الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(11)
(ما يمحو الكفر بعد ثبوته على المعين)
أجمع أهل السنة والجماعة؛ على أن الكفر إذا ثبت ووقع في حق المعين؛ لم يمحه شيء إلا التوبة الصادقة وبشروطها المعروفة؛ لأن التوبة تمحو جميع الخطايا والسيئات.
والتوبة هي المانع الوحيد الذي يمنع إطلاق اسم الكفر على المعين بعد رجوعه عن الكفر الذي وقع فيه؛ بخلاف الموانع السابقة؛ التي تمنع إلحاق الكفر به ابتداء؛ حتى يزول المانع.
والله تعالى يقبل توبة العبد الصادق المقبل إليه إقبالاً صادقاً من قلبه، ويغفر جميع الذنوب والخطايا والمعاصي والكفر والشرك وما دونه، وأن كل من تاب وأناب إلى الله في هذه الدنيا؛ تاب الله عليه وغفر له، وليس شيء يغفر جميع الذنوب إلا التوبة، قال تعالى:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (1) .
(1) سورة الزمر، الآية:53.
وقال: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {73} أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (1) .
وقال: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ} (4) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
(فثبت بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن كل من تاب، تاب الله عليه. ومعلوم أن من سب الرسول من الكفار المحاربين، وقال:
(1) سورة المائدة، الآيتان: 73- 74.
(2)
سورة التوبة، الآية:11.
(3)
سورة الأنفال، الآية:38.
(4)
سورة الزمر، الآية:54.
هو ساحر، أو شاعر، أو مجنون، أو معلم، أو مفتر، وتاب تاب الله عليه. وقد كان طائفة يسبون النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الحرب؛ ثم أسلموا، وحسن إسلامهم، وقبل النبي صلى الله عليه وسلم منهم:
منهم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح، وكان قد ارتد، وكان يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: أنا كنت أعلمه القرآن؛ ثم تاب، وأسلم، وبايعه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك) (1) .
أما من مات على الكفر؛ فقد استحق الوعيد والخلود في النار، وتحقق فيه قول الله تبارك وتعالى:
(1)(مجموع الفتاوى) ج 3، ص 291.
(2)
سورة النساء، الآية:116.