الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(8)
(التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين)
ومن أصول أهل السنة والجماعة: التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين؛ لأنه من الممكن أن يقول المسلم قولاً أو يفعل فعلاً؛ قد دل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أنه كفر وردة عن الإسلام، ولكن لا تلازم عندهم بين القول بأن هذا كفر، وبين تكفير الشخص بعينه؛ فليس كل من فعل مكفراً يحكم بكفره بإطلاق؛ فقد يكون القول أو الفعل كفراً؛ لكن لا يطلق الكفر على القائل، أو الفاعل إلا بشرطه؛ لأنه لابد أن تثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه، فالمرء قد يكون حديث عهد بالإسلام، وقد يكون جاهلاً جهلاً يعذر بمثله؛ فإذا بين له رجع، وقد ينكر شيئاً متأولاً أخطأ بتأويله، وغير ذلك من الموانع التي تمنع من التكفير.
فأهل السنة والجماعة: يطلقون القول في التكفير، فيقولون: من قال كذا، أو فعل كذا؛ فهو كافر، وعندما يتعلق الأمر بالشخص المعين الذي قاله أو فعله، لا يحكمون على كفره إطلاقاً؛ حتى تجتمع فيه الشروط، وتنتفي عنه الموانع، فعندئذ تقوم
عليه الحجة التي يكفر تاركها، وهذه قاعدة عظيمة يتميزون بها عن غيرهم؛ لأن التكفير ليس حقاً لأحد، يحكم به على من يشاء على وفق هواه؛ بل التكفير حكم شرعي، فيجب الرجوع في ذلك إلى ضوابط الشرع؛ فمن كفره الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وقامت عليه الحجة؛ فهو الكافر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
(فقد يكون الفعل أو المقالة كفراً، ويطلق القول بتكفير من قال ذلك؛ فهو كافر. لكن الشخص المعين الذي قال ذلك القول أو فعل ذلك الفعل لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. وهذا الأمر مطرد في نصوص الوعيد عند أهل السنة والجماعة؛ فلا يشهد على معين من أهل القبلة بأنه من أهل النار؛ لجواز أن لا يلحقه، لفوات شرط أو لثبوت مانع)(1) .
وقال أيضاً: (وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين، وإن أخطأ وغلط؛ حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة)(2) .
(1)(مجموع الفتاوى) ج 7، ص 291.
(2)
(مجموع الفتاوى) ج 7، ص 291.