الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ يقُولُ: أنَا أشربُ الخمر وأزني والْحدُّ يُطَهرني ومَنْ فَعَلَ شيئاً مما يُحْكَمُ بتَحْريمه فقد أخْرَجَ حَجهُ عن أنْ يكونَ مَبْروراً.
فَصْل
وما سِوَى هذه المحرمات السَّبْعة لا تحرُمُ على المُحْرم
(1) فمنْ ذلك غَسْلُ الرَّأس بما يُنَظِّفُهُ من الوَسَخِ كَالسدْر والخطْمي (2) وغيرهما من غَير نَتْفِ شيءٍ من شَعْرهِ لكن الأَوْلَى أن لا يَفْعَل (3) لأنَّ ذلك ضَرْبٌ من الترفُّه والْحَاجُّ أشعَثُ أغْبرُ.
وقالَ الشَّافعي رحمهُ الله تعالَى: فإذَا غَسَلَهُ بالسدْر وَالخِطمي أحْبَبْتُ أنْ يَفْتدِيَ ولا تَجبُ الفدية وقال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا غَسَلَهُ من جَنَابةِ أحْبَبْتُ أنْ يَغسلَهُ ببطُون أناملِه ويُزَايل شَعْرَهُ مُزَايَلَةً رقَيقَةً ويُشْرب الماء أصُول شَعْره ولا يَحُكّه بأظْفَاره.
ومِنْ ذلكَ غَسْلُ الْبَدَن وهُوَ جَائزٌ للْمُحرم (4) في الحمّام وغيره ولا يكْرَهُ
(1) ولا يحرم أيضاً خضاب الرأس واللحية، ولا فدية إلا إن ثخُن نحو الحناء وستر شيئاً من الرأس.
(2)
بكسر الخاء، قال في الصحاح: قلت: ذكر في الديوان أن في الخطمي لغتين فتح الخاء وكسرها. اهـ. وقوله: وغيرهما أي من كل منظف كالصابون غير المطيب.
(3)
وقال الإِمامان أبو حنيفة ومالك: إن غسل رأسه بخطمي لزمته الفدية. وقال مالك رحمه الله: تجب صدقة بإزالة الوسخ ولم يذكر الجمهور كراهته بل اقتصروا على أنه خلاف الأولى. اهـ مجموع.
(4)
دليل الجواز حديث ابن عباس رضي الله عنهما في المحرم الذي خَرّ عن بعيره وحديث أبي أيوب رضي الله عنه: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل وهو محرم) رواهما البخاري وهو مذهب الجمهور. وقال الإِمامان مالك وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى: تلزمه =
وقيلَ: يُكْرَهُ الحمامُ ولَهُ الاكْتحال (1) بما لا طيبَ فيه ويكرَهُ بالإِثْمدِ دونَ التُّوتْيَاء إلا للْحَاجَة فلا يكْرَهُ ولا بَأْسَ بالْفَصْد وَالْحجَامَة إذا لم يقْطَعْ شَعْراً (2) ولهُ حَكُّ رأسِه بأَظفَاره على وجه لا يَنْتفُ شعراً والمُسْتَحَبُّ أن لا يَفْعَل (3) فلو حَكَّ رأسَهُ أو لحيتَه فَسَقَطَ بحَكَه شَعَرَاتٌ أو شَعْرَةٌ لزَمَتْه الفدَيةُ ولو سقط شَعْر وشَك هل كانَ زائِلاً أم انتتفَ بحَكهِ فلا فديةَ على الأَصَح (3) ولَهُ أنْ يُنَحيَ القَمْلَ من بَدَنِهِ وَثيابه.
= الفدية كما تقدم. وقال الصاحبان رحمهما الله: عليه صدقة وهي رواية عن الإِمام مالك أيضاً، وما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه دخل حماماً وهو بالجحفة وهو محرم وقال:(ما يعبأ الله بأوساخنا شيئاً) فهو ضعيف لأنه من رواية ابن أبي يحيى وهو ضعيف عند المحدثين. اهـ مجموع.
(1)
(قول العلماء في الاكتحال بما ليس فيه طيب) قال المصنف رحمه الله تعالى في مجموعه.
(فرع): اتفق العلماء رحمهم الله تعالى على جواز تضميد العين وغيرها للمحرم بالصبر ونحوه مما ليس بطيب ولا فدية في ذلك وأجمعوا على أنه إذا احتاج إلى ما فيه طيب جاز فعله، وعليه الفدية وأجمعوا على أن له أن يكتحل بما لا طيب فيه إذا احتاج إليه ولا فدية، وأما الاكتحال للزينة فمكروه عندنا على الصحيح كما سبق، وبه قال جماعة من العلماء.
قال ابن المنذر: ثبت أن ابن عمر رضي الله عنه قال: (يكتحل المحرم بكل كحل لا طيب فيه). قال: ورخص في الكحل له الثوري وأحمد وإسحق وأصحاب الرأي غير أن إسحق وأحمد قالا: لا يعجبنا ذلك للزينة، وكرهه مجاهد وكره الإِثمد للمحرم الثوري وأحمد وإسحق، قال ابن المنذر: لا يكره. اهـ.
(2)
أي ولا فدية عليه لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم. رواه البخاري ومسلم، وبه قال الجمهور ومنهم الإِمام أحمد، وقال الإِمام مالك: ليس له الحجامة إلا من ضرورة.
(3)
الحك: أي في محل فيه شعر لأنه يخشى منه انتتافه. قال العلامة ابن قدامة رحمه الله في المغني: فإنْ حَك فرأى في يده شعراً أحببنا أن يفديه احتياطاً، ولا يجب عليه حتى يستيقن أنه قلعه. اهـ. =
ولا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ وَلَهُ قَتْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ للْمُحْرِمِ قَتْلُهُ كَمَا يُسْتَحَب لِغَيْره ويكْرَهُ للْمُحْرِمِ أنْ يُفَلِّيَ رأسَهُ وَلِحيَتَهُ فَإنْ فَعَلَ فَأخْرَجَ مِنْهُمَا قملَة وَقَتَلها تَصدقَ وَلَوْ بِلُقْمَةٍ (1) نَصَّ عليه الشَّافِعي رَحمه الله تَعَالَى. قَالَ جُمْهُور أَصحْابِنَا: هذا التَّصدُّقُ مُسْتَحب وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاجبٌ لِمَا فيهِ مِنْ إِزَالَةِ الأذَى عَنِ الرَّأسِ ولِلْمُحْرِمِ أَنْ يُنْشد الشعْرَ الَّذِي لَا يَأَثَمُ فيه (2) وَلَا يُكْرَهُ لِلْمُحْرمِ وَالْمُحْرِمَةِ النَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ (3) وَفِي قَوْلٍ يُكْرَهُ لَهُمَا.
(فرع): لَا يَفْسُدُ الحج وَلَا العُمْرَةُ بِشَيْء مِنْ مُحَرَّماتِ الإِحْرَامِ إِلَاّ بِالْجِمَاعِ وَحْدَه (1) وَسَوَاءٌ فِي إفْسَادِهما بِالْجِماع الرَّجُلُ وَالْمَرْأَة حَتى لَوْ اسْتَدْخَلَتْ المَرْأة ذَكَرَ نَائِمٍ فَسَدَ حَجُّها وَعُمْرَتُهَا وَالله تَعَالَى أَعْلَمُ.
= (تتمة): قال العلامة ابن حجر المكي رحمه الله في حاشيته على الإيضاح: جَوز الأئمة لذي الحكة والجرب أن يحك بدنه في صلاته وإن جاوزت ثلاث مرات، وجعلوا هذا مستثنى من بطلان الصلاة بالفعل الكثير ولو سهواً وعللوه بأنه لا يصبر وقياسه جوازه له هنا، وإنْ علم أنه يحصل به انتتاف الشعر، ويؤيده ما مَرّ من جواز الحلق لشدة القمل لأن هذا إن لم يكن مثل ذلك فهو أشد منه. اهـ.
(1)
الكراهة والتصَدُّق خاصان بقمل الرأس واللحية بخلاف قمل البدن فلا فدية فيه قطعاً، وكالقمل فيما ذكر: الصئبان، وهو بَيْض القمل، وكذا الحكم في البراغيث.
(2)
لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنّ من الشِّعْرِ لحكمة" رواه البخاري. ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الشِعْر كلام حَسَنُهُ كَحَسَن الكلام، وقبيحه كقبيحه" رواه الشافعي والبيهقي هكذا مرسلاً عن عروة، وروى الشافعي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(غنّى وهو مُحْرم) والله أعلم. اهـ مجموع.
(3)
هو القول الأصح كما في المجموع وبه قال الإِمام أحمد وقال الإِمام مالك: لا يفعل إلا عن ضرورة.
(1)
أي الذي قبل التحلل الأول في الحج وفي العمرة قبل الفراغ منها كما تقدم والله أعلم.