الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَ كَمَال الْمَناسِكِ، فإِذا حَصَلَ النفر الثاني انقضَتْ وِلَايَتُهُ، وأَما الْحكم السادسُ الْمُخْتَلفُ فِيهِ فَثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:
أحدها: إذا فَعَلَ بَعْضُ الحجيجِ ما يقتضِي تعزيراً أو حَداً فإنْ كانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالحجّ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعْزِيرُهُ وَلَا حَدُّهُ، وإِنْ كَانَ لَهُ تَعَلُّق بالحجِّ فَلَهُ تعزيرُهُ وَهَلْ لَهُ حَدّه؟ فيه وَجْهَانِ.
الثاني: لا يجوزُ أنْ يَحْكُمَ بَيْنَ الْحَجِيجِ فِيْمَا يتنازعُون فيهِ مِمَّا لَا يَتَعَلقُ بالحجِّ، وفِي الْمُتَعَلِّقِ بالحجّ كالزَّوْجَيْنِ إذَا تنازَعَا في إيجابِ الكفَّارَةِ بِالْوَطْءِ ومؤنةِ المرأةِ في القضاء وَجْهَانِ.
الثالث: أنْ يفعَلَ بَعْضُهُمْ مَا يقْتَضِي فِدْيةً فَلَهُ اْنْ يَعْرِفَ وَجُوبَها وَيَأمُرُهُ بإِخْرَاجِهَا وَهَلْ لَهُ إلْزامُهُ، فيهِ الْوَجْهَانِ.
واعلمْ أنَّهُ لَيْسَ لأمِيرِ الْحجّ أن ينكر عليهم ما يسوغ فعله إلاّ أن يخاف اقتداء الناس بفاعله وليس له أنْ يَحْمِلَ النّاسَ عَلَى مَذْهبِهِ وَلَوْ أقامَ الناسُ المَناسِك وَهُوَ حَلَال غَيْرُ مُحْرِمِ كُرِهَ ذَلِكَ وَصَحَ الْحَج، وَلَوْ قَصَدَ النّاسُ التَّقَدُّمَ عَلَى الأَمِيرِ أوْ التأخُّرَ كرهَ ذلِكَ وَلَمْ يحرمْ هذا آخر كلام الماوردي رحمه الله تعالى.
فَصْلٌ
نَختم به الكتاب وإن لم يكنْ له اختصاص بالمناسك
تستحب المحافظة على دعاء الكرب وهو ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله ربُّ العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرضِ رب العرشِ الكريم.
وفي رواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذَا حَزَبَهُ أمْر قَالَ ذَلِكَ.
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم آتنا في الدنيا حسنة (1) وفي الآخرة حسنة وقِنَا عذابَ النارِ". وفي الحديثِ الصحيح عن أبي موسى الأشْعريّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا حولَ ولا قوةً إلا بالله كَنْز من كُنُوزِ الجنةِ".
وفي الصحيحين وهو آخرُ حديثٍ في صحيحِ البخارِي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلمتان خفيفتان عَلَى اللّسانِ ثقيلتانِ في المِيزانِ (2): سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" فهذا آخرُ الكتاب والحمدُ لله أوَّلاً وآخراً وصلاتُهُ وَسَلامُهُ عَلَى سَيدِنَا مُحمّدِ خَيْرِ خَلْقِهِ وَعَلَى سَائِر النبيينَ والمرسلينَ أجمعين. والله أسأل خاتمةَ الخيرِ لِي ولسائرِ أحبابِي وسَائرِ المسلمين وحسبي الله ونعم الوكيلُ ولا حولَ ولا قُوّةَ إلاّ بالله العلِيّ العظيم.
قال الشيخ الإٍمامُ مُحيي الدينِ: صنفتُ هذَا الكتابَ وفرغتُ من تصنيفِهِ في صبيحةِ يوم الجمعة العاشِرِ مِنْ رجب الفردِ (3) سنة سبع وستين وستمائة رَحِمَهُ الله تعالى ورضِيَ عَنْهُ وأثابه الجنة برحمتهِ وجمعنا به في دارِ كرامَتِهِ بمَنّهِ وَكَرَمِهِ إِنَّهُ عَلَى كُلّ شيءِ قَدير والحمد لله رب العالمينَ.
(1) الحسنة في الدنيا هي كل خير ديني أو ما يجر إليه، وفي الآخرة كل مستلذ أخروي متعلق بالروح والبدن، جعلنا الله وإخواننا المسلمين والمسلمات من أهلها في الدنيا والآخرة آمين.
(2)
أي ثقيل ثوابهما.
(3)
سمي رجب بالفرد لانفراده عن باقي الأشهر الحرم وهي شهر ذي القعدة وذي الحجة والمحرم ورجب رابعها والله أعلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال جامع هذا التعليق المسمى (بالإفصاح عن مسائل الإيضاح) على مذاهب الأئمة الأعلام عليه وعليهم وعلى الأمة رحمة العلام، عبد الفتاح بن حسين بن إسمعيل بن محمد طيب راوه المكي انتهى ما وفقني الله إليه من التعليق على هذا الكتاب الكثير النفع المسمى بالإيضاح للإمام الحافظ المحدث الفقيه أبي زكريا يحيى النووي رحمني الله وإياه والمسلمين والمسلمات ليلة الجمعة السادس عشر من ربيع الثاني عام واحد بعد الأربعمائة والألف (1401) من هجرة من له مزيد الشرف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه النبيين والمرسلين وآل كل وصحب كل وأتباع كل كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
اللهم انفع بكتابي هذا (الإِفصاح) وبكافة كتبي كما نفعت بأصولها آمين. والحمد لله رب العالمين.