الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والإذعان لما أمر به، ونهى عنه، والانقياد المطلق له صلى الله عليه وسلم: هو تحقيق أن {مُّحَمَّدٌاً رَّسُولُ اللَّهِ} .
فمنهج أهل السنة والجماعة:
أنهم يعبدون الله تعالى ولا يشركون به شيئاً؛ فلا يسألون إلا الله، ولا يستعينون إلا بالله، ولا يستغيثون إلا به سبحانه، ولا يتوكلون إلا عليه جل وعلا، ولا يخافون إلا منه، ويتقربون إلى الله تعالى بطاعته، وعبادته، وبصالح الأعمال، قال تعالى:
{وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} (1) .
3- توحيد الأسماء والصفات:
معناه الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وهو متصف بجميع صفات الكمال، ومنزه عن جميع صفات النقص، متفرد بذلك عن جميع الكائنات.
وأهل السنة والجماعة:
يعرفون ربهم بصفاته الواردة في القرآن والسنة، ويصفون ربهم بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يحرفون
(1) سورة النساء، الآية:36.
الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون (1)
في أسمائه وآياته، ويثبتون لله ما أثبت لنفسه من غير تمثيل، ولا تكييف، ولا تعطيل، ولا تحريف، وقاعدتهم في كل ذلك قوله تبارك وتعالى:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (2) .
وأهل السنة والجماعة:
لا يحددون كيفية صفات الله تعالى؛ لأنه - جل وعلا - لم يخبر عن الكيفية، ولأنه لا أحد أعلم من الله - سبحانه - بنفسه.
قال تعالى: {قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ} (4) .
(1)(()(الإلحاد) : هو الميل عن الحق والانحراف عنه؛ ويدخل فيه (التعطيل، والتحريف والتكييف، والتمثيل) .
التعطيل: عدم إثبات الصفات، أو إثبات بعضها ونفي الباقي.
التحريف: تغيير النص لفظاً أو معنى، وصرفه عن معناه الظاهر إلى معنى لا يدل عليه اللفظ إلا باحتمال مرجوح؛ فكل تحريف تعطيل، وليس كل تعطيل تحريفا.
التكييف: بيان الهيئة التي تكون عليها الصفات.
التمثيل: إثبات المثل للشيء؛ مشابهاً له من كل الوجوه.
(2)
سورة الشورى، الآية:11.
(3)
سورة الأعراف، الآية:180.
(4)
سورة البقرة، الآية:140.
وقال تعالى: {فَلَا تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1) .
ولا أحد أعلم بالله بعد الله، من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال الله في حقه:{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى} (2) .
وأهل السنة والجماعة:
يؤمنون أن الله سبحانه وتعالى هو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، كما قال سبحانه:{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (3) .
وكما أن ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه الذوات، فكذلك صفاته لا تشبه الصفات؛ لأنه - سبحانه - لا سمي له، ولا كفء له ولا ند له، ولا يقاس بخلقه؛ فيثبتون لله ما أثبته لنفسه إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل؛ فحين يثبتون لله ما أثبته لنفسه لا يمثلون، وإذا نزهوه لا يعطلون الصفات التي وصف نفسه بها.
(1) سورة النحل، الآية:74.
(2)
سورة النجم، الآيتان: 3- 4.
(3)
سورة الحديد، الآية:3.
ويؤمنون أن الله سبحانه وتعالى محيط بكل شيء، وخالق كل شيء، ورازق كل حي، قال تعالى:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (1) .
وقال: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (2) .
ويؤمنون بأن الله تعالى استوى (3) على العرش فوق سبع سموات، كما يؤمنون بعلو الله عن خلقه وأنه بائن من خلقه، أحاط بكل شيء علماً، كما أخبر عن نفسه في كتابه العزيز في سبع آيات كريمات؛ بلا تكييف (4) .
قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (5) .
(1) سورة الملك، الآية:14.
(2)
سورة الذاريات، الآية:58.
(3)
(() الاستواء على العرش والعلو؛ صفتان نثبتهما لله تعالى إثباتاً يليق بجلاله، وتفسير كلمة (استوى) عند السلف:(استقر، علا، ارتفع، صعد) والسلف يفسرونها بهذه الكلمات لا يتجاوزونها ولا يزيدون عليها، ولم يرد في تفسير السلف تفسيرها بمعنى:(استولى، ولا ملك، ولا قهر) .
والكيف مجهول؛ لا يعلمه إلا الله.
والإيمان به واجب؛ لثبوت الأدلة.
والسؤال عنه بدعة؛ لأن كيفية الاستواء لا يعلمها إلى الله، ولأن الصحابة أيضاً لم يسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكيفية.
(4)
(() وهي على الترتيب: سورة الأعراف، الآية:54. وسورة يونس، الآية:3. وسورة الرعد، الآية:2. وسورة طه، الآية: 5. وسورة الفرقان، الآية:59. وسورة السجدة، الآية: 4.وسورة الحديد، الآية:4.
(5)
سورة طه، الآية:5.
وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (1) .
وقال: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ {16} أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (2) .
وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (3) .
وقال: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ} (4) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟)(5)(6) .
وأهل السنة والجماعة: يؤمنون بأن الكرسي والعرش حق لا ريب فيه، قال الله تعالى:{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (7) .
(1) سورة الحديد، الآية:4.
(2)
سورة الملك، الآيتان: 16- 17.
(3)
سورة فاطر، الآية:10.
(4)
سورة النحل، الآية:5.
(5)
(رواه البخاري) في (كتاب المغازي) باب: (بعثة علي بن أبي طالب إلى اليمن) .
(6)
(() قال الإمام الحافظ إسحاق بن راهويه رحمه الله عن الآيات الاستواء: (إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى، ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة) . رواه الإمام الذهبي - بسند صحيح - في (العلو للعلي الغفار) .
(7)
سورة البقرة، الآية:255.
والعرش لا يقدر قدره إلا الله، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في فلاة وسع السموات والأرض، والله مستغن عن العرش والكرسي، وهو - سبحانه - منزه عن أن يحتاج إلى العرش، وما دونه، فشأن الله تبارك وتعالى أعظم من ذلك؛ بل العرش والكرسي محمولان بقدرته وسلطانه.
وأن الله تعالى خلق آدم عليه السلام بيديه، وأن كلتا يديه يمين، ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، كما وصف نفسه سبحانه، فقال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء} (1) .
وقال: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (2) .
وأهل السنة والجماعة:
يثبتون لله سمعاً، وبصراً، وعلماً، وقدرة، وقوة، وعزاً، وكلاماً، وحياةً، ومعيةً، ومحبةً، ورحمةً، وغضباً، ورضاً، وقدماً، وساقاً، ويداً، وغيرها من الصفات التي وصف الله تعالى بها نفسه في كتابه العزيز، وعلى لسان نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بكيفية يعلمها الله
(1) سورة المائدة، الآية:64.
(2)
سورة ص، الآية:75.
ولا نعلمها؛ لأنه لم يخبرنا عن الكيفية، قال الله تبارك وتعالى:
{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (1) .
{وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (2) .
{وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (3) .
{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} (4) .
{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (5) .
{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (6) .
{فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} (7) .
{غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} (8) .
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} (9) .
{اللهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (10) .
وغيرها من آيات الصفات.
(1) سورة طه، الآية:46.
(2)
سورة التحريم، الآية:2.
(3)
سورة النساء، الآية:164.
(4)
سورة الرحمن، الآية:27.
(5)
سورة المائدة، الآية:199.
(6)
سورة المائدة، الآية:54.
(7)
سورة الزخرف، الآية:55.
(8)
سورة الممتحنة، الآية:13.
(9)
سورة القلم، الآية:42.
(10)
سورة البقرة، الآية:255.
وأهل السنة والجماعة:
يؤمنون بأن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة بأبصارهم، ويزورونه، ويكلمهم ويكلمونه، قال تعالى:
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (1) .
وسيرونه كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال:(إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته..)(2) .
وأن الله سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل نزولاً يليق بجلاله وعظمته.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر؛ فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ ومن يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له؟)(3) .
ويؤمنون بأن الله تعالى يجيء يوم الميعاد للفصل بين العباد، مجيئاً يليق بجلاله، قال سبحانه وتعالى: {كَلَاّ إِذَا دُكَّتِ
(1) سورة القيامة، الآيتان: 22 - 23.
(2)
(رواه البخاري) في (كتاب مواقيت الصلاة) باب: (فضل صلاة العصر وصلاة الفجر) .
(3)
(رواه البخاري) في (كتاب التهجد) باب: (الدعاء والصلاة في آخر الليل) .
الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا {21} وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (1) .
فمنهج أهل السنة والجماعة في كل ذلك: الإيمان الكامل بما أخبر به الله تعالى، وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم والتسليم به؛ كما قال الإمام - التابعي الفقيه - محمد بن مسلم الزهري رحمه الله:
(من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم)(3) .
وكما قال الإمام - الحافظ الحجة - سفيان بن عيينة رحمه الله:
(كل ما وصف الله تعالى به نفسه في القرآن فقراءته؛ تفسيره لا كيف، ولا مثل)(4) .
وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
(آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله)(5) .
(1) سورة الفجر، الآيتان: 21- 22.
(2)
سورة البقرة، الآية:210.
(3)
(سيرة أعلام النبلاء) الإمام الذهبي: ج 5، ص 377.
(4)
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة) اللالكائي: ج4/478 (736) .
(5)
(لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد) الإمام ابن قدامة المقدسي: ص 7.
وقال الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس عن هذه الأحاديث في الصفات والرؤية، فقالوا:(أمروها كما جاءت بلا كيف)(1) .
وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله:
(إياكم والبدع) قيل: وما البدع؟ قال:
(أهل البدع هم الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان)(2) .
وسأله رجل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فقال: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا ضالاً) وأمر به أن يخرج من المجلس) (3) .
وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله:
(لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء؛ بل يصفه بما
(1)(شرح أصول اعتقاد أهل السنة) اللالكائي: ج3/582 (930) .
(2)
(شرح السنة) الإمام البغوي: ج1/217.
(3)
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة) اللالكائي: ج3/440 (183) .
وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئاً؛ تبارك الله تعالى رب العالمين) (1) . ولما سئل رحمه الله عن صفة النزول، فقال:
(ينزل بلا كيف)(2) .
وقال الإمام الحافظ نعيم بن حماد الخزاعي رحمه الله:
(من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيهاً)(3) .
وقال بعض السلف:
(قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم)(4) .
فهذه عقيدة السلف الصالح وأقوال أئمتهم في الإيمان بالله؛ فمن سلك مسلكهم يكون ملتزماً بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه سواء كان السالك في عصرهم، أو في العصور المتأخرة، وكل من خالفهم لا يكون منهم، وإن كان موجوداً بينهم.
(1)(جلاء العينين) الآلوسي: ص 368، و (شرح العقيدة الطحاوية) الإمام ابن أبي العز: ص 427 تحقيق الأرناؤوط.
(2)
(عقيدة السلف أصحاب الحديث) الإمام الصابوني: ص 42
(3)
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة) اللالكائي: ج4/587 (936) .
(4)
(شرح السنة) الإمام البغوي: ج1/171.