المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(4) الإيمان بالرسل أهل السنة والجماعة: يؤمنون ويعتقدون اعتقاداً جازماً بأن الله - الإيمان حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة

[عبد الله بن عبد الحميد الأثري]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌حقيقة الإيمانعندأهل السنة والجماعة

- ‌تعريف الإيمان

- ‌الإيمان في اللغة:

- ‌الإيمان في الاصطلاح الشرعي:

- ‌الأدلة من القرآنعلى أن الأعمال جزء من الإيمان

- ‌الأدلة من السنةعلى أن الأعمال جزء من الإيمان

- ‌خلاصة القول في مسمى الإيمان:

- ‌زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌أسباب زيادة الإيمان

- ‌مراتب الإيمان

- ‌أقوال أئمةأهل السنة والجماعةفي مسمى الإيمان

- ‌الإيمان والإسلام

- ‌التلازم الظاهر بالباطن

- ‌الاستثناء في الإيمان

- ‌الاستثناء في الإسلام

- ‌(هل الإيمان مخلوق أم غير مخلوق

- ‌أركان الإيمان عند أهل السنة والجماعة

- ‌أركان الإيمان

- ‌(1)الإيمان بالله

- ‌1- توحيد الربوبية

- ‌2- توحيد الألوهية

- ‌3- توحيد الأسماء والصفات:

- ‌(2)الإيمان بالملائكة

- ‌(3)الإيمان بالكتب

- ‌(4)الإيمان بالرسل

- ‌(5)الإيمان باليوم الآخر

- ‌علامات الساعة الصغرى:

- ‌علامات الساعة الكبرى:

- ‌(6)الإيمان بالقدر

- ‌فوائد الإيمان وثمراته

- ‌من صفات أهل الإيمان

- ‌خوارم الإيمانالمعاصي وأثرها على الإيمانعند أهل السنة والجماعة

- ‌المعاصي وأثرها على الإيمان

- ‌حكم الإصرار على المعاصي:

- ‌آثار المعاصي الوخيمة على العبد:

- ‌حكم مرتكب الكبيرة:

- ‌من أسباب سقوط العقوبة عن عصاة الموحدين

- ‌طبقات عصاة الموحدين يوم الدين:

- ‌نواقض الإيمانعند أهل السنة والجماعة

- ‌تعريفات لابد منها

- ‌(1)(تعريف الناقض)

- ‌(2)(تعريف الردة)

- ‌(3)(تعريف الشرك)

- ‌الشرك الأكبر:

- ‌الشرك الأصغر:

- ‌(4)(تعريف الفسق)

- ‌(5)(تعريف الكفر)

- ‌(6)(تعريف النفاق)

- ‌الزنديق والزندقة:

- ‌ النفاق الأكبر

- ‌ النفاق الأصغر

- ‌(7)(خطورة التكفير)

- ‌(8)(التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين)

- ‌(9)(موانع التكفير)

- ‌الجهل:

- ‌الخطأ:

- ‌الإكراه:

- ‌التأويل:

- ‌التقليد:

- ‌العجز:

- ‌(10)(تكفير أهل السنة والجماعة لمن ثبت كفره)

- ‌(11)(ما يمحو الكفر بعد ثبوته على المعين)

- ‌نواقض الإيمان

- ‌نواقض الإيمان وأنواعها

- ‌1- نواقض توحيد الله تعالى في ربوبيته:

- ‌2- نواقض توحيد الله تعالى في أسمائه وصفاته:

- ‌3- نواقض توحيد الله تعالى في ألوهيته:

- ‌4- نواقض عموم الدين:

- ‌الأول: نواقض الإيمان بالاعتقاد:

- ‌الثاني: نواقض الإيمان بالقول:

- ‌الثالث: نواقض الإيمان بالفعل:

- ‌الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌أقوال أئمة أهل السنة والجماعة على أن الكفر يكونبالاعتقاد والقول والفعل

- ‌أسباب ترك الإيمان والإعراض عنه

الفصل: ‌ ‌(4) الإيمان بالرسل أهل السنة والجماعة: يؤمنون ويعتقدون اعتقاداً جازماً بأن الله

(4)

الإيمان بالرسل

أهل السنة والجماعة: يؤمنون ويعتقدون اعتقاداً جازماً بأن الله تعالى أرسل إلى عباده رسلاً مبشرين ومنذرين، ودعاة إلى دين الحق؛ لهداية البشر، وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

فكانت دعوتهم إنقاذاً للأمم من الشرك والوثنية، وتطهيراً للمجتمعات من التحلل والفساد، وأنهم بلغوا الرسالة، وأدوا الأمانة، ونصحوا أممهم، وجاهدوا في الله حق جهاده، وقد جاؤوا بمعجزات باهرات تدل على صدقهم، ومن كفر بواحد منهم؛ فقد كفر بالله تعالى وبجميع الرسل عليهم السلام قال تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً {150} أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا {151} وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (1) .

(1) سورة النساء، الآيات: 150- 153.

ص: 141

وقد بين الله الحكمة من بعثة الرسل الكرام، فقال تعالى:

{رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (1) .

ولقد أرسل الله تعالى رسلاً وأنبياء كثيرين منهم من ذكره لنا في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ومنهم من لم يخبرنا عنهم.

قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} (2) .

وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (3) .

والمذكور من أسمائهم في القرآن خمسة وعشرون رسولاً ونبياً، وهم: أبو البشر آدم، إدريس، نوح، هود، صالح، إبراهيم، لوط، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، يوسف، شعيب، أيوب، ذو الكفل، موسى، هارون، داود، سليمان، إلياس، اليسع، يونس، زكريا، يحيى، عيسى، ومحمد خاتم الأنبياء والرسل؛ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

(1) سورة النساء، الآية:165.

(2)

سورة غافر، الآية:78.

(3)

سورة النحل، الآيات:36.

ص: 142

وقد فضل الله سبحانه وتعالى بعض الأنبياء والرسل على بعض، وقد أجمعت الأمة على أن الرسل أفضل من الأنبياء، والرسل بعد ذلك متفاضلون فيما بينهم، وأفضل الرسل والأنبياء أولو العزم، وهم خمسة: محمد، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وأفضل أولي العزم نبي الإسلام، وخاتم الأنبياء والمرسلين ورسول رب العالمين؛ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى:

{وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (1) .

وأهل السنة والجماعة:

يؤمنون بهم جميعاً من سمى الله منهم ومن لم يسم، من أولهم آدم.. إلى آخرهم وخاتمهم وأفضلهم نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله؛ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

والإيمان بالرسل إيمان مجمل، والإيمان بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم إيمان مفصل؛ يقتضي ذلك من المسلمين اتباعه صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من ربه على وجه التفصيل.

(1) سورة الأحزاب، الآية:40.

ص: 143

(محمد رسول الله)

(صلى الله عليه وعلى آله وسلم)

هو: أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعدنان من ولد نبي الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل على نبينا وعليهما السلام.

وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، ورسول الله إلى الناس أجمعين، عبد لا يعبد، ورسول لا يكذب، وهو خير الخلائق، وأفضلهم وأكرمهم على الله تعالى، وأعلاهم درجة، وأقربهم إليه وسيلة.

وهو المبعوث إلى الثقلين؛ بالحق والهدى، بعثه الله رحمة للعالمين، قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (1) .

أنزل عليه كتابه وأتمنه على دينه، وكلفه بتبليغ رسالته، وقد عصمه من الزلل في تبليغه لهذه الرسالة، قال تعالى:

{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى} (2) .

(1) سورة الأنبياء، الآية:107.

(2)

سورة النجم، الآيتان: 3 - 4.

ص: 144

ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته، ومن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، قال تعالى:

{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (1) .

وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، ومحمد صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة، قال تعالى:

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَاّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (2) .

وأهل السنة والجماعة:

يؤمنون بأن الله تعالى أيد نبيه صلى الله عليه وسلم بالمعجزات (3) الظاهرة والآيات الباهرة:

ومن تلك المعجزات وأعظمها القرآن الذي تحدى الله تعالى به أفصح الأمم وأبلغها، وأقدرها على المنطق (4) .

(1) سورة النساء، الآية:65.

(2)

سورة سبأ، الآية:28.

(3)

(()(المعجزة) : هي أمر خارق للعادة لا يقدر عليه البشر، يظهره الله على يد النبي وفق دعواه تصديقاً له، وإن وقوع المعجزة أمر ممكن؛ ذلك أن الله الذي خلق الأسباب والمسببات قادر على أن يغير نظامها؛ فلا تخضع لما كانت له من قبل! ولا عجب في ذلك ولا غرابة بالنسبة لقدرة الله التي لا تحد بحدود؛ فهو يفعل ما يريد وبأسرع ما يكون، قال تعالى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] .

(4)

(() انظر الركن الثالث من هذا الكتاب (الإيمان بالكتب) : ص (136) .

ص: 145

ومن أكبر المعجزات - بعد القرآن - التي أيد الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم؛ معجزة الإسراء والمعراج.

فأهل السنة والجماعة: يؤمنون بأن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في اليقظة بروحه وجسده إلى السماء، وذلك في ليلة الإسراء، وقد أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بنص القرآن.

قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1) .

ثم عرج به صلى الله عليه وسلم إلى السماء، حيث صعد حتى السماء السابعة، ثم فوق ذلك حيث شاء الله من العلى، عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، وأكرمه الله بما شاء وأوحى إليه وكلمه، وشرع له خمس صلوات في اليوم والليلة، ودخل الجنة فاطلع عليها، واطلع على النار، ورأى الملائكة، ورأى جبريل على صورته الحقيقة التي خلقه الله عليها، وما كذب فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى، بل كان كل ما رآه بعيني رأسه حقاً، تعظيماً له وتشريفاً على سائر الأنبياء وإظهاراً لعلو مقامه صلى الله عليه وسلم فوق الجميع، ثم نزل

(1) سورة الإسراء، الآية:1.

ص: 146

بيت المقدس وصلى إماماً بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ثم عاد إلى مكة قبل الفجر (1) .

قال الله تعالى: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى {12} وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى {13} عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى {14} عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى {15} إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى {16} مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى {17} لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} (2) .

ومن معجزاته أيضاً؛ صلى الله عليه وآله سلم:

انشقاق القمر: آية عظيمة أعطاها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم دليلاً على نبوته، وكان ذلك في مكة حينما طلب المشركون منه آية.

تكثير الطعام له، وقد وقع هذا منه صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة.

تكثير الماء ونبعه من بين أصابعه الشريفة، وتسبيح الطعام له وهو يؤكل، وقد وقع هذا الشيء كثيراً من الرسول صلى الله عليه وسلم.

إبراء المرضى، وشفاء بعض أصحابه على يديه صلى الله عليه وسلم دون دواء حسي.

(1)(() وقد ثبت في (الصحيحين) وغيرهما من كتب السنن والمسانيد؛ تفاصيل ما كان في تلك الليلة المباركة.

(2)

سورة النجم، الآيات: 12 - 18.

ص: 147

أدب الحيوان معه، وإذعان الأشجار إليه، وتسليم الأحجار عليه؛ صلوات الله وسلامه عليه.

الانتقام العاجل من بعض من خانه وعانده صلى الله عليه وسلم.

إخباره ببعض الأمور الغيبية، وإخباره عن الأمور التي وقعت بعيداً عنه فور وقوعها، وإخباره عن أمور غيبية قبل حدوثها؛ فحدثت بعد ذلك كما أخبر به صلى الله عليه وسلم.

إجابة دعائه صلى الله عليه وسلم عامة.

وحفظ الله تعالى له صلى الله عليه وسلم وكف الأعداء عنه.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم! قال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب. قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي زعم ليطأ على رقبته، قال: فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، قال: فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(لو دنا مني لاختطفته الملائكة؛ عضواً عضواً)(1) .

(1)(رواه مسلم) في (كتاب صفات المنافقين وأحكامهم) باب: (إن الإنسان ليطغى) .

ص: 148