الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الإِيضاح
الحمد لله ذي الجلال (1) والإِكرام، والفضل والطول والمنن العظام (2)، الذي هدانا للإسلام (3)، وأسبغ علينا جزيل نِعَمِهِ (4) وألْطَافِهِ (5) الجسام، وكرّم الآدميين (6) وفضّلهم على غيرهم من الأنام (7)، ودعاهم برأفته ورحمته إلى دار
(1) أي صاحب العظمة وفيه براعة استهلال من حيث ظهور الجلال وما بعده في الحج وما اشتمل عليه.
(2)
المنن: جمع منَّة وهي النعمة الثقيلة ووصفها بالعظام من الوصف الكاشف ويجوز كونه مؤسساً.
(3)
الإسلام وضع إلهي سائق لذوي العقول السليمة باختيارهم المحمود إلى ما فيه نفعهم بالذات دنيا وأخرى. سمي بذلك لأنه يستسلم له وينقاد ويعبر عنه بالدين والشريعة والملة لأنه يدان ويجتمع عليه ويملي ويكتب فالأربعة متحدة ذاتاً مختلفة اعتباراً.
(4)
نعمه: جمع نعمة وهي ما قصد به الإحسان والنفع لا لعوض ولا لغرض.
(5)
ألطافه: جمع لطف وهو ما يقع به صلاح العبد آخرة نسأله تعالى أن يشملنا بها آمين.
(6)
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] الآية.
(7)
الأنام: أي الخلق وشمل الملائكة، والتحقيق أن خواص الآدميين (أنبياءهم) أفضل من خواص الملائكة كجبريل وخواصهم أفضل من عوامنا أي صُلَحائنا كأبي بكر رضي الله عنه.
السلام (1)، وأكرمهم بما شَرَعَه لهم من حَج بيته الحرام (2)، ويَسرَ ذلك على تكرر الدهور (3) والأعوام، وفرض حَجه على من استطاع إليه سبيلاً من الناس حتى الأغبياء والطغام (4).
أحمده أبلغ الحمد وأكمله وأعظمه وأتمّه وأشْمَلَه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بوحدانيته وإذْعاناً لجلاله وعظمته وصمدانيته، وأشهد أنّ سيدنا محمداً عبده ورسوله المصطفى من خليقته والمختار من بريته صلى الله عليه وسلم وزاده شرفاً وفضلاً لديه.
أما بعد: فإن الحج أحد أركان الدين وَمِنْ أعظم الطاعات لرب العالمين وهو شِعَارُ أنبياءِ الله (5) وسائر عباد الله الصالحين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. فمِنْ أهَم الأمور بيان أحكامه (6)، وإيضاح مناسكه (7) وأقسامه (8)،
(1) أي الجنة سميت به لسلامة داخلها من الآفات جعلنا الله من أهلها آمين.
(2)
وصف البيت بالحرام لحرمة صيده وحرمة قطع شجره.
(3)
الدهور: جمع دهر وهو الأمد المحدود، وفي الخبر المتفق عليه النهي عن سبه، ومعناه ما أصابك منه فالله هو الفاعل وكذا ما يقال في سب الريح، وسبب النهي ما كانت العرب تعتاده من ذمه لما يرونه من أنه الفاعل للنوائب فقال تعالى:"وأنا الدهر" أي الذي أفعل ذلك لا الدهر في زعمكم، فسب الدهر أو الريح يخشى منه أن يؤول إلى سبه تعالى فلذا نهى عنه والله أعلم.
(4)
الأغبياء: جمع غبي وهو قليل الفطنة، والطغام: الحمقى ضعفاء الرأي.
(5)
فيه إثبات حج الأنبياء وهو الظاهر من قول العلماء رحمهم الله تعالى أن جميع الأنبياء والرسل حجوا البيت.
(6)
أي ليكون الآتي بالحج على بصيرة منها.
(7)
كأنه سمي بإيضاح المناسك لذلك.
(8)
من فرض عيني وكفائي وهو إحياء البيت كل عام بإقامة الحج ومندوب ويتصور من الأرقاء والصبيان والحج بعد الحج الأول.
وذكر مصححاته (1) ومفسداته (2) وواجباته (3) وآدابه ومسنوناته (4) وسوابقه (5) ولواحقه (6) وظواهره (7) ودقائقه (8)، وبيان الحَرَم ومكة والمسجد والكعبة وما يتعلق بها من الأحكام وما تميزت به (9) عن سائر بلاد الإسلام. وقد جمعتُ هذا الكتاب مستوعباً لجميع مقاصدها (10) مستوفياً لكل ما يحتاج إليه من أصولها وفروعها ومعاقدها (11) وضمنته من النفائس (12) ما لا ينبغي لطالب الحج (13) أن تفوته معرفته (14) ولا تعزب عنه خبرته (15)، ولم أقتصر فيه على ما
(1) أي مما يتوقف عليه صحة الحج.
(2)
أي جعل الحج فاسداً كالجماع بشرطه.
(3)
أي مما لا يتوقف عليه صحة الحج وإنما يجب دم بتركها.
(4)
الظاهر اقتران السنة والأدب وهو كذلك من حيث التأكد وإن اشتركا في أصل الطالب. وفي الروضة: السنة يتأكد شأنها والأدب دونها.
(5)
أي مما يتعلق قبل الشروع في الحج مِنَ الأحكام في السفر.
(6)
أي مما يتعلق بعد تمام الحج من الأحكام وفي رجوعه منه لبلده.
(7)
أي كمعرفة الأركان الواجبات.
(8)
أي كعدم صحة الإحرام لمن لم ينفر من منى قبل مغيب شمس أيام التشريق وإن أتم عمله الواجب والمفروض كما في الأم للشافعي رحمه الله تعالى. انتهى (شرح ابن علان رحمه الله تعالى).
(9)
أي من تضعيف ثواب العمل وغير ذلك.
(10)
أي مما يهتم بمعرفته ويقصد تحقيقه من المناسك اهتماماً.
(11)
أي ما فيه تعقيد وصعوبة من المناسك.
(12)
النفائس: جمع نفيس أو نفيسة ما يرغب فيه مطلقاً.
(13)
أي على الوجه الأكمل.
(14)
أي لكمال الحاجة إليه لكونه مصححاً أو واجباً فيفعل أو مفسداً أو محرماً فيترك والعلم طريق العمل.
(15)
أي درايته.
يحتاج إليه في الغالب بل ذكرت فيه أيضاً (1) كل ما قد تدعو إليه حاجة الطالب بحيث لا يخفى عليه شيء من أمر المناسك في معظم الأوقات ولا يحتاج إلى السؤال لأحد عن شيء من ذلك في أكثر الحادثات وقصدت فيه أنْ يستغني به صاحبه (2) عن استفتاء غيره عما يحتاج إليه (3).
وأرجو أن لا يقع له شيء من المسائل إلا وَجَدَه فيه منصوصاً عليه وأحذف الأدلة في معظمه إيثاراً للاختصار (4) وخوفاً من الإِملال بالإِكثار وأحرص (5) على إيضاح العبارة (6) وإيجازها بحيث يفهمها العامي ولا يستتبعها الفقيه (7) لتعم فائدته وينتفع به القاصر (8) والنبيه. وقد صنف الشيخ الإِمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى في المناسك كتاباً نفيساً وقد ذكرت مقاصده (9) في هذا الكتاب وزدت فيه مثله أو أكثر من النفائس التي لا يستغني عن معرفتها من له رغبة من الطلاب وعلى الله اعتمادي وإليه تفويضي (10)
(1) أيضاً كلمة تقال في شيئين بينهما اتفاق في المعنى دون اللفظ ويمكن الاستغناء بأحدهما عن الآخر منصوبة مفعولاً مطلقاً أو حالاً نطق بها النبي صلى الله عليه وسلم فهي عربية.
(2)
أي الملازم لمطالعته والمتأمل في خباياه.
(3)
فيه اعتماد الكتاب المعتمد الذي علم من مؤلفه أنه لا يمشي إلا على المعتمد كالمصنف رحمه الله تعالى.
(4)
الاختصار: تقليل اللفظ وتكثير المعنى إذ هو محمود شرعاً قال صلى الله عليه وسلم: "أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصاراً".
(5)
الحرص: شدة العناية بالأمر.
(6)
أي لأن الكتاب للفقيه وغيره.
(7)
الفقيه: العالم بمواقع ألفاظ العلماء وعباراتهم.
(8)
لوضوح عبارته، والقاصر: قليل الفهم.
(9)
أي ما يقصد منه بعبارة وجيزة وافية بالمراد.
(10)
التفويض: رد الأمور إليه تعالى رضاً بفعله.
واستنادي (1) وهذا كتاب يشتمل (2) على ثمانية أبواب:
الباب الأول: في آداب السفر (3) وفي آخره فصل فيما يتعلق بوجوب الحج (4).
الباب الثاني: في الإحرام (5) ومحرماته وواجباته ومسنوناته.
الباب الثالث: في دخول مكة زادها الله شرفاً وما يتعلق به (6) وفيه ثمانية فصول (7).
(1) لأنه تعالى لا يرد من سأله وفوض أمره إليه.
(2)
أي اشتمال الكل على الأجزاء.
(3)
إنما سمي السفر سفراً لأنه يسفر عن أخلاق الرجال.
(4)
أي مما جرت به العادة من ذكر مراتب الحج من الصحة المطلقة وصحة المباشرة والوقوع عن حجة الإسلام.
(5)
أي في الهيئة الناشئة عن نية الدخول في النسك.
(6)
أي من الطواف والسعي والوقوف بعرفة فما بعده.
(7)
ذكر المصنف رحمه الله تعالى في الفصل الثامن في المسألة الخامسة عشرة منه بعض حكم الحج وإليك أسرار الحج وذكرياته، ومنافعه دينية ودنيوية كما ظهر لي فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن غير ذلك فأستغفر الله.