المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من صفات أهل الإيمان - الإيمان حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة

[عبد الله بن عبد الحميد الأثري]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌حقيقة الإيمانعندأهل السنة والجماعة

- ‌تعريف الإيمان

- ‌الإيمان في اللغة:

- ‌الإيمان في الاصطلاح الشرعي:

- ‌الأدلة من القرآنعلى أن الأعمال جزء من الإيمان

- ‌الأدلة من السنةعلى أن الأعمال جزء من الإيمان

- ‌خلاصة القول في مسمى الإيمان:

- ‌زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌أسباب زيادة الإيمان

- ‌مراتب الإيمان

- ‌أقوال أئمةأهل السنة والجماعةفي مسمى الإيمان

- ‌الإيمان والإسلام

- ‌التلازم الظاهر بالباطن

- ‌الاستثناء في الإيمان

- ‌الاستثناء في الإسلام

- ‌(هل الإيمان مخلوق أم غير مخلوق

- ‌أركان الإيمان عند أهل السنة والجماعة

- ‌أركان الإيمان

- ‌(1)الإيمان بالله

- ‌1- توحيد الربوبية

- ‌2- توحيد الألوهية

- ‌3- توحيد الأسماء والصفات:

- ‌(2)الإيمان بالملائكة

- ‌(3)الإيمان بالكتب

- ‌(4)الإيمان بالرسل

- ‌(5)الإيمان باليوم الآخر

- ‌علامات الساعة الصغرى:

- ‌علامات الساعة الكبرى:

- ‌(6)الإيمان بالقدر

- ‌فوائد الإيمان وثمراته

- ‌من صفات أهل الإيمان

- ‌خوارم الإيمانالمعاصي وأثرها على الإيمانعند أهل السنة والجماعة

- ‌المعاصي وأثرها على الإيمان

- ‌حكم الإصرار على المعاصي:

- ‌آثار المعاصي الوخيمة على العبد:

- ‌حكم مرتكب الكبيرة:

- ‌من أسباب سقوط العقوبة عن عصاة الموحدين

- ‌طبقات عصاة الموحدين يوم الدين:

- ‌نواقض الإيمانعند أهل السنة والجماعة

- ‌تعريفات لابد منها

- ‌(1)(تعريف الناقض)

- ‌(2)(تعريف الردة)

- ‌(3)(تعريف الشرك)

- ‌الشرك الأكبر:

- ‌الشرك الأصغر:

- ‌(4)(تعريف الفسق)

- ‌(5)(تعريف الكفر)

- ‌(6)(تعريف النفاق)

- ‌الزنديق والزندقة:

- ‌ النفاق الأكبر

- ‌ النفاق الأصغر

- ‌(7)(خطورة التكفير)

- ‌(8)(التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين)

- ‌(9)(موانع التكفير)

- ‌الجهل:

- ‌الخطأ:

- ‌الإكراه:

- ‌التأويل:

- ‌التقليد:

- ‌العجز:

- ‌(10)(تكفير أهل السنة والجماعة لمن ثبت كفره)

- ‌(11)(ما يمحو الكفر بعد ثبوته على المعين)

- ‌نواقض الإيمان

- ‌نواقض الإيمان وأنواعها

- ‌1- نواقض توحيد الله تعالى في ربوبيته:

- ‌2- نواقض توحيد الله تعالى في أسمائه وصفاته:

- ‌3- نواقض توحيد الله تعالى في ألوهيته:

- ‌4- نواقض عموم الدين:

- ‌الأول: نواقض الإيمان بالاعتقاد:

- ‌الثاني: نواقض الإيمان بالقول:

- ‌الثالث: نواقض الإيمان بالفعل:

- ‌الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌أقوال أئمة أهل السنة والجماعة على أن الكفر يكونبالاعتقاد والقول والفعل

- ‌أسباب ترك الإيمان والإعراض عنه

الفصل: ‌من صفات أهل الإيمان

‌من صفات أهل الإيمان

صفات عباد الرحمن المؤمنين الصادقين المتقين المخلصين - أهل الإيمان والطاعة - كثيرة جداً في القرآن والسنة، وتفاوتت هذه الصفات قلة وكثرة؛ فقد عرضها ووصفها لنا الوحيان الشريفان بأنها صفات كريمة، فاضلة، مباركة، خيرة، حميدة، عالية، سامية، عزيزة؛ فهم صفوة خلق الله تعالى بصفاتهم المميزة، وهم الذين يستحقون أن يضافوا إلى الرحمن سبحانه وتعالى ويكونوا عباده {عِبَادُ الرَّحْمَنِ} كيف لا، وقد تكفل الإسلام بتهذيبهم وتربيتهم، قال الله تبارك وتعالى:

{قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى {123} وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (1) .

وقد دعا الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم جميع المؤمنين إلى أن يتصفوا بصفاتهم، ويتخلقوا بأخلاقهم؛ حتى يعيشوا حياة إيمانية

(1) سورة طه، الآيتان: 123 - 124.

ص: 187

كريمة مباركة سعيدة؛ ثم ينالوا بذلك ثواب الله تعالى ورضوانه وجنته ونعيمه الأبدي.

والمؤمن الصادق مع ربه - جل وعلا - حريص على هذه الصفات الكريمة، والأخلاق الحميدة، لكي يبقى قلبه وحياته في الإيمان ومع الإيمان، وأن يتصف بصفات أهلها، ويحاول جاداً أن يعيها ثم يعيشها؛ حتى ينال بها رضوان الله تعالى والجنة.

فهذه بعض صفاتهم كما جاءت في كتاب ربهم وخالقهم وهاديهم، وفي سنة نبيهم ومربيهم ومرشدهم؛ لعلنا نحذو حذوهم، ونتمسك بمنهجهم، ونتصف بصفاتهم؛ حتى نحقق كمال الإيمان، ونكون مع المحسنين السابقين إلى جنات الخلد.

فمن صفاتهم التي هي سبب لفلاحهم، والفوز بجنة الفردوس والخلود فيها، ما وصفهم الله تبارك وتعالى به في صدر سورة (المؤمنون)، قال تعالى:

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {5} إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ {6}

ص: 188

فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {7} وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ {8} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ {9} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ {10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (1) .

ومن صفاتهم الخوف والوجل عند ذكر الله تعالى، وذلك لقوة إيمانهم، ومراقبتهم لربهم، وكأنهم بين يديه، قال تعالى:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {2} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (2) .

ومن صفاتهم عدم الشك في إيمانهم، قال تعالى:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (3) .

(1) سورة المؤمنون، الآيات: 1- 11.

(2)

سورة الأنفال، الآيات: 2- 4.

(3)

سورة الحجرات، الآية:15.

ص: 189

ومن صفاتهم طاعتهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وموالاتهم للمؤمنين، وقيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى:

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (1) .

ومن صفاتهم الجليلة ما وصفهم الله عز وجل بقوله:

{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (2) .

ومن صفاتهم العظيمة والمميزة؛ محبتهم لحكم الله تعالى، والتسليم التام لشرعه في كل صغيرة وكبيرة، قال تعالى:

{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (3) .

(1) سورة التوبة، الآية:71.

(2)

سورة التوبة، الآية:112.

(3)

سورة النساء، الآية:65.

ص: 190

ومن صفاتهم الحميدة، الكريمة، العالية، والكثيرة ما جمعها الله جل جلاله في قوله الكريم:

{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (1) .

ومن صفاتهم؛ أنهم يقدمون طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ورضاهما على كل شيء، قال تعالى:

{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2) .

وقال: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ} (3) .

(1) سورة البقرة، الآية:177.

(2)

سورة النور، الآية:51.

(3)

سورة التوبة، الآية:62.

ص: 191

ومن صفاتهم؛ أنهم يخشون الله تعالى وحده، ولا يخافون أحداً سواه - سبحانه - قال تعالى:

{أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ} (1) .

ومن صفاتهم؛ أنهم يخلصون دينهم لله، قال تعالى:

{إِلَاّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} (2) .

ومن صفاتهم؛ أنهم لا تأخذوهم رأفة في إقامة حدود الله عز وجل قال تعالى:

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} (3) .

ومن صفاتهم؛ أنهم يردون الأمر إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم عند النزاع والخلاف، قال تعالى:

(1) سورة التوبة، الآية:13.

(2)

سورة النساء، الآية:146.

(3)

سورة النور، الآية:2.

ص: 192

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (1) .

ومن صفاتهم؛ أنهم صادقون مع الله تعالى في عهدهم لنصرة الدين، قال تعالى:

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} (2) .

ومن صفاتهم؛ أنهم يعملون الصالحات، قال تعالى:

{وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} (3) .

ومن صفاتهم؛ أنهم إخوة في الله، والمؤمن أخو المؤمن، يحبون لإخوانهم ما يحبونه لأنفسهم، ولا يحملون عليهم حقداً ولا غلاً؛ بل يدعون لهم بظهر الغيب بالمغفرة والهداية والصلاح والتوفيق، والسداد، قال تعالى:

(1) سورة النساء، الآية:59.

(2)

سورة الأحزاب، الآية:23.

(3)

سورة النساء، الآية:124.

ص: 193

{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (1) .

وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (2) .

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)(3) .

ومن صفاتهم؛ أنهم يحبون النبي صلى الله عليه وسلم محبة قوية، لا تعدلها محبة أحد غيره كائناً من كان:

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)(4) .

(1) سورة الحشر، الآية:10.

(2)

سورة الحجرات، الآية:10.

(3)

(رواه البخاري) في (كتاب الإيمان) باب: (من الإيمان ما يحب لأخيه ما يحب لنفسه) .

(4)

(رواه البخاري) في (كتاب الإيمان) باب: (حب النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان) .

ص: 194

ومن صفات المؤمنين {عِبَادُ الرَّحْمَنِ} :

أنهم مبتلون وممتحنون في دينهم ودنياهم، والبلاء والامتحان كفارة لهم من الذنوب والخطايا، ورفعة لهم في الدرجات، والدنيا لهم كالسجن بالنسبة إلى نعيم الآخرة؛ سجن لقلوبهم وجوارحهم من زينتها وفتنها وشهواتها ومعاصيها، قال تعالى:

{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا} (1) .

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله؛ حتى يلقى الله وما عليه خطيئة)(2) .

وقال: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)(3) .

ومن صفاتهم؛ أنهم أحسن الناس أخلاقاً، وأكملهم خلقاً وسيرة؛ لا يتكلمون إلا بالخير، ويكرمون الجار ويحسنون إليه، ويكرمون الضيف؛ بطيب الكلام، وطلاقة الوجه، والخدمة بالنفس، قال الله تعالى عن ضيف خليله إبراهيم عليه السلام:

(1) سورة الأحزاب، الآية:11.

(2)

(رواه الترمذي) في (كتاب الزهد) باب: (ما جاء في الصبر على البلاء) .

(3)

(رواه مسلم) في كتاب (الزهد) .

ص: 195

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} (1) .

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً)(2) .

وقال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)(3) .

من أقوال أئمة أهل السنة والجماعة في المؤمنين وصفاتهم:

قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

(المؤمن يطبع على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب)(4) .

وقال الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه:

(المؤمن بين أربع: إن ابتلي صبر، وإن أعطي شكر، وإن قال صدق، وإن حكم عدل)(5) .

(1) انظر: (الذاريات) الآيات: 24- 30.

(2)

(رواه أبو داود) في (كتاب السنة) باب: (الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه) .

(3)

(رواه البخاري) في (كتاب الرقاق) باب: (حفظ اللسان) .

(4)

(كتاب الإيمان) ابن أبي شيبة: (80) ص 35 وصححه الألباني.

(5)

(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 1، ص 255.

ص: 196

وقال التابعي الجليل الحسن البصري رحمه الله:

(الرجاء والخوف مطيتا المؤمن)(1) .

وقال الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله:

(المؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل؛ كلام المؤمن حكم، وصمته تفكر، ونظره عبر، وعمله بر، وإذا كنت كذلك، لم تزل في عبادة)(2) .

وقال الإمام الزاهد مالك بن دينار رحمه الله:

(مثل المؤمن؛ مثل اللؤلؤة أينما كانت حسنها معها)(3) .

وقال التابعي وهب بن منبه رحمه الله:

(المؤمن يخالط ليعلم، ويسكت ليسلم، ويتكلم ليفهم، ويخلو لينعم)(4) .

وقال الزاهد شقيق بن إبراهيم البلخي رحمه الله:

(1)(كتاب الزهد) الإمام أحمد بن حنبل: ج2، ص 238.

(2)

(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 8، ص 98.

(3)

(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 2، ص 377.

(4)

(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 4، ص 68.

ص: 197

(المؤمن مشغول بخصلتين، والمنافق مشغول بخصلتين؛ المؤمن بالعبر والتفكر، والمنافق بالحرص والأمل)(1) .

وقال الإمام الزاهد محمد بن المنكدر رحمه الله:

(إن الله تعالى يحفظ العبد المؤمن في ولده وولد ولده، ويحفظ في دويرته، وفي دويرات حوله؛ فما يزالون في حفظ وعافية ما كان بين ظهرانيهم)(2) .

فهذا قل من كثر من صفات عباد الرحمن؛ فإذا أردنا الفلاح والنجاح والنجاة؛ فعلينا التمسك بما كان عليه هؤلاء العظام، وأن نأتسي بهم؛ فهم اقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلقوا بأخلاقه، وامتثلوا أوامره، وكانوا كما قال تعالى:

{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} (3) .

(1)(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 8، ص 71.

(2)

(حلية الأولياء) أبو نعيم الأصفهاني: ج 3، ص 148.

(3)

سورة آل عمران، الآية:110.

ص: 198