الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الأمر حقيقة في الوجوب
…
فَصْلُ الأمر حقيقة الوجوب:
"الأَمْرِ" فِي حَالَةِ1 كَوْنِهِ "مُجَرَّدًا عَنْ قَرِينَةٍ""حَقِيقَةٍ فِي الْوُجُوبِ" عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ2 "شَرْعًا" أَيْ بِاقْتِضَاءِ وَضْعِ الشَّرْعِ. اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ أَحَدُ الأَقْوَالِ الثَّلاثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ3.
وَالثَّانِي 4 - وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ الشَّافِعِيِّ - أَنَّهُ بِاقْتِضَاءِ وَضْعِ اللُّغَةِ5.
1 في ض: حال.
2 وهو قول الظاهرية أيضاً، قال إمام الحرمين في "البرهان" والآمدي في "الإحكام" إنه مذهب الشافعي، وذكر الشيرازي في "شرح اللمع" أن الأشعري نص عليه.
"انظر: البرهان للجويني 1/216، الإحكام للآمدي 2/144، الإحكام لابن حزم 1/259، اللمع ص8، التبصرة ص26، التمهيد ص73، فواتح الرحموت 1/373، كشف الأسرار 1/108، 110، تيسير التحرير 1/341، أصول السرخسي 1/14، المستصفى 1/423، المعتمد 1/57، التوضيح على التنقيح 2/53، شرح تنقيح الفصول ص127، الروضة ص127، مختصر الطوفي ص86، مختصر البعلي ص99، القواعد والفوائد الأصولية ص159، مختصر ابن الحاجب 2/79، العبادي على الورقات ص80، العدة 1/224، إرشاد الفحول ص94، مباحث الكتاب والسنة ص112، تفسير النصوص 1/241، المسودة ص13، فتح الغفار 1/31.
3 انظر: فواتح الرحموت 2/377، تيسير التحرير 1/360، نهاية السول 2/21، البرهان للجويني 1/223، القواعد والفوائد الأصولية ص159، مختصر البعلي ص99، التمهيد ص73، اللمع ص8، مباحث الكتاب والسنة ص112.
4 في ش ز: الثاني.
5 وهو رأي ابن حزم الظاهري وابن نجيم الحنفي وابن عبد الشكور وجلال الدين المحلي، وهو الصحيح عن أبي إسحاق الشيرازي، وهو ظاهر كلام الآمدي.
انظر: الإحكام لابن حزم 1/263، فتح الغفار 1/31، فواتح الرحموت 1/377، جمع الجوامع والمحلي عليه 1/375، تيسير التحرير 1/360، اللمع ص8، التمهيد ص73، البرهان 1/223، مختصر البعلي ص99، القواعد والفوائد الأصولية ص159، نهاية السول 2/22، الإحكام للآمدي 2/145، مباحث الكتاب والسنة ص114".
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ - وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ - أَنَّهُ بِاقْتِضَاءِ الْفِعْلِ1.
وَاسْتُدِلَّ لِلأَوَّلِ بِقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} 2 وَبِقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ} 3 ذَمَّهُمْ وَذَمَّ إبْلِيسَ عَلَى مُخَالَفَةِ الأَمْرِ الْمُجَرَّدِ4. لأَنَّ السَّيِّدَ لا يُلامُ عَلَى عِقَابِ عَبْدِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ مُجَرَّدِ أَمْرِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلاءِ، وَدَعْوَى قَرِينَةِ الْوُجُوبِ وَاقْتِضَاءِ تِلْكَ اللُّغَةِ لُغَةً لَهُ دُونَ هَذِهِ: غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ5.
1 ذكر هذا الرأي القيرواني في "المستوعب"، انظر: التمهيد ص73، نهاية السول 2/22، جمع الجوامع والمحلي عليه 1/375، مختصر البعلي ص99، القواعد والفوائد الأصولية ص159، مباحث الكتاب والسنة ص114.
2 الآية 63 من النور.
3 الآية 48 من المرسلات.
4 وذلك في قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} الأعراف/12، ومثل هذا الذم لا يكون إلا على ترك الواجب، فدل على أن الأمر للوجوب.
"انظر: التبصرة ص27، شرح تنقيح الفصول ص127، مباحث الكتاب والسنة ص113، العدة1/230".
5 انظر القول في الوجوب وأدلته ومناقشتها في "المحصول ج1 ق2/69 وما بعدها، العضد على ابن الحاجب 2/80، نهاية السول 2/20، وما بعدها، أحكام الإحكام 1/104، 138، المسودة ص5، ص15، أصول السرخسي 1/16، 18، الإحكام لابن حزم 1/259، فتح الغفار 1/33، شرح تنقيح الفصول ص127، البرهان للجويني 1/221، التوضيح على التنقيح 2/53 وما بعدها، 62 وما بعدها، الإحكام للآمدي 2/144، 146، التبصرة ص27، المنخول ص105، المستصفى 1/429، مختصر الطوفي ص86، الروضة 2/194، إرشاد الفحول ص94، العدة 1/229، تفسير النصوص 1/245".
وفي ش: ممسوعة.
وَقِيلَ: إنَّ الأَمْرَ الْمُجَرَّدَ عَنْ قَرِينَةٍ حَقِيقَةٍ فِي النَّدْبِ. وَنَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ وَالآمِدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ1. وَنَقَلَهُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ بِأَسْرِهَا2.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَمَرَ3 بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَسْهَلُ مِمَّا نَهَى عَنْهُ4. فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الأَصْحَابِ5: لَعَلَّهُ لأَنَّ الْجَمَاعَةَ قَالُوا: الأَمْرُ لِلنَّدْبِ، وَلا تَكْرَارَ. وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ وَالدَّوَامِ، لِئَلَاّ يُخَالِفَ نُصُوصَهُ6.
وَأَمَّا أَبُو الْخَطَّابِ: فَإِنَّهُ أَخَذَ مِنْ النَّصِّ أَنَّهُ لِلنَّدَبِ7.
وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ: أَنَّا نَحْمِلُ الأَمْرَ الْمُطْلَقَ عَلَى مُطْلَقِ الرُّجْحَانِ، وَنَفْيًا لِلْعِقَابِ بِالاسْتِصْحَابِ، وَلأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَلأَنَّ الْمَنْدُوبَ مَأْمُورٌ بِهِ حَقِيقَةً8.
1 الإحكام للآمدي 2/144، المستصفى 1/426.
2 هذا قول أكثر المعتزلة، ونقله السرخسي عن بعض المالكية.
وانظر القول في الندب مع أدلته ومنا قشتها في "مختصر ابن الحاجب 2/79، نهاية السول 2/22، 37، جمع الجوامع 1/375، المسودة ص5، أصول السرخسي 1/16، فتح الغفار 1/31، شرح تنقيح الفصول ص137، البرهان للجويني 1/215، التلويح على التوضيح 2/51، 53، 63، كشف الأسرار 1/108، 111، تيسير التحرير 1/341، مختصر البعلي ص99، المعتمد 1/57، 76، الإحكام للآمدي 2/144، اللمع ص8، التبصرة ص27، المستصفى 1/419، 423، 426، فواتح الرحموت 1/373، التمهيد ص73، روضة الناظر 2/193، مختصر الطوفي ص86، القواعد والفوائد الأصولية ص159، العدة 1/229، إرشاد الفحول ص94، تفسير النصوص 1/242، مباحث الكتاب والسنة ص112".
3 في ش ز ع: أمر الله.
4 انظر: المسودة ص5، 14، الفوائد والفوائد الأصولية ص191، العدة 1/228.
5 منهم أبو البركات ابن تميمة، "انظر: المسودة ص14، القواعد والفوائد الأصولية ص191".
6 انظر: العدة 1/229.
7 انظر: المسودة ص5، القواعد والفوائد الأصولية ص191.
8 هناك أقوال كثيرة في المسألة، ولكل قول دليله، وبحثه المصنف رحمه الله سابقاً في المجلد الأول ص405.
"وانظر: كشف الأسرار 1/119، تيسير التحرير 1/347، المعتمد 1/76، التبصرة ص33، المحصول ج1 ق2/353، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 1/81، اللمع ص7، شرح تنقيح الفصول ص127، الروضة 2/193، العدة 1/248، مباحث الكتاب والسنة ص113، 114، تفسير النصوص 1/264، أصول الفقه الإسلامي ص277".
وَقِيلَ: إنَّ الأَمْرَ الْمُجَرَّدَ عَنْ قَرِينَةٍ حَقِيقَةٍ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، وَهُوَ الطَّلَبُ. فَيَكُونُ مِنْ الْمُتَوَاطِئِ. اخْتَارَهُ الْمَاتُرِيدِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ1، لَكِنْ قَالَ: يُحْكَمُ بِالْوُجُوبِ ظَاهِرًا فِي حَقِّ الْعَمَلِ احْتِيَاطًا دُونَ الاعْتِقَادِ2.
وَاسْتُدِلَّ لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بِأَنَّ الشَّارِعَ أَطْلَقَ. وَالأَصْلُ الْحَقِيقَةُ، وَيَحْسُنُ الاسْتِفْهَامُ. وَالتَّقْيِيدُ أَفْعَلَ3 وَاجِبًا أَوْ نَدْبًا4.
رَدُّ خِلافِ الأَصْلِ.
وَمَنَعَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ لا يَحْسُنُ الاسْتِفْهَامُ5.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ اثْنَا عَشَرَ قَوْلاً غَيْرَ هَذِهِ الثَّلاثَةِ أَضْرَبْنَا عَنْ ذِكْرِهَا6 خَشْيَةَ الإِطَالَةِ.
وَذَكَرَ فِي الْقَوَاعِدِ الأُصُولِيَّةِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلاً7.
1 انظر: كشف الأسرار 1/118، تيسير التحرير 1/340، 347 وما بعدها، الإحكام للآمدي 2/144، المحصول ?1 ق2/67، مختصر ابن الحاجب 2/79، نهاية السول 2/22، جمع الجوامع 1/375، المعتمد 1/56، شرح تنقيح الفصول ص127، التمهيد ص72، القواعد والفوائد الأصولية ص160، مباحث الكتاب والسنة ص112.
2 انظر: كشف الأسرار 1/108، تيسير التحرير 1/341، فواتح الرحموت 1/373.
3 في ش: فعل.
4 انظر: كشف الأسرار 1/108، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/81، القواعد والفوائد الأصولية ص162.
5 أي لا يحسن الاستفهام عن الأمر، هل هو للوجوب أم لا؟ "انظر: مختصر البعلي ص99".
6 في ب: ذكره.
7 ساقطة من ش ز، وانظر: القواعد والفوائد الأصولية ص161.
"وَ" يَكُونُ الأَمْرُ الَّذِي لَيْسَ مُقَيَّدًا1 بِمَرَّةٍ وَلا تَكْرَارٍ "لِتَكْرَارٍ حَسَبِ الإِمْكَانِ" عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَأَبِي إِسْحَاقَ الإسْفَرايِينِيّ قَالَهُ2 الآمِدِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ3 وَالْمُتَكَلِّمِينَ4، وَنَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَكَاهُ ابْنُ الْقَصَّار5ِ عَنْ مَالِكٍ. فَيَجِبُ اسْتِيعَابُ
وذكر الإسنوي في هذه المسألة ستة عشر قولاُ "التمهيد"، وقال الغزالي:"والمختار أنه متوقف فيه""المستصفى 1/419، 423".
وانظر: العضد على ابن الحاجب 2/79، نهاية السول 2/22، جمع الجوامع وشرح المحلي والبناني عليه 1/376، التبصرة ص27، المنخول ص105، المحصول ? 1 ق2/62، 66، المعتمد 1/57، الإحكام للآمدي 2/144، كشف الأسرار 1/107وما بعدها، التلويح على التوضيح 2/51، 53، فواتح الرحموت 1/373، نهاية السول 2/22ن أصول السرخسي 1/15، الإحكام لابن حزم 1/259 وما بعدها، فتح الغفار 1/31 وما بعدها، شرح تنقيح الفصول ص127، البرهان للجويني 1/212، المسودة ص5، الروضة 2/193، مختصر الطوفي ص86، القواعد والفوائد الأصولية ص159 وما بعدها، العدة 1/229، مباحث الكتاب والسنة ص113، 115، إرشاد الفحول ص94.
1 في ض ب: بمقيد.
2 في ش ز ع ب ض: قال.
3 في ض: العلماء.
4 انظر أدلة هذا القول ومناقشتها في "التوضيح على التنقيح 2/68، نهاية السول 2/42، 46، البرهان للجويني 1/224، 229، تيسير التحرير 1/351، مختصر البعلي ص100، المعتمد 1/108، الإحكام للآمدي 2/155، جمع الجوامع 1/380، اللمع ص8، التبصرة ص41، المنخول ص108، المحصول ? 1 ق2/163، المستصفى 2/2، مختصر ابن الحاجب 2/81، العبادي على الورقات ص83، المسودة ص20، نزهة الخاطر 2/78، التمهيد ص78، القواعد والفوائد الأصولية ص171".
5 هو علي بن عمر بن أحمد، أبو الحسن، الفقيه المالكي، المعروف بابن القصار الأبهري الشيرازي البغدادي، كان أصولياً نظاراً، تفقه بأبي بكر الأبهري، وتفقه عليه القاضي عبد الوهاب وابن عمروس وجماعة، ولي بغداد، وله كتاب كبير في مسائل الخلاف، قال الشيرازي:"لا أعرف لهم كتاباً في الخلاف أحسن منه" توفي سنة 398 ?، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "الديباج المذهب ص199 ط أولى، ترتيب المدارك 2/602، شجرة النور الزكية ص92، طبقات الفقهاء للشيرازي ص198، تاريخ بغداد 12/41".
الْعُمْرِ بِهِ، دُونَ أَزْمِنَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالنَّوْمِ وَضَرُورِيَّاتِ الإِنْسَانِ1.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ: لا يَقْتَضِي تَكْرَارًا إلَاّ بِقَرِينَةٍ. وَنَقَلَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ2.
وَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى3
1 انظر: شرح تنقيح الفصول ص120، المعتمد 1/110، المنخول ص108، العضد على ابن الحاجب 2/82، نهاية السول 2/42.
2 وهو قول ابن الخطاب، ورجحه الطوفي، ومال إليه ابن قدامة، وهو الصحيح عند الفخر الرازي وابن الحاجب وأبي الحسين البصري، وعبد الحنفية والظاهرية.
"انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص171، الروضة 2/199، المسودة ص20، 22، مختصر الطوفي 87، 88، العدة 1/264، مختصر البعلي ص100، كشف الأسرار 1/122، تيسير التحرير 1/251، فتح الغفار 1/36، التوضيح على التنقيح 2/69، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/62، أصول السرخسي 1/20، الإحكام لابن حزم 1/216، المعتمد 1/108، المحصول ? 1 ق2/162، فواتح الرحموت 1/380".
3 ذكر البعلي في القول الأول أنه: "أشهر قولي القاضي""القواعد والفوائد الأصولية ص171"، وهو ما نص عليه القاضي في "العدة1/264"، ونقله الطوفي عنه، "مختصر الطوفي ص87"، وقاله الموفق عنه "الروضة 2/200".
وهناك أقوال أخرى في المسألة، ففي قول ثالث: أن الأمر لا يقتضي التكرار، ولا يدل على المرة، ولا على التكرار، وفي قول رابع أن الأمر إن كان معلقاً بشرط اقتضى التكرار، وإن كان مطلقاً فلا يقضي التكرار، وهو اختيار المجد ابن تيمية في "المسودة ص20" وفي قول خامس أنه مشترك بين التكرار والمرة، فيتوقف إعماله في أحدهما على وجود القرينة، وفي قول سادس أنه على التوقف، وهو اختيار الأشعرية وإمام الحرمين والغزالي، واختلفوا في معنى الوقف، فقيل: لا يعلم أوضع للمرة هنا أو للتكرار أو لمطلق الفعل، وقيل: لا يعلم مراد المتكلم لاشتراك الأمر بين الثلاثة، ونقل ابن الحاجب والآمدي والمجد عم إمام الحرمين أنه لا يقتضي شيئاً، ولكن كلام الجويني في "البرهان" يخالف ذلك.
"انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص171، 172، المسودة ص20، 21، التمهيد ص78، مختصر البعلي ص101، التلويح على التوضيح 2/69، المنخول ص108، 111، الإحكام للآمدي 2/155، البرهان للجويني 1/224، 228، شرح تنقيح الفصول ص130، العدة 1/264 وما بعدها، 275، إرشاد الفحول ص98، مختصر ابن الحاجب 2/81".
"وَ" يَكُونُ الأَمْرُ الْمُطْلَقُ لِـ"فِعْلِ الْمَرَّةِ" الْوَاحِدَةِ "بِالالْتِزَامِ"1.
فَعَلَى كَوْنِهِ لا يَقْتَضِي تَكْرَارًا يُفِيدُ الأَمْرُ طَلَبَ الْمَاهِيَّةِ مِنْ غَيْرِ إشْعَارٍ بِوَحْدَةٍ وَلا بِكَثْرَةٍ، إلَاّ أَنَّهُ2 لا يُمْكِنُ3 إدْخَالُ تِلْكَ4 الْمَاهِيَّةُ فِي الْوُجُودِ بِأَقَلَّ مِنْ مَرَّةٍ. فَصَارَتْ الْمَرَّةُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ؛ لأَنَّ الأَمْرَ يَدُلُّ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الالْتِزَامِ5.
وَقِيلَ: يَقْتَضِي فِعْلَ مَرَّةٍ بِلَفْظِهِ وَوَضْعِهِ6.
"وَ"أَمْرٍ "مُعَلَّقٍ بِمُسْتَحِيلٍ" نَحْوُ: صَلِّ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُتَحَرِّكًا سَاكِنًا "لَيْسَ أَمْرًا" لأَنَّهُ كَقَوْلِهِ7: كُنْ الآنَ مُتَحَرِّكًا سَاكِنًا. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.
1 في ض: بالتزام.
2 في ض ب: لأنه.
3 في ع: تمكن.
4 مابين القوسين إضافة من "القواعد والفوائد الأصولية ص171"، والنص منقول حرفياً منه.
5 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص171، الروضة 2/200، المحصول? 1 ق2/163، جمع الجوامع 1/379، نزهة الخاطر 2/78، أصول السرخسي 1/25، الإحكام لابن حزم 1/319، فتح الغفار 1/26، البرهان للجويني 1/229، تيسير التحرير 1/351، مختصر البعلي ص10، المعتمد 1/107، الإحكام للآمدي 2/155، التبصرة ص41، نهاية السول 2/43، العبادي على الورقات ص82، إرشاد الفحول ص97، التمهيد ص78.
6 وهذا قول أصحاب الإمام مالك، وقاله كثير من الحنفية والشافعية، ونقله الشيرازي في "شرح اللمع" عن أكثر الشافعية، وقال الغزالي:"وإليه صار الشافعية الفقهاء".
"انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص171، التمهيد ص78، شرح تنقيح الفصول ص120، البرهان للجويني 1/224، 228، تيسير التحرير 1/351، مختصر البعلي ص10، نهاية السول 2/42، المسودة ص20، أصول السرخسي 1/20، الإحكام للآمدي 2/155، اللمع ص8، المنخول ص108، المحصول ? 1 ق2/63، المستصفى 2/2، فواتح الرحموت 1/380، مختصر ابن الحاجب 2/81، التلويح على التوضيح 2/69، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص315".
7 في ع: كقولك.
"وَ"أَمْرٍ مُعَلَّقٍ "بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ لَيْسَا بِعِلَّةٍ" لِلْمَأْمُورِ بِهِ، كَقَوْلِهِ: إذَا مَضَى شَهْرٌ، أَوْ إذَا هَبَّتْ1 رِيحٌ، أَوْ إنْ سَافَرَ زَيْدٌ، فَأَعْتِقُ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي، فَحَصَلَ شَيْءٌ مِمَّا عَلَّقَ عَلَيْهِ الأَمْرَ، وَأَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ. فَقَدْ امْتَثَلَ مَا أَمَرَ بِهِ "وَلَمْ يَتَكَرَّرْ" الأَمْرُ بَعْدَ ذَلِكَ "بِتَكَرُّرِهِمَا"2 أَيْ: تَكَرُّرِ3 الشَّرْطِ الَّذِي لَيْسَ بِعِلَّةٍ ثَابِتَةٍ.
وَلا الصِّفَةِ الَّتِي لَيْسَتْ4 بِعِلَّةٍ ثَابِتَةٍ 5. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الشَّرْطُ عِلَّةً ثَابِتَةً نَحْوُ قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} 6 أَوْ كَانَتْ الصِّفَةُ عِلَّةً ثَابِتَةً نَحْوُ قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} 7 {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} 8 فَإِنَّ الأَمْرَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ اتِّفَاقًا9
1 في ض: هب.
2 في ض: بتكرره.
3 في ب: بتكرر.
4 في ع: ليس.
5 اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاث مذاهب، الأول: أنه لا يدل على التكرار من جهة اللفظ، لكن يدل عليه من جهة القياس، بناء على أن ترتيب الحكم على الوصف يشعر بالعلية، وهو اختيار الفخر الرازي، والثاني: يدل على التكرار بلفظه، والثالث: لا يدل على التكرار لا بلفظه ولا بالقياس، وهو اختيار الآمدي وابن الحاجب وأبي الحسين البصري والشيرازي.
انظر: هذه الآراء مع الأدلة والمناقشة في "التمهيد ص79، أصول السرخسي 1/21، شرح تنقيح الفصول ص131، المعتمد 1/115 وما بعدها، المستصفى 2/7، الإحكام للآمدي 2/161 وما بعدها، اللمع ص8، التبصرة ص47 وما بعدها، المحصول ? 1 ق2/179، وما بعدها، نهاية السول 2/42، 50 وما بعدها، منهاج العقول 2/46، القواعد والفوائد الأصولية ص172، العدة 1/275".
6 الآية 6 من المائدة.
7 الآية 38 من المائدة.
8 الآية 2 من النور.
9 دعوى الاتفاق غير مسلمة، لأن بعض الحنفية خالفوا في ذلك، فقال النسفي:"ولا يقتضي التكرار سواء كان معلقاً بالشرط أو مخصوص بالوصف أو لم يكن""فتح الغفار بشرح المنار للنسفي 1/36-37"، وقال صدر الشريعة: "وعند بعض علمائنا: لا يحتمل التكرار إلا أن يكون=
قَالَهُ ابْنُ1 الْبَاقِلَاّنِيِّ فِي التَّقْرِيبِ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَالآمِدِيُّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُمْ2. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الأُصُولِيَّةِ: وَكَلامُ أَصْحَابِنَا يَقْتَضِيهِ3. قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: لاتِّبَاعِ الْعِلَّةُ، لا لِلأَمْرِ. فَمَعْنَى هَذَا التَّكْرِيرِ: أَنَّهُ كُلَّمَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ4 وُجِدَ الْحُكْمُ؛ لأَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ وُجِدَ الْحُكْمُ، لا أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ يَتَكَرَّرُ الْفِعْلُ5.
=معلقاً بشرط أو مخصوص بوصف" "التوضيح على التنقيح2/69"، وعلق التفتازاني عليه: "وظاهر عبارة المصنف أن المعلق على شرط أو وصفة يحتمل التكرار، والحق أنه يوجبه على هذا المذهب" "التلويح على التوضيح 2/71"، وقال البزدوي: "وقال عامة مشايخنا: لا توجبه ولا تحتمله بكل حال" "كشف الأسرار على أصول البزدوي 1/122"، وقال عبد العزيز البخاري: "والمذهب الصحيح عندنا أنه لا يوجب التكرار، ولا يحتمله سواء كان مطلقاً أو معلقاً بشرط، أو مخصوصاً بوصف، إلا الأمر بالفعل يقع على أقل جنسه" "كشف الأسرار 1/123"، وقال الكمال بن الهمام: "الشرط هنا علة فيتكرر بتكررها اتفاقاً" "تيسير التحرير 1/353"، وقال ابن عبد الشكور: "فإن كان علة فهل يتكرر بتكررها؟ والحق نعم، وقيل: لا، فدعوى الإجماع في العلة، كما في المختصر وغيره، غلط" "فواتح الرحموت 1/386".
"وانظر: العدة 1/275، مختصر البعلي ص101، المعتمد 1/115، الإحكام للآمدي 2/161، المستصفى 2/7، تفسير النصوص 2/318".
1 ساقطة من ض.
2 انظر: المحصول ? 1 ق2/179، المستصفى 2/8، جمع الجوامع 1/280، الإحكام للآمدي 2/161 وما بعدها، مختصر ابن الحاجب 2/83، أصول السرخسي 1/20، 21، فواتح الرحموت 1/386، التمهيد ص79، المسودة ص20، الروضة 2/200، العدة 1/276، القواعد والفوائد الأصولية ص172، تفسير النصوص 2/318 وما بعدها.
3 القواعد والفوائد الأصولية ص172.
4 ساقطة من ض، وسقط من ب: إذا وجدتِ العلةُ وجد الحكم، لا أنه.
5 انظر: الإحكام للآمدي 2/161، المحصول ? 1 ق2/183، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/83، الروضة 2/200، العدة 1/276.
"وَ" الأَمْرُ "لِلْفَوْرِ"1 سَوَاءٌ قِيلَ: إنَّ الأَمْرَ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ لا عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ، وَالْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ2.
1 المقصود من كون الأمر للفور أن يبادر المكلف لامتثال الأمر وتنفيذه بعد سماعه دون تأخير، فإن تأخر عن الأداء كان مؤاخذاً، قال صدر الشريعة:"المراد بالفور الوجوب في الحال، والمارد بالتراخي عدم التقيد بالحال لا التقيد بالمستقبل. حتى لو أداه في الحال يخرج عن العهدة""التوضيح على التنقيح 2/188"، وقال عبد العزيز البخاري:"ومعنى قولنا على الفور أنه يجب تعجيل الفعل في أوقات الإمكان، ومعنى قولنا على التراخي: أنه يجوز تأخيره عنه، وليس معناه أنه يجب تأخيره عنه""كشف الأسرار 1/254".
"وانظر: اللمع ص8، فواتح الرحموت 1/387، جمع الجوامع 1/381، تخريج الفروع ص40، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص321".
وفي ب: إلا للفور.
2 إن القول بان الأمر للفور هو رأي بعض الشافعية كأبي بكر الصيرفي والقاضي أبي الطيب الطبري وأبي حامد وأبي بكر الدقاق، وهو قول الظاهرية، وبعض الحنفية، وقد نسب المصنف القول به للحنفية تساهلا كما فعل الجويني والبيضاوي والفخر الرازي وغيرهم، والصواب أنه قول أبي الحسن الكرخي منهم وتبعه بعض الحنفية، وأن أكثر الحنفية يرون أن الأمر لمطلق الطلب فقط، قال ابن عبد الشكور في "مسلم الثبوت بشرح فواتح الرحموت 1/387":"هو لمجرد الطلب فيجوز التأخير كما يجوز البدار" وقال عبد العزيز البخاري في "كشف الأسرار 254": "اختف العلماء في الأمر المطلق أنه على الفور أم على التراخي، فذهب أكثر أصحابنا وأصحاب الشافعي وعامة المتكلمين إلى أنه على التراخي، وذهب بعض أصحابنا، منهم أبو الحسن الكرخي.. إلى أنه على الفور.
وانظر تحقيق المسألة في "تيسير التحرير 1/356، أصول السرخسي 1/26ن التوضيح على التنقيح 2/188، المعتمد 1/120، الإحكام لابن حزم 1/294، شرح تنقيح الفصول ص128، البرهان للجويني 1/231، 241، المنخول ص 111، الإحكام للآمدي 1/165، التبصرة ص52، المحصول? 1 ق2/189، المستصفى 2/9ن مختصر ابن الحاجب 2/83، نهاية السول 2/55، جمع الجوامع 1/381، العبادي على الورقات ص85، مختصر البعلي ص101، المسودة ص24، 25، التمهيد ص80، الروضة 2/202 وما بعدها، العدة 1/281، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص322، تفسير النصوص 2/345، القواعد والفوائد الأصولية ص189، مختصر الطوفي ص89، مباحث الكتاب والسنة ص10، إرشاد الفحول ص99".
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ مِنْهُمْ: إنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ. وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا1 تَأْخِيرَ الْحَجِّ بِدَلِيلٍ خَارِجٍ2.
وَقِيلَ: لا يَقْتَضِي الْفَوْرَ، وَعَلَى هَذَا يَجِبُ الْعَزْمُ3.
وَقِيلَ: بِالْوَقْفِ لُغَةً. قَالَهُ أَكْثَرُ الأَشْعَرِيَّةِ، فَإِنْ بَادَرَ امْتَثَلَ4
1 في ش: جوز.
2 اختلف العلماء فيما يترتب على التراخي، بأن يموت المأمور به بعد تمكنه منه وقبل الفعل، فإنه لا يموت عاصياً عند الأكثرين، وقال قوم يموت عاصياً، وقال النووي: "فيه أوجه
…
والأصح العصيان" "المجموع 7/90".
"وانظر: القواعد والفوائد الأصولية ص75 وما بعدها، نزهة الخاطر 2/86، الإحكام للآمدي 2/20، أصول السرخسي 1/26، كشف الأسرار 1/255، شرح تنقيح الفصول ص129، الإحكام لابن حزم 1/299، المجوع للنووي 7/82، 83، 88، المغني 2/232، المسودة ص25، شرح الكوكب المنير 1/373".
3 يرى أكثر الحنفية والشافعية أن الأمر لمجرد الطلب، وأنه لا يقتضي الفور ولا التراخي، وصرح الجويني فقال:"والوجه أن يعبر: الصيغة تقتضي الامتثال""البرهان 1/233، 235"، وهذه رواية عن أحمد، وهو الراجح عند المالكية كما اختره ابن الحاجب، وقالت المعتزلة: لا يقتضي التعجيل، ولا يشترطون العزم، ووقع تساهل في عبارات بعض العلماء الأصول أن الأمر للتراخي وينسبونه للشافعية، والتحقيق أنهم يقصدون أن التأخير جائز، قال الشيرازي: "والتعبير بكونه يفيد التراخي غلط
…
" وهذا ما حققه علماء الشافعية.
انظر تحقيق المسألة وأقوال العلماء فيها مفصلة مع الأدلة والمناقشة في "نهاية السول 2/55، التبصرة ص53، اللمع ص8، 9، المحصول ? 1 ق2/189، جمع الجوامع 1/381، المعتمد 1/120، 129، الإحكام للآمدي 1/165، المستصفى 2/9، فواتح الرحموت 1/387 وما بعدها، مختصر ابن الحاجب 2/83، البرهان 1/232، الإحكام لابن حزم 1/294 وما بعدها، شرح تنقيح الفصول ص129، المسودة ص24، 25، مختصر البعلي ص 101، المنخول ص 111، تيسير التحرير 2/356 وما بعدها، القواعد والفوائد الأصولية ص179، 180، العدة 1/282، مختصر الطوفي ص89، التمهيد ص80، الروضة 2/202، أصول السرخسي 1/28، إرشاد الفحول ص99، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص321 وما بعدها، تفسير النصوص 2/345 وما بعدها".
4 تعددت الأقوال في مسألة الأمر للفور أو للتراخي أو لمجرد الطلب والامتثال أو الوقف أو غير ذلك، ولكل قولٍ دليله.
"انظر: جمع الجوامع 1/382، البرهان للجويني 1/232، 246، كشف الأسرار 1/254، تيسير التحرير 1/357، الإحكام للآمدي 2/165، المنخول ص111، المحصول ? 1 ق2/189، المستصفى 2/9، مختصر ابن الحاجب 2/83، 84، نهاية السول 2/55، المسودة ص25، 26، الروضة 2/202، مختصر الطوفي ص89-90، التمهيد ص80، التبصرة ص53، القواعد والفوائد الأصولية ص180، العدة 1/282، إرشاد الفحول ص99، مباحث الكتاب والسنة ص120 وما بعدها، مختصر البعلي ص 101".
"وَفَعَلَ عِبَادَةً لَمْ يُقَيَّدْ" فِعْلُهَا "بِوَقْتٍ" فِي حَالَةِ كَوْنِ الْفِعْلِ "مُتَرَاخِيًا" عَنْ الْفَوْرِ بِهِ1 عَلَى الْقَوْلِ بِهَا "أَوْ مُقَيَّدٌ بِهِ" أَيْ بِوَقْتِ "بَعْدَهُ" أَيْ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي قُيِّدَ بِهِ "قَضَاءً بِالأَمْرِ الأَوَّلِ" لا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فِي الصُّورَتَيْنِ.
أَمَّا فِي الأُولَى -وَهِيَ "مَا2 إذَا لَمْ يُقَيَّدْ الأَمْرُ بِوَقْتٍ وَقُلْنَا بِالْفَوْرِيَّةِ، وَفَعَلَهُ مُتَرَاخِيًا- فَعِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالأَكْثَرِ. وَإِنْ قُلْنَا: الأَمْرُ لِلتَّرَاخِي فَلَيْسَ بِقَضَاءٍ3.
وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ - وَهِيَ مَا4 إذَا كَانَ الأَمْرُ مُقَيَّدًا بِوَقْتٍ5 وَفَعَلَهُ بَعْدَهُ - فَإِنَّ الْقَضَاءَ فِيهَا أَيْضًا بِالأَمْرِ الأَوَّلِ. اخْتَارَهُ6 الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ وَالْمُوَفَّقُ وَابْنُ حَمْدَانَ وَالطُّوفِيُّ وَغَيْرُهُمْ7.
1 ساقطة من ض ب.
2 ساقطة من ز ع ض ب.
3 نقل المجد عن الجويني أنه قال: "أجمع المسلمون على أن كل مأمور به بأمر مطلق إذا أخره ثم أقامه، فهو مؤد، لا قاض" ثم ذكر المجد الاختلاف بين علماء الحنفية في ذلك فقال: "قال الرازي منهم كالجمهور، وقال غيره: إنه يسقط كالموت عندهم، هذا قول الكرخي وغيره، وأبي الفرج المالكي""المسودة ص26".
وانظر: العدة1/293،294، الإحكام للامدي2/179، فتح الغفار1/42.
4 ساقطة من ض ب.
5 في ض: بالوقت.
6 في ع: واختاره.
7 وهو قول المقدسي من الحنابلة، وقول الحنفية وبعض الشافعية.
"انظر: مختصر البعلي ص102، العدة1/293، القواعد والفوائد الأصولية ص180، مختصر الطوفي ص90، الروضة2/204،206، المسودةص27، فتح الغفار1/42، شرح تنقيح الفصول ص144، البرهان للجويني 1/265،267، المعتمد1/146، الإحكام للآمدي2/179، اللمع ص9، التبصرة ص64، المنخول ص121، المستصفى2/10، العضد على ابن الحاجب2/92، جمع الجوامع1/382، إرشاد الفحول ص106".
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي فُرُوعِهِ فِي1 بَابِ الْحَيْضِ: وَيَمْنَعُ الْحَيْضُ الصَّوْمَ إجْمَاعًا، وَتَقْضِيهِ إجْمَاعًا هِيَ وَكُلُّ مَعْذُورٍ بِالأَمْرِ السَّابِقِ لا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فِي الأَشْهَرِ2.
"والأمرُ بـ" شيءٍ "معينٍ3 نهيٌ عن ضده "أي ضدِّ ذلك المعين "معنىً" أي من جهة المعنى، لا من جهة اللفظ4، عند أصحابنا والأئمةِ الثلاثة، وذكره أبو
1 ساقطة من ش.
2 الفروع1/260.
يرى جمهور الفقهاء أنه لابد من أمر جديد، وهو قول أبي الخطاب من الحنابلة، واختاره ابن عقيل منهم، وقواه المجد ابن تيمية، ولكل قول دليله.
"انظر: المستصفى2/11، المسودة ص27، أصول السرخي1/45،46، الإحكام لابن حزم1/203، الروضة 2/204، مختصر الطوفي ص90، شرح تنقيح الفصول ص129،144، البرهان للجويني 1/265، مختصر البعلي ص102، العدة 1/296، المعتمد 1/146، الإحكام للآمدي 2/179، اللمع ص9، التبصرة ص64، المنخول ص120، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/92، جمع الجوامع 1/382، إرشاد الفحول ص106، مباحث الكتاب والسنة ص125، أصول الفقه الإسلامي ص262".
3 قيد المصنف الأمر بالشيء المعين للاحتراز عن الأمر بشيء غير معين كالواجب المخير، وعن الأمر بشيء في وقت موسع، كالواجب الموسع، فإن الآمر بهما ليس نهياً عن الضد باتفاق. "انظر: التبصرة ص89".
4 قال القرافي: "أريد به أن الأمر يدل بالالتزام، لا بالمطابقة""شرح تنقيح الفصول ص13"، وقال البعلي:"وعند أكثر الأشاعرة من جهة اللفظ، بناء على أن الأمر والنهي لا صيغة لهما"
"مختصر البعلي ص101"، وقال الفخر الرازي:" اعلم أنا لا نريد بهذا أن صيغة الأمر هي صيغة النهي، بل المراد أن الأمر بالشيء دال على أن المنع من نقيضه بطريق الالتزام"" المحصول2/324"، وقال أبو الحسين البصري:"فالخلاف في الاسم""المعتمد1/106".
الخطاب عن الفقهاء، وقاله الكعبي وأبو الحسين المعتزلي1.
قَالَ القاضي: بناء على أصلِنا أن2 مطلقَ الأمرِ للْفَوْرِ3.
وعن باقي المعتزلة: ليس نهيا عن ضده، بناء على أصلِهم في اعتبار إرادةِ الناهي، وليست معلومةً، وقطع به النووي في الروضة في كتاب الطلاق؛ لأن القائل: اسكن قد يكون غافلاً عن ضد السكون، وهو الحركة فليس عينَه، ولا يتضمنه4.
وعند الأشعرية: الأمر معنًى في النفس، فقال بعضهم: هو عين النهي عن ضده الوجودي، وهو قول الأشعري، قَالَ أبو حامد: بنى الأشعري ذلك على أن الأمر لا صيغة له، وإنما هو معنًى قائمٌ في النفس، فالأمر عندهم هو نفسُ النهي من هذا الوجه، أي فاتصافه بكونه أمرا ونهيا كاتصاف الكونِ الواحد بكونه قريبًا من شيءٍ بعيدا من شيء 5.
1 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص183ومختصر الطوفي ص88، المسودة ص49، العدة2/368، أصول السرخسي 1/94، الإحكام لابن حزم 1/314، شرح تنقيح الفصول ص136 والبرهان للجويني 1/250، تيسير التحرير 1/362، مختصر البعلي ص101، المعتمد 1/106، الإحكام للآمدي 1/170، اللمع ص11، التبصرة ص89، جمع الجوامع 1/386، العبادي على الوراقات ص19، تخريج الفروع على الأصول ص128، إرشاد الفحول ص101
2 في ش ز: لأن، ولأعلى من"العدة" وبقية النسخ.
3 قال القاضي أبو يعلى: "الأمر بالشيء نهي عن ضده عن طريق المعنى، سواء كان له ضد واحد أو أضداد كثيرة، وسواء كان مطلقاً أو معلقاً بوقت مضيق، لأن من أصلنا: أن إطلاق الأمر يقتضي الفور""العدة1/368".
وسبق بحث هذه المسألة في المجلد الأول ص390، وانظر: أصول الفقه الإسلامي ص297.
4 انظر: البرهان للجويني1/250، تيسير التحرير1363، مختصر البعلي ص101، المعتمد1/106، الإحكام للآمدي2/171، اللمع ص11، التبصرة ص90، المحصول? 1 ق2/334، مختصر الطوفي ص88، 89، المسودة ص49، العدة 2/370.
5 انظر: البرهان 1/250، تيسير التحرير 1/362، المسودة ص49، القواعد والفوائد الأصولية ص183، العدة 2/370.
وقال ابن الصباغ وأبو الطيب والشيرازي: إنه ليس عينَ النهي، ولكنه يتضمنُه ويستلزمُه من طريق المعنى، ونُقِلَ هذا عن أكثر الفقهاء، واختاره الآمدي، إلا أن1 يقول2 بتكليفِ المحالِ3.
وقال أبو المعالي والغزالي والكِيا الهِرَّاسِيُّ 4: إنه ليس عينَ النهي5 عن ضِدِّه ولا يقتضيه6. وللقاضي أبي بكر الباقلاني الأقوال الثلاثة المتقدمة7.
وعند الرازي في ”المحصول“: يقتضي الكراهةَ، لأن النهي لما لم يكن مقصودًا سمي اقتضاء؛ لأنه ضروري، فيثبت به8 أقلُّ ما يثبت بالنهي، وهو الكراهة 9.
1 في ش: أنه.
2 في ض ب: نقول.
3 وهذا ما نقله الجويني أنه آخر ما قاله القاضي أبو بكر الباقلاني، وهو ما اختاره السرخسي والنسفي وابن نجيم وغيرهم من الحنفية.
"انظر: الإحكام للآمدي1/172، البرهان للجويني1/250، أصول السرخسي1/94، التوضيح على النتقيح2/238، فتح الغفار بشرح المنار2/60، التبصرة ص55،89، جمع الجوامع1/386، تيسير التحرير1/363، العدة1/370، العضد على ابن الحاجب2/85".
4 ساقطة من ض ب.
5 في ش ع: النهي.
6 وهو قول الآمدي على القول بجواز التكليف بالمحال.
" انظر: الإحكام للآمدي2/171، المستصفى1/82، البرهان للجويني1/252، تيسير التحرير1/362، المسودة ص49، جمع الجوامع1/387، القواعد والفوائد الأصولية ص183، المنخول ص114، إرشاد الفحول ص102".
7 انظر: الإحكام للآمدي2/170، المستصفى1/81، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه1/8، جمع الجوامع1/386.
8 ساقطة من ض ب.
9 وهذا ما نقله الكمال بن الهمام عن فخر الإسلام البزدوي والقاضي أبي زيد الدبوسي وأتباعهما، وهناك أقوال أخرى في المسألة.
"انظر: المحصول ? 1 ق2/324وما بعدها، تيسير التحرير1/363،367، البرهان للجويني1/250،251، التوضيح على التنقيح2/238".
والمراد بالضد هنا الوجودي، وذلك لأنه هو من لوازم الشيء المأمور به1.
"وكذا العكس" يعني أن النهي عن شيء يكون أمرا بضده2.
ثم إنه قد يكون للمأمور ضد واحد، كالأمر بالإيمان فإنه نهي عن الكفر، وقد يكون للمنهي عنه ضد واحد، كالنهي عن صوم يوم العيد، فإنه أمر بفطره3،
وقد يكون لكل منهما أضداد، وهو المشار إليه بقوله:"ولو تعدد الضد"4 وذلك كالأمر بالقيام، فإن له أضداد من قعود وركوع وسجود واضطجاع5.
وأتباعهما، وهناك أقوال أخرى في المسألة.
"انظر: المحصول ? 1 ق2/324وما بعدها، تيسير التحرير1/363،367، البرهان للجويني1/250،251، التوضيح على التنقيح2/238".
1 ساقطة من ع ض.
وانظر: تيسير التحرير1/363، المحصول ? 1 ق2/337، البناني على جمع الجوامع1/386، العبادي على الورقات ص91.
2 انظر: البرهان للجويني1/350، اللمع ص14، الإحكام للآمدي2/173، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه2/88،85، جمع الجوامع1/388، العبادي على الورقات ص91 أصول السرخسي1/96، المسودة ص81، القواعد والفوائد الأصولية ص183، مختصر البعلي ص102، العدة2/430،372.
3 انظر: المعتمد1/107، تيسير التحرير1/363، إرشاد الفحول ص101.
4 في ب: ضد.
5 جمع المصنف رحمه الله تعالى بين مسألتي الأمر والنهي إذا تعدد الضد في كل منهما، وقد ميز العلماء بين المسألتين، فقالوا: إن الأمر بالشيء نهي عن جميع أضداده، وأن النهي عن الشيء أمر بأحد أضداده فقط، وهو ما صرح به القاضي أبو يعلى في "العدة2/430،372".
"انظر: المسودة ص81، العدة2/368، مختصر البعلي ص102، أصول السرخسي1/96،94، فواتح الرحموت1/97، المستصفى1/81، شرح تنقيح الفصول ص177.136.135، البرهان للجويني1/250، تيسير التحرير1/363، المعتمد1/108، اللمع ص14، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه2/87 وما بعدها، إرشاد الفحول ص102، أصول الفقه الإسلامي ص299".
ووجه ذلك أن أمر الإيجاب طلبُ فعلٍ يُذَمُّ تاركُه إجماعًا ولا ذمَّ إلا على فعل، وهو الكفُّ عن المأمور به، أو1 الضدِّ، فيستلزمُ النهيُ عن ضده، أو النهيُ عن الكف عنه2.
ورده القائلُ بأن3 الأمرَ بمعيَّنٍ4 لا يكون نهيا عن ضده بأن الذَّمَ على الترك بدليل خارجي5 عن الأمر، وإن سُلِّم فالنهيُ طلبُ كَفٍّ عن فعل، لا عن كفٍّ، وإلا لزم تصورُ الكَفِّ عن الكَفِّ لكل أمر، والواقعُ خِلافُهُ6.
وفي هذا الرد نظرٌ ومَنْعٌ؛ ولأن المأمور به لا يتم إلا بترك ضده، فيكون مطلوبًا، وهو معنى النهي، والخلافُ في كون النهي عن شيء لا يكون أمرًا بضده، كالخلاف في كون الأمر بالشيء لا يكون نهيا عن ضده، والصحيح من الخلافين ما في المتن7.
"وَنَدْبٌ كَإِيجَابٍ" يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ أَمْرِ النَّدْبِ حُكْمُ أَمْرِ الإِيجَابِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ الْقَاضِي8 وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالأَكْثَرِ، إنْ قِيلَ
1 في ع ب: و.
2 انظر: شرح تنقيح الفصول ص137، تيسير التحرير1/364 وما بعدها، العدة2/431.
3 في ش ز: أن
4 في ع ض ب: بمعنى
5 في ض ب: خارج.
6 انظر: تيسير التحرير1/365، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه2/86 وما بعدها، جمع الجوامع والمحلي عليه1/389، إرشاد الفحول ص102، العدة1/370وما بعدها.
7 انظر أدلة هذه الأقوال مع مناقشتها بتفصيل في المراجع السابقة في هامش6 والمرجع المشار إليهما في الصفحة السابقة هامش5،2.
8 قال القاضي أبو يعلى:"إذا صرف الأمر عن الوجوب جاز أن يحتج به على الندب والجواز، ويكون حقيقة فيه، ولا يكون مجازاً، وهذا بناء على أصلنا: أن المندوب مأمور به" ثم ذكر أقوال الحنفية بخلاف ذلك، وأقوال الشافعية. "انظر: العدة2/374".
إنَّ النَّدْبَ1 مَأْمُورٌ2 بِهِ حَقِيقَةً. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ حَقِيقَةً3.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ: وَأَمْرُ النَّدْبِ كَالإِيجَابِ عِنْدَ الْجَمِيعِ إنْ قِيلَ مَأْمُورٌ بِهِ حَقِيقَةً. وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. انْتَهَى.
وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَاّنِيُّ فِي التَّقْرِيبِ، وَحُمِلَ النَّهْيُ عَنْ الضِّدِّ فِي الْوُجُوبِ تَحْرِيمًا. وَفِي النَّهْيِ تَنْزِيهًا. قَالَ: وَ4بَعْضُ أَهْلِ الْحَقِّ خَصَّصَ5 ذَلِكَ بِأَمْرِ الإِيجَابِ لا النَّدْبِ، وَهُوَ مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ الأَشْعَرِيِّ6.
"وَالأَمْرُ بَعْدَ حَظْرٍ، أَوْ" بَعْدَ "اسْتِئْذَانٍ، أَوْ" كَانَ "بِمَاهِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ بَعْدَ سُؤَالِ تَعْلِيمَ": "لِلإِبَاحَةِ" فِي الْمَسَائِلِ الثَّلاثِ عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِنَّ.
وَالإِبَاحَةُ فِي الأَوْلَى، وَهِيَ الأَمْرُ بَعْدَ الْحَظْرِ: حَقِيقَةً لِتَبَادُرِهَا إلَى الذِّهْنِ فِي
1 في ض ب: المندوب.
2 في ع ض: حكم مأمور.
3 المجلد الأول ص405.
وانظر: المسودة ص50، جمع الجوامع1/387، شرح تنقيح الفصول ص136، تيسير التحرير1/363،347، المعتمد1/107، المع ص11،7، المحصول? 1 ق2/353، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه1/85، مختصر البعلي ص102.
4 ساقطة من ض ب.
5 في ض: وخصوا، وفي ب: خص.
6 انظر: شرح تنقيح الفصول ص136، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه2/89،85 وما بعدها.
ذَلِكَ، لِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهِ لَهُ1 فِيهَا حِينَئِذٍ، وَالتَّبَادُرُ عَلامَةُ الْحَقِيقَةِ2.
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ، فَوُرُودُ الأَمْرِ بَعْدَهُ يَكُونُ لِرَفْعِ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ. فَالْوُجُوبُ أَوْ النَّدْبُ زِيَادَةٌ لا بُدَّ لَهَا مِنْ دَلِيلٍ3.
وَمِنْ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ قَوْله4 تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} 5 {فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} 6 {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ 7 مِنْ حَيْثُ
1 ساقطة من ض ب.
2 وهذا قول الشافعي، وبعض المالكية، ونقله ابن برهان عن أكثر الفقهاء والمتكلمين، ورجحه ابن الحاجب والآمدي والطوفي وغيرهم.
ويرى الطوفي أن الأمر بعد الحظر يقتضي الإباحة من حيث العرف، لا اللغة’، لأنه في اللغة يقتضي الوجوب، وهو ما أيده الكمال بن الهمام وابن عبد الشكور، وقالا:"إن الإباحة في عرف الشرع".
"انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه2/91، نهاية السول2/40، جمع الجوامع1/378، فتح الرحموت1/379، تيسير التحرير2/345، كشف الأسرار1/121،120، التوضيح على التنقيح2/62، المعتمد1/82، الإحكام للآمدي2/178، التبصرة ص38، المنخول ص131، البرهان للجويني1/263، أصول السرخسي1/19، شرح تنقيح الفصول ص139،138، المسودة ص16، مختصر الطوفي ص86، نزهة الخاطر2/76، اللمع ص8، المستصفى1/435، الروضة2/198، العدة1/256، التمهيدص74، القواعد والفوائد الأصولية ص165، مختصر البعلي ص99، مباحث الكتاب ص123".
3 انظر مزيداً من الأدلة لهذا القول في المراجع السابقة.
4 في ب: في قوله.
5 الآية 2 من المائدة، وقد وردت هذه الآية بعد قوله تعالى:{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} المائدة/1، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرمٌ} المائدة/95.
6 الآية10 من الجمعة، وقد وردت هذه الآية بعد قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} الجمعة/9.
7 هنا تنتهي الآية في ع ض ب.
أَمَرَكُمْ اللَّهُ} 1.
وَمِنْ ذَلِكَ فِي السُّنَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: " كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ فَادَّخِرُوهَا"2.
وَالأَصْلُ عَدَمُ دَلِيلٍ سِوَى الْحَظْرِ. وَالإِجْمَاعُ حَادِثٌ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم. وَكَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ: لا تَأْكُلْ هَذَا. ثُمَّ يَقُولُ لَهُ3: كُلْهُ4.
وَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى5، وَأَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَالْفَخْرُ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعُهُ، وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ6 مِنْ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ كَالأَمْرِ
1 الآية222البقرة: وهذه الآية وردت بعد قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ} البقرة/222.
2 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك وأحمد والحاكم عن عائشة وعلي وغيرهما مرفوعاً بألفاظ متقاربة.
"انظر: صحيح البخاري3/319، صحيح مسلم3/1561، سنن أبي داود2/89، تحفة الأحوذي5/99، سنن النسائي4/73، سنن ابن ماجه2/1055، الموطأ ص299 ط الشعب، مسند أحمد6/51، المستدرك4/232، تخريج أحاديث البزدوي ص225، نيل الأوطار5/143، فيض القدير5/55،45".
3 ساقطة من ش ز ض ب.
4 انظر: التبصرة ص39، المحصول ? 1 ق2/160، وما بعدها، نهاية السول1/41، جمع الجوامع1/378، البرهان للجويني1/263، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه2/91، فواتح الرحموت1/380، تيسيرالتحرير1/346، مختصر الطوفي ص87، العدة1/257وما بعدها، مباحث الكتاب والسنة ص87.
5 لم يبين القاضي أبو يعلى رأيه في كتابه"العدة" وإنما اكتفى بذكر الرأي الأول، ثم الرأي الثاني والاستدلال لكل منهما، ومناقشة أدلة القول الثاني وردها، "العدة1/263،256"، ولعله ذكر الرأي الأعلى في كتاب آخر.
6 هو عبيد الله بن مسعود بن محمود بن أحمد، المحبوبي البخاري ، الإمام الحنفي، كان فقيهاً أصولياً، محدثاً مفسراً، لغوياً أديباً، متكلماً، وكان حافظاً للشريعة، متقناً للأصول والفروع، متبحراً في المنقول والمعقول، عرف بصدر الشريعة منذ نشأته فاشتهر بذلك بين أقرانه وشيوخه وتلاميذه، شرح كتاب "الوقاية" لجده تاج الشريعة محمود، ثم اختصره "الوقاية" وسماه "النقاية" وألف في الأصول متنا مشهوراً اسمه "التنقيح" ثم شرحه بكتابه "التوضيح على التنقيح"، ثم جاء التفتازاني وعمل عليه حاشية سماها "التلويح" مطبوع عدة مرات، توفي في بخارى سنة 747?
انظر ترجمته في "الفوائد البهية ص109، تاج التراجم ص40، الفتح المبين2/155، الأعلام للزركلي4/354".
ابْتِدَاءً1.
وَاسْتُدِلَّ لِلْوُجُوبِ بِقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 2.
وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالإِبَاحَةِ: أَنَّ الْمُتَبَادِرَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَفِي الآيَةِ إنَّمَا عُلِمَ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ3.
وَذَهَبَ أَبُو الْمَعَالِي وَالْغَزَالِيُّ وَابْنُ الْقُشَيْرِيِّ وَالآمِدِيُّ إلَى الْوَقْفِ فِي الإِبَاحَةِ
1 أي أنه للوجوب، وأن النهي السابق لا يصلح قرينة لصرف الأمر من الوجوب إلى الندب أو الإباحة، وهو قول المعتزلة وأكثر الحنفية، واختاره الباجي وكثر أصحاب مالك والبيضاوي، قال السرخسي:"الأمر بعد الحظر: الصحيح عندنا أن مطلقه الإيجاب""أصول السرخسي1/19".
انظر أصحاب هذا القول مع أدلته ومناقشتها في "التوضيح على التنقيح2/62 ط الخشاب، كشف الأسرار1/121،120، فتح الغفار1/32، تيسير التحرير1/345، وفواتح الرحموت1/37، العضد على ابن الحاجب2/91، نهاية السول2/40، جمع الجوامع1/378، المستصفى1/435، الإحكام للآمدي2/178، اللمع ص8، التبصرة ص38، المنخول ص131، المحصول ? 1 ق2/159، المعتمد1/82، الإحكام للآمدي2/178، التمهيد ص74، القواعد والفوائد الأصولية ص165، العدة1/257وما بعدها، الروضة2/198، المسودة ص16، شرح تنقيح الفصول ص139، مختصر البعلي ص100، مباحث الكتاب والسنة ص124.
2 الآية5 من التوبة.
3 انظر مناقشة أدلة القول الثاني في "التلويح على التوضيح2/62، الروضة2/199، مختصر ابن الحاجب2/87، كشف الأسرار1/121، تيسير التحرير1/345، العدة1/259، والمراجع السابقة".
وَالْوُجُوبِ. لِتَعَارُضِ الأَدِلَّةِ1.
وَقِيلَ: لِلنَّدَبِ2. وَأَسْنَدَ صَاحِبُ التَّلْوِيحِ3 إلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ الإِنْسَانَ إذَا انْصَرَفَ مِنْ الْجُمُعَةِ نُدِبَ لَهُ أَنْ يُسَاوِمَ شَيْئًا، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِهِ4.
وَذَهَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَمْعٌ إلَى5 أَنَّهُ لِرَفْعِ الْحَظْرِ السَّابِقِ وَإِعَادَةِ حَالِ الْفِعْلِ إلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْحَظْرِ6.
1 انظر: المستصفى1/435، المنخول ص131، البرهان1/264، جمع الجوامع1/378. العضد على ابن الحاجب2/91، التلويح على التوضيح2/63، المسودة ص17، شرح تنقيح الفصول ص140، فواتح الرحموت1/379، الإحكام للآمدي2/178،.
2 وهو قول القاضي حسين من الشافعية.
"انظر: مختصر البعلي ص100، القواعد والفوائد الأصولية ص165، التمهيد ص74، التوضيح على التنقيح2/62، كشف الأسرار1/121".
3 هو مسعود بن عمر بن عبد الله ، سعد الدين التفتازاني، العلامة الشافعي، كان أصولياً مفسراً، متكلماً متحدثاً، نحوياً أديباً، ولد بتفتازان من بلاد خرسان، ثم رحل إلى سرخس، وأقام بها حتى أبعده تيمورلنك إلى سمرقند، فجلس فيها للتدريس، وأقبل عليه الطلاب والعلماء، واشتهرت تصانيفه في الآفاق، وكان الشريف الجرجاني في بدء أمره يعتمد عليها، ويأخذ منها، ومن مؤلفاته:"التلويح في كشف حقائق التنقيح" في الأصول، و "تهذيب المنطق والكلام" و "حاشية على شرح العضد على مختصر ابن الحاجب" في الأصول، و "شرح على العقائد النسفية" و "شرح مقاصد الطالبين في علم أصول الدين" وغيرهما، توفي بسمرقند سنة791?، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "الدرر الكامنة5/119، الفتح المبين2/206، بغية الوعاة2/285، البدرالطالع2/303، الأعلام للزركلي8/113".
4 انظر: التلويح2/62.
5 ساقطة من ز ع ض ب.
6 وهو رأي الكمال بن الهمام من الحنفية وغيره.
"انظر: المسودة ص16وما بعدها، تيسير التحرير1/346، مختصر البعلي ص100، مختصر الطوفي ص86، شرح تنقيح الفصول ص140، القواعد والفوائد الأصولية ص165، مباحث الكتاب والسنة ص124".
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ1 {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 2.
قَالَ الْكُورَانِيُّ: هَذَا الْخِلافُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ، وَأَمَّا مَعَ وُجُودِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ3. انْتَهَى.
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ كَوْنُ الأَمْرِ بَعْدَ الاسْتِئْذَانِ لِلإِبَاحَةِ. قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ. وَحَكَاهُ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ عَنْ الأَصْحَابِ. وَقَالَ: لا فَرْقَ بَيْنَ الأَمْرِ بَعْدَ الْحَظْرِ وَبَيْنَ الأَمْرِ بَعْدَ الاسْتِئْذَانِ4.
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الأُصُولِيَّةِ: إذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ الأَمْرَ الْمُجَرَّدَ لِلْوُجُوبِ، فَوُجِدَ أَمْرٌ بَعْدَ اسْتِئْذَانٍ، فَإِنَّهُ لا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، بَلْ الإِبَاحَةَ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحِلَّ وِفَاقٍ. قُلْت: وَكَذَا ابْنُ عَقِيلٍ5. انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ: وَإِطْلاقُ جَمَاعَةٍ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. مِنْهُمْ الرَّازِيّ فِي الْمَحْصُولِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ وَالاسْتِئْذَانِ: الْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ.
1 المسودة ص18.
2 الآية 5 من التوبة.
3 وهناك أقوال أخرى في المسالة، كالتفصيل بين الأمر الصريح بلفظه، وبين صيغة "أفعل"، وهو رأي ابن حزم الظاهري والمجد بن تيمية.
"انظر: مختصر الطوفي ص18، 19، 20، الإحكام لابن حزم1/321، مختصر البعلي ص100، الإحكام للآمدي 2/178، البرهان للجويني1/264، القواعد والفوائد الأصولية ص165، الروضة2/198".
4 انظر: التمهيد ص75، المسودة ص18، فواتح الرحموت1/379، نهاية السول 2/41، جمع الجوامع 1/378.
5 القواعد والفوائد الأصولية ص169.
وَاخْتَارَ أَنَّ الأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْوُجُوبِ. فَكَذَا بَعْدَ الاسْتِئْذَانِ عِنْدَهُ1 انْتَهَى.
إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَلا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ لِمَا اسْتَدَلَاّ عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَحْمِ الإِبِلِ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِي مُسْلِمٍ لَمَّا سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْوُضُوءِ2 مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ 3فَقَالَ: "نَعَمْ يُتَوَضَّأُ 4 مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ"5.
وَمِمَّا يُقَوِّي الإِشْكَالَ: أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الأَمْرَ بِالصَّلاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ6 وَهُوَ بَعْدَ سُؤَالٍ، وَلا يَجِبُ بِلا خِلافٍ، وَلا7 يُسْتَحَبُّ.
فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ يَسْتَحِبُّونَ الْوُضُوءَ مِنْهُ؟ وَالاسْتِحْبَابُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ يَقْتَضِي الإِبَاحَةَ؟
قُلْت: إذَا قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ فَلِدَلِيلٍ غَيْرِ هَذَا الأَمْرِ. وَهُوَ أَنَّ الأَكْلَ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ يُورِثُ قُوَّةً نَارِيَّةً، فَنَاسَبَ8 أَنْ تُطْفَأَ9 بِالْمَاءِ، كَالْوُضُوءِ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَلَوْ كَانَ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ10 الإِبِلِ وَاجِبًا عَلَى الأُمَّةِ، وَكُلُّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ لَحْمَ الإِبِلِ، لَمْ يُؤَخِّرْ بَيَانَ وُجُوبِهِ، حَتَّى يَسْأَلَهُ سَائِلٌ فَيُجِيبَهُ.
1 القواعد والفوائد الأصولية ص170.
وانظر: المحصول ? 1 ق2/159، فواتح الرحموت 1/379، نهاية السول 2/41.
2 في ز ع ض ب: التوضئ، وكذا في"القواعد والفوائد الأصولية ص170" فالنص منقول منه مع تصرف بسيط.
3 ساقطة من ض.
4 في ب: توضأ.
5 صحيح مسلم1/275، ومر تخريج الحديث كاملاً في المجلد الثاني ص366.
6 ونصه"قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم" انظر: النووي على صحيح مسلم4/48.
7 في ع ض ب: بل ولا،
8 في ز ع ض ب: فيناسب.
9 في ش ز ع ض ب: يطفأ، والأعلى من" القواعد والفوائد الأصولية ص170".
10 في ع ض ب: لحم.
فَعُلِمَ أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ لُحُومِهَا مَشْرُوعٌ. وَهُوَ حَقٌّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ يُقَالُ: الْحَدِيثُ إنَّمَا ذُكِرَ فِيهِ بَيَانُ وُجُوبِ مَا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ 1الْغَنَمِ؟ قَالَ:"إنْ شِئْت فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْت فَلا تَتَوَضَّأْ" مَعَ أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ لُحُومِ2 الْغَنَمِ مُبَاحٌ. فَلَمَّا خَيَّرَ فِي لَحْمِ الْغَنَمِ وَأَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ لَحْمِ3 الإِبِلِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ لِمُجَرَّدِ الإِذْنِ، بَلْ لِلطَّلَبِ الْجَازِمِ4. انْتَهَى.
وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ5.
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - وَهِيَ الأَمْرُ بِمَاهِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ بَعْدَ سُؤَالِ تَعْلِيمٍ.
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الأُصُولِيَّةِ: وَالأَمْرُ بِمَاهِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ بَعْدَ سُؤَالِ تَعْلِيمٍ، كَالأَمْرِ بَعْدَ الاسْتِئْذَانِ فِي الأَحْكَامِ وَالْمَعْنَى6. وَحِينَئِذٍ فَلا يَسْتَقِيمُ اسْتِدْلالُ الأَصْحَابِ عَلَى وُجُوبِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ بِمَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْك فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك؟ فَقَالَ7: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ 8 عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ
…
" الْحَدِيثَ9
1 ساقطة من ش ز.
2 في ض ب: لحم.
3 ساقطة من ش ز.
4 القواعد والفوائد الأصولية ص170.
5 انظر: المغني1/141، المحرر في الفقه1/15، كشاف القناع1/147، الفروع لابن مفلح1/183.
6 انظر: التمهيد للإسنوي ص75.
7 في ش: فقل، وفي ز ع ض ب: قال، والأعلى من "القواعد والفوائد الأصولية".
8 في ش: صلى الله، وفي ز ب: صلي، وكذا في القواعد، وهو خطأ نحوي
9 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك وأحمد والبغوي عن أبي حميد الساعدي، وأبي مسعود الأنصاري وابن مسعود رضي الله عنهم مرفوعاً.
"انظر: صحيح البخاري4/106، صحيح مسلم1/305، سنن أبي داود1/324، تحفة الأحوذي9/85، سنن النسائي3/38، سنن ابن ماجه1/293، مسند أحمد4/119، شرح السنة3/191، الموطأ ص120 ط الشعب، مختصر سنن أبي داود1/454".
نَعَمْ إنْ1 ثَبَتَ الْوُجُوبُ مِنْ خَارِجٍ. فَيَكُونُ هَذَا الأَمْرُ لِلْوُجُوبِ؛ لأَنَّهُ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةٍ وَاجِبَةٍ. وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ2.
"وَنَهْيٌ" عَنْ شَيْءٍ "بَعْدَ أَمْرٍ" بِهِ "لِلتَّحْرِيمِ" قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَالْمُوَفَّقُ وَالطُّوفِيُّ وَالأَكْثَرُ. وَحَكَاهُ الأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَ3الْبَاقِلَاّنِيّ إجْمَاعًا4.
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيُّ: لِلْكَرَاهَةِ. قَالَ5: وَتَقَدَّمَ الْوُجُوبُ قَرِينَةً فِي أَنَّ النَّهْيَ بَعْدَهُ لِلْكَرَاهَةِ، وَقَطَعَ بِهِ6. وَقَالَهُ الْقَاضِي و7َ أَبُو الْخَطَّابِ:
1 في ش ز ع ب: إن، والأعلى من" القواعد والفوائد الأصولية".
2 القواعد والفوائد الأصولية ص170 وما بعدها.
وانظر: التمهيد ص75.
3 ساقطة من ش ز.
4 قال الجويني:" وقد ذكر الأستاذ أبو إسحاق أن صيغة النهي بعد تقدم الوجوب محمولة على الحظر، والوجوب السابق لا ينتهض قرينة في حمل النهي على رفع الوجوب، وادعى الوفاق في ذلك""البرهان1/265".
"وانظر: مختصر الطوفي ص87، العدة1/262، الروضة2/201، المسودة ص17، 83، شرح تنقيح الفصول ص140، نهاية السول 2/41، جمع الجوامع 1/379، التمهيد ص81، مختصر البعلي ص100، المنخول ص130، المحصول? 1ق2/162، مختصر ابن الحاجب 2/95، تيسير التحرير 1/376".
5 في ع ض ب: فقال.
6 انظر: المسودة ص83، مختصر الطوفي ص87، مختصر البعلي ص100، جمع الجوامع 1/379.
7 في ش: وقال.
ثُمَّ سَلَّمَا1 أَنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ؛ لأَنَّهُ آكَدُ2.
وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هُوَ لإِبَاحَةِ التَّرْكِ، كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:"وَلا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ" 3 ثُمَّ سَلِمَ أَنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ4.
وَقِيلَ: لِلإِبَاحَةِ. كَالْقَوْلِ فِي مَسْأَلَةِ الأَمْرِ بَعْدَ الْحَظْر5ِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قوله تعالى: {إنْ سَأَلْتُك عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي} 6.
وَوَقَفَ أَبُو الْمَعَالِي لِتَعَارُضِ الأَدِلَّةِ7.
وَفَرَّقَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ الأَمْرِ بَعْدَ الْحَظْرِ، وَالنَّهْيِ بَعْدَ الأَمْرِ بِوُجُوهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ مُقْتَضَى النَّهْيِ وَهُوَ التَّرْكُ مُوَافِقٌ لِلأَصْلِ، بِخِلافِ مُقْتَضَى الأَمْرِ، وَهُوَ الْفِعْلُ.
1 في ش ب ز: سلمنا.
2 انظر: العدة1/262.
3 هذا الحديث بهذا اللفظ رواه ابن ماجه وأحمد عن جابر بن سمرة مرفوعاً، ورواه مسلم وغيره بألفاظ أخرى سبقت.
"انظر: سنن ابن ماجه1/166، مسند أحمد5/105،102،97".
4 روضة الناظر2/199.
5 انظر: العدة1/262، التمهيد ص81، شرح تنقيح الفصول ص140، مختصر البعلي ص100، نهاية السول 2/41، المحلي على جمع الجوامع 1/379.
6 الآية76 من الكهف.
7 انظر: البرهان1/265.
ونقل المجد بن تيمية غلط من ادعى في هذه المسألة إجماعاً، وقال ابن عقيل: لا يقتضي التحريم، ولا التنزيه، بل يقتضي الإسقاط لما أوجبه الأمر، وغلط من قال: يقتضي التنزيه فضلاً عن التحريم.
"انظر: المسودة ص84، جمع الجوامع 1/389، تيسير التحرير 1/376، تفسير النصوص 2/384".
الثَّانِي: أَنَّ1 النَّهْيَ لِدَفْعِ مَفْسَدَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالأَمْرَ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ. وَاعْتِنَاءُ الشَّارِعِ بِدَفْعِ الْمَفَاسِدِ أَشَدُّ مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْقَوْلَ بِالإِبَاحَةِ فِي الأَمْرِ بَعْدَ التَّحْرِيمِ سَبَبُهُ وُرُودُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرًا لِلإِبَاحَةِ. وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي النَّهْيِ بَعْدَ الْوُجُوبِ2. انْتَهَى
"وَكَأَمْرٍ خَبَرٌ3 بِمَعْنَاهُ" يَعْنِي أَنَّ الأَمْرَ الَّذِي بِلَفْظِ الْخَبَرِ نَحْوُ قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} 4 حُكْمُهُ حُكْمُ الأَمْرِ الصَّرِيحِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ؛ لأَنَّ الْحُكْمَ تَاجٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ دُونَ صُورَةِ اللَّفْظِ5.
وَكَذَا النَّهْيُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ. وَمِنْهُ قوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} 6.
وَاسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّهُمَا كَالأَمْرِ وَالنَّهْي الصَّرِيحِ بِدُخُولِ النَّسْخِ فِيهِمَا؛ إذْ الأَخْبَارُ الْمَحْضَةُ لا يَدْخُلُهَا النَّسْخُ 7.
"وَأَمْرٌ" مِنْ الشَّارِعِ "بِأَمْرٍ" لآخَرَ "بِشَيْءٍ لَيْسَ أَمْرًا بِهِ" أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الأَكْثَرِ8. كَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ عَنْ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: "مُرْهُ
1 ساقطة من ب.
2 انظر: المعتمد 1/112 وما بعدها، نهاية السول 2/41، المحلي على جمع الجوامع 1/379، اللمع ص14، تيسير التحرير 1/352، 376، شرح تنقيح الفصول ص140 وما بعدها، الروضة 2/201، نزهة الخاطر 2/77، التمهيد ص81، مختصر الطوفي ص87، العدة 1/262.
3 في ب: خبراً.
4 الآية 228 من البقرة.
5 انظر: مختصر البعلي ص100.
6 الآية 79 من الواقعة.
7 قال بعض الحنابلة: الخبر بمعنى الأمر لا يحتمل الندب. "انظر: مختصر البعلي ص100".
8 وهو ما صححه ابن الحاجب والقرافي والفخر الرازي وابن عبد الشكور وغيرهم. "انظر: مختصر ابن الحاجب 2/93، شرح تنقيح الفصول ص148، المحصول ? 1 ق2/426، فواتح الرحموت 1/390، تيسير التحرير 1/361، مختصر البعلي ص102، الإحكام للآمدي 2/182، المستصفى 2/13، نهاية السول 2/58، جمع الجوامع 1/384، الروضة 2/207، التمهيد ص75، القواعد والفوائد الأصولية ص190، إرشاد الفحول ص107".
فَلْيُرَاجِعْهَا" 1 وَ2قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مُرُوهُمْ بِالصَّلاةِ3 لِسَبْعٍ" 4 وَقَوْلِهِ سبحانه وتعالى {وَأْمُرْ أَهْلَك بِالصَّلاةِ} 5 لأَنَّهُ مُبَلِّغٌ لا آمِرٌ6، وَلأَنَّهُ لَوْ كَانَ آمِرًا
1 روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والدارمي عن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"مره فليرجعها، أو ليطلقها طاهراً أو حاملاً".
"انظر: صحيح البخاري 3/176 مط العثمانية، صحيح مسلم 2/1095، سنن أبي داود 1/503 تحفة الأحوذي 4/341، سنن النسائي 6/112، سنن ابن ماجه 1/652، مسند أحمد 1/44، 2/26، 43، سنن الدارمي 2/160".
قال ابن دقيق العيد: "يتعلق ذلك بمسألة أصولية، وهي أن الأمرَ بالأمر بالشيء هل هو أمر بذلك الشيء أو لا؟ وذكر الحافظ ابن حجر: أن من مثل بها فهو غالط، وأن ذلك تابع للقرينة".
"انظر: إحكام الأحكام 2/203، فتح الباري 11/262 ط الحلبي، نيل الأوطار 6/250".
2 في ب: أو.
3 في ز ض ع ب: بها.
4 رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن ابن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً بلفظ: "مروا أولادكم بالصلاة.." ورواه الترمذي عن سبرة مرفوعاً بلفظ: "علموا الصبي الصلاة
…
" وقال حديث حسن صحيح، وعليه العمل عند بعض أهل العلم، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي عليه.
"انظر: سنن أبي داود 1/115، مسند أحمد 2/180، 187، تحفة الأحوذي 2/445، مختصر سنن أبي داود 1/270، تخريج أحاديث البزدوي ص327، المستدرك 1/258، 197، فيض القدير 5/521".
5 الآية 132 من طه.
6 قال القرافي: "لأن الأمر بالأمر لا يكون أمراً، لكن علم من الشريعة أن كل من أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر غيره، فإنما هو على سبيل التبليغ، ومتى كان على سبيل التبليغ صار الثالث مأموراً إجماعاً""شرح تنقيح الفصول ص149".
لَكَانَ قَوْلُ الْقَائِلِ: مُرْ عَبْدَك بِكَذَا، مَعَ قَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ لا تَفْعَلُهُ1: أَمْرَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ2.
"وَ" قَوْلُهُ سبحانه وتعالى لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} 3 "لَيْسَ" ذَلِكَ "أَمْرًا لَهُمْ بِإِعْطَاءٍ"4.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَمْ يُعَلِّلْهُ وَلَمْ يَعْزُهُ إلَى أَحَدٍ5.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يَجِبُ عَلَيْهِمْ الإِعْطَاءُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الأَمْرَ بِالأَخْذِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَيَجِبُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُقَدِّمَةَ الْوَاجِبِ كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلاةِ. وَإِنْ اخْتَلَفَ الْفَاعِلُ هُنَا. فَيَكُونُ كَالأَمْرِ لَهُمْ ابْتِدَاءً6.
"وَأَمْرٌ بِصِفَةٍ" فِي فِعْلٍ "أَمْرٌ بِ" الْفِعْلِ7 "الْمَوْصُوفِ" نَصًّا8.
قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ، تَبَعًا لِلْمَجْدِ فِي الْمُسَوَّدَةِ: إذَا وَرَدَ الأَمْرُ بِهَيْئَةٍ أَوْ
1 في ش ز: تفعل.
2 انظر: نهاية السول 2/58، الإحكام للآمدي 2/182-183، فواتح الرحموت 1/391، مختصر ابن الحاجب 2/93ن تيسير التحرير1/361، إرشاد الفحول ص107
3 الآية 103 من التوبة، وتتمة الآية:{وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
4 انظر: المستصفى 2/13، الإحكام للآمدي 2/182.
5 انظر مناقشة ذلك في المراجع السابقة، وسوف تتكرر هذه المسألة في فصل العام، وهل الآية تشمل كل مالٍ أم لا؟
6 انظر مناقشة هذا القول في "الإحكام للآمدي 2/183، المستصفى 2/13، المحلي على جمع الجوامع 1/384".
7 في ش: به فعل.
8 انظر: مختصر البعلي ص103، اللمع ص10.
صِفَةٍ لِفِعْلٍ، وَدَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا1، سَاغَ2 التَّمَسُّكُ بِهِ عَلَى وُجُوبِ أَصْلِ الْفِعْلِ لِتَضَمُّنِهِ الأَمْرَ بِهِ لأَنَّ مُقْتَضَاهُ وُجُوبُهُمَا3. فَإِذَا خُولِفَ فِي الصَّرِيحِ بَقِيَ الْمُتَضَمَّنُ عَلَى أَصْلِ الاقْتِضَاءِ. ذَكَرَهُ4 أَصْحَابُنَا. وَنَصَّ عَلَيْهِ إمَامُنَا5 حَيْثُ تَمَسَّكَ عَلَى وُجُوبِ الاسْتِنْشَاقِ6 بِالأَمْرِ بِالْمُبَالَغَةِ7، خِلافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، بِأَنَّهُ8 لا يَبْقَى دَلِيلاً عَلَى وُجُوبِ الأَصْلِ9. حَكَاهُ الْجُرْجَانِيُّ10.
1 في ب: استحبابها، وفي المسودة: أنها مستحبة.
2 في المسودة: جاز.
3 في المسودة: وجوبها.
4 في ع: وذكره.
5 في المسودة: أحمدُ.
6 نقل الترمذي عن الأمام أحمد رضي الله عنه أنه قال: "الاستنشاق أوكد من المضمضة""تحفة الأحوذي 2/120" ونقل ابن قدامة عن أحمد أنه قال: "الاستنشاق عندي آكد""المغني 1/90"، وانظر: كشف القناع 1/105.
7 في ز: للمبالغة.
والأمر بالمبالغة جاء في حديث لقيط بن صبرة قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء، قال:"أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً".
رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وأخرجه الشافعي وابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي، وقال النووي:"حديث لقيط بن صبرة أسانيده صحيحة".
"انظر: مسند أحمد 4/33، 211، سنن أبي داود 1/31، مختصر سنن أبي داود 1/105، تحفة الأحوذي 1/119، سنن النسائي 1/57، سنن ابن ماجه 1/142، بدائع المنن 1/31، موارد الظمآن ص68، المستدرك 1/148، السنن الكبرى 1/52، نيل الأوطار 1/172".
8 في ب: فإنه.
9 في ب: الأمر.
10 المسودة ص59.
والجرجاني هو محمد بن يحيى بن مهدي، أبو عبد الله، الفقيه الجرجاني، من أعلام الحنفية، ومن أصحاب التخريج، أصله من جرجان، وسكن بغداد، وتفقه عليه القدوري، وصنف كتباً، منها "ترجيح مذهب أبي حنيفة" و "القول المنصور في زيارة القبور"، توفي سنة 397 ? وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "الجواهر المضيئة 2/143، تاريخ بغداد 3/433، الفوائد البيهة ص202، الأعلام للزركلي 8/5".
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَحَقِيقَةُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ مُخَالَفَةَ الظَّاهِرِ فِي لَفْظِ الْخِطَابِ لا تَقْتَضِي1 مُخَالَفَةَ الظَّاهِرِ فِي فَحْوَاهُ، وَهُوَ يُشْبِهُ نَسْخَ اللَّفْظِ، هَلْ يَكُونُ نَسْخًا لِلْفَحْوَى؟ وَهَكَذَا يَجِيءُ فِي جَمِيعِ دَلالاتِ الالْتِزَامِ. وَقَوْلُ الْمُخَالِفِ مُتَوَجِّهٌ. وَسِرُّهَا أَنَّه2ُ: هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ أَمْرَيْنِ، أَوْ أَمْرٍ بِفِعْلَيْنِ، أَوْ أَمْرٍ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ، وَلَوَازِمُهُ جَاءَتْ ضَرُورَةً؟ وَهُوَ يُسْتَمَدُّ مِنْ الأَمْرِ بِالشَّيْءِ، هَلْ هُوَ نَهْيٌ عَنْ أَضْدَادِهِ؟ 3 انْتَهَى.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: الأَمْرُ بِالصِّفَةِ أَمْرٌ بِالْمَوْصُوفِ وَيَقْتَضِيهِ، كَالأَمْرِ بِالطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَكُونُ أَمْرًا بِهِمَا4
"وَأَمْرٌ مُطْلَقٌ بِبَيْعٍ" أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَالَ: بِعْهُ بِمِائَةٍ مَثَلاً، أَوْ بِعْهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ "يَتَنَاوَلُهُ" أَيْ يَتَنَاوَلُ الْبَيْعَ الصَّادِرَ مِنْ الْمَأْمُورِ "وَلَوْ" وَقَعَ "بِغَبْنٍ فَاحِشٍ"5
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ: إذَا أُطْلِقَ الأَمْرُ، كَقَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ:6 بِعْ كَذَا. فَعِنْدَ أَصْحَابِنَا: يَتَنَاوَلَ7 الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَاعْتُبِرَ ثَمَنُ الْمِثْلِ لِلْعُرْفِ
1 في المسودة: يقتضي.
2 ساقطة من ش ز.
3 المسودة ص59.
4 انظر: اللمع ص10.
5 انظر: المسودة ص98، الإحكام للآمدي 2/183، فواتح الرحموت 1/392، نهاية السول 2/58، إرشاد الفحول ص108.
6 في ض: بعه بكذا.
7 في ز ش ع: تناول.
وَالاحْتِيَاطِ لِلْمُوَكِّلِ. وَفَرَّقُوا أَيْضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام فِي اعْتِبَارِ إطْلاقِهِ بِالتَّعَدِّيَةِ بِتَعْلِيلِهِ، بِخِلافِ الْمُوَكِّلِ.
"وَيَصِحُّ" الْبَيْعُ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ "وَيَضْمَنُ" الْوَكِيلُ الْمَأْمُورُ بِمُطْلَقِ الْبَيْعِ "النَّقْصَ"1.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: ثُمَّ هَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ النَّقْصَ أَمْ لا، كَقَوْلِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: لا يُعْتَبَرُ ثَمَنُ الْمِثْلِ. وَاعْتَبَرُوهُ فِي الْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: الأَمْرُ بِالْمَاهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ إذَا أَتَى بِمُسَمَّاهَا اُمْتُثِلَ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ اللَّفْظُ الْجُزْئِيَّاتِ2 وَلَمْ يَنْفِهَا3، فَهِيَ مِمَّا لا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَاّ بِهِ 4. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ عِنْدَ ذِكْرِهِ5 هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَنْبِيهٌ هَذَا فَرْدٌ مِنْ قَاعِدَةٍ عَامَّةٍ. وَهِيَ الدَّالُ عَلَى الأَعَمِّ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى الأَخَصِّ. فَإِذَا قُلْنَا "جِسْمٌ" لا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ نَامٍ. وَإِذَا قُلْنَا "نَامٍ" لا يُفْهَمُ أَنَّهُ حَيَوَانٌ. وَإِذَا قُلْنَا "حَيَوَانٌ"
1 انظر: الإحكام للآمدي 2/183، 184، إرشاد الفحول ص108.
2 في ز ع ض: للجزيئات.
3 في ض: بنفعها.
4 انظر الإحكام للآمدي 2/182، مختصر ابن الحاجب 2/93، نهاية السول 2/58، إرشاد الفحول ص108.
وقد اختلف العلماء في أحكام الوكالة المطلقة في البيع، فقال الجمهور: يتقيد الوكيل بنقد البلد وثمن المثل، وإلا ضمن، وهو قول المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة، خلافاً لما نقله المؤلف عن الحنفية، وقال الإمام أبو حنيفة يفرق بين البيع والشراء، فاعتبر ثمن المثل في الشراء فقط، وهو ما نسبه المؤلف إلى الحنفية عامة.
"انظر: كشاف القناع 3/463، مغني المحتاج 2/223، البدائع للكاساني 7/3469، التاج والإكليل لمختصر خليل 5/196 على هامش مواهب الجليل، الفقه الإسلامي في أسلوبه الجديد 2/96".
5 في ع: ذكر.
لا يُفْهَمُ أَنَّهُ إنْسَانٌ، وَإِذَا قُلْنَا "إنْسَانٌ1" لا يُفْهَمُ أَنَّهُ زَيْدٌ. فَإِنَّ2 قُلْنَا: إنَّ الْكُلِّيَّ قَدْ يُحْصَرُ نَوْعُهُ فِي شَخْصِهِ كَانْحِصَارِ الشَّمْسِ فِي فَرْدٍ مِنْهَا. وَكَذَلِكَ الْقَمَرُ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مُلُوكِ الأَقَالِيمِ وَقُضَاةِ الأُصُولِ تَنْحَصِرُ أَنْوَاعُهُمْ فِي أَشْخَاصِهِمْ.
فَإِذَا قُلْت: صَاحِبُ مِصْرَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ الذِّهْنُ إلَى3 الْمَلِكِ الْحَاضِرِ فِي وَقْتِ الصِّيغَةِ. فَيَكُونُ الأَمْرُ بِتِلْكَ الْمَاهِيَّةِ يَتَنَاوَلُ الْجُزْئِيَّ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ.
قُلْت: لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ اللَّفْظِ، بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْوَاقِعَ كَذَلِكَ. وَمَقْصُودُ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ دَلالَةُ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَفْظٌ. انْتَهَى.
"وَالأَمْرَانِ الْمُتَعَاقِبَانِ بِلا عَطْفٍ إنْ اخْتَلَفَا" كَقَوْلِ الْقَائِلِ "صَلِّ صُمْ" وَنَحْوِهِمَا "عَمَلٌ بِهِمَا" أَيْ بِالأَمْرَيْنِ إجْمَاعًا4.
"وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفَا "وَلَمْ يَقْبَلْ" الأَمْرُ "التَّكْرَارَ" كَقَوْلِهِ: صُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَكَقَوْلِهِ: أَعْتِقْ سَالِمًا أَعْتِقْ سَالِمًا. وَكَقَوْلِهِ: اُقْتُلْ زَيْدًا. اُقْتُلْ زَيْدًا "أَوْ قَبِلَ التَّكْرَارَ وَمَنَعَتْهُ5" أَيْ التَّكْرَارَ "الْعَادَةُ"6
1 في ب: إنه إنسان.
2 في ب: وإذا.
3 في ز ع: الحاضر الملك، وفي ض ب: حاضر الملك.
4 انظر: شرح تنقيح الفصول ص1311، المعتمد 1/173، التبصرة ص50، المحصول ? 1 ق2/253 وما بعدها، جمع الجوامع 1/389، إرشاد الفحول ص109، العدة 1/278 هامش.
5 في ب: ومنعه.
6 نقل القرافي عن القاضي عبد الوهاب أن "موانع التكرار أمور، أحدها: أن يمتنع التكرار إما عقلاً كقتل المقتول، أو كسر المكسور، وكذلك: صم هذا اليوم، أو شرعاً كتكرار العتق في عبدٍ، وثانيهما: أن يكون الأمر مستغرقاً للجنس
…
، وكذلك الخبر، كقوله: اجلد الزناة، أو خلقت الخلق، وثالثهما: أن يكون هناك عهد أو قرينة حالٍ يقتضي الصرف للاول" "شرح تنقيح الفصول ص132".
كَقَوْلِهِ: اسْقِنِي مَاءً، اسْقِنِي مَاءً "أَوْ" قَبِلَ التَّكْرَارَ وَ "عُرِّفَ ثَانٍ" مِنْ الأَمْرَيْنِ. كَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، صَلِّ الرَّكْعَتَيْنِ1 "أَوْ" قَبِلَ التَّكْرَارَ فِي حَالَةِ كَوْنِ أَنَّهُ "بَيْنَ آمِرٍ وَمَأْمُورٍ عَهْدٌ ذِهْنِيٌّ" يَمْنَعُ التَّكْرَارَ. كَمَنْ لَهُ عَلَى شَخْصٍ دِرْهَمٌ. فَقَالَ لَهُ: أَحْضِرْ لِي دِرْهَمًا، أَحْضِرْ لِي دِرْهَمًا "فَ" الثَّانِي "تَأْكِيدٌ" لِلأَوَّلِ إجْمَاعًا2.
"وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْ الْعَادَةُ التَّكْرَارَ، وَلَمْ يُعْرَفُ ثَانِي الأَمْرَيْنِ دُونَ الأَوَّلِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ آمِرٍ وَمَأْمُورٍ عَهْدٌ ذِهْنِيٌّ "فَ" الثَّانِي "تَأْسِيسٌ" لا تَأْكِيدٌ عِنْدَ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمَا. وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ. وَقَالَه3 أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّمْهِيدِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ "كَبَعْدِ امْتِثَالِ"4 الأَمْرِ الأَوَّلِ.
قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ الأَشْبَهُ5 بِمَذْهَبِنَا. كَقَوْلِنَا فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ بُرْهَانٍ عَنْ الْفُقَهَاءِ قَاطِبَةً.
1 في ب: ركعتين.
2 انظر: المسودة ص23، شرح تنقيح الفصول ص132، الإحكام للآمدي 2/184، التبصرة ص50، المحصول ?1 ق2/255، فواتح الرحموت 1/391، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/94، جمع الجوامع 1/389، التمهيد ص76، العدة 1/278، إرشاد الفحول ص109.
3 في ش ز: وقال.
4 وهو الذي اختاره القاضي في "كتاب الروايتين" وكتاب "مقدمة المجرد" بينما اختار في "العدة 1/280" أنه للتأكيد، واختار القول بالتأسيس أبو البركات بن تيمية وأبو عبد الله البصري، وأكثر الشافعية والقاضي عبد الجبار المعتزلي والفخر الرازي والآمدي والحنفية وغيرهم.
"انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص173، التمهيد ص76، الروضة 2/200، المسودة ص23، العدة 1/278، شرح تنقيح الفصول ص132، تيسير التحرير 1/362، مختصر البعلي ص103، والمعتمد 1/174، الإحكام للآمدي 2/195، اللمع ص9، التبصرة ص50، المحصول ج1 ق2/255، فواتح الرحموت 1/391، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/94، نهاية السول 2/58، إرشاد الفحول ص108، جمع الجوامع 1/389".
5 في ع ض: أشبه.
وَذَلِكَ. لأَنَّ الأَصْلَ التَّأْسِيسُ1.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّمْهِيدِ: الثَّانِي تَأْكِيدٌ لا تَأْسِيسٌ، لِئَلَاّ يَجِبَ فِعْلٌ بِالشَّكِّ وَلا تَرْجِيحَ.
وَمَنَعَ بِأَنَّ تَغَايُرَ اللَّفْظِ يُفِيدُ تَغَايُرَ الْمَعْنَى، ثُمَّ سَلَّمَهُ3.
"وَبِهِ" أَيْ وَ4الأَمْرَانِ الْمُتَعَاقِبَانِ بِعَطْفٍ "إنْ اخْتَلَفَا" كَصَلِّ وَصُمْ، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ5 "عُمِلَ بِهِمَا"6.
"وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفَا "وَلَمْ يَقْبَلْ" الأَمْرُ "التَّكْرَارَ" حِسًّا. كَاقْتُلْ زَيْدًا، وَاقْتُلْ زَيْدًا، أَوْ7 لَمْ يَقْبَلْ الأَمْرُ التَّكْرَارَ حُكْمًا. كَأَعْتِقْ سَالِمًا وَأَعْتِقْ
1 المسودة ص23.
وانظر: التمهيد ص77، القواعد والفوائد الأصولية ص173، تيسير التحرير1/362.
2 وعملا ببراءة الذمة، ولكثرة التأكيد في مثل هذه الحالات، وهو ما رجحه أبو محمد المقدسي والقاضي أبو يعلى في "العدة" والصيرفي والكمال بن الهمام وغيرهم.
"انظر: التمهيد للإسنوي ص76، تيسير التحرير 1/362، مختصر البعلي ص103، والمعتمد 1/174،اللمع ص9، التبصرة ص51، فواتح الرحموت 1/391، 392، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/94، نهاية السول 2/58، إرشاد الفحول ص108، العدة 1/280".
3 وهناك قول ثالث بالوقف للتعارض، وهو قول أبي الحسين البصري وغيره، ولكل قول دليله.
"انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص173، جمع الجوامع 1/389، المعتمد 1/175، المحصول ? 1 ق2/255، مختصر البعلي ص103، نهاية السول 2/58، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/94، الإحكام للآمدي 2/185".
4 ساقطة من ض.
5 الآية 43، 110 من البقرة
6 انظر: تيسير التحرير 1/362، المعتمد 1/176، الإحكام للآمدي 2/185.
7 في ع ض ب: و.
سَالِمًا "فَ" الثَّانِي "تَأْكِيدٌ" بِلا خِلافٍ1.
"وَإِنْ قَبِلَ" الأَمْرُ التَّكْرَارَ مَعَ الْعَطْفِ "وَلَمْ تَمْنَعْ" مِنْ التَّكْرَارِ "عَادَةٌ وَلا عُرِّفَ" بِأَدَاةِ التَّعْرِيفِ "ثَانٍ" مِنْ الأَمْرَيْنِ كَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ "فَ" الثَّانِي "تَأْسِيسٌ 2.
وَإِنْ مَنَعَتْ عَادَةٌ" مِنْ التَّكْرَارِ كَقَوْلِهِ: اسْقِنِي مَاءً، وَ3اسْقِنِي مَاءً "تَعَارَضَا" أَيْ تَعَارَضَ الْعَطْفُ وَمَنْعُ الْعَادَةِ4.
"وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْ عَادَةٌ مِنْ5 التَّكْرَارِ "وَعُرِّفَ ثَانٍ" كَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَصَلِّ الرَّكْعَتَيْنِ6 "فَ" الثَّانِي "تَأْكِيدٌ" فِي اخْتِيَارِ الْقَاضِي وَأَبِي الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيِّ7.
1 انظر: المحصول? 1 ق2/260، الإحكام للآمدي 2/185، المسودة ص24، المعتمد 1/17، العدة 1/280.
2 ذكر الآمدي الاختلاف في هذه الصورة، وأنها كالصورة السابقة التي قال عنها: "قال القاضي عبد الجبار: إن الثاني يفيد ما أفاده الأول
…
وخالفه أبو الحسين البصري بالذهاب إلى الوقف" "الإحكام للآمدي 2/158".
وانظر: هذه المسألة في "مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/94، جمع الجوامع/389، شرح تنقيح الفصول ص132، المسودة ص24، المعتمد 1/175، فواتح الرحموت 1/392، تيسير التحرير 1/362، القواعد والفوائد الأصولية ص173، العدة 1/280".
3 ساقطة من ب.
4 قال: الآمدي: "فقد تعارض الظاهر من حروف العطف مع منع العادة من التكرار، ويبقى الأمر على ما ذكرناه فيما إذا لم بكن حرف عطفٍ، ولاثم تعريف ولا عادة مانعة من التكرار""الإحكام للآمدي 2/186".
"وانظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 1/94".
5 ساقطة من ب.
6 في ش ز ض: ركعتين.
7 قال الآمدي: "فلا خلاف في كون الثاني مؤكداً للأول""الأحكام 2/185".
"وانظر: المسودة ص23، 24، التمهيد ص77، القواعد والفوائد الأصولية ص173، شرح تنقيح الفصول ص133، والمعتمد 1/176، جمع الجوامع 1/389".
وَاخْتَارَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْوَقْفَ لِمُعَارَضَةِ1 لامِ الْعَهْدِ لِلْعَطْفِ2.
1 في ض: لمعارضته.
2 انظر: المعتمد 1/176.
وهو ما رجحه الآمدي "انظر: الإحكام له 2/186".
"وانظر: القواعد والفوائد الأصولية ص173، التمهيد ص77، المسودة ص23، 24، شرح تنقيح الفصول ص132، المحصول? 1 ق2/258، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/54".