الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل العام بعد تخصيصه:
"الْعَامِّ بَعْدَ تَخْصِيصِهِ حَقِيقَةً" فِيمَا لَمْ، يَخُصَّ1 عِنْدَ الأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَنَقَلَهُ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، قَالَ أَبُو حَامِدٍ: هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ2، وَذَلِكَ لأَنَّ3 الْعَامَّ فِي تَقْدِيرِ أَلْفَاظٍ مُطَابِقَةٍ لأَفْرَادِ مَدْلُولِهِ مِنْهَا4 فَسَقَطَ بِالتَّخْصِيصِ طِبْقَ مَا خُصِّصَ بِهِ مِنْ الْمَعْنَى، فَالْبَاقِي مِنْهَا وَمِنْ الْمَدْلُولِ مُتَطَابِقَانِ5 تَقْدِيرًا، فَلا اسْتِعْمَالَ فِي غَيْرِ الْمَوْضُوعِ لَهُ، فَلا مَجَازَ، فَالتَّنَاوُلُ6 بَاقٍ7، فَكَانَ8 حَقِيقَةً قَبْلَهُ، فَكَذَا بَعْدَهُ9.
1 في ش ز ع: يخصص.
2 وهو رأي كثير من الحنفية كشمس الأئمة السرخسي.
"انظر: كشف الأسرار 1/307، المستصفى 2/54، الإحكام للآمدي 2/227، أصول السرخسي 1/144، المحصول ج1 ق3/18، البرهان 1/410، نهاية السول 2/105، شرح تنقيح الفصول ص226، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/5، مختصر ابن الحاجب 2/106، التبصرة ص122، منهاج العقول 2/104، مختصر البعلي ص109، المسودة ص116، الروضة 2/239، العدة 2/533، اللمع ص18، فواتح الرحموت 1/311، إرشاد الفحول ص135".
3 في ش ز: أن.
4 في ش: مها فقط.
5 في ش: مدلولها متطابقان، وفي د: المدلول متطابقات.
6 في ش: فالتأويل.
7 في ع: باقياً.
8 في ض ع ب: وكان.
9 انظر أدلة هذا القول ومناقشتها في "مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/107، التبصرة ص123، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/5، المنخول ص153، الإحكام للآمدي 2/230، نهاية السول 2/105 وما بعدها، المعتمد 1/282 وما بعدها، منهاج العقول 2/104، الإحكام لابن حزم 1/373، كشف الأسرار 1/307، تيسير التحرير 1/308، فواتح الرحموت 1/312، اللمع ص18، إرشاد الفحول ص153، العدة 2/523 وما بعدها".
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَكْثَرُ الأَشْعَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةُ: يَكُونُ مَجَازًا بَعْدَ التَّخْصِيصِ، وَاخْتَارَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ، لأَنَّهُ قَبْلَ التَّخْصِيصِ حَقِيقَةٌ فِي الاسْتِغْرَاقِ، فَلَوْ كَانَ حَقِيقَةً فِيهِ بَعْدُ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى قَرِينَةٍ، وَيَحْصُلُ الاشْتِرَاكُ1.
وَجُمْلَةُ الأَقْوَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَمَانِيَةٌ، تَرَكْنَا بَاقِيَهَا خَشْيَةَ الإِطَالَةِ2.
"وَهُوَ" -أَيْ الْعَامُّ بَعْدَ تَخْصِيصِهِ- "حُجَّةٌ إنْ خُصَّ بِمُبَيِّنٍ" 3 أَيْ بِمَعْلُومٍ، أَوْ اسْتِثْنَاءٍ4 بِمَعْلُومٍ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَأَصْحَابِهِ
1 واختار هذا القول الجويني والقرافي ورجحه الآمدي وكثير من الحنفية كعيسى بن إبان وغيره، ومال إليه الغزالي، قال المجد:"ومعنى كونه مجازاً معنى في الاقتصار به على البعض الباقي لا في تناوله له""المسودة ص116".
وانظر تفصيل هذا القول مع أدلته ومناقشتها في "فواتح الرحموت 1/311، العدة 2/535، المحصول ج1 ق3/18، البرهان 1/411، المنخول ص153، المستصفى 2/58، الإحكام للآمدي 2/227، اللمع ص18، التبصرة ص122، 124، مختصر ابن الحاجب 2/106، المعتمد 1/282، الروضة 2/239، مختصر البعلي ص109، شرح تنقيح الفصول ص226، إرشاد الفحول ص135، المسودة ص115".
2 انظر هذا الأقوال في "الإحكام للآمدي 2/227، نهاية السول 2/105، العضد على ابن الحاجب 2/106، التبصرة ص122، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/6، المستصفى 2/54 وما بعدها، البرهان 1/410 وما بعدها، المعتمد 1/182 وما بعدها، المحصول ج1 ق3/19، منهاج العقول 2/104، فواتح الرحموت 1/311، كشف الأسرار 1/307، أصول السرخسي 1/144، تيسير التحرير 1/308، العدة 2/538، المسودة ص116، الروضة 2/239، مختصر البعلي ص109، اللمع ص1/18، الإحكام للآمدي 2/277، إرشاد الفحول ص136".
3 كذا في ش ز ض، وكذا في مختصر البعلي وابن الحاجب، وفي د: بمعين، وكذا في جمع الجوامع ونهاية السول، وفي المستصفى: بمعلوم.
4 في ش: واستثناء.
وَالأَكْثَرِ1، وَذَكَرَهُ الآمِدِيُّ عَنْ الْفُقَهَاءِ2.
وَقَالَ الدَّبُوسِيُّ3.هُوَ الَّذِي صَحَّ عِنْدَنَا مِنْ مَذْهَبِ السَّلَفِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْعِلْمِ4 قَطْعًا، بِخِلافِ مَا قَبْلَ التَّخْصِيصِ5. اهـ.
وَقِيلَ: حُجَّةٌ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ، لا فِيمَا زَادَ، حَكَاهُ الْبَاقِلَاّنِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْقُشَيْرِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ تَحَكُّمٌ6.
وَقِيلَ: حُجَّةٌ فِي وَاحِدٍ، وَلا يَتَمَسَّكُ بِهِ فِي جَمْعٍ7.
1 وهذا قول الشافعية، واختاره الجويني والفخر الرازي وغيرهما.
"انظر: المحصول ج1 ق3/22، 23، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/108، 109، المستصفى 2/57، التبصرة ص187، جمع الجوامع 2/7، التمهيد ص125، نهاية السول 2/109، شرح تنقيح الفصول ص227، المعتمد 1/286، أصول السرخسي 1/144، فتح الغفار 1/90، كشف الأسرار 1/307، تيسير التحرير 1/313، المسودة ص116، مختصر البعلي ص109، مختصر الطوفي ص104، نزهة الخاطر 2/150، الروضة 2/238، إرشاد الفحول ص137".
2 ذكره الآمدي عن الفقهاء ثم اختاره ورجحه وذكر أدلته "انظر: الإحكام للآمدي 2/232، 233 وما بعدها".
3 في ش: الدبوسوي.
4 في ض ب: للعام.
5 هذا ما صححه السرخسي وغيره، وانظر أدلة هذا القول في "أصول السرخسي 1/144، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/108، 109، التبصرة ص188 وما بعدها، المحصول ج1 ق3/23 وما بعدها".
6 أي أنه حجة في أقل الجمع، وهو ثلاثة أو اثنان، لأنه المتيقن، وما عداه مشكوك فيه، لاحتمال أن يكون قد خصص، فيكون الاحتجاج به تحكما بغير دليل.
"انظر: المحلي على جمع الجوامع 2/7، المستصفى 2/57، العضد على ابن الحاجب 2/109، تيسير التحرير 1/313، الإحكام للآمدي 2/233، فواتح الرحموت 1/308، مختصر البعلي ص109، إرشاد الفحول ص137، 138، مختصر الطوفي ص104".
7 انظر: إرشاد الفحول ص137.
وَقِيلَ: حُجَّةٌ إنْ خُصَّ بِمُتَّصِلٍ، وَإِنْ خُصَّ بِمُنْفَصِلٍ فَمُجْمَلٌ فِي الْبَاقِي1.
وَ 2 قِيلَ: إنْ كَانَ الْعُمُومُ مُنْبِئًا عَنْهُ قَبْلَ التَّخْصِيصِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 3 فَهُوَ حُجَّةٌ، فَإِنَّهُ يُنْبِئُ4 عَنْ الْحَرْبِيِّ كَمَا يُنْبِئُ5 عَنْ الْمُسْتَأْمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْبِئًا6 فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} 7 فَإِنَّهُ لا يُنْبِئُ عَنْ النِّصَابِ وَالْحِرْزِ، فَإِذَا انْتَهَى الْعَمَلُ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ النِّصَابِ وَالْحِرْزِ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ عِنْدَ وُجُودِهِمَا8.
وَفِيهِ أَقْوَالٌ يَطُولُ الْكَلامُ بِذِكْرِهَا9.
1 وهذا قول أبي الحسن الكرخي والبلخي وغيرهما.
"انظر: مختصر ابن الحاجب 2/108، الإحكام للآمدي 2/232، التبصرة ص187، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/7، نهاية السول 2/109، شرح تنقيح الفصول ص227، المحصول ج1 ق3/23، فواتح الرحموت 1/308، مختصر الطوفي ص105، إرشاد الفحول ص138".
2 ساقطة من ش.
3 الآية 5 من التوبة.
4 5 في ش: ينهى.
5 في ش: ينهى.
6 في ب: منبئاً له.
7 الآية 37 من المائدة.
8 وهذا قول أبي عبد الله البصري.
"انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/108، 109، الإحكام للآمدي 2/232، تيسير التحرير 1/313، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/7، المعتمد 1/286، التبصرة ص188".
9 انظر هذه الأقوال في "مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/108، العدة 2/539، المستصفى 2/56، الإحكام للآمدي 2/232، مختصر البعلي ص110، المسودة ص116، الروضة 2/238، مختصر الطوفي ص104، كشف الأسرار 1/307، التبصرة ص187، أصول السرخسي 1/144 وما بعدها، فتح الغفار 1/90 وما بعدها، تيسير التحرير 1/313، فواتح الرحموت 1/308، نهاية السول 2/109، شرح تنقيح الفصول 2/227، المعتمد 1/286، جمع الجوامع 2/7، إرشاد الفحول ص138".
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ1 خُصَّ بِمُبَيِّنٍ2 أَنَّهُ لَوْ خُصَّ بِمَجْهُولٍ3 كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 4.إلَاّ5 بَعْضَهُمْ، لَمْ يَكُنْ حُجَّةً اتِّفَاقًا. قَالَهُ جَمْعٌ وَهُوَ ظَاهِرُ6 تَقْيِيدِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَيْضَاوِيِّ وَغَيْرِهِمَا7.
وَ8مَحَلُّ الْخِلافِ بِالْمُخَصَّصِ بِمُعَيَّنٍ9، فَلا يُسْتَدَلُّ بِـ {اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 10 إلَاّ بَعْضَهُمْ بِقَتْلِ فَرْدٍ مِنْ الأَفْرَادِ، إذْ مَا مِنْ فَرْدٍ مِنْ الأَفْرَادِ11 إلَاّ و12َيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُخْرَجُ13.وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} 14
1 في ز: وإن.
2 قال السبكي والإسنوي: "بمعين""انظر: جمع الجوامع 2/7، نهاية السول 2/107".
3 قال العضد والتفتازاني: "أما المخصص بمجمل أي مبهم غير معين.. فليس بحجةٍ بالاتفاق""العضد والتفتازاني على ابن الحاجب 2/108" وانظر: منهاج العقول 2/106.
4 الآية 5 من التوبة.
5 في ش: لا.
6 ساقطة من ض ب.
7 انظر: مختصر ابن الحاجب 2/108، نهاية السول 2/107 وما بعدها، المحلي على جمع الجوامع 2/7، المحصول ج1 ق3/23، المنخول ص153، المستصفى 2/57، الإحكام للآمدي 2/233، أصول السرخسي 1/144، التمهيد ص125، المعتمد 1/287، فواتح الرحموت 1/308، إرشاد الفحول ص137.
8 ساقطة من ز ض ب.
9 في ش ز ع: بمعنى.
10 الآية 5 من التوبة.
11 ساقطة من ز ض ع ب.
12 ساقطة من ش ب.
13 انظر: التمهيد ص125، نهاية السول 2/108، وسيأتي الكلام عن ذلك صفحة 418.
14 الآية 1 من المائدة.
وَ 1 قِيلَ: يَكُونُ حُجَّةً أَيْضًا. وَقَدَّمَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَعَزَاهُ إلَى الأَكْثَرِ2.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ بُرْهَانٍ. وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى.
"وَعُمُومُهُ" أَيْ عُمُومُ3 مَا خُصَّ بِمُبَيِّنٍ "مُرَادٌ تَنَاوُلاً، لا حُكْمًا" أَيْ مِنْ جِهَةِ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لأَفْرَادِهِ، لا مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ، "وَقَرِينَتُهُ لَفْظِيَّةٌ وَ4قَدْ تَنْفَكُّ" عَنْهُ5.
"وَالْعَامُّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي جُزْئِيٍّ6 وَمِنْ ثَمَّ كَانَ7" هَذَا "مَجَازًا" لِنَقْلِ اللَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ الأَصْلِيِّ، بِخِلافِ مَا قَبْلَهُ
1 ساقطة من ز.
2 واختلف آراء الحنفية إلى عدة أقوال أهمها اثنان، فقال الكرخي: لا يبقى العام حجة أصلاً، سواء كان المخصص معلوماً أو مجهولاً، وفصل غيره بينهما، قال السرخسي:"والصحيح عندي أن المذهب عند علمائنا رحمهم الله في العام إذا لحقه خصوص يبقى حجة فيما وراء المخصوص، سواء كان المخصوص مجهولاً أو معلوماً""أصول السرخسي 1/144"، وقال البردوي مثل ذلك تماماً "انظر: كشف الأسرار 1/308"، لكن قال ابن نجيم: "وهو باق في المعلوم لا المجمل، وبهذا ضعف ما ذهب إليه المصنف "النسفي صاحب المنار" تبعاً لفخر الإسلام، وهو إن كان هو المختار عندنا كما في التلويح، لكنه ضعيف من جهة الدليل، فالظاهر هو مذهب الجمهور، وهو أنه كان مخصوصاً بمجمل فليس بحجة
…
وبمعلوم حجة" "فتح الغفار 1/90".
"وانظر: كشف الأسرار 1/307، تيسير التحرير 1/313، فواتح الرحموت 1/308، إرشاد الفحول ص137، جمع الجوامع 2/6".
3 في ز: وعموم.
4 ساقطة من ش ز.
5 انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 2/5.
6 في ش: كأن يعمل في جزء شيء.
7 القوسان ساقطان من ش.
"وَقَرِينَتُهُ عَقْلِيَّةٌ لا تَنْفَكُّ" عَنْهُ1
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: أَنَّ دَلالَةَ الأَوَّلِ2 أَعَمُّ مِنْ دَلالَةِ الثَّانِي.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ وَالْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ. وَهُوَ مِنْ مُهِمَّاتِ هَذَا الْبَابِ3.
وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّ4 الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ: مَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَقَلَّ. وَمَا لَيْسَ بِمُرَادٍ هُوَ الأَكْثَرُ.
قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ5: وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ: لأَنَّ6 الْمُرَادَ بِهِ هُوَ الأَكْثَرُ، وَمَا لَيْسَ بِمُرَادٍ: هُوَ الأَقَلُّ7.
وَفَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا. وَالثَّانِي: أَنَّ8 إرَادَةَ مَا أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ، ثُمَّ خُصَّ بِتَأَخُّرٍ أَوْ تَقَارُنٍ9.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: يَجِبُ أَنْ يَتَنَبَّهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. فَالْعَامُّ الْمَخْصُوصُ أَعَمُّ مِنْ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ. أَلا تَرَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ إذَا أَرَادَ بِاللَّفْظِ أَوَّلاً مَا دَلَّ
1 انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 2/5.
2 في ب: أهم من الثاني.
3 انظر الفرق بينهما في "جمع الجوامع 2/5، إرشاد الفحول ص40، مباحث الكتاب والسنة ص208، تفسير النصوص 2/105".
4 في ز ع ب: أن.
5 في ز ض ع ب: ابن أبي هريرة.
6 في ش: أن.
7 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص195، جمع الجوامع 2/5.
8 ساقطة من ض.
9 وضح البعلي هذا الوجه الثاني فقال: "إن البيان فيما أريد به الخصوص متقدم على اللفظ، وفيما أريد به العموم متأخر عن اللفظ أو مقترن به""القواعد والفوائد الأصولية ص195".
عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ مِنْ الْعُمُومِ، ثُمَّ أَخْرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْضَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ: كَانَ عَامًّا مَخْصُوصًا، وَلَمْ يَكُنْ عَامًّا أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ؟ وَيُقَالُ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَعْضِ الَّذِي أَخْرَجَ. وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ إذَا قَصَدَ الْعُمُومَ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ1 أَنْ لا يَقْصِدَ الْخُصُوصَ، بِخِلافِ مَا إذَا نَطَقَ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ مُرِيدًا بِهِ بَعْضَ مَا تَنَاوَلَهُ2 فِي هَذَا. اهـ.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَحَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ: أَنَّ الْعَامَّ إذَا قُصِرَ عَلَى بَعْضِهِ، لَهُ ثَلاثُ حَالاتٍ:
الأُولَى 3: أَنْ يُرَادَ بِهِ فِي الابْتِدَاءِ خَاصٌّ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِهِ خَاصٌّ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يُرَادَ بِهِ عَامٌّ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْضُهُ، فَهَذَا نَسْخٌ.
وَالثَّالِثَةُ: أَنْ لا يَقْصِدَ بِهِ خَاصٌّ وَلا عَامٌّ فِي الابْتِدَاءِ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهُ أَمْرٌ يَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ أَنَّهُ4 لَمْ يُرِدْ بِهِ فِي الابْتِدَاءِ عُمُومَهُ، فَهَذَا هُوَ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ. وَلِهَذَا كَانَ التَّخْصِيصُ عِنْدَنَا بَيَانًا، لا نَسْخًا. إلَاّ إنْ أَخْرَجَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ، فَيَكُونُ نَسْخًا، لأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعُمُومَ أُرِيدَ بِهِ فِي5 الابْتِدَاءِ. اهـ.
وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ، فَقَالَ: الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ أُرِيدَ عُمُومُهُ وَشُمُولُهُ لِجَمِيعِ الأَفْرَادِ مِنْ جِهَةِ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهَا، لا مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ، وَاَلَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ لَمْ يُرَدْ شُمُولُهُ لِجَمِيعِ الأَفْرَادِ لا مِنْ جِهَةِ التَّنَاوُلِ وَلا مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ6 بَلْ هُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي
1 في ش: بين.
2 في ع: يتناوله.
3 في ب: الأول.
4 ساقطة من ب.
5 في ش: به.
6 ساقطة من ش.
جُزْئِيٍّ، وَلِهَذَا كَانَ مَجَازًا قَطْعًا، لِنَقْلِ اللَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ الأَصْلِيِّ، بِخِلافِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ1
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ الْبُلْقِينِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ قَرِينَةَ الْمَخْصُوصِ لَفْظِيَّةٌ، وَقَرِينَةَ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ عَقْلِيَّةٌ.
الثَّانِي: أَنَّ قَرِينَةَ الْمَخْصُوصِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْهُ؛ وَقَرِينَةَ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ لا تَنْفَكُّ عَنْه.
قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ: يَجُوزُ وُرُودُ الْعَامِّ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ، خَبَرًا كَانَ أَوْ أَمْرًا.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَقَدْ ذَكَرَ2 الإِمَامُ3 أَحْمَدُ رحمه الله فِي قَوْله تَعَالَى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} 4 قَالَ: وَأَتَتْ عَلَى أَشْيَاءَ لَمْ تُدَمِّرْهَا، كَمَسَاكِنِهِمْ وَالْجِبَالِ.
"وَالْجَوَابُ" مِنْ الشَّارِعِ إنْ لَمْ5 يَكُنْ مُسْتَقِلاًّ بِالسُّؤَالِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ "لا الْمُسْتَقِلَّ" فَهُوَ "تَابِعٌ لِسُؤَالٍ" فِي "عُمُومِهِ6" اتِّفَاقًا7 نَحْوُ {جَوَابِ
1 انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 2/5.
2 في ش: ذكر.
3 ساقطة من ش.
4 الآية 25 من الأحقاف.
5 ساقطة من ب.
6 في ب: عموم.
7 الجواب غير المستقل هو الذي لا يكون كلاماً مفيداً بدون اعتبار السؤال أو الحادثة، مثل نعم، فإن كان السؤال عاماً كان جوابه عاماً باتفاق.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/237، نهاية السول 2/158، المحصول ج1 ق3/187، جمع الجوامع 37/2، مختصر ابن الحاجب 109/2، المعتمد 303/1، التلويح على التوضيح 272/1، فتح الغفار 59/2، فواتح الرحموت 289/1، تيسير التحرير 263/1، مختصرا البعلي ص 110، 147، إرشاد الفحول ص 113، شرح تنقيح الفصول 216،العدة 596/2.
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ1 بِالتَّمْرِ "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ، إذَا يَبُسَ"؟ قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَلا إذْنَ"2.
وَفِي قَوْلِ3: "وَ" كَذَا فِي "خُصُوصِهِ" يَعْنِي أَنَّ الْجَوَابَ غَيْرَ الْمُسْتَقِلِّ يَتْبَعُ السُّؤَالَ4 فِي خُصُوصِهِ أَيْضًا فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ5، نَحْوُ قَوْله تَعَالَى:{هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} 6 وَكَحَدِيثِ أَنَسٍ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ، أَيَنْحَنِي7 لَهُ؟ قَالَ:"لا".قَالَ: أَفَيَلْزَمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: "لا". قَالَ: فَيَأْخُذُهُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ8.
1 في ش: أو ييبس.
2 هذا الحديث صحيح، رواه الإمام مالك وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم وابن ماجه وأحمد وابن خزيمة والدارقطني والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص مرفوعاً.
"انظر: المنتقى 4/242، سنن أبي داود 2/225، تحفة الأحوذي 4/418، سنن النسائي 7/236، سنن ابن ماجه 2/761، المستدرك 2/38، نيل الأوطار 5/224، مسند أحمد 1/175، سنن الدارقطني 3/49، التلخيص الحبير 3/9".
3 في ز ش: قوله.
4 في ش: تبع السؤال.
5 قال ابن عبد الشكور: "وهو الأوجه".
"انظر: فواتح الرحموت 1/289، تيسير التحرير 1/263، الإحكام للآمدي 2/237، البرهان 1/374، نهاية السول 2/158، المحصول ج1 ق3/187، المحلي على جمع الجوامع 2/37، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/109، 110، مختصر البعلي ص110، أصول السرخسي 2/271، إرشاد الفحول ص133".
6 الآية 44 من الأعراف.
7 في ب: وينحني.
8 هذا الحديث رواه الترمذي وابن ماجه هن أنس مرفوعاً، وروى معناه أبو داود عن أبي ذرٍ مرفوعاً.
"انظر: تحفة الأحوذي 7/514، سنن ابن ماجه 1/1220، سنن أبي داود 2/644، مختصر سنن أبي داود 8/82".
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّمْهِيدِ: كَقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ: تَغَدَّ عِنْدِي، فَيَقُولُ لا1.
وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بُرْدَةَ "تَجْزِيك 2، وَلاتَجْزِي 3 أَحَدًا بَعْدَك" أَيْ فِي الأُضْحِيَّةِ4.
قَالَ الآمِدِيُّ: فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ وَإِنْ تُرِكَ فِيهِ الاسْتِفْصَالُ مَعَ تَعَارُضِ الأَحْوَالِ5: لا يَدُلُّ عَلَى التَّعْمِيمِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، إذْ اللَّفْظُ لا عُمُومَ لَهُ. وَلَعَلَّ الْحُكْمَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِهِ، كَتَخْصِيصِ أَبِي بُرْدَةَ بِقَوْلِهِ:"وَ 6 لا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَك" ثُمَّ بِتَقْدِيرِ تَعْمِيمِ الْمَعْنَى فَبِالْعِلَّةِ لا بِالنَّصِّ7.
1 انظر: الإحكام للآمدي 2/240، نهاية السول 2/158.
2 في ش ز ض: يجزيك.
3 في ش ز ض: يجزي.
4 روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد عن البراء بن عازب قال: ضحى خالٌ لي يقال له: أبو بردة، قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"شاتك شاة لحم"، فقال: يا رسول الله، إن عندي داجناً جذعة من المعز قال:"اذبحها، ولا تصلح لغيرك" وهناك ألفاظ أخرى للحديث، واسم أبي بردة هانئ بن نيار، وتقدمت ترجمته في المجلد الأول ص337.
قال ابن حجر: "والجذعة وصف لسن معين، فمن الضأن ما أكمل السنة، والجذع من المعز ما دخل في السنة الثانية""فتح الباري 10/9"، وقال النووي:"وفيه أن جزعة المعز لا تجزي في الأضحية، وهذا متفق عليه""النووي على مسلم 13/112".
"وانظر: صحيح البخاري 3/317، صحيح مسلم 3/1552، سنن أبي داود 2/87، تحفة الأحوذي 5/96، سنن النسائي 7/196، سنن ابن ماجه 2/1054، مسند أحمد 3/466، نيل الأوطار 5/128".
5 في ش: الأقوال.
6 ساقطة من ش.
7 الإحكام للآمدي 2/237، وانظر: نهاية السول 2/158، العدة 2/596.
وَقَالَهُ قَبْلَهُ أَبُو الْمَعَالِي، لاحْتِمَالِ مَعْرِفَةِ حَالِهِ. فَأَجَابَ عَلَى مَا عُرِفَ. وَعَلَى هَذَا تَجْرِي1 أَكْثَرُ الْفَتَاوَى مِنْ الْمُفْتِينَ2. قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: كَذَا قَالَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلْعُلَمَاءِ: إنَّ الْجَوَابَ غَيْرَ الْمُسْتَقِلِّ لا يَتْبَعُ السُّؤَالَ فِي خُصُوصِهِ، إذْ لَوْ اُخْتُصَّ3 بِهِ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى تَخْصِيصِهِ. وَهَذَا ظَاهِرُ كَلامِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: تُرِكَ الاسْتِفْصَالُ فِي حِكَايَةِ الْحَالِ مَعَ قِيَامِ الاحْتِمَالِ: يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ، وَيَحْسُنُ بِهِ4 الاسْتِدْلال 5.
قَالَ الْمَجْدُ فِي الْمُسَوَّدَةِ: وَهَذَا ظَاهِرُ كَلامِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه، لأَنَّهُ احْتَجَّ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَصْحَابُنَا6.
وَ7قَالَ الْمَجْدُ أَيْضًا8: وَمَا سَبَقَ إنَّمَا يَمْنَعُ قُوَّةَ الْعُمُومِ لا ظُهُورَهُ، لأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ لِمَا لَمْ يَذْكُرْ9.
1 في ع: يجري.
2 انظر: البرهان 1/346.
3 في ش: خص.
4 في ض ب ع: بها
5 قال المحلي: "وقيل: لا ينزل منزلة العموم، بل يكون الكلام مجملاً""جمع الجوامع 1/426".
"وانظر: إحكام الأحكام 1/161، المستصفى 2/68، المحصول ج1 ق2/631، شرح تنقيح الفصول ص186، نهاية السول 2/89، البرهان 1/345، التمهيد ص97، المسودة ص108، فواتح الرحموت 1/289ن تيسير التحرير 1/264، مختصر البعلي ص116، القواعد والفوائد الأصولية ص234، المنخول ص150، إرشاد الفحول ص132، مباحث الكتاب والسنة ص162".
6 المسودة ص109.
7 ساقطة من ش ز ض.
8 ساقطة من ش ز.
9 المسودة ص109.
وَمَثَّلَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله بِقَوْلِ النَّبِيِّ1 صلى الله عليه وسلم لِغَيْلانَ2 وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ: "أَمْسِكْ أَرْبَعًا" 3 وَلَمْ يَسْأَلْهُ: هَلْ وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَيْهِنَّ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا؟ فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ4.
وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ عِبَارَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ "حِكَايَةُ الْحَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبُ الإِجْمَالِ5، وَسَقَطَ بِهَا6 الاسْتِدْلال"7 فَاخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ الْعُلَمَاءِ عَنْ ذَلِكَ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَذَا مُشْكِلٌ، وَمِنْهُمْ8 مَنْ9 قَالَ:
1 في ب: بقوله.
2 هو الصحابي غيلان بن سلمة بن معتب الثقفي، أبو عمر، كان أحد أشراف ثقيف ومقدميهم، وكان حكيماً، وفد على كسرى فقال له كسرى: أنت حكيم في قومٍ لا حكمة فيهم، وكان شاعراً محسناً، أسلم بعد فتح الطائف، وكان تحته عشرة نسوة فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار أربعاً منهن ويفارق باقيهن، توفي في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
انظر ترجمته في "الإصابة 3/189، الاستيعاب 3/189، أسد الغابة 4/343، تهذيب الأسماء 2/49".
3 روى الإمام مالك والشافعي وأحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أسلم غيلان الثقفي وتحته عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعاً".
"انظر: المنتقى 4/122، بدائع المنن 2/351، تحفة الأحوذي 4/278، سنن ابن ماجه 1/628، موارد الظمآن ص310، المستدرك 2/193، نيل الأوطار 6/180".
4 انظر توجيه إمام الحرمين الجويني لوجه العموم في ذلك في "البرهان 1/346".
"انظر: المحصول ج1 ق2/632، المحلي على جمع الجوامع 1/426، نهاية السول 2/89، التمهيد ص97، إرشاد الفحول ص132، مباحث الكتاب والسنة ص163".
5 في ض ب: إجمال.
6 في ز ع ض ب: منها.
7 في ض: استدلال. وانظر: شرح تنقيح الفصول ص186، نهاية السول 2/89، القواعد والفوائد الأصولية ص224، التمهيد ص97.
8 في ض: ومنه.
9 ساقطة من ب.
لَهُ1 قَوْلانِ.
وَقَالَ الأَصْفَهَانِيُّ: يُحْمَلُ الأَوَّلُ عَلَى قَوْلٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْعُمُومُ، وَيُحْمَلُ الثَّانِي عَلَى فِعْلٍ، لأَنَّهُ لا عُمُومَ لَهُ. وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الإِسْلامِ الْبُلْقِينِيُّ، وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الإِلْمَامِ2، وَالسُّبْكِيُّ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: الأَوَّلُ مَعَ بُعْدِ الاحْتِمَالِ، وَالثَّانِي مَعَ قُرْبِ الاحْتِمَالِ. ثُمَّ الاحْتِمَالُ إنْ كَانَ فِي دَلِيلِ الْحُكْمِ سَقَطَ الْحُكْمُ3 وَ4الاسْتِدْلالُ، كَقَوْلِهِ فِي الْمُحْرِمِ:"لا تُمِسُّوهُ 5 طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا" 6
1 ساقطة من ب.
2 في ب: الإمام، ولابن العيد كتاب "الإلمام بأحاديث الأحكام" ثم شرحه بنفسه في "شرح الإلمام" وسماه الصلاح الصفدي إنه "الإمام" وقال ابن حجر: إن "الإمام" ليس "شرح الإلمام" فالإلمام في أحاديث الأحكام، والإلمام مستمد منه. والإلمام مطبوع بالرياض ص1383هـ/1963م.
3 ساقطة من ب.
4 ساقطة من ز ض ع ب.
5 في ز ض ع ب: تقربوه.
6 روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبغوي والدارمي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقصته ناقته وهو محرم فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اغسلوه بماءٍ وسدرٍ وكفنوه في ثوبيه، ولا تمسوه بطيب، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً".
"انظر: صحيح البخاري 1/220، صحيح مسلم 2/865، سنن أبي داود 2/196، تحفة الأحوذي 4/23، سنن النسائي 4/32، 5/154، سنن ابن ماجه 2/1030، شرح السنة للبغوي 5/321، سنن الدرامي 2/50، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص304".
وبين القرافي رأيه في ذلك فقال: "وهذه واقعة عين في هذا المحرم وليس في اللفظ ما يقتضي أن هذا الحكم ثابت لكل محرم أو ليس بثابت، وإذا تساوت الاحتمالات بالنسبة إلى بقية المحرمين سقط استدلال الشافعية به على أن المحرم إذا مات لا يغسل
…
بل علل حكم الشخص المعين فقط، فكان اللفظ مجملاً بالنسبة إلى غيره " "الفروق 2/90".
وَقَالَ أَيْضًا: الأَوَّلُ إذَا كَانَ الاحْتِمَالُ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ كَقِصَّةِ غَيْلانَ، وَالثَّانِي إذَا كَانَ الاحْتِمَالُ فِي دَلِيلِ الْحُكْمِ1.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: كَذَا قَالَ.
وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا: الْحُكْمُ عَامٌّ فِي كُلِّ مُحْرِمٍ، ثُمَّ2 قَالَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ: حُكْمُهُ فِي وَاحِدٍ حُكْمُهُ فِي مِثْلِهِ، إلَاّ أَنْ يُرَدَّ تَخْصِيصَهُ، وَلِهَذَا حُكْمُهُ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ حُكْمُهُ3 فِي سَائِرِ الشُّهَدَاءِ4.
قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: اللَّفْظُ خَاصٌّ، وَالتَّعْلِيلُ عَامٌّ فِي كُلِّ مُحْرِمٍ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ يَخْتَصُّ بِذَلِكَ الْمُحْرِمِ5.
"وَ" الْجَوَابُ "الْمُسْتَقِلُّ" وَهُوَ الَّذِي لَوْ وَرَدَ ابْتِدَاءً لأَفَادَ الْعُمُومَ "إنْ سَاوَى6 السُّؤَالَ" فِي عُمُومِهِ وَخُصُوصِهِ عِنْدَ كَوْنِ السُّؤَالِ عَامًّا أَوْ خَاصًّا "تَابَعَهُ"
1 جمع القرافي بين العبارتين فقال: "الاحتمالات تارة تكون في كلام صاحب الشرع على السواء فتقدح، وتارة تكون في محل مدلول اللفظ فلا تقدح، فحيث قال الشافعي رضي الله عنه: "إن حكاية الحال إذا تطرق إليها الاحتمال سقط بها الاستدلال"، مراده إذا استوت الاحتمالات في كلام صاحب الشرع، ومراده "أن حكاية الحال إذا ترك فيها الاستفصال تنزل منزلة العموم في المقال" إذا كانت الاحتمالات في محل المدلول دون الدليل""الفروق 2/88، 90"، وقال القرافي أيضاً:"لا شك أن الإجمال المرجوح لا يؤثر في المساوي الراجح، وحينئذ فنقول: الاحتمال المؤثر إن كان في محل الحكم وليس في دليله فلا يقدح كحديث غيلان، وهو مراد الشافعي بالكلام الأول، وإن كان في دليله قدح، وهو المراد بالكلام الثاني""شرح تنقيح الفصول ص187".
"انظر: نهاية السول 2/89ن التمهيد ص97، الإحكام للآمدي 2/256، القواعد والفوائد الأصولية ص234، إرشاد الفحول ص132".
2 ساقطة من ز ض ع ب.
3 في ش ز ع ب: حكمه.
4 انظر: المستصفى 2/69، الإحكام للآمدي 2/256.
5 وهو رأي الغزالي. "انظر: المستصفى 2/68، البرهان 1/348".
6 في ش: أن يساوي.
أَيْ تَابَعَ الْجَوَابَ السُّؤَالُ1 "فِيمَا فِيهِ" أَيْ فِي السُّؤَالِ "مِنْهُمَا" أَيْ مِنْ2 الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ3.
فَالْعُمُومُ4 نَحْوُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ سُئِلَ عَنْ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ"5.
وَالْخُصُوصُ نَحْوُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَأَلَهُ الأَعْرَابِيُّ عَنْ وَطْئِهِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ6: "أَعْتِقْ رَقَبَةً" 7
1 في ش ع: السؤال الجواب.
2 ساقطة من ب.
3 انظر هذه المسألة في "أصول السرخسي 1/272، فواتح الرحموت 1/290، الإحكام للآمدي 2/237، 238، نهاية السول 2/159، شرح تنقيح الفصول ص216، المعتمد 1/303، المحصول ج1 ق2/188، جمع الجوامع 2/37، المنخول ص151، المستصفى 2/58، البرهان 1/374، الروضة 2/233، إرشاد الفحول ص133".
4 ساقطة من ش.
5 روى الإمام مالك والشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن الجارود والبيهقي وابن شيبة والدارقطني وابن حبان والحاكم والدارمي عن أبي هريرة وجابر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو الطهور ماؤه، الحلُ ميتته"، قال البغوي:"هذا الحديث صحيح متفق علي صحته" وحكى الترمذي أن البخاري صححه.
"انظر: المنتقى 1/54، بدائع المنن 1/19، مسند أحمد 2/361، سنن أبي داود1/19، تحفة الأحوذي 1/225، 230، سنن النسائي 1/44، 7/183، سنن ابن ماجه 1/136، سنن الدارمي 1/186ن المستدرك 1/141، موارد الظمآن ص60ن التلخيص الحبير 1/9، نيل الأوطار 1/24، البيات والتعريف 3/242".
6 ساقطة من ش.
7 روى البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله، قال:"وما أهلكك"؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: "اعتق رقبة
…
" الحديث.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: هَذَا مُرَادُ الشَّافِعِيِّ بِالْعِبَارَةِ الأُولَى1.
"فَإِنْ2 كَانَ الْجَوَابُ3 أَخَصَّ مِنْ السُّؤَالِ4 اخْتَصَّ بِهِ" أَيْ الْجَوَابِ "السُّؤَالُ" كَمَنْ يَسْأَلُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ الْكَوَافِرِ؟ فَيُقَالُ لَهُ: اُقْتُلْ الْمُرْتَدَّاتِ، فَيَخْتَصُّ السُّؤَالُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ بِالْمُرْتَدَّاتِ مِنْهُنَّ5.
"وَإِنْ كَانَ" الْجَوَابُ "أَعَمَّ" مِنْ السُّؤَالِ. مِثَالُهُ: لَمَّا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَاءِ بِئْرِ بِضَاعَةَ؟ فَقَالَ: "الْمَاءُ طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" 6
1 وهي "ترك الاستفصال في حكاية الحال، مع قيام الاحتمال، ينزل منزلة العموم في المقال".
"انظر: المستصفى 2/60، البرهان 1/348، 373، 375، اللمع ص22، العدة 2/602".
2 في ز ض ع ب: وإن.
3 في ش ز: الجواب.
4 انظر هذه المسألة في "الإحكام للآمدي 2/238، فواتح الرحموت 1/290، التمهيد ص125، نهاية السول 2/158، المعتمد 1/303، المحصول ج1 ق3/188، جمع الجوامع 2/37
5 في ش: المرتدات.
6 هذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي عن ابن عباس وأبي سعيد وسهل بن سعد رضي الله عنهم مرفوعاً بألفاظ مختلفة، قال العراقي بعدما حكى اختلاف الناس فيه:"والحديث صحيح"، وحكى المنذر عن الإمام أحمد أنه قال: حديث بئر بضاعة صحيح، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وكذلك رمز له السيوطي، وقال المناوي: هذا متروك الظاهر فيما إذا تغير بالنجاسة اتفاقاً، وخصه الشافعية والحنابلة بمفهوم خبر أبي داود وغيره، "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" كما سيأتي صفحة 368.
"انظر: سنن أبي داود 1/16، 15، تحفة الأحوذي 1/204، سنن النسائي 1/141، مختصر سنن أبي داود للمنذري 1/73، فيض القدير 6/248، سنن الدارقطني 1/28، مسند أحمد 1/235، 284، 3/16، 31، 6/172، سنن ابن ماجه 1/173، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص292، التلخيص الحبير 1/12".
"أَوْ وَرَدَ" حُكْمٌ "عَامٌّ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ بِلا سُؤَالٍ"، كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى شَاةٍ1 مَيْتَةٍ لِمَيْمُونَةَ2، فَقَالَ:"أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ"3. "اُعْتُبِرَ عُمُومُهُ" أَيْ عُمُومُ الْجَوَابِ فِي الصُّورَةِ الأُولَى، وَعُمُومُ اللَّفْظِ الْوَارِدِ عَلَى السَّبَبِ الْخَاصِّ فِي الثَّانِيَةِ4، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى سَبَبِهِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِمَا
1 في ز ض ع ب: بشاة.
2 هي الصحابية ميمونة بنت الحارث بن خزن الهلالية، أم المؤمنين، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة سبع في ذي القعدة، لما اعتمر عمرة القضية، وقيل: اسمها برة، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة، وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل غيرها، وهي أخر امرأة تزوجها صلى الله عليه وسلم ممن دخل بهن، وروي عنها 46 حديثاً، وماتت بسرف "ماء قريب من مكة، عشرة أميال إلى جهة المدينة"، ودفنت هناك سنة 51هـ، وقيل غير ذلك، وصلى عليها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم، وقيل تزوجها وهو حلال، ولهذا اختلف الفقهاء في نكاح المحرم.
انظر ترجمتها في "الإصابة 4/411، الاستيعاب 4/404، الخلاصة ص496، تهذيب الأسماء 2/355، أسد الغابة 7/272".
3 هذا الحديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد عن ابن عباس رضي اله عنهما مرفوعاُ بأسانيد صحيحة، وروى البخاري معناه عن ابن عباس أيضاً مرفوعاً.
"انظر: صحيح مسلم 1/276، تحفة الأحوذي 5/398، سنن النسائي 7/151 وما بعدها، سنن ابن ماجه 2/1193، صحيح البخاري 2/27، مسند أحمد 1/219، 227، سنن أبي داود 2/386، فيض القدير 3/139، تخريج أحاديث البردوي ص161، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص293".
4 يعبر علماء الأصول عن هذه المسألة بقولهم: "العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب"، وهو قول الآمدي وإمام الحرمين والبيضاوي وابن الحاجب والفخر الرازي.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/238 وما بعدها، نهاية السول 2/158، المستصفى 2/114، البرهان 1/372، فواتح الرحموت 1/290، التمهيد ص124، المعتمد 1/303، المنخول ص151، الموافقات 3/178، اللمع ص22، المحصول ج1 ق3/188، شرح تنقيح الفصول ص216، جمع الجوامع 2/38، أصول السرخسي 1/272، فتح الغفار 2/59، تخريج الفروع على الأصول ص1993، إرشاد الفحول ص133، نزهة الخاطر 2/141، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/110، التبصرة ص144".
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالأَشْعَرِيَّةِ1، لأَنَّ عُدُولَ الْمُجِيبِ عَمَّا2 سُئِلَ عَنْهُ، أَوْ عُدُولَ الشَّارِعِ3 عَمَّا اقْتَضَاهُ حَالُ السَّبَبِ الَّذِي وَرَدَ الْعَامُّ عَلَيْهِ عَنْ4 ذِكْرِهِ بِخُصُوصِهِ إلَى الْعُمُومِ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَتِهِ، لأَنَّ الْحُجَّةَ فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْعُمُومِ، وَالسَّبَبُ لا يُصْلَحُ مُعَارِضًا، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ عِنْدَ وُرُودِ الْجَوَابِ أَوْ5 السَّبَبِ: بَيَانُ الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ لِهَذِهِ الصُّورَةِ وَغَيْرِهَا6.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَلَنَا قَوْلٌ فِي مَذْهَبِنَا، وَقَالَهُ7 جَمْعٌ كَثِيرٌ: أَنَّهُ يُقْتَصَرُ عَلَى سَبَبِهِ8.
1 انظر: المستصفى 2/60، 114، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/110، الإحكام للآمدي 2/239، البرهان 1/374، تيسير التحرير 1/264، نهاية السول 2/159، المسودة ص130، الروضة 2/233، مختصر البعلي ص110، مختصر الطوفي ص102، القواعد والفوائد الأصولية ص240، التمهيدص124.
2 في ض: لما.
3 في ش: المشار.
4 في ش: عن.
5في ش: و.
6 انظر: الروضة 2/233، مختصر الطوفي ص102، العضد على ابن الحاجب 2/110، التبصرة ص145، المحصول ج1 ق3/189، أصول السرخسي 1/272.
7 في ب: قال.
8 وهو قول مالك وأبي ثور والمزني والقفال والدقاق من الشافعية، وقال الجويني: وهو الذي صح عندنا من مذهب الشافعي، ثم نصره، لكن الفخر الرازي ناقشه ورد عليه في "مناقب الشافعي"، ونقل هذا القول عن الشافعي أيضاً، وفي المسألة عدة آراء وتفصيلات.
"انظر: نهاية السول 2/159، اللمع ص23، شرح تنقيح الفصول ص216، المحصول ج1 ق3/189، المحلي على جمع الجوامع 2/159، التمهيد ص124، المسودة ص130، نزهة الخاطر 2/141، العضد على ابن الحاجب 2/110، المستصفى 1/60، الإحكام للآمدي 2/239، التبصرة ص145، الرسالة ص206، 231، فواتح الرحموت 1/290، تيسير التحرير 1/264، مختصر البعلي ص110، الروضة 2/233، مختصر الطوفي ص102، تخريج الفروع على الأصول ص193، القواعد والفوائد الأصولية ص240، إرشاد الفحول ص134".
وَاسْتَدَلَّ لِلأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الصَّحِيحُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ اسْتَدَلُّوا عَلَى التَّعْمِيمِ مَعَ السَّبَبِ الْخَاصِّ، وَلَمْ يُنْكَرْ، كَآيَةِ اللِّعَانِ1، وَنَزَلَتْ فِي هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ2، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ3وَآيَةِ الظِّهَارِ4، وَنَزَلَتْ فِي أَوْسِ بْنِ
1 آية اللعان هي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} النور/6-7.
2 هو الصحابي هلال بن أمية بن عامر الأنصاري المدني، شهد بدراً وأحداً، وكان قديم الإسلام، وكان يكسر أصنام بني واقف من قومه، وكانت معه رايتهم يوم الفتح، وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، فتاب الله عليهم، وذكرهم في سورة التوبة، وهم هلال وكعب بن مالك ومرارة بن الربيع.
انظر ترجمة هلال في "الإصابة 3/606، الاستيعاب 3/604، أسد الغابة 5/406، تهذيب الأسماء 2/139".
3 هذه الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي والحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً.
"انظر: صحيح البخاري 3/279، صحيح سلم 2/1134، سنن أبي داود 1/52، سنن النسائي 6/140، سنن ابن ماجه 1/668، السنن الكبرى للبيهقي 10/265، تحفة الأحوذي 9/26، المستدرك2/202".
قال النووي: "السبب في نزول آية اللعان عويمر العجلاني، وقال الجمهور: السبب قصة هلال بن أمية
…
لأنه أول رجل لاعن"، وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي والحاكم عن أنس بن مالك قال: إن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سمحاء، وكان أخ البراء بن مالك لأمه، وكان أول رجل لاعن في الإسلام
…
" وقال الصنعاني: "قد اختلفت الروايات في سبب نزول آية اللعان
…
ثم جمع بينها".
"انظر: المراجع السابقة، نيل الأوطار 6/300، 302، سبل السلام 4/16، النووي على مسلم /128، فتح الباري 9/374 ط الحلبي، الرسالة للشافعي ص148".
الصَّامِتِ1. رَوَاهُ 2أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا3. وَقِصَّةِ عَائِشَةَ فِي الإِفْكِ4 فِي الصَّحِيحَيْنِ5، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَكَذَا هُنَا، وَلأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ بِوَضْعِهِ وَالاعْتِبَارُ بِهِ بِدَلِيلٍ لَوْ كَانَ أَخَصَّ، وَالأَصْلُ عَدَمُ مَانِعٍ، وَقَاسَ ذَلِكَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، مَعَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَخْتَلِفُ بِهِمَا6
قَالَ الْمُخَالِفُ: لَوْ عَمَّ جَازَ تَخْصِيصُ السَّبَبِ بِالاجْتِهَادِ كَغَيْرِهِ7.
1 هو الصحابي أوس بن الصامت بن قيس الأنصاري، اخو عبادة بن الصامت، شهد بدراً والمشاهد كلها، وعن عائشة رضي الله عنها أن جميلة "بنت عم له" كانت تحت أوس بن الصامت، وكان به لمم
…
فذكرت الحديث" وكان أول ظهار في الإسلام منه، وكان شاعراً، مات في أيام عثمان، وله 85 سنة، وقالوا مات ص34 هـ بالرملة، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "الإصابة 1/85، الاستيعاب 1/78، تهذيب الأسماء 1/129، الخلاصة ص41، أسد الغابة 1/172".
2 ساقطة من ش ز ض ب.
3 هذا الحديث رواه احمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم مرفوعاُ عن خولة بنت مالك، وعائشة وسلمة بن صخر وغيرهم.
"انظر: مسند أحمد 6/411، سنن أبي داود 1/513، تحفة الأحوذي 4/381، 9/188، سنن ابن ماجه 1/666، المستدرك 2/481، نيل الأوطار 6/294، أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ص70".
4 ساقطة من ش.
5 انظر: صحيح البخاري 3/163، صحيح مسلم بشرح النووي 17/102، مسند أحمد 6/194، سنن أبي داود 2/471، تحفة الأحوذي 9/29، سبل السلام 4/15، نيل الأوطار 6/319.
6 في ش ز: بها.
انظر مزيداً من أدلة القول الأول في "الروضة 2/233، مختصر الطوفي ص102، نزهة الخاطر 2/142، العضد على ابن الحاجب 2/210، التبصرة ص146، المستصفى 2/60، الإحكام للآمدي 2/239، فواتح الرحموت 1/290، تيسير التحرير 1/264، شرح تنقيح الفصول ص216، المعتمد 1/304، المحصول ج1 ق3/189، العدة 2/601 وما بعدها".
7 انظر: الروضة 2/233، مختصر الطوفي ص102، نزهة الخاطر 2/142، المسودة ص131، العضد على ابن الحاجب 2/110، المستصفى 2/60، الإحكام للآمدي 2/240، البرهان 1/377 وما بعدها، فواتح الرحموت 1/290، تيسير التحرير 1/265.
وَرُدَّ1 بِأَنَّ السَّبَبَ مُرَادٌ قَطْعًا بِقَرِينَةٍ خَارِجِيَّةٍ، لِوُرُودِ الْخِطَابِ بَيَانًا لَهُ، وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ. وَلِهَذَا لَوْ سَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ طَلاقَهَا، فَقَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ: طَلُقَتْ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ إجْمَاعًا وَأَنَّهُ لا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ. وَالأَشْهَرُ عِنْدَنَا: وَلَوْ اسْتَثْنَاهَا بِقَلْبِهِ، لَكِنْ يَدِينُ2.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ خِلافٌ، وَلَوْ اسْتَثْنَى غَيْرَهَا لَمْ تَطْلُقْ، عَلَى أَنَّهُ مَنَعَ فِي الإِرْشَادِ3 وَالْمُبْهِجِ4 وَالْفُصُولِ الْمُعْتَمِرَ الْمُحْصَرَ5 مِنْ التَّحَلُّلِ مَعَ أَنَّ سَبَبَ الآيَةِ6 فِي حُصْرِ الْحُدَيْبِيَةِ. وَكَانُوا مُعْتَمِرِينَ7.
وَعَنْ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّهُ حَمَلَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
1 في ش ز: ورد.
2 قال البعلي: "وأما محل السبب فلا يجوز إخراجه بالاجتهاد إجماعاً، قاله غير واحدٍ، لأن دخوله مقطوع به، لكون الحكم أورد بياناً له، بخلاف غيره، فإنه يجوز إخراجه، لأن دخوله مظنون به، لكن نقل ناقلون عن أبي حنيفة أنه يجوز إخراج السبب" "القواعد والفوائد الأصولية ص242.
"وانظر: العضد على ابن الحاجب 2/110، المستصفى 2/60، 61، الإحكام للآمدي 2/240 وما بعدها". وسوف يذكر المصنف هذا الدليل مرة ثانية بعد أربع صفحات "ص187".
3 الإرشاد لابن موسى، كما نص عليه البعلي في "القواعد والفوائد الأصولية ص242".
4 في ش: المنهج، وفي "القواعد والفوائد الأصولية ص242": والشيرازي في الممتع، والصواب "المبهج" لأبي الفرج الشيرازي.
"انظر: طبقات الحنابلة 2/248، ذيل طبقات الحنابلة 1/71، المنهج الأحمد 2/162".
5 ساقطة من ش.
6 الآية هي قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الآية 196 من البقرة.
7 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص242، الروضة 2/234، تفسير ابن كثير 1/231 ط الحلبي، تفسير الطبري 2/215.
هُرَيْرَةَ "لا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ" 1 عَلَى أَمْرِ الآخِرَةِ، مَعَ أَنَّ سَبَبَهُ أَمْرُ الدُّنْيَا2.لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ سَبَبُهُ3.
وَالأَصَحُّ عَنْ4 أَحْمَدَ: أَنَّهُ لا يَصِحُّ اللِّعَانُ عَلَى حَمْلٍ، وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَهُوَ سَبَبُ آيَةِ اللِّعَانِ، وَاللِّعَانُ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، لَكِنْ5 ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ. وَلِهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ لاعَنَ بَعْدَ الْوَضْعِ 6 ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلِمَ وُجُودَهُ بِوَحْيٍ، فَلا
1 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجه والدارمي عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً.
"انظر: صحيح البخاري 4/70، صحيح مسلم 4/2295، سنن أبي داود 2/565، سنن ابن ماجه 2/1318، مسند أحمد 2/115، الأدب المفرد ص328، نيل الأوطار 6/454، سنن الدارمي 2/319".
2 سبب ورود الحديث أنه لما اسر أبو عزة الجمحي الشاعر ببدر وشكا عائلة وفقراً فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطلقه بغير فداء، ثم ظفر به بأحد، فقال: مُنٌ علي، وذكر فقراً وعائلة، فقال:"لا تمسح بعارضيك ملة، تقول سخرت بمحمد مرتين، وأمر به فقتل" قال سعيد بن المسيب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال حينئذ: "لا يلدغ المؤمن" فصار الحديث مثلاً.
"انظر البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث 3/331".
3 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص242، الإحكام للآمدي 2/240 وما بعدها.
4 في د ب: عند.
5 في ض: لكنه.
6 روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أنه ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذلك قولاً، ثم أنصرف، فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع أهله رجلاً، فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا لقولي فيه، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مصفراً، قليل اللحم، سبط الشعر، وكان الذي ادعى عليه أنه وجد عند أهله خدلاً، آدم، كثير اللحم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم بين"، فوضعت شبيهاً بالذي ذكر زوجها انه وجده عندها، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما".
وروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر أن رجلاً لاعن امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففرق رسول الله بينهما، وألحق الولد بأمه".
"انظر: صحيح البخاري 3/281، صحيح مسلم 2/1132، 1134، سنن أبي داود 1/524، تحفة الأحوذي 4/390، سنن النسائي 6/146، سنن ابن ماجه 1/669، نيل الأوطار 6/310".
يَكُونُ اللِّعَانُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ. وَلَيْسَ سَبَبُ الآيَةِ قَذْفَ حَامِلٍ وَلِعَانِهَا1.
وَ2فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ3 عَهِدَ إلَى أَخِيهِ سَعْدٍ: أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ4 ابْنِي5، فَاقْبِضْهُ6 إلَيْك، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ وَفِيهِ فَقَالَ سَعْدٌ: هَذَا7 يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي عُتْبَةَ،
1 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص243، البرهان 1/378، المنخول ص151، فواتح الرحموت 1/290، تيسير التحرير 1/265.
2 ساقطة من ع.
3 هو عتبة بن أبي وقاص بن أهيب القرشي الزهري، أخو سعد، ولم يذكره الجمهور في الصحابة، وذكره ابن منده فيهم، واحتج بحديث وصيته إلى أخيه سعد في ابن وليدة زمعة، وأنكر أبو نعيم على ابن منده ذلك، وقال أبو نعيم: وعتبة هذا هو الذي شج وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسر رباعيته بوم أحد، وما علمت له إسلاماً، ولم بذكره أحد من المتقدمين في الصحابة" ودعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحول عليه الحول حتى يموت كافراً، فما حال عليه الحول حتى مات كافراً إلى النار، قال ابن حجر: فلا معنى لا يراده في الصحابة، وذكر الباجي أن وصيته كانت بحسب أنواع النكاح التي كانت في الجاهلية، وقد حرمها الإسلام.
"انظر: الإصابة 3/161، أسد الغابة 3/571، تهذيب الأسماء 1/320، المنتقى للباجي 6/5".
4 هو زمعة بن قيس بن عبد شمس القرشي العامري المكي، مات قبل فتح مكة، وكانت له جارية يمانية يطؤها مع غيره كما كان معهوداً في أنكحة الجاهلية.
"انظر: تهذيب الأسماء 1/311، الإصابة 2/433، الاستيعاب 2/410، المنتقى 6/5".
5 هو عبد الرحمن بن زمعة بن قيس القرشي العامري الذي تخاصم فيه سعد وعبد بن زمعة، وله عقب، توفي بالمدينة.
"انظر: تهذيب الأسماء 1/311، الاستيعاب 2/410، أسد الغابة 3/448".
6 في ض: قابضة.
7 ساقطة من ش ز.
عَهِدَ إلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، اُنْظُرْ إلَى شَبَهِهِ "وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ1 هَذَا أَخِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ فَنَظَرَ"2، فَرَأَى فِيهِ3 شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَالَ:"هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ" 4، وَكَانَتْ تَحْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5 وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ6 "هُوَ أَخُوك
1 هو الصحابي عبد بن زمعة بن قيس القرشي العامري المكي، أمه عاتكة بنت الأحنف، وهو أخو سودة أم المؤمنين لأبيها، وكان عبد بن زمعة شريفاً ومن سادات الصحابة.
"انظر: الإصابة 2/433، الاستيعاب 2/442، أسد الغابة 2/515، تهذيب الأسماء 1/310".
2 هذه زيادة من الحديث، وتوضح المعنى.
3 ساقطة من ض ع ب.
4 هي أم المؤمنين سودة بن زمعة بن قيس القرشية العامرية الصحابية، أم الأسود، كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت ابن عمها السكران بن عمرو، أخي سهل بن عمرو، وكان زوجها مسلماً هاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة، ومات، ولم يعقب، أسلمت سودة قديماً وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم زوجها، وجرحا في مكة، فهاجرا إلى الحبشة في الهجرة الثانية، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان سنة عشر من البعثة النبوية بعد وفاة خديجة، ودخل بها بمكة وهاجر إلى المدينة، وقيل: تزوجها بعد عائشة، ولها مناقب كثيرة، ماتت في خلافة عمر رضي الله عنهم، وقيل: غير ذلك.
انظر ترجمتها في "الإصابة 4/338، الاستيعاب 4/323، أسد الغابة 7/157، تهذيب الأسماء 2/348، الخلاصة ص492".
5 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه ومالك والشافعي والحاكم والبيهقي، ورواه الترمذي مختصراً، عن عائشة وأبي هريرة وعثمان وابن مسعود وابن الزبير وابن عمر وأبي أمامة رضي الله عنهم مرفوعاً.
"انظر: صحيح البخاري 4/170، صحيح مسلم 2/1080، سنن أبي داود 1/528، سنن النسائي 6/148، تحفة الأحوذي 4/321، 6/310، سنن ابن ماجه 1/646، المنتقى شرح الموطأ 6/4، المستدرك 4/96، السنن الكبرى 6/86، النووي على مسلم 10/38، بدائع المنن 2/219، إحكام الأحكام 2/319، نيل الأوطار 6/313، أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ص98، مسند أحمد 4/5، 6/27، 129، البيان والتعريف 3/289".
6 في ع: البخاري.
يَا عَبْدُ" وَلأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ1 أَنَّ زَمْعَةَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا، وَكَانَتْ تَظُنُّ بِآخَرَ2 وَفِيهِ "احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ، فَلَيْسَ لَك بِأَخٍ " 3.زَادَ أَحْمَدُ "أَمَّا الْمِيرَاثُ فَلَهُ" 4.
قَالُوا: لَوْ عَمَّ لَمْ يُنْقَلُ5 السَّبَبُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ6.
رُدَّ فَائِدَتُهُ7 مَنْعِ تَخْصِيصِهِ، وَمَعْرِفَةِ8 الأَسْبَابِ9.
1 هو الصحابي عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي، أبو خبيب، أو أبو حبيب، أو أبو عبد الرحمن، وهو أول مولود في الإسلام في السنة الأولى بعد الهجرة، أمه أسماء بنت أبي بكر، وهو فارس قريش، شهد اليرموك وفتح أفريقيا، وصار أمير المؤمنين، بويع بالخلافة بعد موت يزيد سنة64 هـ، وغلب على اليمن والحجاز والعراق وخراسان، وكان فصيحاً شريفاً، لسناً أطلس، كثير العبادة، وكان يسمى حمامة المسجد، ودافع عن عثمان في الدار، قاتله بنو أمية حتى انتصروا عليه في الكعبة، وقتل وصلب سنة 73هـ، ثم سلم إلى أمه فدفنته بالمدينة في دار صفية بنت حيي ثم زيدت دارها في المسجد، فهو مدفون مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهم، كما يقول الكتبي.
انظر ترجمته في "الإصابة 4/69 المطبعة الشرفية، الخلاصة 2/56 مطبعة الفجالة الجديدة، أسد الغابة 3/242، المعارف ص256، 600، فوات الوفيات 1/445، العقد الثمين 5/141، البداية والنهاية 8/332، تاريخ الخلفاء ص211، حلية الأولياء 1/329".
2 في رواية النسائي: "كانت لزمعة جارية يطؤها هو، وكان يظن بآخر يقع عليها، فجاءت بولد شبه الذي كان يظن به، فمات زمعة وهي حبلى""سنن النسائي 6/148"
3 وتمام الحديث: "لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص، قالت: فما رآها حتى لقي الله""انظر: المنتقى شرح الموطأ 6/5".
4 انظر: مسند أحمد 4/5، سنن النسائي 6/149.
5 في ض: ينتقل.
6 انظر: الروضة 2/233، العضد على ابن الحاجب 2/111، المستصفى 2/61، الإحكام للآمدي 2/240، فواتح الرحموت 1/292، تيسير التحرير 1/266، نهاية السول 2/159، التمهيد ص124، مختصر الطوفي ص102، العدة 2/613.
7 في ش: فائدة.
8 في ض ب: ومعرفته.
9 بين المجد ابن تيمية أنواع الأسباب، وذكر فائدتها، ثم قال:"ومن لم يحط علماً بأسباب الكتاب الكتاب والسنة والإ عظم خطؤه كما وقع لكثير من المتفقهين والأصوليين والمفسرين""المسودة ص131".
وانظر مناقشة أدلة القول الثاني القائل باقتصار الحكم على السبب في "المستصفى 2/61، الإحكام للآمدي 2/241، نهاية السول 2/159، العضد على ابن الحاجب 2/111، فواتح الرحموت 1/292، تيسير التحرير 1/266، التمهيد ص124، المسودة ص131، العدة 2/613، الروضة 2/224، مختصر الطوفي ص102، نزهة الخاطر 2/142".
قَالُوا: لَوْ قَالَ: تَغَدَّ عِنْدِي، فَحَلَفَ لا تَغَدَّيْت، لَمْ يَعُمَّ1، وَمِثْلُهُ نَظَائِرُهَا.
رُدَّ بِالْمَنْعِ2 فِي الأَصَحِّ عَنْ أَحْمَدَ، وَإِنْ سَلِمَ كَقَوْلِ مَالِكٍ3 فَلِلْعُرْفِ، وَلِدَلالَةِ السَّبَبِ عَلَى النِّيَّةِ، فَصَارَ كَمَنْوِيٍّ4.
قَالُوا: لَوْ عَمَّ لَمْ يُطَابِقْ الْجَوَابُ السُّؤَالَ5.
رُدَّ طَابَقٌ وَزَادَ6
1 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/111، الإحكام للآمدي 2/240، فواتح الرحموت 1/292، تيسير التحرير 1/266، المعتمد 1/303، 304، المحصول ج1 ق3/188، العدة 2/613.
2 في ش ز: مثله نظائر، رد لمنع.
3 في ض: لملك.
4 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/111، الإحكام للآمدي 2/421، فواتح الرحموت 1/292، تيسير التحرير 1/266.
5 ساقطة من ب، وسقط من ب أيضاً: رد، طابق وزاد.
وانظر: الروضة 2/234، مختصر الطوفي ص102، نزهة الخاطر 2/142، العدة 2/613، شرح تنقيح الفصول ص216، المحصول ج1 ق3/190، العضد على ابن الحاجب 2/111، الإحكام للآمدي 2/240، فواتح الرحموت 1/292، تيسير التحرير 1/266.
6 انظر: فواتح الرحموت 1/292، تيسير التحرير 1/266، المحصول ج1 ق3/190، الإحكام للآمدي 2/241، العضد على ابن الحاجب 2/111، نزهة الخاطر 2/144، مختصر الطوفي ص103، الروضة 2/224.
"وَصُورَةُ السَّبَبِ قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ 1 فِي الْعُمُومِ" عِنْدَ الأَكْثَرِ [فَلا يَخُصُّ2 بِاجْتِهَادٍ] فَيَتَطَرَّقُ التَّخْصِيصُ إلَى3 ذَلِكَ الْعَامِّ، إلَاّ تِلْكَ الصُّورَةَ، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا4، لَكِنَّ السُّبْكِيَّ قَالَ: إنَّمَا تَكُونُ صُورَةُ السَّبَبِ قَطْعِيَّةً إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى دُخُولِهَا وَضْعًا تَحْتَ اللَّفْظِ الْعَامِّ، وَإِلَاّ فَقَدْ يُنَازَعُ5 فِيهِ الْخَصْمُ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْعَامِّ إخْرَاجَ السَّبَبِ، فَالْمَقْطُوعُ بِهِ إنَّمَا هُوَ6 بَيَانُ حِكْمَةِ السَّبَبِ، وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ كَوْنِهِ خَارِجًا، كَمَا يَحْصُلُ بِدُخُولِهِ، وَلا دَلِيلَ عَلَى تَعْيِينِ وَاحِدٍ مِنْ الأَمْرَيْنِ7.
فَائِدَةٌ:
"قِيلَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ عَامٌّ لَمْ يُخَصَّ8 إلَاّ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي
1 في ش: لدخول.
2 في ش ز: يختص.
3 ساقطة من ض ع ب.
4 هذا ما ذكره المصنف سابقاً صفحة 181، ونقلنا بعده نص البعلي: أن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد إجماعاً.
"وانظر: تيسير التحرير 1/267، نهاية السول 2/159، اللمع ص22، البرهان 1/378، المنخول ص151، المحصول ج1 ق3/191، جمع الجوامع 2/39، التمهيد ص124، القواعد والفوائد الأصولية ص242، الإحكام للآمدي 2/240، العضد على ابن الحاجب 2/110، المستصفى 2/60".
5 في ش ز: تنازع.
6 ساقطة من ض.
7 انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 2/39-40.
8 نقل الشوكاني عن علم الدين العراقي أنه قال: "ليس في القرآن عام غير مخصوص إلا أربعة مواضع: أحدها: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} النساء/23، فكا ما سميت أما عن نسب أو رضاع، وإن علت، فهي حرام، ثانيها: قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} الرحمن/26، {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} آل عمران/185، ثالثاً: قوله تعالى: {وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} البقرة/284، ثم اعترض الشوكاني على الموضع الرابع بأن القدرة لا تتعلق بالمستحيلات، وهي أشياء، ثم ألحق الشوكاني بما سبق قوله تعالى:{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا} هود/6.
"انظر: إرشاد الفحول ص143 وما بعدها، الروضة 2/238، شرح تنقيح الفصول ص227، الرسالة للشافعي ص53-54".
الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} 1 وقَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} 2.
1 الآية 6 من هود.
2 الآية 101 من الأنعام.