المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب التخصيص: بِالتَّنْوِينِ1 "التَّخْصِيصُ" وَتَتَوَقَّفُ مَعْرِفَتُهُ عَلَى بَيَانِ الْمُخَصِّصِ -بِكَسْرِ الصَّادِ- - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ٣

[ابن النجار الفتوحي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌باب الأمر

- ‌فصل الأمر حقيقة في الوجوب

- ‌باب النهي:

- ‌باب العام:

- ‌فصل العام بعد تخصيصه:

- ‌فصل إطلاق جمع المشترك على معانيه

- ‌فَصْلٌ لَفْظُ الرِّجَالِ وَالرَّهْطِ لا يَعُمُّ النِّسَاءَ وَلا الْعَكْسَ:

- ‌فصل القران بين شيئين لفظا لا يقتضي التسوية بينهما حكما

- ‌باب التخصيص:

- ‌فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْمُخَصَّصِ الْمُتَّصِلِ

- ‌فصل المخصص المتصل الثالث الصفة

- ‌فصل المخصص المتصل الرابع الغاية:

- ‌فصل تخصيص الكتاب ببعضه وتخصيصه بالسنة مطلقا

- ‌فصل تقديم الخاص على العام مطلقا

- ‌باب المطلق:

- ‌بَابُ الْمُجْمَلِ:

- ‌بَابُ الْمُبَيَّنِ:

- ‌باب الظاهر:

- ‌بَابُ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ:

- ‌فصل إذا خص نوع بالذكر مما لا يصح لمسكوت عنه فله مفهوم:

- ‌فَصْلٌ: كَلِمَةُ إنَّمَا:

- ‌بَابٌ النسخ:

- ‌فصل يجوز نسخ التلاوة دون الحكم ونسخ الحكم دون التلاوة ونسخهما معا:

- ‌فَصْلٌ يَسْتَحِيلُ تَحْرِيمُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى:

الفصل: ‌ ‌باب التخصيص: بِالتَّنْوِينِ1 "التَّخْصِيصُ" وَتَتَوَقَّفُ مَعْرِفَتُهُ عَلَى بَيَانِ الْمُخَصِّصِ -بِكَسْرِ الصَّادِ-

‌باب التخصيص:

بِالتَّنْوِينِ1 "التَّخْصِيصُ" وَتَتَوَقَّفُ مَعْرِفَتُهُ عَلَى بَيَانِ الْمُخَصِّصِ -بِكَسْرِ الصَّادِ- وَالْمُخَصَّصِ - بِفَتْحِهَا.

فَأَمَّا التَّخْصِيصُ2: فَرَسَمُوهُ بِأَنَّهُ "قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَجْزَائِهِ3".

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ قَالَ "عَلَى بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ" فَإِنَّ مُسَمَّى الْعَامِّ جَمِيعُ مَا يَصْلُحُ لَهُ اللَّفْظُ، لا بَعْضُهُ.

وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ تَبَعًا لِجَمْعِ الْجَوَامِعِ: هُوَ قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ4، فَخَرَجَ تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ، لأَنَّهُ قَصْرٌ مُطْلَقٌ، لا عَامٌّ، كَرَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ. وَكَذَا الإِخْرَاجُ مِنْ الْعَدَدِ، كَعَشْرَةٍ إلَاّ ثَلاثَةً، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَدَخَلَ مَا عُمُومُهُ بِاللَّفْظِ كَـ {اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 5 قَصْرٌ بِالدَّلِيلِ عَلَى غَيْرِ6 الذِّمِّيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ عُصِمَ بِأَمَانٍ، وَمَا عُمُومُهُ بِالْمَعْنَى، كَقَصْرِ عِلَّةِ الرِّبَا فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مَثَلاً. بِأَنَّهُ يَنْقُصُ إذَا جَفَّ عَلَى غَيْرِ الْعَرَايَا7.

1 ساقطة من ش ز.

2 في ض: فأما التنوين، وفي ش ز: وأما التخصيص.

3 انظر: مختصر البعلي ص116.

4 جمع الجوامع 2/2.

5 الآية 5 من التوبة.

6 ساقطة من ش ز.

7 ورد استثناء العرايا من الربا في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك وأحمد والدارمي عن سهل بن أبي حثمة وغيره بألفاظ كثيرة، مرفوعا.

انظر: صحيح البخاري 2/15 المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 10/195، سنن أبي داود 2/226، تحفة الأحوذي 4/418، سنن النسائي 7/233، سنن ابن ماجه 2/761، الموطأ ص383، 386 ط الشعب، سنن الدارمي 2/252، مسند أحمد3/360، 5/190، 364.

ص: 267

وَالْمُرَادُ مِنْ قَصْرِ الْعَامِّ: قَصْرُ حُكْمِهِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ1 "الْعَامِّ" بَاقِيًا2 عَلَى عُمُومِهِ، لَكِنْ لَفْظًا لا حُكْمًا، فَبِذَلِكَ يَخْرُجُ إطْلاقُ3 الْعَامِّ وَإِرَادَةُ الْخَاصِّ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَصْرُ إرَادَةِ لَفْظِ الْعَامِّ، لا قَصْرُ حُكْمِهِ.

وَقَدْ وَرَدَ4 عَلَى تَعْرِيفِ التَّخْصِيصِ: أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ تَخْصِيصًا بِدَلِيلٍ عَامٍّ، لا5 قَصْرُ الْعَامِّ بِدَلِيلِهِ.

وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْكَلامَ فِي التَّخْصِيصِ الشَّرْعِيِّ فَالتَّقْدِيرُ6 قَصْرُ الشَّارِعِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، فَأُضِيفَ الْمَصْدَرُ إلَى مَفْعُولِهِ، وَحُذِفَ الْفَاعِلُ لِلْعِلْمِ بِهِ7.

"وَيُطْلَقُ" التَّخْصِيصُ "عَلَى قَصْرِ لَفْظٍ غَيْرِ عَامٍّ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّاهُ" أَيْ مُسَمَّى ذَلِكَ اللَّفْظِ "كَ" إطْلاقِ "عَامٍّ عَلَى غَيْرِ لَفْظٍ عَامٍّ" كَعَشَرَةٍ وَمُسْلِمِينَ

1 في ب: لفظه.

2 في ب: باق.

3 في ش: الخلاف.

4 في ز ض ع ب: أورد.

5 في ز: فلم لا قيل. وفي ب ض د ع: فلم لا قال.

6 في ش: بالتقدير.

7 انظر في تعريف التخصيص "المحصول ج1 ق3/7، الإحكام للآمدي 2/281، كشف الأسرار 1/306، نهاية السول 2/90، 94، المعتد 1/250، 251، شرح تنقيح الفصول ص51، البرهان 1/400، مختصر ابن الحاجب 1/129، البناني على جمع الجوامع 2/2، مختصر البعلي ص116، العدة 1/155، مختصر الطوفي ص107، فواتح الرحموت 1/100، 300، تيسير التحرير 1/282، الحدود للباجي ص44، اللمع ص18، شرح الورقات ص101، إرشاد الفحول ص142، مباحث الكتاب والسنة ص206، تفسير النصوص 2/78".

ص: 268

لِلْعَهْدِ1.

قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ: وَيُطْلَقُ التَّخْصِيصُ عَلَى قَصْرِ اللَّفْظِ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا بِالاصْطِلاحِ كَإِطْلاقِ الْعَشَرَةِ عَلَى بَعْضِ آحَادِهَا، وَكَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى اللَّفْظِ عَامٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا لِتَعَدُّدِهِ، كَعَشَرَةٍ وَالْمُسْلِمِينَ الْمَعْهُودِينَ، لا الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا، وَإِلَاّ كَانَ عَامًّا اصْطِلاحًا.

"وَيَجُوزُ" التَّخْصِيصُ "مُطْلَقًا" عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَالأَكْثَرُ، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُّ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا أَوْ خَبَرًا2، خِلافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَبَعْضِ الأُصُولِيِّينَ فِي الْخَبَرِ3، وَعَنْ بَعْضِهِمْ وَ4 فِي الأَمْرِ5.

وَاسْتَدَلَّ لِلأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الصَّحِيحُ بِأَنَّ التَّخْصِيصَ اُسْتُعْمِلَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ6.

1 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/130، التمهيد ص109.

2 اشترط الحنفية في تخصيص العام أن يكون مقارناً له، ولا يصح أن يكون متراخياً، وإلا كان نسخاً.

انظر هذه المسألة في "المستصفى 2/98، المحصول ج1 ق3/14، الإحكام للآمدي 2/282، التبصرة ص143، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/130، المعتمد 1/255، مختصر البعلي ص116، العدة 2/595، المسودة ص130، الروضة 2/243، مختصر الطوفي ص107، اللمع ص18، فواتح الرحموت 1/301، كشف الأسرار 1/307، إرشاد الفحول ص143".

3 انظر: فواتح الرحموت 1/301، كشف الأسرار 1/307، تيسير التحرير 1/275، العدة 2/595، المسودة ص130، مختصر البعلي ص116، اللمع ص18، التبصرة ص143، المعتمد 1/255، المحصول ج1 ق3/15، الإحكام للآمدي 2/282.

4 ساقطة من ش ز.

5 نقل أكثر الأصوليين الإجماع على جواز التخصيص في الأمر، ونقل الرازي والبيضاوي وابن الحاجب الخلاف في ذلك.

"انظر: التبصرة ص143 هامش، فواتح الرحموت 1/301".

6 انظر: المعتمد 1/255، العضد على ابن الحاجب 2/130، المحصول ج1 ق3/14، الإحكام للآمدي 2/282، المستصفى 2/98، فواتح الرحموت 1/301.

ص: 269

قَالَ الْمُخَالِفُ1: يُوهِمُ فِي الْخَبَرِ الْكَذِبَ، وَفِي الأَمْرِ الْبَدَاءَ2.

رَدًّا3 بِالْمَنْعِ4.

وَيَرُدُّ ذَلِكَ كُلَّهُ وُرُودُ مَا هُوَ مَخْصُوصٌ قَطْعًا5، نَحْوُ قَوْله تَعَالَى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} 6 {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} 7 {يُجْبَى إلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} 8 {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} 9 {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} 10 وَفِي الأَمْرِ {اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 11 وَفِي النَّهْيِ {لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} 12 مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْبَانِ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ قَطْعًا، بَلْ قَالُوا:

1 في ض: المخالفون.

2 البداء هو ظهور المصلحة بعد خفائها.

"وانظر: نهاية السول 2/96، المحصول ج1 ق3/15، كشف الأسرار 1/307، فواتح الرحموت 1/301، تيسير التحرير 1/275، منهاج العقول 2/94، إرشاد الفحول ص144".

3 في ز ع ض: رد.

4 قال الإسنوي معيناً المنع: "لأنا نعلم أن اللفظ في الأصل يحتمل التخصيص، فقيام الدليل على وقوعه مبين المراد، وإنما يلزم البداء، أو الكذب أن لو كان المخرج مراداً""نهاية السول 2/96".

"وانظر: المحصول ج1 ق3/15، كشف الأسرار 1/307، تيسير التحرير 1/275، منهاج العقول 2/94، إرشاد الفحول ص144".

5 انظر: منهاج العقول 2/94، المستصفى 2/99، الإحكام للآمدي 2/283، نهاية السول 2/96.

6 الآية 62 من الزمر.

7 الآية25 من الأحقاف.

8 الآية 57 من القصص.

9 الآية 23 من النمل.

10 الآية 84 من الكهف.

11 الآية 5 من التوبة.

12 الآية 222 من البقرة.

ص: 270

لا عَامَّ إلَاّ وَطَرَقَهُ التَّخْصِيصُ إلَاّ مَوَاضِعَ يَسِيرَةً1.

وَ2يَجُوزُ التَّخْصِيصُ "وَلَوْ لِعَامٍّ مُؤَكَّدٍ3" إذْ تَأْكِيدُهُ لا يَمْنَعُ تَخْصِيصَهُ عَلَى أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ4، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى:{فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ} 5 إذَا قَدَّرَ مُتَّصِلاً، وَفِي الْحَدِيثِ "فَأَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إلَاّ أَبَا قَتَادَةَ"6.

وَيَجُوزُ التَّخْصِيصُ مُطْلَقًا "إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ" فَقَطْ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ، قَالَهُ

1 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/130، الإحكام للآمدي 2/282، نهاية السول 2/96، المستصفى 2/99، منهاج العقول 2/94، الروضة 2/242، نزهة الخاطر 2/159، مختصر الطوفي ص107، مختصر البعلي ص116، إرشاد الفحول ص143.

2 ساقطة من ش ض.

3 في ب: بكلام مؤكد.

4 انظر: التمهيد ص110، المحصول ج1 ق3/12.

5 الآية 30-31 من الحجر، والآية 73-74 من سورة ص.

6 هو الصحابي الحارث بن ربعي، وقيل: اسمه النعمان، أبو قتادة، الأنصاري الخزرجي السلمي، فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، اختلف علماء السير في شهوده بدراً، وشهد أحداً وما بعدها من المشاهد، وأرسله عليه الصلاة والسلام في عدة سرايا، وأبلى في الجهاد والقتال بلاء حسناً، وروى مسلم عن سلمة بن الأكوع مرفوعاً "خير فرساننا أبو قتادة" وكان من سادات الأنصار، وروى مائة وسبعين حديثاً، توفي بالمدينة سنة 54هـ، وله سبعون سنة، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "الإصابة 7/155 المطبعة الشرفية، أسد الغابة 6/250، الخلاصة 3/238 مطبعة الفجالة الجديدة، مشاهير علماء الأمصار ص14".

والحديث ورد في عمرة القضية بعد صلح الحديبية، قال أبو قتادة:"فاحرم أصحابي غيري""انظر: المغازي لابن إسحاق 2/733". ورواه البخاري بلفظ "فاحرموا كلهم إلا أبا قتادة لم يحرم""صحيح البخاري 1/225، المطبعة العثمانية، كتاب الحج، باب لا يشير المحرم إلى الصيد".

وروى مسلم بلفظ "أحرموا كلهم إلا أبا قتادة فإنه لم يحرم""صحيح مسلم بشرح النووي 8/109".

"وانظر: زاد المعاد 2/164، تحقيق أرناؤوط، سنن أبي داود 1/428".

ص: 271

أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ1.

وَمَنَعَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ: مِنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ2.

وَالْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ: إنْ3 كَانَ لَفْظُهُ جَمْعًا4.

وَالْقَاضِي وَوَلَدُ الْمَجْدِ وَجَمْعٌ: لا بُدَّ أَنْ يَبْقَى كَثْرَةٌ وَإِنْ لَمْ تُقَدَّرْ5.

1 وهو المختار عند الحنفية.

"انظر: فتح الغفار 1/108، تيسير التحرير 1/326، المسودة ص116، الروضة 2/240، العدة 2/544، مختصر البعلي ص116، التمهيد ص112، منهاج العقول 2/99، الإحكام للآمدي 2/283، جمع الجوامع 2/3، فواتح الرحموت 1/306، نهاية السول 2/100، التبصرة ص125، اللمع ص18، شرح تنقيح الفصول ص224، المعتمد 1/254، إرشاد الفحول ص144، المحصول ج1 ق3/16، الإحكام للآمدي 2/283".

2 أي يمنع أن ينقص العام بعد التخصيص عن أقل الجمع، وهو قول الغزالي وذكره الجويني عن الأكثرين، وقال به فخر الإسلام البردوي والنسفي وصدر الشريعة وأبو بكر الرازي من الحنفية.

"انظر: فتح الغفار 1/108، فواتح الرحموت 1/306، العضد على ابن الحاجب 2/131، المحصول ج1 ق3/16، الإحكام للآمدي 2/283، جمع الجوامع 3/2، المعتمد 1/253، شرح تنقيح الفصول ص224، التبصرة ص125، اللمع ص18، المسودة ص117، الروضة 2/240، التمهيد ص112، نهاية السول 2/100، العدة 2/544، مختصر البعلي ص117، إرشاد الفحول ص144".

3 في ض: إذ.

4 يرى القفال أنه يجوز التخصيص إلى أن ينتهي إلى أقل المراتب التي ينطلق عليها ذلك اللفظ المخصوص مراعاة لمدلول الصيغة، فإن كان جمعاً فيجوز تخصيصه إلى ثلاثةٍ، وإن كان غير الجمع كمن وما فيجوز تخصيصها إلى الواحد وأخذ بهذا القول ابن السبكي.

"انظر: التمهيد ص112، منهاج العقول 2/97، الإحكام للآمدي 2/283، المحصول ج1 ق3/16، المعتمد 1/254، جمع الجوامع 2/3، إرشاد الفحول ص144".

5 وهذا اختيار الغزالي والرازي وأكثر المعتزلة، وذكره الآمدي وابن الحاجب عن الأكثرين، وذلك بان يبقى عدد غير محصور.

انظر: هذا القول مع أدلته ومناقشتها في "نهاية السول 2/100، التبصرة ص125 هامش، شرح تنقيح الفصول ص224، المعتمد 1/254، منهاج العقول 2/97، المحصول ج1 ق3/16، المسودة ص117".

ص: 272

وَابْنُ حَمْدَانَ وَطَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ1: تُقَرِّبُ مِنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ2.

وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِاسْتِثْنَاءٍ وَبَدَلٍ إلَى وَاحِدٍ، وَبِمُتَّصِلٍ وَصِفَةٍ، وَمُنْفَصِلٍ فِي مَحْصُورِ قَلِيلٍ إلَى اثْنَيْنِ، وَغَيْرِ الْمَحْصُورِ وَالْعَدَدِ الْكَثِيرِ، كَالْمَجْدِ3.

وَمَا فِي الْمَتْنِ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَأَصْحَابِهِ.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا.

قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ4. وَكَذَا قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ.

قَالَ ابْنُ بُرْهَانٍ: هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ5.

قَالَ6 الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ.

وَحَكَى الْجُوَيْنِيُّ إجْمَاعَ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى ذَلِكَ فِي "مَنْ" وَ "مَا " وَنَحْوِهِمَا7.

1 في ض: كثرة.

2 أي يقرب من مدلول اللفظ العام، وقال الشوكاني:"وإليه ميل الأكثر""إرشاد الفحول ص144".

"وانظر: مختصر البعلي ص117، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/130، جمع الجوامع 2/3".

3 قال ابن الحاجب في غير المحصور والعدد: لا بد في التخصيص من بقاء جمع يقرب من مدلول العام، كما قال ابن حمدان وطائفة، وليس كما يقول المجد. "انظر: مختصر ابن الحاجب 2/130".

وتوقف الآمدي في المسألة، وقال بعض الحنفية إن منتهى التخصيص جمع يزيد على النصف.

"انظر: تيسير التحرير 1/326، الإحكام للآمدي 2/284، جمع الجوامع 2/3، فواتح الرحموت 1/306، نهاية السول 2/101، التبصرة ص125".

4 في ش ز: جماعة، والأعلى من ض والمسودة، انظر النص في "المسودة ص117".

5 في ز ض ع ب: المنصور.

6 ساقطة من ض.

7 انظر: شرح تنقيح الفصول ص224.

ص: 273

وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ1، وَحَكَاهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ عَنْ مُعْظَمِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

وَاسْتَدَلَّ لِلْقَوْلِ الصَّحِيحِ بِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ التَّخْصِيصُ الْمَذْكُورُ لَكَانَ الامْتِنَاعُ: إمَّا لأَنَّهُ مَجَازٌ، أَوْ لاسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ2.

وَاعْتُرِضَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَنْعَ لِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِ لُغَةٌ3.

وَجَوَابُهُ بِالْمَنْعِ، ثُمَّ لا فَرْقُ4.وَأَيْضًا: أَكْرِمْ النَّاسَ إلَاّ الْجُهَّالَ5.

وَاعْتُرِضَ6 عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خَصَّ بِالاسْتِثْنَاءِ7.

وَجَوَابُهُ الْمَعْرُوفُ التَّسْوِيَةُ، ثُمَّ8 لا فَرْقَ9.

وَاسْتَدَلَّ بِقَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ} 10 وَأُرِيدَ بِهِ11 نُعَيْمُ بْنُ

1 انظر: التبصرة ص125، اللمع ص18.

2 في ز ض ع ب: موضوعه.

3 انظر: المعتمد 1/255، المحصول ج1 ق3/17، الإحكام للآمدي 2/285، العدة 2/546.

4 انظر: العدة 2/546

5 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/131.

6 في ش: فاعترض.

7 أي إن جواز التخصيص بالاستثناء، ولايعم بقية المخصصات.

"انظر: العضد على ابن الحاجب 2/131".

8 ساقطة من ض.

9 قال العضد: "والفرق قائم""انظر العضد على ابن الحاجب 2/131".

10 الآية 173 من آل عمران.

11 ساقطة من ض ز ع ب.

ص: 274

مَسْعُودٍ1.

رُدَّ لَيْسَ2 بِعَامٍّ، لأَنَّهُ الْمَعْهُودُ3.

وَاسْتَدَلَّ بِقَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 4.

أُجِيبَ: أَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَيْهِ لِلتَّعْظِيمِ. وَمَحِلُّ النِّزَاعِ فِي الإِخْرَاجِ مِنْهُ5.

وَاسْتَدَلَّ بِجَوَازِ قَوْلِهِ6: أَكَلْت الْخُبْزَ وَشَرِبْت الْمَاءَ، لأَقَلِّ شَيْءٍ مِنْهُمَا7.

رَدَّ، الْمُرَادُ بَعْضُ مُطَابِقٍ لِمَعْهُودٍ ذِهْنِيٍّ8.

الْقَائِلَ بِأَقَلِّ الْجَمْعِ مَا سِيقَ فِيهِ.

1 انظر: نهاية السول 2/101، التبصرة ص125، شرح تنقيح الفصول 225، منهاج العقول 2/101، مختصر ابن الحاجب2/131، فواتح الرحموت 1/306، فتح الغفار 1/109، تيسير التحرير 1/328، إرشاد الفحول ص145.

2 في ش: وليس.

3 في ش: المعهود.

وانظر: منهاج العقول 2/101، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/131، فواتح الرحموت 1/306، تيسير التحرير 1/328، إرشاد الفحول ص145.

4 الآية 9 من الحجر.

"وانظر: المعتمد 1/255، مختصر ابن الحاجب 2/130، المحصول ج1 ق3/18، الإحكام للآمدي 2/284".

5 انظر: شرح تنقيح الفصول ص224، 225، المعتمد 1/225، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/130، 131، الإحكام للآمدي 2/284.

6 ساقطة من ض ب.

7 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/131، الإحكام للآمدي 2/85، إرشاد الفحول ص145.

8 أي إن "الخبز" و "الماء" في المثال ليس بعام بل هو للبعض الخارجي المطابق للمعهود الذهني، وهو الخبز والماء المقرر في الذهن أنه يؤكل ويشرب.

"انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/131، الإحكام للآمدي 2/285، إرشاد الفحول ص145".

ص: 275

رَدَّ لَيْسَ1 الْجَمْعُ بِعَامٍّ لِيُطْلَقَ الْعَامُّ عَلَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ2.

"وَلا تَخْصِيصَ إلَاّ فِيمَا لَهُ شُمُولٌ حِسًّا" نَحْوُ: جَاءَنِي الْقَوْمُ "أَوْ حُكْمًا" نَحْوُ اشْتَرَيْتُ الْعَبْدَ3.

قَالَ الْعَسْقَلانِيُّ4: لا يَسْتَقِيمُ التَّخْصِيصُ إلَاّ بِمَا فِيهِ مَعْنَى الشُّمُولِ، وَيَصِحُّ تَوْكِيدُهُ بِكُلٍّ، لِيَكُونَ ذَا أَجْزَاءٍ5 يَصِحُّ اقْتِرَانُهُمَا6 إمَّا حِسًّا كَ {اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 7 أَوْ حُكْمًا، كَاشْتَرَيْت الْجَارِيَةَ كُلَّهَا، لإِمْكَانِ افْتِرَاقِ8 أَجْزَائِهَا9.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: التَّخْصِيصُ وَالنَّسْخُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ أَفْعَالَنَا الْوَاقِعَةَ فِي الأَزْمَانِ وَالأَعْيَانِ فَقَطْ. وَالْفُقَهَاءُ وَالْمُتَكَلِّمُونَ تُكَلِّمُونَ أَكْثَرُوا الْقَوْلَ بِأَنَّ النَّسْخَ10 يَتَنَاوَلُ الأَزْمَانَ فَقَطْ، وَالتَّخْصِيصُ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ، وَإِنَّمَا يَسْتَعْمِلُهُ11 الْمُحَصِّلُونَ تَجَوُّزًا12.

1 في ش: رداً إذ ليس.

2 انظر مزيداً من ادلة جواز التخصيص إلى أن يبقى واحد في "الروضة2/240".

3 انظر: منهاج العقول 2/92، نهاية السول 2/95، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/130، المحصول ج1 ق3/12، الإحكام للآمدي 2/282، جمع الجوامع 2/2.

4 هو علاء الدين بن علي بن محمد الكناني العسقلاني الحنبلي الذي شرح "مختصر الطوفي" في الأصول، وتقدمت ترجمته في "المجلد الأول ص89".

5 في ش: إذا أجزى.

6 في ش: اقترانهما.

7 الآية 5 من التوبة.

8 في ع ب: اقتران.

9 انظر: المعتمد 1/253، العضد على ابن الحاجب 2/130، اللمع ص23.

10 في ض: بالنسخ.

11 في ض: يتناوله.

12 يفرق الحنفية بينهما بأمر مهم، وهو أن التخصيص يكون متصلاً بالعام، وأن النسخ يكون متراخياً عنه، وذكر الشوكاني عشرين وجهاً للتفريق بينهما.

انظر الفرق بين النسخ والتخصيص في "كشف الأسرار 3/209، التلويح على التوضيح 2/281، العضد على ابن الحاجب 2/130، المحصول ج1 ق3/9، فواتح الرحموت 1/310، شرح تنقيح الفصول ص230، المعتمد 1/251، منهاج العقول 2/91، اللمع ص18، نهاية السول 2/94، 149، إرشاد الفحول ص142 وما بعدها، مباحث الكتاب والسنة ص207".

ص: 276

"وَالْمُخَصَّصُ" هُوَ "الْمَخْرَجُ، وَهُوَ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ" الإِخْرَاجَ1.

وَ2 لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلامِ عَلَى التَّخْصِيصِ أَخَذَ فِي الْكَلامِ عَلَى الْمُخَصِّصِ -بِكَسْرِ الصَّادِ- وَهُوَ حَقِيقَةً: فَاعِلُ التَّخْصِيصِ الَّذِي هُوَ الإِخْرَاجُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى إرَادَتهِ3 الإِخْرَاجِ، لأَنَّهُ إنَّمَا يُخَصَّصُ4 بِالإِرَادَةِ فَأُطْلِقَ عَلَى نَفْسِ الإِرَادَةِ مُخَصِّصًا، حَتَّى قَالَ الرَّازِيّ5 وَأَتْبَاعُهُ: إنَّ حَقِيقَةَ التَّخْصِيصِ هُوَ الإِرَادَةُ6.

"وَيُطْلَقُ" الْمُخَصِّصُ "مَجَازًا عَلَى الدَّلِيلِ" الدَّالِّ عَلَى الإِرَادَةِ "وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا" فَإِنَّهُ الشَّائِعُ7 فِي الأُصُولِ حَتَّى صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً8.

"وَهُوَ" أَيْ الْمُخَصِّصُ قِسْمَانِ:

قِسْمٌ "مُنْفَصِلٌ" وَهُوَ مَا يَسْتَقِلُّ9 بِنَفْسِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُرْتَبِطًا بِكَلامٍ آخَرَ10 "وَ11 مِنْه" أَيْ وَ12 مِنْ الْقِسْمِ الْمُنْفَصِلِ

1 وهذا اختيار الفخر الرازي وابن برهان، وقال أبو الحسين البصري:"إن المخصص هو إما الدليل وأما إرادة المتكلم""المعتمد 1/256".

"انظر: المحصول ج1 ق3/8، منهاج العقول 2/92، نهاية السول 2/95، 113، مختصر البعلي ص117، مختصر الطوفي ص107، إرشاد الفحول ص145".

2 ساقطة من ز ض ع ب.

3 في ش: إرادة.

4 في ب: يخص.

5 في ش: البرماوي.

6 انظر: المعتمد 1/256، المحصول ج1 ق3/8، إرشاد الفحول ص145.

7 في ش: المتتابع.

8 فيقال المخصصات، ويراد منها أدلة التخصيص.

"انظر: المحصول ج1 ق3/8، منهاج العقول 2/92، نهاية السول 2/95، 113، المعتمد 1/256، مختصر البعلي ص117، مختصر الطوفي ص107، إرشاد الفحول ص142، 145".

9 في ش: استعمل.

10 انظر: جمع الجوامع 2/24، منهاج العقول 2/112، المعتمد 2/112، المعتمد 1/283، فواتح الرحموت 1/316، نهاية السول 2/113، 141، مختصر البعلي ص117.

11 ساقطة من ش.

12 ساقطة من ش.

ص: 277

"الْحِسِّ 1 " نَحْوُ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى:2 {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} 3 وقَوْله تَعَالَى: {يُجْبَى إلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} 4 وقَوْله تَعَالَى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} 5. وقَوْله تَعَالَى: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إلَاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} 6.

وَالْمُرَادُ بِالْحِسِّ الْمُشَاهَدَةُ، وَنَحْنُ نُشَاهِدُ أَشْيَاءَ كَانَتْ حِينَ7 الرِّيحِ لَمْ تُدَمِّرْهَا وَلَمْ تَجْعَلْهَا كَالرَّمِيمِ، كَالْجِبَالِ وَنَحْوِهَا، وَنَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَمْ تُجْبَ إلَيْهِ ثَمَرَاتُهُ، وَأَنَّ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً لَمْ تُؤْتَ مِنْهَا بِلْقِيسُ8 فِي قَوْله تَعَالَى:{وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} 9.

ثُمَّ هَاهُنَا بَحْثَانِ:

الأَوَّلُ: أَنَّ10 هَذِهِ الأَمْثِلَةَ لا تَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ بِالْحِسِّ11،

1 الحس هو الدليل المأخوذ من الرؤية البصرية أو السمع أو الذوق أو الشتم، من إطلاق أحد الحواس وإرادة الكل.

"انظر: شرح تنقيح الفصول ص215، المحصول ج1 ق3/115، الإحكام لابن حزم 1/342، الإحكام للآمدي 2/317، المستصفى 2/99، جمع الجوامع 2/24، نهاية السول 2/141، منهاج العقول 2/139، الروضة 2/343، مختصر البعلي ص113، مختصر الطوفي ص107، إرشاد الفحول ص157، مباحث الكتاب والسنة ص213".

2 ساقطة من ش.

3 الآية 25 من الأحقاف، وفي ز:"تدمر كل شيء".

4 الآية 57 من القصص.

5 الآية 23 من النمل.

6 الآية 42 من الذاريات.

7 ساقطة من ش ز.

8 انظر المراجع السابقة في هامش 8.

9 الآية 23 من النمل.

10 في ش: في.

11 في ش: بالجنس.

ص: 278

فَقَدْ يُدَّعَى1 أَنَّهَا مِنْ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ2.

الثَّانِي: أَنَّ مَا كَانَ خَارِجًا بِالْحِسِّ3 فَقَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى يَخْرُجَ، كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي التَّخْصِيصِ4 بِالْعَقْلِ5.

"وَ" مِنْ التَّخْصِيصِ بِالْمُنْفَصِلِ أَيْضًا "الْعَقْلُ" ضَرُورِيًّا كَانَ أَوْ نَظَرِيًّا6.

فَمِثَالُ الضَّرُورِيِّ: نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} 7 فَإِنَّ الْعَقْلَ قَاضٍ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ نَفْسَهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ8.

1 في ش: يراعى.

2 وهو رأي الزركشي كما نقله الشوكاني.

"انظر: إرشاد الفحول ص157، نزهة الخاطر 2/160".

3 في ش: بالجنس.

4 ساقطة من ش.

5 انظر: الروضة 2/244، نزهة الخاطر 2/160، مختصر الطوفي ص107.

6 منعت طائفة من العلماء التخصيص بالعقل، لأن المخصص يتأخر، ولأنه يلزم منه جواز النسخ بالعقل، ولأنه يؤدي للتعارض مع الشرع، وقد رد الغزالي والآمدي والعضد وغيرهم على هذه الحجج، وقال الفخر الرازي:"ومنهم من نازع في تخصيص العام بدليل العقل، والأشبه عندي أنه لا خلاف في المعنى، بل في اللفظ""المحصول ج1 ق3/111" وقال الغزالي: "وهو نزاع في العبارة""المستصفى 2/100".

"وانظر: تيسير التحرير 1/273، العدة 2/547، الإحكام للآمدي 2/314، المستصفى 2/99، جمع الجوامع 2/24، البرهان 1/408، المعتمد 1/272، شرح تنقيح الفصول ص202، فواتح الرحموت 1/301، الروضة 2/244، المسودة ص118، نهاية السول 2/141، اللمع ص19، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/147، مختصر البعلي 122، مختصر الطوفي ص107، مباحث الكتاب والسنة ص212، إرشاد الفحول ص156".

7 الآية 16 من الرعد، والآية 62 من الزمر، وفي ش:"كل شيء".

8 انظر: نهاية السول 2/141، الإحكام للآمدي 2/314، المستصفى 2/99، جمع الجوامع 2/24، منهاج العقول 2/139، العدة 2/548، مختصر ابن الحاجب 2/147، المحصول ج1 ق3/111، شرح تنقيح الفصول ص202، اللمع ص19، إرشاد الفحول ص156، فواتح الرحموت 1/301.

ص: 279

وَمِثَالُ النَّظَرِيِّ: نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً} 1 فَإِنَّ الْعَقْلَ بِنَظَرِهِ اقْتَضَى عَدَمَ دُخُولِ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ بِالتَّكْلِيفِ بِالْحَجِّ، لِعَدَمِ فَهْمِهِمَا2، بَلْ هُمَا مِنْ جُمْلَةِ الْغَافِلِينَ الَّذِينَ هُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِخِطَابِ التَّكْلِيفِ3.

وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: مَنَعَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ الأَفْرَادِ بِالْعَقْلِ مِنْ بَابِ التَّخْصِيصِ، وَإِنَّمَا الْعَقْلُ اقْتَضَى عَدَمَ دُخُولِهِ فِي لَفْظِ الْعَامِّ، وَفَرَّقَ بَيْنَ عَدَمِ دُخُولِهِ فِي لَفْظِ الْعَامِّ، وَبَيْنَ خُرُوجِهِ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ4، وَهَذَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ مَا نَزَلَ مِنْ الْكِتَابِ عَامًّا5 يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ: إنَّ مِنْ الْعَامِّ الَّذِي لَمْ6 يَدْخُلْ خُصُوصُهُ قَوْله تَعَالَى: {اللَّهُ 7 خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} 8

1 الآية 97 من آل عمران.

2 في ش: فقههما.

3 انظر: مختصر ابن الحاجب 2/147، المحصول ج1 ق3/111، الإحكام للآمدي 2/314، المستصفى 2/100، فواتح الرحموت 1/301، نهاية السول 2/141، المعتمد 1/272، العدة 2/548، الروضة 2/244، مختصر الطوفي ص107، إرشاد الفحول ص156.

وفي ب: المكلفين.

4 يرى الشافعي أن ذلك من باب العام الذي أريد به الخصوص، قال الجويني:"أبى بعض الناس تسمية ذلك تخصيصاً، وهي مسألة قليلة الفائدة، ولست أراها خلافية""البرهان 1/409"، ثم الجويني إلى أنه نزاع في العبارة كما نقلناه عن الرازي والغزالي، وأنهم جعلوا ذلك بياناً، وقد يقال لهم: إن التخصيص بيان.

"انظر: المسودة ص118، الروضة 2/244، جمع الجوامع 2/25، المعتمد 1/272 وما بعدها، المحصول ج1 ق3/111، المستصفى 2/100، إرشاد الفحول ص156، مباحث الكتاب والسنة ص213".

5 في د ض ب: ما.

6 ساقطة من ب.

7 في ش: هو، وفي ض: إنه.

8 الآية 16 من الرعد، والآية 62 من الزمر.

ص: 280

{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إلَاّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} 1.قَالَ: فَهَذَا عَامٌّ لا خَاصٌّ2 فِيهِ، فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ سَمَاءٍ وَ3 أَرْضٍ وَذِي رُوحٍ وَشَجَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ4 تَعَالَى خَالِقُهُ، وَكُلُّ دَابَّةٍ فَعَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا، وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا5. اهـ.

"وَ" الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ التَّخْصِيصِ "مُتَّصِلٌ" وَهُوَ مَا لا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ، بَلْ مُرْتَبِطٌ بِكَلامٍ آخَرَ6.

"وَهُوَ" أَيْ الْمُتَّصِلُ "أَقْسَامٌ":

أَحَدُهَا: "اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ".

أَمَّا الاسْتِثْنَاءُ7 فَمَأْخُوذٌ مِنْ الثَّنْيِ8، وَهُوَ الْعَطْفُ، مِنْ قَوْلِهِ9: ثَنَيْتُ الْحَبْلَ أُثْنِيه10: إذَا عَطَفْت11 بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَقِيلَ: مِنْ ثَنَّيْته عَنْ الشَّيْءِ: إذَا صَرَفْته عَنْهُ

1 الآية 6 من هود.

2 في ش: الإخلاص.

3 في ض ع ب: أو.

4 في ش: فإن الله، والأعلى من ز ض ع ب، ومن "الرسالة".

5 الرسالة ص53-54.

وانظر: مناقشة هذه المسألة في "الروضة 2/244، نزهة الخاطر 2/160، والمراجع السابقة في الهامش 1".

6 انظر: المحلي على جمع الجوامع 2/9، نهاية السول 2/113، المعتمد 1/283، فواتح الرحموت 1/316، مختصر البعلي ص117، منهاج العقول 2/112.

7 في ض: الإنشاء.

8 في ض: الشيء.

9 في د: فقوله، وفي ز ض ب: نقول، وفي ع: تقول.

10 في ش: تثنيه.

11 في ش: عطف.

ص: 281

"وَهُوَ" أَيْ الاسْتِثْنَاءُ الْمُتَّصِلُ "إخْرَاجُ مَا" أَيْ إخْرَاجُ شَيْءٍ "لَوْلاهُ" أَيْ لَوْلا الاسْتِثْنَاءُ1 "لَوَجَبَ دُخُولُهُ" أَيْ دُخُولُ ذَلِكَ الشَّيْءِ "لُغَةً" أَيْ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ2.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ3: هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَالأَكْثَرِينَ4.

فَعَلَى هَذَا لا يَصِحُّ الاسْتِثْنَاءٌ 5 مِنْ النَّكِرَةِ، فَلا يُقَالُ: جَاءَنِي رِجَالٌ إلَاّ زَيْدًا، لاحْتِمَالِ أَنْ لا يُرِيدَ الْمُتَكَلِّمُ دُخُولَهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ6.

وَقِيلَ: إنَّ الاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجُ مَا لَوْلاهُ لَجَازَ دُخُولُهُ7.

فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ8 الاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّكِرَةِ وَسَلَّمَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ9.

1 في ض: استثناء.

2 انظر: المسودة ص159، 160، تخريج الفروع على الأصول ص67، شرح تنقيح الفصول ص256، القواعد والفوائد الأصولية ص246، مختصر الطوفي ص111، مختصر البعلي ص117.

3 في ش: التقي.

4 المسودة ص160، وانظر: القواعد والفوائد الأصولية ص246.

5 في ش: استثناء.

6 المسودة ص159، نهاية السول 2/113، منهاج العقول 2/112، العدة 2/673.

7 انظر هذا القول والاستثناء في "المساعد على التسهيل 1/548، نهاية السول 2/113، المعتمد 1/260، منهاج العقول 2/112، المستصفى 2/163، التمهيد ص114، نهاية السول 2/113، العدة 2/659، 673، التلويح على التوضيح 2/284، كشف الأسرار 1/121، جمع الجوامع 2/9، المحصول ج1 ق3/38، الإحكام للآمدي 2/287، المسودة ص159، 160، الروضة 2/252، القواعد والفوائد الأصولية ص245، 246، الإحكام لابن حزم 1/397، مختصر البعلي ص117، شرح الورقات ص109، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/132، شرح تنقيح الفصول ص237، 256".

8 في ش: لا يصح.

9 انظر: العدة 2/525، المسودة ص159، مختصر البعلي ص118.

ص: 282

وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: إنْ وُصِفَتْ النَّكِرَةُ صَحَّ الاسْتِثْنَاءُ مِنْهَا، وَإِلَاّ فَلا1.

وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: أَمَّا إذَا أَفَادَ الاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّكِرَةِ، كَاسْتِثْنَاءِ جُزْءٍ من2 مُرَكَّبٍ فَيَجُوزُ، نَحْوُ اشْتَرَيْتُ عَبْدًا إلَاّ رُبُعَهُ، أَوْ دَارًا إلَاّ سَقْفَهَا. فَالاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّكِرَةِ إذَا لَمْ يُفِدْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلاً. وَلا يَكُونُ مُنْقَطِعًا لأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لا يَدْخُلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ قَطْعًا.

وَقَوْلُهُ3 "بِإِلَاّ" مُتَعَلِّقٌ بِإِخْرَاجٍ، يَعْنِي أَنَّ الإِخْرَاجَ يَكُونُ بِإِلَاّ.

"أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا" أَيْ أَخَوَاتِ "إلَاّ".

وَأَدَوَاتُ الاسْتِثْنَاءِ الْمَشْهُورَةُ ثَمَانِيَةٌ4، مِنْهَا: حُرُفٌ5 بِاتِّفَاقٍ6، وَهِيَ "إلَاّ" أَوْ وَحُرُفٌ7 عَلَى الأَصَحِّ، وَهِيَ "حَاشَا" فَإِنَّهَا حَرْفٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ دَائِمًا، وَيُقَالُ فِيهَا8: حَاشَ وَحَشَا9.

1 المساعد على التسهيل 1/589.

2 ساقطة من ش.

3 ساقطة من ز.

4 قال القرافي: "فائدة: آداواته أحد عشر: إلا وهي أم الباب، وغير وليس ولا يكون وحاشا وخلا وعدا وسوى وسوى وسواء، وما عدا وما خلا ولا سيما على خلاف فيها""شرح تنقيح الفصول ص238".

"وانظر: المستصفى 2/163، منهاج العقول 2/112، البرهان 1/380، المنخول ص154، الروضة 2/252، نهاية السول 2/113، تيسير التحرير 1/283، المحلي على جمع الجوامع 2/10، الإحكام للآمدي 2/288، الإحكام لابن حزم 1/297ن مختصر البعلي ص117، مختصر الطوفي ص111، القواعد والفوائد الأصولية ص245، العضد على ابن الحاجب 2/132".

5 في ش: حروف.

6 في ع ب: بالاتفاق.

7 في ش: أو حروف، وفي د ز: أو حرف.

8 ساقطة من ش.

وقال ابن مالك: "وكثر فيها: حاش، وقل حشا وحاش""المساعد على التسهيل1/585".

9 في ش ز ض ب: وحاشا، وانظر: المساعد على التسهيل 1/584.

ص: 283

وَمِنْهَا مَا هُوَ فِعْلٌ بِالاتِّفَاقِ، كَلا يَكُونُ، أَوْ فِعْلٌ عَلَى الأَصَحِّ، وَهِيَ "لَيْسَ".

وَمِنْهَا: مَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْحَرْفِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ1 بِحَسَبِ الاسْتِعْمَالِ، فَإِنْ نُصِبَ2 مَا بَعْدَهُ كَانَ فِعْلاً، وَإِنْ جُرَّ3 مَا بَعْدَهُ كَانَ حَرْفًا، وَهُوَ "خَلا" بِالاتِّفَاقِ، وَ "عَدَا" عِنْدَ غَيْر4ِ سِيبَوَيْهِ5.

وَمِنْهَا: مَا هُوَ اسْمٌ، وَهُوَ "غَيْرُ" وَ "سِوَى" وَيُقَالُ فِيهِ "سُوَى" بِضَمِّ السِّينِ، وَ "سَوَاءً" بِفَتْحِهَا وَالْمَدِّ، وَبِكَسْرِهَا وَالْمَدِّ، سَوَاءٌ قُلْنَا هُوَ ظَرْفٌ، أَوْ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الأَسْمَاءِ6.

ثُمَّ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاسْتِثْنَاءِ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَادِرَيْنِ7 مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ8؛ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 9 فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إلَاّ أَهْلَ الذِّمَّةِ" 10 فَإِنَّ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءٌ

1 في ب: الفعلية والحرفية.

2 في ز: نصبت.

3 في ز: جرت.

4 ساقطة من ش.

5 قال ابن مالك: "والتزم سيبويه فعلية "عدا" "المساعد على التسهيل 1/584".

6 انظر: المساعد 1/584.

7 في ش: منه صادراً.

8 وفي قول لا يشترط أن يكون المستثنى والمستثنى منه من متكلم واحد.

"انظر: جمع الجوامع 2/10".

9 الآية 5 من التوبة، وأولها:{فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} الآية.

10 روى البخاري وأحمد عن المغيرة بن شعبة أنه قال لعامل كسرى: "أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده، أو تؤدوا الجزية".

قال الشوكاني: "قال العلماء: الحكمة في وضع الجزية أن الذي يلحقهم يحملهم على الدخول في الإسلام مع ما في مخالطة المسلمين من الاطلاع على محاسن الإسلام""نيل الأوطار 8/60".

"وانظر: صحيح البخاري 2/133 المطبعة العثمانية".

ص: 284

مُنْفَصِلٌ لا مُتَّصِلٌ1.

وَقَدَّمَ هَذَا الْقَوْلَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ2. وَضَعَّفَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ مُقَابِلَهُ، وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَوْ قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو لِي عَلَيْك مِائَةٌ، فَقَالَ عَمْرٌو: إلَاّ دِرْهَمًا، لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِمَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى عَلَى الأَصَحِّ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَعْدَ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لا يُخْتَلَى خَلاهُ": يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَاّ الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إلَاّ الإِذْخِرَ" 3 فَمُؤَوَّلٌ بِأَنَّ الْعَبَّاسَ أَرَادَ أَنْ يُذَكِّرَ4 رَسُولَ اللَّهِ5 صلى الله عليه وسلم بِالاسْتِثْنَاءِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْكُتَ عَنْهُ، اتِّكَالاً عَلَى فَهْمِ السَّامِعِ ذَلِكَ6 بِقَرِينَةٍ، وَفَهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُرِيدُ اسْتِثْنَاءَهُ، وَلأَجْلِ ذَلِكَ أَعَادَ7 النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الاسْتِثْنَاءِ8، فَقَالَ "إلَاّ

1 يرى بعض العلماء أن الاستثناء من متكلم واحد، وهو الله تعالى، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ عند ربه في المعنى.

"انظر: البناني والمحلي على جمع الجوامع 2/10".

2 جمع الجوامع 2/20.

3 رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وأحمد عن ابن عباس مرفوعاً، ورواه أبو داود وأحمد عن أبي هريرة مرفوعاً، وأوله: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق الله السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة

" الحديث والإذخر نبات طيب الرائحة، والخلا: الحشيش، والقين: الحداد والصائغ، أي يحتاج إليه الحداد والصائغ في وقود النار، ويختلى أي يؤخذ.

"انظر: صحيح البخاري 1/160 المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 9/126، سنن أبي داود 1/465، سنن النسائي 5/161، سنن ابن ماجه 2/1038، مسند أحمد 1/259، 2/228".

4 في ش ز: يذكره.

5 في ض ع ب: النبي.

6 في ب: لذلك.

7 في ش: عاد.

8 في ش: إلى الاستثناء.

ص: 285

الإِذْخِرَ" وَلَمْ يَكْتَفِ بِاسْتِثْنَاءِ الْعَبَّاسِ وَهَذَا يُرْشِدُ إلَى اعْتِبَارِ كَوْنِهِ1 مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ.

إذَا تَقَرَّرَ هَذَا "فَلا يَصِحُّ" الاسْتِثْنَاءُ "مِنْ نَكِرَةٍ" كَمَا تَقَدَّمَ الْكَلامُ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ2.

"وَلا" يَصِحُّ3 الاسْتِثْنَاءُ أَيْضًا "مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ" نَحْوُ: جَاءَ الْقَوْمُ إلَاّ حِمَارًا، لأَنَّ الْحِمَارَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْقَوْمِ4، وَكَذَا: لَهُ عِنْدِي مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَاّ دِينَارًا، وَنَحْوُهُ، وَهَذَا هُوَ5 الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ6 عَنْد7 الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه، وَاخْتِيَارُ الأَكْثَرَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ8.

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ بِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنْ9 الآخَرِ، وَاخْتُلِفَ فِي

1 في ز: اعتباره.

2 صفحة 282.

وانظر: نهاية السول 2/113، منهاج العقول 2/112، المسودة ص159، مختصر البعلي ص118.

3 ساقطة من ش.

4 في ز: العموم.

5 ساقطة من ز ض ع ب.

6 ساقطة من ض.

7 في ش: عن.

8 اختاره الغزالي في "المنخول ص159" وقال الآمدي: "ومنعه الأكثرون""الإحكام 2/291".

"وانظر: البرهان 1/396، الشرح الكبير 5/309، العدة 2/673، الروضة 2/253، التبصرة ص165، القواعد والفوائد الأصولية ص256، مختصر الطوفي ص111، مختصر البعلي ص117، كشف الأسرار 3/131، المستصفى 2/167، تيسير التحرير 1/283، إرشاد الفحول ص146، الإفصاح 2/264".

9 في ع: عن.

ص: 286

مَأْخَذِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، فَقِيلَ: لأَنَّ النَّقْدَيْنِ كَالْجِنْسِ فِي الأَشْيَاءِ1، فَكَذَا فِي الاسْتِثْنَاءِ، وَقِيلَ: إنَّ2 كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الآخَرِ، وَقِيلَ: إنَّ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا3.

وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رضي الله عنهما: يَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ مُطْلَقًا، لأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَلُغَةِ الْعَرَبِ4.

وَوَجْهُ عَدَمِ صِحَّةِ الاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ

1 في ش ز ع: أشياء.

2 في ز ض ع ب: لأن.

3 وهو قول الإمام أبي حنيفة.

"انظر: كشف الأسرار 3/136، العدة 2/677، الشرح الكبير 5/311، الإحكام للآمدي 2/297، المغني 5/114، مختصر البعلي ص117، مختصر الطوفي ص111، القواعد والفوائد الأصولية ص256، الإفصاح 2/264".

4 وهذا قول أبي الخطاب من الحنابلة، وقال الحنفية: يصح الاستثناء من غير الجنس إذا كان مكيلاً أو موززناً.

ثم أنقسم أصحاب هذا القول –المجوزون للاستثناء من غير الجنس- إلى فرق، فقال أكثرهم: إن الاستثناء من غير الجنس مجاز، وهو رأي الشيرازي والغزالي وابن الحاجب والرازي والبيضاوي وابن السبكي والجويني والكمال بن الهمام والسرخسي والبردوي والبخاري صاحب "كشف الأسرار" وصدر الشريعة.

وقال بعضهم: كالقاضي الباقلاني: إنه حقيقة.

وقال آخرون: أنه لا يسمى حقيقة ولا مجازاً، وفي قول: إنه مشترك، وفي قول: الوقف.

"انظر: جمع الجوامع 2/12، تيسير التحرير 1/283، 284، فواتح الرحموت 1/316، نهاية السول 2/114، البرهان 1/384، 397، 398، شرح الورقات ص111، المنخول ص159، المعتمد 1/262، مختصر ابن الحاجب 2/132، المحصول ج1 ق3/43، الإحكام لابن حزم 1/397، الإحكام للآمدي 2/291، كشف الأسرار 3/121، التوضيح على التنقيح 2/284، 300، العدة 2/673، اللمع ص24، المستصفى 2/167، 169، التبصرة ص165، إرشاد الفحول ص146، الإفصاح 2/264".

ص: 287

الاسْتِثْنَاءَ صَرْفُ اللَّفْظِ بِحَرْفِهِ عَمَّا يَقْتَضِيهِ لَوْلاهُ1، لأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الثَّنْيِ، تَقُولُ: ثَنَيْت فُلانًا عَنْ رَأْيِهِ، وَثَنَيْت عِنَانَ دَابَّتِي، و2 َلأَنَّ الاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَصِحُّ لِتَعَلُّقِهِ بِالأَوَّلِ، لِعَدَمِ اسْتِقْلالِهِ، وَإِلَاّ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ كُلِّ شَيْءِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، لاشْتِرَاكِهِمَا فِي مَعْنًى عَامٍّ، وَلأَنَّهُ لَوْ قَالَ: جَاءَ النَّاسُ إلَاّ الْكِلابَ وَإِلَاّ الْحَمِيرَ، عُدَّ قَبِيحًا لُغَةً وَعُرْفًا، وَلأَنَّهُ تَخْصِيصٌ، فَلا يَصِحُّ فِي غَيْرِ دَاخِلٍ3.

وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {إلَاّ رَمْزًا} {أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} 5 {مِنْ عِلْمٍ إلَاّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} 6 {مِنْ سُلْطَانٍ إلَاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ} 7 وَقَوْلُ الْعَرَبِ مَا بِالدَّارِ أَحَدٌ إلَاّ زَيْدٌ، وَمَا جَاءَنِي زَيْدٌ إلَاّ عَمْرٌو8.

1 ساقطة من ض.

2 ساقطة من ش.

3 انظر أدلة الحنابلة في منع الاستثناء من الجنس في "العدة 2/673 وما بعدها، الروضة 2/254، المحصول ج1 ق3/43، الإحكام للآمدي 2/292، المستصفى 2/170، مختصر الطوفي ص111".

4 الآية 41 من آل عمران، وأول الآية:{قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَاّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَاّ رَمْزاً} الآية.

5 الآية 92 من النساء، وأول الآية:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَاّ خَطَئاً} الآية فاستثنى الخطأ من القتل وهو ليس من جنسه. "انظر: الإحكام للآمدي 2/294".

6 الآية 157 من النساء. استثنى الظن من العلم، والظن ليس من جنس العلم. "انظر: المحصول ج1 ق3/46، الإحكام للآمدي 2/293، 296".

7 الآية 22 من إبراهيم، وأول الآية:{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ} الآية.

8 هذه بعض أدلة الجمهور في جواز الاستثناء من غير الجنس، وهناك أدلة كثيرة ذكروها في كتبهم.

"انظر: المعتمد 1/262، المحصول ج1 ق3/45، الإحكام للآمدي 2/293، كشف الأسرار 3/133، البرهان 1/398، المنخول ص159، شرح الورقات ص111، التبصرة ص165، اللمع ص24، نهاية السول 2/114، الروضة 2/254، المستصفى 2/167 وما بعدها، 209، العدة 2/672".

ص: 288

وَأُجِيبَ بِأَنَّ "إلَاّ" فِي ذَلِكَ1: بِمَعْنَى "لَكِنْ" عِنْدَ النُّحَاةِ، مِنْهُمْ: الزَّجَّاجُ وَابْنُ قُتَيْبَةَ، وَقَالَ: هُوَ مِنْ2 قَوْلِ سِيبَوَيْهِ وَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ، وَلِهَذَا لَمْ يَأْتِ إلَاّ بَعْدَ نَفْيٍ، أَوْ بَعْدَ إثْبَاتٍ بَعْدَ جُمْلَةٍ3.

"وَالْمُرَادُ" مِنْ قَوْلِ4 الْمُقِرِّ5 "بِعَشَرَةٍ إلَاّ ثَلاثَةً سَبْعَةٌ وَ" أَدَاةُ6 الاسْتِثْنَاءِ وَهِيَ "إلَاّ" فِي هَذَا الْمِثَالِ "قَرِينَةٌ مُخَصِّصَةٌ".

اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَقْدِيرِ دَلالَةِ الاسْتِثْنَاءِ عَلَى مَذَاهِبَ:

فَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الأَكْثَرِ 7 أَنَّ8 إلَاّ قَرِينَةٌ9 مُخَصِّصَةٌ10.

وَمَنْشَأُ11 الْخِلافِ: الإِشْكَالُ فِي مَعْقُولِيَّةِ الاسْتِثْنَاءِ، فَإِنَّك إذَا قُلْتَ: قَامَ

1 في ع: بذلك.

2 ساقطة من ز ض ع ب.

3 انظر: المغني 5/113، مختصر الطوفي ص111، الروضة 2/254، البرهان 1/398، المحصول ج1 ق3/50، فواتح الرحموت 1/316، العدة 2/676.

4 في ش: قوله.

5 في ش ز: من أقر.

6 في ش: وأدوات، وفي ض: أو أداة.

7 في ش: الأكثرين.

8 ساقطة من ش.

9 في ش ز ض ع: لا. وانظر: مختصر ابن الحاجب 2/134.

10 انظر: مختصر ابن الحاجب 2/134، جمع الجوامع 2/14، فواتح الرحموت 1/316، تيسير التحرير 1/289، التلويح على التوضيح 2/285، تخريج الفروع على الأصول ص67، التمهيد ص116، القواعد والفوائد الأصولية ص246، مختصر البعلي ص117، نهاية السول 2/120، البرهان 1/401، إرشاد الفحول ص146.

11 في ش: الإشكال: الخلاف.

ص: 289

الْقَوْمُ إلَاّ زَيْدًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ دَخَلَ فِيهِمْ، فَكَيْفَ أُخْرِجَ؟ هَذَا1 وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ إخْرَاجٌ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ، فَقَدْ تَنَاقَضَ أَوَّلُ الْكَلامِ وَآخِرُهُ2.

وَكَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَاّ دِرْهَمًا، بَلْ أَبْلَغُ، لأَنَّ الْعَدَدَ نَصٌّ فِي مَدْلُولِهِ الْعَامِّ فِيهِ3 وَالْعَامُّ: فِيهِ4 الْخِلافُ السَّابِقُ، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى نَفْيِ الاسْتِثْنَاءِ مِنْ كَلامِ الْعَرَبِ، لأَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى هَذَا5 التَّقْدِيرِ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَلَكِنْ قَدْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ، فَتَكُونَ "إلَاّ" قَرِينَةً بَيَّنَتْ أَنَّ الْكُلَّ اُسْتُعْمِلَ، وَأُرِيدَ بِهِ الْجُزْءَ مَجَازًا6، وَعَلَى هَذَا: فَالاسْتِثْنَاءُ مُبَيِّنٌ لِغَرَضِ الْمُتَكَلَّمِ بِهِ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ7عَشَرَةٌ، كَانَ ظَاهِرًا، وَيَحْتَمِلُ إرَادَةَ بَعْضِهَا مَجَازًا، فَإِذَا قَالَ: إلَاّ ثَلاثَةً، فَقَدْ تَبَيَّنَ8 أَنَّ مُرَادَهُ بِالْعَشَرَةِ سَبْعَةٌ فَقَطْ، كَمَا فِي سَائِرِ الْمُخَصِّصَاتِ9.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: الاسْتِثْنَاءُ إخْرَاجُ مَا تَنَاوَلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِهِ، كَالتَّخْصِيصِ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، وَفِي التَّمْهِيدِ: مَا لَوْلاهُ لَدَخَلَ فِي اللَّفْظِ

1 ساقطة من د.

2 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/135.

3 ساقطة من ش ز ع ض ب.

4 في ش: عند.

5 ساقطة من ش ز.

6 في ب: مجاز.

7 ساقطة من ش.

8 في ز ع ض ب: بين.

9 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/135، تخريج الفروع على الأصول ص68، التمهيد ص116.

ص: 290

كَالتَّخْصِيصِ، وَمُرَادُهُ1 الأَوَّلُ2.

وَاسْتَنْكَرَ أَبُو الْمَعَالِي هَذَا الْمَذْهَبَ، وَقَالَ: لا يَعْتَقِدُهُ لَبِيبٌ3.

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي -وَبِهِ قَالَ الْبَاقِلَاّنِيُّ-: إنَّ نَحْوَ عَشَرَةٍ إلَاّ ثَلاثَةً مَدْلُولُهُ4 سَبْعَةٌ، لَكِنْ لَهُ لَفْظَانِ، أَحَدُهُمَا مُرَكَّبٌ، وَهُوَ عَشَرَةٌ إلَاّ ثَلاثَةً، وَاللَّفْظُ الآخَرُ سَبْعَةٌ5، وَقَصَدَ بِذَلِكَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ التَّخْصِيصِ بِدَلِيلٍ مُتَّصِلٍ، فَيَكُونَ الْبَاقِي فِيهِ حَقِيقَةً، أَوْ بِمُنْفَصِلٍ6، فَيَكُونَ تَنَاوَلَ اللَّفْظَ لِلْبَاقِي7 مَجَازًا8.

وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجٌ لِشَيْءٍ9 دَلَّ عَلَيْهِ صَدْرُ الْجُمْلَةِ بِالْمُعَارَضَةِ، فَمَعْنَى عَشَرَةٍ إلَاّ ثَلاثَةً فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيَّ10.

1 في ش: ورده.

2 في ش ز: كالأول.

3 البرهان 1/401، وانظر: إرشاد الفحول ص147.

4 في ش: مدلول.

5 اختار هذا القول إمام الحرمين الجويني.

"انظر: البرهان 1/400، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/134، 135، فواتح الرحموت 1/320، تيسير التحرير 1/291، التلويح على التوضيح 2/286، شرح تنقيح الفصول ص231، التمهيد ص116، مختصر البعلي ص117، إرشاد الفحول ص147".

6 في ز ع ب: بالمنفصل.

7 في ش ز ع ض: الباقي.

8 أي أن الاستثناء ليس بتخصيص على رأي القاضي الباقلاني، كما سيذكره المصنف، وسبق بيان آراء العلماء في الاستثناء المنقطع، هل هو حقيقة أم مجاز "ص287".

"وانظر: نهاية السول 2/120، جمع الجوامع 2/14، فواتح الرحموت 1/320، التمهيد ص116، القواعد والفوائد الأصولية ص246".

9 في ض ب: شيء.

10 أي أن لفظ الاستثناء يوجب انعدام المستثنى منه في القدر المستثنى مع باء العموم بطريق المعارضة كالتخصيص، إلا أن الاستثناء متصل بالكلام، والتخصيص منفصل. "انظر: تخريج الفروع على الأصول ص67".

وفي هامش ش: كذا بالأصل وليحرر.

ص: 291

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ -وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ-: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهِ، وَلَكِنْ لا يُحْكَمُ بِمَا أُسْنِدَ إلَيْهَا إلَاّ بَعْدَ إخْرَاجِ الثَّلاثَةِ مِنْهَا، فَفِي اللَّفْظِ أُسْنِدَ الْحُكْمُ إلَى عَشَرَةٍ وَفِي الْمَعْنَى إلَى سَبْعَةٍ1.

وَعَلَى هَذَا: فَلَيْسَ الاسْتِثْنَاءُ مُبَيِّنًا لِلْمُرَادِ الأَوَّلِ2، بَلْ بِهِ3 وَبِمَا يَحْصُلُ الإِخْرَاجُ، وَلَيْسَ هُنَاكَ إلَاّ الإِثْبَاتُ، وَلا نَفْيَ أَصْلاً، فَلا تَنَاقُضَ4.

فَالاسْتِثْنَاءُ عَلَى قَوْلِ الْبَاقِلَاّنِيِّ لَيْسَ بِتَخْصِيصٍ، لأَنَّ التَّخْصِيصَ قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ5، وَهُنَا لَمْ يُرِدْ بِالْعَامِّ بَعْضَ أَفْرَادِهِ، بَلْ الْمَجْمُوعَ6 الْمُرَكَّبَ، وَأَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الأَكْثَرِينَ تَخْصِيصٌ لِمَا فِيهِ مِنْ قَصْرِ اللَّفْظِ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ7.

وَأَمَّا عَلَى8 الْمَذْهَبِ الثَّالِثِ: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصًا، نَظَرًا إلَى كَوْنِ الْحُكْمِ فِي الظَّاهِرِ لِلْعَامِّ، وَالْمُرَادُ الْمَخْصُوصُ9، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لا10 يَكُونَ تَخْصِيصًا؛

1 وافق على هذا الرأي ابن السبكي والصفي الهندي.

انظر هذا الرأي مع أدلته ومناقشته في "نهاية السول 2/120، مختصر ابن الحاجب 2/134، جمع الجوامع 2/13، فواتح الرحموت 1/318، تيسير التحرير 1/290، التلويح على التنقيح 2/286، 288".

2 في ز ع ب: بالأول.

3 في ش: به وبما.

4 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/134، 136، التهميد ص116، إرشاد الفحول ص147.

5 ساقطة من ض.

6 في ض ب: بالمجموع.

7 انظر: نهاية السول 2/120، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/135، 136، القواعد والفوائد الأصولية ص246، التمهيد ص116، مختصر البعلي ص117، مختصر الطوفي ص111، اللمع ص23، إرشاد الفحول ص147.

8 ساقطة من ش.

9 في ش ب: المخصوص.

10 ساقطة من ش ب.

ص: 292

نَظَرًا إلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْمُسْتَثْنَى1 مِنْهُ تَمَامُ مُسَمَّاهُ2.

فَوَائِدُ:

ذَكَرَهَا الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ3

إحْدَاهَا4: أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ:

أَحَدُهَا: مَا لَوْلاهُ لَعُلِمَ دُخُولُهُ، كَالاسْتِثْنَاءِ مِنْ النُّصُوصِ، مِثْلُ: عِنْدِي عَشَرَةٌ إلَاّ ثَلاثَةً.

وَالثَّانِي: مَا لَوْلاهُ5 لَظُنَّ دُخُولُهُ، كَالاسْتِثْنَاءِ مِنْ الظَّوَاهِرِ، نَحْوُ اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ إلَاّ زَيْدًا.

وَالثَّالِثُ: مَا لَوْلاهُ لَجَازَ دُخُولُهُ، كَالاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمُحَالِ وَالأَزْمَانِ وَالأَحْوَالِ، كَأَكْرِمْ رَجُلاً إلَاّ زَيْدًا أَوْ6 عَمْرًا، وَصَلِّ7 إلَاّ عِنْدَ الزَّوَالِ وقَوْله تَعَالَى:{لَتَأْتُنَّنِي بِهِ، إلَاّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} 8

1 في ش: من المستثنى.

2 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/135، 136، التلويح على التوضيح 2/286، التمهيد ص116، إرشاد الفحول ص147.

3 شرح تنقيح الفصول ص256 "بتصرف".

4 في ب: أحدها.

5 ساقطة من ز ض ع ب.

6 في ض ع ب: و. وكذا في "شرح تنقيح الفصول".

7 في ش ز ض: ومثل.

8 الآية 66 من يوسف.

ص: 293

وَالرَّابِعُ: مَا لَوْلاهُ لَقُطِعَ بِعَدَمِ دُخُولِهِ كَالاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ كَقَامَ الْقَوْمُ إلَاّ حِمَارًا.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: يَقَعُ الاسْتِثْنَاءُ فِي عَشَرَةِ أُمُورٍ اثْنَانِ يَنْطِقُ بِهِمَا وَثَمَانِيَةٌ لا يَنْطِقُ بِهَا وَقَعَ الاسْتِثْنَاءُ1 مِنْهَا، مِمَّا2 يُنْطَقُ بِهَا مِنْ3 الأَحْكَامِ وَالصِّفَاتِ، فَالأَحْكَامُ: قَامَ الْقَوْمُ إلَاّ زَيْدًا، وَالصِّفَاتُ4: قَوْلُ الشَّاعِرِ:

قَاتَلَ ابْنَ الْبَتُولِ إلَاّ عَلِيًّا5

يُرِيدُ الْحُسَيْنَ ابْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا6.وَمَعْنَى "الْبَتُولِ" الْمُنْقَطِعَةُ، قِيلَ: عَنْ النَّظِيرِ وَالشَّبِيهِ، وَقِيلَ عَنْ الأَزْوَاجِ إلَاّ عَنْ عَلِيٍّ، فَاسْتَثْنَى مِنْ صِفَاتِهَا لا مِنْهَا.

وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إلَاّ مَوْتَتَنَا الأُولَى} 7 اسْتَثْنَوْا مِنْ صِفَتِهِمْ الْمَوْتَةَ الأُولَى لا مِنْ ذَوَاتِهِمْ8.

وَالاسْتِثْنَاءُ مِنْ الصِّفَةِ ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مِنْ9 مُتَعَلِّقِهَا، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ الْمُتَقَدِّمِ، مُتَعَلِّقَهُ10 التَّبَتُّلِ،

1 ساقطة من ش.

2 في ز: فيما، وفي ع ب: فما، وفي "شرح تنقيح الفصول": أما اللذان.

3 ساقطة من ز ض ع ب، وفي "شرح تنقيح الفصول": فهما.

4 في ش: والصفة.

5 في ب: عبيداً.

6 ساقطة من ش ز ع ض، وأثبتناها من "شرح تنقيح الفصول.

7 الآيتان 58-59 من الصافات.

8 شرح تنقيح الفصول ص257.

9 في ض ع ب: عن.

10 في ض ع: متعلق.

ص: 294

وَثَانِيهَا: مِنْ بَعْضِ أَنْوَاعِهَا كَالآيَةِ، لأَنَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى أَحَدُ أَنْوَاعِ الْمَوْتِ.

وَثَالِثُهَا: أَنْ يُسْتَثْنَى بِجُمْلَتِهَا لا بِتَرْكِ1 شَيْءٍ مِنْهَا2، كَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إلَاّ وَاحِدَةً

وَالثَّمَانِيَةُ الْبَاقِيَةُ التي3 لا يُنْطَقُ بِهَا، وَيَقَعُ الاسْتِثْنَاءُ مِنْهَا:

أَحَدُهَا: الأَسْبَابُ، نَحْوُ لا عُقُوبَةَ إلَاّ بِجِنَايَةٍ.

وَالثَّانِي: الشُّرُوطُ4، نَحْوُ5 لا صَلاةَ إلَاّ بِطُهُورٍ.

وَالثَّالِثُ: الْمَوَانِعُ، نَحْوُ6 لا تَسْقُطُ الصَّلاةُ عَنْ الْمَرْأَةِ إلَاّ بِالْحَيْضِ.

وَالرَّابِعُ: الْمُحَالُ، نَحْوُ7 أَكْرِمْ رَجُلاً إلَاّ زَيْدًا وَعَمْرَوًا وَبَكْرًا، فَإِنَّ كُلَّ شَخْصٍ هُوَ مَحِلُّ الأَعَمِّيَّةِ8

وَالْخَامِسُ: الأَحْوَالُ، نَحْوُ9 قَوْله تَعَالَى:{لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إلَاّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} 10أَيْ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ فِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ إلَاّ فِي حَالَةِ الإِحَاطَةِ بِكُمْ11، فَإِنِّي أَعْذِرُكُمْ.

1 في ع ب: يترك، وكذا في "شرح تنقيح الفصول".

2 في ز ض ع ب: منها شيء، وكذا في "شرح تنقيح الفصول".

3 ساقطة من جميع النسخ، وأثبتناها من "شرح تنقيح الفصول".

4 ساقطة من ب.

5 ساقطة من ز ض ع ب.

6 ساقطة من ز ض ع ب.

7 ساقطة من ض ع ب.

8 في "شرح تنقيح الفصول": لأعمه.

9 ساقطة من ز ض ع ب.

10 الآية 66 من يوسف.

11 ساقطة من جميع النسخ، وأثبتناها من "شرح تنقيح الفصول".

ص: 295

وَالسَّادِسُ: الأَزْمَانُ، نَحْوُ1 صَلِّ إلَاّ عِنْدَ الزَّوَالِ.

وَالسَّابِعُ: الأَمْكِنَةُ، نَحْوُ2 صَلِّ إلَاّ عِنْدَ الْمَزْبَلَةِ وَنَحْوِهَا.

وَالثَّامِنُ: مُطْلَقُ الْوُجُودِ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْخُصُوصِيَّاتِ، نَحْوُ3.قَوْله تَعَالَى:{إنْ هِيَ إلَاّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} 4 أَيْ لا حَقِيقَةَ لِلأَصْنَامِ أَلْبَتَّةَ، إلَاّ أَنَّهَا لَفْظٌ مُجَرَّدٌ، فَاسْتَثْنَى اللَّفْظَ مِنْ مُطْلَقِ الْوُجُودِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّفْيِ، أَيْ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا وُجُودٌ، أَلْبَتَّةَ إلَاّ عِنْدَ5 وُجُودِ اللَّفْظِ، وَلا شَيْءَ وَرَاءَهُ.

فَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ لَمْ، يُذْكَرْ فِيهَا6 الاسْتِثْنَاءُ، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ7 بِمَا يُذْكَرُ بَعْدَ الاسْتِثْنَاءِ فَرْدٌ8 مِنْهَا، فَيُسْتَدَلُّ9 بِذَلِكَ الْفَرْدِ عَلَى جِنْسِهِ وَهُوَ10 الْكَائِنُ بَعْدَ11 الاسْتِثْنَاءِ، وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ12 أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ الأُمُورِ الَّتِي لَمْ تُذْكَرْ كُلُّهَا اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ، لأَنَّهُ مِنْ الْجِنْسِ، وَحُكِمَ بِالنَّقِيضِ بَعْدَ إلَاّ، فَهَذَانِ13 الْقَيْدَانِ وَافِيَانِ بِحَقِيقَةِ الْمُتَّصِلِ14. اهـ.

1 ساقطة من ز ض ع ب.

2 ساقطة من ز ض ع.

3 ساقطة من ض ب.

4 الآية 23 من النجم.

5 في ز: في، وساقطة من ض ع ب.

6 في ش: ينكروا فيها، وفي"شرح تنقيح الفصول": تذكر قبل.

7 في "شرح تنقيح الفصول": تعلم.

8 في "شرح تنقيح الفصول": وهو فرد.

9 في ض: ليستدل.

10 ساقطة من ش، وفي ب: هو، وفي "شرح تنقيح الفصول": وأن جنسه هو.

11 في هامش "شرح تنقيح الفصول": لعلها.

12 ساقطة من ب.

13 في ز ض ع ب: وهذان، وكذا في "شرح تنقيح الفصول".

14 شرح تنقيح الفصول ص256-258.

ص: 296

"وَشُرُوطُهُ" 1 أَيْ شُرُوطُ2 الاسْتِثْنَاءِ3 "اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ 4 ".

ثُمَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الاتِّصَالُ الْمُعْتَادُ "لَفْظًا" كَذِكْرِ الْمُسْتَثْنَى عَقِبَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، "أَوْ" يَكُونَ الاتِّصَالُ الْمُعْتَادُ "حُكْمًا" كَانْقِطَاعِهِ عَنْهُ بِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ، وَيَأْتِي بِهِ عَقِبَ ذَلِكَ، فَيُشْتَرَطَ ذَلِكَ "كَبَقِيَّةِ التَّوَابِعِ5".

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "يَصِحُّ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ"6

1 في ز ض ع ب: وشرطه.

2 في ز: وشرطه، وفي ض ع ب: وشرط.

3 في ب: للاستثناء.

4 في ش: معناه. وهناك شروط كثيرة مفصلة، ذكر المنصف بعضها فيما يلي، واغفل بعضها الآخر، قد ذكرها علماء الأصول."انظر: المسودة ص153، العدة 2/660، مختصر البعلي ص118، مختصر الطوفي ص111، القواعد والفوائد الأصولية ص251، الروضة 2/253، المغنى 9/522، التمهيد ص116، نهاية السول 2/117، منهاج العقول 2/114، اللمع ص23، شرح تنقيح الفصول ص242، البرهان1/385، شرح الورقات ص110، التبصرة ص162، المنخول ص157، تيسير التحرير 1/297، المعتمد 1/260، مختصر ابن الحاجب 2/137، المستصفى 2/165، الإحكام للآمدي 2/289، فواتح الرحموت 1/321، إرشاد الفحول ص147، الشرح الكبير 5/305، جمع الجوامع 2/10، المحصول ج1 ق3/39".

5 قال الإمام مالك: "أحسن ما سمعت في الثنيا أنها لصاحبها ما لم يقطع كلامه، وما كان في ذلك نسقاً، يتبع بعضه بعضاً، قبل أن يسكت، فإن سكت وقطع كلامه فلا ثنيا له". "الموطأ ص295 ط الشعب".

"وانظر: المحصول ج1 ق3/40، الإحكام للآمدي 1/289، جمع الجوامع 2/10، فواتح الرحموت 1/321، مختصر البعلي ص118، نزهة الخاطر 2/177، القواعد والفوائد الأصولية ص251، نهاية السول 2/117، شرح تنقيح الفصول ص242، مختصر ابن الحاجب 2/137، شرح الورقات ص110، المعتمد 1/261، تيسير التحرير 1/297، إرشاد الفحول ص147".

6 نقله عن ابن عباس المازني.

"انظر: التبصرة ص162، نهاية السول 2/117، القواعد والفوائد الأصولية ص251، البرهان 1/385، جمع الجوامع 2/11، فواتح الرحموت 1/321، تيسير التحرير 1/297، المسودة ص152، مختصر البعلي ص117، مختصر الطوفي ص111، شرح تنقيح الفصول ص243، إرشاد الفحول ص148، الكشاف 2/480".

ص: 297

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ: وَرَوَى سَعِيدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ1 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّهُ كَانَ يَرَى الاسْتِثْنَاءَ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ".

الأَعْمَشُ مُدَلِّسٌ وَمَعْنَاهُ قَوْلُ. طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ.

وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا "إلَى سَنَتَيْنِ"2.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا "أَنَّهُ يَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ إلَى شَهْر3ٍ".

وَرُوِيَ عَنْهُ "يَصِحُّ أَبَدًا" كَمَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ، وَبَيَانُ الْمُجْمَلِ4.

لَكِنْ حَمَلَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَلامَ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، عَلَى نِسْيَانِ قَوْلِ "إنْ شَاءَ اللَّهُ" مِنْهُمْ الْقَرَافِيُّ5.

1 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص251، ميزان الاعتدال 2/224، الكشاف 2/480.

2 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص251، جمع الجوامع 2/11، إرشاد الفحول ص148.

3 نقله عنه الآمدي وابن الحاجب وابن السبكي وغيرهم.

"انظر: نهاية السول 2/117، مختصر ابن الحاجب 2/137، الإحكام للآمدي 2/289، جمع الجوامع 2/10، تيسير التحرير 1/297، فواتح الرحموت 1/321، منهاج العقول 2/115، القواعد والفوائد الأصولية ص251، المعتمد 1/261، إرشاد الفحول ص148".

4 رواه الحاكم في "المستدرك 4/303".

"وانظر: تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص308، نهاية السول 2/117، جمع الجوامع 2/11، المسودة ص152، فواتح الرحموت 1/321، تيسير التحرير 1/297، مختصر البعلي ص118، الروضة 2/253، القواعد والفوائد الأصولية ص251، إرشاد الفحول ص148".

5 استدل العلماء لقول ابن عباس بقوله صلى الله عليه وسلم: "لأغزون قريشاً" ثم سكت، ثم قال:"إن شاء الله"، ولما روي أنه عليه الصلاة والسلام سأله اليهود عن لبث أصحاب الكهف، فقال:"غداً أجيبكم"، فتأخر الوحي إلى بضعة عشر يوماً ثم نزل:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً، إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} الكهف23-24، فقال:"إنشاء الله"، أي أن التعليق على مشيئة الله.

"انظر: شرح تنقيح الفصول ص243، منهاج العقول 2/115، التبصرة ص162، القواعد والفوائد الأصولية ص252، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/137، 138، إرشاد الفحول ص148"

ص: 298

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَقُولَ الْحَالِفُ "إنْ شَاءَ اللَّهُ" وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ.

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ1: إنَّهُ لا يَثْبُتُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2، ثُمَّ قَالَ: إنْ

1 هو محمد بن عمر بن أحمد، الحافظ الكبير، شيخ الإسلام، أبو موسى، المدني الأصفهاني، انتهى إليه التقدم في الحديث مع الإسناد، وكان أوحد زمانه، وشيخ وقته في الإسناد والحفظ والثقة والإتقان والدين والصلاح والضبط والتواضع، وقرأ القراءات العشر، ومهر النحو واللغة، وله المصنفات الكثيرة، منها:"معرفة الصحابة" و "الأخبار الطوالات" و "المغيث" تتمة كتاب "الغريبين للهروي" و "اللطائف في المعارف" و "عوالي التابعين" وغيرها، توفي سنة 581 هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/160، تذكرة الحفاظ 4/1334، طبقات القراء للجزري 2/215، طبقات الحفاظ ص475، شذرات الذهب 4/273، وفيات الأعيان 3/414، مرآة الجنان 3/453، البداية النهاية 12/318".

2 هذا رأي أكثر العلماء، وقالوا: إن صح فمؤول، واختلفوا في تأويله على أقوال كما ذكر المصنف، قال الشيرازي:"فالظاهر أنه لا يصح عنه، وهو بعيد""اللمع ص23". وقال الجويني: "والجه اتهام المناقل وحمل النقل على انه خطأ، أو مختلق مخترع""البرهان 1/386"، وقال الغزالي:"والجه تكذيب الناقل، فلا يظن به ذلك""المنخول ص157"، ولكن الشوكاني قال:"إنها ثابتة في "مستدرك" الحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين بلفظ: "إذا حلف الرجل على يمين فله أن يستثنى إلى سنة" وقد روى عنه هذا غير الحاكم من طرق، كما ذكر أبو موسى المدني وغيره ثم يقول: "فالرواية عن ابن عباس قد صحت، ولكن الصحيح خلاف ما قاله" "إرشاد الفحول ص148".

"وانظر: المحصول ج1 ق3/40، الإحكام للآمدي 2/291، المستصفى 2/165، فواتح الرحموت 1/321، تيسير التحرير 1/297، المعتمد 1/261، مختصر ابن الحاجب 2/137".

ص: 299

صَحَّ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى: إذَا نَسِيتَ الاسْتِثْنَاءَ فَاسْتَثْنِ إذَا ذَكَرْت.

وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ أَجَازَهُ بعد1 أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ2.

وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: يَصِحُّ اتِّصَالُهُ بِالنِّيَّةِ، وَانْقِطَاعُهُ لَفْظًا، فَيُدَيَّنُ3.

قَالَ4 الآمِدِيُّ: فَلَعَلَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ5.

وَعَنْ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: يَصِحُّ فِي الْيَمِينِ مُتَّصِلاً فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ إذَا لَمْ يَخْلِطْ كَلامَهُ بِغَيْرِهِ6.

وَعَنْهُ أَيْضًا: وَفِي الْمَجْلِسِ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ، وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ7.

1 ساقطة من ع ب.

2 انظر: جمع الجوامع 2/11، مختصر البعلي ص118، إرشاد الفحول ص 148، مناهج العقول 2/115، الكشاف 2/480.

3 أي يجوز الانفصال بالاستثناء إذا نواه متصلاً ثم أظهر النية بعد ذلك فإنه يصدق ديانة، وهذا تأويل الفخر الرازي لقول ابن عباس رضي الله عنهما إن صح عنه.

"انظر: المحصول ج 1 ق 3/40، مناهج العقول 2/115، شرح تنقيح الفصول ص 242، المنخول ص 157، البرهان 1/387، الإحكام للآمدي 2/289، المستصفى 2/165، القواعد والفوائد الأصولية ص 251".

4 في ع: وقال.

5 انظر: مختصر ابن الحاجب 2/137، المحصول ج1 ق3/4، جمع الجوامع 2/11، القواعد والفوائد الأصولية ص 251.

6 انظر: العدة 2/661، المسودة ص152،القواعد والفوائد الأصولية ص252، مختصر البعلي ص 118.

7 أي يجوز الفصل بين المستثنى والمستثنى منه بالزمن اليسير مادام في المجلس.

"انظر: المسودة ص 152، 153، الروضة 2/253، مختصر البعلي ص 118، التبصرة ص 162، جمع الجوامع 2/11، المغني 9/523، فتح الرحموت 1/321، تيسر التحرير 1/298، إرشاد الفحول ص 148، الكشاف 2/480".

ص: 300

وَقِيلَ: يَصِحُّ مَا لَمْ يَأْخُذْ فِي كَلامٍ آخَرَ1.

وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيُّ: يَصِحُّ وَلَوْ تَكَلَّمَ.

وَقِيلَ: يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ خَاصَّةً، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلامَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ2.

وَاسْتَدَلَّ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ؛ وَلِيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ" وَلَمْ يَقُلْ: أَوْ3 لِيَسْتَثْنِ4.

وَكَذَلِكَ لَمَّا أَرْشَدَ اللَّهُ سبحانه وتعالى أَيُّوبَ عليه الصلاة والسلام بِقَوْلِهِ: {وَخُذْ بِيَدِك ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} 5 جَعَلَ طَرِيقَ بِرِّهِ ذَلِكَ6.

1 انظر: جمع الجوامع 2/11، مختصر البعلي ص118.

2 ذكر الشيرازي قولاً آخر فقال: "وحكي عن قوم جواز إذا أورد معه كلام يدل على أن ذلك استثناء مما تقدم، وهو أن يقول: "جاء الناس"، ثم يقول بعد زمان "إلا زيداً، وهو استثناء مما كنت قلت "اللمع ص23".

"وانظر: مناهج العقول 2/115، البرهان 1/386، 387، المنخول ص157، مختصر ابن الحاجب 2/137، الإحكام للآمدي 2/289،290، ومابعدها، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/11، 12، فواتح الرحموت 2/321، 323، تيسير التحرير 1/299، العدة 2/663".

3 في ع: و.

4 انظر: المعني 9/523، فواتح الرحموت 1/322، تيسر التحرير 1/298، العدة 2/661، مناهج العقول 2/115، مختصر ابن الحاجب 2/137، الإحكام للآمدي 2/289، إرشاد الفحول ص 148.

وفي ب: يستثنى.

5 الآية 44 من سورة ص. وفي ب: فخذ

6 انظر مزيداً من أدلة العلماء الاتصال بين للمستثنى والمستثنى منه في "الروضة 2/253، التبصرة ص 163 وما بعدها، المحصول ج1 ق3/41، مختصر ابن الحاجب 2/137، فواتح الرحموت 1/321، تيسير التحرير 1/298".

ص: 301

وَفِي تَارِيخِ بَغْدَادَ لابْنِ النَّجَّارِ1: أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ أَرَادَ الْخُرُوجَ مَرَّةً مِنْ بَغْدَادَ، فَاجْتَازَ بَعْضَ2 الطَّرِيقِ، وَإِذَا بِرَجُلٍ عَلَى رَأْسِهِ سَلَّةٌ فِيهَا بَقْلٌ، وَهُوَ يَقُولُ لآخَرَ: مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَرَاخِي3 الاسْتِثْنَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَلَوْ صَحَّ لَمَا قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى لأَيُّوبَ عليه السلام: {وَخُذْ بِيَدِك ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} 4 بَلْ كَانَ يَقُولُ لَهُ: اسْتَثْنِ، وَلا حَاجَةَ إلَى التَّوَسُّلِ إلَى الْبِرِّ بِذَلِكَ، فَقَالَ5 الشَّيْخُ6 أَبُو إِسْحَاقَ: بَلْدَةٌ فِيهَا رَجُلٌ يَحْمِلُ الْبَقْلَ يَرُدُّ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: لا تَسْتَحِقُّ7 أَنْ يُخْرَجُ مِنْهَا.

وَمِنْ لَطِيفِ مَا يُحْكَى: أَنَّ الرَّشِيدَ8 اسْتَدْعَى أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِيَ

1 هو محمد بن محمود بن الحسن، محب الدين، أبو عبد الله، ابن النجار البغدادي، كان حافظاً ثقة مؤرخاً، وكان من أعيان الحفاظ الثقات، مع الدين والصيانة والفهم وسعة الرواية، سمع الحديث بأصبهان ونيسابور وهراة ودمشق ومصر، وله المصنفات الكثيرة النافعة التي تدل على سعة علمه وفهمه وفضله، منها "تاريخ بغداد" وه ذيل على "تاريخ بغداد" للخطيب، في ثلاثين مجلداً، وهو "المؤتلف" ذيل على ابن ماكولا، و "المتفق" و "الأنساب" و "الكمال" في الرجال، و "تاريخ المدينة" و "مناقب الشافعي" توفي سنة 643هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/98، طبقات الحافظ ص449، تذكرة الحفاظ 4/1428، مرآة الجنان 4/111، البداية والنهاية 13/169، فوائد الوفيات 2/522، مفتاح السعادة 1/259".

وفي ع: ابن البخاري.

2 في ز ض ع ب: في بعض.

3 ساقطة من ض.

4 الآية 44 من سورة ص.

5 في ض: قال.

6 ساقطة من ب.

7 في ش ض ع ب: يستحق.

8 هو الخليفة هارون المهدي محمد بن المنصور، خامس خلفاء بني العباس وأشهرهم، تولى الخلافة سنة 170هـ، وكان من أمير الخلفاء، وأجل ملوك الدنيا، كثير الغزو والجهاد والحج، وكان كثير العبادة والورع، يحب العلم وأهله، ويعظم حرمات الإسلام، وازدهرت الدولة في أيامه، وكان عالماً والفقه والحديث وأخبار العرب، فصيحاً، شجاعاً كريماً حازماً متواضعاً، يحج سنة ويغزو سنة، توفي بطوس أثناء ذهابه للحج سنة 193هـ.

انظر ترجمته في "تاريخ الخلفاء ص 283، فوات الوفيات 2/616، البداية والنهاية 10/213، تاريخ بغداد 14/5، البدء والتاريخ 6/101، الأعلام للزركلي 9/43".

ص: 302

وَقَالَ لَهُ1: كَيْفَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الاسْتِثْنَاءِ؟ فَقَالَ: يُلْحَقُ عِنْدَهُ بِالْخِطَابِ، وَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِهِ2 وَلَوْ بَعْدَ زَمَانٍ، فَقَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْك أَنْ تُفْتِيَ بِهِ وَلا تُخَالِفْهُ، وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ لَطِيفًا فِيمَا يُورِدُهُ، مُتَأَنِّيًا فِيمَا يَقُولُهُ، فَقَالَ: رَأْيُ ابْنِ عَبَّاسِ يُفْسِدُ عَلَيْك بَيْعَتَك، لأَنَّ مَنْ حَلَفَ لَك وَبَايَعَك يَرْجِعُ3 إلَى مَنْزِلِهِ فَيَسْتَثْنِي، فَانْتَبَهَ الرَّشِيدُ، وَقَالَ: إيَّاكَ أَنْ تُعَرِّفَ النَّاسَ4 مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ، وَاكْتُمْهُ.

وَوَقَعَ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ لأَبِي حَنِيفَةَ5 مَعَ الْمَنْصُورِ6.

"وَ" شَرْطٌ أَيْضًا لِلاسْتِثْنَاءِ "نِيَّتُهُ7" أَيْ أَنْ8 يَنْوِيَ الْمُسْتَثْنِي "قَبْلَ تَمَامِ

1 في ض ب: فقال، وفي ع: وقال

2 في ض ب: ويغير حكمه.

3 في ض ب: ويرجع.

4 ساقطة من ض.

5 انظر: فواتح الرحموت 1/322، تيسير التحرير 1/298، الكشاف 2/480.

6 هو الخليفة عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، أبو جعفر المنصور، ثاني خلفاء بني العباس، بويع بالخلافة سنة 137هـ، وكان عمره اثنتين وأربعين سنة، وكان مهيباً شجاعاً حازماً، كثير الجد والتفكير، كامل العقل، يشارك في العلم، وكان عارفاً بالفقه والأدب، مقدماً في الفلسفة والفلك، محباً للعلماء، وانتشر العلم في زمانه، وبني بغداد وغيرها، وتفي في أثناء ذهابه للحج سنة 158هـ، ودفن في الحجون بمكة المكرمة.

انظر ترجمته في "تاريخ الخلفاء ص259، البداية والنهاية 10/121، فوات الوفيات 1/488، المعارف ص377، البدء والتاريخ 6/90، تاريخ بغداد10/53، العقد الثمين 5/248، الأعلام للزركلي 5/259".

7 في ن: نية.

8 ساقطة من ب

ص: 303

مُسْتَثْنًى مِنْهُ" عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيَّةِ1.

قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: اتَّفَقَ2 الذَّاهِبُونَ إلَى اشْتِرَاطِ اتِّصَالِهِ: أَنْ يَنْوِيَ فِي الْكَلامِ، فَلَوْ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ نِيَّةُ الاسْتِثْنَاءِ إلَاّ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُسْتَثْنَى3 مِنْهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.

ثُمَّ قِيلَ: يُعْتَبَرُ وُجُودُ النِّيَّةِ فِي أَوَّلِ الْكَلامِ.

وَقِيلَ يُكْتَفَى بِوُجُودِهَا قَبْلَ فَرَاغِهِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ4. اهـ.

"وَ" شَرْطٌ أَيْضًا لِلاسْتِثْنَاءِ "نُطْقٌ بِهِ" أَيْ بِالْمُسْتَثْنَى5 "إلَاّ فِي يَمِينِ مَظْلُومٍ6 خَائِفٍ بِنُطْقِهِ7".

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الْفُرُوعِ: وَيُعْتَبَرُ نُطْقُهُ إلَاّ مِنْ مَظْلُومٍ خَائِفٍ8، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُسْتَوْعَبِ9 " خَائِفٍ" وَالأَصْحَابُ عَلَى

1 انظر: المسودة ص153، مختصر البعلي ص119، القواعد والفوائد الأصولية ص 252، فواتح الرحموت 1/326، الفروع لابن مفلح 6/343، الإنصاف 11/27

2 في ع: واتفق.

3 ساقطة من ز.

4 وهناك أقوال كثيرة في تعيين محل النية أول الكلام، أو بعده بفاصل يسير، أو قبل تكميل المستثنى منه، أو عدم النية أصلاً.

"انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص2525، مختصر البعلي ص119، الإنصاف 11/27".

5 في ض ب: المستثنى.

6 ساقطة من ش ز، وفي د: مطلق، وفي "مختصر البعلي":"إلا في اليمين لخائف من نطقه".

7 انظر: المغني 9/523، مختصر البعلي ص119، إرشاد الفحول ص147.

8 في ز: وخائف.

9 المستوعب للعلامة محمد بن عبد الله السامري، وهو متن مختصر في المذهب الحنلبي.

"انظر: المدخل إلى المذهب أحمد ص 210".

ص: 304

الأَوَّلِ1.

قَالَ2 فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ إنْ كَانَ مَظْلُومًا فَاسْتَثْنَى فِي نَفْسِهِ رَجَوْتُ أَنْ يَجُوزَ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ، فَهَذَا فِي حَقِّ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ، لأَنَّ يَمِينَهُ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ، أَوْ3 لأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَأَوِّلِ4. انْتَهَى5.

"لا تَأْخِيرُهُ" يَعْنِي أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِي الاسْتِثْنَاءِ تَأْخِيرُ الْمُسْتَثْنَى عَنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي اللَّفْظِ. فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عِنْدَ الْكُلِّ6، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:"إنِّي وَاَللَّهِ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ" 7 الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ8، وَكَقَوْلِ الْكُمَيْتِ9:

1 انظر: الفروع 6/3253.

2 في ع: وقال، وفي ب: قاله.

3 في ض: و.

4 الشرح الكبير مع المغني11/228، المغني 9/529

5 في ز: انتهيا.

6 اختلف العلماء في هذه المسألة، فقال بعضهم لا يجوز تقديم المستثنى في أول الكلام ولو تقدمه حرف نفي.

"انظر: الإحكام للآمدي 2/28، القواعد والفوائد الأصولية ص253، العدة2/664، شرح الورقات ص111، التمهيد ص116، مختصر البعلي ص119، المسودة ص 154، اللمع ص 23".

7 ساقطة من ز.

8 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعاً.

"انظر: صحيح البخاري 4/100 المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 11/110، سنن أبي داود 2/205، سنن النسائي 7/9، سنن ابن ماجه 1/681، مسند أحمد 4/398، 401، التخليص الحبير 4/170".

9 هو الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي، أبو المستهل، شاعر الهاشميين، من أهل الكوفة، عاش في عهدة الدولة الأموية، وكان معروفاً بالتشيع، وكان عالماً بآداب اللغة ولغاتها، وأخبار العرب وأنسابهم، وكان من شعراء مضر، وكان متعصباً للمضرية على القحطانية، وكان معلماً ومنحازاً لبني هاشم، وأشهر شعره وأجوده "الهاشميات" وهو من أصحاب الملحمات الشعرية، توفي سنة 126هـ

انظر ترجمته وحياته في "الأغاني 18/6265ط الشعب، الشعر والشعراء لابن قتيبة 562، الأعلام للزركلي 6/92، المعارف ص547، النجوم المزهرة 1/300".

ص: 305

وَمَا لِي إلَاّ آلَ أَحْمَدَ. شِيعَةٌ1

وَمَالِي إلَاّ مَذْهَبَ الْحَقِّ مَذْهَبٌ2

"وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ" فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لأَصْحَابِنَا3.

قَالَ فِي الإِنْصَافِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ4.قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةُ: الصِّحَّةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ5، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحُ الْمُحَرِّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ6،

وَ

1 في ش: شرعة.

2 هذا البيت للكميت من قصيدة يمدح بها آل البيت ومطلعها:

طربت، وما شوقاً إلى البيض أطرب

ولا لعباً مني، وذو الشيب يلعب

واستشهد بالبيت السابق بهذا اللفظ في "الأغاني"و "مجالس ثعلب"و "شذور الذهب" و "شواهد الألفية" للعيني و "شرح الأشموني" لألفية ابن مالك، واستشهد به بلفظ"ومالي إلا مشعب الحق مشعب" في"المقتضب" للمبرد و"الإنصاف" و "الجمل" للزجاجي، و"شرح المفصل" لابن يعيش الحلبي و"خزانة الأدب" للبغدادي.

"انظر: معجم شواهد العربية 1/35، شرح شذور الذهب 263، شرح ابن عقيل 1/601".

وانظر: اللمع ص 23، البرهان 1/383.

3 وهو رأي الجمهور من الشافعية والمالكية والحنفية والراجح عند الحنابلة.

"أنظر: جمع الجوامع 2/14، البرهان 1/396، العدة 2/667، العضد على ابن الحاجب 2/183، المحصول ج1 ق3/53، التمهيد ص 119، الروضة 2/255، المسودة ص 155، مختصر البعلي ص 119، مختصر الطوفي ص 112، نزهة الخاطر 2/181، المساعد 1/571، القواعد والفوائد الأصولية ص 247، المستصفى 2/172، مناهج العقول 2/116، التبصرة ص168ن نهاية السول 2/118، الشرح الكبير 5/301، الإنصاف 12/172".

4 الإنصاف 12/172.

5 الإفصاح 2/265، وانظر. القواعد والفوائد الأصولية ص 247، الإنصاف 12/172.

6 وهما "الرعاية الكبرى" و"الراعية الصغرى" وكلتاهما لابن حمدان. "انظر: المدخل إلى مذهب احمد ص 239".

ص: 306

الْحَاوِي الصَّغِيرِ1، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ2 فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الإِرْشَادِ وَالْوَجِيزِ3 وَالْمُنَوَّرِ، وَمُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ4، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ فِي الإِطْلاقِ5 وَالإِقْرَارِ؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِمَا6: لا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الأَكْثَرِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ7.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لا يَصِحُّ8.

"لا الأَكْثَرُ" يَعْنِي أَنَّهُ لا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ مِنْ عَدَدٍ مُسَمًّى،

1 لعله لأبي طالب عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم البصري الحنبلي، وله "الحاوي الكبير". "أنظر المدخل إلى مذهب أحمد ص 208".

2 هو علي بن عمر بن أحمد

ابن عبدوس الحراني الفقيه الزاهد الواعظ، أبو الحسن، تفقه وبرع في الفقه والتفسير والوعظ، والغالب على كلامه التذكير وعلوم المعاملات، وله تفسير كبير، توفي سنة 559هـ بحران، قال المرداوي:"التذكرة لابن عبدوس فإنه بناها على الصحيح من المذهب".

"انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/241، المدخل إلى مذهب أحمد ص 209، الإنصاف 1/14، 16".

3 لعله لعبد الله بن محمد بن أبي بكر بن إسماعيل الزريراني البغدادي، فقيه العراق ومفتي الآفاق، المتوفي سنة 732هـ."انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 206".

4 قال الرداوي: "المنتخب للشيخ تقي الدين أحمد بن محمد الآدمي البغدادي""الإنصاف 1/14".

وهناك "المنتخب في الفقه" مجلدان تصنيف عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمد بن علي الشيرازي، ثم الدمشقي، الفقه الواعظ. "انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 208".

5 في ش: الإطلاق.

6 في ز: فيها.

7انظر: المحرر في الفقه، ومعه النكت والفوائد 2/456، المغني 5/130، مختصر البعلي ص 119، مختصر الطوفي ص 112، المسودة ص155، الإنصاف 12/172

8 انظر: المغني 5/130، مختصر الطوفي ص 112، مختصر البعلي ص 119، المسودة ص 155، الإنصاف 12/173.

ص: 307

كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَاّ سِتَّةً، عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَصْحَابِهِ1 وَأَبِي يُوسُفَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَأَكْثَرِ النُّحَاةِ2، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: أَنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ3، وَنَقَلَهُ أَبُو حَامِدٍ الإسْفَرايِينِيّ وَأَبُو4 حَيَّانَ فِي الارْتِشَافِ عَنْ نُحَاةِ الْبَصْرَةِ. وَنَقَلَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُ عَنْ الأَشْعَرِيِّ5.

وَقِيلَ: بَلَى6.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ: يَصِحُّ7

1 انظر: المغني 5/129، مختصر البعلي ص119، مختصر الطوفي ص 112، الإنصاف 12/171.

2 انظر: المساعد 1/571.

3 انظر: الإفصاح 2/264.

4 في ض: وابن.

5 وهو قول ابن درستويه وغيره من البصريين.

"انظر: العدة 2/666، المسودة ص 154، الروضة 2/255، المساعد 1/571، القواعد والفوائد الأصولية ص 247، مختصر ابن الحاجب 2/138، المستصفى 2/171، الشرح الكبير 5/301، المعتمد 1/363، التبصرة ص 168، إرشاد الفحول ص 149".

وفي ش: الأشعرية.

6 انظر: الإنصاف 12/172.

7 وهو قول أكثر الكوفيين، وبه قال أبو عبيد والسيرافي واختاره ابن خروف والشلوبين وأبو بكر الخلال وغيره من الحنابلة، وفي المسألة عدة أقوال.

أما استثناء الكل أو الاستثناء المستغرق فباطل باتفاق، إلا في قول شاذ.

انظر هذه الأقوال مع أدلتها ومناقشتها في "التلويح على التوضيح 2/302، كشف الأسرار 3/122، فواتح الرحموت 1/323، 324، تيسير التحرير 1/300، شرح تنقيح الفصول ص 244، البرهان 1/396، شرح الورقات ص 110، نهاية السول 2/118، المسودة ص 155، الروضة 2/255، المساعد 1/571، التمهيد ص 118، 119، الفروق للقرافي 3/168، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/138، المحصول جـ 1ق3/53، الإحكام للآمدي 2/297، المستصفي 2/170، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/14، 15، إرشاد الفحول ص 149، الافصاح 2/264".

ص: 308

وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الأَكْثَرِ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "إلَاّ إذَا كَانَتْ الْكَثْرَةُ مِنْ1 دَلِيلٍ خَارِجٍ عَنْ اللَّفْظِ2" 3 نَحْوُ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى: {إلَاّ مَنْ اتَّبَعَك مِنْ الْغَاوِينَ} 4 وقَوْله تَعَالَى: {إلَاّ عِبَادَك مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ} 5 وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} 6 لأَنَّ7 هَذَا تَخْصِيصٌ بِصِفَةٍ، فَإِنَّهُ يُسْتَثْنَى8 بِالصِّفَةِ مَجْهُولٌ مِنْ مَعْلُومٍ وَمِنْ مَجْهُولٍ، وَيُسْتَثْنَى الْجَمِيعُ أَيْضًا9.

1 في ش: عن.

2 ساقطة من ض.

3: المسودة ص 155، القواعد والفوائد الأصولية ص 247، 248، الإحكام لابن حزم 1/402.

4 الآية 42 من الحجر، وأول الآية:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} .

5 الآية 40 من الحجر، والآية التي قبلها:{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ، والآية 83من سورة ص، والآية التي قبلها:{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} .

6 الآية 130 من يوسف

استثنى الغاوين، وهم أكثر من غيرهم بدليل قوله تعالى:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} ، وهذا يدل على أن الأكثر ليس بمؤمن.

"انظر: العضد على ابن الحاجب 2/139، الإحكام للآمدي 2/297، فواتح الرحموت 1/324".

7 في ش: إن.

8 في ب: استثناء.

9 هذه بعض أدلة الجمهور في جواز استثناء الأكثر، وأنه لا فرق بين العدد والصفة عندهم، وهناك أدلة أخرى كثيرة.

"فانظر: العدة 2/669، 676، المسودة ص 155، الروضة 2/255، القواعد والفوائد الأصولية ص 248، نهاية السول 2/118، وما بعدها، التبصرة ص 169، اللمع ص 24، مناهج العقول 2/116، شرح تنقيح الفصول ص 245، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 1/138، المحصول جـ 1ق 3/122، تيسير التحرير 1/300 وما بعدها، الإحكام للآمدي 2/297، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/14، فواتح الرحموت 1/324، كشف الأسرار 3/112، إرشاد الفحول ص149".

ص: 309

فَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ مَنْ فِي الدَّارِ إلَاّ بَنِي تَمِيمٍ، أَوْ1 إلَاّ الْبِيضَ، فَكَانُوا كُلُّهُمْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ بِيضًا لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُمْ، بِخِلافِ الْعَدَدِ. ثُمَّ الْجِنْسُ ظَاهِرٌ وَالْعَدَدُ صَرِيحٌ، فَلِهَذَا فَرَّقَتْ اللُّغَةُ بَيْنَهُمَا2.

وَبِهَذَا يُجَابُ أَيْضًا عَمَّا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي3 ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل: "يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَاّ مَنْ أَطْعَمْته"4.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ عَنْ ذَلِكَ: لا خِلافَ فِيهِ، لَكِنْ اتَّفَقُوا5 عَلَى6 أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهَذِهِ الدَّارِ إلَاّ هَذَا الْبَيْتَ صَحَّ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَهَا، بِخِلافِ إلَاّ ثُلُثَيْهَا، فَإِنَّهُ عَلَى الْخِلافِ.

وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُسَوَّدَةِ: لا خِلافَ فِي جَوَازِهِ، إذَا كَانَتْ الْكَثْرَةُ مِنْ دَلِيلٍ خَارِجٍ لا مِنْ اللَّفْظِ قَالُوا7: كَالتَّخْصِيصِ، وَكَاسْتِثْنَاءِ الأَقَلِّ،

1 في ز: و.

2 قال الآمدي:" إنما يمتنع استثناء الأكثر إذا كان عدد المستثنى والمستثنى منه مصرحاً به، فإن لم يكن، نحو: جاء بنو تميم إلا الأراذل منهم، فإنه يصح من غير استقباح، وإن كانت الأراذل أكثر""الإحكام للآمدي 2/297".

"وانظر: نهاية السول 2/119، العضد على ابن الحاجب 2/138، القواعد والفوائد الأصولية ص 248".

3 في ض: أبا

4 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/138،139، فواتح الرحموت 1/325، تيسير التحرير 1/301، إرشاد الفحول ص149، والحديث سبق تخريجه ص 125.

5 في ش: اختلفوا.

6 ساقطة من ز ش ض ب.

7 في ز ش ع: قالوا.

ص: 310

وَجَوَابُهُ وَاضِحٌ، وَعَجِبَ مِنْ ذِكْرِ الْخِلافِ، ثُمَّ يَحْتَجُّ بِالإِجْمَاعِ أَنَّ1 مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةٍ2 إلَاّ دِرْهَمًا يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ3.

"وَحَيْثُ بَطَلَ" الاسْتِثْنَاءُ "وَاسْتَثْنَى مِنْهُ" أَيْ مِنْ الْمُسْتَثْنَى4 "رَجَعَ" الاسْتِثْنَاءُ "إلَى مَا قَبْلَهُ" أَيْ مَا5 قَبْلَ الْمُسْتَثْنَى، وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوَّلاً6.

قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ: جَزَمَ7 بِهِ فِي الْمُغْنِي8.

وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْكُلُّ9.

وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مَا يَئُولُ10 إلَيْهِ الاسْتِثْنَاءاتُ11.

قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي.

فَيَتَفَرَّعُ12 عَلَى ذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَاّ عَشْرَةً إلَاّ ثَلاثَةً، فَعَلَى الْقَوْلِ

1 في ع: أنه.

2 في ش: بعشر.

3 انظر: المسودة ص155.

وقال الإسنوي: "لو قال قائل: علي عشرة إلا تسعة، لكان يلزمه واحد بإجماع الفقهاء""نهاية السول 2/118".

وانظر: مناهج العقول 2/116، فواتح الرحموت 1/325.

4 ساقطة من ض ب.

5 ساقطة من ض.

6 انظر: مختصر البعلي ص 119، القواعد والفوائد الأصولية ص 245.

7 في ب: وجزم.

8 انظر: المحرر في الفقه ومعه النكت الفوائد 2/458، المغني 5/116.

9 انظر: مختصر البعلي ص 119، القواعد والفوائد الأصولية ص 254.

10 في ع: تؤول

11 انظر: المحرر في الفقه والنكت والفوائد 2/458، مختصر البعلي ص 119، القواعد والفوائد الأصولية ص 254.

12 في ع: فيفرع.

ص: 311

الأَوَّلِ: يَلْزَمُهُ1 سَبْعَةٌ، لأَنَّ الاسْتِثْنَاءَ الأَوَّلَ لَمْ يَصِحَّ فَيَسْقُطُ، فَيَبْقَى كَأَنَّهُ اسْتَثْنَى ثَلاثَةً مِنْ عَشَرَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، لِبُطْلانِ الاسْتِثْنَاءَيْنِ، وَعَلَى الثَّالِثِ: يَلْزَمُهُ ثَلاثَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَهُ2 عَلَيَّ عَشَرَةٌ تَلْزَمُنِي، إلَاّ عَشَرَةً لا تَلْزَمُنِي، إلَاّ ثَلاثَةً تَلْزَمُنِي3.

"وَيُسْتَثْنَى بِصِفَةِ مَجْهُولٍ مِنْ مَعْلُومٍ، وَمِنْ مَجْهُولٍ، وَالْجَمِيعِ، كَاقْتُلْ مَنْ فِي الدَّارِ إلَاّ الْبِيضَ، فَكَانُوا كُلُّهُمْ بِيضًا لَمْ يُقْتَلُوا". قَالَهُ4 ابْنُ مُفْلِحٍ: وَغَيْرُهُ5، وَتَقَدَّمَتْ الإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ6.

"وَإِذَا تَعَقَّبَ الاسْتِثْنَاءُ جُمَلاً بِوَاوِ عَطْفٍ" وَصَلَحَ عَوْدُهُ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَلا مَانِعَ "أَوْ" تَعَقَّبَ7 الاسْتِثْنَاءُ جُمَلاً مُتَعَاطِفَةً "بِمَا فِي مَعْنَاهَا" أَيْ مَعْنَى8 الْوَاوِ "كَالْفَاءِ، وَثُمَّ9، وَصَلَحَ عَوْدُهُ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ10" مِنْ الْجُمَلِ

1 في ع: تلزمه.

2 ساقطة من ش ز ع ض.

3 انظر: المحرر في الفقه ومعه النكت والفوائد 2/458، مختصر البعلي ص119، القواعد والفوائد الأصولية ص254.

4 في ش ز ع: قال.

5 ساقطة من ش.

6 صفحة 309، وانظر: مختصر البعلي ص 120.

7 في ض: تعقبت.

8 في ب: المنع.

9 فصل في ذلك إمام الحرمين الجويني في "النهاية" والآمدي وابن الحاجب والإسنوي وغيرهم، واشترطوا أن يكون العطف بالواو فقط، فإن كان بثم وغيرها فيختص الاستثناء بالجملة الأخيرة.

"انظر: التمهيد ص 120، التبصرة ص 172، جمع الجوامع 2/17، الإحكام للآمدي 2/300، مختصر ابن الحاجب 2/139، شرح تنقيح الفصول ص 253، تيسير التحرير 1/302، إرشاد الفحول ص 152، نهاية السول 2/128".

10 في ب: واحد.

ص: 312

"وَلا مَانِعَ" مِنْ ذَلِكَ "فَلِلْجَمِيعِ" أَيْ فَيَعُودُ الاسْتِثْنَاءُ لِلْجَمِيعِ "كَبَعْدِ مُفْرَدَاتٍ" يَعْنِي كَمَا لَوْ تَعَقَّبَ الاسْتِثْنَاءُ مُفْرَدَاتٍ، فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى جَمِيعِهَا1.

أَمَّا كَوْنُ الاسْتِثْنَاءِ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلاً يَرْجِعُ إلَى جَمِيعِهَا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ: فَعِنْدَ الأَئِمَّةِ الثَّلاثَةِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِمْ2.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالرَّازِيِّ وَالْمَجْدِ: يَرْجِعُ إلَى الْجُمْلَةِ3 الأَخِيرَةِ4.

1 انظر هذه المسألة في "المحصول ج 1 ق 3/63، مناهج العقول 2/126، التبصرة ص 172، مختصر ابن الحاجب 2/139، الإحكام للآمدي 2/174، المستصفى 21/174، نهاية السول 2/128، جمع الجوامع 2/17، فواتح الرحموت 1/322، المنخول ص 160، المعقد 1/264، العدة 2/678، الإحكام لابن حزم 1/47، مختصر البعلي ص 119، مختصر الطوفي ص112، المسودة ص 156، 158، الروضة 2/257، نزهة الخاطر 2/185، القواعد والفوائد الأصولية ص 257، 258، التمهيد ص119، تخريج الفروع على الأصول ص 204، فتح الغفار 2/128، تيسير التحرير 1/302، التلويح على التوضيح 2/303، اللمع ص24، شرح تنقيح الفصول ص249، البرهان 1/288، إرشاد الفحول ص150، مباحث الكتاب والسنة ص 211".

2 انظر: المسودة ص 156، القواعد والفوائد الأصولية ص 257، التمهيد ص 120، والمراجع السابقة.

3 في ش ض ع ب: للجملة.

4 اختار الرازي هذا القول في "المعالم" وتوقف في "المحصول" ونقله أبو الحسين البصري في "المعتمد" عن الظاهرية.

انظر هذا القول مع أدلته ومناقشتها في "التلويح على التوضيح 2/303، فواتح الرحموت 1/322، أصول السرخسي 1/275، تيسير التحرير 1/302، 305، فتح الغفار 2/128، كشف الأسرار 3/123، المحصول ج 1 ق 3/63، 67، الإحكام للآمدي 2/300، 302، ومابعدها، المستصفى 2/174، 176، جمع الجوامع 2/18، البرهان 1/388، المنخول ص 160، المعتمد 1/264، شرح تنقيح الفصول ص 249، نهاية السول 2/128، التبصرة ص 173، مناهج العقول 2/126، تخريج الفروع على الأصول ص205، التمهيد ص 120، الروضة 2/257، المسودة ص 156، العدة 2/679، مختصر الطوفي ص 112، مختصر البعلي ص 120، القواعد والفوائد الأصولية ص 257، مباحث الكتاب والسنة ص 211، اللمع ص 24".

ص: 313

وَقِيلَ: إنْ تَبَيَّنَ إضْرَابٌ عَنْ الأُولَى فَلِلأَخِيرَةِ، وَإِلَاّ فَلِلْجَمِيعِ1.

وَالإِضْرَابُ: أَنْ يَخْتَلِفَا نَوْعًا أَوْ2 اسْمًا مُطْلَقًا أَوْ حُكْمًا، اشْتَرَكَتْ الْجُمْلَتَانِ فِي غَرَضٍ وَاحِدٍ أَوْ لا3، وَالْغَرَضُ الْحَمْلُ4.

وَقِيلَ: بِالْوَقْفِ5.

وَقَالَ الْمُرْتَضَى6: بِالاشْتِرَاكِ7.

1 وهذا قول جماعة من المعتزلة، منهم عبد الجبار وأبو الحسين البصري، واختاره القاضي أبو يعلى في "الكفاية".

"انظر: المعتمد 1/265 وما بعدها، البرهان 1/393، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/139، 140، المحصول ج1 ق3 /64، الإحكام للآمدي 2/300، جمع الجوامع 2/17، تيسير التحرير 1/302، مختصر البعلي ص120، فواتح الرحموت 1/333، إرشاد الفحول ص 151".

2 في ض ب: و.

3 في ض بك أولي.

4 أي أن يكون بين الجمل تعلق بأن يكون حكم الأولى أو اسمها مضمراً في الثانية، فلا تستقل الثانية إلا مع الأولى، مثل أكرم الفقهاء ووالزهاد إلا المبتدعة، ومثل أكرم الفقهاء أو أنفق عليهم إلا المبتدعة.

انظر توضيح ذلك مع الأمثلة والبيان في "القواعد والفوائد الأصولية ص257، العضد على ابن الحاجب 2/140، المحصول جـ 1ق 3/64، وما بعدها، الإحكام للآمدي 2/300، شرح تنقيح الفصول ص249، إرشاد الفحول ص 151، والمراجع السابقة في الهامش1".

5 وهو قول الشعرية، منهم الباقلاني والغزالي لتعارض الأدلة.

"انظر: نهاية السول 2/128، مختصر ابن الحاجب 2/139، المحصول جـ1 ق3/64، الإحكام للآمدي 2/301، جمع الجوامع 2/18، المستصفى 2/174، فواتح الرحموت 1/333، تيسير التحرير 1/302، العدة 2/679، المسودة ص 156، مختصر البعلي ص120، القواعد والفوائد الأصولية ص 257، مناهج العقول 2/126، إرشاد الفحول ص150، التبصرة ص173، اللمع ص24، البرهان 1/395".

6 في ش: الرضي.

7 أي بالاشتراك اللفظي كالقرء والعين، لأنه ورد للأخيرة وللكل ولبعض الجمل المتقدمة قال البعلي:"وحاصل ذلك أن يكون مجملاً""مختصر البعلي ص120"، وقال العضد:"وهذان "القولان" موافقان للحنفية في الحكم، وان خالفا في المآخذ، لأنه يرجع إلى الأخيرة، فيثبت حكمه فيها، ولا يثبت في غيرها كالحنفية""العضد على ابن الحاجب 2/139".

"وانظر: مختصر ابن الحاجب 2/139، الإحكام للآمدي 2/301، جمع الجوامع 2/18، تيسير التحرير 1/302، نهاية السول 2/128، شرح تنقيح الفصول ص249، مناهج العقول 2/126، مختصر الطوفي ص 112، فواتح الرحموت 1/333، القواعد والفوائد الأصولية ص 258".

ص: 314

وَالآمِدِيُّ: إنْ ظَهَرَ أَنَّ الْوَاوَ لِلابْتِدَاءِ رَجَعَ لِلْجُمْلَةِ الأَخِيرَةِ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهَا عَاطِفَةٌ رَجَعَ1 لِلْجَمِيعِ2، وَإِنْ أَمْكَنَا فَالْوَقْفُ3.

وَقِيلَ: إنْ4 كَانَ تَعَلَّقَ رَجَعَ إلَى الْجَمِيعِ، وَإِلَاّ فَلِلأَخِيرَةِ5.

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ: فَإِنْ تَعَقَّبَ الاسْتِثْنَاءَ جُمَلاً، وَإِنْ لَمْ6 يُمْكِنْ عَوْدُهُ إلَى كُلٍّ مِنْهَا لِدَلِيلٍ اقْتَضَى عَوْدَهُ إلَى الأُولَى فَقَطْ، أَوْ إلَى الأَخِيرَةِ فَقَطْ7 أَوْ إلَى كُلٍّ مِنْهَا بِالدَّلِيلِ: فَلا خِلافَ فِي الْعَوْدِ إلَى مَا قَامَ لَهُ الدَّلِيلُ8.

1 في ض: ترجع.

2 في ز: إلى الجمع.

3 وهذه اختيار ابن الحاجب، وقال العضد:" ومرجع هذا المذهب على الوقف، لأن القائل به يقول به عند عدم القرينة "العضد على ابن الحاجب 2/140".

"وانظر: الإحكام للآمدي 2/301، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/17، مختصر ابن الحاجب 2/139".

4 في ع: أنه.

5 وهذا ما رجحه الشوكاني، وهناك أقوال أخرى في المسألة.

"انظر: المحصول جـ1 ق3/64، إرشاد الفحول ص151، نهاية السول 2/128،130، البرهان 1/393،، المعتمد 1/265، مناهج العقول 2/126، مختصر الطوفي ص112، مباحث الكتاب والسنة ص 211، القواعد والفوائد الأصولية ص 258، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/139، 140".

6 في ش ز: وإن لم.

7 ساقطة من ش.

8 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/139.

ص: 315

مِثَالُ مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الأُولَى1 فَقَطْ: قَوْلُهُ سبحانه وتعالى {إنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهْرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إلَاّ مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} 2 فَالاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ إلَاّ3 مَنْ "اغْتَرَفَ" إنَّمَا يَعُودُ إلَى "مِنْهُ" لا إلَى "مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ"4.

وقَوْله تَعَالَى: {لا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنُهُنَّ إلَاّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك} 5 فَاسْتِثْنَاءُ "مَا مَلَكَتْ يَمِينُك6" يَعُودُ إلَى لَفْظِ "النِّسَاءِ" لا إلَى الأَزْوَاجِ، لأَنَّ زَوْجَتَهُ لا تَكُونُ مِلْكَ يَمِينِهِ.

وَحَدِيثِ: "لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلا فِي 7 فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إلَاّ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيق" 8 وَنَحْوِ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنْ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ

1 ساقطة من ب.

2 الآية 249 من البقرة.

3 ساقطة من ش ز.

4 انظر: نهاية السول 2/128، شرح تنقيح الفصول ص 252.

5 الآية 52 من الأحزاب.

6 ساقطة من ع.

7 ساقطة من ض ع ب.

8 هذا الحديث بهذا اللفظ رواه أبو داود عن أبي هريرة مرفوعاً، قال المنذري:" وفي إسناده رجل مجهول" وأسنده ابن حزم في "المحلى".

ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك وأحمد والدارمي بدون الاستثناء "إلا زكاة الفطر في الرقيق" عن أبي هريرة مرفوعاً، وفي رواية "ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر" ورواه أبو داود بلفظ "ليس في الخيل والرقيق زكاة إلا زكاة الفطر في الرقيق".

"انظر: صحيح البخاري 1/175المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 7/55، 56، سنن أبي داود 1/369، تحفة الأحوذي 3/268، سنن النسائي 5/25، سنن ابن ماجه 1/578، الموطأ ص 186 ط الشعب، مسند أحمد 2/242، سنن الدارمي 1/384، مختصر سنن أبي داود2/206، المحلى لابن حزم 6/133، نيل الأوطار 4/203، فيض القدير 5/369".

ص: 316

لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إلَاّ قَلِيلاً} 1 اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْجُمْلَةِ الأُولَى2.

وَمِثَالُ الْعَائِدِ3 إلَى الأَخِيرَةِ4 جَزْمًا لِلدَّلِيلِ5 قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} 6الآيَةَ فَإِنَّ {إلَاّ أَنْ يَصَّدَّقُوا} إنَّمَا يَعُودُ لِلدِّيَةِ لا لِلْكَفَّارَةِ7، وَنَحْوُ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{إلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} 8. لا يَعُودُ لِلسُّكَارَى لأَنَّ السَّكْرَانَ مَمْنُوعٌ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، إذْ لا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهُ.

1 الآية 83 من النساء، وفي ز ع ض ب: {

أَذَاعُواْ بِهِ..إلى.. إِلَاّ قَلِيلاً} .

وللمفسرين أقوال في عودة الاستثناء إلى الأخيرة {لا تبعتم الشيطان} أو إلى الوسط {لعلمه الذين بيتنبطونه} أو إلى الأولى} وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ} ، أو إلى الجميع والإحاطة، ورجح الطبري عوده إلى القسم الأول من الآية.

"انظر: تفسير الطبري 5/183 وما بعدها، تفسير القاسمي 5/1414، تفسير القرطبي 5/292، تفسير البغوي 1/375 المطبعة الشرفية".

2 قال الشوكاني عن الحديث: " وأجاب الجمهور بأنه يبنى عموم قوله في "عبده" على خصوص قوله "من المسلمين" في حديث الباب، ولا يخفى أن قوله: "من المسلمين" أعم من قوله "في عبده" من وجه، وأخص من وجه""نيل الأوطار 4/203".

وانظر: المستصفى 2/179.

3 ساقطة من ب.

4 في ش: الأخير.

5 في ض ب: لدليل، وفي ع: بدليل.

6 الآية 92 من النساء، وتتمة الآية:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَاّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَاّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً} .

7 انظر: المحلي على جمع الجوامع 2/18، الإحكام للآمدي 2/304، المستصفى 2/179، الروضة 2/258.

8 الآية 43من النساء، وفي ش ض ع ب:{إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ} . وأول الآية قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَقْرَبُواْ الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ} .

ص: 317

وَمِثَالُ الْعَائِدِ إلَى الأَخِيرِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ مُحْتَمِلاً: قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآيَةَ1 فَـ {إلَاّ الَّذِينَ 2 تَابُوا} 3 عَائِدٌ إلَى الإِخْبَارِ بِأَنَّهُمْ فَاسِقُونَ قَطْعًا، حَتَّى يَزُولَ عَنْهُمْ بِالتَّوْبَةِ4 اسْمُ الْفِسْقِ، بَلْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَ5يَلْزَمُ مِنْهُ لازِمُ الْفِسْقِ وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ، خِلافًا لأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَزُولُ اسْمُ الْفِسْقِ، وَلا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، عَمَلاً بِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَاعِدَتِهِ، وَهُوَ الْعَوْدُ إلَى الأَخِيرِ، لا إلَى غَيْرِهِ.

وَلا يَعُودُ فِي هَذِهِ الآيَةِ لِلْجَلْدِ الْمَأْمُورِ بِهِ قَطْعًا، لأَنَّ حَد6 الْقَذْفِ حَقٌّ لآدَمِيِّ7، فَلا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ.

وَهَلْ8 يَعُودُ إلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ، فَتُقْبَلَ إذَا تَابَ، أَوْ لا يَعُودُ إلَيْهِ فَلا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟ فِيهِ الْخِلافُ9.

1 الآية 4 من النور، ولفظه: الآية ساقطة من ع، وتتمة الآية:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}

2 في ض ب: فالذين.

3 الآية 5 من النور، وتتمة الآية:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .

4 في ش: بالقربة.

5 في ش: أو، ساقطة من د.

6 في ش ز: حق.

7 في ش: الآدمي.

8 في ب: فهل.

9 انظر: نهاية السول 2/127،128، البرهان 1/389، 394، العضد على ابن الحاجب 2/140، 141، المستصفى 2/178، المحلي على جمع الجوامع 2/19، أصول السرخسي 1/275، فواتح الرحموت 1/337، كشف الأسرار 3/123، 133، العدة 2/678، تيسير التحرير 1/307، التلويح على التوضيح 2/303، المنخول ص160، تخريج الفروع على الأصول ص207، مناهج العقول 2/125، القواعد والفوائد الأصولية ص259،260، اللمع ص24، إرشاد الفحول ص151، الإحكام للآمدي 2/304.

ص: 318

وَمِثَالُ الْعَائِدِ إلَى الْكُلِّ قَطْعًا بِالدَّلِيلِ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إلَاّ الَّذِينَ تَابُوا} 1 فَـ {إلَاّ الَّذِينَ تَابُوا} عَائِدٌ إلَى الْجَمِيعِ بِالإِجْمَاعِ، كَمَا قَالَهُ السَّمْعَانِيُّ2.

3وَكَذَا قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} 4 الآيَةَ فَـ {إلَاّ مَا ذَكَّيْتُمْ} عَائِدٌ إلَى الْكُلِّ.

وَكَذَا قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَاَلَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ} الآيَاتِ5 فَ {إلَاّ مَنْ تَابَ} عَائِدٌ إلَى الْجَمِيعِ.

1 الآيتان 33-34 من المائدة، وفي ب ض ز ع:{........وَرَسُولَهُ} ، الآية.

2 انظر: نهاية السول 2/128، المحلي على جمع الجوامع 2/18، تفسير الطبري 6/220 ومابعدها، تفسير ابن كثير 2/52 طبعة الحلبي، تفسير القرطبي 6/158، تفسير القاسمي 6/1955.

3 ساقطة من ش.

"وانظر: شرح تنقيح الفصول ص 252، تفسير الطبري 6/73، تفسير ابن كثير 2/10 ط الحلبي، تفسير القاسمي 6/1820، تفسير القرطبي 6/50".

4 الآية 3من المائدة. وفي ش: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} إلى {إِلَاّ مَا ذَكَّيْتُمْ} .

وتتمة الآية: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَاّ مَا ذَكَّيْتُمْ} .

5 الآيات 68-71 من الفرقان.

ص: 319

قَالَ السُّهَيْلِيُّ: بِلا خِلافٍ1.

وَأَمَّا مَا تَجَرَّدَ عَنْ2 الْقَرَائِنِ وَأَمْكَنَ عَوْدُهُ إلَى الأَخِيرِ وَإِلَى الْجَمِيعِ: فَفِيهِ مَذَاهِبُ:

أَحَدُهَا: يَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ3.

وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ: إنَّهُ الظَّاهِرُ4 مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ الْمُرَجَّحُ فِي مَذْهَبِنَا. وَنَقَلَهُ الأَصْحَابُ عَنْ نَصِّ أَحْمَدَ، حَيْثُ قَالَ فِي حَدِيثِ:"لا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ5 فِي سُلْطَانِهِ، وَلا يَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَاّ بِإِذْنِهِ" 6 أَرْجُو أَنْ يَكُونَ الاسْتِثْنَاءُ عَلَى كُلِّهِ7.

وَقَالَ الْقَاضِي: نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ طَاعَةِ الرَّسُولِ8.

وَوَجْهُهُ9: أَنَّ الْعَطْفَ يَجْعَلُ الْجَمِيعَ كَوَاحِدٍ10

1 انظر: شرح تنقيح الفصول ص252، المحلي على جمع الجوامع 2/18.

2 في ش: من.

3 السنن الكبرى للبيهقي 10/152.

4 في ض ع: هو الظاهر

5 ساقطة من ز ض ع ب، وهو رواية أخرى للحديث بلفظ "لا يؤمن الرجل".

6 هذا جزء من حديث رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي مسعود الأنصاري مرفوعاً، والتكرمة: الموضع الخاص لجلوس الرجل من فراش أو سرير مما يعده كرامة، وهي تفعلة من الكرامة.

"انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 5/172، سنن النسائي 2/59، تحفة الأحوذي 2/31، سنن ابن ماجه 1/313، النهاية في غريب الحديث 4/168، مسند أحمد 4/118،121، سنن أبي داود 1/137".

7 انظر: المسودة ص156، العدة 2/678، الروضة 2/257، إرشاد الفحول ص150.

8 انظر: المسودة ص158، الروضة 2/258.

9 في ش ز: ووجه.

10 انظر: المحصول ج1 ق3/68، الإحكام للآمدي 2/301، المستصفى 2/174، فواتح الرحموت 1/335، تيسير التحرير 1/304، مختصر ابن الحاجب 2/140، المعتمد 1/268، البرهان 1/390، المنخول ص 160، نهاية السول 2/129، التبصرة ص174، شرح تنقيح الفصول ص 250، مناهج العقول 2/127، الروضة 2/258، نزهة الخاطر 2/187، مختصر الطوفي ص112، تخريج الفروع على الأصول ص205، إرشاد الفحول ص151، العدة 2/680.

ص: 320

رَدَّ، إنَّمَا1 هَذَا فِي الْمُفْرَدَاتِ وَأَمَّا فِي الْجُمَلِ2 فَمَحِلُّ النِّزَاعِ3.

قَالُوا: كَالشَّرْطِ، فَإِنَّهُ لِلْجَمِيعِ كَذَلِكَ هُنَا4.

رَدٌّ بِالْمَنْعِ، ثُمَّ قِيَاسٍ فِي اللُّغَةِ، ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْطَ رُتْبَتُهُ5 التَّقْدِيمُ، ثُمَّ لُغَةً بِلا شَكٍّ، فَالْجُمَلُ هِيَ6 الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ لَهَا7.

1 في ب: بأن.

2 في ش: المجمل.

3 انظر: التبصرة ص174، البرهان 1/390، المنخول ص 160، المعتمد 1/268، مختصر ابن الحاجب 2/140، المحصول جـ1ق3/79، الإحكام للآمدي 2/301، المستصفى 2/174، فواتح الرحموت 1/335، تيسير التحرير 1/306، إرشاد الفحول ص151.

4 الشرط كما لو قال: نساؤه طوالق، عبيده أحرار، ماله صدقة إن كلم زيداً، أو إن شاء الله، وقد صح الحنفية وغيرهم بذلك فقالوا: إن الشرط المتعقب جملاً يعود إلى جميعها، فقاس الآخرون الاستثناء على الشرط.

"انظر: العدة 2/680، التبصرة ص173، اللمع ص24، شرح تنقيح الفصول ص250، البرهان 1/391، المعتمد 1/267، مختصر ابن الحاجب 2/140، المحصول جـ 1ق3/68، الإحكام للآمدي 2/302، المستصفى 2/175، فواتح الرحموت 1/335، تيسير التحرير 1/306، مناهج العقول 2/127، تخريج الفروع على الأصول ص 205، نهاية السول 2/129، إرشاد الفحول ص151، المسودة ص 157، الروضة 2/257، نزهة الخاطر 2/186، مختصر الطوفي ص112".

5 في ش ض ب: رتبة.

6 في ش: فالحمل على.

7 في ش: أيضاً.

انظر مناقشة الطوفي لهذا الدليل والجواب عليه، فإنه قال:" لا يقال رتبة الشرط التقديم بخلاف الاستثناء، لأنا تقول عقلاً لا لغة""مختصر الطوفي ص112"، وقال العضد: "وإن سلم فهذا إنما يرجع إلى الجميع للقرينة الدالة على اتصال الجمل وهو اليمين عليها وإنما الكلام فيما لا قرينة فيها. العضد على ابن الحاجب 141/2.

وانظر تيسير التحرير 307/1،فواتح الرحموت 335/1، المحصول ج1ق3 /78، العدة 680/2، الإحكام للآمدي 302/2، الروضة 258/2، نزهة الخاطر 187/2، المستصفى 174/2، شرح تنقيح الفصول ص250، المعتمد 268/1، مختصر ابن الحاجب 140/2، إرشاد الفحول ص 151.

ص: 321

قَالُوا: لَوْ كَرَّرَ الاسْتِثْنَاءَ كَانَ مُسْتَهْجَنًا1 قَبِيحًا لُغَةً. ذَكَرَهُ2 الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ بِاتِّفَاقِهِمْ3.

رَدَّ بِالْمَنْعِ لُغَةً، ثُمَّ الاسْتِهْجَانِ لِتَرْكِ الاخْتِصَارِ، لأَنَّهُ لا يُمْكِنُ بَعْدَ الْجُمَلِ4 إلَاّ كَذَا فِي الْجَمِيعِ5.

قَالُوا: صَالِحٌ لِلْجَمِيعِ. فَكَانَ لَهُ كَالْعَامِّ، فَبَعْضُهُ تَحَكُّمٌ6.

رَدَّ لا ظُهُورَ، بِخِلافِ الْعَامِّ. وَالْجُمْلَةُ الأَخِيرَةُ أَوْلَى لِقُرْبِهَا7.

1 في ش: منهجاً.

2 في ب: ذكر.

3 أي اتفاق أهل اللغة، واللفظة ساقطة من ض ب.

"انظر: الروضة 2/258، مختصر الطوفي ص112، شرح تنقيح الفصول ص205، مختصر ابن الحاجب 2/140، المحصول جـ1 ق3/70، الإحكام للآمدي 2/302، المستصفى 2/175، فواتح الرحموت 1/336، تيسير التحرير 1/307".

4 في ض: الحمل.

5 انظر: مختصر ابن الحاجب 2/140، المحصول جـ1 ق3/80، الإحكام للآمدي 2/302، فواتح الرحموت 1/335، تيسير التحرير 1/307.

6 انظر: التبصرة ص174، مختصر ابن الحاجب 2/140، الإحكام للآمدي 2/303، فواتح الرحموت 1/336، تيسير التحرير 1/307.

7 انظر: التبصرة ص 175، المعتمد 1/271، فواتح الرحموت 1/336، تيسير التحرير 1/307، مختصر ابن الحاجب 2/140، الإحكام للآمدي 2/303.

ص: 322

قَالُوا: خَمْسَةٌ1 وَخَمْسَةٌ إلَاّ سِتَّةً لِلْجَمِيعِ إجْمَاعًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُمَلِ2 مَا يَقْبَلُ الاسْتِثْنَاءَ لا الْجُمَلُ3، النَّحْوِيَّةُ4.

وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فَقَالَ: مَنْ تَأَمَّلَ غَالِبَ الاسْتِثْنَاءاتِ5 فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاللُّغَةِ وَجَدَهَا لِلْجَمِيعِ، وَالأَصْلُ إلْحَاقُ الْمُفْرَدِ بِالْغَالِبِ، فَإِذَا جَعَلَ حَقِيقَةً فِي الْغَالِبِ مَجَازًا فِيمَا قَلَّ: عُمِلَ بِالأَصْلِ النَّافِي6 لِلاشْتِرَاكِ، وَالأَصْلُ النَّافِي لِلْمَجَازِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ مُطْلَقًا7.

وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْمَذَاهِبِ أَوَّلَ الْكَلامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ8.

وَأَمَّا إذَا تَعَقَّبَ الاسْتِثْنَاءُ مُفْرَدَاتٍ9، فَقَدْ قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَالْوَارِدُ بَعْدَ مُفْرَدَاتٍ 10، نَحْوُ: تَصَدَّقْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ إلَاّ الْفَسَقَةَ مِنْهُمْ:

1 ساقطة من ش.

2 في ش: الحمل.

3 ساقطة من ش ز.

4 انظر: المعتمد 1/269، مختصر ابن الحاجب 2/140، المحصول جـ1 ق3/70، الإحكام للآمدي 2/303، فواتح الرحموت 1/336، تيسير التحرير 1/307.

5 في ب: الاستثناء.

6 في هامش ع: الباقي.

7 انظر: المسودة ص 156 وما بعدها، 159.

8 صفحة 313-314.

9 وانظر أدلة هذه المذاهب في "مختصر الطوفي ص112، مناهج العقول 2/172، نهاية السول 2/129"، والمراجع المذكورة فغي هوامش الصفحتين "313-314".

ساقطة من ض، وفي ش: فقد قال في "جمع الجوامع": "والوارد بعد مفردات". وسقط الباقي.

10 جمع الجوامع 2/19.

ص: 323

أَوْلَى بِعَوْدِهِ لِلْكُلِّ1 مِنْ الْوَارِدِ بَعْدَ جُمَلٍ لِعَدَمِ اسْتِقْلالِ الْمُفْرَدِ2، 1هـ.

تَنْبِيهٌ:

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَفْظُ "الْجُمَلِ" يُرَادُ بِهِ مَا فِيهِ شُمُولٌ، لا3 الْجُمَلُ النَّحْوِيَّةُ، لَكِنْ الْقَاضِي وَأَبُو يَعْلَى4 وَغَيْرُهُ: ذَكَرَ الأَعْدَادَ مِنْ صُوَرِهَا، وَسَوَّى بَيْنَ قَوْلِهِ: رَجُلٌ وَرَجُلٌ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: رَجُلَيْنِ وَرَجُلَيْنِ5، وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا فِي الاسْتِثْنَاءِ فِي الإِقْرَارِ6 وَالْعَطْفِ7 إذَا 8تَعَقَّبَ. جُمْلَتَيْنِ، هَلْ يَعُودُ إلَيْهِمَا أَوْ9 إلَى الثَّانِيَةِ: كَجُمْلَةٍ أَوْ كَجُمْلَتَيْنِ10؟ عَلَى وَجْهَيْنِ11 12 13.

وَقَالَ أَيْضًا: كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يُدْخِلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الاسْتِثْنَاءَ الْمُتَعَقِّبَ

1 في ض: لكل.

2 المحلي على جمع الجوامع 2/19.

وانظر: التمهيد ص120، التبصرة ص172 هامش.

وفي ز ض ع ب: المفردات.

3 ساقطة من ب.

4 في ش: وأبو يعلى، وعبارة "المسودة" فإن القاضي وغيره ذكر الأعداد.".

5 ساقطة من "المسودة" وكذا في "القواعد والفوائد الأصولية ص 258" الذي نقل النص عن "المسودة" وفي ب: ورجلين، وانظر عبارة القاضي في "العدة 2/680".

6 في ش: الإفراد، وما أثبتناه في الأعلى من بقية النسخ، ومن "المسودة".

7 ساقطة من "المسودة" و "القواعد والفوائد الأصولية".

8 في ش ز ع: اتفقت جملتان، وما أثبتناه في الأعلى من نسخة ض ب، و "المسودة".

9 في ش: و.

10 ساقطة من ش.

11 في "المسودة" و "القواعد والفوائد الأصولية": المستثنى.

12 في ز: جملتين، وفي "المسودة": أو هما جملتان. وكذا في "القواعد والفوائد الأصولية".

13 المسودة ص 156، 158، وانظر: القواعد والفوائد الأصولية ص258.

ص: 324

اسْمًا فَيُرِيدُونَ بِقَوْلِهِمْ "جُمْلَةً"1 الْجُمْلَةَ الَّتِي تَقْبَلُ الاسْتِثْنَاءَ 2 لا يُرِيدُونَ "بِهَا"3 الْجُمْلَةَ مِنْ الْكَلامِ4 وَلا5 بُدَّ مِنْ الْفَرْقِ فَإِنَّهُ فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يُقَالَ أَكْرِمْ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ إلَاّ الْفُسَّاقَ، أَوْ يُقَالُ: أَكْرِمْ هَؤُلاءِ وَأَكْرِمْ هَؤُلاءِ إلَاّ الْفُسَّاقَ6، 7ذَكَرَهُ فِي الْمُسَوَّدَةِ8 وَابْنِ قَاضِي الْجَبَلِ عَنْهُ.

قَالَ الْبِرْمَاوِيِّ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجُمْلَةَ هِيَ الاسْمِيَّةُ مِنْ مُبْتَدَإٍ وَخَبَرٍ، وَالْفِعْلِيَّةُ مِنْ فِعْلٍ وَفَاعِلٍ، ثُمَّ قَالَ: وَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إلَى مَنْ عَبَّرَ بِالْجُمَلِ9، فَإِنَّمَا أَرَادَ الأَعَمَّ بِالتَّقْرِيرِ10 الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَهُوَ حَسَنٌ، اهـ11.

"وَمِثْلُ بَنِي تَمِيمٍ وَرَبِيعَةَ أُكْرِمْهُمْ إلَاّ الطِّوَالَ" يَرْجِعُ12 الاسْتِثْنَاءُ "لِلْكُلِّ وَأَدْخَلَ بَنِي تَمِيمٍ، ثُمَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ سَائِرَ قُرَيْشٍ فَأَكْرَمَهُمْ13، الضَّمِيرُ لِلْكُلِّ14".

ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ مُفْلِحٍ وَقَالَ عَنْ الصُّورَةِ الأُولَى: جَعَلَهَا فِي التَّمْهِيدِ

1 في "المسودة": يعقب جملة.

2 ساقطة من ش.

3 ساقطة من جميع النسخ، وأثبتناها من "المسودة".

4 ساقطة من ب.

5 في ض: أولاً.

6 ساقطة من ب.

7 ساقطة من ش.

8 المسودة ص157-158، وانظر: القواعد والفوائد الأصولية ص258.

9 في ض ب: بالجملة.

10 في ش: بالتقدير.

11 ساقطة من ض.

12 في ش: ويرجع

13 في "مختصر البعلي ص120": وأكرمهم

14 انظر الإحكام للآمدي 2/303، مختصر البعلي ص120، القواعد والفوائد الأصولية ص259، المسودة ص157.

ص: 325

أَصْلاً1 لِلْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، كَذَا قَالَ، كَأَنَّهُ يَقُولُ2: إنَّ3 الْخِلافَ لَيْسَ بِجَارٍ فِيهَا، وَعَلَى قَوْلِهِ فِي التَّمْهِيدِ: الْخِلافُ جَارٍ فِيهَا4.

وَقَالَ عَنْ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ قَوْلِهِ فِي التَّمْهِيدِ: الضَّمِيرُ5 لِلْجَمِيعِ، لأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ. وَلَيْسَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي6 قَبْلَهَا انْتَهَى.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: رَأَيْتهَا لَهُ فِي مَسْأَلَةٍ اسْتَفْتَى عَلَيْهَا فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلادِ أَوْلادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلادِ أَوْلادِ7 أَوْلادِهِ، عَلَى أَنَّهُ8 مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ. كَتَبَ عَلَيْهَا خَمْسَ9 كَرَارِيسَ، فَقَالَ: لَوْ قَالَ أَدْخِلْ بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ ثُمَّ سَائِرَ قُرَيْشٍ فَأَكْرِمْهُمْ، كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا10 إلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ اخْتِلافِ النَّاسِ فِي الاسْتِثْنَاءِ الْمُتَعَقِّبِ جُمَلاً: هَلْ يَعُودُ إلَى الأَخِيرَةِ أَوْ إلَى الْكُلِّ؟ لأَنَّ الْخِلافَ هُنَاكَ إنَّمَا نَشَأَ لأَنَّ الاسْتِثْنَاءَ يَرْفَعُ بَعْضَ مَا دَخَلَ فِي اللَّفْظِ وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الضَّمِيرِ، فَإِنَّ الضَّمِيرَ اسْمٌ مَوْضُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهُوَ صَالِحٌ لِلْعُمُومِ عَلَى سَبِيلِ الْجَمْعِ. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ إذَا لَمْ يَقُمْ مُخَصِّصٌ، وَعَلَى هَذَا

1 في ض: أصل.

2 ساقطة من ب.

3 ساقطة من ز.

4 انظر: مختصر البعلي ص120.

5 في ش: والضمير.

6 ساقطة من ش ز ض ب.

7 ساقطة من ض ب.

8 في ش: أن.

9 في ع: خمسة.

10 في ض: عائد.

ص: 326

فَحَمْلُ الضَّمِيرِ عَلَى الْعُمُومِ حَقِيقَةٌ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْخُصُوصِ مِثْلُ التَّخْصِيصِ لِلَّفْظِ1 الْعَامِّ2 اهـ 3.

"وَهُوَ" أَيْ الاسْتِثْنَاءُ الصَّحِيحُ "مِنْ نَفْيٍ" أَيْ مِنْ أَشْيَاءَ مَنْفِيَّةٍ "إثْبَاتٌ" لِلْمُسْتَثْنَى "وَبِالْعَكْسِ" أَيْ وَالاسْتِثْنَاءُ مِنْ أَشْيَاءَ مَثبتة4ٍ نَفْيٌ لِلْمُسْتَثْنَى.

فَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَاّ دِرْهَمًا، كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا بِتِسْعَةٍ، وَإِذَا قَالَ5: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَاّ دِرْهَمًا كَانَ مُقِرًّا بِدِرْهَمٍ6، وَعَلَى هَذَا7 قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ8 وَالشَّافِعِيَّةِ 9.

1 في زض ع ب: تخصيص اللفظ

2 في ش: المستثنى.

3 ساقطة من ز. انظر: مجموع الفتاوى 31/100 وما بعدها.

4 في ش: منفية.

5 في ش: قال: له ليس علي عشرة إلا درهماً، كان ذلك إقراراً بتسعة، وإذا قال:

6 في ش: له بدرهم.

7 في ض ب: وهذا.

8 استثنى المالكية من هذه القاعدة الأيمان، فقال القرافي:"اعلم ان مذهب مالك رحمه الله أن الاستثناء من النفي إثبات، في غير الأيمان، هذه قاعدته في الأقارير، وقاعدته في الأيمان أن الاستثناء من النفي ليس باثبات""الفروق 2/93".

9 وهذا قول طائفة محققي الحنفية، كالامام فخر الإسلام البردوي وشمس الأئمة الحلواني والقاضي أبي زيد.

"انظر: المحصول جـ1ق3/56، كشف الأسرار 3/126، تيسير التحرير 1/294، التلويح على التوضيح 2/289، فواتح الرحموت 1/337، فتح الغفار 2/124، شرح تنقيح الفصول ص 247، مختصر ابن الحاجب 2/142، الإحكام للآمدي 2/308، جمع الجوامع 2/15، مناهج العقول 2/120، التمهيد ص117، نهاية السول 2/123، تخريج الفروع على الأصول ص 68، القواعد والفوائد الأصولية ص263، مختصر البعلي ص120، المحرر في الفقه 2/462، المسودة ص 160، الروضة 2/270، إرشاد الفحول ص149".

ص: 327

وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي كَوْنِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الإِثْبَاتِ نَفْيًا، وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ1، وَقَالُوا: فِي قَوْلِهِ2 لَهُ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَاّ دِرْهَمًا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ، لَكِنْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الدِّرْهَمَ الْمُخْرَجَ مَنْفِيٌّ بِالأَصَالَةِ، لا مِنْ حَيْثُ إنَّ الاسْتِثْنَاءَ مِنْ3 الإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَلا يُوجِبُونَ فِي: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَاّ دِرْهَمًا شَيْئًا4، إذْ الْمُرَادُ إلَاّ دِرْهَمًا فَإِنِّي لا أَحْكُمُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلا إقْرَارَ إلَاّ مَعَ حُكْمٍ ثَابِتٍ5.

وَاسْتَدَلَّ لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ بِاللُّغَةِ وَأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ "لا إلَهَ إلَاّ اللَّهُ" تَوْحِيدٌ، وَتَبَادَرَ فَهْمُ كُلِّ مَنْ سَمِعَ قَوْلَ الْقَائِلِ: لا عَالِمَ إلَاّ زَيْدٌ، وَلَيْسَ لَك عَلَيَّ إلَاّ دِرْهَمٌ إلَى عِلْمِهِ وَإِقْرَارِهِ6.

1 وفي قول ثالث: الاستثناء من الاثبات نفي، وأما الاستثناء من التفي فليس بإثبات.

"انظر: مختصر البعلي ص120، المسودة ص160، القواعد والفوائد الأصولية ص 263، التمهيد ص117، مناهج العقول 2/120، شرح تنقيح الفصول ص 247، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/142، 143، المحصول جـ1ق3/57، الإحكام للآمدي 2/308، جمع الجوامع 2/15، نهاية السول 2/123".

2 ساقطة من ض ع ب.

3 في ش: من النفي إثبات ومن.

4 في ش: شيء.

5 انظر: التمهيد ص118، مناهج العقول 2/120، فواتح الرحموت 1/327، فتح الغفار 1/124، العضد على ابن الحاجب 2/143، تيسير التحرير 1/294، التلويح على التوضيح 2/289، إرشاد الفحول ص149.

6 انظر أدلة الجمهور في هذه القاعدة في "الإحكام للآمدي 2/308، المحلى على جمع الجوامع 2/16، فواتح الرحموت 1/327، كشف الأسرار 1/126، تيسير التحرير 1/294، التلويح على التوضيح 2/293، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/143، المحصول جـ1 ق3/57، نهاية السول 2/123، الروضة 2/270، شرح تنقيح الفصول ص247، مناهج العقول 2/120، إرشاد الفحول ص150".

ص: 328

قَالُوا: لَوْ كَانَ لَلَزِمَ1 مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: "لا صَلاةَ إلَاّ بِطُهُورٍ ثُبُوتُهَا بِالطَّهَارَةِ2وَمِثْلُهُ لا نِكَاحَ إلَاّ بِوَلِيٍّ" وَ: "لا تَبِيعُوا الْبُرَّ بِالْبُرِّ إلَاّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ"3.

رُدَّ لا يَلْزَمُ؛ لأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَإِنَّمَا سِيقَ لِبَيَانِ اشْتِرَاطِ الطُّهُورِ لِلصَّلاةِ، وَلا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ4.

وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هَذِهِ صِيغَةُ5 الشَّرْطِ. وَمُقْتَضَاهَا نَفْيُهَا عِنْدَ نَفْيِهَا، وَوُجُودُهَا6 عِنْدَ وُجُودِهَا، لَيْسَ مَنْطُوقًا، بَلْ مِنْ الْمَفْهُومِ، فَنَفْيُ شَيْءٍ لانْتِفَاءِ شَيْءٍ لا يَدُلُّ عَلَى إثْبَاتِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ، بَلْ يَبْقَى كَمَا قَبْلَ النُّطْقِ، بِخِلافِ لا عَالِمَ إلَاّ زَيْدٌ7.

1 في ز ض ع ب: لزم.

2 هذه بعض أدلة الحنفية على قولهم في المسألة، وسيذكرها المصنف بالتفصيل بعد قليل "ص332".

"انظر: مختصر ابن الحاجب 2/143، المحصول جـ1 ق3/58، الإحكام للآمدي 2/308".

3 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي ومالك والشافعي عن عبادة بن الصامت وأبي سعيد مرفوعاً بألفاظ مختلفة، وأوله:"لا تبيعوا الذهب بالذهب" ورواه البخاري عن ابن عمر مرفوعا.

ومر تخريجه كاملاً في "المجلد الثاني ص 554"، وانظر: صحيح البخاري 2/14 المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 11/13.

4 انظر: المسودة ص 190، الروضة 2/270، 271، نهاية السول 2/124، الفروق 2/96، مختصر ابن الحاجب 2/143، الإحكام للآمدي 2/308، مناهج العقول 2/122.

5 في ش ض: صفة.

6 في "الروضة": وأما وجودها.

7 الروضة:2/270-271.

ص: 329

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: جَعَلَهُ الْمُثْبَتَ مِنْ قَاعِدَةِ الْمَفْهُومِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ1. وَكَذَا جَعَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ فِي قَوْلِ أَحْمَدَ: كُلُّ شَيْءٍ يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَاّ مَا كَانَ2 مَأْكُولاً.

وَقَدْ احْتَجَّ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ لا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْمَهْرِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لا نِكَاحَ إلَاّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ" 3 قَالَ: فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ صِحَّتَهُ، وَلَمْ يُفَرِّقْ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: هَذِهِ دَلالَةُ صِفَةٍ4.فَإِنْ قِيلَ: فِيهِ إشْكَالٌ سِوَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ النَّفْيُ الأَعَمُّ، أَيْ لا صِفَةَ لِلصَّلاةِ مُعْتَبَرَةٌ إلَاّ صِفَةَ الطَّهَارَةِ، فَنَفَى الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةَ وَأَثْبَتَ الطَّهَارَةَ5.

قِيلَ: الْمُرَادُ مِنْ نَفْيِهَا الْمُبَالَغَةُ فِي إثْبَاتِ تِلْكَ الصِّفَةِ، وَأَيْضًا أَكَّدَهَا6.

وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ فَلا7 إشْكَالَ: قَوْلٌ بَعِيدٌ لأَنَّهُ مُفَرَّغٌ فَهُوَ مِنْ

1 في ش: فيقي ليس يجيد.

2 ساقطة من ض.

3 هذا الحديث رواه الإمام أحمد والدارقطني، وأشار إليه الترمذي، ورواه البيهقي في "العلل"، وفي شخص متروك، ورواه الشافعي من طريق آخر مرسلاً، وقال:"وهذا وإن كان منقطعاً فإن أكثر أهل العلم يقولون به"، وهو طرف من حديث رواه الدارقطني والبيهقي عن عائشة، رضي الله عنها مرفوعاً، وقال البخاري: وقال بعض الناس: "لايجوز نكاح بغير شاهدين".

"انظر: صحيح البخاري 2/67 المطبعة العثمانية، تحفة الأحوذي 4/235، بدائع المنن 2/313، السنن الكبرى 7/124 وما بعدها، نيل الأوطار 6/142".

أما الشطر الأول من الحديث "لانكاح إلا بولي" فهو حديث صحيح، وسبق تخريجه في "المجلد الثاني ص 551".

4 في ش ز: صيغة.

5 انظر: الروضة 2/271.

6 انظر: نهاية السول 2/124، التبصرة ص 204، مختصر ابن الحاجب 2/143، مناهج العقول 2/122.

7 في ش: بلا

ص: 330

تَمَامِ الْكَلامِ، وَمِثْلُهُ: مَا زَيْدٌ إلَاّ قَائِمٌ وَنَحْوُهُ1.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: مِنْ أَدِلَّةِ الْجُمْهُورِ: أَنَّ "لا إلَهَ إلَاّ اللَّهُ" لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى فِيهِ مُثْبَتًا لَمْ يَكُنْ كَافِيًا فِي الدُّخُولِ فِي الإِيمَانِ، وَلَكِنَّهُ كَافٍ بِاتِّفَاقٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إلَهَ إلَاّ اللَّه" 2 فَجَعَلَ ذَلِكَ غَايَةَ الْمُقَاتَلَةِ.

وَقَدْ أَجَابُوا بِأَنَّ الإِثْبَاتَ مَعْلُومٌ، وَإِنَّمَا الْكُفَّارُ يَزْعُمُونَ الشَّرِكَةَ3، فَنُفِيَتْ الشَّرِكَةُ بِذَلِكَ، أَوْ4 أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لا يُفِيدُ الإِثْبَاتَ بِالْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ لَكِنْ5 يُفِيدُهُ بِالْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الشَّرِيكِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلثُّبُوتِ6.

فَإِذَا قُلْتَ: لا شَرِيكَ لِفُلانٍ فِي كَرَمِهِ، اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ كَرِيمًا، وَأَيْضًا فَالْقَرَائِنُ تَقْتَضِي الإِثْبَاتَ؛ لأَنَّ كُلَّ مُتَلَفِّظٍ7 بِهَا ظَاهِرُ قَصْدِهِ إثْبَاتُهُ8 وَاحِدًا9 لا التَّعْطِيلُ.

1 انظر: نهاية السول 2/124، مختصر ابن الحاجب 2/143، مناهج العقول 2/122.

2 هذا حديث صحيح متواتر، رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والشافعي وأحمد والدارمي وغيرهم عن خمسة عشر صحابياًَ.

"انظر: صحيح البخاري 1/167 المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 1/206، سنن أبي داود 1/356، تحفة الأحوذي 7/339، سنن النسائي 5/11، سنن ابن ماجه 1/27، بدائع المنن 2/95، مسند أحمد 2/314، سنن الدارمي 2/218، فيض القدير 2/189، الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة للسيوطي ص 6".

3 في د ز ض: شركة.

4 في ب:

و5 في ع: لكنه.

6 انظر: مناهج العقول 2/121، نهاية السول 2/123، فواتح الرحموت 1/230.

7 في ض: به، وساقطة من ب.

8 في ز: إثبات.

9 في ش: إنها واحداً.

ص: 331

وَرَدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ عُلِّقَ بِهَا بِمُجَرَّدِهَا، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَدُلُّ بِلَفْظِهَا دُونَ شَيْءٍ زَائِدٍ.

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الإِلْمَامِ: كُلُّ هَذَا عِنْدِي تَشْغِيبٌ وَمُرَاوِغَاتٌ جَدَلِيَّةٌ، وَالشَّرْعُ خَاطَبَ النَّاسَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَأَمَرَهُمْ بِهَا لإِثْبَاتِ1 مَقْصُودِ التَّوْحِيدِ، وَحَصَلَ الْفَهْمُ لِذَلِكَ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لأَمْرٍ2 زَائِدٍ، وَلَوْ كَانَ وَضْعُ اللَّفْظِ لا يَقْتَضِي ذَلِكَ، لَكَانَ أَهَمَّ الْمُهِمَّاتِ: أَنْ يُعَلِّمَنَا الشَّارِعُ مَا يَقْتَضِيهِ بِالْوَضْعِ مِنْ الاحْتِيَاجِ إلَى أَمْرٍ آخَرَ، فَإِنَّ ذَلِكَ3 هُوَ الْمَقْصُودُ الأَعْظَمُ فِي الإِسْلامِ4. اهـ.

وَمِنْ أَدِلَّةِ الْجُمْهُورِ أَيْضًا: قَوْله تَعَالَى: {فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إلَاّ عَذَابًا} 5 وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَأَمَّا أَدِلَّةُ الْحَنَفِيَّةِ، فَمِنْ أَعْظَمِهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَلَزِمَ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لا صَلاةَ إلَاّ بِطُهُورٍ" أَنَّ مَنْ تَطَهَّرَ يَكُونُ مُصَلِّيًا، أَوْ تَصِحُّ صَلاتُهُ وَإِنْ فَقَدَ بَقِيَّةَ الشُّرُوطِ6.

وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُطْلَقٌ يَصْدُقُ بِصُورَةِ مَا لَوْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، فَيَحْصُلَ الإِثْبَاتُ لا أَنَّهُ عَامٌّ، حَتَّى يَكُونَ كُلُّ مُتَطَهِّرٍ مُصَلِّيًا، فَهُوَ اسْتِثْنَاءُ شَرْطٍ أَيْ

1 في ع: كإثبات.

2 في ع: إلى أمرٍ

3 ساقطة من ز ع ض ب.

4 انظر: إرشاد الفحول ص150.

5 الآية 30 من النبأ.

6 انظر: مناهج العقول 2/121، المحصول جـ1 ق3/58، الإحكام للآمدي 2/308، فواتح الرحموت 1/328، ومابعدها، مختصر ابن الحاجب 2/143، نهاية السول 2/123، فتح الغفار 2/126، تيسير التحرير 1/295، التوضيح على التنقيح 2/290.

ص: 332

لا صَلاةَ إلَاّ بِشَرْطِ الطَّهَارَةِ، وَمَعْلُومٌ: أَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ لا يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ1.

وَأَيْضًا: فَالْمَقْصُودُ الْمُبَالَغَةُ فِي هَذَا الشَّرْطِ دُونَ، سَائِرِ2 الشُّرُوطِ؛ لأَنَّهُ آكَدُ، فَكَأَنَّهُ لا شَرْطَ غَيْرُهُ؛ 3لا أَنَّ الْمَقْصُودَ: نَفْيُ جَمِيعِ الصِّفَاتِ4.

وَأَيْضًا: فَقَدْ قِيلَ: الاسْتِثْنَاءُ فِيهِ مُنْقَطِعٌ، وَلَيْسَ الْكَلامُ فِيهِ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ5.

عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ لا يُعْرَفُ، إنَّمَا الْمَعْرُوفُ:"لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ" أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ6، لَكِنْ فِي ابْنِ مَاجَهْ:"لا تُقْبَلُ صَلاةٌ إلَاّ بِطُهُورٍ" 7 وَلَوْ مَثَّلُوا بِحَدِيثِ: "لا صَلاةَ إلَاّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ8

1 انظر: فواتح الرحموت 1/329، التلويح على التوضيح 2/292، مختصر ابن الحاجب 2/143، مناهج العقول 2/121، الإحكام للآمدي 2/308، إرشاد الفحول ص150.

2 في ش: المبالغة في سائر.

3 في ش ع: لأن.

4 انظر: مناهج العقول2/121، التبصرة ص 203، فواتح الرحموت 1/329، نهاية السول 2/123، مختصر ابن الحاجب 2/143.

5 أي ضعف ابن الحاجب هذا الجواب على دليل الحنفية، وقال:"القول بأنه منقطع بعيد، لأن هذا استثناء مفرغ، والمفرغ من تمام الكلام، بخلاف المنقطع""مختصر ابن الحاجب2/143".

"وانظر: مناهج العقول 2/121، نهاية السول 2/124، فواتح الرحموت 1/329".

6 صحيح مسلم 1/204.

ومر تخريج هذا الحديث كاملاً في "المجلد الأول ص 299".

7 سنن ابن ماجه 1/100.

8 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدار مي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" ورواه أحمد والترمذي بلفظ: "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب".

"انظر: صحيح البخاري 2/106 المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 4/100، مسند أحمد 2/241،478؟، سنن أبي داود 1/188، تحفة الأحوذي 2/59، سنن النسائي 2/106، سنن ابن ماجه1/273، سنن الدارمي 1/283، التلخيص الحبير 1/230، نصب الراية 1/363، الفتح الكبير 3/345، سنن الدارقطني 1/321".

ص: 333

لَكَانَ1 أَجْوَدَ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ مُوَافِقٌ2 لِقَوْلِ نُحَاةِ الْكُوفَةِ3، وَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ مُوَافِقٌ4 لِقَوْلِ سِيبَوَيْهِ5، وَبَقِيَّةِ الْبَصْرِيِّينَ6.

َمَحِلُّ الْخِلافِ فِي الاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ؛ لأَنَّهُ فِيهِ إخْرَاجٌ، أَمَّا الْمُنْقَطِعُ فَالظَّاهِرُ7: أَنَّ مَا بَعْدَ "إلَاّ " فِيهِ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِضِدِّ الْحُكْمِ السَّابِقِ، فَإِنَّ مَسَاقَهُ هُوَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ8، فَنَحْوُ، قَوْله تَعَالَى:{مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إلَاّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} 9 الْمُرَادُ: أَنَّ لَهُمْ بِهِ اتِّبَاعَ الظَّنِّ لا الْعِلْمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الظَّنُّ دَاخِلاً فِي الْعِلْمِ. وَقِسْ عَلَيْهِ.

وَحَيْثُ تَقَرَّرَ أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، وَمِنْ الإِثْبَاتِ نَفْيٌ تَرَتَّبَ10 عَلَيْهِمَا تَعَدُّدُ الاسْتِثْنَاءِ11.

1 في ض: كان.

2 في ب: موافقة.

3 في ع: أهل الكوفة.

4 في ب: موافقة.

5 في ش: نحاة سيبويه.

6 انظر: المساعد على التسهيل 1/548

7 في ض: فالظهار، وفي ب: فلإظهار.

8 في ش: الثابت لك.

9 الآية 157 من النساء.

10 في ش: يترتب.

11 وهو صحيح حملاً للكلام على الصحة.

"انظر: التمهيد ص 119، نهاية السول 2/124، المحصول جـ1ق3/60، القواعد والفوائد الأصولية ص254".

ص: 334

وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ أَحْوَالاً:

أَحَدُهَا: نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ1 عَشَرَةٌ إلَاّ تِسْعَةً إلَاّ ثَمَانِيَةً إلَاّ سَبْعَةً إلَاّ سِتَّةً إلَاّ خَمْسَةً إلَاّ أَرْبَعَةً إلَاّ ثَلاثَةً إلَاّ اثْنَيْنِ2 إلَاّ وَاحِدًا3، وَلاسْتِخْرَاجِ الْحُكْمِ مِنْ ذَلِكَ طُرُقٌ:

إحداها4: طَرِيقَةُ الإِخْرَاجِ. وَجَبْرُ الْبَاقِي بِالاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي، فَنَقُولُ5: لَمَّا أَخْرَجَ6 تِسْعَةً بِالاسْتِثْنَاءِ الأَوَّلِ جَبَرَ مَا بَقِيَ وَهُوَ وَاحِدٌ بِالاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فَصَارَ تِسْعَةً، ثُمَّ أَخْرَجَ7 بِالاسْتِثْنَاءِ الثَّالِثِ سَبْعَةً، بَقِيَ اثْنَانِ، فَجَبَرَهُ بِالرَّابِعِ وَهُوَ سِتَّةٌ فَصَارَ ثَمَانِيَةً، ثُمَّ أَخْرَجَ8 بِالْخَامِسِ خَمْسَةً، فَبَقِيَ ثَلاثَةٌ، فَجَبَرَ بِالسَّادِسِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، فَصَارَ سَبْعَةً، ثُمَّ أَخْرَجَ9 بِالسَّابِعِ10 ثَلاثَةً، فَبَقِيَ أَرْبَعَةٌ فَجَبَرَ بِالثَّامِنِ وَهُوَ اثْنَانِ فَصَارَ الْبَاقِي سِتَّةً وَأَخْرَجَ11 مِنْهُ بِالاسْتِثْنَاءِ التَّاسِعِ وَاحِدًا12فَصَارَ الْمُقَرُّ بِهِ خَمْسَةً13.

الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَحُطَّ14 الآخَرَ مِمَّا يَلِيهِ، وَهَكَذَا إلَى15 الأَوَّلِ

1 ساقطة من ش

2 في ع: اثنان.

3 في ش: واحد.

4 في ش ض ب: أحدها.

5 في ع: فتقول.

6 في ز ض ع: خرج.

7 في ز ض ع: خرج.

8 في ز ض ع: خرج

9 في ز ض ع: خرج.

10 في ض: التاسع.

11 في ع: وخرج.

12 في ز: واحد، وفي ض: واحد واحد، وفي ب. وهو واحد.

13انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص 245، مناهج العقول 2/125، شرح تنقيح الفصول ص 256، المحلي على جمع الجوامع 2/17، المساعد 1/577.

14 في ض ع ب: يحط.

15 في ش: إلا.

ص: 335

فَتَحُطَّ1 وَاحِدًا2 مِنْ اثْنَيْنِ، يَبْقَى وَاحِدٌ، تَحُطَّهُ3 مِنْ ثَلاثَةٍ يَبْقَى اثْنَانِ، تَحُطَّهُمَا4 مِنْ أَرْبَعَةٍ يَبْقَى اثْنَانِ، تَحُطَّهُمَا5 مِنْ خَمْسَةٍ يَبْقَى ثَلاثَةٌ تَحُطّهُمَا6 مِنْ سِتَّةٍ يَبْقَى7 ثَلاثَةٌ، تَحُطَّهَا8 مِنْ سَبْعَةٍ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ، تَحُطَّهَا9 مِنْ ثَمَانِيَةٍ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ، تَحُطَّهَا10 مِنْ تِسْعَةٍ يَبْقَى خَمْسَةٌ، تَحُطَّهَا11 مِنْ عَشَرَةٍ يَبْقَى الْمُقَرُّ بِهِ خَمْسَةٌ12.

الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ وَتْرٍ مِنْ الاسْتِثْنَاءاتِ خَارِجًا وَكُلَّ شَفْعٍ مَعَ الأَصْلِ دَاخِلاً فِي الْحُكْمِ، فَمَا اجْتَمَعَ فَهُوَ الْحَاصِلُ، فَيَسْقُطَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الْخَارِجِ مِمَّا اجْتَمَعَ مِنْ الدَّاخِلِ فَهُوَ الْجَوَابُ.

فَالْعَشَرَةُ وَالثَّمَانِيَةُ وَالسِّتَّةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالاثْنَانِ: ثَلاثُونَ هِيَ الْمُخْرَجُ مِنْهَا وَالتِّسْعَةُ وَالسَّبْعَةُ13 وَالْخَمْسَةُ وَالثَّلاثَةُ وَالْوَاحِدُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ: هِيَ الْمُخْرَجَةُ، يَبْقَى خَمْسَةٌ.

وَلَهُمْ طُرُقٌ غَيْرُ ذَلِكَ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا14.

1 في ب: فيحط.

2 في ض: واحد.

3 في ش: فحطه.

4 في ش: فحطهما.

5 في ش: فحطهما.

6 في ش: فحطهما.

7 في ب: تبقى.

8 في ش: فحطها

9 في ش: فحطها

10 ش: فحطها

11 في ش: فحطها

12 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص255، شرح تنقيح الفصول ص256، المساعد 1/577.

13 ساقطة من ع.

14 انظر: شرح تنقيح الفصول ص256، القواعد والفوائد الأصولية ص 254، المساعد 1/576

ص: 336

وَاسْتَثْنَى الْقَرَافِيُّ الشَّرْطَ، فَقَالَ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ1: قَوْلُ الْعُلَمَاءِ الاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، لَيْسَ عَلَى إطْلاقِهِ، لأَنَّ الاسْتِثْنَاءَ يَقَعُ فِي الأَحْكَامِ، نَحْوَ قَامَ الْقَوْمُ إلَاّ زَيْدًا، وَمِنْ الْمَوَانِعِ، نَحْوُ لا تَسْقُطُ الصَّلاةُ عَنْ الْمَرْأَةِ إلَاّ بِالْحَيْضِ، وَمِنْ الشُّرُوطِ، نَحْوُ "لا صَلاةَ إلَاّ بِطُهُورٍ" ، فَالاسْتِثْنَاءُ مِنْ الشُّرُوطِ مُسْتَثْنًى مِنْ كَلامِ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْ الْقَضَاءِ بِالنَّفْيِ لأَجْلِ عَدَمِ الشَّرْطِ أَنْ يَقْضِيَ بِالْوُجُودِ لأَجْلِ وُجُودِ الشَّرْطِ، لِمَا عُلِمَ2 مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ لا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَلا الْعَدَمُ.

فَقَوْلُهُمْ3: الاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ: مُخْتَصٌّ4 بِمَا عَدَا الشَّرْطَ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ. وَبِهَذِهِ الْقَاعِدَةُ يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ شُبْهَةِ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّ النُّقُوضَ5 الَّتِي أَلْزَمُونَا بِهَا كُلَّهَا مِنْ بَابِ الشُّرُوطِ6، وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ صُوَرِ النِّزَاعِ فَلا تَلْزَمُنَا7. اهـ.

"وَإِذَا عُطِفَ" اسْتِثْنَاءٌ "عَلَى" اسْتِثْنَاءٍ "مِثْلِهِ أُضِيفَ إلَيْهِ" أَيْ أُضِيفَ الثَّانِي إلَى الأَوَّلِ، فَعَشَرَةٌ إلَاّ ثَلاثَةً وَإِلَاّ اثْنَيْنِ8 كَعَشَرَةٍ إلَاّ خَمْسَةً. وَأَنْتِ طَالِقٌ إلَاّ ثَلاثًا9 إلَاّ وَاحِدَةً وَإِلَاّ وَاحِدَةً، يَلْغُو الثَّانِي إنْ بَطَلَ اسْتِثْنَاءُ الأَكْثَرِ، وَإِلَاّ وَقَعَ وَاحِدَةٌ، فَيَرْجِعُ الْكُلُّ الْمُتَعَاطِفُ إلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، حَمْلاً لِلْكَلامِ عَلَى الصِّحَّةِ

1 شرح تنقيح الفصول ص 248، وانظر نفس المرجع ص 256

2 في "شرح تنقيح الفصول": تقدم

3 في"شرح تنقيح الفصول": فقول العلماء.

4 في"شرح تنقيح الفصول": يختص.

5 في"شرح تنقيح الفصول": النصوص

6 في ب: الشرط

7 شرح تنقيح الفصول ص 248

8 في ض: والاثنين

9 في ش: إلا ثلاثاً

ص: 337

مَا أَمْكَنَ. فَإِنَّ عَوْدَ كُلٍّ لِمَا يَلِيهِ قَدْ تَعَذَّرَ بِانْفِصَالِهِ بِأَدَاةِ الْعَطْفِ1.

هَذَا إذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَوْدِ الْكُلِّ الاسْتِغْرَاقُ، أَوْ2 الأَكْثَرُ عَلَى الصَّحِيحِ.

"وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْطَفْ "فَ" هُوَ "اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الاسْتِثْنَاءِ3 وَيَصِحُّ" قَالَهُ4 بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ مَنْعَهُ5.

فَعَلَى الصِّحَّةِ6 لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَاّ ثَلاثَةً إلَاّ دِرْهَمًا، يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ؛ لأَنَّ الاسْتِثْنَاءَ مِنْ الإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلاثًا إلَاّ وَاحِدَةً إلَاّ وَاحِدَةً، فَيَقَعَ اثْنَتَانِ، وَيَلْغُوَ قَوْلُهُ: إلَاّ وَاحِدَةً، الثَّانِيَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

وَقِيلَ: لا يَلْغُو، فَيَقَعَ ثَلاثٌ7؛ لأَنَّ الاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ.

وَاسْتُدِلَّ لِجَوَازِ الاسْتِثْنَاءِ مِنْ الاسْتِثْنَاءِ بِقَوْله تَعَالَى: {إلَاّ آلَ لُوطٍ إنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إلَاّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إنَّهَا لَمِنْ الْغَابِرِينَ} 8

1 انظر: مناهج العقول 2/112، جمع الجوامع 2/16، المحصول جـ1ق3/60، نهاية السول 2/124، شرح تنقيح الفصول ص254

2 في ش: و.

3 في ش ز: استثناء

4 في ز ع ض ب: قال

5 قال الجمهور بصحة الاستثناء الثاني من الاستثناء الأول، ويكون مستثنى منه، وتطبيق القاعدة السابقة، وهي أن الاستثناء في النفي إثبات، ومن الإثبات نفي، وهذا مذهب البصريين والكسائي، وقال بعض النحويين تعود المستثنيات بها إلى المذكور أولاً.

"انظر: المسودة ص 154، المساعد 1/577، القواعد والفوائد الأصولية ص 253، نهاية السول 2/125، الإحكام للآمدي 2/288، جمع الجوامع 2/16،17، مناهج العقول 2/123، العدة 2/666".

6 ساقطة من ض.

7 في ع: ثلاثاً.

8 الآيتان 59، 60من الحجر، وفي ب ز ع ض:"إلا امرأته الآية".

"وانظر 2/666، الإحكام للآمدي 2/288، القواعد والفوائد الأصولية ص 253".

ص: 338

وَعَلَّلَ الْقَائِلُونَ بِالْمَنْعِ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ بِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الاسْتِثْنَاءِ الْفِعْلُ الأَوَّلُ بِتَقْوِيَةِ حَرْفِ الاسْتِثْنَاءِ، وَالْعَامِلُ لا يَعْمَلُ فِي مَعْمُولِينَ.

وَأَجَابُوا عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إلَاّ آلَ لُوطٍ إنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إلَاّ امْرَأَتَهُ} 1 قَدَّرْنَا بِأَنَّ2 الاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ، وَ3هُوَ "إلَاّ امْرَأَتَهُ" إنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِهِ "أَجْمَعِينَ" وَاَللَّهُ أَعْلَمُ4.

1 الآيات 58، 59، 60 من الحجر

2 في ش: بألا

3 ساقطة من ب.

4 ساقطة من ز ض ع ب.

ص: 339