الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقوال أئمة أهل السنة والجماعة على أن الكفر يكون
بالاعتقاد والقول والفعل
قال الإمام سفيان بن عيينة - رحمه الله تعالى - عندما سئل عن الإرجاء:
(يقولون: الإيمان قول، ونحن نقول: الإيمان قول وعمل، والمرجئة أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله؛ مصراً بقلبه على ترك الفرائض، وسموا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارب، وليس بسواء؛ لأن ركوب المحارم من غير استحلال معصية، وترك الفرائض متعمداً من غير جهل ولا عذر هو كفر)(1) .
قال الإمام الشافعي رحمه الله حين سئل عمن هزل بشيء من آيات الله تعالى: (هو كافر) واستدل بقول الله تعالى:
{قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ {65} لَا تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2)(3) .
(1)(كتاب السنة) الإمام عبد الله بن أحمد: ج1، ص 347 (745) .
(2)
سورة التوبة، الآيتان: 65 - 66.
(3)
(الصارم المسلول) ابن تيمية: ج3، ص 956 رمادي للنشر.
قال الإمام عبد الله بن الزبير الحميدي رحمه الله:
(أخبرت أن ناساً يقولون: من أقر بالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت، أو يصلي مستدبر القبلة حتى يموت؛ فهو مؤمن ما لم يكن جاحداً.. إذا كان يقر بالفرائض واستقبال القبلة؛ فقلت: هذا الكفر الصراح، وخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين، قال عز وجل:
قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله:
(ومما أجمعوا على تكفيره، وحكموا عليه كما حكموا على الجاحد؛ فالمؤمن الذي آمن بالله تعالى، وبما جاء من عنده، ثم قتل نبياً، أو أعان على قتله، وإن كان مقراً، ويقول: قتل الأنبياء محرم؛ فهو كافر، وكذلك من شتم نبياً، أو رد عليه قوله من غير تقية ولا خوف)(2) .
(1)(شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) الإمام اللالكائي: ج 5، ص 957 (1594) . والآية: 5 من سورة البينة.
(2)
(تعظيم قدر الصلاة) الإمام المروزي: ج2، ص 930، (991) .
قال الإمام الفقيه أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي رحمه الله:
(فاعلم - يرحمنا الله وإياك - أن الإيمان تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح. وذلك أنه ليس بين أهل العلم خلاف في رجل لو قال: أشهد أن الله عز وجل واحد، وأن ما جاءت به الرسل حق، وأقر بجميع الشرائع، ثم قال: ما عقد قلبي على شيء من هذا، ولا أصدق به؛ أنه ليس بمسلم.
ولو قال: المسيح هو الله، وجحد أمر الإسلام، وقال: لم يعتقد قلبي على ذلك؛ أنه كافر بإظهار ذلك، وليس بمؤمن) (1) .
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عندما سأله ابنه عبد الله عن رجل قال لرجل: يا ابن كذا وكذا أنت ومن خلقك:
(هذا مرتد عن الإسلام) وسأله: تضرب عنقه؟ قال: (نعم تضرب عنقه)(2) .
قال الإمام محمد بن سحنون المالكي رحمه الله:
(أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المنتقص له؛ كافر، والوعيد
(1)(شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) الإمام اللالكائي: ج 4/932 (1590) .
(2)
(مسائل الإمام أحمد) رواية ابنه عبد الله: ج2، ص 1291.
جار عليه بعذاب الله له، وحكمه عند الأمة: القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر) (1) .
قال الإمام البربهاري رحمه الله:
(ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام، حتى يرد آية من كتاب الله عز وجل، أو يرد شيئاً من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يذبح لغير الله، أو يصلي لغير الله، وإن فعل شيئاً من ذلك؛ فهو مؤمن ومسلم بالاسم لا بالحقيقة)(2) .
قال الإمام النووي رحمه الله في تعريف الردة:
(هي قطع الإسلام، ويحصل ذلك تارة بالقول الذي هو كفر، وتارة بالفعل، والأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين صريحاً؛ كالسجود للصنم أو للشمس، وإلقاء المصحف في القاذورات، والسحر الذي فيه عبادة الشمس ونحوها. قال الإمام: في بعض التعاليق عن شيخي إن الفعل بمجرده لا يكون كفراً، قال: وهذا زلل عظيم من المعلق ذكرته
(1)(الشفا بتعريف حقوق المصطفى) القاضي عياض: ج2، ص 214.
(2)
(شرح السنة) البربهاري: ص 73 (50) دار السلف.
للتنبيه على غلطه، وتحصل الردة بالقول الذي هو كفر؛ سواء صدر عن اعتقاد أو عناد أو استهزاء) (1) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(إن من سب الله، أو سب رسوله كفر ظاهراً وباطناً؛ سواءً كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل)(2) .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية (106 - 109) من سورة النحل:
(أخبر تعالى عمن كفر به بعد الإيمان والتبصر، وشرح صدره بالكفر واطمأن به؛ أنه قد غضب عليه لعلمهم بالإيمان ثم عدولهم عنه، وأن لهم عذاباً عظيماً في الدار الآخرة؛ لأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة، فأقدموا على ما أقدموا عليه من الردة لأجل الدنيا ولم يهد الله قلوبهم ويثبتهم على الدين الحق؛ فطبع على قلوبهم، فهم لا يعقلون بها شيئاً ينفعهم) .
(1)(روضة الطالبين) النووي: ج 10، ص 64 (كتاب الردة) .
(2)
(الصارم المسلول) ابن تيمية: ج3، ص 955 رمادي للنشر.
قال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
(فقد يترك دينه، ويفارق الجماعة، وهو مقر بالشهادتين، ويدعي الإسلام؛ كما إذا جحد شيئاً من أركان الإسلام، أو سب الله ورسوله، أو كفر ببعض الملائكة، أو النبيين، أو الكتب المذكورة في القرآن مع العلم بذلك)(1) .
وقال أيضاً رحمه الله في شرحه لحديث (بني الإسلام على خمس..) :
(وهذا الحديث دل على أن الإسلام مبني على خمسة أركان.. وأن الإسلام مثله كبنيان، وهذه الخمس: دعائم البنيان وأركانه التي يثبت عليها البنيان
…
وأما هذه الخمس؛ فإذا زالت كلها سقط البنيان ولم يثبت بعد زوالها، وكذلك إن زال منها الركن الأعظم وهو الشهادتان، وزوالهما يكون بالإتيان بما يضادهما ولا يجتمع معهما.
وأما زوال الأربع البواقي: فاختلف العلماء
…
وكثير من علماء أهل الحديث يرى تكفير تارك الصلاة.
(1)(جامع العلوم والحكم) ابن رجب: (شرح الحديث الرابع عشر من الأربعين النووية) .
وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعاً منهم حتى إنه جعل قول من قال: لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقوال المرجئة.. وبيان ذلك في أمر آدم وإبليس وعلماء اليهود الذين أقروا ببعث النبي صلى الله عليه وسلم بلسانهم ولم يعملوا بشرائعه.
وروي عن عطاء ونافع - مولى ابن عمر - أنهما سئلا عمن قال: الصلاة فريضة ولا أصلي، فقالا: هو كافر. وكذا قال الإمام أحمد.
ونقل حرب عن إسحاق قال: غلب المرجئة حتى صار من قولهم: إن قوماً يقولون: من ترك الصلوات المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود لها لا نكفره، يرجى أمره إلى الله بعد؛ إذ هو مقر؛ فهؤلاء الذين لا شك فيهم - يعني في أنهم مرجئة.
وظاهر هذا: أنه يكفر بترك هذه الفرائض
…
وممن قال بذلك: ابن المبارك، وأحمد - في المشهور عنه -، وإسحاق، وحكى عليه إجماع أهل العلم - كما سبق - وقال أيوب: ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه.
وقال عبد الله بن شفيق: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. خرجه الترمذي.
وقد روي عن علي وسعد وابن مسعود وغيرهم قالوا: من ترك الصلاة فقد كفر
…
) (1) .
قال الإمام العلامة مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي رحمه الله في تعريف الردة:
(وهو من كفر بعد إسلامه، ويحصل الكفر بأحد أربعة أمور: بالقول كسب الله تعالى ورسوله، أو ملائكته، أو ادعاء النبوة، أو الشرك له تعالى، وبالفعل كالسجود للصنم ونحوه وكإلقاء المصحف في قاذورة، وبالاعتقاد كاعتقاده الشريك له تعالى، أو أن الزنا أو الخمر حلال، أو أن الخبز حرام، ونحو ذلك، ومما أجمع عليه إجماعاً قطعياً، وبالشك في شيء من ذلك)(2) .
(1)(فتح الباري) لابن رجب: ج1، ص 22، حديث رقم (8) شرك كتاب الإيمان.
(2)
(دليل الطالب) : ص 317.