الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من صفات أهل الإيمان
صفات عباد الرحمن المؤمنين الصادقين المتقين المخلصين - أهل الإيمان والطاعة - كثيرة جداً في القرآن والسنة، وتفاوتت هذه الصفات قلة وكثرة؛ فقد عرضها ووصفها لنا الوحيان الشريفان بأنها صفات كريمة، فاضلة، مباركة، خيرة، حميدة، عالية، سامية، عزيزة؛ فهم صفوة خلق الله تعالى بصفاتهم المميزة، وهم الذين يستحقون أن يضافوا إلى الرحمن سبحانه وتعالى ويكونوا عباده {عِبَادُ الرَّحْمَنِ} كيف لا، وقد تكفل الإسلام بتهذيبهم وتربيتهم، قال الله تبارك وتعالى:
{قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى {123} وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (1) .
وقد دعا الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم جميع المؤمنين إلى أن يتصفوا بصفاتهم، ويتخلقوا بأخلاقهم؛ حتى يعيشوا حياة إيمانية
(1) سورة طه، الآيتان: 123 - 124.
كريمة مباركة سعيدة؛ ثم ينالوا بذلك ثواب الله تعالى ورضوانه وجنته ونعيمه الأبدي.
والمؤمن الصادق مع ربه - جل وعلا - حريص على هذه الصفات الكريمة، والأخلاق الحميدة، لكي يبقى قلبه وحياته في الإيمان ومع الإيمان، وأن يتصف بصفات أهلها، ويحاول جاداً أن يعيها ثم يعيشها؛ حتى ينال بها رضوان الله تعالى والجنة.
فهذه بعض صفاتهم كما جاءت في كتاب ربهم وخالقهم وهاديهم، وفي سنة نبيهم ومربيهم ومرشدهم؛ لعلنا نحذو حذوهم، ونتمسك بمنهجهم، ونتصف بصفاتهم؛ حتى نحقق كمال الإيمان، ونكون مع المحسنين السابقين إلى جنات الخلد.
فمن صفاتهم التي هي سبب لفلاحهم، والفوز بجنة الفردوس والخلود فيها، ما وصفهم الله تبارك وتعالى به في صدر سورة (المؤمنون)، قال تعالى:
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {5} إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ {6}
فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {7} وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ {8} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ {9} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ {10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (1) .
ومن صفاتهم الخوف والوجل عند ذكر الله تعالى، وذلك لقوة إيمانهم، ومراقبتهم لربهم، وكأنهم بين يديه، قال تعالى:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {2} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (2) .
ومن صفاتهم عدم الشك في إيمانهم، قال تعالى:
(1) سورة المؤمنون، الآيات: 1- 11.
(2)
سورة الأنفال، الآيات: 2- 4.
(3)
سورة الحجرات، الآية:15.
ومن صفاتهم طاعتهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وموالاتهم للمؤمنين، وقيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى:
ومن صفاتهم الجليلة ما وصفهم الله عز وجل بقوله:
ومن صفاتهم العظيمة والمميزة؛ محبتهم لحكم الله تعالى، والتسليم التام لشرعه في كل صغيرة وكبيرة، قال تعالى:
(1) سورة التوبة، الآية:71.
(2)
سورة التوبة، الآية:112.
(3)
سورة النساء، الآية:65.
ومن صفاتهم الحميدة، الكريمة، العالية، والكثيرة ما جمعها الله جل جلاله في قوله الكريم:
ومن صفاتهم؛ أنهم يقدمون طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ورضاهما على كل شيء، قال تعالى:
(1) سورة البقرة، الآية:177.
(2)
سورة النور، الآية:51.
(3)
سورة التوبة، الآية:62.
ومن صفاتهم؛ أنهم يخشون الله تعالى وحده، ولا يخافون أحداً سواه - سبحانه - قال تعالى:
{أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ} (1) .
ومن صفاتهم؛ أنهم يخلصون دينهم لله، قال تعالى:
ومن صفاتهم؛ أنهم لا تأخذوهم رأفة في إقامة حدود الله عز وجل قال تعالى:
ومن صفاتهم؛ أنهم يردون الأمر إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم عند النزاع والخلاف، قال تعالى:
(1) سورة التوبة، الآية:13.
(2)
سورة النساء، الآية:146.
(3)
سورة النور، الآية:2.
ومن صفاتهم؛ أنهم صادقون مع الله تعالى في عهدهم لنصرة الدين، قال تعالى:
ومن صفاتهم؛ أنهم يعملون الصالحات، قال تعالى:
ومن صفاتهم؛ أنهم إخوة في الله، والمؤمن أخو المؤمن، يحبون لإخوانهم ما يحبونه لأنفسهم، ولا يحملون عليهم حقداً ولا غلاً؛ بل يدعون لهم بظهر الغيب بالمغفرة والهداية والصلاح والتوفيق، والسداد، قال تعالى:
(1) سورة النساء، الآية:59.
(2)
سورة الأحزاب، الآية:23.
(3)
سورة النساء، الآية:124.
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)(3) .
ومن صفاتهم؛ أنهم يحبون النبي صلى الله عليه وسلم محبة قوية، لا تعدلها محبة أحد غيره كائناً من كان:
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)(4) .
(1) سورة الحشر، الآية:10.
(2)
سورة الحجرات، الآية:10.
(3)
(رواه البخاري) في (كتاب الإيمان) باب: (من الإيمان ما يحب لأخيه ما يحب لنفسه) .
(4)
(رواه البخاري) في (كتاب الإيمان) باب: (حب النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان) .
ومن صفات المؤمنين {عِبَادُ الرَّحْمَنِ} :
أنهم مبتلون وممتحنون في دينهم ودنياهم، والبلاء والامتحان كفارة لهم من الذنوب والخطايا، ورفعة لهم في الدرجات، والدنيا لهم كالسجن بالنسبة إلى نعيم الآخرة؛ سجن لقلوبهم وجوارحهم من زينتها وفتنها وشهواتها ومعاصيها، قال تعالى:
{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا} (1) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله؛ حتى يلقى الله وما عليه خطيئة)(2) .
وقال: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)(3) .
ومن صفاتهم؛ أنهم أحسن الناس أخلاقاً، وأكملهم خلقاً وسيرة؛ لا يتكلمون إلا بالخير، ويكرمون الجار ويحسنون إليه، ويكرمون الضيف؛ بطيب الكلام، وطلاقة الوجه، والخدمة بالنفس، قال الله تعالى عن ضيف خليله إبراهيم عليه السلام:
(1) سورة الأحزاب، الآية:11.
(2)
(رواه الترمذي) في (كتاب الزهد) باب: (ما جاء في الصبر على البلاء) .
(3)
(رواه مسلم) في كتاب (الزهد) .
{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} (1) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً)(2) .
وقال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)(3) .
من أقوال أئمة أهل السنة والجماعة في المؤمنين وصفاتهم:
قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
(المؤمن يطبع على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب)(4) .
وقال الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه:
(المؤمن بين أربع: إن ابتلي صبر، وإن أعطي شكر، وإن قال صدق، وإن حكم عدل)(5) .
(1) انظر: (الذاريات) الآيات: 24- 30.
(2)
(رواه أبو داود) في (كتاب السنة) باب: (الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه) .
(3)
(رواه البخاري) في (كتاب الرقاق) باب: (حفظ اللسان) .
(4)
(كتاب الإيمان) ابن أبي شيبة: (80) ص 35 وصححه الألباني.
(5)
(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 1، ص 255.
وقال التابعي الجليل الحسن البصري رحمه الله:
(الرجاء والخوف مطيتا المؤمن)(1) .
وقال الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله:
(المؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل؛ كلام المؤمن حكم، وصمته تفكر، ونظره عبر، وعمله بر، وإذا كنت كذلك، لم تزل في عبادة)(2) .
وقال الإمام الزاهد مالك بن دينار رحمه الله:
(مثل المؤمن؛ مثل اللؤلؤة أينما كانت حسنها معها)(3) .
وقال التابعي وهب بن منبه رحمه الله:
(المؤمن يخالط ليعلم، ويسكت ليسلم، ويتكلم ليفهم، ويخلو لينعم)(4) .
وقال الزاهد شقيق بن إبراهيم البلخي رحمه الله:
(1)(كتاب الزهد) الإمام أحمد بن حنبل: ج2، ص 238.
(2)
(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 8، ص 98.
(3)
(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 2، ص 377.
(4)
(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 4، ص 68.
(المؤمن مشغول بخصلتين، والمنافق مشغول بخصلتين؛ المؤمن بالعبر والتفكر، والمنافق بالحرص والأمل)(1) .
وقال الإمام الزاهد محمد بن المنكدر رحمه الله:
(إن الله تعالى يحفظ العبد المؤمن في ولده وولد ولده، ويحفظ في دويرته، وفي دويرات حوله؛ فما يزالون في حفظ وعافية ما كان بين ظهرانيهم)(2) .
فهذا قل من كثر من صفات عباد الرحمن؛ فإذا أردنا الفلاح والنجاح والنجاة؛ فعلينا التمسك بما كان عليه هؤلاء العظام، وأن نأتسي بهم؛ فهم اقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلقوا بأخلاقه، وامتثلوا أوامره، وكانوا كما قال تعالى:
(1)(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 8، ص 71.
(2)
(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 3، ص 148.
(3)
سورة آل عمران، الآية:110.