الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلاصة القول في مسمى الإيمان:
هو ما وقر في القلب، وصدقه اللسان والعمل. وبدت ثمراته واضحة في الجوارح بامتثال أوامر الله تعالى، والابتعاد عن نواهيه.
لأن اسم الإيمان يقع على من يصدق بجميع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه - جل وعلا - اعتقاداً، وإقراراً، وعملاً.
وأن العباد لا يتساون في الإيمان ولا يتماثلون فيه أبداً؛ لذا من صدق بقلبه، وأقر بلسانه، ولم يعمل بجوارحه الطاعات التي أمر بها؛ لم يستحق اسم الإيمان.
ومن أقر بلسانه، وعمل بجوارحه، ولم يصدق ذلك بقلبه؛ لم يستحق اسم الإيمان.
وإذا تجرد الإيمان عن العمل؛ فلا فائدة فيه، ولو كان الإيمان المجرد عن العمل ينفع أحداً لنفع إبليس - نعوذ بالله منه ومن خطواته - فقد كان يعرف أن الله عز وجل واحد لا شريك له، وأن مصيره لا شك إليه سبحانه؛ لكنه عندما جاءه الأمر الإلهي {اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلَاّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} ولم يشفع له علمه بالوحدانية والربوبية؛ لأنه لم يحقق توحيد العبادة.
إذن فالتصديق المجرد عن العمل لا قيمة له عند رب العالمين!
والإيمان لم يأت في القرآن والسنة مجرداً عن العمل؛ بل عطف عليه العمل الصالح في كثير من الآيات والأحاديث - كما بينا ذلك - وهذا العطف من باب الخاص على العام، أو البعض على الكل؛ وذلك للتأكيد على الأعمال الصالحة.
فالإيمان والعمل متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، والعمل صورة الإيمان وجوهره، وهو من لوازمه ومقتضياته، ونصف معناه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد ما نقل أقوال أئمة أهل السنة والجماعة على أن الأعمال جزء من الإيمان:
(وكان من مضى من سلفنا؛ لا يفرقون بين الإيمان والعمل، والعمل من الإيمان، والإيمان من العمل، وإنما الإيمان اسم يجمع كما يجمع هذه الأديان اسمها، ويصدقه العمل؛ فمن آمن بلسانه، وعرف بقلبه، وصدق بعمله؛ فتلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن قال بلسانه، ولم يعرف بقلبه، ولم يصدق بعمله؛ كان في الآخرة من الخاسرين، وهذا معروف عن غير واحد من السلف والخلف؛ وأنهم يجعلون العمل مصدقاً للقول)(1) .
(1)(الإيمان) لابن تيمية: ص 280.