الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ:
أَمَّا الْمَنْطُوقُ: فَهُوَ الْمَعْنَى الْمُسْتَفَادُ مِنْ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ النُّطْقُ بِهِ.
وَأَمَّا الْمَفْهُومُ: فَهُوَ الْمَعْنَى الْمُسْتَفَادُ مِنْ حَيْثُ السُّكُوتُ اللَاّزِمُ لِلَّفْظِ.
فَإِذًا "الدَّلالَةُ" أَيْ دَلالَةُ اللَّفْظِ "تَنْقَسِمُ إلَى مَنْطُوقٍ وَهُوَ" أَيْ الْمَنْطُوقُ "مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظٌ فِي مَحَلِّ نُطْقٍ"1.
وَهُوَ نَوْعَانِ: صَرِيحٌ، وَغَيْرُ صَرِيحٍ.
ثُمَّ الصَّرِيحُ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "فَإِنْ وُضِعَ لَهُ" أَيْ وُضِعَ اللَّفْظُ لِذَلِكَ الْمَعْنَى "فَصَرِيحٌ" سَوَاءٌ كَانَتْ دَلالَةَ2 مُطَابَقَةٍ أَوْ تَضَمُّنٍ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا3.
النَّوْعُ الثَّانِي: غَيْرُ الصَّرِيحِ 4 وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَإِنْ لَزِمَ عَنْهُ"
1 انظر تعريفات الأصوليين للمنطوق في "إرشاد الفحول ص178، تيسير التحرير 1/91، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/235، الآيات البينات 2/2، شرح العضد 2/171، نشر البنود 1/89، 91، الإحكام للآمدي 3/66، فواتح الرحموت 1/413، منهاج العقول 1/309، 311".
2 في ض: دلالته.
3 انظر: منهاج العقول 1/311، فواتح الرحموت 1/413، إرشاد الفحول ص178، تيسير التحرير 1/92، شرح العضد 2/171.
4 في ش ز: صريح.
أَيْ لَزِمَ الْمَعْنَى عَنْ اللَّفْظِ بِأَنَّ دَلَّ اللَّفْظُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ "فَغَيْرُهُ" أَيْ فَغَيْرُ صَرِيحٍ.
وَتُسَمَّى هَذِهِ الدَّلالَةُ: دَلالَةَ الْتِزَامٍ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ: اقْتِضَاءٍ وَإِشَارَةٍ، وَتَنْبِيهٍ وَيُسَمَّى التَّنْبِيهُ: إيمَاءً1.
لأَنَّ الْمَعْنَى إمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ مُتَضَمِّنًا لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِدْقُ اللَّفْظِ، أَوْ لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ2 عَقْلاً، أَوْ لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ3 شَرْعًا، أَوْ لا يَكُونُ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ.
فَالأَوَّلُ: وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَإِنْ قَصَدَ وَتَوَقَّفَ الصِّدْقُ عَلَيْهِ كَ" قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ" 4 فَإِنَّ ذَاتَ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ لَمْ يَرْتَفِعَا، فَيَتَضَمَّنُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّدْقُ مِنْ الإِثْمِ أَوْ5 الْمُؤَاخَذَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "أَوْ الصِّحَّةُ عَقْلاً" أَيْ مَا يَتَضَمَّنُ6 مَا تَتَوَقَّفُ7 عَلَيْهِ الصِّحَّةُ8 عَقْلاً نَحْوُ9 قَوْله تَعَالَى: {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ الَّتِي 10 كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي
1 انظر: شرح العضد 2/172، تيسير التحرير 1/92 وما بعدها، فواتح الرحموت 1/413، إرشاد الفحول ص178.
2 ساقطة من ز.
3 ساقطة من ع ض ب.
4 سبق تخريجه في ج1 ص512.
5 في ش ز: و.
6 في ز: مالم يتضمن.
7 في ش ز: يتوقف.
8 ساقطة من ش.
9 في ش: نحو قوله تعالى.
10 في ع: أي التي.
أَقْبَلْنَا فِيهَا} 1 أَيْ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَأَهْلَ الْعِيرِ، فَإِنَّهُ إذْ2 لَوْ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَقْلاً؛ إذْ الْقَرْيَةُ وَالْعِيرُ لا يُسْأَلانِ.
وَمِثْلُهُ3 {أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاك الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} 4 أَيْ فَضَرَبَ فَانْفَلَقَ.
وَمِثْلُهُ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} 5 أَيْ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ6.
وَالثَّالِثُ: مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "أَوْ شَرْعًا" أَيْ مَا يَتَضَمَّنَ7 مَا تَتَوَقَّفُ8 عَلَيْهِ صِحَّتُهُ شَرْعًا "كَ" قَوْلِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لِمَنْ يَمْلِكُ عَبْدًا "أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي" عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلاً، أَوْ أَعْتِقْهُ عَنَى مَجَّانًا.
فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ فِي الصُّورَةِ الأُولَى إذَا أَعْتَقَهُ: بَيْعٌ ضِمْنِيٌّ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ: هِبَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لاسْتِدْعَاءِ9 سَبْقِ الْمِلْكِ؛ لِتَوَقُّفِ 10الْعِتْقِ عَلَيْهِ.
"فَ" الدَّلالَةُ فِي صُوَرِ11 الْمَتْنِ الثَّلاثِ "دَلالَةُ اقْتِضَاءٍ" لاقْتِضَائِهَا شَيْئًا زَائِدًا عَلَى اللَّفْظِ 12.
1 الآية 82 من يوسف.
2 في ش: فإنه إذا.
3 في د: ومثلهما.
4 الآية 63 من الشعراء.
5 الآية 184 من البقرة.
6 ساقطة من ع ض ب.
7 في ش: تضمن.
8 في ش: يتوقف.
9 في ض: لا ستدعائه.
10 في د: المتوقف.
11 في ع: صورة.
12 انظر "الإحكام للآمدي 3/64، المستصفى 2/186، الآيات البينات 2/8، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/239 تيسير التحرير 1/91، كشف الأسرار 1/75، فتح الغفار 2/47، إرشاد الفحول ص178، روضة الناظر ص262، شرح تنقيح الفصول ص53، 55، شرح العضد 2/172، نشر البنود 1/92، فواتح الرحموت 1/413، منهاج العقول 1/310 وما بعدها، المحصول ج1ق1/318 وما بعدها، أصول السرخسي 1/248 وما بعدها، نهاية السول 1/313".
الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ دَلالَةُ الإِشَارَةِ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ" أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَعْنَى الْمُسْتَفَادُ مِنْ اللَّفْظِ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ1.
كَمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "النِّسَاءُ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ" قِيلَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِهِنَّ؟ قَالَ: "تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ شَطْرَ عُمُرِهَا لا تُصَلِّي" 2 لَمْ يَقْصِدْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيَانَ أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَأَقَلَّ الطُّهْرِ، لَكِنَّهُ لَزِمَ مِنْ اقْتِضَاءِ الْمُبَالَغَةِ إفَادَةُ ذَلِكَ.
وَنَحْوُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} 3 مَعَ قَوْله تَعَالَى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} 4 فَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ.
وَكَذَا 5قَوْله تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ} 6 فَإِنَّهُ
1 انظر "إرشاد الفحول ص187، فتح الغفار 2/44، كشف الأسرار 1/68، تيسير التحرير 1/87، فواتح الرحموت 1/407، 413، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/239، الآيات البينات 2/14، المستصفى 2/188، الإحكام للآمدي 3/65، التمهيد للأسنوي ص65، شرح العضد 2/172، نشر البنود 1/93، منهاج العقول 1/312، أصول السرخسي 1/236 وما بعدها".
2 سيق تخريجه في ج1 ص86.
3 الآية 15 من الأحقاف.
4 الآية 14 من لقمان.
5 ساقطة من ع ض.
6 الآية 187 من البقرة.
يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الإِصْبَاحِ جُنُبًا وَقَدْ حُكِيَ هَذَا الاسْتِنْبَاطَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ1 مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ2.
"فَ" هَذَا كُلُّهُ "دَلالَةُ إشَارَةٍ".
وَ 3 الْقِسْمُ الثَّالِثُ: دَلالَةُ التَّنْبِيهِ، 4وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ" أَيْ5 اللَّفْظُ عَلَى شَيْءٍ يُقَدَّرُ "وَاقْتَرَنَ بِحُكْمٍ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِتَعْلِيلِهِ" أَيْ لِتَعْلِيلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ "كَانَ" ذَلِكَ الاقْتِرَانُ "بَعِيدًا" مِنْ6 فَصَاحَةِ كَلامِ الشَّارِعِ، لِتَنَزُّهِ كَلامِهِ عَنْ الْحَشْوِ الَّذِي لا فَائِدَةَ فِيهِ "فَتَنْبِيهٌ"7 أَيْ8 فَدَلالَةُ9 تَنْبِيهٍ "وَيُسَمَّى" التَّنْبِيهُ "إيمَاءً"10.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ11 "مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلِيَتَوَضَّأْ" 12
1 في ع: الفرضي.
2 هو محمد بن كعب بن سليم القرظي، أبو حمزة، من فضلاء أهل المدينة، كان أبوه من سبي قريظة. روى عن العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طال وابن مسعود وغيرهم. توفي سنة 108هـ، وقيل سنة 117هـ. "انظر ترجمته في الجرح والتعديل 8/67، تهذيب التهذيب 9/420، اللباب في تهذيب الأنساب 3/26، تاريخ يحيى بن معين 2/536".
3 ساقطة من ش ز.
4 في ع: قوله.
5 ساقطة من ع ض ب
6 في ع: منه.
7 ساقطة من ع ض ب.
8 ساقطة من ع ض ب.
9 في ع: فدلالته ذا. وفي ض: فدلالة ذا.
10 انظر: إرشاد الفحول ص178، الإحكام للآمدي 3/64، روضة الناظر 262 وما بعدها، شرح العضد 2/172، نشر البنود 1/93، فواتح الرحموت 1/413.
11 في ع ب: ومن أمثلة ذلك نحو. وفي ض: نحو.
12 سبق تخريجه في ج2 ص367.
1وَسَيَأْتِي الْكَلامُ عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُفَصَّلاً فِي مَسَالِكِ الْعِلَّةِ2 مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ.
"وَالنَّصُّ الصَّرِيحُ" مِنْ اللَّفْظِ3 زَادَ الْقَاضِي4 وَابْنُ الْبَنَّاءِ: وَإِنْ اُحْتُمِلَ غَيْرُهُ.
وَقَالَ الْمَجْدُ: مَا أَفَادَ الْحُكْمَ يَقِينًا أَوْ ظَاهِرًا وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا5.
وَقَالَ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ: مَا أَفَادَ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ بِلا احْتِمَالٍ، أَوْ بِاحْتِمَالٍ6 لا دَلِيلَ عَلَيْهِ7.
وَيُطْلَقُ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَلا مَانِعَ مِنْهُ فَإِنَّهُ فِي اللُّغَةِ: الظُّهُورُ.
فَالنَّصُّ لُغَةً8: الْكَشْفُ وَالظُّهُورُ، وَمِنْهُ: نَصَّتْ الظَّبْيَةُ رَأْسَهَا: أَيْ9
1 ساقطة من ع.
2 في ض: اللغة.
3 انظر تعريفات الأصوليين للنص في "إرشاد الفحول ص178، الآيات البينات 2/4، البرهان 1/412 وما بعدها، نشر البنود 1/90 وما بعدها، مختصر الطوفي ص42، المستصفى 1/336، 384 وما بعدها، الحدود للباجي ص42، التعريفات للجرجاني ص126، أدب القاضي للماوردي 1/616، المحصول ج1ق1/316، أصول السرخسي 1/164، الحطاب على الورقات ص111، العدة 1/137، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/236".
4 العدة 1/138.
5 المسودة ص574.
6 في ز د ع ب ض: احتمال.
7 روضة الناظر ص177.
8 في ع ض ب: في اللغة.
9 في ش: إذا.
رَفَعَتْهُ وَأَظْهَرَتْهُ وَمِنْهُ: مِنَصَّةُ الْعَرُوسِ، قَالَهُ1 الْمُطَرِّزِيُّ2.
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيُّ: حَدُّ النَّصِّ فِي الشَّرْعِ3: مَا عَرِيَ4 لَفْظُهُ عَنْ الشَّرِكَةِ، وَمَعْنَاهُ عَنْ الشَّكِّ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: لِلنَّصِّ ثَلاثُ اصْطِلاحَاتٍ أَحَدُهَا: مَا لا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وَالثَّانِي: مَا احْتَمَلَهُ احْتِمَالاً مَرْجُوحًا كَالظَّاهِرِ، وَهُوَ الْغَالِبُ فِي إطْلاقِ الْفُقَهَاءِ، وَالثَّالِثُ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنَى كَيْفَ "مَا"5 كَانَ6 اهـ.
1 في ع: قال.
2 المغرب للمطرزي ص453.
والمطرزي: هو ناصر بن عبد السيد بن علي المطرزي الخوارزمي الحنفي، أبو الفتح، قال اللكنوي:"كان إماماً في الفقه والعربية واللغة، رأساً في الاعتزال، لسان البرهان، سحبان البيان، عديم النظر في الفقه وأصوله". من مؤلفاته "المغرب" في لغات الفقه و "الإيضاح" شرح مقامات الحريري و "الإقناع" في اللغة و "مختصر إطلاق المنطق" توفي سنة 610هـ وقيل 616هـ.
"انظر ترجمته في الفوائد البيهة ص218، طرب الأماثل بتراجم الأفاضل ص306، بغية الوعاة 2/311، الجواهر المضيئة 2/1920، هدية العارفين 2/488".
3 في ش ز: في الشرع.
4 في ز ض: ماعرا، وفي ش: ماعدا.
5 زيادة من تنقيح الفصول.
6 هذا مختصر كلام القرافي في "تنقيح الفصول" مع بعض التحريف، وتمامه:"والنص فيه ثلاثة اصطلاحات. قيل: مادل على معنى قطعاً ولا يحتمل غيره قطعاً، كأسماء الأعداد. وقيل: مادل على معنى قطعاً وإن احتمل غيره. كصيغ الجموع في العموم، فإنها تدل على أقل الجمع قطعاً، وتحتمل الاستغراق، وقيل: مادل على معنى كيف ما كان. وهو غالب استعمال الفقهاء". ثم شرح القرافي كلامه هذا فقال: "فإذا قلنا" اللفظ إما نص أو ظاهر" فمرادنا القسم الأول. وأما الثالث فهو غالب الألفاظ، وهو غالب استعمال الفقهاء. يقولون "نص مالك على كذا" أو "لنا في المسألة النص والمعنى" ويقولون "نصوص الشريعة متضافرة بذلك". وأما القسم الثاني فهو كقوله تعالى: {اقتلوا المشركين} فإنه يقتضي قتل اثنين جزماً فهو نص في ذلك مع احتماله لقتل جميع المشركين". "انظر شرح تنقيح الفصول ص36 وما بعدها".
"وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ" النَّصُّ "تَأْوِيلاً فَ" هُوَ "مَقْطُوعٌ بِهِ" أَيْ بِدَلالَتِهِ.
"وَإِلَى مَفْهُومٍ"1 مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ "إلَى مَنْطُوقٍ" يَعْنِي أَنَّ الدَّلالَةَ تَنْقَسِمُ إلَى مَنْطُوقٍ -وَتَقَدَّمَ الْكَلامُ عَلَيْهِ-، وَإِلَى مَفْهُومٍ.
"وَهُوَ" أَيْ الْمَفْهُومُ "مَا دَلَّ عَلَيْهِ" لَفْظٌ2 "لا فِي مَحَلِّ نُطْقٍ"3.
وَإِذَا كَانَ الْمَفْهُومُ فِي4 الأَصْلِ لِكُلِّ مَا فُهِمَ مِنْ نُطْقٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لأَنَّهُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الْفَهْمِ لَكِنْ اصْطَلَحُوا عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهَذَا، وَهُوَ الْمَفْهُومُ الْمُجَرَّدُ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَى النُّطْقِ، لَكِنْ فُهِمَ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالتَّعْبِيرِ عَنْهُ بَلْ 5لَهُ اسْتِنَادٌ إلَى طَرِيقٍ عَقْلِيٍّ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اسْتِفَادَةِ الْحُكْمِ مِنْ الْمَفْهُومِ مُطْلَقًا: هَلْ هُوَ 6بِدَلالَةِ الْعَقْلِ مِنْ جِهَةِ التَّخْصِيصِ بِالذِّكْرِ، أَمْ مُسْتَفَادٌ مِنْ اللَّفْظِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ7:
قَطَعَ أَبُو الْمَعَالِي فِي الْبُرْهَانِ بِالثَّانِي8، فَإِنَّ اللَّفْظَ9 لا يُشْعِرُ
1 في ع ض ب: عطف على.
2 ساقطة من ش.
3 انظر تعريفات الأصوليين للمفهوم في "إرشاد الفحول ص178، الإحكام للآمدي 3/66، نشر البنود 1/94، تيسير التحرير 1/91، شرح العضد/171، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/240، الآيات البينات 2/15، فواتح الرحموت 1/413، المستصفى 2/191، منهاج العقول".
4 في ع: من.
5 في ض: استناداً.
6 في ع: دلالة الفعل، وفي ز ض ب: بدلالة الفعل.
7 انظر المحصول ج1 ق2/654، المستصفى 2/70، 212.
8 البرهان 1/448.
9 في ض ب: الحكم.
بِذَاتِهِ1، وَإِنَّمَا دَلالَتَهُ بِالْوَضْعِ وَلا شَكَّ أَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَضَعْ اللَّفْظَ لِيَدُلَّ عَلَى شَيْءٍ مَسْكُوتٍ عَنْهُ؛ لأَنَّهُ إنَّمَا يُشْعِرُ بِهِ بِطَرِيقٍ الْحَقِيقَةِ، أَوْ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ، وَلَيْسَ الْمَفْهُومُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَلا خِلافَ أَنَّ دَلالَتَهُ لَيْسَتْ وَضْعِيَّةً2، إنَّمَا هِيَ إشَارَاتٌ ذِهْنِيَّةٌ مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِشَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ.
إذَا عُلِمَ ذَلِكَ:
فَالْمَفْهُومُ نَوْعَانِ، أَحَدُهُمَا: مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَالثَّانِي: مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ، أُشِيرَ 3إلَى أَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ:
"فَإِنْ وَافَقَ" 4أَيْ وَافَقَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ الْمَنْطُوقَ فِي الْحُكْمِ "فَ" هُوَ "مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ5، وَيُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ وَلَحْنَهُ" أَيْ لَحْنَ الْخِطَابِ.
فَلَحْنُ الْخِطَابِ مَا لاحَ فِي أَثْنَاءِ اللَّفْظِ "وَ"يُسَمَّى أَيْضًا "مَفْهُومَهُ" أَيْ مَفْهُومَ الْخِطَابِ. قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى6 فِي الْعُدَّةِ7، وَأَبُو الْخَطَّابُ فِي التَّمْهِيدِ.
1 في ش: بذاته دائماً.
2 في ش: وصفية.
3 في ش ز: للأول منهما.
4 ساقطة من ض ب.
5 انظر تعريفات الأصوليين لمفهوم الموافقة وكلامهم على شرطه وما يرادفه في "العدة 1/152 وما بعدها، المسودة ص350، التمهيد للأسنوي ص65، البرهان 1/449، تيسير التحرير 1/94، مختصر الطوفي ص121، الإحكام للآمدي 3/66، اللمع ص25، إرشاد الفحول ص178، فواتح الرحموت 1/414، نشر البنود 1/95، شرح العضد 2/172، روضة الناظر ص263، التعريفات للجرجاني ص117، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/240، الآيات البينات 2/15، المستصفى 2/191، شرح تنقيح الفصول ص54".
6 ساقطة من ش.
7 العدة 1/152 وما بعدها.
"وَشَرْطُهُ" أَيْ شَرْطُ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ1 "فَهْمُ الْمَعْنَى" مِنْ اللَّفْظِ "فِي مَحَلِّ النُّطْقِ" وَ "أَنَّهُ" أَيْ الْمَفْهُومُ "أَوْلَى" مِنْ الْمَنْطُوقِ "أَوْ مُسَاوٍ" لَهُ.
وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّي الأَوْلَوِيَّ بِفَحْوَى2 الْخِطَابِ، وَالْمُسَاوِيَ بِلَحْنِ الْخِطَابِ3.
فَمِثَالُ الأَوْلَوِيِّ: مَا يُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ بِطَرِيقِ الْقَطْعِ4؛ كَدَلالَةِ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ عَلَى تَحْرِيمِ الضَّرْبِ؛ لأَنَّهُ أَشَدُّ.
وَمِثَالُ الْمُسَاوِي: تَحْرِيمُ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ الدَّالِّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} 5 فَالإِحْرَاقُ مُسَاوٍ لِلأَكْلِ بِوَاسِطَةِ الإِتْلافِ فِي الصُّورَتَيْنِ.
وَقِيلَ: إنَّ الْفَحْوَى: مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، وَاللَّحْنُ: مَا يَكُونُ مُحَالاً عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ فِي الأَصْلِ وَالْوَضْعِ6.
إذَا عَرَفَتْ ذَلِكَ:
فَتَحْرِيمُ الضَّرْبِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} 7 مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالأَدْنَى، وَهُوَ التَّأْفِيفُ، عَلَى الأَعْلَى، وَهُوَ الضَّرْبُ،
1 في ش: المطابقة لموافقة.
2 في ع ب: فحوى.
3 انظر: نشر البنود1/96، الآيات البينات 2/16، أدب القاضي للماوردي 1/617، إرشاد الفحول 178، حاشية البناني 1/241.
4 في د: الأولى. وفي ب: الأولى والقطع.
5 الآية 10 من النساء.
6 انظر: أدب القاضي للماوردي 1/617، إرشاد الفحول ص178.
7 الآية 23 من الإسراء. وهي غير موجودة في ع ض ب، وقد أثبت بدلاً عنها: آية التأفيف. وفي ش: ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما.
وَتَأْدِيَةُ مَا دُونَ الْقِنْطَارِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ} 1 مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِالأَعْلَى، وَهُوَ تَأْدِيَةُ الْقِنْطَارِ، عَلَى الأَدْنَى وَهُوَ تَأْدِيَةُ مَا دُونَهُ2.
"وَهُوَ" أَيْ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ "حُجَّةٌ"3.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا؛ لِتَبَادُرِ فَهْمِ الْعُقَلاءِ إلَيْهِ4، وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ دَاوُد.
"وَدَلالَتُهُ لَفْظِيَّةٌ" عَلَى الصَّحِيحِ.
نَصَّ5 عَلَيْهِ6 الإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه وَحَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ7 أَصْحَابِنَا8، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْحَنَفِيَّةُ9 وَالْمَالِكِيَّةُ10 وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ11 وَجَمَاعَةٌ مِنْ
1 الآية 75 من آل عمران.
2 انظر العدة 2/480.
3 انظر: الإحكام للآمدي 3/67 وما بعدها 3/71، المسودة ص346، إرشاد الفحول ص179.
4 ساقطة من ش.
5 في ش: مضى.
6 في ش ز: على ذلك.
7 في ش: من.
8 انظر: العدة 1/153، روضة الناظر ص263 وما بعدها، المسودة ص346.
9 انظر: تيسير التحرير 1/94، فتح الغفار 2/45، كشف الأسرار 1/73، التلويح على التوضيح 1/131، فواتح الرحموت 1/408، أصول السرخسي 1/241.
10 انظر: الإشارات للباجي ص92، نشر البنود 1/96، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/172 وما بعدها.
11 انظر: المستصفى 2/190، 212، اللمع ص25، الآيات البينات 2/20، شرح العضد 2/173، الإحكام للآمدي 3/67 وما بعدها، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/243.
الْمُتَكَلِّمِينَ1.
وَسَمَّاهُ الْحَنَفِيَّةُ دَلالَةَ النَّصِّ2،
وَاسْتُدِلَّ لِهَذَا الْمَذْهَبِ بِأَنَّهُ يُفْهَمُ لُغَةً قَبْلَ شَرْعِ الْقِيَاسِ؛ وَلانْدِرَاجِ3 أَصْلِهِ4 فِي فَرْعِهِ، نَحْوَ لا تُعْطِهِ ذَرَّةً5، وَيَشْتَرِكُ فِي فَهْمِهِ اللُّغَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِلا قَرِينَةٍ.
وَقِيلَ: إنَّ دَلالَتَهُ قِيَاسِيَّةٌ6،
وَعَلَى كَوْنِهَا لَفْظِيَّةً، فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا "فُهِمَتْ مِنْ السِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ" وَهُوَ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ7 وَالآمِدِيِّ8.
وَالْمُرَادُ9 بِالْقَرَائِنِ هُنَا: الْمُفِيدَةُ لِلدَّلالَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، لا الْمَانِعَةُ مِنْ إرَادَتِهِ؛ لأَنَّ قَوْله تَعَالَى:{فَلا 10 تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} 11
1 انظر إرشاد الفحول ص178.
2 انظر: تيسير التحرير 1/90، كشف الأسرار 1/73، فتح الغفار 2/45، التلويح على التوضيح 1/131، فواتح الرحموت 1/408، أصول السرخسي 1/241.
3 في ع: الاندراج.
4 في ع: أصل.
5 فيدل على عدم إعطاء الأكثر، إذ الذرة داخلة في الأكثر. "شرح العضد 2/172".
وفي ش: ذرية.
6 انظر: اللمع ص25. المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/242، الآيات البينات 2/20، الإحكام للآمدي 3/68، إرشاد الفحول ص178، شرح العضد 2/173، نشر البنود 1/97، المسودة ص348، روضة الناظر ص263، مختصر الطوفي ص122.
7 المستصفى 2/190.
8 الإحكام في أصول الأحكام 3/67.
9 في ع ض ب: هنا والمراد.
10 في سائر النسخ: ولا.
11 الآية 23 من الإسراء.
1وَنَحْوَهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ غَايَتُهُ أَنَّهُ2 عُلِمَ مِنْهُ حُرْمَةُ الضَّرْبِ بِقَرَائِنِ الأَحْوَالِ وَسِيَاقِ الْكَلامِ3.
وَاللَّفْظُ لا يَصِيرُ بِذَلِكَ مَجَازًا كَالتَّعْرِيضِ4.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ اللَّفْظَ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْمَعْنَى الالْتِزَامِيِّ5 الَّذِي هُوَ الضَّرْبُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى6: {فَلا 7 تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} .
قَالَ الْكُورَانِيُّ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ: إنَّهُ بَاطِلٌ؛ لأَنَّ الْمُفْرَدَاتِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ بِلا رَيْبٍ، مَعَ8 إجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى9 أَنَّ فِي الأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ إلْحَاقَ الْفَرْعِ بِأَصْلٍ10، وَإِنَّمَا الْخِلافُ فِي أَنَّ11 ذَلِكَ بِالشَّرْعِ12 أَوْ بِاللُّغَةِ.
وَ13عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا: قِيَاسٌ جَلِيٌّ14؛ لأَنَّهُ لَمْ
1 ساقطة من ش.
2 في ض: إن.
3 انظر البرهان 1/451، إرشاد الفحول ص178.
4 ساقطة من ز.
5 في ض: الالتزامي كالتعريض.
6 ساقطة من ع.
7 في سائر النسخ: ولا.
8 في ش: من.
9 في ش: على أن في إجماع السلف على.
10 في ض د: بالأصل.
11 في ش: أصل.
12 في ع ض ب: في الشرع.
13 ساقطة من ع ب.
14 انظر "المسودة ص348، روضة الناظر ص263، مختصر الطوفي ص122، اللمع ص25، الآيات البينات 2/20، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/242، إرشاد الفحول ص178، أدب القاضي للماوردي 1/588، الإحكام للآمدي 3/68".
يَلْفِظْ بِهِ، وَإِنَّمَا حُكِمَ بِالْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ، قِيسَ1 الْمَسْكُوتُ عَلَى الْمَذْكُورِ قِيَاسًا جَلَّيَا، فَإِنَّهُ إلْحَاقُ فَرْعٍ بِأَصْلٍ لِعِلَّةٍ مُسْتَنْبَطَةٍ، فَيَكُونُ قِيَاسًا شَرْعِيًّا2 لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ، كَمَا سَمَّاهُ الشَّافِعِيُّ بِذَلِكَ.
وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلافِ: أَنَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ دَلالَتَهُ لَفْظِيَّةٌ جَازَ النَّسْخُ بِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: قِيَاسِيَّةٌ فَلا.
"وَهُوَ" أَيْ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ نَوْعَانِ:
نَوْعٌ "قَطْعِيٌّ، كَرَهْنِ مُصْحَفٍ عِنْدَ ذِمِّيٍّ".
احْتَجَّ الإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رَهْنِ الْمُصْحَفِ عِنْدَ الذِّمِّيِّ بِنَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ السَّفَرِ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ3 الْعَدُوِّ، مَخَافَةَ أَنْ تَنَالَهُ أَيْدِيهِمْ4 فَهَذَا قَاطِعٌ5.
وَكَذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الأَمْثِلَةِ، فَإِنَّهَا قَطْعِيَّةٌ.
وَالْقَطْعِيُّ كَوْنُ التَّعْلِيلِ بِالْمَعْنَى، وَكَوْنُهُ6 أَشَدَّ مُنَاسَبَةً لِلْفَرْعِ7، وَكَوْنُهُمَا قَطْعِيَّيْنِ8.
1 في ع: فليس.
2 في ع: شرعاً.
3 ساقطة من ش.
4 أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه ومالك في الموطأ وأحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً "انظر صحيح البخاري 4/68، صحيح مسلم 3/1490، بذل المجهود 12/112، سنن ابن ماجه 2/961، موطأ مالك 2/446، مسند أحمد 2/63".
5 قال الشيخ تقي الدين بن تيمية: "لأنه إذا نهى عما قد يكون وسيلة إلى نيلهم إياه، فهو عن إنالتهم إياه أنهى وأنهى""المسودة ص347".
6 في ع: وكونها.
7 في ع: للوضع.
8 في ز: قطعيتين.
"وَ" نَوْعٌ "ظَنِّيٌّ" 1 كَ "إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ فَاسِقٍ، فَكَافِرٌ أَوْلَى" بِرَدِّ شَهَادَتِهِ، إذْ الْكُفْرُ فِسْقٌ وَزِيَادَةٌ، وَكَوْنُ هَذَا ظَنِّيًّا2 هُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ3 وَالطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ4 وَشَرْحِهِ، وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمْ؛ لأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي مَحَلِّ الاجْتِهَادِ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ عَدْلاً فِي دَيْنِهِ، فَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ وَالأَمَانَةَ، بِخِلافِ الْمُسْلِمِ الْفَاسِقِ، فَإِنَّ مُسْتَنَدَ قَبُولِ شَهَادَتِهِ الْعَدَالَةُ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ فَهُوَ فِي مَظِنَّةِ الْكَذِبِ، إذْ لا وَازِعَ لَهُ عَنْهُ5، فَهَذَا6 ظَنِّيٌّ غَيْرُ قَاطِعٍ7.
وَقِيلَ: إنَّ هَذَا الْمِثَالَ فَاسِدٌ؛ لأَنَّ التَّعْلِيلَ بِكَوْنِ الْكَافِرِ أَوْلَى بِالرَّدِّ مَمْنُوعٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الظَّنِّيِّ أَيْضًا: مَا احْتَجَّ بِهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي8 أَنَّهُ لا شُفْعَةَ لِذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ9 {وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ
1 انظر: شرح العضد 2/173، الإحكام للآمدي 3/69، تيسير التحرير 1/95.
2 في ع: ظناً.
3 روضة الناظر ص264.
4 مختصر الطوفي ص122.
5 ساقطة من ش.
6 في ش: فهو.
7 في ع ض: قطعي.
8 في ع: من.
9 هذا الحديث لم يتفقا على إخراجه في الصحيحين كما ذكر المصنف، ولكن أخرجه مسلم في صحيحه وأبو داود والترمذي في سننهما وأحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً، وتمامه:"لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه". "انظر صحيح مسلم 4/1707، عارضة الأحوذي 7/103، 10/175، بذل المجهود 2/142، مسند الإمام أحمد 2/263، جامع الأصول 7/392".
فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إلَى أَضْيَقِهِ1" فَهَذَا مَظْنُونٌ2.
وَزَعَمَ الْفَخْرُ إسْمَاعِيلُ الْبَغْدَادِيُّ3 مِنْ أَصْحَابِنَا4 فِي جَدَلِهِ5: أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ قَطْعِيٌّ؛ لاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ غَيْرَ مَا عَلَّلُوهُ بِهِ، وَالأَكْثَرُ عَلَى خِلافِهِ.
"وَمِثْلُ" قَوْلِ الْقَائِلِ "إذَا جَازَ سَلَمٌ مُؤَجَّلاً، فَحَالٌّ أَوْلَى، لِبُعْدٍ غَرَرٍ6، وَ7هُوَ الْمَانِعُ: فَاسِدٌ" مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْعُقُودِ مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ لا مُقْتَضٍ لَهَا "إذْ لا يَثْبُتُ حُكْمٌ لانْتِفَاءِ مَانِعِهِ"؛ لأَنَّ الْمَانِعَ لا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ8 وَلا عَدَمٌ.
"بَلْ" إنَّمَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ "لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ" أَيْ مُقْتَضِي الْحُكْمِ "وَ" الْمُقْتَضِي لِصِحَّةِ السَّلَمِ "هُوَ الارْتِفَاقُ بِالأَجَلِ" عَلَى مَا قُرِّرَ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ، -كَالأَجَلِ فِي الْكِتَابَةِ-، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْحَالِ، وَالْغَرَرُ مَانِعٌ لَهُ، لَكِنَّهُ احْتَمَلَ فِي الْمُؤَجَّلِ رُخْصَةً وَتَحْقِيقًا لِلْمُقْتَضِي، وَهُوَ الارْتِفَاقُ9، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
"وَإِنْ خَالَفَ" مَعْطُوفٌ10 عَلَى قَوْلِهِ11 فَإِنْ وَافَقَ " يَعْنِي، وَإِنْ
1 في ش: أضيقها.
2 قال الشيخ تقي الدين بن تيمية: "فإذا كان ليس لهم في الطريق حق، فالشفعة أحرى أن لا يكون لهم فيها حق. وهذا مظنون". "المسودة ص347".
3 ساقطة من ش ز.
4 في ض د: منا.
5 في ش: حد له.
6 في ش: عن رد، وفي ع: غرره.
7 الواو ساقطة من ش.
8 في ع ض: الوجود.
9 انظر: روضة الناظر ص264، مختصر الطوفي ص122.
10 في ع ض: عطف.
11 ساقطة من ع ض.
خَالَفَ الْمَفْهُومُ -وَهُوَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ- حُكْمَ الْمَنْطُوقِ "فَ" هُوَ "مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ"1 وَيُسَمَّى دَلِيلَ الْخِطَابِ.
وَإِنَّمَا سُمِّيَ2 بِذَلِكَ؛ لأَنَّ دَلالَتَهُ مِنْ جِنْسِ دَلالاتِ3 الْخِطَابِ، أَوْ لأَنَّ الْخِطَابَ دَالٌّ عَلَيْهِ، أَوْ لِمُخَالَفَتِهِ4 مَنْظُوم5 الْخِطَابِ.
وَلِلْعَمَلِ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ شُرُوطٌ، بَعْضُهَا رَاجِعٌ لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ، وَبَعْضُهَا رَاجِعٌ لِلْمَذْكُورِ.
فَمِنْ الأَوَّلِ: مَا أَشَارَ6 إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَشَرْطُهُ: أَنْ لا تَظْهَرُ أَوْلَوِيَّةٌ" بِالْحُكْمِ مِنْ7 الْمَذْكُورِ "وَلا مُسَاوَاةٌ فِي مَسْكُوتٍ عَنْهُ" إذْ لَوْ ظَهَرَتْ8 فِيهِ أَوْلَوِيَّةٌ أَوْ مُسَاوَاةٌ، كَانَ حِينَئِذٍ مَفْهُومَ مُوَافَقَةٍ9،
1 انظر تعريفات الأصوليين لمفهوم المخالفة في "الإشارات للباجي ص93، الحدود للباجي ص50، العدة 1/154، البرهان 1/449، الإحكام للآمدي 3/69، شرح العضد 2/173، إرشاد الفحول ص179، فواتح الرحموت 1/414، المستصفى 2/191، شرح تنقيح الفصول ص53، منهاج العقول 1/312، الآيات البينات 2/23، التعريفات للجرجاني ص118، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/245، نشر البنود 1/98، تيسير التحرير 1/98، مختصر الطوفي ص122، روضة الناظر ص264، اللمع ص25، التبصرة 218".
2 في ض: ويسمى.
3 في ض: دلالة.
4 في ع لمخالفة.
5 في ش: منطوق.
6 في ض: أشير.
7 في ع ض: في.
8 في ض: ظهر.
9 انظر: فواتح الرحموت 1/414، شرح العضد 2/174.
في ش ز: موافقة وقد تقدم الكلام عليه.
وَمِنْ الثَّانِي: مَا أَشَارَ1 إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَلا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ" فَأَمَّا إنْ خَرَجَ مَخْرَجَ2 الْغَالِبِ فَلا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ3.
نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {وَرَبَائِبُكُمْ اللَاّتِي فِي حُجُورِكُمْ 4مِنْ نِسَائِكُمْ اللَاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} 5 فَإِنَّ تَقْيِيدَ تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ بِكَوْنِهَا فِي حِجْرِهِ -لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ- لا يَدُلُّ عَلَى حِلِّ الرَّبِيبَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي حِجْرِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ6.
وَمِنْهُ7 قَوْله سبحانه وتَعَالَى8 {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} 9
1 في ض: أشير.
2 في ش ز: إن جرى على، وفي ع: ان خرج خرج.
3 قال القرافي في "شرح تنقيح الفصول" ص272: "إنما قال العلماء أن مفهوم الصفة إذا خرجت مخرج الغالب لا يكون حجة ولا دالاً على انتفاء الحكم عن السكوت عنه بسبب أن الصفة الغالبة على الحقيقة تكون لازمة لها في الذهن بسبب الغلبة، فإذا استحضرها المتكلم ليحكم عليها حضرت معها تلك الصفة فنطق بها المتكلم لحضورها في الذهن مع المحكوم عليه، لا انه استحضرها ليفيد بها انتفاء الحكم عن المسكوت عنه، اما إذا لم تكن غالبة لا تكون لازمة للحقيقة في الذهن، فيكون المتكلم قد قصد حضورها في ذهنه ليفيد بها سلب الحكم عن المسكوت عنه، فلذلك لا تكون الصفة الغالبة دالة على نفي الحكم، وغير الغالبة دالة على نفي الحكم عن المسكوت عنه".
وانظر تحقيق المسألة في "المسودة ص362، إرشاد الفحول ص180، نشر البنود 1/99، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/246، الآيات البينات 2/24، منهاج العقول 1/315، فواتح الرحموت 1/414، شرح العضد 2/175، الإحكام للآمدي 3/100، البرهان 1/477، تيسير التحرير 1/99".
4 في ع ض: الآية.
5 الآية 23 من النساء.
6 انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/378، أحكام القرآن للجصاص 2/129، فتح القدير للشوكاني 1/445.
7 في ز: ومن.
8 ساقطة من ع ض.
9 الآية 95 من المائدة.
وقَوْله تَعَالَى:1 {فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} 2 وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَقَالَ دَاوُد: إنَّهُ شَرْطٌ فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ بِاعْتِبَارِهِ، فَلَمْ يُحَرِّمْ3 الرَّبِيبَةَ الْكَبِيرَةَ وَقْتَ التَّزَوُّجِ بِأُمِّهَا فِي قَوْلٍ لَهُ؛ لأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي حِجْرِهِ4.
وَقَالَ بِهِ عَلِيٌّ رضي الله عنه فِيمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ5.
"فَ" عَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ لا يَكُونُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ "لا يَعُمُّ" وَلِهَذَا احْتَجَّ الْعُلَمَاءُ مِنْ6 أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ عَلَى7 اخْتِصَاصِ تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ بِالْحِجْرِ بِالآيَةِ، وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ لا حُجَّةَ فِيهَا، لِخُرُوجِهَا عَلَى الْغَالِبِ.
1 ساقطة من ع ض.
2 الآية 229 من البقرة.
3 في ش ز: تحرم.
4 يبدو أن نسبة هذا القول للإمام مالك غير سديدة. يدل على ذلك قول الشنقيطي المالكي في "نشر البنود""1/99" بعد حكايته قول علي أن الربيبة البعيدة عن الزوج لا تحرم عليه: "وأما نسبته لمالك رحمه الله وانه رجع عنه، فقد قال: حلولو: لا نعرفه لأحد من أهل المذهب، أي كونه قاله، حتى يرجع عنه".
5 قال الشوكاني في "فتح القدير""1/453": "أخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم بسند صحيح عن مالك بن أوس بن الحدثان قال كانت عندي امرأة فتوفيت، وقد ولدت لي، فوجدت عليها، فلقيني علي بن أبي طالب فقال: مالك؟ فقلت توفيت المرأة. فقال علي: لها ابنة؟ قلت نعم. وهي بالطائف. قال: كانت حجرك؟ قلت: لا. قال: فانكحها. قلت: فأين قول الله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} ؟ قلت: إنها لم تكن في حجرك". قال الشوكاني: قال ابن منذر والطحاوي: لم يثبت ذلك عن علي، لأن راويه إبراهيم بن عبيد عن مالك بن أوس بن الحدثان عن ثابت إلى علي بن أبي طالب على شرط مسلم. "فتح القدير 1/445" وانظر: أحكام القرآن للجصاص 2/129، أحكام القرآن للكيا الهراسي 2/243.
6 في ض ب: علماء.
7 في ش ز: عن.
"وَ" مِنْ شَرْطِهِ أَيْضًا: أَنْ "لا" يَكُونَ خَرَجَ "مَخْرَجَ تَفْخِيمٍ"1 كَحَدِيثِ: "لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ" الْحَدِيثَ2 فَقَيَّدَ "الإِيمَانَ" لِلتَّفْخِيمِ فِي الأَمْرِ، وَأَنَّ هَذَا لا يَلِيقُ بِمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا3.
"وَلا" خَرَجَ اللَّفْظُ4 "جَوَابًا لِسُؤَالٍ" يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ اللَّفْظُ جَوَابًا لِسُؤَالٍ لَمْ يُعْمَلْ بِمَفْهُومِهِ5
ذَكَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي صَلاةِ التَّطَوُّعِ اتِّفَاقًا6.
مِثْلَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ؟ فَلا يَلْزَمُ مِنْ جَوَابِ السُّؤَالِ عَنْ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ عَلَى الضِّدِّ فِي الأُخْرَى، لِظُهُورِ فَائِدَةٍ فِي الذِّكْرِ غَيْرِ الْحُكْمِ بِالضِّدِّ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ احْتِمَالَيْنِ:
أَحَدُهُمَا كَالأَوَّلِ.
1 في ض ب د: التفخيم.
2 أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ عن أم حبيبة رضي الله عنه مرفوعاً، وتمامه "إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً""انظر صحيح البخاري 7/76، صحيح مسلم 2/1124، بذل المجهود 11/59، عارضة الأحوذي 5/172، الموطأ 2/597، سنن النسائي 6/167".
3 إرشاد الفحول ص180.
4 ساقطة من ش ز.
5 انظر: نشر البنود 1/98، الآيات البينات 2/24، تيسير التحرير 1/99، إرشاد الفحول ص180، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/246، منهاج العقول 1/316، فواتح الرحموت 1/414، شرح العضد 2/174.
6 انظر المسودة ص316.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ بَابِ وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سُؤَالٍ أَوْ حَادِثَةٍ صَارِفًا لَهُ عَنْ عُمُومِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَعَلُوا هُنَا1 السُّؤَالَ وَالْحَادِثَةَ قَرِينَةً صَارِفَةً عَنْ الْقَوْلِ بِهَذَا الْحُكْمِ فِي الْمَسْكُوتِ، وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ فِي وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سُؤَالٍ أَوْ حَادِثَةٍ صَارِفًا لَهُ عَنْ عُمُومِهِ عَلَى الأَرْجَحِ، بَلْ لَمْ يُجْرُوا هُنَا مَا أَجْرَوْهُ هُنَاكَ مِنْ الْخِلافِ فِي أَنَّ2 الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ3 السَّبَبِ؟
أُجِيبُ: بِأَنَّ الْمَفْهُومَ لَمَّا ضَعُفَ عَنْ الْمَنْطُوقِ فِي الدَّلالَةِ انْدَفَعَ بِذَلِكَ وَنَحْوِهِ، وَقُوَّةُ اللَّفْظِ فِي الْعَامِّ تُخَالِفُ ذَلِكَ4، وَلِقُوَّةِ5 اللَّفْظِ فِي الْعَامِّ ادَّعَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ دَلالَتَهُ عَلَى كُلِّ فَرَدٍّ مِنْ أَفْرَادِهِ قَطْعِيَّةٌ.
وَمِنْ شَرْطِ الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ أَيْضًا: أَنْ لا يَكُونَ الْمَنْطُوقُ ذُكِرَ "لِزِيَادَةِ امْتِنَانٍ" عَلَى الْمَسْكُوتِ عَنْهُ6، نَحْوَ قَوْلِهِ -جَلَّ وَعَلا- {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ 7 لَحْمًا طَرِيًّا} 8 فَلا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْقَدِيدِ مِنْ لَحْمِ مَا يُؤْكَلُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ كَغَيْرِهِ9
1 في ش: هذا.
2 ساقطة من ع.
3 في ض: مخصوص.
4 قال الزركشي: ولعل الفرق –يعني عموم اللفظ وعموم الفهم- أن دلالة المفهوم ضعيفة تسقط بأدنى قرينة، بخلاف اللفظ العام وقد علق الشوكاني على كلام الزركشي فقال: قلت وهذا فرق قوي، لكنه إنما يتم في المفاهيم التي دلالتها ضعيفة، أما المفاهيم اتلي دلالتها قوية قوة تلحقها بالدلالات اللفظية فلا. "انظر إرشاد الفحول ص180".
5 في ع: ولعموم.
6 انظر: إرشاد الفحول ص180، نشر البنود 1/99.
7 ساقطة من ض.
8 الآية 14 من النحل.
9 ساقطة من ش ز.
"وَلا لِحَادِثَةٍ" يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ: أَنْ لا يَكُونَ الْمَنْطُوقُ خَرَجَ لِبَيَانِ حُكْمِ حَادِثَةٍ اقْتَضَتْ بَيَانَ الْحُكْمِ فِي الْمَذْكُورِ1.
كَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِشَاةِ لمَيْمُونَةَ2 فَقَالَ: "دِبَاغُهَا طَهُورُهَا"3.
وَكَمَا لَوْ قِيلَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ4 صلى الله عليه وسلم: لِزَيْدٍ غَنَمٌ سَائِمَةٌ فَقَالَ: "فِي السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ" 5 إذْ الْقَصْدُ6 الْحُكْمُ عَلَى تِلْكَ الْحَادِثَةِ، لا النَّفْيُ7 عَمَّا عَدَاهَا.
وَمِنْ هَذَا قَوْله تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} 8 فَإِنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَا كَانُوا يَتَعَاطَوْنَهُ9 فِي الآجَالِ: أَنَّهُ إذَا حَلَّ الدَّيْنُ يَقُولُونَ لِلْمَدْيُونِ: إمَّا أَنْ تُعْطِيَ، وَإِمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي الدَّيْنِ، فَيَتَضَاعَفُ بِذَلِكَ مُضَاعَفَةً كَثِيرَةً.
"وَ" يُشْتَرَطُ أَيْضًا لِلْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ "لا" يَكُونَ الْمَنْطُوقُ ذُكِرَ "لِتَقْدِيرِ جَهْلِ الْمُخَاطَبِ" بِهِ، دُونَ جَهْلِهِ بِالْمَسْكُوتِ عَنْهُ10، بِأَنْ يَكُونَ الْمُخَاطَبُ يَعْلَمُ
1 انظر: إرشاد الفحول ص180، نشر البنود 1/99 وما بعدها، منهاج العقول 1/316، شرح العضد 2/174، الآيات البينات 2/24، تيسير التحرير 1/99، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/246.
2 في ش: ميمونة.
3 سبق تخريجه في ص386 من هذا الجزء.
4 في ع ض ب: بحضرته.
5 سبق تخريجه في ج2 ص554.
6 في ض: إذا قصد.
7 في ض ب د: لنفي.
8 الآية 130 من آل عمران.
9 في ض: يتعاطون.
10 انظر: نشر البنود 1/99ن الآيات البينات 2/24، فواتح الرحموت 1/414، تيسير التحرير 1/99، شرح العضد 2/174، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/246.
حُكْمَ الْمَعْلُوفَةِ وَيَجْهَلُ حُكْمَ السَّائِمَةِ فَيُذْكَرُ لَهُ.
"وَ" يُشْتَرَطُ أَيْضًا لِلْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ "لا" يَكُونَ لِلْمَنْطُوقِ ذِكْرٌ "لِرَفْعِ خَوْفٍ وَنَحْوِهِ" عَنْ الْمُخَاطَبِ1، كَقَوْلِك لِمَنْ يَخَافُ مِنْ تَرْكِ الصَّلاةِ الْمُوَسَّعَةِ: تَرْكُهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ جَائِزٌ، لَيْسَ مَفْهُومُهُ عَدَمَ الْجَوَازِ فِي بَاقِي الْوَقْتِ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَتَضَايَقَ2.
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا لِلْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ "لا" يَكُونَ الْمَنْطُوقُ "عُلِّقَ حُكْمُهُ عَلَى صِفَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ" ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ3 قَالَ4 ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الصِّفَةُ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ فَلا مَفْهُومَ، كَقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ} الآيَةَ5 أَرَادَ نَفْيَ الْحَرَجِ عَمَّنْ طَلَّقَ وَلَمْ يَمَسَّ، وَإِيجَابَ الْمُتْعَةِ تَبَعًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ.
وَمِمَّا يُذْكَرُ مِنْ شُرُوطِ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ: أَنْ لا يَعُودَ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى الأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْمَنْطُوقُ فِيهِ بِالإِبْطَالِ6، كَحَدِيثِ "لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك "7.
لا يُقَالُ: مَفْهُومُهُ صِحَّةُ بَيْعِ8 الْغَائِبِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ، إذْ لَوْ صَحَّ فِيهِ لَصَحَّ فِي
1 انظر: تيسير التحرير 1/99، الآيات البينات 2/23، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/245، نشر البنود 1/98.
2 في ض: يتضايق الوقت.
3 انظر المسودة ص363.
4 في ش: قاله.
5 الآية 226 من البقرة.
6 انظر اللمع ص26، إرشاد الفحول ص180.
7 أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن حكيم بن حزام رضي الله عنه مرفوعاً. "انظر بذل المجهود 15/178، سنن النسائي 7/254، سنن ابن ماجه 2/737، عارضة الأحوذي 5/241، شرح السنة للبغوي 8/140".
8 في د ض: منع.
الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الْغَائِبُ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ؛ لأَنَّ الْمَعْنَى فِي الأَمْرَيْنِ وَاحِدٌ.
وَلَمْ يُفَرِّقْ أَحْمَدُ1 بَيْنَهُمَا.
وَلَمْ أَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الْمَتْنِ لِظُهُورِهِ، كَتَرْكِ نَحْوِهِ مِنْ الشُّرُوطِ مِمَّا لا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ.
ثُمَّ الضَّابِطُ لِهَذِهِ الشُّرُوطِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا أَنْ لا يَظْهَرَ لِتَخْصِيصِ الْمَنْطُوقِ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ غَيْرُ نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ2.
وَعَلَى ذَلِكَ اقْتَصَرَ الْبَيْضَاوِيُّ3.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا:
فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الشُّرُوطِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْمَذْكُورِ بِالذِّكْرِ، لا نَفْيَ الْحُكْمِ عَنْ غَيْرِهِ.
وَلَكِنْ وَرَاءَ هَذَا بَحْثٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُقْتَرِنَ مِنْ الْمَفَاهِيمِ بِمَا يَمْنَعُ الْقَوْلَ بِهِ؛ لِوُجُودِ فَائِدَةٍ تَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِي الْمَذْكُورِ4 بِالذِّكْرِ، هَلْ يَدُلُّ اقْتِرَانُهُ بِذَلِكَ عَلَى الْغَايَةِ وَجَعْلِهِ كَالْعَدَمِ، فَيَصِيرُ الْمَعْرُوضُ5 بِقَيْدِ الْمَفَاهِيمِ، إذَا كَانَ فِيهِ لَفْظُ عُمُومٍ شَامِلاً لِلْمَذْكُورِ وَالْمَسْكُوتِ، حَتَّى لا يَجُوزَ قِيَاسُ الْمَسْكُوتِ بِالْمَذْكُورِ بَعْلَةٍ جَامِعَةٍ.
1 في ش: أحد.
2 انظر: التمهيد للأسنوي ص67ن شرح العضد 2/174، الآيات البينات 2/24، فواتح الرحموت 1/414، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/246.
3 المنهاج للبيضاوي مع شرحه للأسنوي 1/315.
4 في ع: لمذكور.
5 في ز ض: المفروض.
لأَنَّهُ مَنْصُوصٌ، فَلا حَاجَةَ لإِثْبَاتِهِ1 بِالْقِيَاسِ، إذْ2 لا يَدُلُّ، بَلْ غَايَتُهُ الْحُكْمُ عَلَى3 الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَذْكُورِ فَمَسْكُوتٌ4 عَنْ حُكْمِهِ، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ قِيَاسُهُ؟!
مِثَالُهُ فِي الصِّفَةِ -مَثَلاً- لَوْ قِيلَ: هَلْ فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ؟ فَيَقُولُ الْمَسْئُولُ: فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ.
فَغَيْرُ السَّائِمَةِ مَسْكُوتٌ عَنْ حُكْمِهِ، فَيَجُوزُ قِيَاسُهُ عَلَى السَّائِمَةِ، بِخِلافِ5 مَا لَوْ أَلْغَى لَفْظَ "السَّائِمَةِ" وَصَارَ التَّقْدِيرُ: فِي الْغَنَمِ زَكَاةٌ، فَلا حَاجَةَ حِينَئِذٍ لِقِيَاسِ الْمَعْلُوفَةِ بِالسَّائِمَةِ؛ لأَنَّ لَفْظَ "الْغَنَمِ" شَامِلٌ لَهُمَا؟
فِي ذَلِكَ خِلافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ6.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْمُخْتَارُ الثَّانِي، حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ حَكَى فِيهِ الإِجْمَاعَ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ، أُشِيرَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ:
"وَيَنْقَسِمُ إلَى مَفْهُومِ صِفَةٍ، وَ" إلَى "تَقْسِيمٍ، وَ" إلَى "شَرْطٍ، وَ" إلَى "غَايَةٍ، وَ" إلَى "عَدَدٍ لِغَيْرِ مُبَالَغَةٍ، وَ" إلَى "لَقَبٍ" وَهُوَ آخِرُ السِّتَّةِ أَقْسَامٍ7.
1 في ش: لا تباعه.
2 في ش ض: أو.
3 في ع ض ب: عن.
4 في ز: المسكوت.
5 في ز: خلاف.
6 انظر في ذلك: التمهيد للأسنوي ص67، الآيات البينات 2/26، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/248 وما بعدها.
7 في ش: ستة الأقسام.
"فَالأَوَّلُ": أَيْ1 الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الصِّفَةِ "أَنْ يَقْتَرِنَ2 بِعَامٍّ صِفَةٌ خَاصَّةٌ3 كَ "فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ" وَكَـ "فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ"، وَلِذَلِكَ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: هُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِإِحْدَى صِفَتَيْ الذَّاتِ4، فَشَمَلَ الْمِثَالَيْنِ.
وَمَثَّلَ بِهِمَا فِي الرَّوْضَةِ5.
وَبَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ فَرْقٌ فِي الْمَعْنَى.
فمُقْتَضَى الْعِبَارَةِ الأُولَى: عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْغَنَمِ6، الْمَعْلُوفَةِ الَّتِي لَوْلا الْقَيْدُ بِالسَّوْمِ لَشَمَلَهَا لَفْظُ "الْغَنَمِ".
وَمُقْتَضَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ: عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي سَائِمَةِ غَيْرِ الْغَنَمِ، كَالْبَقَرِ مَثَلاً الَّتِي لَوْلا تَقْيِيدُ السَّائِمَةِ بِإِضَافَتِهَا إلَى الْغَنَمِ لَشَمَلَهَا لَفْظُ "السَّائِمَةِ".
كَذَا7 قَالَ8 التَّاجُ السُّبْكِيُّ فِي مَنْعِ9 الْمَوَانِعِ وَقَالَ: هُوَ التَّحْقِيقُ.
قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: وَالْحَقُّ عِنْدِي أَنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ قَوْلَنَا: سَائِمَةُ الْغَنَمِ، مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى مَوْصُوفِهَا، فَهِيَ فِي الْمَعْنَى كَالأُولَى، وَالْغَنَمُ مَوْصُوفَةٌ، وَالسَّائِمَةُ صِفَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
1 ساقطة من ز ض ب.
2 في ز: تقترن.
3 ساقطة من ش.
4 المنهاج للبيضاوي مع شرحه للأسنوي 1/314 وما بعدها، اللمع ص25.
5 روضة الناظر ص273.
6 في ش: غير سائمة الغنم كالبقر.
7 ساقطة من ع.
8 في ع ض ب: قاله.
9 جمع.
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا النَّعْتَ، وَلِهَذَا مَثَّلُوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ" 1 وَالتَّقَيُّدُ فِيهِ بِالإِضَافَةِ، لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الصِّفَةِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَطْلُ الْكَائِنُ مِنْ الْغَنِيِّ، لا مِنْ الْفَقِيرِ.
وَقَدَّرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ فَقَالَ2: مَطْلُ الشَّخْصِ الْغَنِيِّ، وَرَدَّهُ بِنَحْوِ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ.
وَمَثَّلَهُ3 أَصْحَابُنَا تَارَةً بِالْعِبَارَةِ الأُولَى، وَتَارَةً بِالثَّانِيَةِ4، وَظَاهِرُ كَلامِهِمْ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ5.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا "مَنْ بَاعَ نَخْلاً مُؤَبَّرَا6 فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ"7.
وَمِثْلُهُ: تَعْلِيقُ نَفَقَةِ الْبَائِنِ عَلَى الْحَمْلِ.
وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُونَ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ؛ لأَنَّهُ رَأْسُ8 الْمَفَاهِيمِ.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَوْ عَبَّرَ مُعَبِّرٌ عَنْ جَمِيعِ الْمَفَاهِيمِ بِالصِّفَةِ لَكَانَ ذَلِكَ مُتَّجِهًا9؛
1 سبق تخريجه في ص157 من هذا الجزء.
2 ساقطة من ض.
3 في ض: ومثل.
4 في ش ض: بالعبارة الثانية.
5 انظر المسودة ص360، وكلمه "واحد" ساقطة من ش.
6 في ش: مؤبرة.
7 رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك في الموطأ واحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً. وتتمة الحديث "الا أن يشترط المبتاع""انظر صحيح البخاري 3/247، صحيح مسلم 3/1172، بذل المجهود 15/100، عارضة الأحوذي 6/2،سنن النسائي 7/261، سنن ابن ماجه 2/746، الموطأ 2/617، مسند الإمام أحمد2/6، 9، 63".
8 في ش: رأس مال.
9 في البرهان: منقدحاً.
لأَنَّ الْمَعْدُودَ1 وَالْمَحْدُودَ2 مَوْصُوفَانِ بِعَدَدِهَا3 وَحَدِّهَا4، وَكَذَا سَائِرُ الْمَفَاهِيمِ5. اهـ.
"وَهُوَ" أَيْ مَفْهُومُ الصِّفَةِ "حُجَّةٌ" عِنْدَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ- وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِمْ "لُغَةً" أَيْ مِنْ حَيْثُ دَلالَةُ اللُّغَةِ وَ6 وضْعُ اللِّسَانِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ7.
وَقِيلَ: عَقْلاً، أَيْ مِنْ حَيْثُ دَلالَةُ الْعَقْلِ8، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ.
وَقَالَ الرَّازِيّ فِي الْمَعَالِمِ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعُرْفِ الْعَامِّ.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْعِ9.
"يَحْسُنُ الاسْتِفْهَامُ فِيهِ" أَيْ فِي مَفْهُومِ الصِّفَةِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَاضِحِ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: لا تَشْرَبْ10 الْخَمْرَ؛ لأَنَّهُ يُوقِعُ الْعَدَاوَةَ، فَيُقَالُ لَهُ11: فَهَلْ12
1 في ش: العدود.
2 في ش: الحدود.
3 في البرهان: بعدهما.
4 في البرهان: وحدهما.
5 البرهان 1/454.
6 ساقطة من ش.
7 انظر: المسودة ص351، 360، روضة الناظر ص274، الإحكام للآمدي 3/72، التمهيد للإسنوي ص66، تيسير التحرير 1/100، التبصرة ص218، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/253، الآيات البينات 2/33، العدة 2/453، شرح تنقيح الفصول ص270، إرشاد الفحول ص180، نهاية السول 1/319، شرح العضد 2/175".
8 انظر: الآيات البينات 2/34، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/253.
9 انظر: الآيات البينات 2/34، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/253.
10 في ع: لا يشرب.
11 ساقطة من ش.
12 في ش: هل.
أَشْرَبُ النَّبِيذَ؟ وَلا يُنْكِرُ أَحَدٌ اسْتِفْهَامَهُ1 هَذَا.
"وَمَفْهُومُهُ" أَيْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: "فِي 2 الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ؟ " أَنَّهُ "لا زَكَاةَ فِي مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ" عِنْدَ الْمُعْظَمِ3 "فَالْغَنَمُ وَالسَّوْمُ عِلَّةٌ" لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهِمَا.
وَظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو حَامِدٍ وَالرَّازِيُّ-: أَنَّ مَفْهُومَهُ4 "لا زَكَاةَ" فِي5 مَعْلُوفَةِ كُلِّ حَيَوَانٍ6، فَعَلَى هَذَا: السَّوْمُ وَحْدَهُ عِلَّةٌ.
"وَهُوَ" أَيْ مَفْهُومُ الصِّفَةِ "فِي بَحْثٍ عَمَّا يُعَارِضُهُ كَعَامٍّ" أَيْ كَاللَّفْظِ الْعَامِّ، ذَكَرَهُ فِي التَّمْهِيدِ وَغَيْرِهِ7.
"وَمِنْهَا" أَيْ مِنْ الصِّفَةِ "عِلَّةٌ"8 نَحْوَ: حُرِّمَتْ الْخَمْرُ لِشِدَّتِهَا، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا لا شِدَّةَ فِيهِ لا يَحْرُمُ.
وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّ الْوَصْفَ فِيهِ وَهُوَ "السَّوْمُ" تَتْمِيمٌ9 لِلْمَعْنَى الَّذِي هُوَ
1 في ع ز: استفهام.
2 في ش: أفي.
3 انظر تحقيق المسألة في "المسودة ص358، الإحكام للآمدي 3/72، التبصرة ص226، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/251، الآيات البينات 2/28، نشر البنود 1/103، اللمع ص21، شرح تنقيح الفصول ص272 وما بعدها، إرشاد الفحول ص179".
4 في ش: مفهوم.
5 في ش: في مفهوم.
6 انظر: العدة 2/473، المسودة ص358، نهاية السول 1/319
7 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص237، المسودة ص362، المحصول ج1 ق2/654، المستصفى 2/70.
8 انظر: نشر البنود 1/100، الآيات البينات 2/29، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/251.
9 في ض: تعميم.
عِلَّتُهُ1، إلَاّ أَنَّ الْخِلافَ فِي أَحَدِهِمَا كَالْخِلافِ فِي الآخَرِ2.
"وَ" مِنْهَا "ظَرْفُ"3 زَمَانٍ نَحْوَ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَات} 4 {إذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} 5 وَظَرْفُ مَكَان، وَهُوَ6 نَحْوُ:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} 7 وَكِلا الظَّرْفَيْنِ حُجَّةٌ.
"وَ" مِنْهَا "حَالٌ"8 نَحْوُ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} 9.
ذَكَرَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيُّ10 فِي الْقَوَاطِعِ، وَقَالَ: إنَّهُ كَالصِّفَةِ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لأَنَّ الْحَالَ صِفَةٌ فِي الْمَعْنَى قُيِّدَ11 بِهَا.
وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ مَفْهُومَ الصِّفَةِ بِأَنْوَاعِهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَابْنُ سُرَيْجٍ وَالْقَفَّالُ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَكَثِيرٌ
1 حيث ان الغنم هي العلة، والسوم متم لها. "إرشاد الفحول ص181".
في ز ع ش: علة.
2 انظر إرشاد الفحول ص181.
3 انظر: التمهيد للأسنوي ص71، نشر البنود 1/100، الآيات البينات 2/30، إرشاد الفحول ص183، حاشية البناني 1/251.
4 الآية 197 من البقرة.
5 الآية 9 من الجمعة.
6 ساقطة من ش ز.
7 الآية 198 من البقرة.
8 انظر: نشر البنود 1/101، إرشاد الفحول ص183، الآيات البينات 2/30، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/251.
9 الآية 187 من البقرة.
10 في ش: عقيل والسمعاني.
11 في ض ب: وقيد.
مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ، وَأَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا1.
وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ الأَشْعَرِيِّ.
وَاسْتُدِلَّ لِكَوْنِهِ حُجَّةً -وَهُوَ الصَّحِيحُ– بِأَنَّهُ لو2 لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ لُغَةً لِمَا فَهِمَهُ أَهْلُهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ" حَدِيثٌ حَسَنٌ3، رَوَاهُ أَحْمَدُ4 وَأَبُو دَاوُد5 وَالنَّسَائِيُّ6 وَابْنُ مَاجَهْ7، أَيْ مُطْلَقُ8 الْغَنِيِّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ9 "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ".
وَفِيهِمَا10 "لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا".
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ11 فِي الأَوَّلِ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَيَّ مَنْ لَيْسَ بِوَاجِدٍ لا يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ12 وَفِي الثَّانِي مِثْلُهُ، وَقِيلَ لَهُ فِي الثَّالِثِ: الْمُرَادُ
1 انظر: المستصفى 2/192، تيسير التحرير 1/100، البرهان 1/467 وما بعدها، المعتمد 1/162، فواتح الرحموت 1/414، الإحكام للآمدي 3/72، المسودة ص360، التمهيد للإسنوي ص66، التبصرة ص218، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/255، الآيات البينات 2/36، العدة 2/455، شرح تنقيح الفصول ص270، إرشاد الفحول ص180، شرح العضد 2/175.
2 ساقطة من ش.
3 في ش: صحيح.
4 مسند الأمام أحمد 4/222، 388، 389.
5 بذل المجهود 15/314.
6 سنن النسائي 7/278.
7 سن ابن ماجه 2/811، وسبق تخريجه صفحة 366.
8 في ز د ب ض: ملك مطلق.
9 صحيح البخاري 3/155، صحيح مسلم 3/1197، وسبق تخريجه صفحة 157.
10 صحيح البخاري 8/45، صحيح مسلم 4/1769، وفي ش: وفيه.
11 في ب: أبو عبيدة.
12 غريب الحديث لأبي عبيد 2/175، وكلمة "وعرضه" ساقطة من ش ع ز ب.
الْهِجَاءُ1 أَوْ2 هِجَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الامْتِلاءِ3 مَعْنًى؛ لأَنَّ قَلِيلَهُ كَذَلِكَ.
فَأَلْزَمَ أَبُو عُبَيْدٍ4 مِنْ تَقْدِيرِ الصِّفَةِ الْمَفْهُومَ قَدْرَ الامْتِلاءِ5 صِفَةً لِلْهِجَاءِ، وَهُوَ وَالشَّافِعِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَذَكَرَهُ الآمِدِيُّ6 قَوْلَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ فَهِمُوا ذَلِكَ لُغَةً. فَثَبَتَتْ اللُّغَةُ بِهِ، وَاحْتِمَالُ الْبِنَاءِ عَلَى الاجْتِهَادِ مَرْجُوحٌ7.
"وَكَالأُولَى" وَهِيَ الصِّفَةُ الْمُقْتَرِنَةُ بِالْعَامِّ، كَقَوْلِهِمْ:"فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ"، الصِّفَةُ الْعَارِضَةُ الْمُجَرَّدَةُ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ "فِي السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ".
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ.
وَذَكَرَهُ الآمِدِيُّ8 وَغَيْرُهُ وَذَلِكَ لأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ الْمَوْصُوفَ فِيهَا مَحْذُوفٌ.
"وَالأُولَى أَقْوَى دَلالَةً" فِي الْمَفْهُومِ؛ لأَنَّ الأُولَى وَهِيَ الَّتِي الْمِثَالُ فِيهَا مُقَيَّدٌ9 بِالْعَامِّ كَالنَّصِّ، بِخِلافِ هَذَا.
"وَالثَّانِي" مِنْ أَقْسَامِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ السِّتَّةِ: التَّقْسِيمُ: كَـ "الثَّيِّبِ أَحَقُّ
1 في ش: الهجو.
2 في ب ز ش ع: و.
3 في ش: الامثال.
4 في ش ز ب: عبيدة.
5 في ش: قدراً لا مثلاً.
6 الإحكام في أصول الأحكام 3/72.
7 في ش: من حرج.
8 الإحكام في أصول الأحكام 3/87.
9 في ش: مقيدة.
بِنَفْسِهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ" 1.
وَهُوَ "كَالأَوَّلِ قُوَّةً" أَيْ فِي الْقُوَّةِ ذَكَرَهُ الْمُوَفَّقُ2 وَغَيْرُهُ3.
وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ تَقْسِيمَهُ إلَى قِسْمَيْنِ، وَتَخْصِيصَ كُلِّ وَاحِدٍ بِحُكْمٍ، يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ ذَلِكَ الْحُكْمِ عَنْ الْقِسْمِ الآخَرِ.
إذْ لَوْ عَمَّهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْسِيمِ فَائِدَةٌ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ.
"وَالثَّالِثُ" الشَّرْطُ4.
وَالْمُرَادُ بِهِ: مَا عُلِّقَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى شَيْءٍ بِأَدَاةِ5 الشَّرْطِ، مِثْلَ "إنْ" وَ "إذَا" وَنَحْوِهِمَا، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ، لا الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ قَسِيمُ السَّبَبِ وَالْمَانِعِ.
وَذَلِكَ كَـ {إنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} 6 فَإِنَّهُ يَدُلُّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى أُولاتِ الْحَمْلِ، وَبِمَفْهُومِهِ
1 أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً "انظر: صحيح مسلم 2/1037، بذل المجهود 10/105، عارضة الأحوذي 5/25، سنن النسائي 6/70، الموطأ 2/524".
2 روضة الناظر ص274.
3 مختصر الطوفي ص127.
4 انظر "التمهيد للأسنوي ص66، الإحكام للآمدي 3/88، تيسير التحرير 1/100، روضة الناظر ص273، مختصر الطوفي ص126، المسودة 357، المعتمد 1/152 وما بعدها، الآيات البينات 2/30، شرح تنقيح الفصول ص270، شرح العضد 2/180، إرشاد الفحول ص181، نشر البنود 1/101، منهاج العقول 1/320، فواتح الرحموت 1/421، المستصفى 2/205، نهاية السول 1/322، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/251".
5 في ش: بإرادة.
6 الآية 6 من الطلاق.
عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِلْمُعْتَدَّةِ غَيْرِ الْحَامِلِ1.
"وَهُوَ أَقْوَى مِنْهُمَا" أَيْ مِنْ الْقِسْمَيْنِ السَّابِقَيْنِ مِنْ جِهَةِ الدَّلالَةِ؛ لأَنَّ الشَّرْطَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ.
فَإِنْ قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَبَبٌ لِمُسَبِّبٍ فَلا تَلازُمَ، رُدَّ بِأَنَّهُ خِلافُ الظَّاهِرِ.
وَيُرَدُّ الشَّرْطُ "لِتَعْلِيلٍ كَ" قَوْلِ الإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ "أَطِعْنِي2 إنْ كُنْتَ ابْنِي".
وَمِنْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ3 إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ} 4.
قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ: لَفْظُ الشَّرْطِ أَصْلُهُ التَّعْلِيقُ، وَتَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ كَثِيرًا لِلتَّعْلِيلِ لا لِلتَّعْلِيقِ، فَهُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى السَّبَبِ الْبَاعِثِ عَلَى5 الْمَأْمُورِ6 بِهِ، لا لِتَعْلِيقِ7 الْمَأْمُورِ8 بِهِ فَالْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى الصِّفَةِ الْبَاعِثَةِ لا التَّعْلِيقُ. اهـ.
"وَالرَّابِعُ" مِنْ أَقْسَامِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ السِّتَّةِ: الْغَايَةُ.
وَهُوَ مَدُّ الْحُكْمِ بِأَدَاةِ الْغَايَةِ "كَـ" إلَى، وَحَتَّى، وَاللَاّمِ
1 في ض: دون.
2 في ز: أطعمني، وفي ش: أعطني.
3 في ش: الله.
4 الآية 114 من النحل.
5 ساقطة من ض.
6 في ش: المأمورية.
7 في ش: تعليق.
8 في ش: المأمورية.
وَمِنْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ 1 حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} 2 وَحَدِيثُ "لا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ"3.
وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ4، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُعْظَمُ نُفَاةِ الْمَفْهُومِ.
"وَهُوَ أَقْوَى مِنْ" الْقِسْمِ "الثَّالِثِ" مِنْ جِهَةِ الدَّلالَةِ؛ لأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى تَسْمِيَتِهَا5 حُرُوفَ الْغَايَةِ، وَغَايَةُ الشَّيْءِ نِهَايَتُهُ، فَلَوْ ثَبَتَ الْحُكْمُ بَعْدَهَا لَمْ يُفِدْ تَسْمِيَتُهَا غَايَةً.
وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ إلَى الْمَنْعِ.
"وَالْخَامِسُ" مِنْ أَقْسَامِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ الْعَدَدُ6.
1 ساقطة من جميع النسخ.
2 الآية 230 من البقرة.
3 أخرجه مالك في الموطأ عن ابن عمر موقوفاً، وأخرجه الدارقطني والترمذي عن ابن عمر مرفوعاً وموقوفاً، وأخرجه أبو داود عن علي وذكر أنه اختلف في رفعه ووقفه، وأخرجه الدارقطني أيضاً عن أنس وعائشة مرفوعاُ وعن علي موقوفاً، قال الدارقطني: الصحيح الوقوف، وقال الترمذي: الموقوف أصح. "انظر: الموطأ 1/246، بذل المجهود 8/65، عارضة الأحوذي 3/125، سنن الدارقطني 2/90، الدراية في تخريج أحاديث الهداية 1/248".
4 انظر "المسودة ص358، اللمع ص28، المعتمد 1/156، الإحكام للآمدي 3/92، تيسير التحرير 1/100، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/251، الآيات البينات 2/30، شرح العضد 2/181، إرشاد الفحول ص182، نشر البنود 1/101، فواتح الرحموت 1/432، المستصفى 2/208، روضة الناظر ص273، مختصر الطوفي ص126".
5 في ع: تسمية.
6 انظر تحقيق المسألة في "العدة 2/448، 450، 455 وما بعدها، المعتمد 1/157، التمهيد للأسنوي ص68، الإحكام للآمدي 3/94، تيسير التحرير 1/100، إرشاد الفحول ص181، روضة الناظر ص274، مختصر الطوفي ص127، نشر البنود 1/101، فواتح الرحموت 1/432".
وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ "كَـ" نَحْوِ قَوْله تَعَالَى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} 1 وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ وَدَاوُد، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ2.
قَالَ سُلَيْمٌ مِنْهُمْ: وَهُوَ دَلِيلُنَا فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَالتَّحْرِيمِ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ.
وَنَقَلَهُ أَبُو حَامِدٍ وَأَبُو الْمَعَالِي3 وَالْمَاوَرْدِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ4: الْقَوْلُ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ هُوَ الْعُمْدَةُ عِنْدَنَا فِي تَنْقِيصِ الْحِجَارَةِ فِي الاسْتِنْجَاءِ مِنْ5 الثَّلاثَةِ، وَنَفَاهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالأَشْعَرِيَّةُ، وَالْقَوْلُ بِهِ أَصَحُّ؛ لِئَلَاّ يَعْرَى التَّحْدِيدُ بِهِ عَنْ فَائِدَةٍ.
وَمَحِلُّ الْخِلافِ: فِي عَدَدٍ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ التَّكْثِيرُ كَالأَلْفِ وَالسَّبْعِينَ، وَكُلِّ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لِلْمُبَالَغَةِ، نَحْوَ جِئْتُك أَلْفَ مَرَّةٍ فَلَمْ أَجِدْك، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ {إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} 6: "لأَزِيدَنَّ عَلَى
1 الآية 4 من النور.
2 ساقطة من ض.
3 البرهان 1/453.
4 هو أحمد بن محمد بن علي بن مرتفع الأنصاري الشافعي، أبو العباس، نجم الدين، المعروف بابن الرفعة، قال الأسنوي:"كان شافعي زمانه، وإمام أوانه، مد في مدارك الفقه باعاً وذراعاً، وتوغل في مسالكه علماً وطباعاً" ومن مؤلفاته "الكفاية في شرح التنبيه"و "المطلب في شرح الوسيط" في نحو أربعين مجلداً، ولم يكمله توفي سنة 710 هـ. "انظر: ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي 9/24، طبقات الشافعية للأسنوي 1/601، شذرات الذهب 6/26، البداية والنهاية 14/60".
5 في ش: عن.
6 الآية 80 من التوبة.
السَّبْعِينَ" 1 اسْتِمَالَةٌ لِلأَحْيَاءِ2.
وَجَعَلَ أَبُو الْمَعَالِي3 وَأَبُو الطَّيِّبِ وَجَمْعٌ مَفْهُومَ الْعَدَدِ مِنْ قِسْمِ الصِّفَاتِ؛ لأَنَّ قَدْرَ الشَّيْءِ صِفَتُهُ.
"وَالسَّادِسُ" مِنْ أَقْسَامِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ "اللَّقَبُ".
وَهُوَ "تَخْصِيصُ اسْمٍ بِحُكْمٍ".
"وَهُوَ حُجَّةٌ" عِنْدَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَدَاوُد رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَالصَّيْرَفِيِّ وَالدَّقَّاقِ وَابْنِ فُورَكٍ وَابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ وَابْنِ الْقَصَّارِ.
وَنَفَاهُ4 الْقَاضِي
1 أخرجه البخاري في صحيحه وابن جرير وابن أبي حاتم، ولفظ البخاري:"عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: لما توفي عبد الله بن أبيّ جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاه قميصه، وأمره أن يكفنه فيه، ثم قام يصلي عليه، فأخذ عمر بن الخطاب بثوبه فقال: تصلي عليه وهو منافق، وقد نهاك الله أن تستغفر لهم، قال: "إنما خيرني الله - أو خبرني - فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} فقال: سأزيد على سبعين"، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا معه، ثم أنزل الله عليه {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً} الآية. "انظر صحيح البخاري 6/86، فتح القدير للشوكاني 2/388" وقد أخرج نحوه بلفظ آخر الترمذي والنسائي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. "انظر عارضة الأحوذي 11/240، سنن النسائي 4/54".
2 في ش: للأحبار.
3 البرهان 1/466 وما بعدها.
4 انظر قول جمهور الأصوليين النافين وأدلتهم في "المعتمد 1/159 وما بعدها، المع ص26ن التمهيد للأسنوي ص71، البرهان 1/453 وما بعدها، الإحكام للآمدي 3/95، تيسير التحرير 1/101، 131، مختصر الطوفي ص127، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 1/252، الآيات البينات 2/32، شرح تنقيح الفصول ص271، شرح العضد 2/182، إرشاد الفحول ص182، نشر البنود1/103، فواتح الرحموت 1/432، المستصفى 2/204، منهاج العقول 1/314، نهاية السول 1/318".
أَبُو يَعْلَى1 وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْمُوَفَّقُ2، وَقَالَ: وَلَوْ كَانَ مُشْتَقًّا3 كَالطَّعَامِ4.
وَقَالَ الْمَجْدُ5 وَمَنْ وَافَقَهُ: إنَّهُ حُجَّةٌ بَعْدَ سَابِقَةِ مَا يَعُمُّهُ، كَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "وَتُرَابُهَا طَهُورٌ" 6 بَعْدَ قَوْلِهِ:"جُعِلَتْ 7 لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا".
وَ8 كَمَا لَوْ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ زَكَاةٌ؟ فَقَالَ:"فِي الإِبِلِ زَكَاةٌ " 9 أَوْ10 هَلْ نَبِيعُ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ؟ فَقَالَ: "لا تَبِيعُوا الْبُرَّ بِالْبُرِّ" تَقْوِيَةً لِلْخَاصِّ بِالْعَامِّ، كَالصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ
1 عزو المصنف للقاضي أبي يعلى نفي الاحتجاج بمفهوم اللقب غير سديد، وذلك لأنه صرح في كتابه "العدة" بحجيته، كما ناقش أدلة النافين وردها في كلام طويل مفصل، يقول فيه:"والدلالة على أنه إذا كان معلقاً باسم دل على أن ما عداه بخلافه أن الصفة وضعت للتمييز بين الموصوف وغيره، كما أن الاسم وضع لتمييز المسمى من غيره. فإذا قال: ادفع هذا إلى زيد أو إلى عمرو، واشتر لي شاة أو جملاً وما أشبه ذلك، لم يجز العدول عنه، وكانت التسمية للتمييز والمخالفة بينه وبين ما عداه كالصفة سواء، ثم لو علق الحكم على صفة دل أن ما عداه بخلافه، كذلك إذا علقه بالاسم. الخ""العدة 2/475".
2 روضة الناظر ص275.
3 في ش: مستفاداً.
4 نقل المصنف هذا عن الموفق فيه اختصار وتصريف، وعبارته في "الروضة":"ولا فرق بين كون الاسم مشتقاً كالطعام أو غير مشتق كأسماء الأعلام". "روضة الناظر ص275".
5 المسودة ص352 وما بعدها.
6 فيما أخرجه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت لنا تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء""صحيح مسلم 1/371، مسند أحمد 5/383".
7 في ش: وجعلت.
8 الواو ساقطة من ش.
9 في ض: الزكاة.
10 في ض: و.
قَالَ1: وَأَكْثَرُ مَا جَاءَ2 عَنْ أَحْمَدَ فِي مَفْهُومِ اللَّقَبِ لا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا.
وَجْهُ الْقَوْلِ الأَوَّلِ: أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْعَامِّ لَمْ يَتَعَلَّقْ3 بِالْخَاصِّ؛ لأَنَّهُ أَخَصُّ وَأَعَمُّ، وَلأَنَّهُ يُمَيِّزُ مُسَمَّاهُ، كَالصِّفَةِ.
1 في ش: وقال.
2 في ش: جاءنا.
3 في ع ض ب: يعلق.