المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المجلد الثالث ‌ ‌باب الأمر … بسم الله الرحمن الرحيم بَابٌ الأمر: "الأَمْرُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ٣

[ابن النجار الفتوحي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌باب الأمر

- ‌فصل الأمر حقيقة في الوجوب

- ‌باب النهي:

- ‌باب العام:

- ‌فصل العام بعد تخصيصه:

- ‌فصل إطلاق جمع المشترك على معانيه

- ‌فَصْلٌ لَفْظُ الرِّجَالِ وَالرَّهْطِ لا يَعُمُّ النِّسَاءَ وَلا الْعَكْسَ:

- ‌فصل القران بين شيئين لفظا لا يقتضي التسوية بينهما حكما

- ‌باب التخصيص:

- ‌فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْمُخَصَّصِ الْمُتَّصِلِ

- ‌فصل المخصص المتصل الثالث الصفة

- ‌فصل المخصص المتصل الرابع الغاية:

- ‌فصل تخصيص الكتاب ببعضه وتخصيصه بالسنة مطلقا

- ‌فصل تقديم الخاص على العام مطلقا

- ‌باب المطلق:

- ‌بَابُ الْمُجْمَلِ:

- ‌بَابُ الْمُبَيَّنِ:

- ‌باب الظاهر:

- ‌بَابُ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ:

- ‌فصل إذا خص نوع بالذكر مما لا يصح لمسكوت عنه فله مفهوم:

- ‌فَصْلٌ: كَلِمَةُ إنَّمَا:

- ‌بَابٌ النسخ:

- ‌فصل يجوز نسخ التلاوة دون الحكم ونسخ الحكم دون التلاوة ونسخهما معا:

- ‌فَصْلٌ يَسْتَحِيلُ تَحْرِيمُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى:

الفصل: ‌ ‌المجلد الثالث ‌ ‌باب الأمر … بسم الله الرحمن الرحيم بَابٌ الأمر: "الأَمْرُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ

‌المجلد الثالث

‌باب الأمر

بسم الله الرحمن الرحيم

بَابٌ الأمر:

"الأَمْرُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ1"

لَمَّا كَانَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِجْمَاعُ: السَّنَدُ، وَالْمَتْنُ2. وَتَقَدَّمَ الْكَلامُ عَلَى السَّنَدِ3 أَخَذَ فِي الْكَلامِ عَلَى الْمَتْنِ.

وَلَمَّا كَانَ الْمَتْنُ مِنْهُ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَعَامٌّ وَخَاصٌّ وَمُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ وَمُجْمَلٌ وَمُبَيَّنٌ وَظَاهِرٌ وَمُؤَوَّلٌ وَمَنْطُوقٌ وَمَفْهُومٌ. بَدَأَ مِنْ ذَلِكَ بِالأَمْرِ ثُمَّ بِالنَّهْيِ، لانْقِسَامِ الْكَلامِ إلَيْهِمَا بِالذَّاتِ، لا بِاعْتِبَارِ الدَّلالَةِ وَالْمَدْلُولِ.

فَالأَمْرُ لا يَعْنِي بِهِ مُسَمَّاهُ، كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِي الأَخْبَارِ عَنْ الأَلْفَاظِ: أَنْ يَلْفِظَ بِهَا وَالْمُرَادُ مُسَمَّيَاتُهَا، بَلْ لَفْظَةُ الأَمْرِ هُوَ أَمْرٌ4، كَمَا يُقَالُ: زَيْدٌ مُبْتَدَأٌ، وَضَرَبَ فِعْلٌ مَاضٍ، وَفِي حَرْفُ جَرٍّ. وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ. وَهَذَا بِالاتِّفَاقِ5.

1 إن باب الامر والنهي من الابواب المهمة في أصول الفقه، لأنهما أساس التكليف في توجيه الخطاب إلى المكلفين، ولذلك أهتم بها علماء الأصول بالتوضيح والبيان لتمحيص الأحكام الشرعية، وجعلهما كثير من المؤلفين في مقدمة كتب الأصول.

قال الإمام السرخي: "فأحق ما يبدأ به في البيا، الأمر وال، هي، لأ، معظم الابتلا بها، وبمعرفتهما تتم معرفة الأحكام، ويتميزالحلال م، الحرام""أصول السرخي 1/11 ".

وانظر: الم، خول ص 98، التبصرة ص17، العدة1/213.

2 في ش ز: في المت،.

3 المجلد الثاني صفحة 287 - 582

4 في ش ز ض: وهو أمر.

5 انظر: الإحكام للآمدي 2/130، المحصول ج1ق2/7، جمع الجوامع والمحلي عليه 1/366، م، اهج العقول 2/2،،هاية السول2/6، القواعد والفوائد الأصولية 158، مختصر الطوفي ص84، كشف الاسرار1/101، التوضيح على التنقيح 2/46، تيسير التحرير 1/224، فواتح الرحموت 1/367، العضد على ابن الحاجب 2/76، التمهيد ص72، إرشاد الفحول ص91، مباحث الكتاب والسنة ص109، المعتمد 1/45.

ص: 5

"وَ"هُوَ أَيْضًا "نَوْعٌ مِنْ" أَنْوَاعِ "الْكَلامِ" لأَنَّ الْكَلامَ هُوَ الأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ بِالإِسْنَادِ عَلَى إفَادَةِ مَعَانِيهَا. فَنَوْعٌ مِنْهُ يَكُونُ مِنْ الأَسْمَاءِ فَقَطْ، وَنَوْعٌ مِنْ الْفِعْلِ الْمَاضِي1 وَفَاعِلِهِ، وَنَوْعٌ مِنْ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ وَفَاعِلِهِ، وَنَوْعٌ مِنْ فِعْلِ الأَمْرِ وَفَاعِلِهِ2.

ثُمَّ الأَمْرُ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ وَلَكِنْ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ3 عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ4. وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ: "وَمَجَازٌ فِي الْفِعْلِ" وَمِنْهُ قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} 5 أَيْ فِي الْفِعْلِ

1. ساقطة من ض.

2.

انظر: أصول السرخي 1/11، البرهان للجوني 1/199، الأحكام للآمدي 2/130، المنخول ص 98، المستصفى 1/411، العبادي على الوقات ص 60.

3.

يرى بعض العلماء أن إطلاق الأمر على الفعل حقيقة، ويكون الأمر مشتركاً بينهما، واحتجوا بقوله تعالى:{وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} ، وفرعوا على ذلك أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على اللإيجاب ضرورة أنه أمر.

انظر أدلة هذا الرأي مع مناقشته في "نهاية السول 2/8، الأحكام للآمدي 2/131، المحصول ج1 ق2/7،10، المعتمد 1/45، 47، 56، شرح تنقيح الفصول ص 126، التوضيح على التنقيح 2/46، التلويح على التوضيح 2/47، العضد على ابن الحاجب 2/76، اللمع ص 7، فتح الغفار 1/28، كشف الأسرار 1/102، وما بعدها، تيسير التحرير 1/334 وما بعدها، إرشاد الفحول ص 91".

4.

انظر آراء العلماء في إطلاق الأمر على الفعل مجازاً في "المسودة ص 16، مختصر البعلي ص 97، القواعد والفوائد الأصولية ص158، العدة 1/223، الإحكام للآمدي 1/131، جمع الجوامع 1/366، العضد على ابن الحاجب 2/76، اللمع ص 7، شرح تنقيح الفصول ص 126، التوضيح على التنقيح 2/46، تيسير التحرير 1/334، المعتمد 1/45، فواتح الرحموت 1/367، أصول السرخسي 1/11، فتح الغفار 1/28".

5 الآية 159 من آل عمران.

ص: 6

وَنَحْوِهِ1. وقوله تعالى: {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} 2 وقوله تعالى: {حَتَّى إذَا جَاءَ أَمْرُنَا} 3.

وَيُطْلَقُ أَيْضًا4 وَيُرَادُ بِهِ الشَّأْنُ5. وَمِنْهُ قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} 6 أَيْ: شَأْنُهُ، وَالْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مُبَاشِرٌ لَهُ.

وَقَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ كَقوله تعالى: {إنَّمَا قَوْلُنَا 7 لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ} 8

وَيُطْلَقُ أَيْضًا وَيُرَادُ بِهِ الصِّفَةُ9، نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

"لأَمْرٍ مَا يَسُودُ مَنْ يَسُودُ"10

أَيْ بِصِفَةِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ.

1 ساقطة من ض.

2 الآية 73 من هود.

3 الآية 40من هود.

4 ساقطة من ض.

5 انظر: أصول السرخسي 1/12، شرح تنقيح الفصول ص 126.

6 الآية 97 من هود.

7 في ب ز ع ض: أمرنا، ولا يوجد في القرآن آية بهذا اللفظ "انما أمرنا

"، ولعل المقصود الآية 82 من سورة يس:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} .

8 الاية 40 من النحل.

9 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 127.

10 هذا عجز بيت من الوافر، لأنس بن مدركة الخثعمي، وصدره:

عزمت على إقامة ذي صباحٍ

وقد استشهد به سيبويه في "الكتاب" والمبرد في "المقتضب" وابن جني في "الخصائص" وابن الشجري في "أماليه" وابن يعيش الحلبي في "شرح المفصل" وابن عصفور في "المقرب" والبغدادي في "خزانة الأدب".

" انظر: معجم شواهد العربية 1/106، شرح أبيات سيبويه للسيرافي 1/388"

ص: 7

وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الشَّيْءُ كَقَوْلِهِمْ: تَحَرَّكَ الْجِسْمُ لأَمْرٍ، أَيْ لِشَيْءٍ1.

وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الطَّرِيقَةِ 2بِمَعْنَى الشَّأْنِ وَعَلَى الْقَصْدِ وَالْمَقْصُودِ.

وَقِيلَ إنَّ الأَمْرَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْفِعْلِ والْقَوْلِ بِالاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ لأَنَّهُ أُطْلِقَ عَلَيْهِمَا3

وَقِيلَ مُتَوَاطٍ فَهُوَ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا مِنْ بَابِ التَّوَاطُؤِ دَفْعًا لِلاشْتِرَاكِ وَالْمَجَاز4ِ

وَقَالَ الْقَاضِي فِي " الْكِفَايَةِ" إنَّ الأَمْرَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالشَّأْنِ وَالطَّرِيقَةِ وَنَحْوِهِ5.

1. انظر: شرح تنقيح الفصول ص 126.

2.

ساقطة من ش ز.

3.

انظر أصحاب هذا القول وأدلتهم ومناقشاتها في "العضد على ابن الحاجب 2/76، نهاية السول 2/8/ جمع الجوامع 1/367، شرح تنقيح الفصول ص126، فواتح الرحموت 1/367، كشف الأسرار 1/102، التوضيح على التنقيح 2/46، تيسير التحرير 1/334، التمهيد ص 73، القواعد والفوائد الأصولية ص 158، مباحث الكتاب والسنة ص 109".

4 وهو اختيار الآمدي، وقال التفتازاني عن هذا القول:"وهو قول حادث مخالف للإجماع، فلم يلتفت إليه".

"انظر: التلويح على التوضيح 2/46، الإحكام للآمدي 2/137، العضد على ابن الحجاب 2/76، جمع الجوامع 1/367، فواتح الرحموت 1/367، تيسير التحرير 1/334، مختصر البعلي ص 67".

5 ذهب إلى ذلك أبو الحيسن البصري، بينما أنكر القاضي ذلك في كتابه "العدة" فقال: "الفعل لا يسمى أمراً

حقيقة".

"انظر: المسودة ص 16، العدة 1/223، المعتمد 1/45، الإحكام للآمدي 2/131، المحصول ? 1 ق2/7،14، نهاية السول 2/9، جمع الجوامع 1/367، التلويح على التوضيح 2/46، مختصر البعلي ص97، القواعد والفوائد الأصولية ص152، 158، إرشاد الفحول ص 91".

ص: 8

قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَلِيمِ1،وَالِدُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ:"هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِمَنْ أَنْصَفَ"2.اهـ.

وَاسْتَدَلَّ لَلْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ-وَهُوَ كَوْنُ الأَمْرِ مَجَازًا فِي غَيْرِ الْقَوْلِ الْمَخْصُوص- بِأَنَّ الْقَوْلَ يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ عِنْدَ الإِطْلاقِ، وَلَوْ كَانَ مُتَوَاطِئًا لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ الأَخَصُّ، لأَنَّ الأَعَمَّ لا يَدُلُّ عَلَى الأَخَصِّ، وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقِيقَةً فِي الْفِعْلِ لَزِمَ الاشْتِرَاكُ3 وَالاطِّرَادُ؛ لأَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ الْحَقِيقَةِ، وَلا يُقَالُ لِلآكِلِ آمِرٌ، وَلا يُشْتَقُّ لَهُ مِنْهُ أَمْرٌ4، وَلا مَانِعَ،

1 هو عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله، ابن تيمية، الحراني، شهاب الدين، أبو المحاسن، والد شيخ الاسلام تقي الدين احمد بن عبد الحليم، وهو ابن الشيخ مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن تيمية، سمع عبد الحليم من والده، وقرأ عليه المذهب حتى اتقنه، ورحل إلى حلب في طلب العلم، ثم صار شيخ البلد بعد أبيه، وخطيبه وحاكمه، ودرّس وأفتى وصنف، وكان محققاً لما ينقله، ديناً، متواضعاً، حسن الخلق، جواداً، وقدم دمشق، قال الذهبي:"وكان من أنجم الهدى، وإنما اختفى بين نور القمر وضوء الشمس" يشير إلى والده وابنه، له تعاليق وفوائد، وصنف في علوم شتى، توفي سنة 680هـ بدمشق، ودفن بسفح قاسيون.

انظر ترجمته في ذيل "طبقات الحنابلة 2/310، شذرات الذهب 5/376، البداية والنهاية 13/303.

2 المسودة ص 16، وانظر: القواعد والفوائد الأصولية ص 162.

3 أي يكون كل فعل أمراً باطراد، وأن الأمر يقع على آحاد الأفعال، والواقع أن ذلك غير مطرود، فلا يقال للأكل والشرب أمر. "انظر: المعتمد 1/46، الإحكام للآمدي 2/131، المحصول ج1 ق 2/7، فواتح الرحموت1/368، العضد على ابن الحاجب 2/6، إرشاد الفحول ص 91، العدة 1/223".

وفي ش: لا طرد، وفي ز عِ: ولا طرد.

4 يوضح ذلك السرخسي فيقول: "ألا ترى أنه لا يقولون للآكل والشارب آمراً، فبهذا تبين أن اسم الأمر لا يتناول الفعل حقيقة، كما لا يقال: "الأمر" اسم عام يدخل تحته المشتق وغيره، لأن الأمر مشتق في الأصل، فإنه يقال: أمر يامر أمراً، فهر آمر، وماكان مشتقاً في الأصل لا يقال إنه يتناول المشتق وغيره حقيقة""أصول السرخسي 1/12".

"وانظر: التلويح على التوضيح 2/47 وما بعدها، كشف الأسرار1/105 وما بعدها، تيسير التحرير 1/336، فواتح الرحموت1/368، المعتمد 1/47، الإحكام للآمدي 2/131، 135، المحصول? 1 ق2/8، العدة 1/223".

ص: 9

وَلاتَّحَدَ1 جَمْعَاهُمَا2، وَلَوُصِفَ بِكَوْنِهِ مُطَاعًا وَمُخَالِفًا، وَلِمَا صَحَّ نَفْيُهُ3.

"وَ"أَمَّا "حَدُّهُ" أَيْ حَدُّ الأَمْرِ فِي الاصْطِلاحِ فَهُوَ "اقْتِضَاءُ" مُسْتَعْلٍ مِمَّنْ دُونَهُ فِعْلاً بِقَوْلٍ "أَوْ اسْتِدْعَاءِ مُسْتَعْلٍ" أَيْ عَلَى جِهَةِ الاسْتِعْلاءِ "مِمَّنْ" أَيْ مِنْ شَخْصٍ "دُونَهُ فِعْلاً" مَعْمُولُ اسْتِدْعَاءِ "بِقَوْلٍ" مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِدْعَاءِ4.

1 في ع: لا اتحد، وفي د: وإلا اتحد.

2 استدل بعض علماء الأصول على كون الأمر مجازاً في الفعل وليس حقيقة بأن العرب تفرق بين جمع الأمر الذي هو القول، فتجمعه على"أوامر"، وبين جمع المر الذي هو الفعل، فتجمعه على "أمور" وهذا يدل على أن الأمر ليس حقيقة في الفعل، وقال ابن عبد الشكور- مستدلاً على كون الأمر حقيقة في القول مجازاً في الفعل وأنه غير مشترك فيهما-: وثالثاً بلزوم اتحاد الجمع" على تقدير الاشتراك اللفظي"، مع أن في الفعل "أمور"، وفي القول "أوامر"، ثم قال: ولك أن تعارض بأنه لولا الاشتراك لم يختلف الجمع، وقد اختلف. "فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 1/368".

واعترض الأصوليين على هذا الاستدلال فقال أبو الحسين البصري:" انه قد حكي عن أهل اللغة أن "الأمر" لا يجمع "أوامر" لا في القول ولا في الفعل، وأن "أوامر" جمع "آمرة"، وأن "أمر" و"أمور" يقع كل منهما موقع الآخر إن استعمل في الفعل، وليس أحدهما جمعاً للآخر"، ثم قال:"وأن اختلاف جمعيهما ليس، بأن يدل على أنه حقيقة فيهما، بأولى من أن يدل على أنه مجاز في أحدهما وحقيقة في الآخر المعتمد1/48".

" وانظر: أصول السرخسي 1/12، تيسير التحرير1/336، إرشاد الفحول ص 91".

3.

أي ماكان مستعملاً بطريق المجاز يجوز نفيه عنه، أما ماكان مستعملاً بطريق الحقيقة فلا يصبح نفيه عنه، كالأب فهو حقيقة للأب الأدنى فلا بجوز نفيه عنه، ومجاز للجد فيجوز نفيه عنه بإثبات غيره، وأنه يجوز نفي الأمر عن الفعل وغيره، كما لو قال إنسان: ماأمرت اليوم بشيء، كان صادقاً، وإن كان قد فعل أفعالاً.

"وانظر: أصول السرخسي 1/13، التلويح على التوضيح 2/48، تيسير التحرير1/335، 337، كشف الأسرار 1/102، المحصول ? 1 ق2/9 وما بعدها، المحلي على جمع الجوامع 1/366، العدة 1/223، إرشاد الفحول ص91".

4 انظر تعريف الأمر في "الإحكام للآمدي 1/137 وما بعدها، 140، الحدود للباجي ص 52، الكافية في الجدل ص 33، المحصول ج1ق 2/19، 22، المستصفى 1/411، البرهان للجويني 1/203، العبادي على الورقات ص77، اللمع ص7، التبصرة ص17، المنخول ص102، جمع الجوامع 1/367، فتح الغفار 1/26، كشف الأسرار 1/101،تيسير التحرير 1/33، التوضيح على التنقيح 2/44، فواتح الرحموت 1/370، مختصرابن الحاجب 2/77 وما بعدها، روضة الناظر 2/189، نزهة الخاطر 2/6، مختصر الطوفي ص84، مختصر البعلي ص67، إرشاد الفحول ص92 وما بعدها".

ص: 10

فَعَلَى هَذَا يُعْتَبَرُ الاسْتِعْلاءُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَالْمُوَفَّقِ1وَأَبِي مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيِّ وَالطُّوفِيِّ وَابْنِ مُفْلِحٍ وَابْنِ قَاضِي الْجَبَلِ وَابْنِ بُرْهَانٍ فِي الأَوْسَطِ وَالْفَخْرِ الرَّازِيِّ2، وَالآمِدِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَأَبِي الْحُسَيْنِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ3.

قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَاعْتَبَرَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، مِنْهُمْ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْبَنَّاءِ وَالْفَخْرُ إسْمَاعِيلُ وَالْمَجْدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ، وَنَسَبَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ إلَى الْمُحَقِّقِينَ، وَأَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ

1 في ش، ز: الموافق وأبي الخطاب.

2 ذكر الفخر الرازي رأيه في "المحصول" عرضاً في التعريف " المحصول? 1ق 2/22" وأشار فيما بعد أنه لا يشترط، واكتفى بذكر رأي جمهور المعتزلة، ثن أتبعه برأي أبي الحسين البصري، ثم قال:"وقال أصحابنا لا يعتبر العلو، ولا الاستعلاء" وذكرأدلة كل قول: "انظر: المحصول ? 1 ق 2/45 وما بعدها" ولعله بين رأيه في كتاب آخر، بدليل مانقله الإسنوي عنه فقال:"وصححه أيضاً في "المنتخب" وجزم به في "المعالم" "نهاية السول 2/8".

3 اختار هذا الرأي في أشتراط الاستعلاء في الأمر القرافي والباجي من المالكية، وابن عبد الشكور وصدر الشريعة من الحنفية، ورجحه الكمال بن الهمام منهم، وهو قول الآمدي وغيره من الشافعية.

"انظر: المعتمد 1/45، الحدود للباجي ص 53، شرح تنقيح الفصول ص 136، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/77، فتح الغفار 1/26، التوضيح على التنقيح 2/44، تيسير التحرير 1/337، 338، جمع الجوامع 1/369، الإحكام للآمدي 2/140، نهاية السول 2/7، المحصول ? 1 ق 2/45،نزهة الخاطر 2/62، الروضة 2/189، مختصر الطوفي ص 84، التمهيد ص 72، مختصر البعلي ص 97، القواعد والفوائد الأصولية ص 158، مباحث الكتاب والسنة ص 109، جمع الجوامع 1/369".

ص: 11

وَالْمُعْتَزِلَةُ: الْعُلُوَّ. فَأَمْرُ الْمُسَاوِي ِغَيْرِهِ يُسَمَّى عِنْدَهُمْ الْتِمَاسًا، وَالأَدْوَنِ سُؤَالا1ً.

وَاعْتَبَرَ الاسْتِعْلاءَ وَالْعُلُوَّ مَعًا ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ2.

وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لا تُشْتَرَطُ الرُّتْبَةُ3.

فَتَلَخَّصَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الاسْتِعْلاءُ وَالْعُلُوُّ4 مَعًا. وَالثَّانِي: عَكْسُهُ. وَالثَّالِثُ: اعْتِبَارُ الاسْتِعْلاءِ فَقَطْ. وَالرَّابِعُ: اعْتِبَارُ الْعُلُوِّ فَقَطْ5.

"وَتُعْتَبَرُ إرَادَةُ النُّطْقِ بِالصِّيغَةِ6"

1. وهو قول ابن الصباغ والسمعاني من الشافعية.

"انظر: نهاية السول 2/7، جمع الجوامع 1/369، اللمع ص7، التبصرة ص17، المحصول ? 1 ق 2/45، التمهيد ص72، شرح تنقيح الفصول ص 136، المعتمد 1/49، تيسير التحرير 1/338، فواتح الرحموت1/369، فتح الغفار1/26، نزهة الخاطر2/62، المسودة ص41، القواعد والفوائد الأصولية ص 158".

2 انظر: جمع الجوامع 1/369، نهاية السول 2/8، التمهيد ص 72، القواعد والفوائد الأصولية ص 158".

3 قال الفخر الرازي: "الذي عليه المتكلمون: أنه لا يشترط علو ولا استعلاء"، وماهو ما جزم به ابن السبكي، ورجحه العضد، ولم تشترط المعتزلة وغيرهم الاستعلاء، لقول فرعون لمن دونه {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} الأعراف/110.

انظر أدلة هذا القول مع مناقشته في المسودة ص 41، فواتح الرحموت 1/370، تيسير التحرير 1/338، جمع الجوامع 1/369، المحصول ? 1 ق 2/45، المستصفى 1/441، العضد على ابن الحاجب 2/77، مختصر الطوفي من 84، القواعد والفوائد الأصولية ص 158، شرح تنقيح الفصول ص 137".

4 في ش ع ض ب: العلو والاستعلاء.

5 انظر هذه الأقوال مع أدلتها ومناقشة الأدلة في المراجع السابقة هامش 3.

6 انظر هذة المسألة في " الإحكام للآمدي 2/138، 139، المنخول ص 103، الموافقات 1/83، البرهان 1/204، 211، المسودة ص 4، القواعد والفوائد الأصولية ص 159".

ص: 12

قَالَ ابْنُ بُرْهَانٍ: بِلا خِلافٍ، حَتَّى1 لا يَرِدُ نَحْوُ: نَائِمٍ وَسَاهٍ.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: اتَّفَقْنَا أَنَّ إرَادَةَ النُّطْقِ مُعْتَبَرَةٌ. وَإِلَاّ فَلَيْسَ طَلَبًا وَاقْتِضَاءً وَاسْتِدْعَاءً.

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ: هَلْ هُوَ كَلامٌ؟ فَنَفَاهُ الْمُحَقِّقُونَ، فَقَوْمٌ لِقِيَامِ الْكَلامِ بِالنَّفْسِ، وَقَوْمٌ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ. وَعِنْدَنَا لأَنَّهُ مَدْفُوعٌ إلَيْهِ. كَخُرُوجِ حَرْفٍ مِنْ غَلَبَةِ عُطَاسٍ وَنَحْوِهِ2.

"وَتَدُلُّ" الصِّيغَةُ "مُجَرَّدِهَا عَلَيْهِ" أَيْ عَلَى الأَمْرِ "لُغَةً" أَيْ3 عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَة.

قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ: هُوَ قَوْلُ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَالأَوْزَاعِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَبِهِ يَقُولُ الْبَلْخِيُّ4

1 في ض: حيث.

2 انظر: المعتمد 1/50.

3 ساقطة من ب.

4 وهو محمد بن الفضل بن العباس، أبو عبد الله البلخي، فقيه حنفي من مشاهير مشايخ خرسان، أصله من بلخ، ثم أخرج منها، فدخل سمرقند، ومات فيها سنة 319 هـ، وله كلام بيلغ، ووعظ لطيف، وتأثير في التوجيه، وسماه أبو نعيم: من حكماء المشرق المتأخرين.

انظر ترجمته في "حلية الأولياء 10/221، طبقات الصوفية ص 212، الأعلام للزركلي 7/221".

وورد في بعض كتب الأصول في بابي الأمر والعموم اسم: محمد بن الشجاع، أبو عبد الله الثلجي، وهو فقيه حنفي أيضاً من بغداد، كان فقيه العراق في وقته، والمقدم في الفقه والحديث، مع ورع وعبادة، وكان يميل إلى الاعتزال، مات فجأة سنة 267 هـ ساجداً في صلاة العصر، له كتاب "تصحيح الآثار" و "كتاب النوادر" و "كتاب المضاربة" في الفقه الحنفي، ولعلماء الحديث كلام فيه، ويقال له أيضاً: ابن الثلجي.

انظر ترجمته في "تذكرة الحفاظ 2/629، الفوائد البهية ص 171، ميزان الاعتدال 3/577، الأعلام للزركلي7/28، المعتمد 1/134، تفسير النصوص 2/19، الروضة 2/223، العدة 2/489".

ص: 13

مِنْ الْمُعْتَزِلَة1ِ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الصِّيغَةُ الأَمْرُ. فَمَنَعَ أَنْ يُقَالَ لِلأَمْرِ صِيغَةٌ أَوْ أَنْ يُقَالَ: هِيَ دَالَّةٌ عَلَيْهِ، بَلْ الصِّيغَةُ نَفْسُهَا هِيَ الأَمْرُ، وَالشَّيْءُ لا يَدُلُّ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ: الأَمْرُ2 الإِرَادَةُ، وَالأَشْعَرِيَّةِ: الأَمْرُ مَعْنًى فِي النَّفْسِ3.

وَكَذَا قَالَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ: صِيغَةُ الأَمْرِ. كَقَوْلِك: ذَاتُ الشَّيْءِ وَنَفْسُهُ4.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: قَوْلُهُمْ لِلأَمْرِ صِيغَةً صَحِيحٌ، لأَنَّ الأَمْرَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى، فَاللَّفْظُ دَلَّ5 عَلَى التَّرْكِيبِ، وَلَيْسَ هُوَ عَيْنُ الْمَدْلُولِ، وَلأَنَّ اللَّفْظَ دَلَّ6 عَلَى صِيغَتِهِ الَّتِي هِيَ الأَمْرُ بِهِ، كَمَا يُقَالُ: يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ أَمْرًا، وَلَمْ يَقُلْ: عَلَى

1. انظر هذه المسألة في " الإحكام للآمدي 2/141، التبصرة ص 22، المستصفى 1/412 وما بعدها، 417، جمع الجوامع 1/371، البرهان 1/200، شرح التنقيح ص 126، الروضة 2/189، التلويح على التوضيح 2/45، كشف الأسرار 1/101، تيسير التحرير 1/340، مختصر البعلي ص 98، مختصر الطوفي ص 84، العدة 1/214".

2.

ساقطة من ض.

3.

ويقول الأشعرية: ليس للأمر صيغة، وإنما هو معنى في النفس.

" انظر: مختصر ابن الحاجب 2/79، شرح تنقيح الفصول ص 126، المعتمد 1/50، اللمع ص 8، التبصرة ص 22، المحصول ? 1 ق 2/24، البناني على جمع الجوامع 1/370، الإحكام للآمدي 2/141، المسودة ص 8-9، البرهان 1/212، المستصفى 1/413، 417 ".

وفي ض: نفس.

4.

انظر: البرهان للجويني 1/272، الإحكام للآمدي 2/141، التبصرة ص 18، المحصول? 1 ق 2/24، 34، المسودة ص 4، 8، 9، تيسير التحرير 1/340.

5.

في ض: دال.

6.

في ع: دال.

ص: 14

الأَمْرِ1.

وَقَالَ الْقَاضِي: الأَمْرُ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الْفِعْلِ وَاسْتِدْعَائِهِ، فَجَعَلَهُ مَدْلُولَ الأَمْرِ لا عَيْنَ الأَمْرِ2.

وَ "لا" يُشْتَرَطُ فِي الأَمْرِ "إرَادَةُ الْفِعْلِ" عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، خِلافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ3؛ لأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى أَمَرَ إبْرَاهِيمَ بِذَبْحِ ابْنِه4، وَلَمْ يُرِدْهُ مِنْهُ، وَأَمَرَ إبْلِيسَ بِالسُّجُودِ وَلَمْ يُرِدْهُ مِنْهُ، وَلَوْ أَرَادَهُ لَوَقَعَ؛ لأَنَّهُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، وَلأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ أَنْ تُرَدَّ5 الأَمَانَاتُ إلَى أَهْلِهَا ثُمَّ إنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لأؤَدِّيَنَّ إلَيْك أَمَانَتَك6 غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَحْنَثْ وَ7 لَوْ كَانَ مُرَادَ اللَّهِ لَوَجَبَ أَنْ يَحْنَثَ. وَلا حِنْثَ بِالإِجْمَاعِ، خِلافًا لِمَنْ حَنَّثَهُ8 كَالْجُبَّائِيِّ9.

1. انظر بيان ذلك في "نزهةالخاطر2/63 وما بعدها، المسودة ص 8 وما بعدها، فتح الغفار1/27، البرهان للجويني1/212، كشف الأسرار1/101، اللمع ص 8، العدة1/214".

2.

انظر: العدة 1/214.

3.

انظر آراء العلماء في اشتراط إرادة الفعل وعدم اشتراطها في "فواتح الرحموت1/271، تيسير التحرير 1/241، نهاية السول2/10، جمع الجوامع1/270، الموافقات3/81، التبصرة ص 18، المحصول ? 1 ق2/24، المستصفى1/415، المعتمد1/50، البرهان للجويني1/204، شرح تنقيح الفصول ص134، المسودة ص54، الروضة2/192، مختصر الطوفي ص85، مختصر البعلي ص 97، مباحث الكتاب والسنة ص 10، العدة1/214، 220".

4.

في ز ع ب: ولده.

5.

في ز ض ع ب: برد.

.6 في ض ب: أمانتك إليك.

.7 ساقطة من ض.

8.

ساقطة من ش.

9.

في ش: للجبائي: وهذا قول أبي علي الجبائي، وابنه أبي هاشم الجبائي من المعتزلة. "انظر: شرح تنقيح الفصول ص138".

ص: 15

وَخَرَقَ الإِجْمَاعَ1.

قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالطُّوفِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الأَصْحَابِ: لَنَا عَلَى أَنَّ الأَمْرَ لا يُشْتَرَطُ لَهُ إرَادَةُ: إجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا.

قَالُوا: الصِّيغَةُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِيمَا سَبَقَ مِنْ الْمَعَانِي. فَلا تَتَعَيَّنُ لِلأَمْرِ2 إلَاّ بِالإِرَادَةِ. إذْ لَيْسَتْ أَمْرًا لِذَاتِهَا3 وَلا لِتَجَرُّدِهَا عَنْ الْقَرَائِنِ.

قُلْنَا: اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ الأَمْرِ مَجَازٌ، فَهِيَ بِإِطْلاقِهَا لَهُ. ثُمَّ الأَمْرُ وَالإِرَادَةُ يَنْفَكَّانِ4 كَمَنْ يَأْمُرُ وَلا يُرِيدُ، أَوْ يُرِيدُ وَلا يَأْمُرُ. فَلا يَتَلازَمَانِ، وَإِلَاّ اجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ5.

"وَالاسْتِعْلاءُ" طَلَبٌ "بِغِلْظَةِ. وَالْعُلُوُّ: كَوْنُ الطَّالِبِ6 أَعْلَى رُتْبَةً7"

1. انظر أدلة الجمهور على عدم اشتراط إرادة الفعل في الأمر، في "البرهان للجويني1/205، المعتمد 1/50، 54، نهاية السول2/14، شرح تنقيح الفصول ص 138، المستصفى1/415، جمع الجوامع والمحلي عليه 1/370، فواتح الرحموت 1/371، الروضة 2/192، نزهة الخاطر2/67".

2.

في ش: يتعين الأمر، وفي ز: تتعين لأمر، والأعلى من مختصر الطوفي، وموافق لنسخة ع ض ب.

3.

في ش: بذاتها.

4.

في ع ب: يتفاكان.

5.

انظر: مختصر الطوفي58، الروضة2/192، نزهة الخاطر2/67، القواعد والفوائد الأصولية ص189، المحصول ? 1 ق2/29، نهاية السول2/14، شرح تنقيح الفصول ص138.

6.

في ع ب: طالب.

7.

انظر: التمهيد ص72. فتح الغفار1/27. نهاية السول2/7.

ص: 16

قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي التَّنْقِيحِ: الاسْتِعْلاءُ هَيْئَةٌ فِي الأَمْرِ مِنْ التَّرَفُّعِ أَوْ إظْهَارِ الأَمْرِ1، وَالْعُلُوُّ يَرْجِعُ إلَى هَيْئَةِ الآمِرِ مِنْ شَرَفِهِ وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَأْمُور2ِ انْتَهَى.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْعُلُوِّ أَنْ يَكُونَ الآمِرُ فِي نَفْسِهِ عَالِيًا، أَيْ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الْمَأْمُورِ، وَالاسْتِعْلاءُ أَنْ يَجْعَلَ الآمِرُ نَفْسَهُ عَالِيًا بِكِبْرِيَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِ الأَمْرِ كَذَلِكَ أَوْ لا، فَالْعُلُوُّ مِنْ الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ لِلآمِرِ، وَالاسْتِعْلاءُ مِنْ صِفَةِ صِيغَةِ الأَمْرِ وَهَيْئَةِ نُطْقِهِ مَثَلاً.

قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: فَالْعُلُوُّ صِفَةٌ لِلْمُتَكَلِّمِ، وَالاسْتِعْلاءُ صِفَةٌ لِلْكَلامِ3.

"وَتَرِدُ صِيغَةُ افْعَلْ" لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ 4.

أَحَدُهَا كَوْنُهَا "لِوُجُوبٍ5" نَحْوَ قوله تعالى: {أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} 6 وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي".

"وَ" الثَّانِي: لِـ "نَدْبٍ" نَحْوُ قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ

1. في "التنقيح": القهر.

2.

شرح تنقيح الفصول ص137، وانظر: مختصر البعلي ص97، القواعد والفوائد الأصلية ص159.

3.

انظر: نهاية السول2/8.

4.

انظر المعاني التي ترد لها صيغة إفعل في "أصول السرخي1/14، التوضيح على التنقيح2/51، كشف الأسرار1/107، المعتمد1/49، فواتح الرحموت1/372، الإحكام للامدي2/142، المنخول ص132، المحصول ? 1 ق2/57، المستصفى1/417، جمع الجوامع1/370، العبادي على الورقات ص81، نهاية السول2/14، العدة1/219، مختصر الطوفي ص84، مختصر البعلي ص98، التفتازاني على العضد2/78، اثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص295، مباحث الكتاب والسنة ص112".

5.

انظر: المراجع السابقة.

6.

الاية78 من الإسراء.

ص: 17

خَيْرًا} 1 فَإِنَّهُ لِلنَّدْبِ عَلَى الأَصَحِّ مِنْ مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَمَاعةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ2.

وَعِنْدَ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ وَجَمْعٍ: أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ3.

وَقَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: حَمْلُ الآيَةِ عَلَى الْوُجُوبِ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ، مَعَ قَوْلِهِ فِي كِتَابِهِ الإِنْصَافِ إنَّ كَوْنَ الْكِتَابَةِ مُسْتَحَبَّةً لِمَنْ عُلِمَ فِيهِ خَيْرٌ: الْمَذْهَبُ بِلا رَيْبٍ، وَذَكَرَهُ عَنْ جَمَاهِيرِ الأَصْحَابِ، فَلْيُعَاوِدْ ذَلِكَ مَنْ أَرَادَهُ4.

"وَ"الثَّالِثُ: كَوْنُهَا5 بِمَعْنَى "إبَاحَةٍ6" نَحْوَ قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} 7 وقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} 8.

1. الآية33 من النور.

2.

انظر: الإحكام لابن حزم 1/287، التوضيح على التنقيح 2/51، كشف الأسرار 1/107، أصول السرخسي 1/14، فواتح الرحموت 1/372. نهاية السول 2/14، جمع الجوامع 1/372، المستصفى 1/417، الإحكام للآمدي 2/142، الروضة 2/191، العبادي على الورقات ص 81، المنخول ص132، العدة1/219.

3.

انظر: المحلى لابن حزم 9/222، فواتح الرحموت1/372.

4.

الإنصاف7/446

5.

في ض: كونه.

6.

انظر: نهاية السول 2/14، جمع الجوامع 1/372، المحصول? 1 ق2/95، المستصفى1/417، المنخول ص132، العبادي على الوراقات ص81، الإحكام لابن حزم 1/287، أصول السرخسي1 /14، التوضيح على التنقيح2/51،كشف الأسرار1/107،فواتح الرحموت1/372،الروضة2/191،العدة1/219

7.

الآية 2من المائدة.

8.

الآية 10من الجمعة.

ص: 18

وَاعْلَمْ أَنَّ الإِبَاحَةَ إنَّمَا تُسْتَفَادُ مِنْ خَارِجٍ. فَلِهَذِهِ الْقَرِينَةِ يُحْمَلُ الأَمْرُ عَلَيْهَا مَجَازًا بِعَلاقَةِ الْمُشَابَهَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ. لأَنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ1.

1. أي من خارج عن الأمر، لأن الأصل في الأمر للوجوب، فإن أريد به الندب أوالإباحة فلا بد من قرينة تدل على ذلك، وهذه القرينة إما لفظية أو غير لفظية، وقد تكون القرينة قاعدة شرعية عامة، مثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} فالأمر بالمكاتبة للندب للنص على القرينة بعده {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} لأن الله تعالى علق الكتابة على علم المالك بما يراه خيرآ للعبد، كما يوجد في الآية قرينة أخرى، وهي قاعدة عامة في الشريعة أن المالك له حرية التصرف في ملكه، وأول الآية نصت على ثبوت الملك له {مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} .

ويرى القاضي حسين من الشافعية أن الأمر هنا للندب لقرينة أخرى وهي أنه وقع بعد حظر، والأمر بعد الحظر للندب عنده، والحظر السابق هو تحريم بيع مال الشخص بماله، وهو ممتنع، والكتابة كذلك، ثم جاء الأمر بها فصارت للندب، "انظر: التمهيد للإستوي ص74".

ومثل الأمر بالإنتشار بعد الصلاة، فإنه ورد في الآية بعد النص على حظر البيع والتجارة أثناء الصلاة، بقوله تعالى:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} سورة الجمعة9، فالأمر بالفعل بعد الحظر يفيد الإباحة عند الجمهور، وكذلك الأمر بالاصطياد بعد التحلل من الإحرام، فإنه ورد بعد النص على تحريم الصيد اثناء الإحرام في قوله تعالى:{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} المائدة/1، ومثل قوله صلى اله عليه وسلم فيما رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها" فالأمر بالفعل بعد حظره قرينة على صرفه إلى الإباحة، وقد يختلف الفقهاء في القرينة، وهل تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب أو الإباحة أم لا.

وخالف الظاهرية –ومنهم ابن حزم- جماهير العلماء، وقالوا: إن الأمر للوجوب، ولا يصرفه عن الوجوب قرينة، ولا يخرج الأمر عن الوجوب إلابنصٍ آخر أو إجماع.

انظر تفصيل هذا الموضوع في "المسودة ص17، الروضة 2/192، نزهة الخاطر 2/70، القواعد والفوائد الأصولية ص161، الإحكام لابن حزم 1/276، البرهان للجوني 1/261، التوضيح على التنقيح 2/63، كشف الأسرار 1/107-120، نهاية السول 2/18، أثر الاختلاف في القواعد الإصولية ص299،311،مباحث الكتاب والسنة ص123، أصول الفقه الإسلامي ص276، 313،تفسير النصوص 2/360، العدة1/248،256، فيض القدير5/55،الإحكام للآمدي2/142".

ص: 19

"وَ" الرَّابِعُ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "إرْشَادٍ"1 نَحْوُ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} 2 وقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ} 3 وقوله تعالى: {إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} 4

وَالضَّابِطُ فِي الإِرْشَادِ: أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَصَالِحِ الدُّنْيَا، بِخِلافِ النَّدْبِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَصَالِحِ الآخِرَةِ، وَأَيْضًا: الإِرْشَادُ لا ثَوَابَ فِيهِ، وَالنَّدْبُ فِيهِ الثَّوَابُ5

"وَ" الْخَامِسُ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "إذْنٍ"6 نَحْوَ قَوْلِ مَنْ بِدَاخِلِ مَكَان لِلْمُسْتَأْذِنِ7 عَلَيْهِ: اُدْخُلْ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يُدْخِلُ هَذَا فِي قِسْمِ الإِبَاحَةِ.

وَقَدْ يُقَالُ: الإِبَاحَةُ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ صِيَغِ الشَّرْعِ الَّذِي لَهُ الإِبَاحَةُ وَالتَّحْرِيمُ، وَإِنَّمَا الإِذْنُ يُعْلَمُ بِأَنَّ الشَّرْعَ أَبَاحَ دُخُولَ مِلْكِ ذَلِكَ الآذِنِ8 مَثَلاً، فَتَغَايَرَا.

1. انظر: الإحكام للآمدي /142، المحصول ج1 ق2/58، المستصفى 1/417، نهاية السول 2/15، جمع الجوامع 1/372، أصول السرخسي 1/14، التوضيح على التنقيح 2/51، كشف الأسرار 1/107، المنخول ص 132، فواتح الرحموت 1/372، العدة 1/219.

2.

الآية 282 من البقرة.

3.

الآية 282 من البقرة.

4.

الآية 282 من البقرة.

5.

انظر: كشف الأسرار 1/107، فواتح الرحموت 1/372، المحلي على جمع الجوامع والبناني عليه 1/372، المستصفى1/419، 422، المحصول? 1ق2/58، الإحكام للآمدي2/142، نهاية السول2/17.

6.

انظر: جمع الجوامع 1/373.

7.

في ض ب: لمستأذن.

8.

ساقطة من ض.

ص: 20

"وَ" السَّادِسُ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَأْدِيبٍ"1 نَحْوُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ بْنِ أَبِي2 سَلَمَةَ3 فِي حَالِ صِغَرِهِ "يَا غُلامُ: سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ4 وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ5.

وَمِنْهُمْ مَنْ يُدْخِلُ ذَلِكَ فِي قِسْمِ النَّدْبِ. مِنْهُمْ الْبَيْضَاوِيُّ6.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَقْرَبُ مِنْ النَّدْبِ7.

1. انظر: التوضيح على التنقيح 2/51، كشف الأسرار 1/107، فواتح الرحموت 1/372، المنخول ص132، المحصول ? 1 ق 2/57، المستصفى1/417، الرسالة ص350، 352، الإحكام للآمدي2/142، جمع الجوامع 1/373.

2.

ساقطة من ض.

3.

هو الصحابي عمر بن عبد الله بن عبد الأسد القرشي المخزومي، أبو حفص، ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد بأرض الحبشة في أواخر السنة الثانية للهجرة، وكان أبواه مهاجرين للحبشة، ثم توفي والده أبو سلمة، فتزوج رسول صلى الله عليه وسلم والدته أم سلمة، فعاش في كنف الرسول صلى الله عليه وسلم ورعايته، شهد مع علي الجمل، واستعمله على رضي الله عنه على البحرين وفارس، وروي له اثنا عشر حديثاً، توفي سنة 83 هـ.

انظر ترجمته في "الإصابة 2/519،الاستيعاب 2/474، الخلاصة ص 283، تهذيب الأسماء 2/16، مشاهير علماء الأمصارص 27، أسد الغابة 4/183".

4.

ساقطة من ش ز.

5.

هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه ومالك والدارمي عن عمر بن أبي سلمة مرفوعاً.

"انظر صحيح البخاري 3/291، صحيح مسلم 3/1599، سنن أبي داود 2/314، تحفة الأحوذي 5/590، سنن ابن ماجه2/1087، مختصر سنن أبي داود 5/304، الموطأ ص 580 ط الشعب، مسند أحمد 4/26، سنن الدارمي 2/94، ذخائر المواريث 3/63، الفتح الكبير 3/400، تخريج أحاديث مختصر المناهج ص 289، البيان والتعريف 2/270".

6.

ومنهم الآمدي، ونسب ابن عبد الشكور أن الشافعي يقول إن الأمر للوجوب، فقال:"وعند الشافعي للإيجاب""فواتح الرحموت1/372"، وانظر: الإحكام للآمدي2/142، نهاية السول شرح منهاج الوصول2/14

7.

وهو رأي الفخر الرازي والتفتازاني وعبد العزيز البخاري.

"انظر: المحصول ? 1 ق2/57، التلويح على التوضيح2/51، كشف الأسرار1/107".

ص: 21

هُوَ يَدُلُّ عَلَى الْمُغَايَرَة1ِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيْنَهُمَا2 عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ؛ لأَنَّ الأَدَبَ3 مُتَعَلِّقٌ بِمَحَاسِنِ الأَخْلاقِ، وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ4 مِنْ مُكَلَّفٍ، أَوْ غَيْرِهِ؛ لأَنَّ عُمَرَ كَانَ صَغِيرًا. وَالنَّدْبُ مُخْتَصٌّ بِالْمُكَلَّفِينَ، وَأَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَحَاسِنِ الأَخْلاقِ وَغَيْرِهَا5.

"وَ" السَّابِعُ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "امْتِنَانٍ"6 نَحْوُ قوله تعالى: {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ} 7 وَسَمَّاهُ أَبُو الْمَعَالِي: الإِنعَامَ8.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِبَاحَةِ: أَنَّ الإِبَاحَةَ مُجَرَّدُ إذْنٍ، وَالامْتِنَانُ لا بُدَّ فِيهِ مِنْ اقْتِرَانِ حَاجَةِ الْخَلْقِ لِذَلِكَ وَعَدَمِ قُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ9، وَالْعَلاقَةُ بَيْنَ الامْتِنَانِ وَالْوُجُوبِ: الْمُشَابَهَةُ فِي الإِذْنِ إذْ الْمَمْنُونُ لا يَكُونُ إلَاّ مَأْذُونًا فِيهِ10.

1. انظر: المحصول? 1 ق 2/58.

2.

ساقطة من ض.

3.

في ش: الإذن.

4.

ساقطة من ش.

5.

انظر: التلويح على التوضيح 2/51، فواتح الرحموت 1/372، نهاية السول 2/17.

6.

انظر: التوضيع على التنقيح 2/51، كشف الأسرار 1/107، فواتح الرحموت 1/372، نهاية السول 2/15، جمع الجوامع 1/372، الإحكام للآمدي 2/143، المنخول ص132، المحصول ? 1 ق2/85، المستصفى 1/417، العدة 1/220

7.

الاية 88 من المائدة.

8.

وتبعه ابن السبكي في "جمع الجوامع 1/374" وحقيقة إسداء النعمة، وفرق بعضهم بين الإنعام والامتنان باختصاص الإنعام بذكر أعلى مايحتاج إليه "انظر: البناني على جمع الجوامع1/374".

9.

انظر فتح الرحموت 1/372، نهاية السول 2/18، المحلي على جمع الجوامع 1/373.

10.

انظر: نهاية السول 2/18.

ص: 22

"وَ" الثَّامِنُ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "إكْرَامٍ" نَحْوُ قوله تعالى: {اُدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} 1 فَإِنَّ قَرِينَةَ2 بِسَلامٍ آمَنِينَ يَدُلُّ عَلَى الإِكْرَامِ3.

"وَ" التَّاسِعُ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "جَزَاءٍ" نَحْوُ قوله تعالى: {اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 4.

"وَ" الْعَاشِرُ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "وَعْدٍ" نَحْوُ قوله تعالى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} "وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي تَمِيمٍ "أَبْشِرُوا" 6.

وَقَدْ يُقَالُ بِدُخُولِ ذَلِكَ فِي الامْتِنَانِ. فَإِنَّ بُشْرَى الْعَبْدِ مِنَّةٌ عَلَيْهِ.

"وَ" الْحَادِيَ عَشَرَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَهْدِيدٍ"7 نَحْوُ قوله تعالى: {اعْمَلُوا

1. الآية 46 من الحجر.

2.

في ع ض: بقرينة.

3.

ولعلاقة بين الوجوب والإكرام هي المشابهة في الإذن.

" انظر: نهاية السول 2/18، جمع الجوامع 1/373، المحصول ? 1 ق 2/58، المستصفى 1/418، الإحكام للآمدي 2/134، المنخول ص 1133، الروضة 2/191، العدة 1/220، كشف الأسرار 1/107، التوضيح على التنقيح 2/51، فواتح الرحموت 1/372".

4.

الآية 32 من النحل.

5.

الآية 30 من فصلت.

6.

هذا الحديث رواه البخاري والترمذي وأحمد عن عمران بن حصين، قال جاء نفر من بني تميم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"يابني تميم أبشروا"، قالوا: بشرتنا فأعطنا، فتغير وجهه، فجاءه أهل اليمن، فقال "يأهل اليمن، اقبلوا بالبشرى، إذ لم يقبلها بنو تميم"، قالوا: قبلنا، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم يحدث: "بدأ الخلق والعرش

" الحديث.

"انظر: صحيح البخاري2/207، باب بدء الخلق، تحفة الأحوذي 10/450، مسند أحمد 4/426، 433".

7.

وسمى السرخسي ذلك توبيخاً، وسماه صدر الشريعة تهديداً، وسماه البردوي تقريعاًَ، وبين عبد العزيز البخاري الفرق بين التقريع والتوبيخ.

"انظر: كشف الأسرار 1/107،108، أصول السرخسي 1/14، التوضيح على التنقيح 2/51،فواتح الرحموت1/372، الروضة2/191، الإحكام للآمدي2/143، التبصرة ص 20، المنخول ص133، المحصول? 1 ق2/59، المستصفى 1/418، نهاية السول 2/15، جمع الجوامع1/372، العبادي على الورقات ص 98، العدة 1/219".

ص: 23

مَا شِئْتُمْ} 1 وقوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِك وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِك وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ} 2.

"وَ" الثَّانِي عَشَرَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "إنْذَارٍ"3 نَحْوُ قوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إلَى النَّارِ} 4

وَقَدْ جَعَلَهُ قَوْمٌ قِسْمًا مِنْ التَّهْدِيدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْبَيْضَاوِيِّ 5.

وَالصَّوَابُ الْمُغَايَرَةُ.

وَالْفَرْقُ: أَنَّ التَّهْدِيدَ هُوَ التَّخْوِيفُ، وَالإِنْذَارُ: إبْلاغُ الْمَخُوفِ6. كَمَا فَسَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ بِهِمَا7.

1. الآية 40 من فصلت.

2.

الآية 64 من الإسراء.

3.

انظر: كشف الأسرار 1/107، فواتح الرحموت 1/372، المحصول? 1 ق 2/58، المستصفى 1/418، الإحكام للآمدي 2/143، المنخول ص 133، نهاية السول 2/15، جمع الجوامع 1/373.

4.

الآية 30 من إبراهيم.

5.

وهو رأي الفخر الرازي أيضاً.

"انظر: نهاية السول شرح منهاج الوصول 2/15، 18، المحصول? 1 ق 2/59".

6 قال التفتازاني: "والتهديد هو التخويف، ويقرب منه الإنذار

فإنه إبلاغ مع تخويف"، "التلويح 2/51"، وقال الإسنوي بعد نقل هذا الفرق عن "الصحاح" قال: "وقد فرق الشارحون بفروق أخرى، لا أصل لها فاجتنبها"، "نهاية السول2/18".

وانظر كشف الأسرار 1/107، فواتح الرحموت 1/372، جمع الجوامع 1/373.

7.

قال الجوهري: "الإنذار: الإبلاغ، ولا يكون إلا في التخويف""الصحاح 2/25".

ص: 24

وَقِيلَ: الإِنْذَارُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَقْرُونًا بِالْوَعِيدِ كَالآيَةِ وَالتَّهْدِيدُ لا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مَقْرُونًا وَقَدْ لا يَكُونُ مَقْرُونًا.

وَقِيلَ: التَّهْدِيدُ عُرْفًا أَبْلَغُ فِي الْوَعِيدِ وَالْغَضَبِ مِنْ الإِنْذَارِ.

"وَ" الثَّالِثَ عَشَرَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَحْسِيرٍ" وَتَلْهِيفٍ، نَحْوُ قوله تعالى:{قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} 1وَمِثْلُهُ قوله تعالى: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} 2حَكَاهُ ابْنُ فَارِسٍ3.

"وَ" الرَّابِعَ عَشَرَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَسْخِيرٍ"4 نَحْوُ قوله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} 5 وَالْمُرَادُ بِالتَّسْخِيرِ هُنَا: السُّخْرِيَةُ6 بِالْمُخَاطَبِ بِهِ، لا بِمَعْنَى التَّكْوِينِ، كَمَا قَالَهُ7 بَعْضُهُمْ8.

"وَ" الْخَامِسَ عَشَرَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَعْجِيزٍ"9 نَحْوُ قَوْله تَعَالَى:

1. الآية 119 من آل عمران.

2.

الآية 108 من المؤمنون.

3 انظر: مقياس اللغة 2/62، 182.

4 وسماه ابن السبكي: التسخير والامتهان.

"انظر: جمع الجوامع 1/373، المحصول ? 1 ق2/60، المستصفى 1/418، المنخول ص133، الإحكام للآمدي 2/143، نهاية السول 2/15، التوضيح على التنقيح 2/51، كشف الأسرار 1/107، فواتح الرحموت 1/372، الروضة 2/191، تفسير النصوص 1/238".

5 الآية 65 من البقرة.

6.

في ز ض ب: السخريا.

7.

في ش ع: قال.

8.

انظر: فواتح الرحموت 1/372.

9 وسماه السرخسي التقريع "أصول السرخسي 1/14".

"وانظر: التوضيح على التنقيح 2/51، كشف الأسرار 1/107، فواتح الرحموت 1/372، التبصرة ص20، المنخول ص133، المحصول? 1 ق 2/60، نهاية السول 2/15، جمع الجوامع 1/373، الإحكام للآمدي 2/143، العدة 1/219".

ص: 25

{فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} 1، وَالْعَلاقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُجُوبِ الْمُضَادَّةُ؛ لأَنَّ التَّعْجِيزَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُمْتَنِعَاتِ، وَالإِيجَابُ فِي الْمُمْكِنَاتِ. وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى:{فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} 2 وَمَثَّلَهُ بَعْضُهُمْ3 بِقوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} 4.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْجِيزِ وَالتَّسْخِيرِ: أَنَّ التَّسْخِيرَ نَوْعٌ مِنْ التَّكْوِينِ فَمَعْنَى {كُونُوا قِرَدَةً} 5 انْقَلِبُوا إلَيْهَا. وَأَمَّا التَّعْجِيزُ: فَإِلْزَامُهُمْ أَنْ يَنْقَلِبُوا، وَهُمْ لا يَقْدِرُونَ أَنْ يَنْقَلِبُوا6.

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ: فِي التَّمَسُّكِ بِهَذَا نَظَرٌ7. وَإِنَّمَا التَّعْجِيزُ حَيْثُ يَقْتَضِي الأَمْرُ8 فِعْلَ مَا لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْمُخَاطَبُ9 نَحْوُ قوله تعالى: {فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ الْمَوْتَ} 10

"وَ" السَّادِسَ عَشَرَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "إهَانَةٍ" نَحْوُ قوله تعالى: {ذُقْ إنَّك أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} 11 وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّيهِ التَّهَكُّمَ.12

1. الآية 38 من يونس، وفي ع: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ} البقرة /23.

2.

الآية 34 من الطور.

3.

انظر: الروضة 2/191.

4.

الآيتان 50، 51 من الإسراء.

5.

الآية 65 من البقرة.

6.

ساقطة من ض، وانظر: كشف الأسرار 1/108، نهاية السول 2/18.

7.

في ب: النظر.

8.

في ض ع: بالأمر.

9.

انظر: نهاية السول 2/19.

10.

الآية 168 من آل عمران.

11.

الآية 49من الدخان.

12.

انظر: المستصفى 1/418، الإحكام للآمدي 2/143، المنخول ص133، المحصول ج1 ق2/60، نهاية السول 2/19، جمع الجوامع 1/374، التوضيح على التنقيح 2/51، كشف الأسرار 1/107، فواتح الرحموت 1/372، الروضة 2/191.

ص: 26

وَضَابِطُهُ: أَنْ يُؤْتَى بِلَفْظٍ ظَاهِرُهُ الْخَيْرُ وَالْكَرَامَةُ، وَالْمُرَادُ ضِدُّهُ، وَيُمَثَّلُ بِقوله تعالى:{وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِك وَرَجِلِكَ} 1 وَالْعَلاقَةُ أَيْضًا فِيهِمَا2 الْمُضَادَّةُ.

"وَ" السَّابِعَ عَشَرَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "احْتِقَارٍ" نَحْوُ قوله تعالى فِي قِصَّةِ مُوسَى عليه السلام يُخَاطِبُ السَّحَرَةَ {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} 3 إذْ أَمْرُهُمْ فِي مُقَابَلَةِ الْمُعْجِزَةِ حَقِيرٌ، وَهُوَ مِمَّا أَوْرَدَهُ الْبَيْضَاوِيُّ4.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِهَانَةِ: أَنَّ الإِهَانَةَ إمَّا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ تَقْرِيرٍ. كَتَرْكِ إجَابَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، لا بِمُجَرَّدِ اعْتِقَادٍ. وَالاحْتِقَارُ: قَدْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ5 الاعْتِقَادِ. فَلِهَذَا يُقَالُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ: احْتَقَرَهُ، وَلا يُقَالُ: أَهَانَهُ6.

"وَ" الثَّامِنَ عَشَرَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَسْوِيَةٍ"7 نَحْوُ قوله تعالى: {فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا} 8 بَعْدَ قوله تعالى: {اصْلَوْهَا} 9 أَيْ هَذِهِ

1 الآية 64 من الإسراء.

2 في ع ض ب: هنا.

3 الآية 43 من الشعراء.

4 كذا أورده ابن عبد الشكور.

"انظر: نهاية السول بشرح منهاج الوصول2/19، فواتح الرحموت 1/372، التوضيح على التنقيح 2/51، كشف الأسرار 1/107، جمع الجوامع 1/372".

5 في ض ب: مجرد.

6 انظر نهاية السول 2/19، فواتح الرحموت 1/372.

7 انظر: الروضة 2/191، نهاية السول 2/19، جمع الجوامع 1374، المستصفى 1/418، المحصول ? 1 ق 2/60، المنخول ص133، الإحكام للآمدي2/143، كشف الأسرار1/107، فواتح الرحموت1/372،التوضيح على التنقيح2/51.

8 الآية 16 من الطور.

9 الآية 16 من الطور.

ص: 27

التَّصْلِيَةُ لَكُمْ، سَوَاءٌ صَبَرْتُمْ أَوْ لا. فَالْحَالَتَانِ سَوَاءٌ، وَالْعَلاقَةُ الْمُضَادَّةُ. لأَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مُضَادَّةٌ لِوُجُوبِ الْفِعْلِ1. وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه "فَاخْتَصَّ 2 عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ3.

"وَ" التَّاسِعَ عَشَرَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "دُعَاءٍ"4 نَحْوُ قوله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} 6 وَكُلُّهُ طَلَبُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّفَضُّلِ وَالإِحْسَانِ.

وَالْعَلاقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ7 الإِيجَابِ طَلَبُ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ8.

"وَ" الْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَمَنٍّ9" كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:

1.انظر: نهاية السول 2/19.

2.

في جميع النسخ: فأحرص، وهو تحريف من النساخ.

3.

هذا الحديث رواه البخاري تعليقاً في "صحيحه" في كتاب النكاح، باب ما يكره من التبتل والخصاء، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت يارسول الله، إني رجل شاب، وأنا أخاف على نفسي العنت، ولا أجد ما أتزوج به النساء، فسكت عني، ثم قلت: مثل ذلك، فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا أبا هريرة، جف القلم بما أنت لاقٍ، فاختصِ على ذلك أو ذر".

ورواه النسائي بلفظ: "ولا أجد طولاً أتزوج النساء، أفأختصي؟ فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال ثلاثاً".

"انظر: صحيح البخاري 3/155-156، سنن النسائي 6/49".

4.

انظر: المحصول ? 1 ق2/60، المستصفى 1/418، المنخول ص133، نهاية السول 2/19، جمع الجوامع 1/374، الإحكام للآمدي 2/143، الروضة 2/191، التوضيح على التنقيح 2/51، كشف الأسرار 1/107، فواتح الرحموت 1/372.

5.

الآية 41 من إبراهيم، وفي ز ع ض ب:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} نوح/28.

6.

الآية147 من آل عمران.

7.

في ش: بين وبينه، وفي ز: بين وبين.

8.

انظر: نهاية السول 2/19.

9.

انظر: نهاية السول 2/19، جمع الجوامع 1/374، المحصول ? 1 ق2/60، المستصفى 1/418، المنخول ص133، الإحكام للآمدي 2/143، فواتح الرحموت 1/272، كشف الأسرار 1/107، التوضيح على التنقيح 2/51، الروضة 2/191.

ص: 28

"أَلا أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ أَلا انْجَلِي1"

وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى التَّمَنِّي دُونَ التَّرَجِّي؛ لأَنَّهُ أَبْلَغُ. لأَنَّهُ نَزَّلَ لَيْلَهُ لِطُولِهِ مَنْزِلَةَ الْمُسْتَحِيلِ انْجِلاؤُهُ2. كَمَا قَالَ الآخَرُ

"وَلَيْلُ الْمُحِبِّ بِلا آخِرٍ3"

قَالَ بَعْضُهُمْ؛ وَالأَحْسَنُ تَمْثِيلُ هَذَا كَمَا مَثَّلَهُ ابْنُ فَارِسٍ لِشَخْصِ تَرَاهُ: كُنْ فُلانًا. وَفِي الْحَدِيثِ: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى طَرِيقِ4 تَبُوكَ "كُنْ أَبَا ذَرٍّ" 5 وَرَأَى6 آخَرَ فَقَالَ:

1. هذا صدر بيت من الطويل للأمرئ القيس، وعجزه:

"بصبح وما الإصباح منك بأمثل"

واستشهد بهذا البيت ابن الشجري في "أماليه"، والعيني في "شرح شواهد الألفية"، والأشموني في "شرح ألفية ابن مالك"، والعباسي في "معاهد التنصيص"، والشيخ خالد في "التصريح بمضمون التوضيح".

"انظر: ديوان امرئ القيس ص8 ط ثانية بدار المعارف بمصر، معجم شواهد العربية ص304".

2.

قال العلماء: إن الترجي يكون في الممكنات والتمني في المستحيلات، لذلك حمل الشاعر ليله على التمني، لأن ليل المحب لطوله كانه مستحيل الانجلاء، ولذا استشهدوا في البيت للتمني، وقد يكون للترجي إذا كان مترقباً للإصباح.

"انظر: نهاية السول 2/19، فواتح الرحموت 1/342، المحلي على جمع الجوامع 1/374".

3.

هذا عجز بيت من المتقارب لخالد الكاتب، وصدره:

"رقدت ولم ترث للساهر"

ذكره الجرجاني في "دلائل الإعجاز ص376، الطبعة الثالثة عن دار المنار بمصر سنة 1366 هـ" وعبد السلام هارون في "معجم شواهد العربية ص193".

4.

ساقطة من ز ع ض ب.

5.

هذا الحديث رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وقال: فيه إرسال.

"انظر: المستدرك 3/50، زاد المعاد 3/534، طبع مؤسسة الرسالة".

6.

في ب وروى.

ص: 29

"كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ" 1 لأَنَّ امْرَأَ الْقِيسِ قَدْ يَدَّعِي اسْتِفَادَةَ التَّمَنِّي مِنْهُ مِنْ " أَلا " لا2 مِنْ صِيغَةِ افْعَلْ، بِخِلافِ هَذَا الْمِثَالِ.

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ " أَلا "3 قَرِينَةُ إرَادَةِ التَّمَنِّي بِافْعَلْ، وَأَمَّا " كُنْ فُلانًا " فَلَيْسَ أَنْ يَكُونَ إيَّاهُ، بَلْ الْجَزْمُ بِهِ، وَأَنْ يَنْبَغِيَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَلَمَّا احْتَمَلَ أَنَّ هَذَا4 فِي الْمِثَالَيْنِ ذَكَرْتُهُمَا.

"وَ" الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "كَمَالِ الْقُدْرَةِ" نَحْوُ قوله تعالى: {إنَّمَا قَوْلُنَا5 لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 6 هَكَذَا سَمَّاهُ الْغَزَالِيُّ وَالآمِدِيُّ7.

1 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم.

"انظر: صحيح البخاري 3/86، صحيح مسلم 4/2122، رياض الصالحين ص20"

وأبو خيثمة هو الصحابي عبد الله بن خيثمة، الأنصاري السالمي المدني، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً وباقي المشاهد، وتأخر عن غزوة تبوك عدة أيام، وبعد أن سار رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل أبو خيثمة على اهله، فوجد امرأتين له في عريشتين لهما في حائط، قد رشت كل واحدة منهما عريشها وبردت له ماءً فيه

فقال لنفسه: رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضح والحر والريح، وأبو خيثمة في ظل باردٍ، وطعام، وامرأة حسناء، مقيم في ماله، ما هذا بالنصف، والله لاأدخل عريشة واحدة منكما حتى الحق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك إذا شخص يزول يه السراب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"كن أبا خيثمة"، فإذا هو أبو خيثمة، عاش إلى زمن يزيد بن معاوية.

انظر: ترجمته في "الإصابة 4/53، الإستيعاب 4/51، أسد الغابة 3/225، تهذيب الأسماء 2/224".

2 ساقطة من ض.

3 في ض: الأمر.

4 في ش ز: ان يكون هذا، وفي ض: هذين المثالين.

5 في ز ع ض ب: أمرنا، ولعل المقصود الآية الأخرى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} سورة يّس /82.

6 الآية 40 سورة النحل.

7 وسماه الغزالي في "المنخول134":نهاية الاقتدار، وسماه في "المستصفى 1/418": كمال القدرة.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/143، فواتح الرحموت 2/9".

ص: 30

وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالتَّكْوِينِ1، وَسَمَّاهُ الْقَفَّالُ وَأَبُو الْمَعَالِي وَأَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: التَّسْخِيرَ، فَهُوَ تَفْعِيلٌ مِنْ " كَانَ " بِمَعْنَى وُجِدَ، فَتَكْوِينُ الشَّيْءِ إيجَادُهُ مِنْ الْعَدَمِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوجِدُ لِكُلِّ شَيْءٍ وَخَالِقُهُ2.

"وَ" الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "خَبَرٍ3" نَحْوُ قوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} 4 وقوله تعالى: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} 5 وقوله تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} 6 وقوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} 7

وَمِنْهُ عَلَى رَأْيٍ "إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت" 8

1 منهم صدر الشريعة وابن عبد الشكور من الحنفية، والفخر الرازي وابن السبكي من الشافعية، والتكوين هو الإيجاد من العدم، أما التسخير فهو الانتقال إلى حالة ممتهنة، وقال ابن عبد الشكور عن "التكوين":ولا يعتبر فيه الانتقال من حالة إلى أخرى كالتسخير".

"انظر: التوضيح على التنقيح 2/51، 53، فواتح الرحموت 1/342، المحصول ? 1 ق2/61، جمع الجوامع 1/343، التبصرة ص30، التلويح على التوضيح 2/58، كشف الأسرار 1/107، 112 وما بعدها، العبادي على الورقات ص98، نهاية السول 2/19، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص296"

2 يرى بعض العلماء أن الأمر هنا بمعنى التكوين حقيقة، وليس مجازاً، قال السرخسي الحنفي:"فالمراد حقيقة هذه الكلمة "كن" عندنا، لا يكون مجازاً عن التكوين كما زعم بعضهم". "أصول السرخسي 1/18".

3 انظر: المحصول ? 1 ق2/50، نهاية السول 2/19، جمع الجوامع 1/374، كشف الأسرار 1/107، الروضة 2/191، شرح تنقيح الفصول ص142.

4 الاية 81 من التوبة.

5 الآية 75 من مريم.

6 الآية 12 من العنكبوت.

7 الآية 38 من مريم.

8 هذا جزء من حديث شريف، وأوله:"إن مما أدرك الناس من كلام النبوة"، وسبق تخريجه ح2ص391.

ص: 31

وَذَلِكَ لأَنَّهُ لَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ بِمَعْنَى الأَمْرِ1 فِي قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} 2 وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} 3 جَاءَ الأَمْرُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ 4وَكَذَا جَاءَ الْخَبَرُ5 بِمَعْنَى النَّهْيِ6، كَمَا فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا" بِالرَّفْعِ7؛ إذْ لَوْ كَانَ نَهْيًا لَجُزِمَ، فَيُكْسَرُ لالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.

قَالَ أَرْبَابُ الْمَعَانِي: وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ صَرِيحِ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ لأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لِشِدَّةِ طَلَبِهِ نَزَّلَ الْمَطْلُوبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِعِ لا مَحَالَةَ، وَمِنْ هُنَا تُعْرَفُ الْعَلاقَةُ فِي إطْلاقِ الْخَبَرِ بِمَعْنَى الأَمْرِ وَالنَّهْيِ8

"وَ" الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَفْوِيضٍ" نَحْوُ قوله تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} 9 ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي10.

1 انظر: نهاية السول 2/20، شرح تنقيح الفصول ص142، مختصر البعلي ص99، المحصول ? 1 ق2/50، التمهيد ص72.

2 الاية 233 من البقرة.

3 الآية 228 من البقرة.

4 ساقطة من ش ز.

5 في ش ز: والخبر.

6 انظر: المحصول ج1 ق2/52، نهاية السول 2/20.

7 هذا الحديث رواه ابن ماجة عن أبي هريرة، وتتمه:"فإن الزانية هي التي تزوج نفسها"، ورواه الشافعي والدارقطني.

"انظر: سنن ابن ماجة 1/606، بدائع المنن 2/318، سنن الدارقطني 3/227، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص289، نيل الأوطار 6/134، الفتح الكبير 3/322".

8 العلاقة بين الأمر والخبر: أن الأمر يدل على وجود الفعل، كما أن الخبر يدل على وجود الفعل أيضاً، والعلاقة بين الخبر والنهي: أن النهي يدل على عدم الفعل، كما أن الخبر يدل الفعل أيضاً. "انظر: المحصول ? 1 ق2/52، 54".

9 الآية 72 من طه.

10 سار ابن السبكي على منهج أبي المعالي في هذه التسمية: "انظر: جمع الجوامع 1/374".

ص: 32

وَيُسَمَّى أَيْضًا1: التَّحْكِيمُ. وَسَمَّاهُ ابْنُ فَارِسٍ وَالْعَبَّادِيُّ2: التَّسْلِيمَ، وَسَمَّاهُ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ الْمَرُّوذِيُّ3: الاسْتِبْسَالَ. وَ4قَالَ: أَعْلَمُوهُ5 أَنَّهُمْ قَدْ اسْتَعَدُّوا لَهُ بِالصَّبْرِ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ تَارِكِينَ لِدِينِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَسْتَقِلُّونَ مَا هُوَ فَاعِلٌ فِي جَنْبِ مَا يَتَوَقَّعُونَهُ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ سبحانه وتعالى. قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ نُوحٍ عليه السلام {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} 6 أَخْبَرَهُمْ بِهَوَانِهِمْ

"وَ" الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَكْذِيبٍ" نَحْوُ قَوْله تَعَالَى7

1 ساقطة من ض.

2 هو محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، أبو عاصم العبادي، الهروي، الإمام الجليل، القاضي، كان مجراً في العلم، وحافظاً لمذهب الشافعي، كان معروفاً بغموض العبارة، حباً لاستعمال الذهن الثاقب، كان من أصحاب الوجوه في المذهب، وكان مناظراً، دقيق النظر، تفقه وسمع الحديث الكثير، ودرس وحدث، وصنف كتباً كثيرة، منها "أدب القضاء" الذي شرحه أبو سعد الهروي في كتاب "الإشراف على غوامض الحكومات" ولأبي عاصم:"طبقات الفقهاء" و "الرد على القاضي السمعاني" و "كتاب الأطعمة" و "الزيادات" و "زيادات الزيادات" والهادي إلى مذهب العلماء" وغيرها، توفي سنة458 ?.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى 4/104، وفيات الأعيان 3/351، شذرات الذهب 3/306، طبقات الشافعية لابن هداية الله ص56، تهذيب الأسماء 2/249".

3 هو نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو الليث الفقيه السمرقندي المشهور بإمام الهدى، علامة من أئمة الحنفية، ومن الزهاد، له تصانيف كثيرة منها:"تفسير القرآن" و "عمدة العقائد" و "بستان العارفين" و "تنبيه الغافلين" و "خزانة الفقه" و "شرح الجامع الصغير" و "عيون المسائل" و "مختلف الرواية" وغيرها، توفي سنة 373?، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "الفوائد البيهة ص220، الجواهر المضيئة 2/196، الأعلام للزركلي 8/348".

4 ساقطة من ع ض ب.

5 في ش: اعلموا.

6 الآية 71 من يونس.

7 انظر: جمع الجوامع 1/374، تفسير النصوص 1/238.

ص: 33

{قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 1 وَمِنْهُ قوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} 2 {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ} 3

"وَ" الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "مَشُورَةٍ"4 نَحْوُ قوله تعالى: {فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} 5 فِي قَوْلِ إبْرَاهِيمَ لابْنِهِ إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ إشَارَةً إلَى مُشَاوَرَتِهِ فِي هَذَا الأَمْرِ. وَهُوَ قَوْلُهُ: {يَا بُنَيَّ إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} 6 ذَكَرَهُ الْعَبَّادِيُّ

"وَ" السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "اعْتِبَارٍ" نَحْوُ قوله تعالى: {اُنْظُرُوا إلَى ثَمَرِهِ إذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} 7 فَإِنَّ فِي8 ذَلِكَ عِبْرَةً لِمَنْ يَعْتَبِرُ9

"وَ" السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَعَجُّبٍ10" نَحْوُ قوله تعالى: {اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَك الأَمْثَالَ} 11 قَالَهُ الْفَارِسِيُّ. وَمَثَّلَهُ الْهِنْدِيُّ بِقَوْلِهِ

1 الآية 93 من آل عمران.

2 الآية 23 من البقرة.

3 الآية 150 من الأنعام.

4 انظر: جمع الجوامع 1/374.

5 الآية 102 من الصافات.

6 الآية 102 من الصافات.

7 الآية 99 من الأنعام.

8 ساقطة من ع ض.

9 انظر: جمع الجوامع 1/374، تفسير النصوص 1/238.

10 انظر: جمع الجوامع 1/374.

ومثله عبد العزيز البخاري بقوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} مريم/38، أي ما أسمعهم وما أبصرهم، "كشف الأسرار 1/107.

11 الآية 48 من الإسراء.

ص: 34

تَعَالَى: {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} 1 وَتَقَدَّمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ مَثَّلَ بِهِ لِلتَّعْجِيزِ2، وَأَنَّ ابْنَ عَطِيَّةَ قَالَ: فِيهِ نَظَرٌ3. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ4: وَهُوَ الظَّاهِرُ5. فَإِنَّ التَّمْثِيلَ بِهِ لِلتَّعَجُّبِ أَوْضَحُ؛ لأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّعَجُّبُ

"وَ" الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "إرَادَةِ امْتِثَالِ أَمْرٍ آخَرَ6" نَحْوُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم "كُنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ، وَلا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ" 7 فَإِنَّ8 الْمَقْصُودَ الاسْتِسْلامُ وَالْكَفُّ عَنْ الْفِتَنِ9.

فَهَذَا الَّذِي وَقَعَ اخْتِيَارُنَا عَلَيْهِ. وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَشْيَاءَ غَيْرَ

1 الآية 50 من الإسراء.

2 في ض: لتعجيز.

3 صفحة 26.

4 في ض: قاله.

5 في ض: ظاهر.

6 انظر: جمع الجوامع 1/374.

7 هذا الحديث رواه الطبراني عن خباب بن الأرت، ورواه أحمد والحاكم عن خالد بن عرفطة بلفظ:"فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول، لا القاتل، فافعل" قال العجلوني: وبعضها يقوى بعضاً، وصحح الحاكم حديث حذيفة أنه قيل له: ما تأمرنا إذا اقتتل المصلون؟ قال: "آمرك أن تنظر أقصى بيت من دارك فتلج فيه، فإن دخل عليك، فتقول: ها بؤ بإثمي وإثمك، فتكون كابن آدم" وروى الإمام أحمد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يمنع أحدكم إذا جاء من يريد قتله أن يكون مثل ابني آدم: القاتل في النار، والمقتول في الجنة" وروى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الفتنة: "كسروا فيها قسيكم وقطعوا أوتاركم، واضربوا بسيوفكم الحجارة، فإن دخل على أحدكم بيته، فليكن كخير ابني آدم" وفي رواية "كن كابن آدم".

"انظر: كشف الخفا 2/193 ط حلب، المستدرك 4/444، أسنى المطالب ص171، سنن أبي داود 2/415، 416، سنن ابن ماجة 2/1310، تحفة الأحوذي 6/437، مسند أحمد 4/416، 5/292، نيل الأوطار 5/368".

8 في ز: فإنما.

9 في ش: القتل.

ص: 35

ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ نَظَرٌ1.

فَمِنْهَا، وَهُوَ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "التَّخْيِيرِ2" نَحْوُ قوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} 3 ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ.

وَقَدْ يُقَالُ: نَفْسُ صِيغَةِ افْعَلْ لَيْسَ فِيهَا تَخْيِيرٌ إلَاّ4 بِانْضِمَامِ أَمْرٍ آخَرَ يُفِيدُهُ، لَكِنْ مِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي التَّسْوِيَةِ.

وَمِنْهَا، وَهُوَ الثَّلاثُونَ: الاخْتِيَارُ. نَحْوُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "فَلا يَغْمِسْ 5 يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثًا" بِدَلِيلِ "فَإِنَّهُ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ"6.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَهَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ النَّدْبِ. فَلا حَاجَةَ إلَى إفْرَادِهِ.

1 ذكر الغزالي في معاني صيغة "إفعل" خمسة عشر وجهاً، ثم قال:"وهذه الأوجه عدها الأصوليون شغفاً منهم بالتكثير، وبعضها كالمتداخل، فإن قوله "كل مما يليك" داخل في الندب، والآداب مندوب إليها، وقوله: "تمتعوا" للإنذار قريب من قوله: "اعملوا ما شئتم" الذي هو للتهديد""المستصفى 1/419"

2 ذكر ابن عبد الشكور التخيير، ومثله الشارح محمد نظام الدين الأنصاري بقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"إذا لم تستح فاصنع ما شئت" أي مخير في الفعل وقت زوال الحياء. "فواتح الرحموت 1/372".

3 الآية 42 من المائدة. ساقطة من ش ز ع ب.

4 ساقطة من ش ز ع ب. في ش: بضده.

5 في ش: بضده. في ض ش: يغمس، وهي رواية للحديث عند مسلم.

6 في ض ش: يغمس، وهي رواية للحديث عند مسلم.

هذا الحديث رواه البخاري ومسلم ومالك والشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي عن أبي هريرة مرفوعاً، وأوله: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل

"

"انظر: صحيح البخاري 1/30، صحيح مسلم بشرح النووي 3/180، سنن أبي داود 1/23، تحفة الأحوذي 1/109، سنن النسائي 1/110، سنن ابن ماجة 1/138، الموطأ ص39 طبعة الشعب، بدائع المنن 1/27، مسند أحمد 2/241، 253، سنن الدارمي 1/196".

ص: 36

قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ قُلْت1: لَيْسَ فِي هَذَا صِيغَةُ أَمْرٍ، إنَّمَا هُوَ صِيغَةُ نَهْيٍ كَمَا تَرَى. انْتَهَى.

وَمِنْهَا، وَهُوَ الْحَادِي وَالثَّلاثُونَ: الْوَعِيدُ. نَحْوُ قوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} 2 وَلَكِنْ هَذَا مِنْ التَّهْدِيدِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّهْدِيدُ أَبْلَغُ مِنْ الْوَعِيدِ.

وَمِنْهَا، وَهُوَ الثَّانِي وَالثَّلاثُونَ: الالْتِمَاسُ. كَقَوْلِك لِنَظِيرِك: افْعَلْ. وَهَذَا يَأْتِي عَلَى رَأْيٍ3، وَهُوَ وَشَبَهُهُ مِمَّا يَقِلُّ4 جَدْوَاهُ فِي دَلائِلِ الأَحْكَامِ.

وَمِنْهَا، وَهُوَ الثَّالِثُ وَالثَّلاثُونَ: التَّصَبُّرُ. نَحْوُ قوله تعالى: {لا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا} 5 {فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} 6 {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} 7 ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ8.

وَمِنْهَا، وَهُوَ الرَّابِعُ وَالثَّلاثُونَ: قُرْبُ الْمَنْزِلَةِ، نَحْوُ قوله تعالى:{اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ} 9 ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ.

وَمِنْهَا، وَهُوَ الْخَامِسُ وَالثَّلاثُونَ: التَّحْذِيرُ وَالإِخْبَارُ عَمَّا يَئُولُ الأَمْرُ

1 ساقطة من ب.

2 الآية 29 من الكهف. وفي ع ض ب: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ

} .

3 وهو رأي ابن عبد الشكور، "انظر: مسلم الثبوت بشرح فواتح الرحموت 1/372".

4 في ش: تقل.

5 الآية 40 من التوبة.

6 الآية 17 من الطارق.

7 الآية 83 من الزخرف.

8 انظر: تفسير النصوص 1/283.

9 الآية 49 من الأعراف، والآية 32 من النحل، والآية 70 من الزخرف.

ص: 37

إلَيْهِ1، نَحْوُ قوله تعالى:{تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ} 2 قَالَهُ الصَّيْرَفِيُّ.

"وَكَنَهْيٍ" فِي الْمَعْنَى "دَعْ، وَاتْرُكْ" وَكُفَّ، وَأَمْسِكْ نَفْسَك عَنْ كَذَا. وَنَحْوُهُ3.

لَمَّا كَانَ4 مِنْ أَبْعَاضِ " افْعَلْ " مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَفِّ عَنْ الْفِعْلِ. اُحْتِيجَ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَى إخْرَاجِهَا. وَلِهَذَا قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي حَدِّ الأَمْرِ: إنَّهُ اقْتِضَاءُ فِعْلٍ غَيْرِ كُفَّ مَدْلُولٍ عَلَيْهِ بِغَيْرِ كُفَّ5، أَيْ مَدْلُولٍ عَلَى الْكَفِّ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ بِغَيْرِ كُفَّ الَّذِي هُوَ فِعْلُ أَمْرٍ.

فَقَوْلُهُ "اقْتِضَاءُ فِعْلٍ" أَيْ طَلَبُ فِعْلٍ، وَهُوَ جِنْسٌ يَشْمَلُ الأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَتَخْرُجُ الإِبَاحَةُ6 وَغَيْرُهَا مِمَّا تُسْتَعْمَلُ مِنْهُ7 صِيغَةُ الأَمْرِ. وَلَيْسَ أَمْرًا، وَقَوْلُهُ "غَيْرِ كُفَّ " فَصْلٌ خَرَجَ بِهِ النَّهْيُ. فَإِنَّهُ طَلَبُ فِعْلٍ هُوَ كُفَّ.

وَقَوْلُهُ "مَدْلُولٍ عَلَيْهِ بِغَيْرِ كُفَّ" صِفَةٌ لِقَوْلِهِ: كُفَّ 8.

1 انظر: كشف الأسرار 1/107.

2 الآية 65 من هود، وأولها: {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا

} .

3 انظر: تيسير التحرير 1/337، 338، فواتح الرحموت 1/395، العضد على ابن الحاجب 2/77، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/367 وما بعدها.

4 في ش ز: بعض من.

5 جمع الجوامع 1/367.

6 في ض ب: ويخرج

7 في ش ب: منه.

8 انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/367.

ص: 38