المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل تقديم الخاص على العام مطلقا - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ٣

[ابن النجار الفتوحي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌باب الأمر

- ‌فصل الأمر حقيقة في الوجوب

- ‌باب النهي:

- ‌باب العام:

- ‌فصل العام بعد تخصيصه:

- ‌فصل إطلاق جمع المشترك على معانيه

- ‌فَصْلٌ لَفْظُ الرِّجَالِ وَالرَّهْطِ لا يَعُمُّ النِّسَاءَ وَلا الْعَكْسَ:

- ‌فصل القران بين شيئين لفظا لا يقتضي التسوية بينهما حكما

- ‌باب التخصيص:

- ‌فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْمُخَصَّصِ الْمُتَّصِلِ

- ‌فصل المخصص المتصل الثالث الصفة

- ‌فصل المخصص المتصل الرابع الغاية:

- ‌فصل تخصيص الكتاب ببعضه وتخصيصه بالسنة مطلقا

- ‌فصل تقديم الخاص على العام مطلقا

- ‌باب المطلق:

- ‌بَابُ الْمُجْمَلِ:

- ‌بَابُ الْمُبَيَّنِ:

- ‌باب الظاهر:

- ‌بَابُ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ:

- ‌فصل إذا خص نوع بالذكر مما لا يصح لمسكوت عنه فله مفهوم:

- ‌فَصْلٌ: كَلِمَةُ إنَّمَا:

- ‌بَابٌ النسخ:

- ‌فصل يجوز نسخ التلاوة دون الحكم ونسخ الحكم دون التلاوة ونسخهما معا:

- ‌فَصْلٌ يَسْتَحِيلُ تَحْرِيمُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى:

الفصل: ‌فصل تقديم الخاص على العام مطلقا

‌فصل تقديم الخاص على العام مطلقا

سواء كانا مقترنين أو غير مقترنين:

"إذَا وَرَدَ" عَنْ الشَّارِعِ لَفْظٌ "عَامٌّ وَ" لَفْظٌ "خَاصٌّ، قُدِّمَ الْخَاصُّ مُطْلَقًا1" أَيْ سَوَاءٌ كَانَا مُقْتَرِنَيْنِ، مِثْلَ: مَا لَوْ قَالَ فِي كَلامٍ مُتَوَاصِلٍ: اُقْتُلُوا الْكُفَّارَ وَلا تَقْتُلُوا الْيَهُودَ، أَوْ يَقُولُ: زَكُّوا الْبَقَرَ، وَلا تُزَكُّوا الْعَوَامِلَ، أَوْ كَانَا غَيْرَ مُقْتَرِنَيْنِ، سَوَاءٌ2 كَانَ الْخَاصُّ مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. لأَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْخَاصِّ عَمَلاً بِكِلَيْهِمَا، بِخِلافِ الْعَكْسِ، فَكَانَ أَوْلَى3.

وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي صُورَةِ الاقْتِرَانِ تَعَارُضُ الْخَاصِّ لِمَا قَابَلَهُ مِنْ الْعَامِّ، وَلا يُخَصَّصُ بِهِ4.

وَعَنْ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه رِوَايَةٌ فِي غَيْرِ الْمُقْتَرِنَيْنِ مُوَافَقَةٌ لِقَوْلِ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ إنْ تَأَخَّرَ الْعَامُّ نُسِخَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الْخَاصُّ نُسِخَ مِنْ

1 انظر هذه المسألة في "المحصول ج1ق3/161، المستصفى 2/102، 141، جمع الجوامع 2/42، فواتح الرحموت 1/345، التبصرة ص 151، اللمع ص 20، المعتمد 1/276، المسودة ص134، العدة 2/615، الروضة 2/251، مختصر الطوفي ص 108، إرشاد الفحول ص 163"

2 في ب: وسواء.

3 انظر أدلة تقديم الخاص على العام في "مختصر ابن الحاجب 2/147، الإحكام للآمدي 2/318، التبصرة ص 153، البرهان 2/1193، المعتمد 1/276، 279، المحصول ج1 ق3/161، المحلى على جمع الجوامع 2/43، نهاية السول 2/142، التمهيد ص 124، المسودة ص 134، 135، 137، الروضة 2/245، العدة 2/615، مختصر الطوفي ص 108، إرشاد الفحول ص 163".

4 انظر المسودة 137،جمع الجوامع 2/42.

ص: 382

الْعَامِّ بِقَدْرِهِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ: إنْ جُهِلَ التَّارِيخُ وُقِفَ الأَمْرُ حَتَّى يُعْلَمَ1.

وَجْهُ الْقَوْلِ الأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الصَّحِيحُ’ 2سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} 3 خَصَّ4 قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} 5.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ، وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ. مِنْهُمْ: عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ6 وَحُذَيْفَةُ وَجَابِرٌ

1 اشترط الحنفية في التخصيص شروطاً أهما: أن لا يتأخر المخصص، وأن يكون المخصص مستقلاً بالكلام، وأن يكون متصلاً في الوقت ذاته بالنص العام، وإلا كان نسخاً لا تخصيصاً، وقال بعض الظاهرية: يتعارض الخاص والعام مطلقاً، وقال بعض المعتزلة وبعض الحنفية وهو رواية عن أحمد: إنه إن جهل التاريخ فيقدم الخاص.

"انظر: المسودة ص 134، 136، جمع الجوامع 2/42، مختصر ابن الحاجب 2/147، المحصول ج1 ق3/161، المستصفى 2/103، الإحكام للآمدي 2/319، التمهيد 124، المعتمد 1/277، 278، نهاية السول 2/142، التبصرة ص 151، 153، وما بعدها، اللمع ص 20، فواتح الرحموت 1/300، 345، مختصر البعلي ص 122، مختصر الطوفي ص 108، الروضة 2/245، إرشاد الفحول ص 163، مباحث الكتاب والسنة ص 217".

2 في د: فقوله، وفي ش: قال.

3 الآية 5 من المائدة.

4 في ش: مع.

5الآية 221من البقرة.

6هو الصحابي طلحة بن عبيد الله بن عثمان، أبو محمد القريشي، التميمي المكي المدني، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الثمانية السابقين للإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يدي أبي بكر، وأحد الستة أصحاب الشورى الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة الخير وطلحة الجود، لم يشهد بدراً، لكن الرسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب له بسهم، وشهد أحداً وأبلى فيه بلاء حسناً، ثم شهد بقية المشاهد، قتل يوم الجمل سنة 36 ? وقبره في البصرة، ومناقبه كثيرة.

انظر ترجمته في "الإصابة 3/290 المطبعة الشرفية، أسد الغابة 3/85، تهذيب الأسماء 1/252، حلية الأولياء 1/87، الخلاصة 2/11 مطبعة الفجالة الجدية، مشاهير علماء الأمصار ص7".

ص: 383

وَابْنُ عَبَّاسٍ1.

وَأَيْضًا: الْخَاصُّ قَاطِعٌ أَوْ أَشَدُّ تَصْرِيحًا، وَأَقَلُّ احْتِمَالاً، وَلأَنَّهُ لا فَرْقَ لُغَةً بَيْنَ تَقْدِيمِ الْخَاصِّ وَتَأْخِيرِهِ2.

"وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا" أَيْ مِنْ اللَّفْظَيْنِ الْوَارِدَيْنِ "عَامًّا مِنْ وَجْهٍ. خَاصًّا مِنْ وَجْهٍ" آخَرَ3.

مِثَالُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا" 4 مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لا صَلاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ" 5

1 زاد المسير 1/247.

2 انظر مزيداً من أدلة الجمهور في تقديم الخاص في "نهاية السول 2/142، التبصرة ص 151، 153، وما بعدها، اللمع ص 20، المعتمد 1/276، وما بعدها، المحصول جـ1 ق 3/162، الإحكام للآمدي 2/319، وما بعدها المحلي على جمع الجوامع 2/43، فواتح الرحموت 1/346 وما بعدها، العدة 2/615، إرشاد الفحول ص 163".

3 العام من وجه والخاص من وجه هما اللذان يوجد كل واحد منها مع الآخر أحياناً، ويوجد كل منهما بدون الآخر أحياناً أخرى، فيجتمعان في صورة، وينفرد كل واحد منها في صورة، والأمثلة في النص توضح ذلك.

"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 96، 97".

4هذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وأحمد، وسبق تخريجه في "المجلد الأول ص 366".

5 هذا جزء من حديث صحيح رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً، ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد عن عمر رضي الله مرفوعاً، وأوله "لاصلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر

" وقال السيوطي: "هذا حديث متواتر" وقال ابن حجر: "ورد من رواية جمع من الصحابة تزيد عن العشرين".

"انظر: صحيح البخاري 1/77 المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 6/110، سنن أبي داود1/294، تحفة الأحوذي 1/540، سنن ابن ماجه 1/395، 396، سنن النسائي 1/223، مسند أحمد 1/18، 21، 39، 2/13، الموطأ ص 154 ط الشعب، المنتقى 1/364، الأزهار المتناثرة ص 15، فيض القدير 6/428، التخليص الحبير 1/185".

ص: 384

فَالأَوَّلُ: خَاصٌّ فِي الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ الْفَائِتَةِ، عَامٌّ فِي الْوَقْتِ، وَالثَّانِي: عَامٌّ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَالنَّافِلَةِ، خَاصٌّ فِي الْوَقْتِ1.

وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَدَّلَ دَيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ" مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ"2.

فَالأَوَّلُ عَامٌّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، خَاصٌّ فِي الْمُرْتَدِّينَ. وَالثَّانِي: خَاصٌّ فِي النِّسَاءِ، عَامٌّ فِي الْحَرْبِيَّاتِ وَالْمُرْتَدَّاتِ3.

إذَا عُلِمَ ذَلِكَ: فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا إذَا وَرَدَا "تَعَارَضَا" لِعَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا بِالْعَمَلِ بِهِ دُونَ الآخَرِ "وَطُلِبَ الْمُرَجِّحُ" مِنْ خَارِجٍ4.

وَقَدْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ: "مَنْ بَدَّلَ دَيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ" عَلَى اخْتِصَاصِ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُهُ:"نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ" بِسَبَبِهِ النَّاشِئِ عَنْ قَتْلِ الْحَرْبِيَّاتِ5.

وَقِيلَ: الْمُتَأَخِّرُ مِنْهُمَا نَاسِخٌ. وَحُكِيَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ6.

1 انظر: المسودة ص139، الروضة 2/251، اللمع ص 21، العدة 2/627، مختصر الطوفي ص 110.

2 روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه قال: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى عن قتل النساء والصبيان" "صحيح البخاري 2/113، المطبعة العثمانية".

ورواه أبو داود وابن ماجه والدارمي ومالك وأحمد.

"انظر: سنن أبي داود 2/49، سنن ابن ماجه 2/947، سنن الدارمي 2/222، مسند أحمد 2/22، 23، 76، الموطأ ص277 ط الشعب".

3 انظر: الروضة 2/252، المحلي على جمع الجوامع 2/44، المسودة ص142، مختصر الطوفي ص110.

4 انظر: الروضة 2/251، المسودة ص139، جمع الجوامع 2/42، العدة 2/627، اللمع ص21، مختصر الطوفي ص110.

5 انظر الأحاديث في جواز قتل المرأة المرتدة في "نصب الراية 3/458، تحفة الأحوذي 5/25"

6انظر: جمع الجوامع 2/44، العدة 2/627، المسودة ص 139، مختصر البعلي ص 123، رد المختار 4/224.

ص: 385

"وَإِذَا وَافَقَ خَاصٌّ عَامًّا 1" بِأَنْ. يَرِدْ2 لَفْظٌ عَامٌّ، وَيَأْتِي لَفْظٌ خَاصٌّ، هُوَ3 بَعْضٌ لِذَلِكَ4 الْعَامِّ وَدَاخِلٌ فِيهِ، نَحْوُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ:"دِبَاغُهَا طُهُورُهَا" 5 فَهَذَا خَاصٌّ وَهُوَ بَعْضُ أَفْرَادِ الْعَامِّ6 "لَمْ يُخَصِّصْهُ" أَيْ لَمْ يُخَصِّصْ الْخَاصُّ الْعَامَّ لِمُوَافَقَتِهِ لَهُ7.

وَقِيلَ: بَلَى8،

1 في ش ز ض: عام.

2 في ش: لم يرد.

3 في ش ز ض: وهو.

4 ساقطة من ض، وفي ب: ذلك، وفي ز: أفراد.

5 هذا الحديث رواه أحمد وأبو داود والنسائي في شاة ميمونة، ورواه مسلم بلفظ "دباغها طهور" ومر حديث أخر في شاة ميمونة بلفظ "أيما إهاب دبغ فقد طهر""ص177".

"انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 4/53، سنن النسائي 7/154، سنن أبي داود2/387، مسند أحمد 4/329، 334، 336، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص293".

6 هو في قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب دبغ فقد طهر".

7 أي لا يكون حكما على باقي أفراد العام بنقيض ذلك الحكم الخاص، وبين الأسنوي هذه المسألة فقال:"إذا أفراد الشارع فرداً من أفراد العام، أي نص على واحد مما تضمنه وحكم عليه بالحكم الذي حكم به على العام فإنه لا يكون مخصصاً له" وذكر الحديثين السابقين "نهاية السول 2/161".

"وانظر: المسودة ص142، شرح تنقيح الفصول ص219، المعتمد 1/311، الإحكام للآمدي 2/225، جمع الجوامع 2/33، مختصر ابن الحاجب 2/152، فواتح الرحموت 1/355، تيسير التحرير 1/319، التمهيد ص126، المحصول ج1 ق3/195".

8 وهو قول أبي ثور، واحتج بأن تخصيص الشاة بالذكر يدل بمفهومه على نفي الحكم عما عداه، وأنه يجوز المنطوق بالمفهوم "كما سبق"، ورد الجمهور عليه أن هذا مفهوم لقب، وليس بحجة.

"انظر: المحلي على جمع الجوامع 2/33، المسودة ص142، نهاية السول 2/162، المحصول ج1 ق3/195، الإحكام للآمدي 2/335، فواتح الرحموت 1/356، شرح تنقيح الفصول ص219، المعتمد 1/311، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/152، تيسير التحرير 1/320، التمهيد ص126".

ص: 386

اسْتَدَلَّ لِلأَوَّلِ بِأَنَّهُ لا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا فَيُعْمَلَ بِهِمَا1.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ2 ذَلِكَ أَيْضًا3: قَوْله تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} 4 فَذِكْرُهُ5 بَعْدَهُ لَيْسَ تَخْصِيصًا لِلأَوَّلِ بِإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، بَلْ اهْتِمَامًا بِهَذَا النَّوْعِ، فَإِنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ 6إذَا اهْتَمَّتْ بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الْعَامِّ خَصَّصَتْهُ بِالذِّكْرِ، إبْعَادًا لَهُ عَنْ الْمَجَازِ وَالتَّخْصِيصِ بِذَلِكَ النَّوْعِ7.

وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ 8 وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} 9.

وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى: {فِيهَا 10 فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} 11 لأَنَّ فَاكِهَةً مُطْلَقٌ12

" وَلا تَخُصُّ13 عَادَةٌ عُمُومًا، وَلا تُقَيِّدُ" الْعَادَةُ "مُطْلَقًا" نَحْوُ:

1 انظر: المسودة ص142، نهاية السول 2/162، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/152، المحصول ج1ق3/197، الإحكام للآمدي 3/335، فواتح الرحموت 1/356، تيسير التحرير320.

2 ساقطة من ض.

3 ساقطة من ض ب.

4 الآية 90 من النحل.

5 في ب: قد ذكره.

6 ساقطة من ش.

7 شرح تنقيح الفصول ص219-220.

8 ساقطة من ع ض ب ز.

9 لآية 98 من البقرة، وأول الآية {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} . الآية

10 ساقطة من ع ض ب ز.

11 الآية 68 من الرحمن.

12 انظر" شرح تنقيح الفصول ص 220.

13 في ع ب: ولا تخصص.

ص: 387

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ1 الرِّبَا فِي الطَّعَامِ وَعَادَتُهُمْ الْبُرُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةِ2، خِلافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ3، وَلِهَذَا لا نَقْضَ بِنَادِرٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، قَصْرًا لِلْغَائِطِ عَلَى الْمُعْتَادِ، وَذَكَرَهُ4 الْقَاضِيَ فِي مَوَاضِعَ.

وَجْهُ الأَوَّلِ: الْعُمُومُ لُغَةً وَعُرْفًا، وَالأَصْلُ عَدَمُ مُخَصَّصٍ5.

وَفِي شَرْحِ الْعُنْوَانِ لابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ الصَّوَابَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْعَادَةِ الرَّاجِعَةِ إلَى الْفِعْلِ، وَالرَّاجِعَةِ إلَى الْقَوْلِ، فَيُخَصَّصُ بِالثَّانِيَةِ الْعُمُومُ لِسَبْقِ الذِّهْنِ عِنْدَ الإِطْلاقِ إلَيْهِ دُونَ الأُولَى، أَيْ6 إذَا تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ، وَ7لَكِنْ لَمْ

1 ساقطة من ش ع.

2 قال الشافعية: العادة التي كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقررها عليه الصلاة والسلام تخصص الدليل العام، نص على ذلك الغزالي والآمدي وأبو الحسين البصري، أما مطلق العادة والعرف فلا يخصص بها عند الشافعية، قال إمام الحرمين الجويني:"فالذي رآه الشافعي أن عرف المخاطبين لايوجب تخصيص لفظ الشارع""البرهان1/446".

"وانظر: المحصول ج1ق3/198، الإحكام للآمدي 2/324، المستصفى 2/111، تيسير التحرير 1/317، شرح تنقيح الفصول ص 211، مختصر ابن الحاجب 2/152، جمع الجوامع 2/34، نهاية السول 2/155، اللمع ص 22، مناهج العقول 2/154، المسودة ص 123، مختصر البعلي ص124، العدة 2/593، إرشاد الفحول ص161".

3 قال القرافي المالكي: "وعندنا العوائد مخصصة للعموم""شرح تنقيح الفصول ص211"، وقال ابن الحاجب:"الجمهور إن العادة.... ليس بمخصص""مختصر ابن الحاجب 2/152"، وقال الآمدي:"فقد اتفق الجمهور من العلماء على عمومه،..... وأن العادة لاتكون منزلة للعموم على تحريم المعتاد دون غيره خلافاً لأبي حنيفة". "الإحكام 2/334".

"وانظر"تيسير التحرير 1/317، إرشاد الفحول ص161، مختصر البعلي ص 124، المسودة ص 124، المعتمد 1/301، المحصول ج1ق3/199، فواتح الرحموت 1/345".

4 في ش: وذكر.

5 انظر: المسودة ص 124، مختصر ابن الحاجب 2/152.

في ض: المخصص.

6ساقطة من ض.

7 الواو ساقطة من ع ز.

ص: 388

يُقَرِّرْهَا1 رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.

"وَلا يُخَصُّ عَامٌّ بِمَقْصُودِهِ" عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالأَكْثَرِ، خِلافًا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ3

وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ4 لَمْسِ النِّسَاءِ مَا يُقْصَدُ مِنْهُنَّ غَالِبًا مِنْ الشَّهْوَةِ، ثُمَّ لَوْ عَمَّتْ خُصَّتْ5 بِهِ، وَخَصَّهُ حَفِيدُهُ أَيْضًا بِالْمَقْصُودِ6.

"وَلا" يُخَصُّ عَامٌّ "بِرُجُوعِ ضَمِيرٍ إلَى بَعْضِهِ" أَيْ بَعْضِ الْعَامِّ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَالشَّافِعِيَّةِ7.

وَعَنْهُ 8: بَلْ9 كَأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ10.

1 في زض ب: يقدرها.

2 وقال المجد ابن تيمية: "تخصيص العموم بالعادة بمعنى قصره على العمل المعتاد كثير المنفعة، وكذا قصره على الأعيان التي كان الفعل معتاداً فيها زمن التكلم""المسودة ص 125".

"وانظر: العدة 2/592، المسودة ص 123، فواتح الرحموت 1/345، إرشاد الفحول ص 161".

3 انظر: المسودة ص 132، القواعد والفوائد الأصولية ص 224، مختصر البعلي ص 124.

4 في ض: منه.

5 في ش: خصت.

6 انظر: المسودة ص 132، القواعد والفوائد الأصولية ص234، مختصر البعلي ص124.

7 وهو ما اختاره الآمدي وابن الحاجب والبيضاوي والقاضي عبد الجبار والتاج السبكي، وسبقت الإشارة إليه في آخر بحث العام "صفحة 262 وما بعدها".

"انظر: مختصر ابن الحاجب 2/153، المحصول ج1ق3/208، الإحكام للآمدي 3/326، جمع الجوامع 2/23، مناهج العقول 2/165، اللمع ص 22، شرح تنقيح الفصول 2/614، فواتح الرحموت 1/356، تيسير التحرير 1/320".

8أي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وهو اصطلاح عند الحنابلة.

9في ش: بل.

10 ما اختاره إمام الحرمين الجويني وأبو الحسين البصري المعتزلي، ونقله القرافي عن الشافعي، وهو مارجحه الكمال بن الهام.

"انظر نهاية السول 2/165، المحلي على جمع الجوامع 2/23، شرح تنقيح الفصول ص223، مناهج العقول 2/165، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/153، الإحكام للآمدي 2/326، فواتح الرحموت 1/256، تيسير التحرير 1 1/320، مختصر البعلي ص 124، المسودة ص138، المعتمد 1/306".

ص: 389

وَقِيلَ: بِالْوَقْفِ1.

مِثَالُ ذَلِكَ: قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} 2 ثُمَّ قَالَ {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ 3} 4 فَإِنَّ الْمُطَلَّقَاتِ يَعُمُّ الْبَوَائِنَ وَالرَّجْعِيَّاتِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ} عَائِدٌ إلَى الرَّجْعِيَّاتِ؛ لأَنَّ الْبَائِنَ لا يَمْلِكُ الزَّوْجُ رَدَّهَا5.

وَلَوْ وَرَدَ بَعْدَ6 الْعَامِّ حُكْمٌ لا يَأْتِي إلَاّ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الضَّمِيرِ، صَرَّحَ بِهِ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ7

1 اختار الوقف الإمام فخر الدين الرازي في "المحصول ج1ق3/210، ونقله الآمدي عن إمام الحرمين الجويني وأبي الحسين البصري، بينما نقل ابن الحاجب عنهما التخصيص.

"انظر: شرح تنقيح الفصول ص 223، المعتمد 1/206، مختصر ابن الحاجب 2/152، الإحكام للآمدي 2/326، تيسير التحرير 1 1/320، نهاية السول 2/165، مناهج العقول 2/165".

2 الآية 228 من البقرة.

3 في ض: بردهن في ذلك.

4 الآية 228 من البقرة.

5 انظر: شرح تنقيح الفصول 218، 223، المعتمد، 1/307، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/153، العدة 2/614، فواتح الرحموت 1/356، تيسير التحرير 1 1/320، اللمع ص 22، 25، مناهج العقول 2/165، المسودة ص 138، مختصر البعلي ص124، نهاية السول 2/165.

6 في ض: بعض.

7 انظر: شرح تنقيح الفصول ص 219، 223، المحصول ج1ق3/208، نهاية السول 2/165، المسودة ص128، مناهج العقول 2/165، الإحكام للآمدي 2/336.

ص: 390

وَمِثْلُهُ الرَّازِيّ بِقَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} 1 ثُمَّ قَالَ: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ} 2 يَعْنِي الرَّغْبَةَ فِي مُرَاجَعَتِهِنَّ، وَالْمُرَاجَعَةُ لا تَأْتِي فِي الْبَائِنِ3.

وَجْهُ الأَوَّلِ: أَنَّ الْمَظْهَرَ عَامٌّ، وَالأَصْلَ بَقَاؤُهُ، فَلا يَلْزَمُ مِنْ تَخْصِيصِ الْمُضْمَرِ تَخْصِيصُهُ4.

قَالُوا: يَلْزَمُ وَإِلَاّ لَمْ يُطَابِقْهُ5.

رُدَّ، لا يَلْزَمُ كَرُجُوعِهِ مَظْهَرًا6، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1 الآية الأولى من الطلاق.

2 الآية الأولى من الطلاق.

3 انظر: المحصول ج1ق3/209، نهاية السول 2/166، شرح تنقيح الفصول ص223، المعتمد 1/306.

4 انظر: نهاية السول 2/116، العضد على ابن الحاجب2/153، مناهج العقول 2/166.

5 انظر: شرح تنقيح الفصول ص224، نهاية السول 2/166.

6 انظر: نهاية السول2/166.

ص: 391