الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طبقات عصاة الموحدين يوم الدين:
فالذي دل عليه الكتاب، والسنة، وأقوال أئمة أهل السنة والجماعة؛ أن عصاة أهل التوحيد يوم القيامة ثلاث طبقات:
الطبقة الأولى: قوم رجحت حسناتهم بسيئاتهم؛ فأولئك يدخلون الجنة من أول وهلة، ولا تمسهم النار أبداً.
الطبقة الثانية: قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم، وتكافأت فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار، وهؤلاء هم أصحاب الأعراف - في أصح أقوال أهل العلم - الذين ذكر الله تعالى أنهم يوقفون بين الجنة والنار ما شاء الله أن يوقفوا؛ ثم يؤذن لهم في دخول الجنة.
الطبقة الثالثة: قوم لقوا الله تعالى مصرين على كبائر الإثم والفواحش، ومعهم أصل التوحيد؛ فرجحت سيئاتهم بحسناتهم؛ فهؤلاء مستحقون للوعيد وهم تحت المشيئة، إن شاء الله عذبهم وإن شاء غفر لهم؛ فمنهم من يشفع له فلا يعذب، ومنهم الذين يدخلون النار بقدر ذنوبهم، فمنهم من تأخذه إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من فوق ذلك؛ حتى إن
منهم من لم يحرم منه على النار إلا أثر السجود، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، وهؤلاء هم الذين يأذن الله تعالى بالشفاعة فيهم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولغيره من الأنبياء من بعده، والأولياء، والملائكة، ومن شاء الله أن يكرمه؛ فيحد لهم حداً فيخرجونهم، ثم يحد لهم حداً فيخرجونهم، ثم هكذا، فيخرجون من كان في قلبه وزن دينار من خير، ثم من كان في قلبه نصف دينار من خير، ثم برة، ثم خردلة، ثم ذرة، ثم أدنى من ذلك إلى أن يقول الشفعاء:(ربنا لم نذر فيها خيرا) .
ويخرج الله تعالى من النار أقواماً لا يعلم عدتهم إلا هو بدون شفاعة الشافعين، ولن يخلد في النار أحد من الموحدين، ولو عمل أي عمل، ولكن كل من كان منهم أعظم إيماناً وأخف ذنباً كان أخف عذاباً في النار وأقل مكثاً فيها وأسرع خروجاً منها، وكل من كان أضعف إيماناً وأعظم ذنباً كان بضد ذلك، والعياذ بالله.
وهذا مقام ضلت فيه الأفهام، وزلت فيه الأقدام، وهدى الله الذين آمنوا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (1) .
(1) انظر (معارج القبول) الشيخ العلامة حافظ الحكمي: ج3، ص 1196 دار ابن الجوزي، بتصرف يسير.