله رحمه الله: (الرابع من الأعمال المشروعة يوم النحر طواف الإِفاضة) أقول: قد ذكرت هناك في التعليق عليه ركنيته واختلاف الأئمة رحمهم الله في أول وقته وآخره وحكمهم فيمن أخره عنه.

ص: 473

الوُقُوفُ لزمهُ دَمٌ كَدَمِ التَّمَتعِ في أحكامِهِ السَّابِقَةِ (1)، ويلْزَمُهُ أنْ يَتَحَلّل (2) بِعَمَلِ عُمْرة (3) وهو الطَّوَافُ والسّعْيُ (4) وَالْحَلْقُ ولا يُحْسَبُ ذلكَ

(1) غير أن وقته لا يدخل إلا بالإحرام بحجة القضاء وهو قول الأئمة إلا الإمام أبا حنيفة وأصحابه قالوا: لا دم على من فاته الحج، وهي الرواية الثانية عن الإِمام أحمد لأنه لو كان الفوات سبباً لوجوب الهدي للزم المحصر هَدْيَان للفوات والإحصار. اهـ مجموع ومغني ابن قدامة. فإن عجز عن الدم صام ثلاثة أيام بعد الإحرام بالقضاء وسبعة إذا رجع إلى أهله والمكي وغيره سواء في الفوات وترتيب الأحكام ووجوب الدم، وأما الرقيق إذا فاته الوقوف فيجب عليه الصوم بعد الإِحرام بالقضاء ولا يجب الدم لأنه لا يملك شيئاً والله أعلم.

(تنبيه): إذا فات القارن الحج فالعمرة فاتته تبعاً له ويلزمه ثلاثة دماء عند الشافعية كما في المجموع دم للفوات ودم للقران ودم للقضاء وإن أفرد لالتزام القران بالفوات.

وفي المغني: ويلزمه هديان لقرانه وفواته، وبه قال مالك والشافعي وقيل يلزمه هدي ثالث للقضاء؛ وليس بشيء فإن القضاء لا يجب له هَدْي وإنما يجب الهدي الذي في سنة القضاء للفوات. اهـ. وإذا فات الحج المتمتع بعد فراغه من عمرته الواقعة في أشهر الحج فعليه دمان دم للفوات ودم للتمتع، ولا يتصور فوات العمرة لأن جميع السنة وقت لها والله أعلم.

(2)

أي فوراً اتفاقاً. قاله السبكي: إلا رواية عن مالك، ومتى خالف وبقي محرماً إلى قابل فحج بذلك الإِحرام أثم ولم يجزئه كما حكاه ابن المنذر عن الشافعي. قال ابن قدامة: فإنْ اختار من فاته الحج البقاء على إحرامه ليحج من قابل فله ذلك، روي ذلك عن مالك لأنه تطاول المدة بين الإِحرام وفعل النسك لا يمنع إتمامه كالعمرة والمحرم بالحج في غير أشهره، ويحتمل أنه ليس له ذلك لأن إحرام الحج يصير في غير أشهره فصار كالمحرم بالعبادة قبل وقتها. اهـ.

(3)

أي صورة لا حكماً وتسمى (عمرة الفوات) وتجب نية التحلل عند كل عمل من أعمالها.

(4)

أي إن لم يكن سَعَى بعد طواف القدوم، فإن قَدمَه فلا يعيده بعد طواف عمرة التحلل، فإنْ كان معه هدي ذبحه قبل الحلق، كما يفعله مَنْ لم يفته الحج. ولعمرة الفوات هذه تحللان يحصل أحدهما بواحد من الحلق أو الطواف المتبوع بالسعي إنْ لم =

ص: 474

عُمْرَة (1) وَعليه قضاءُ الحجِّ سَواء كانَ إحْرَامُه بِحجّ واجِب أو تَطَوع (2) ويجبُ الْقَضَاءُ (3) عَلَى الفَوْرِ (4) في السَّنة الْمُسْتَقْبَلَة عَلَى الأَصَحّ فَلَا يَجُوزُ تأخِيرُهُ عَنْهَا

= يقدمه. الثاني: يحصل بطواف وسَعْي بعده إنْ لم يقدمه بعد طواف القدوم وحلق مع نية التحلل بها ولا يلزمه مبيت منى ولا رمي.

(1)

به قال مالك وأبو حنيفة، وقال أبو يوسف وأحمد في أصح الروايتين عنه: ينقلب عمرة مجزئة عن عمرة سبق وجوبها ولا دم. اهـ مجموع.

(2)

به قال مالك وأبو حنيفة إلا أنّ أبا حنيفة ومحمداً قالا: لا دم عليه ووافقا في الباقي. اهـ مجموع. وقال ابن قدامة في مغنيه: وعن أحمد لا قضاء عليه بل إنْ كانت فرضها فعلها بالوجوب السابق وإن كانت نفلاً سقطت وهو إحدى الروايتين عن مالك لأنه صلى الله عليه وسلم لَما سئل عن الحج أكثر من مرة؟ قال: "بل مرة واحدة" ولو أوجبنا القضاء كان أكثر من مرة، ولأنه معذور في ترك إتمام حجه فلم يلزمه القضاء كالمحصر، ولأنها عبادة تطوع فلم يجب قضاؤها كسائر التطوعات، ولكن الرواية الصحيحة عن الإمام أحمد يلزمه القضاء من قابل سواء الفائت واجباً أو تطوعاً كالشافعية والحنفية والمالكية والله أعلم.

ودليل وجوب القضاء وهدي شاة وجميع ما ذكره المصنف ما رواه مالك والشافعي والبيهقي وغيرهم رحمهم الله ورحمنا معهم عن سليمان بن يسار أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه خرج حاجاً حتى إذا كان بالنازية من طريق مكة ضَلت راحلته، فقدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم النحر فذكر ذلك له. فقال له عمر:(اصنع كما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإذا أدركت الحج قابلاً فاحجج واهد ما استيسر من الهدي).

(3)

إنما يجب القضاء في فوات لم ينشأ عن حصر، فإن نشأ عنه بأن حصر فسلك طريقاً آخر أطول من الأول ففاته الحج وتحلل بعمل عمرة فلا إعادة عليه إنْ كان نسكه نفلاً لأنه بذل ما في وسعه، أما لو سلك طريقاً آخر مساوياً للأول أو أقرب منه أو صابر إحرامه غير متوقع زوال الإِحصار ففاته الوقوف فعليه الإِعادة والله أعلم.

(4)

أي فيهما كما هو مقتضى صريح عبارة المصنف هذه، وصريح شرح المنهاج، وتدل له فتوى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومال إليه السبكي رحمه الله وجرى في الحاشية كالتحفة على ما في الروضة من أن الواجب يبقى كما كان من توسيع وتضييق عليه وفرق بأنه إنما وجب الفور في التطوع لأنه أوجبه على نفسه بالشروع فيه فتضيق عليه =

ص: 475