الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل إطلاق جمع المشترك على معانيه
…
فصل إطلاق جمع المشترك:
"يَصِحُّ إطْلاقُ جَمْعِ الْمُشْتَرَكِ" عَلَى مَعَانِيهِ "وَمُثَنَّاهُ" عَلَى مَعْنَيَيْهِ مَعًا "كَ1" إطْلاقِ "مُفْرَدٍ2 عَلَى كُلِّ مَعَانِيهِ3".
أَمَّا إرَادَةُ4 الْمُتَكَلِّمِ بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ أَحَدَ5 مَعَانِيهِ أَوْ أَحَدَ مَعْنَيَيْهِ6، فَهُوَ جَائِزٌ قَطْعًا، وَهُوَ حَقِيقَةٌ، لأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ7.
وَأَمَّا إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ اسْتِعْمَالَهُ فِي كُلِّ مَعَانِيهِ -وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ- فَفِيهِ مَذَاهِبُ:
أَحَدُهَا -وَهُوَ الصَّحِيحُ-: يَصِحُّ، كَقَوْلِنَا: الْعَيْنُ مَخْلُوقَةٌ، وَنُرِيدُ8 جَمِيعَ مَعَانِيهَا. وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الأَصْحَابِ9.
1 في ب: وكـ.
2 في ش: مفرد.
3 في ض ع: ماله معا.
4 في ش: أي ما أراد.
5 في د: كأحد.
6 ساقطة من ش.
7 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/111 وما بعدها، التبصرة ص184، المسودة ص168، المنخول ص147.
وسيرد بحث المشترك تفصيلاً فيما بعد
8 في ش ز ض: يريد
9 انظر هذا القول في المسألة في المستصفى 2/71، الإحكام للآمدي 2/242، البرهان 1/343، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/111، 112، التبصرة ص184، تيسير التحرير 1/235، مختصر البعلي ص110، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص228، المنخول ص147، جمع الجوامع 1/297".
قَالَ فِي الانْتِصَارِ -لَمَّا قِيلَ لَهُ فِيمَنْ لا يَجِدُ نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ -: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، أَيْ لا يَحْبِسُهَا. فَقَالَ: الظَّاهِرُ مِنْهَا الإِطْلاقُ، عَلَى أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْعَقْدِ وَالْمَكَانِ مَعًا.
وَنُسِبَ إلَى الشَّافِعِيِّ1. وَقَطَعَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ: ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَثَّلَهُ بِقَوْله تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} 2 فَإِنَّ الصَّلاةَ مِنْ اللَّهِ الرَّحْمَةُ، وَمِنْ الْمَلائِكَةِ الدُّعَاءُ3وَكَذَا لَفْظُ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} 4 وَشَهَادَتُهُ تَعَالَى5 عِلْمُهُ، وَشَهَادَةُ غَيْرِهِ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ. وَبِقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ} 6 النِّكَاحُ الْعَقْدُ، وَالْوَطْءُ مُرَادَانِ7 لَنَا مِنْهُ إذَا قُلْنَا: النِّكَاحُ مُشْتَرَكٌ8. وَقَطَعَ بِهِ الْبَاقِلَاّنِيُّ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ9 مَذْهَبِ الْمُحَقِّقِينَ وَجَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ10.
وَيَكُونُ إطْلاقِهِ11 عَلَى مَعَانِيهِ أَوْ مَعْنَيَيْهِ مَجَازًا لا حَقِيقَةً. نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَاخْتَارَهُ12
1 في ع ض ب: للشافعي.
2 الآية 56 من الأحزاب.
3 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/114.
4 الآية 18 من آل عمران.
5 في ض ب: وشهادة الله.
6 الآية 22 من النساء.
7 في ش: مراد لنا.
8 في ب: المشترك.
9 في ش: من.
10 انظر: المنخول ص147، المستصفى 2/72، 74، الإحكام للآمدي 2/242 وما بعدها، العدة 2/703، المسودة ص166.
11 في ش: من إطلاقه، وفي ز: بإطلاقه.
12 ساقطة من ش ز.
ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ1.
وَقِيلَ: حَقِيقَةً2.
الْمَذْهَبُ الثَّانِي: يَصِحُّ إطْلاقُهُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ بِقَرِينَةٍ مُتَّصِلَةٍ.
الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: صِحَّةُ اسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنَيَيْهِ فِي النَّفْيِ دُونَ الإِثْبَاتِ، لأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ3 تَعُمُّ4.
الْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: صِحَّةُ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ مُفْرَدٍ، فَإِنْ كَانَ جَمْعًا كَاعْتَدِّي بِالأَقْرَاءِ5، أَوْ مُثَنًّى، كَقُرْأَيْنِ صَحَّ6.
الْمَذْهَبُ الْخَامِسُ: صِحَّةُ اسْتِعْمَالِهِ إنْ تَعَلَّقَ أَحَدُ7 الْمَعْنَيَيْنِ بِالآخَرِ، نَحْوُ قَوْله تَعَالَى:{أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ} 8 فَإِنَّ كُلاًّ مِنْ9 اللَّمْسِ بِالْيَدِ10 وَلازِمٌ لِلآخَرِ.
1 انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 1/294، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/111، 112، التبصرة ص184، البرهان 1/344، تيسير التحرير 1/235.
2 نقل عن القاضي أبي بكر الباقلاني والمعتزلة: أنه يصح حقيقة إن صح الجمع.
"انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/112، تيسير التحرير 1/235، جمع الجوامع 1/295".
3 في ز: النفي في النكرة، وفي ض ع ب: النكرة في النفي.
4 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/112، مختصر البعلي ص111، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص230، المسودة ص168.
5 في ش ز: الأقراء.
6 ساقطة من ش.
وانظر: مختصر البعلي ص111، المسودة ص168.
7 في ع: إحدى.
8 الآية 43 من النساء.
9 في ش: فكلمة.
10 في ش: تأكيد.
الْمَذْهَبُ السَّادِسُ: يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ بِوَضْعٍ جَدِيدٍ، لَكِنْ لَيْسَ مِنْ اللُّغَةِ، فَإِنَّ اللُّغَةَ مَنَعَتْ مِنْهُ1.
الْمَذْهَبُ السَّابِعُ: لا يَصِحُّ مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْقَيِّمِ. وَحَكَاهُ عَنْ الأَكْثَرِينَ2.
قَالَ3 فِي كِتَابِهِ4 جَلاءُ الأَفْهَامِ5 فِي الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -فِي مَنْعِ كَوْنِ الصَّلاةِ مِنْ اللَّهِ سبحانه وتعالى الرَّحْمَةُ-: الأَكْثَرُونَ لا يُجَوِّزُونَ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ لا بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَلا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ. وَرَدَ مَا وَرَدَ عَنْ الشَّافِعِيِّ. قَالَ: وَقَدْ ذَكَرْنَا عَلَى إبْطَالِ اسْتِعْمَالِ6 اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ مَعًا بِضْعَةَ عَشَرَ دَلِيلاً فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْءِ فِي كِتَابِ التَّعْلِيقِ عَلَى الأَحْكَامِ7.
فَعَلَى الْجَوَازِ: هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنَيَيْهِ أَوْ8 مَعَانِيهِ، فَيُحْمَلُ عَلَى جَمِيعِهَا؛ لأَنَّهُ
1 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/112، المعتمد 1/326.
2 في ش ز: الأكثر.
ذهب إلى ذلك أصحاب أبي حنيفة كالكرخي، وأبو هاشم الجبائي وأبو عبد الله البصري من المعتزلة، والإمام الفخر الرازي والغزالي وإمام الحرمين، ونقله القرافي عن مالك وأبي حنيفة، وفي قول عند الحنفية: أن حكم المشترك الوقف.
"انظر: التبصرة ص184، المعتمد 1/324، الإحكام للآمدي 2/242، تيسير التحرير 1/235، المستصفى 2/72، أصول السرخسي 1/126، 162، كشف الأسرار 1/39 وما بعدها، 2/33، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص230، التمهيد ص42، المسودة ص168".
3 في ض ع ب: فقال.
4 في ض: كتاب.
5 ساقطة من ز ض ع ب.
6 ساقطة من ض.
7 ساقطة من ز.
8 في ش: و.
لا تَدَافُعَ بَيْنَهَا1.
وَقِيلَ: هُوَ مُجْمَلٌ، فَيُرْجَعُ إلَى مُخَصَّصٍ2.
قَالَ الإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلافِ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي كُلِّ مَعَانِيهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْكُلِّيِّ الْعَدَدِيِّ، كَمَا قَالَهُ فِي التَّحْصِيلِ، أَيْ فِي كُلِّ فَرْدٍ، فَرَدُّوا ذَلِكَ3 بِأَنْ يَجْعَلَهُ يَدُلُّ عَلَى4 كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ بِالْمُطَابِقَةِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي تَدُلُّ5 عَلَى الْمَعْنَى الآخَرِ بِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكُلِّيِّ6 الْمَجْمُوعِيَّ7، وَهُوَ8 أَنْ يَجْعَلَ مَجْمُوعَ الْمَعْنَيَيْنِ مَدْلُولاً مُطَابِقًا كَدَلالَةِ الْعَشَرَةِ عَلَى آحَادِهَا، وَلا الْكُلِّيِّ الْبَدَلِيِّ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَدْلُولاً مُطَابِقًا عَلَى الْبَدَلِ. انْتَهَى.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ جَمْعَ9 الْمُشْتَرَكِ بِاعْتِبَارِ10 مَعَانِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ
1 في ش ع ض ب: بينهما.
وهو قول الشافعي، وهو كثير في كلام القاضي الباقلاني وأصحابه، وقال العضد:"فيحمل عند التجرد عن القرائن عليهما، ولا يحتمل على أحدهما خاصة إلا بقرينة""العضد على ابن الحاجب 2/112، 113 وما بعدها".
وانظر: مختصر البعلي ص110، المنخول ص147.
2 في ش: التخصيص.
قال البعلي: "وهو ما صرح به القاضي وابن عقيل""مختصر البعلي ص111"، ولكن القاضي صرح في مكان أنه مجمل وصرح في مكان آخر أنه عام. "انظر: العدة 1/145، 2/513".
3 في ز ض: فردوا ذلك، وفي ش: وردوا ذلك.
4 في ش: يجعل بدلاً عن.
5 في ض: يدل.
6 في ش: بالكلي.
7 في ش ض ب: المجموع.
8 في ش: وهي.
9 في ع ض ب: جميع.
10 في ض: اعتبار.
الْمُفْرَدِ1 فِي مَعَانِيهِ2.
وَوَجْهُ الْبِنَاءِ: أَنَّ التَّثْنِيَةَ وَالْجَمْعَ تَابِعَانِ لِمَا3 يُسَوَّغُ عَلَى4 الْمُفْرَدِ فِيهِ، فَحَيْثُ جَازَ اسْتِعْمَالُ الْمُفْرَدِ فِي مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ جَازَ تَثْنِيَةُ الْمُشْتَرَكِ وَجَمْعُهُ، وَحَيْثُ لا فَلا، فَتَقُولُ5: عُيُونُ زَيْدٍ، وَتُرِيدُ: بِذَلِكَ الْعَيْنَ الْبَاصِرَةَ، وَالْعَيْنَ الْجَارِيَةَ، وَعَيْنَ الْمِيزَانِ، وَالذَّهَبِ6 الَّذِي لِزَيْدٍ7.
وَاسْتَعْمَلَ الْحَرِيرِيّ8ُ ذَلِكَ فِي الْمَقَامَاتِ، فِي قَوْلِهِ "فَانْثَنَى بِلا عَيْنَيْنِ" يُرِيدُ الْبَاصِرَةَ وَالذَّهَبَ. وَهَذَا قَوْلُ الأكثر9.
1 في ش: الفرد.
2 انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 1/297.
3 في ب: على.
4 ساقطة من ز ش.
5 في ض: فيقول.
6 في ض ع ب: والذهب والفضة.
7 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/112، الإحكام للآمدي 2/242، المنخول ص147، جمع الجوامع 1/297.
8 هو القاسم بن علي بن محمد بن عثمان، أبو محمد، الحريري البصري، صاحب "المقامات" المشهورة، قال ابن السمعاني:"أحد الأئمة في الأدب واللغة، ولم يكن له في فنه نظير في عصره، فاق أهل زمانه بالذكاء والفصاحة"، وكان غنياً كثير المال، وقال ابن خلكان:"ورزق الحظوة التامة في عمل "المقامات"، واشملت على شيء كثير من كلام العرب، من لغاتها وأمثالها ورموز أسرار كلامها، ومن عرفها حق معرفتها استدل بها على فضل هذا الرجل، وكثرة اطلاعه، وغزارة مادته"، ويحكي أنه كان دميماً، قبيح المنظر، وكان مولعاً بنتف لحيته عند الفكرة، وله تواليف حسان، منها "در الغواص في أوهام الخواص" و "ملحمة الإعراب" منظومة في النحو، وله "شرحها" وله "ديوان شعر ورسائل" توفي سنة516هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/266، وفيات الأعيان 3/227، شذرات الذهب 4/50، إنباه الرواة 3/23، بغية الوعاة 2/257، مرآة الجنان 3/213، النجوم الزاهرة 5/225".
9 في ش ز: كثير.
وانظر: العضد على ابن الحاجب 2/112، الإحكام للآمدي 2/242.
وَقِيلَ: يَجُوزُ تَثْنِيَتُهُ وَجَمْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ1 إطْلاقُ الْمُفْرَدِ عَلَى مَعَانِيهِ2.
وَقِيلَ: بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا.
"وَيَصِحُّ إطْلاقُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ الرَّاجِحِ مَعًا" وَيَكُونُ إطْلاقُهُ عَلَيْهِمَا مَعًا مَجَازًا. فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الأَقْوَالِ وَالأَحْكَامِ3.
إلَاّ أَنَّ الْقَاضِي4 أَبَا5 بَكْرٍ الْبَاقِلَاّنِيَّ قَالَ: اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ مُحَالٌ لأَنَّ الْحَقِيقَةَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ وَالْمَجَازُ6 فِيمَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ7، وَهُمَا مُتَنَاقِضَانِ8انْتَهَى.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: قَوْلُهُ سبحانه وتعالى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} 9 فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ، مَجَازٌ فِي وَلَدِ الابْنِ.
وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} 10 فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِلْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، خِلافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالْوُجُوبِ11
1 في ع: نصحح.
2 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/112.
3 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/113، المسودة ص166، العدة 22/703، جمع الجوامع 1/298.
4 ساقطة من ش.
5 في ب: أبو.
6 ساقطة من ش.
7 ساقطة من ض.
8 انظر: المسودة ص166، المنخول ص147، جمع الجوامع والمحلي عليه 1/298.
9 الآية 11 من النساء.
10 الآية 77 من الحج.
11 انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 1/299.
وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إنَّ مَدْلُولَ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَهُوَ1 مُطْلَقُ الطَّلَبِ، فِرَارًا مِنْ الاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ2. وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْمَجْدُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:"اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ" 3 يَشْمَلُ الْمُحْتَضَرَ وَالْمَيِّتَ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ، فَبَعْدَ الْمَوْتِ حَقِيقَةٌ، وَقَبْلَهُ مَجَازٌ4.
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا: اللَّمْسُ حَقِيقَةٌ فِي اللَّمْسِ5 بِالْيَدِ، مَجَازٌ فِي الْجِمَاعِ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا. وَيَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، لأَنَّهُ لا تَدَافُعَ بَيْنَهُمَا6.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ يَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ دُونَ الْمَجَازِ7 "وَهُوَ" أَيْ اللَّفْظُ حَالَةَ إطْلاقِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَمَجَازهِ8 "ظَاهِرٌ فِيهِمَا" أَيْ
1 في د: على.
2 انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 1/299.
3 هذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن معقل بن يسار، ورواه النسائي في "عمل اليوم والليلة".
قال النووي: "إسناده ضعيف، فيه مجهولان، لكن لم يضعفه أبو داود" وقال ابن حجر: "أعله ابن القطان بالاضطراب وبالوقف وبجهالة حال راويه" ونقل عنه قوله: "وأما الحاكم فتساهل في تصحيحه لكنه من فضائل الأعمال، وعلى هذا يحمل سكوت أبي داود، والعلم عند الله" وقال الدارقطني: "إنه حديث ضعيف الإسناد، مجهول المتن، ولا يصح في الباب حديث".
"انظر: سنن أبي داود 4/287، مختصر سنن أبي داود 4/287، سنن ابن ماجه 1/466، مسند أحمد 5/26، المستدرك 1/565، الأذكار للنووي ص131، فيض القدير 2/67، موارد الظمآن ص184".
4 انظر: المحرر في الفقه 1/182.
5 في ش ز ض: بالمس، والأعلى من ع ب، و "العدة".
6 العدة 2/704.
7 انظر: المسودة ص167، 565، المنخول ص148.
8 في ش: الحقيقة والمجاز.
غَيْرُ مُجْمَلٍ، وَلا ظَاهِرٍ1 فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ، إذْ لا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا "فَيُحْمَلُ2 عَلَيْهِمَا كَعَامٍّ3".
وَمَحَلُّ صِحَّةِ الإِطْلاقِ وَالْحَمْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَنَافٍ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ.
"فَإِنْ تَنَافَيَا4 كَافْعَلْ، أَمْرًا و5َ تَهْدِيدًا: امْتَنَعَ" الإِطْلاقُ وَالْحَمْلُ.
"وَأُلْحِقَ" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ "بِذَلِكَ" أَيْ بِمَا تَقَدَّمَ اللَّفْظَانِ "الْمَجَازَانِ الْمُسْتَوَيَانِ6" مِثَالُ ذَلِكَ7 لَوْ حَلَفَ لا يَشْتَرِي دَارَ زَيْدٍ، وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ: أَنَّهُ8 لا يَعْقِدُ بِنَفْسِهِ، وَتَرَدَّدَ الْحَالُ بَيْنَ السَّوْمِ وَشِرَاءِ الْوَكِيلِ: هَلْ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا أَمْ لا؟ فَمَنْ جَوَّزَ الْحَمْلَ يَقُولُ: يَحْنَثُ كُلٌّ مِنْهُمَا9.
"وَدَلالَةُ الاقْتِضَاءِ وَالإِضْمَارِ عَامَّةٌ" عِنْدَ الأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ10.
وَعِنْدَ الْقَاضِي وَجَمْعٌ مُجْمَلَةٌ11.
1 في ع: نص أو ظاهر.
2 في ش: فتحمل.
3 انظر: جمع الجوامع 1/296، مختصر البعلي ص110.
4 في ش: وإن تنافى.
5 في ع ب: أو.
6 في ش: المستوفيان.
7 في ش: مثل، وفي ز ض ع: مثل ذلك.
8 ساقطة من ز.
9 انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 1/300.
10 نسب البردوي هذا القول للشافعي، وليس هناك دليل يؤيد ذلك، لكن قال بهذا القول بعض الشافعية.
"انظر: كشف الأسرار 2/237، المستصفى 2/62، تيسير التحرير 1/242، المسودة ص90، مختصر البعلي ص111، تخريج الفروع على الأصول ص145، إرشاد الفحول ص131، العدة 2/513".
11 قال المجد ابن تيمية: "وقال أكثر الحنفية وبعض الشافعية، لا يثبت العموم في ذلك بل هو مجمل، واختاره القاضي في أوائل "العدة" وآخر "العمدة" وزعم أن أحمد قد أومأ إليه، وذكر كلاماً لا يدل عندي على ما قال بل على خلافه""المسودة ص91، 94"
"وانظر: المحلي على جمع الجوامع 1/424، المستصفى 2/62".
وَعِنْدَ ابْنِ حَمْدَانَ وَأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ هِيَ لِنَفْيِ الإِثْمِ1.
وَاسْتَدَلَّ لِلأَوَّلِ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - بِمَا رَوَاهُ2 الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ "إنَّ اللَّهَ وَضَعَ" وَرَوَاهُ3 ابْنُ عَدِيٍّ4 "إنَّ اللَّهَ رَفَعَ5 عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ثَلاثًا: الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَالأَمْرَ يُكْرَهُونَ عَلَيْهِ" 6 فَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِيهِ: مُقْتَضَى الإِضْمَارِ، وَمُقْتَضَاهُ الإِضْمَارُ.
1 يعبر الحنفية والشافعية عن هذا الرأي بقولهم: "المقتضى لا عموم له".
"انظر: البناني على جمع الجوامع 1/402، نهاية السول 2/89، المستصفى 2/61، المحصول ج1 ق2/624، تخريج الفروع على الأصول ص149، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/115، اللمع ص17، مختصر البعلي ص111، الإحكام للآمدي 2/249، فواتح الرحموت 1/294، أصول السرخسي 1/248، تيسير التحرير 1/22، إرشاد الفحول ص131، مباحث الكتاب والسنة 159، العدة 2/517".
2 في ز ض ع ب: روى.
3 في ز ض ب: وروى.
4 هو عبد الله بن عدي بن عبد الله بن مبارك، الجرجاني، أبو أحمد، ويعرف أيضاً بابن القطان، قال ابن قاضي شبهة:"أحد الأئمة الأعلام وأركان الإسلام" كان حافظاً متقناً جليلاً عارفاً بعلل الرجال، رحل إلى بلاد كثيرة كالشام ومصر، قال ابن السبكي:"وكتابه الكامل" طابق اسمه معناه، ووافق لفظه فحواه وكان فيه لحن، وألف كتاب "الانتصار" على مختصر المزني في الفقه، وكتاب "الكامل في معرفة الضعفاء والمتروكين"، توفي سنة 365 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى 3/315، طبقات الحفاظ ص380، شذرات الذهب 3/51، تذكرة الحفاظ 3/940، البداية والنهاية 11/283".
5 في ز ض ب: رفع الله.
6 انظر: سنن ابن ماجه 1/659، كشف الخفا 1/433، فيض القدير 4/34، 6/362، تخريج أحاديث البردوي ص89، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص294، المستدرك 2/198، مجمع الزوائد 6/250، التلخيص الحبير 2/281.
وسبق تخريج هذا الحديث برواياته وألفاظ في المجلد الأول ص436، 512، والمجلد الثاني ص31، 60.
وَدَلالَتُهُ1 عَلَى الْمُضْمَرِ دَلالَةُ إضْمَارٍ وَاقْتِضَاءٍ. فَالْمُضْمَرُ عَامٌّ2.
قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: وَيُسَمَّى مُقْتَضًى3، لأَنَّهُ أَمْرٌ اقْتَضَاهُ النَّصُّ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَيْهِ. وَهُوَ بِكَسْرِ الضَّادِ: اللَّفْظُ الطَّالِبُ لِلإِضْمَارِ، وَبِفَتْحِهَا، ذَلِكَ الْمُضْمَرُ نَفْسُهُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْكَلامُ، تَصْحِيحًا4وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، انْتَهَى.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: الْمُقْتَضِي -بِالْكَسْرِ-: الْكَلامُ الْمُحْتَاجُ لِلإِضْمَارِ، وَبِالْفَتْحِ: هُوَ ذَلِكَ الْمَحْذُوفُ. وَيُعَبَّرُ عَنْهُ أَيْضًا بِالْمُضْمَرِ5، فَالْمُخْتَلَفُ فِي عُمُومِهِ: عَلَى6 الصَّحِيحِ الْمُقْتَضَى -بِالْفَتْحِ- بِدَلِيلِ7 اسْتِدْلالِ مَنْ نَفَى عُمُومَهُ بِكَوْنِ8 الْعُمُومِ مِنْ عَوَارِضِ الأَلْفَاظِ، فَلا يَجُوزُ دَعْوَاهُ فِي الْمَعَانِي. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُقْتَضِي9 -بِالْكَسْرِ–
1 في ب: ودلالة.
2 أي إن الخطأ أو النسيان لا يمكن رفعه، لأنه قد وقع فعلا، ولكن المراد به حكمه الذي تعلق به الفعل، وهذا الحكم عام في الإثم والأثر المترتب على الفعل.
انظر استدلال علماء الأصول بهذا الحديث قي "المسودة ص91، 94، 95، 103، العضد على ابن الحاجب 2/116، المستصفى 2/62، الإحكام للآمدي 2/249، العدة 2/514، 517، الروضة 2/183".
3 في ز ض ع ب: مقتضياً.
4 ساقطة من ش.
5 انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/424، المحصول ج1 ق2/624، تيسير التحرير 1/241، العضد على ابن الحاجب 2/115، فواتح الرحموت 1/294، إرشاد الفحول ص131، مباحث الكتاب والسنة ص160.
6 في ش: هو.
7 ساقطة من ع.
8 في ع: لكون.
9 في ب: المحتمل.
وَهُوَ الْمَنْطُوقُ بِهِ، الْمُحْتَاجُ فِي دَلالَتِهِ لِلإِضْمَارِ، كَمَا صَوَّرَ بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ1.
وَبِالْجُمْلَةِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْمُحْتَاجَ إلَى تَقْدِيرٍ فِي نَحْوِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} 2 وَغَيْرِهَا مِنْ الأَمْثِلَةِ، إنْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى تَقْدِيرِ شَيْءٍ مِنْ الْمُحْتَمَلاتِ كُلِّهَا، وَ3 هُوَ الْمُرَادُ بِالْعُمُومِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوَّلاً؟ فِيهِ4 مَذَاهِبُ5.
وَوَجْهُهُ: أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ رَفْعَ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ، بَلْ مَا تَعَلَّقَ بِهِ، فَاللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ مَعَ قَرِينَةٍ عَقْلِيَّةٍ. احْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ6.
7قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنَّ8 مَا عَلَيْهِ اللَّفْظُ بِنَفْسِهِ مَعَ قَرِينَةٍ عَقْلِيَّةٍ. فَهُوَ حَقِيقَةٌ، أَوْ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ، لَكِنْ مُقْتَضَاهُ الأَوَّلُ9.
وَكَذَا فِي التَّمْهِيدِ وَالرَّوْضَةِ: أَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي ذَلِكَ10.
1 انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/402، مباحث الكتاب والسنة ص158، 162، العدة 2/517.
2 الآية 3 من المائدة.
وليس المقصود من الآية تحريم نفس العين، بل المقصود الفعل، ويحمل على كل فعل من بيع وأكل وغيرهما. "انظر: المسودة ص90، العدة2/145، 513، 518".
3 في ش: أو.
4 في ش: أو.
5 قال القاضي أبو يعلى: "وذهب الأكثر من أصحاب أبي حنيفة والشافعي إلى أنه لا يعتبر العموم في ذلك""العدة 2/517".
"وانظر: المسودة ص90 وما بعدها".
6 ساقطة من ش ز.
وانظر: العدة 2/517، الروضة 2/183.
7 ساقطة من ش.
8 في ض ع ب. مضمونه أن.
9 انظر: المسودة ص93.
10 انظر: الروضة ص183.
وَاعْتُرِضَ: لا بُدَّ مِنْ إضْمَارٍ، فَهُوَ مَجَازٌ1.
وَ2 رُدَّ بِالْمَنْعِ لذَلِكَ3.
ثُمَّ قَوْلُنَا أَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ.
وَعُورِضَ بِأَنَّ بَابَ الإِضْمَارِ فِي الْمَجَازِ أَقَلُّ، فَكُلَّمَا قَلَّ قَلَّتْ مُخَالَفَةُ الأَصْلِ فِيهِ، فَيَسْلَمُ قَوْلُنَا: لَوْ عَمَّ أُضْمِرَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. وَلا يَجُوزُ4.
رَدٌّ بِالْمَنْعِ، فَإِنَّ حُكْمَ الْخَطَإِ عَامٌّ وَلا زِيَادَةَ، وَيَمْنَعُ أَنَّ زِيَادَةَ حُكْمٍ مَانِعٌ5.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ بَعْضِهِمْ6: التَّخْصِيصُ كَالإِضْمَارِ وَكَذَا قَالَ إلْكِيَا فِي الإِضْمَارِ: هَلْ هُوَ مِنْ الْمَجَازِ أَمْ لا؟ فِيهِ قَوْلانِ، كَالْقَوْلَيْنِ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، فَإِنَّهُ7 نَقْصُ الْمَعْنَى عَنْ اللَّفْظِ وَالإِضْمَارُ عَكْسُهُ، وَ8 لَيْسَ فِيهِمَا اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَوْضِعٍ9 آخَرَ.
وَفِي التَّمْهِيدِ: لأَنَّ الإِثْمَ لا مِزْيَةَ10
1 وهذا محكي عن أبي عبد البصري المعروف بالجعل. "انظر: العدة 2/518، 519".
وانظر: المسودة ص93.
2 ساقطة من ز ض ب.
3 في ش: كذلك.
وانظر: العدة 2/519.
4 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/116، العدة 2/518.
5 انظر: مناقشة هذه الأدلة في "الإحكام للآمدي 2/249-250".
6 هذا ما نقله الشيخ تقي الدين ابن تيمية عن القاضي أبي يعلى. "انظر: المسودة ص565".
7 في المسودة: فإن العموم المخصوص.
8 ساقطة من جميع النسخ، وأثبتناها من "المسودة".
9 في ز ض ع ب: موضوع.
10 في ع: لا مزية فيه.
لأُمَّتِهِ1 فِيهِ عَلَى الأُمَمِ2 لأَنَّ النَّاسِيَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ3، وَلأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ4 فِي5 نَحْوِ: لَيْسَ لِلْبَلَدِ6 سُلْطَانٌ، لِنَفْيِ الصِّفَاتِ الَّتِي تَنْبَغِي لَهُ7.
وَلا وَجْهَ لِمَنْعِ الآمِدِيِّ الْعُرْفَ فِي نَحْوِ: لَيْسَ لِلْبَلَدِ سُلْطَانٌ8 وَكَلامُ الآمِدِيِّ وَغَيْرِهِ فِي التَّحْرِيمِ الْمُضَافِ إلَى الْعَيْنِ، وَنَحْوُ "لا صَلاةَ إلَاّ بِطَهُورٍ" يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ9 هُنَا. وَقَالُوا فِيهِ بِزِيَادَةِ الإِضْمَارِ، وَأَنَّهُ أَوْلَى، وَقَالُوا10 فِي "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي" لا إجْمَالَ فِيهِ وَلا إضْمَارَ، لِظُهُورِهِ11 لُغَةً قَبْلَ الشَّرْعِ فِي نَفْيِ الْمُؤَاخَذَةِ وَالْعِقَابِ، وَتَبَادُرِهِ إلَى الْفَهْمِ. وَالأَصْلُ فِيمَا تَبَادَرَ: أَنَّهُ حَقِيقَةٌ لُغَةً أَوْ12 عُرْفًا13.
"وَ" مَا مِنْ اللَّفْظِ "مِثْلُ: لا آكُلُ، أَوْ14 إنْ أَكَلْت فَعَبْدِي حُرٌّ: يَعُمُّ مَفْعُولاتِهِ، فَيُقْبَلُ تَخْصِيصُهُ" وَكَذَا سَائِرُ الأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ15
1 في ش: إلا منه
2 في ش الإثم، وفي هامش ش: كذا في الأصل، وليحرر.
3 انظر: الروضة 2/184.
4 في ز ض ع ب: العرف.
5 ساقطة من ض ع ب.
6 في ز ش: في البلد.
7 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/116، الروضة 2/182، الإحكام للآمدي 2/249.
8 انظر: الإحكام للآمدي 2/249.
9 في ش: ذكره.
10 في ز: وقال.
11 في ش ز ض: لظهور.
12 في ب: و.
13 انظر: فواتح الرحموت 1/265، الروضة 2/183، الإحكام للآمدي 2/249.
14 في ض ع: و.
15 انظر: هذه المسألة في "جمع الجوامع 1/423، نهاية السول 2/87، المستصفى 2/62، الإحكام للآمدي 2/251، المحصول ج1 ق2/627، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/117، فواتح الرحموت 2/286، مختصر البعلي ص111".
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ هَلْ يَعُمُّ، حَتَّى إذَا وَقَعَ فِي يَمِينٍ1، نَحْوُ وَاَللَّهِ لا آكُلُ أَوْ2 لا أَضْرِبُ أَوْ3 لا أَقُومُ، أَوْ مَا أَكَلْت أَوْ مَا قَعَدْت وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَنَوَى تَخْصِيصَهُ بِشَيْءٍ يُقْبَلُ، أَوْ لا يَعُمُّ فَلا يُقْبَلُ؟
يَنْظُرُ. إمَّا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُتَعَدِّيًا أَوْ لازِمًا:
فَالأَوَّلُ: هُوَ الَّذِي يَنْصَبُّ فِيهِ الْخِلافُ عِنْدَ الأَكْثَرِ. فَإِذَا نُفِيَ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مَفْعُولٌ بِهِ، فَفِيهِ مَذْهَبَانِ:
أَحَدُهُمَا: -وَهُوَ4 قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ5 وَأَبِي يُوسُفَ- أَنَّهُ يَعُمُّ6وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّهُ لا يَعُمُّ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْقُرْطُبِيِّ وَالرَّازِيِّ7.
وَمَنْشَأُ الْخِلافِ: النَّفْيُ8 لِلأَفْرَادِ9، فَيُقْبَلُ10 إرَادَةُ التَّخْصِيصِ بِبَعْضِ
1 في ز: عين.
2 في ش: و.
3 في ش:
و4 ساقطة من ز ض ع ب.
5 في ز ع ب: والمالكية والشافعية.
6 انظر نهاية السول 2/82، المستصفى 2/62، الإحكام للآمدي 2/251، المحصول ج1 ق2/627، شرح تنقيح الفصول ص184، جمع الجوامع 1/423، مختصر ابن الحاجب 2/116، مباحث الكتاب والسنة ص136.
7 قال الرازي: "ونظر أبي حنيفة رحمه الله –فيه دقيق""المحصول ج1 ق2/627".
وانظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/116، المحلي على جمع الجوامع 1/423، نهاية السول 2/87، المستصفى 2/62، الإحكام للآمدي 2/251، المحصول ج1 ق2/627، شرح تنقيح الفصول ص184.
8 في ش ز ض ب: المنفي.
9 في ش ز: بالإفراد.
10 في ش ز: فتقبل.
الْمَفَاعِيلِ بِهِ لِعُمُومِهِ، أَوْ لِنَفْيِ1 الْمَاهِيَّةِ وَلا تَعَدُّدَ فِيهَا، فَلا عُمُومَ، وَالأَصَحُّ هُوَ الأَوَّلُ.
"فَلَوْ2 نَوَى" مَأْكُولاً "مُعَيَّنًا: قُبِلَ بَاطِنًا" عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، خِلافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَابْنِ الْبَنَّا وَالْقُرْطُبِيِّ وَالرَّازِيِّ3.
فَإِنْ ذَكَرَ الْمَفْعُولَ بِهِ،.كَ لا أُكُلُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا، أَوْ لا أَضْرِبُ عَبْدًا، فَلا خِلافَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي عُمُومِهِ وَقَبُولِهِ التَّخْصِيصَ4.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِ "بَاطِنًا" بِصِحَّةِ الاسْتِثْنَاءِ فِيهِ، فَكَذَا تَخْصِيصُهُ.
قَالَ الْمُخَالِفُ: الْمَأْكُولُ لَمْ يُلْفَظْ بِهِ، فَلا عُمُومَ، كَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ5.
رُدَّ6 بِأَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ7.
1 في ش ز ض ب: المنفي.
2 في ش: أو.
3 لا يقبل قوله قضاء بالاتفاق، لأن النية خلاف الظاهر من الكلام، وفيها منفعة له، فتكون كدعوى، فلا تقبل إلا بدليل، ولا يقبل ديانة عند أبي حنيفة ومن معه، لأن التخصيص من توابع العموم، ولا عموم هنا.
"انظر: المستصفى 2/62، الإحكام للآمدي 2/251، المحصول ج1 ق2/627، نهاية السول 2/78، 88، المحلي على جمع الجوامع 1/423، شرح تنقيح الفصول ص185، فواتح الرحموت 1/286، مختصر البعلي ص111".
4 في ض ع ب: للتخصيص.
انظر: نهاية السول 2/87.
5 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/117، نهاية السول 2/88، المستصفى 2/62، الإحكام للآمدي 2/251، المحصول ج1 ق2/628، فواتح الرحموت 1/186، شرح تنقيح الفصول ص185.
6 في ش ض: ورد.
7 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/117.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالْفَرْقِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ1.
"فَلَوْ زَادَ" فَقَالَ: إنْ أَكَلْت "لَحْمًا" مَثَلاً "وَنَوَى" لَحْمًا "مُعَيَّنًا، قُبِلَ" مِنْهُ نِيَّةُ التَّعْيِينِ2 "مُطْلَقًا" أَيْ بَاطِنًا وَظَاهِرًا.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ عِنْدَنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ3، مَا ذُكِرَ عَنْ غَيْرِنَا، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا اتِّفَاقًا، وَخَرَّجَهُ الْحَلْوَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ4.
"وَالْعَامُّ فِي شَيْءٍ عَامٌّ فِي مُتَعَلِّقَاتِهِ" وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: خِلافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.
قَالَ الإِمَامُ5، أَحْمَدُ فِي قَوْله تَعَالَى:{يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} 6 ظَاهِرُهَا عَلَى الْعُمُومِ: أَنَّ مَنْ7 وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ وَلَدٍ فَلَهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -وَ8 هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْ الْكِتَابِ- أَنَّ الآيَةَ إنَّمَا قَصَدَتْ لِلْمُسْلِمِ9، لا لِلْكَافِرِ10.
1 انظر بيان الفرق في "الإحكام للآمدي 2/251، شرح تنقيح الفصول ص185، فواتح الرحموت 2/286".
2 في ب: المتعين.
3 ساقطة من ش.
4 في ش: الروايتين.
وانظر: العضد على ابن الحاجب 2/118، المحلي على جمع الجوامع 1/423، نهاية السول 2/78، 88، المحصول ج1 ق2/630، فواتح الرحموت 1/288، التمهيد ص113.
5 ساقطة من ض ب.
6 الآية 11 من النساء.
7 ساقطة من ض.
8 ساقطة من ع ب.
9 سبق بيان هذه المسألة عن الإمام أحمد مع الأدلة ص115.
10 في ع: الكافر.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: سَمَّاهُ عَامًّا، وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي الأَحْوَالِ يَعُمُّهَا عَلَى الْبَدَلِ، وَمَنْ أَخَذَ بِهَذَا1 لَمْ يَأْخُذْ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ لَفْظِ الْقُرْآنِ، بَلْ بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْقُرْآنُ.
وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 2 عَامَّةٌ فِيهِمْ، مُطْلَقَةٌ فِي أَحْوَالِهِمْ. فَإِذَا جَاءَتْ السُّنَّةُ بِحُكْمٍ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ لَفْظِ الْقُرْآنِ، بَلْ لِمَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ3.
وَقَالَ: وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا، كَالْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:"لا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ" 4 فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ، وَفِي وَصِيَّةِ الْمُمَيِّزِ. وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ عَلَى الشُّفْعَةِ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ" 5
1 في ز: بها.
2 الآية 5 من التوبة.
3 تقدمت مسألة "عموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال والأزمنة"، خلافاً للقرافي وبعض الحنابلة، كأبي العباس ابن تيمية الذي قال:"إن عموم الأشخاص لا يقتضي عموم الأحوال"، "راجع ذلك مع الأدلة ص115".
4 هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي والدارقطني وابن عدي عن أمامة وعمرو بن خارجة وأنس وابن عباس وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وجابر وزيد بن أرقم والبراء وعلي بن أبي طالب ومعتقل بن يسار رضي الله عنهم مرفوعاً بلفظ: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث".
"انظر: سنن أبي داود 2/103، سنن النسائي 6/207، تحفة الأحوذي 6/309، سنن ابن ماجه 2/906، نصب الراية 4/403، سنن البيهقي 6/463، سنن الدارقطني 4/98، كشف الخفا 2/514، تخريج أحاديث البردوي ص222، التلخيص الحبير 3/92، مسند أحمد 4/186، 238، 5/267".
5 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم ومالك والشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن جابر وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما مرفوعاً.
"انظر: صحيح البخاري 2/22 المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 11/46، سنن ابي داود 2/256، تحفة الأحوذي 4/613، سنن النسائي 7/282، سنن ابن ماجه 2/834، الموطأ ص444 ط الشعب، بدائع المنن 2/211، مسند أحمد 3/296، 399، التلخيص الحبير 3/55، 56، نصب الراية 4/175".
وَأَجَابَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ عَامٌّ فِي الأَمْلاكِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ:
لا يَخْتَصُّ جَوَازُ التَّخْصِيصِ بِالنِّيَّةِ بِالْعَامِّ، بَلْ يَجْرِي فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ بِالنِّيَّةِ. وَلِذَلِكَ لَمَّا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ فِي "لا أَكَلْت" إنَّهُ لا عُمُومَ فِيهِ، بَلْ مُطْلَقٌ، وَالتَّخْصِيصُ فَرْعُ الْعُمُومِ1. اُعْتُرِضَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالنِّيَّةِ تَقْيِيدًا، فَلَمْ يَمْنَعُوهُ، وَهَذِهِ هِيَ2 مَسْأَلَةُ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالنِّيَّةِ، وَلا أَكَلْت مِثْلَ قَوْلِهِ: إِنْ3 أَكَلْت، لأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ تَعُمُّ كَالنَّفْيِ4.
"وَنَفْيُ الْمُسَاوَاةِ لِلْعُمُومِ" عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةِ5.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْغَزَالِيِّ وَالرَّازِيِّ وَالْبَيْضَاوِيِّ: لَيْسَ لِلْعُمُومِ، وَيَكْفِي النَّفْيُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ6.
1 انظر: شرح تنقيح الفصول ص185، فواتح الرحموت 1/286.
2 انظر: شرح تنقيح الفصول ص185، فواتح الرحموت 1/286.
3 في ش: وإن.
4 انظر: المحصول 2/619 هامش.
5 انظر هذه المسألة في "جمع الجوامع والمحلي عليه 1/422، نهاية السول 2/87، الإحكام للآمدي 2/247، المحصول ج1 ق2/617، شرح تنقيح الفصول ص186، التمهيد ص98، تخريج الفروع على الأصول ص160، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/114، فواتح الرحموت 1/289، تيسير التحرير 1/250، مختصر البعلي ص111، المسودة ص106".
6 انظر: نهاية السول 2/85، المعتمد 1/249، الإحكام للآمدي 2/247، المحصول ج1 ق2/617، المحلي على جمع الجوامع 1/422، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/114، شرح تنقيح الفصول ص186، فواتح الرحموت 1/289، تيسير التحرير 1/250، التمهيد ص98، المسودة ص107، مختصر البعلي ص111.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: إنَّ1 الْخِلافَ فِي الاسْتِدْلالِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لا يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ بِقَوْله تَعَالَى: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} 2 فَلَوْ قُتِلَ بِهِ لَثَبَتَ اسْتِوَاؤُهُمَا، وَالاسْتِدْلالُ عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ لا يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ بِقَوْله تَعَالَى:{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} 3 وَ4 لَوْ قُلْنَا: يَلِي5، لاسْتَوَى مَعَ الْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ، وَهُوَ الْعَدْلُ6.
وَمَنْ نَفَى الْعُمُومَ فِي الآيَتَيْنِ لا يَمْنَعُ قِصَاصَ الْمُؤْمِنِ بِالذِّمِّيِّ، وَلا وِلايَةَ الْفَاسِقِ7.
ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَأْخَذَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الاسْتِوَاءَ فِي الإِثْبَاتِ هَلْ هُوَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي اللُّغَةِ أَوْ مَدْلُولُهُ لُغَةً الاسْتِوَاءُ مِنْ وَجْهٍ مَا؟
فَإِنْ قُلْنَا: مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَنَفْيُهُ مِنْ سَلْبِ الْعُمُومِ، 8فَلا يَكُونُ عَامًّا9.
وَإِنْ قُلْنَا: مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، فَهُوَ مِنْ عُمُومِ
1 في ز ض ع ب: وإن.
2 الآية 20 من الحشر.
3 الآية 18 من السجدة.
4 ساقطة من ش ز ض ب.
5 في ش: بلى.
6 انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/422، نهاية السول 2/87، المعتمد 1/249، التمهيد ص98.
7 وهو قول الحنفية في المسألتين.
"انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/422، العضد على ابن الحاجب 2/114، فواتح الرحموت 1/289".
8 ساقطة من ب هنا، ثم ذكرت بعد ست كلمات.
9 انظر: نهاية السول 2/87، فواتح الرحموت 1/289، تيسير التحرير 1/250.
السَّلْبِ1 فِي الْحُكْمِ، لأَنَّ نَقِيضَ الإِيجَابِ الْكُلِّيِّ سَلْبٌ جُزْئِيٌّ، وَنَقِيضَ الإِيجَابِ الْجُزْئِيِّ سَلْبٌ كُلِّيٌّ، وَ2 لَكِنْ كَوْنُ الاسْتِوَاءِ فِي الإِثْبَاتِ عَامًّا مِنْ غَيْرِ صِيغَةِ عُمُومٍ مَمْنُوعٌ، غَايَتُهُ: أَنَّ حَقِيقَةَ الاسْتِوَاءِ ثَبَتَتْ3.
وَقَوْلُ الرَّازِيِّ وَأَتْبَاعِهِ: نَفْيُ الاسْتِوَاءِ أَعَمُّ مِنْ نَفْيِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَمِنْ نَفْيِهِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَالأَعَمُّ4 لا يَلْزَمُ مِنْهُ الأَخَصُّ5: مَرْدُودٌ بِمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَغَيْرُهُ6. بِأَنَّ7 ذَلِكَ فِي الإِثْبَاتِ أَمَّا8 نَفْيُ الأَعَمِّ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ9 الأَخَصِّ، كَنَفْيِ الْحَيَوَانِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الإِنْسَانِ. هَذَا إذَا سَلَّمْنَا أَنَّ الاسْتِوَاءَ عَامٌّ لَهُ جُزْئِيَّاتٌ10.
أَمَّا إذَا قُلْنَا: حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهَا نَفْيُ كُلِّ مُتَّصِفٍ بِهَا11.
"وَالْمَفْهُومُ مُطْلَقًا" أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ أَوْ مُخَالَفَةٍ12 "عَامٌّ فِيمَا
1 في ش: السبب.
2 ساقطة من ب.
3 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/114، نهاية السول 2/87، فواتح الرحموت 1/289، الإحكام للآمدي 247، شرح تنقيح الفصول ص186، تيسير التحرير 1/251، التمهيد ص98.
4 في ش: أعم.
5 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/114، نهاية السول 2/87.
6 ساقطة من ش.
7 في ش: إن.
8 في ش: ما.
9 في ب: نفي.
10 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/114، نهاية السول 2/87، تيسير التحرير 1/250.
11 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/115.
12 في ز ض ع ب: مخالفة أو موافقة.
سِوَى الْمَنْطُوقِ يُخَصَّصُ1 بِمَا. يُخَصَّصْ2 بِهِ الْعَامُّ هَذَا3 عِنْدَ الأَكْثَرِينَ4 مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ5.
قِيلَ6 لأَصْحَابِنَا: لَوْ كَانَ حُجَّةً لَمَا خُصَّ، لأَنَّهُ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ اللَّفْظِ كَالْعِلَّةِ، فَأَجَابُوا بِالْمَنْعِ، وَأَنَّ اللَّفْظَ بِنَفْسِهِ دَلَّ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ، فَخُصَّ كَالنُّطْقِ وَقَدْ قِيلَ لأَحْمَدَ7 فِي الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ السَّبْعَ وَالذِّئْبَ وَالْغُرَابَ وَنَحْوُهُ؟ فَاحْتَجَّ8 بِقَوْله تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ
…
} الآيَةَ9 10 لَكِنَّ مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ11 هَلْ يَعُمُّهُ النُّطْقُ12؟ فِيهِ خِلافٌ يَأْتِي.
قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ: قَالَ الآمِدِيُّ وَالرَّازِيُّ13: الْخِلافُ فِي الْمَفْهُومِ حُجَّةٌ،
1 في ز ش: مخصص.
2 في ش: لم يخصص.
3 في ب: وهذا.
4 في ش ز ع ب: الأكثر.
5 واختار أبو العباس ابن تيمية وابن عقيل والمقدسي من الحنابلة أنه لا عموم له، وهو رأي الغزالي وابن دقيق العيد من الشافعية.
"انظر: مختصر البعلي ص111، 113، القواعد والفوائد الأصولية ص234، 237، مختصر ابن الحاجب 2/120، جمع الجوامع والمحلي عليه 1/416 وما بعدها، المحصول ج1 ق2/654، الإحكام للآمدي 2/257، منهاج العقول 2/93، شرح تنقيح الفصول ص191، نهاية السول 2/96، تيسير التحرير 1/260، فواتح الرحموت 1/297، إرشاد الفحول ص131، المسودة ص 144".
6 في د ض ب: وقيل.
7 في ز ض ع ب: قال أحمد.
8 في ز ع ض ب: واحتج.
9 ساقطة من ب.
10 الآية 95 من المائدة.
11 في ع: موافقته.
12 في ز: المنطق.
13 انظر: الإحكام للآمدي 2/257، المحصول ج1 ق2/654.
لَهُ عُمُومٌ لا يَتَحَقَّقُ، لأَنَّ مَفْهُومَيْ1 الْمُوَافَقَةِ وَالْمُخَالِفَةِ عَامٌّ فِي سِوَى الْمَنْطُوقِ، وَلا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ2، لِقَوْلِهِ3 صلى الله عليه وسلم:"فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ" 4 يَقْتَضِي مَفْهُومُهُ سَلْبَ الْحُكْمِ عَنْ مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ، دُونَ غَيْرِهَا عَلَى الصَّحِيحِ5.
فَمَتَى جَعَلْنَاهُ حُجَّةً لَزِمَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْمُخَالَفَةِ، وَإِلَاّ لَمْ يَكُنْ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ، وَتَأَوَّلُوا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُخَالِفِينَ أَرَادُوا: أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِالْمَنْطُوقِ، وَلا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ.
قِيلَ: قَوْلُهُمْ "الْمَفْهُومُ لا عُمُومَ لَهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ بِلَفْظٍ حَتَّى يَعُمَّ" لا6. يُرِيدُونَ بِهِ7 سَلْبَ الْحُكْمِ عَنْ جَمِيعِ الْمَعْلُوفَةِ، لأَنَّهُ خِلافُ مَذْهَبِ الْقَائِلِينَ بِالْمَفْهُومِ، وَلَكِنَّهُمْ قَدْ يَذْكُرُونَهُ فِي مَعْرِضِ الْبَحْثِ، فَقَدْ قَالُوا: دَلالَةُ الاقْتِضَاءِ. تُجَوِّزُ8 رَفْعِ الْخَطَإِ9، أَيْ حُكْمُهُ10: لا يَعُمُّ حُكْمَ الإِثْمِ وَالْغُرْمِ مَثَلاً، تَقْلِيلاً لِلإِضْمَارِ، فَكَذَلِكَ11 يُقَالُ فِي الْمَفْهُومِ: هُوَ حُجَّةٌ، لِضَرُورَةِ
1 في ش مفهوم.
2 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص238، الإحكام للآمدي 2/257.
3 في ز ض ع ب: فقوله.
4 رواه البخاري وأبو داود والنسائي والدارمي والطبراني ومالك وأحمد عن أنس وعمر وابن عمر مرفوعاً بألفاظ متقاربة.
"انظر: صحيح البخاري 1/253، سنن أبي داود 1/358، سنن النسائي 5/14، 20، سنن الدارمي 1/381، تخريج أحاديث البردوي ص127، تخريج احاديث مختصر المنهاج ص289، المنتقى 2/126، مسند أحمد 1/12".
5 انظر: التبصرة ص226، اللمع ص18، إرشاد الفحول ص132.
6 ساقطة من ش.
7 ساقطة من ض.
8 في ش: بجواز.
9 في ب: الخطاب.
10 في ض: حكم.
11 في ش ز ض ب: فلذلك.
ظُهُورِ1 فَائِدَةِ التَّقْيِيدِ بِالصِّفَةِ، وَيَكْفِي فِي الْفَائِدَةِ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَنْ صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، لِتَوَقُّفِ بَيَانِهَا عَلَى دَلِيلٍ آخَرَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَهْلُ الْمَفْهُومِ، لَكِنَّهُ بَحْثٌ مُتَّجَهٌ2
"وَرَفْعُ3 كُلِّهِ4 تَخْصِيصٌ أَيْضًا" لإِفْرَادِهِ5 اللَّفْظَ فِي مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ، فَهُوَ كَبَعْضِ الْعَامِّ6.
1 ساقطة من ش.
2 يرى الفخر الرازي والعضد وغيرهما أنه إذا حرر محل النزاع لم يتحقق خلاف، وأنه نزاع لفظي يعود إلى تفسير العام بأنه ما يستغرق في محل النطق، أو ما يستغرق في الجملة.
انظر مناقشة هذه المسألة في "العضد على ابن الحاجب، والتفتازاني عليه 2/120، جمع الجوامع والمحلي عليه والبناني عليه 1/416 وما بعدها، المحصول ج1 ق2/654، شرح تنقيح الفصول ص191، فواتح الرحموت 1/297، تيسير التحرير 1/260، اللمع ص18، إرشاد الفحول ص131".
3 في ش: ووقع.
4 في ش: كل.
5 في ش: لإفراد، وفي "مختصر البعلي ص113": لإفادة.
6 انظر: مختصر البعلي ص113.
فَصْلٌ فِعْلُ 1 النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لا يَعُمُّ أَقْسَامَهُ وَجِهَاتِهِ:
"فِعْلُهُ" أَيْ فِعْلُ1 النَّبِيِّ "صلى الله عليه وسلم الْمُثْبَتِ وَإِنْ انْقَسَمَ إلَى جِهَاتٍ وَأَقْسَامٍ لا يَعُمُّ أَقْسَامَهُ وَجِهَاتِهِ2" لأَنَّ الْوَاقِعَ مِنْهَا3 لا يَكُونُ إلَاّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْسَامِ4.
مِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى دَاخِلَ الْكَعْبَةِ5 فَإِنَّهَا احْتَمَلَتْ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لا يُتَصَوَّرُ أَنَّهَا فَرْضٌ وَنَفْلٌ مَعًا، فَلا يُمْكِنُ الاسْتِدْلال بِهِ عَلَى جَوَازِ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ، فَلا يَعُمُّ أَقْسَامَهُ6
1 ساقطة من ش ع ض.
2 انظر هذه المسألة في "مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، جمع الجوامع والمحلي عليه 1/424، المعتمد 1/205، المستصفى 2/63، الإحكام للآمدي 2/252، 253، المحصول ج1 ق2/648، فواتح الرحموت 1/293، تيسير التحرير 1/247، مختصر البعلي ص111، إرشاد الفحول ص125، اللمع ص16".
3 في ش: فيها.
4 انظر: المستصفى 2/63، الإحكام للآمدي 2/252.
5 روى مالك والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه والبغوي عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال بن رباح فأغلقها ومكث فيها، قال عبد الله بن عمر: فسألت بلالاً حين خرج ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: جعل عموداً عن يساره، وعموداً عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة، ثم صلى".
"انظر: صحيح البخاري 1/98، 3/83، صحيح مسلم 2/966، سنن النسائي 5/171، سنن ابن ماجه 2/1018، بدائع المنن 1/65، المنتقى 3/34، شرح السنة 2/331".
6 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/118، المحلي على جمع الجوامع 1/425، المستصفى 2/64، الإحكام للآمدي 2/252، المحصول ج1 ق2653، التلويح على التوضيح 1/271، فواتح الرحموت 1/293، تيسير التحرير1/247، شرح الورقات ص104، إرشاد الفحول ص125، مباحث الكتاب والسنة 156، مختصر البعلي ص111.
وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ1،لا يَعُمُّ وَقْتَيْهِمَا2 أَيْ وَقْتَ الصَّلاةِ الأُولَى وَوَقْتَ الصَّلاةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ وُقُوعَهُمَا فِي وَقْتِ الصَّلاةِ الأُولَى وَيَحْتَمِلُ وُقُوعَهُمَا فِي وَقْتِ الصَّلاةِ الثَّانِيَةِ، وَالتَّعْيِينُ مَوْقُوفٌ عَلَى الدَّلِيلِ3، فَلا يعُمُّ4 وَقْتَيْ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ، إذْ لَيْسَ فِي نَفْسِ وُقُوعِ الْفِعْلِ الْمَرْوِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ فِي وَقْتَيْهِمَا5.
وَمِثْلُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ6 صلى الله عليه وسلم صَلَّى بَعْدَ غَيْبُوبَةِ7
1 روى البخاري ومسلم ومالك وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي عن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل السير جمع بين المغرب والعشاء، وفي رواية مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك.. الحديث".
وروى أبو داود عن معاذ في غزوة تبوك: "فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء". ورواه النسائي عن أنس، ورواه أحمد عن ابن عباس.
"انظر: صحيح البخاري 1/193، صحيح مسلم 1/489 وما بعدها، سنن أبي داود 1/257، تحفة الأحوذي 3/121، سنن النسائي 1/121، الموطأ ص108 ط الشعب، مسند أحمد 2/4، 148، سنن ابن ماجه 1/340، سنن الدارمي 1/356، شرح السنة 4/192، نيل الأوطار 3/242".
2 في ض: وقتها.
3 ثبت ذلك بالدليل فيما رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى العصر ثم نزل يجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب" ورواه الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي عن معاذ.
"انظر: صحيح البخاري 1/193، صحيح مسلم 1/489، سنن أبي داود 1/275، تحفة الأحوذي 3/121، بدائع المنن 1/117، مسند أحمد 2/150، نيل الأوطار 3/242".
4 في ش: تعم.
5 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، المحلي على جمع الجوامع 1/425، الإحكام للآمدي 2/253، المحصول ج1 ق2/648، اللمع ص17، شرح الورقات 105، مختصر البعلي ص112.
6 في ض ع ب: أنه.
7 في ش: غيوبة.
الشَّفَقِ1 فَإِنَّ صَلاتَهُ احْتَمَلَتْ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الْحُمْرَةِ، وَاحْتَمَلَتْ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الْبَيَاضِ، وَلا يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ2 بَعْدَهُمَا3.إلَاّ عَلَى رَأْيِ4 مَنْ يُجَوِّزُ حَمْلَ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ5.
"وَلا" يَعُمُّ "كُلُّ سَفَرٍ" كَسَفَرِ النُّسُكِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ6 أَيْضًا7.
"وَ" لَفْظُ " كَانَ " لِدَوَامِ الْفِعْلِ وَتَكْرَارِهِ8، فَتُفِيدُ كَانَ "تَكَرُّرَهُ9" أَيْ تُكَرِّرَ10 الْفِعْلِ مِنْهُ، أَيْ فِي
1 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك وأحمد بألفاظ مختلفة "بأنه صلى الله عليه وسلم صلى العشاء بعد غيبوبة الشفق".
"انظر: صحيح البخاري 1/74 المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 2/136، سنن أبي داود 1/99، تحفة الأحوذي 1/471، سنن النسائي 1/214، سنن ابن ماجه 1/219، الموطأ ص31 ط الشعب، مسند أحمد 1/333، 30، 4/416، 5/349".
وقد يفهم من المسألة "أنه صلى الله عليه وسلم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق" وهذا الحديث في الصحيحين، ولكن العلامة البناني والعلامة التفتازاني نصا على الأول في الاستدلال.
"انظر: البناني على جمع الجوامع 1/425، التفتازاني على مختصر ابن الحاجب 2/118، مباحث الكتاب والسنة ص157".
2 في ض ب: يكون.
3 في ض: بعديهما.
4 في ش: أي.
5 في ض ب: معنيين.
6 ساقطة من ش.
7 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، المستصفى 2/64، الإحكام للآمدي 2/253، المحصول ج1 ق2/652، فواتح الرحموت 2/652، تيسير التحرير 1/247، إرشاد الفحول ص125، مباحث الكتاب والسنة ص156.
8 في ش ع: وتكراره.
9 في ع ب: تكراره.
10 في ض ع ب: تكرار.
الدَّوَامِ1، كَمَا عُلِمَ تكر2ر إكْرَامُ الضَّيْفِ مِنْ قَوْلِهِمْ: كَانَ حَاتِمُ يُكْرِمُ الضَّيْفَ، فَلا يَعُمُّ ذَلِكَ جَمِيعَ جِهَاتِ الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتِ كَمَا لا يَعُمُّ مِنْ3 حَيْثِيَّةِ غَيْرِ4 الْوَقْتِ5.
"وَلَمْ تَدْخُلْ الأُمَّةُ" أَيْ أُمَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "بِفِعْلِهِ 6" لأَنَّ فِعْلَهُ لَمَّا كَانَ لا عُمُومَ لَهُ فِي أَقْسَامِهِ، كَانَ7 كَذَلِكَ لا عُمُومَ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أُمَّتِهِ "بَلْ" هُوَ خَاصٌّ بِهِ، وَاجِبًا كَانَ أَوْ جَائِزًا8.
1 العلاقة بين هذه المسألة مع ما قبلها أنها استدراك للأولى، وذلك أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يفيد العموم والدوام والتكرار، إلا إذا نقل الصحابي فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ "كان" فإن نقله كذلك فإنه يدل على الدوام والتكرار، عند الجمهور، ولذلك قال الشوكاني:"وأما نحو قول الصحابي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل كذا فلا يجري فيه الخلاف المتقدم، لأن لفظ كان هو الذي دل على التكرار، لا لفظ الفعل الذي بعدها""إرشاد الفحول ص125".
"وانظر: المسودة ص115، القواعد والفوائد الأصولية ص237، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، المحلي على جمع الجوامع 1/425، الإحكام للآمدي 2/253، شرح الورقات ص05، مختصر البعلي ص112".
2 ساقطة من ش، وفي ض ع ب: تكرار.
3 ساقطة من ش.
4 ساقطة من ش.
5 اختلف العلماء في مسألة "كان" هل تفيد التكرار أم لا على قولين، الأول: أنها تفيد التكرار، وهو ما ذكره المصنف، والثاني: لا تفيد التكرار ورجحه الإسنوي والفخر الرازي، قال الإسنوي:"لفظ كان" لا يقتضي التكرار، وقيل يقتضيه"، "نهاية السول 2/88". وقال الفخر الرازي: "فأما التكرار فلا.." "المحصول ج1 ق2/650" ونقل القاضي أبو يعلى القول الثاني في "الكفاية" ومن العلماء من قال: إنه يفيد التكرار في العرف.
"انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، المحلي على جمع الجوامع 1/425، تيسير التحرير 1/248، شرح تنقيح الفصول ص189 وما بعدها، فواتح الرحموت 1/293، نهاية السول 2/88، المحصول ج1 ق2/650"
6 في ش: في فعله.
7 ساقطة من ز ض ب.
8 انظر: مختصر ابن الحاجب 2/118، المستصفى 2/64، الإحكام للآمدي 2/253، فواتح الرحموت 293/1 التلويح على التوضيح 271/1،تيسير التحرير247/1، إرشاد الفحول ص125.
وَمَتَى وُجِدَ دُخُولُهَا فَهُوَ "بِدَلِيلٍ" خَارِجِيٍّ مِنْ "قَوْلٍ1" كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" وَ2 "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" 3 "أَوْ قَرِينَةِ تَأَسٍّ" كَوُقُوعِ فِعْلِهِ بَعْدَ خِطَابٍ مُجْمَلٍ، كَالْقَطْعِ4 بَعْدَ آيَةِ السَّرِقَةِ5، وَكَوُقُوعِهِ بَعْدَ خِطَابٍ مُطْلَقٍ، أَوْ بَعْدَ خِطَابٍ عَامٍّ "أَوْ قِيَاسٍ عَلَى فِعْلِهِ6".
وَاعْتُرِضَ بِعُمُومِ نَحْوِ "سَهَا7فَسَجَدَ "8 وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا أَنَا فَأَفِيضُ
1 في ش: من قوله.
2 ساقطة من ز.
3 هذا جزء من حديث صحيح رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي بألفاظ متقاربة عن جابر مرفوعاً.
"انظر: صحيح مسلم 2/1006، مسند أحمد 3/378، سنن أبي داود 1/456، سنن النسائي 5/219، مختصر سنن أبي داود 2/416".
4 روى الإمام مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً" وروى الجماعة ومالك والدارمي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم"قطع سارقاً في مجن قيمته ثلاثة دراهم".
"انظر: صحيح البخاري 4/173، صحيح مسلم 3/1312 وما بعدها، سنن أبي داود 2/448، تحفة الأحوذي 5/3، سنن النسائي 8/69، 70، سنن ابن ماجه 2/862، مسند أحمد 2/6، 54، المنتقى 7/156، 159، سنن الدارمي 2/172، 173، نيل الأوطار 7/140".
5 آية السرقة هي قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} المائدة/38.
6 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، المستصفى 2/64، الإحكام للآمدي 2/253، فواتح الرحموت 1/293، تيسير التحرير 1/248، العدة 1/318.
7 ساقطة من ش.
8 هذا الحديث بهذا اللفظ رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها أنه النبي صلى الله عليه وسلم: "سها قبل التمام فسجد سجدتي السهو قبل أن يسلم" وفيه عيسى بن ميمون مختلف في الاحتجاج به، وضعفه الأكثر، وروى الطبراني في الصغير عن ابن عباس قال:"صليت خلف أنس بن مالك صلاة سها فيها فسجد بعد السلام ثم التفت إلينا وقال: أما إني لم أصنع إلا كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع" وفيه مجاهيل.
"انظر: مجمع الزوائد 4/153-154".
وأحاديث السهو في الصلاة والسجود له كثيرة وصحيحة، منها حديث ذي اليدين في الصحيحين، وسبق تخريجه في "المجلد الثاني ص193".
الْمَاءَ"1.
وَرَدَ ذَلِكَ بِالْفَاءِ، فَإِنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ2.
"وَالْخِطَابُ الْخَاصُّ بِهِ" أَيْ بِالنَّبِيِّ3 صلى الله عليه وسلم نَحْوُ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} 4 وَنَحْوُهُ عَامٌّ لِلْأُمَّةِ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، فَلا يَخْتَصُّ5 إلَاّ بِدَلِيلٍ يَخُصُّهُ6، وَمِنْهُ قَوْله
1 هذا طرف من حديث صحيح رواه البخاري بهذا اللفظ عن جبير بن مطعم، ورواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد عن جبير بن مطعم مرفوعاً بألفاظ متقاربة، وروى الترمذي قريباً منه عن ميمونة.
"انظر: صحيح البخاري 1/57، صحيح البخاري 1/258، سنن أبي داود 1/55، سنن النسائي 1/170، تحفة الأحوذي 1/350، سنن ابن ماجه 1/350، مختصر سنن أبي داود 1/162، مسند أحمد 4/81، نيل الأوطار 1/290".
وانظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/118، الإحكام للآمدي 2/253.
2 أيد هذا الرد كثير من العلماء، وأن التعميم كان بأحد العوامل السابقة، قال العضد:"الجواب أن التعميم إنما كان بأحد ما ذكرنا "من قول أو قرينة أو قياس أو بالنص عليه بقوله" لا بصيغة الفعل""العضد على ابن الحاجب 2/119"، وقال الآمدي:"أما تعميم سجود السهو فإنه إنما كان لعموم العلة، وهي السهو من حيث رتب السجود على السهو بفاء التعقيب، وهو دليل العلية""الإحكام للآمدي 2/254".
"انظر: فواتح الرحموت 1/293، تيسير التحرير 1/249".
3 في ش: النبي.
4 الآية 1 من المزمل.
5 ساقطة من ش.
6 في ز: يخصصه.
وقال الإسنوي: "وظاهر كلام الشافعي في البويطي أنه يتناولهم""نهاية السول 2/88"، وقال الغزالي:"وهذا قول فاسد""المستصفى 2/65".
"وانظر: الإحكام للآمدي 2/260، البرهان 1/367، المحصول ج1 ق2/620، مختصر ابن الحاجب 2/121، المحلي على جمع الجوامع 1/427، فواتح الرحموت 1/281، تيسير التحرير 1/251، مختصر الطوفي ص91، إرشاد الفحول ص129، مختصر البعلي ص114، العدة 1/318".
تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك} 1.
وَالْقَائِلُونَ بِالشُّمُولِ لا يَقُولُونَ: إنَّهُ بِاللُّغَةِ، بَلْ لِلْعُرْفِ2 فِي مِثْلِهِ حَتَّى لَوْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ كَانَ مِنْ بَابِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ، وَلا يَقُولُونَ: إنَّهُمْ دَاخِلُونَ بِدَلِيلٍ آخَرَ، لأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَيَتَّحِدُ الْقَوْلانِ3.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَالأَشْعَرِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ: لا يَعُمُّهُمْ الْخِطَابُ إلَاّ بِدَلِيلٍ يُوجِبُ التَّشْرِيكَ، إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ بِخُصُوصِهِ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَشُمُولُ الْحُكْمِ لَهُ بِذَلِكَ لا بِاللَّفْظِ، لأَنَّ اللُّغَةَ تَقْتَضِي أَنَّ خِطَابَ الْمُفْرَدِ لا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ4.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْعُمُومِ بِقَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} 5 فَعَلَّلَ
1 الآية 1 من التحريم.
2 في ش: المعروف.
3 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/122، فواتح الرحموت 1/281.
4 وهذا قول التميمي وأبي الخطاب من الحنابلة، ونسبه ابن عبد الشكور للمالكية.
"انظر: فواتح الرحموت 1/281، تيسير التحرير 1/251، المستصفى 2/64، المحصول ج1 ق2/620، نهاية السول 2/88، مختصر ابن الحاجب 2/121، جمع الجوامع 1/427، الإحكام للآمدي 2/260، البرهان 1/367، مختصر البعلي ص114، إرشاد الفحول ص129، العدة 1/324".
5 الآية 37 من الأحزاب.
الإِبَاحَةَ بِنَفْيِ الْحَرَجِ عَنْ أُمَّتِهِ. وَلَوْ اخْتَصَّ بِهِ الْحُكْمُ لَمَا كَانَ عِلَّةً لِذَلِكَ وَأَيْضًا {خَالِصَةً لَك مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} 1 وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ مُخْتَصًّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّخْصِيصِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْفَائِدَةُ فِي التَّخْصِيصِ2 عَدَمُ الإِلْحَاقِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ وَلِذَلِكَ رُفِعَ الْحَرَجُ3.
قُلْنَا4 ظَاهِرُ اللَّفْظِ مُقْتَضٍ لِلْمُشَارَكَةِ، لأَنَّهُ عَلَّلَ إبَاحَةَ التَّزْوِيجِ بِرَفْعِ الْحَرَجِ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَذَلِكَ قَضَاؤُهُ بِالْخُصُوصِيَّةِ. فَالْقِيَاسُ بِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ5.
وَأَيْضًا مَا6 فِي مُسْلِمٍ "أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: تُدْرِكُنِي الصَّلاةُ وَأَنَا جُنُبٌ، أَفَأَصُومُ7؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ" فَقَالَ: لَسْت مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ "وَاَللَّهِ إنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي" 8
1 الآية 50 من الأحزاب.
2 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/122، الإحكام للآمدي 2/261، فواتح الرحموت 1/281، تيسير التحرير 1/251، مختصر الطوفي ص92، العدة 1/324-325.
3 أي رفع الحرج عن الأمة بالنص والتخصيص عليها في الآية: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} ولو كانت الإباحة خاصة لما انتفى الحرج عن الأمة.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/261، 262، العضد على ابن الحاجب 2/123، تيسير التحرير 1/252، فواتح الرحموت 1/281.
4 في ش: فذلك.
5 انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/427، البرهان 1/369، فواتح الرحموت 1/282، تيسير التحرير 1/252.
6 ساقطة من ز ض ب.
7 في ض: فأصوم.
8 هذا الحديث رواه مسلم وأبو داود وأحمد عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً.
"انظر: صحيح مسلم 2/781، سنن أبي داود 1/557، مسند أحمد 6/312، نيل الأوطار 4/238".
فَدَلَّ الْحَدِيثُ مِنْ1 وَجْهَيْنِ.
أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ أَجَابَهُمْ بِفِعْلِهِ2، وَلَوْ اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لَهُمْ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مُرَاجَعَتَهُمْ لَهُ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْحُكْمِ، فَدَلَّ عَلَى3 أَنَّهُ لا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ.
وَلأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَرْجِعُونَ إلَى أَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْ الأَحْكَامِ، كَرُجُوعِهِمْ فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ4، وَفِي صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا، وَغَيْرِ ذَلِكَ5.
قَالَ الْمُخَالِفُونَ: الْمُفْرَدُ لا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ لُغَةً.
قُلْنَا: مَحَلُّ النِّزَاعِ لَيْسَ فِي اللُّغَةِ، بَلْ فِي الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ6.
1 ساقطة من ز.
2 في ش: بقوله.
3 ساقطة من ش.
4 روى الإمام مالك والشافعي وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قعد بين شعبها الأربع، ثم مس الختان الختان فقد وجب الغسل" وفي رواية الترمذي: "إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل" وفي رواية الشافعي وابن حبان: "إذا التقى الختان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم"، وجعله البخاري عنوان باب:"إذا التقى الختانان".
"انظر: المنتقى 1/96، بدائع المنن 1/35-36، مسند أحمد 6/47، 97، صحيح مسلم 1/271، صحيح البخاري 1/62، سنن النسائي 1/92، تحفة الأحوذي 1/362، سنن ابن ماجه 1/199، سند الدارمي 1/194، موارد الظمآن ص81، شرح السنة 2/3، تخريج أحاديث البردوي ص170، نيل الأوطار 1/260".
5 انظر: البرهان 1/368، مختصر الطوفي ص92، العدة 1/327.
6 في ش: والشرع.
قال الطوفي: "وكأن الخلاف لفظي، إذ هؤلاء يتمسكون بالمقتضى اللغوي، والأولون بالواقع الشرعي""مختصر الطوفي ص92".
"وانظر تيسير التحرير 1/252، العدة 1/330".
قَالُوا: يُوجِبُ كَوْنَ خُرُوجِ غَيْرِهِ تَخْصِيصًا1.
قُلْنَا: مِنْ الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ مُسَلَّمٌ2، إذَا ظَهَرَتْ لَهُ مُشَارَكَتُهُمْ لَهُ3. فِي الأَحْكَامِ ثَبَتَتْ4 مُشَارَكَتُهُ لَهُمْ أَيْضًا، لِوُجُودِ التَّلازُمِ ظَاهِرًا، فَإِنَّ مَا ثَبَتَ لأَحَدِ الْمُتَلازِمَيْنِ5 ثَبَتَ لِلآخَرِ؛ إذْ لَوْ ثَبَتَ لَهُمْ حُكْمٌ انْفَرَدُوا بِهِ دُونَهُ لَثَبَتَ نَقِيضُهُ فِي حَقِّهِ دُونَهُمْ، وَقَدْ ظَهَرَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلافِهِ6
وَمَحَلُّ الْخِلافِ فِيمَا يُمْكِنُ إرَادَةُ الأُمَّةِ مَعَهُ أَمَّا مَا لا يُمْكِنُ إرَادَةُ الأُمَّةِ مَعَهُ فِيهِ7، مِثْلَ قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} 8 {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْك مِنْ رَبِّك} 9 وَنَحْوِهِ10، فَلا تَدْخُلُ الأُمَّةُ فِيهِ قَطْعًا، وَمِنْهُ مَا قَامَتْ قَرِينَةٌ فِيهِ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ مِنْ خَارِجٍ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} 11.
وَأَمَّا إنْ12 كَانَ الْخِطَابُ خَاصًّا بِالأُمَّةِ نَحْوُ خِطَابِ اللَّهِ سبحانه وتعالى لِلصَّحَابَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِالأُمَّةِ، لا يَخْتَصُّ بِالْمُخَاطَبِ إلَاّ بِدَلِيلٍ فَيَعُمُّ
1 في ش: تخصيصان.
2 في ز: المسلم.
3 في ش ز ض: له مشاركتهم.
4 في ض: فثبتت، وفي ب: فثبت.
5 في ب: قبل المتلازمين.
6 انظر: البرهان 1/369، تيسير التحرير 1/252، مختصر الطوفي ص92.
7 ساقطة من ش.
8 الآيتان 1-2 من المدثر.
9 الآية 67 من المائدة.
10 في ش: وغيره.
11 الآية 6 من المدثر.
12 في ض ب: إذا.
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلافِ1.
لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ: نَفَى دُخُولَهُ هُنَا عَنْ الأَكْثَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لا يَأْمُرُ نَفْسَهُ، كَالسَّيِّدِ مَعَ عَبِيدِهِ2.
وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَخْبَرٌ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَكَذَا أَيْ وَكَمَا3. قُلْنَا فِي الصُّوَرِ4 الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ كَوْنِ الْخِطَابِ لا يَخْتَصُّ بِالْمُخَاطَبِ خِطَابُهُ صلى الله عليه وسلم لِوَاحِدٍ مِنْ الأُمَّةِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمُخَاطَبَ وَغَيْرَهُ؛ لأَنَّهُ لَوْ اخْتَصَّ بِهِ الْمُخَاطَبُ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَبْعُوثًا إلَى الْجَمِيعِ5.
رُدَّ بِالْمَنْعِ؛ فَإِنَّ مَعْنَاهُ تَعْرِيفُ6 كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَخْتَصُّ بِهِ. وَلا يَلْزَمُ شَرِكَةُ الْجَمِيعِ فِي الْجَمِيعِ7.
1 وهو الخلاف في مسألة الخطاب الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه عام الأمة عند الحنابلة والحنفية والمالكية، خلافاً لبعض الحنابلة وأكثر الشافعية والأشعرية والمعتزلة "صفحة 218 من هذا المجلد".
وقال الشوكاني: "الخطاب الخاص بالأمة. نحو "يا أيها الأمة" لا يشمل الرسول صلى الله عليه وسلم قال الصفي الهندي: بلا خوف، وكذا قال القاضي عبد الوهاب""إرشاد الفحول ص129".
وانظر: هذه المسألة في "المستصفى 2/65، 81، مختصر البعلي ص114، القواعد والفوائد الأصولية ص207، شرح تنقيح الفصول ص197، العدة 1/320".
2 انظر: مختصر البعلي ص114.
3 في ش: وكل ما.
4 في ش: الصورة.
5 وهذا قول الحنابلة فقط، وأبي المعالي الجويني، خلافاً للجمهور كما سيذكره المصنف.
انظر هذه المسألة في "جمع الجوامع 1/429، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/123، الإحكام للآمدي 2/263، البرهان 1/370، فواتح الرحموت 1/280، تيسير التحرير 1/252، مختصر الطوفي ص92، مختصر البعلي ص114، إرشاد الفحول ص130، العدة 1/318، 331".
6 في ع: تعريفه.
7 ساقطة من ش.
وانظر: إرشاد الفحول ص130.
وَقَالُوا: هُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ؛ لِرُجُوعِهِمْ إلَى قِصَّةِ مَاعِزٍ1، وَبِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ2، وَأَخْذِهِ3 الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ4 وَغَيْرِ ذَلِكَ5.
وَ6 رُدَّ بِدَلِيلٍ هُوَ التَّسَاوِي فِي السَّبَبِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ وَقَعَ جَوَابًا لِسُؤَالٍ7 كَقَوْلِ الأَعْرَابِيِّ وَاقَعْتُ
1 هو الصحابي ماعز بن مالك الأسلمي، يقال: أسمه غريب، وماعز لقب له، معدود في المدنيين، كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بإسلام قومه، روى عنه عبد الله حديثاً واحداً، وهو الذي اعترف بالزنا وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمه، وقال عليه الصلاة والسلام:"لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أمتي لأجزأت عنهم"، وحديثه في الرجم رواه أبو هريرة وزيد بن خالد الجهني.
"انظر: الإصابة 3/337، الاستيعاب 3/438، تهذيب الأسماء 2/75، أسد الغابة 5/8".
وقصة ماعز أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا فرجمه رواها مسلم والبخاري وأبو داود وأحمد.
"انظر: صحيح البخاري 4/121، المطبعة العثمانية، صحيح مسلم بشرح النووي 11/195، سنن أبي داود 2/446، مسند احمد 1/238، 2/286، 3/2، 5/89، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص304".
2 هي الصحابية بروع بنت واشق الرواسية الكلابية أو الأشجعية، قال الجوهري في "الصحاح": أهل العربية يقولون بكسر الباء، والصواب الفتح، وهي زوجة هلال بن مرة وقصتها في حديث معقل بن سنان الأشجعي وغيره: أنها نكحت رجلاً، وفوضت إليه "أي فوضت إليه مقدار المهر" فتوفي قبل أن يجامعها فقضى لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بصداق نسائها".
"انظر: الإصابة 4/251، الاستيعاب 4/255، أسد الغابة 7/37، تهذيب الأسماء 2/332" وسيرد حديثها صفحة 227.
3 في ض ب: وأخذ.
4 هذا الحديث رواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي والشافعي ومالك عن عبد الرحمن بن عوف وغيره، وسبق تخريجه في "المجلد ص371".
5 انظر: العدة 1/319.
6 ساقطة من ع ب.
7 في ش ز: لسائل، وفي ب: بالسؤال.
أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ لَهُ1:"أَعْتِقْ رَقَبَةً 2 " كَانَ عَامًّا وَإِلَاّ فَلا3، كَقَوْلِ النَّبِيِّ4 صلى الله عليه وسلم "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" 5 فَلا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُهُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ -مِنْهُمْ الْحَنَفِيَّةُ- أَنَّهُ لا يَعُمُّ، قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: لأَنَّهُ عَمَّ6 فِي الَّتِي7 قَبْلَهَا لِفَهْمِ8 الاتِّبَاعِ، لأَنَّهُ مُتَّبَعٌ9.
وَمَحَلُّ الْخِلافِ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَخُصَّ ذَلِكَ10
1 ساقطة من ز ض ع ب.
2 ساقطة من ز ض ع ب.
3 ساقطة من ش.
4 في ض ع ب: كقوله.
5 هذا طرف من حديث صحيح رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه ومالك وأحمد عن عائشة، ورواه البخاري ومسلم عن أبي موسى، ورواه البخاري عن ابن عمر، ورواه ابن ماجه عن ابن عباس، ولفظ البخاري:"قال الأسود: كنا عند عائشة رضي الله عنها فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها، قالت: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة، فأذن، فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس
…
" الحديث.
"انظر: صحيح البخاري 1/122، صحيح مسلم 1/313 وما بعدها، تحفة الأحوذي 10/156، سنن ابن ماجه 1/389، تخريج احاديث البردوي ص245، الموطأ ص123 ط الشعب، مسند أحمد 6/24، 159، المنتقى 1/305، الفتح الكبير 3/135".
6 في د ض ب: لو عم.
7 في ض ب: الشيء.
8 في ب: لعلم.
9 انظر قول الجمهور في هذه المسألة في "جمع الجوامع 1/429، الإحكام للآمدي 2/263، البرهان 1/370، تخريج الفروع على الأصول ص181، مختصر ابن الحاجب 2/123، فواتح الرحموت 1/280، تيسير التحرير 1/252، مختصر الطوفي ص92، مختصر البعلي ص114، إرشاد الفحول ص130، مباحث الكتاب والسنة ص158".
10 في ز: بذلك.
الْوَاحِدَ1، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بُرْدَةَ "اذْبَحْهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك 2 " وَمِثْلُهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، فَإِنَّهُ وَقَعَ لَهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ، فَرَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، كَمَا فِي أَبِي دَاوُد3، كَمَا رَخَّصَ لأَبِي بُرْدَةَ، وَرَخَّصَ أَيْضًا لَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ4.وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَخْصِيصِ الْعُمُومِ5 بَعْدَ تَخْصِيصٍ6
1 انظر ما نقله الشوكاني من أقوال العلماء في هذه المسألة، وحصر الخلاف فيها باللغة أو بالشرع، ومحل الخلاف في كتابه "إرشاد الفحول ص130".
2 في ز: من بعدك.
3 روى عن أبو داود عن زيد بن خالد الجهني قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ضحايا، فأعطاني عتوداً جذعاً، قال: فرجعت به إليه، فقلت له: إنه جذع، "أي لا يجزي في الأضحية"، قال:"ضح به"، فضحيت به"، والعتود: هو الصغير من أولاد المعز إذا قوي ورعى وأتى عليه حول، والجمع أعتدة، ورواه الإمام أحمد.
"انظر: مسند أحمد 5/194، سنن أبي داود 2/86، النهاية في غريب الحديث 3/177".
4 روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد عن عقبة بن عامر الجهني قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ضحايا فأصابني جذع، فقلت: يا رسول الله، إنه أصابني جذع، فقال:"ضح به".
والجذع من أسنان الدواب، وهو كل ما كان منها شاباً قوياً، ويختلف من الإبل إلى البقر إلى الغنم، فهو من المعز ما دخل في السنة الثانية.
"انظر: صحيح البخاري 3/316، صحيح مسلم 3/1556، تحفة الأحوذي 5/86، سنن النسائي 7/192، سنن ابن ماجه 2/1048، مسند أحمد 4/144، النهاية في غريب الحديث 1/250".
5 في ع: لعموم.
6 قال العضد: "فائدته "التخصيص" نفي احتمال الشركة قطعاً للإلحاق بالقياس""العضد على ابن الحاجب 2/124".
وانظر: الإحكام للآمدي 2/264، إرشاد الفحول ص130.
اُسْتُدِلَّ1 لِلأَوَّلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، بِرُجُوعِ الصَّحَابَةِ2 إلَى التَّمَسُّكِ بِقَضَايَا الأَعْيَانِ3، كَقَضِيَّةِ4 مَاعِزٍ، وَدِيَةِ الْجَنِينِ5، وَالْمُفَوَّضَةِ6، وَالسُّكْنَى لِلْمَبْتُوتَةِ7، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
1 في ش: استدلال.
2 ساقطة من ش.
3 انظر: تيسير التحرير 1/252، فواتح الرحموت 1/280، الإحكام للآمدي 2/263، العضد على ابن الحاجب 2/123، العدة 1/332، 335.
4 في ز ع: كقصة.
5 سبق تخريج حديث دية الجنين في المجلد الثاني ص370.
6 المفوضة هي المرأة التي فوضت نكاحها إلى الزوج حتى تزوجها من غير مهر، وقال الفيومي: وقيل: فوضت أي أهملت حكم المهر، فهي مفوضة اسم فاعل، وقال بعضهم: مفوضة، اسم مفعول، لأن الشرع فوض أمر المهر إليها في إثباته وإسقاطه" "المصباح المنير 2/742".
وحديث المفوضة هو حديث بروع بنت واشق الذي رواه علقمة عن معقل بن سنان الأشجعي قال علقمة: أتي عبد الله في امرأة تزوجها رجل ثم مات عنها، ولم يفرض لها صداقاً، ولم يكن دخل بها، قال: فاختلفوا إليه، فقال: أرى لها مثل مهر نسائها، ولها الميراث وعليها العدة، فشهد معقل بن سنان الأشجعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى لبروع ابنة واشق بمثل ما قضى".
وقال علي: لا صداق لها، وكذلك قال زيد، وبهذا أخذ الإمام مالك، وأخذ سفيان والحسن وقتادة بقول ابن مسعود.
"انظر: سنن أبي داود 1/487، سنن النسائي 6/99، 164، سنن ابن ماجه 1/609، مسند أحمد 1/431ن سنن الدارمي 2/155، المستدرك 2/180، أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ص45، تخريج أحاديث البردوي ص161، 237".
7 ساقطة من ز ض ع.
والمبتوتة هي المطلقة طلاقاً باتا بائناً، كالمطلقة ثلاثاً، فلا يجوز لزوجها أن يراجعها أو يعود إليها، وقال بعض الفقهاء بأنه لا نفقة ولا سكن لها، لما رواه الإمام مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن فاطمة بنت قيس قالت:"طلقني زوجي ثلاثاً، فلم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة" وقال الجمهور: لها السكنى ولا نفقة لها، لقوله تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ} الطلاق/6، ولقوله تعالى:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} الطلاق/1.
"انظر: صحيح مسلم 2/1114، سنن أبي داود 1/532، سنن النسائي 6/175، تحفة الأحوذي 4/351، سنن ابن ماجه 1/656، تخريج أحاديث البردوي ص161، 163، أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ص55، مسند أحمد 6/373، 411، النهاية في غريب الحديث 1/92، نيل الأوطار 6/338".
وَأَما1 قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 لأَبِي بُرْدَةَ: "وَلا تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ3 بَعْدَك" فَلَوْلا4 أَنَّ الإِطْلاقَ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ لَمْ يَخُصَّ، وَكَذَلِكَ تَخْصِيصُ خُزَيْمَةَ بِجَعْلِ شَهَادَتِهِ كَشَهَادَتَيْنِ5.
وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} 6 وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام "بُعِثْتُ إلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ"7.
قَالُوا: لِتَعْرِيفِ8 كُلِّ مَا يَخْتَصُّ9.
1 في ش ز ع: وأيضاً.
2 ساقطة من ب.
3 في ب: لأحدٍ.
4 في ش: لو.
5 أخرج أبو داود والنسائي وأحمد والبيهقي والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شهد له خزيمة فهو حسبه" وفي رواية: "فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة شهادة رجلين" وفي رواية أحمد: "فكان خزيمة يدعى ذا الشهادتين"، وذكره البخاري ضمن حديث بلفظ:"خزيمة الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين"، وتقدمت ترجمة خزيمة بت ثابت الأنصاري "المجلد الأول ص337".
"انظر: سنن أبي داود 2/276، سنن النسائي 7/266، مسند أحمد 5/188، 189، السنن الكبرى للبيهقي 10/146، المستدرك 2/18، صحيح البخاري 2/92 المطبعة العثمانية، نيل الأوطار 5/180، تخريج أحاديث البردوي ص256".
6 الآية 28 من سبأ.
7 هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد ومسلم والدارمي عن جابر وأبي ذر مرفوعاً، وأوله: "أعطيت خمساً لم يعطيهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود
…
" الحديث.
"انظر: صحيح مسلم 1/37، مسند أحمد 1/250، 4/416، 5/145، سنن الدارمي 2/224".
8 في ش: التعريف.
9 أي لتعريف كل أحد من الناس ما يختص به من الحكام كالمقيم والمسافر، والحر والعبد، والحائض والآيسة.. وهكذا، وليس لبيان أن كل الأحكام لكل الناس.
"انظر: العضد على ابن الحاجب 2/123، الإحكام للآمدي 2/263، فواتح الرحموت 8/280".
قُلْنَا: إذَا لَمْ يَكُنْ اخْتِصَاصٌ ظَهَرَ اقْتِصَارُ الْحُكْمِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَأَيْضًا فَقَوْلُ1 الرَّاوِي "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَضَى" يَعُمُّ، وَلَوْ اخْتَصَّ بِمَنْ سَوْقُهُ لَهُ2 لَمْ يَعُمَّ لاحْتِمَالِ سَمَاعِ الرَّاوِي أَمْرًا أَوْ3 نَهْيًا لِوَاحِدٍ، فَلا يَكُونُ عَامًّا4.
قَالُوا: لَنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَطْعِ وَالتَّخْصِيصِ.
قُلْنَا: سِيقَ جَوَابُهُمَا.
قَالُوا: يَلْزَمُ مِنْهُ5 عَدَمُ فَائِدَةٍ حُكْمِيٍّ6 عَلَى الْوَاحِدِ7.
1 في ض ب: قول.
2 ساقطة من ز ض ع.
3 في و: ع.
4 ستأتي هذه المسألة في الصفحة التالية.
5 ساقطة من ز ض ع ب.
6 في ز: الحكم، وفي ع: حكم.
7 هذا طرف من حديث، وتتمته "حكمي على الواحد، حكمي على الجماعة" وفي لفظ "كحكمي على الجماعة"، وهو حديث لا أصل له، كما قال العراقي، وقال: سئل عنه المزي والذهبي فأنكره، ولكن وردت احاديث كثيرة تشهد لصحة معناه، منها ما رواه الإمام مالك وأحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والدارقطني من حديث أميمة بنت رقيقة أنها قالت:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة من الأنصار نبايعه، فقلنا: يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نأتي ببهتان نفتريه بين لأيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، قال: "فيما استطعتن وأطقتن"، قال: قلنا الله ورسول أرحم بنا، هلم نبايعك يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة" أو "مثل قولي لا مرأة واحدة"، قال ابن كثير في تفسيره: إسناده صحيح، وقال الترمذي: حسن صحيح، ورواه ابن ماجه مختصراً بدون الجملة الأخيرة.
"انظر: تحفة الأحوذي 5/220، سنن النسائي 7/134، سنن ابن ماجه 2/959، سنن الدارقطني 4/146، مسند أحمد 6/357، الموطأ ص608 ط الشعب، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص293، كشف الخفا 1/436، تفسير ابن كثير 4/352 طبعة عيسى الحلبي، فيض القدير 3/16".
قُلْنَا: الْحَدِيثُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ أَصْلاً.
"وَفِعْلُهُ" أَيْ فِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "فِي تَعَدِّيهِ إلَيْهَا" أَيْ إلَى الأُمَّةِ "كَخِطَابٍ خَاصٍّ بِهِ" أَيْ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي1 أَنَّ فِعْلَهُ مُخْرَجٌ عَلَى الْخِلافِ فِي الْخِطَابِ الْمُتَوَجَّهِ إلَيْهِ 2عِنْدَ الأَكْثَرِ3.وَالْخِطَابُ الْمُتَوَجَّهُ إلَيْهِ لا4 يَخْتَصُّ بِهِ إلَاّ بِدَلِيلٍ، فَكَذَا5 فِعْلُهُ6.
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: يَتَعَدَّى فِعْلُهُ إذَا عُرِفَ وَجْهُهُ. يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ خِطَابُهُ7.
"فَائِدَةٌ":
"نَحْوُ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ8" وَقَوْلُهُ: قَضَى رَسُولُ
1 في ز: أنه.
2 ساقطة من ز.
3 انظر: مختصر البعلي ص114.
4 في ز: ولا.
5 في ش: وكذا.
6 انظر: العدة 1/318.
7 وهو قول أبي المعالي وغيره، "انظر: مختصر البعلي ص114".
8 هذا الحديث رواه الإمام مالك وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً.
"انظر: الموطأ ص412 ط الشعب، المنتقى 5/41، مسند أحمد 1/116، 302، 2/154، صحيح مسلم 3/1153، سنن أبي داود 2/228، تحفة الأحوذي 4/426، سنن النسائي 7/230، سنن ابن ماجه 2/739، سنن الدارمي 2/251، مختصر سنن أبي داود 5/45، نيل الأوطار 5/166".
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ 1 "يَعُمُّ كُلَّ غَرَرٍ" وَكُلَّ جَارٍ2.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ الأُصُولِيِّينَ3.
لَنَا: أَنَّ الصَّحَابِيَّ الرَّاوِيَ4 عَدْلٌ عَارِفٌ بِاللُّغَةِ، فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ صِيغَةَ الْعُمُومِ، وَهِيَ الْجَارُ وَالْغَرَرُ، لِكَوْنِهِمَا مُعَرَّفَيْنِ فَاللَاّمُ الْجِنْسِ، إلَاّ إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ صِيغَةَ الْعُمُومِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الظَّاهِرُ5 أَنَّهُ سَمِعَ6 صِيغَةَ الْعُمُومِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ الصِّدْقُ فِيمَا فَعَلَهُ، فَوَجَبَ اتِّبَاعُهُ7.
1 روى هذا الحديث بهذا اللفظ النسائي عن أبي رافع، ورواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بلفظ "الجار أحق بشفعة جاره" ورواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه عن سمرة مرفوعاً بلفظ:"جار الدار أحق بالدار من غيره".
"انظر: مسند أحمد 3/353، 5/17، 22، سنن أبي داود 2/256، سنن النسائي 7/281، تحفة الأحوذي 4/609، سنن ابن ماجه 2/833، أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ص88، مختصر سنن أبي داود 5/169 وما بعدها، نيل الأوطار 5/375".
2 اختار هذا القول الآمدي والشوكاني وغيرهما، وقال الرازي:"فالاحتمال فيهما، ولكن جانب العموم أرجح""المحصول ج1 ق2/647".
"وانظر: الإحكام للآمدي 2/255، إرشاد الفحول ص125، التلويح على التوضيح 1/271، فواتح الرحموت 1/294، تيسير التحرير 1/249، الإحكام لابن حزم 1/384، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/119، مختصر الطوفي ص103، مختصر البعلي ص112، الروضة 2/235".
3 انظر: نهاية السول 2/89، المستصفى 2/66، الإحكام للآمدي 2/255، البرهان 1/348، المحصول ج1 ق2/642، شرح تنقيح الفصول ص188، التلويح على التوضيح 1/271، فواتح الرحموت 1/294، شرح الورقات ص105، اللمع ص17، التمهيد ص98، نزهة الخاطر 2/145، العضد على ابن الحاجب 2/119، جمع الجوامع 2/36، الروضة 2/235، مختصر الطوفي ص103، مختصر البعلي ص113، مباحث الكتاب والسنة ص156.
4 ساقطة من ض.
5 ساقطة من ز ع ض ب.
6 في ش: لم ينقل.
7 انظر: الإحكام للآمدي 2/255، العضد على ابن الحاجب 2/119، التوضيح على التنقيح 1/271، فواتح الرحموت 1/294، تيسير التحرير 1/249، إرشاد الفحول ص125، الروضة 2/235، مختصر الطوفي ص103.
وَاحْتَجَّ1 الْخَصْمُ عَلَى أَنَّهُ لا عُمُومَ لَهُ2؛ لأَنَّهُ حِكَايَةُ الرَّاوِي، وَحِينَئِذٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِأَنْ رَأَى3 عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ نَهَى عَنْ غَرَرٍ خَاصٍّ، أَوْ قَضَى لِجَارٍ4 خَاصٍّ، فَنَقَلَ صِيغَةَ الْعُمُومِ لِظَنِّهِ عُمُومَ الْحُكْمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ صِيغَةً خَاصَّةً، فَتَوَهَّمَ أَنَّهَا عَامَّةٌ، فَنَقَلَهَا عَامَّةً، وَحِينَئِذٍ فَلا يُمْكِنُ الاحْتِجَاجُ بِهِ؛ لأَنَّ الاحْتِجَاجَ بِالْمَحْكِيِّ، لا5 بِالْحِكَايَةِ، إلَاّ إذَا طَابَقَتْهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِلاحْتِمَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ6.
قُلْنَا: مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الاحْتِمَالَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَادِحًا فَهُوَ خِلافُ الظَّاهِرِ، لأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الرَّاوِي مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلأَنَّ اللَاّمَ غَالِبًا لِلاسْتِغْرَاقِ، فَحَمْلُهُ عَلَى
1 في ز: فاحتج.
2 ساقطة من ش.
3 في ش: روى عن.
4 في ش: لعارض.
5 ساقطة من ب.
6 انظر أدلة الجمهور في عدم العموم في "المحلي على جمع الجوامع 2/36، الإحكام للآمدي 2/255، المحصول ج1 ق2/642، شرح تنقيح الفصول ص188، التلويح على التوضيح 1/271، فواتح الرحموت 1/294، تيسير التحرير 1/249، شرح الورقات ص106، العضد على ابن الحاجب 2/119، نهاية السول 2/89، المستصفى 2/66، 67، التمهيد ص97، اللمع ص17، الروضة 2/235، مختصر ص103، إرشاد الفحول ص125، مباحث الكتاب والسنة ص157".
الْعَهْدِ خِلافُ الْغَالِبِ1.
1 ذكر القاضي أبو بكر الباقلاني في "التقريب" والأستاذ أبو منصور والشيخ أبو إسحاق والقاضي عبد الوهاب وصححه، وحكاه عن أبي القفال: التفصيل بين أن يقترن الفعل بحرف "أن"، فيكون للعموم، كقوله:"قضى أن الخراج بالضمان" وبين لا يقترن فيكون خاصاً، نحو "قضى بالشفعة للجار".
وذهب بعض المتأخرين إلى أن النزاع لفظي من جهة أن المانع للعموم ينفي عموم الصيغة المذكورة، والمثبت للعموم فيها هو باعتبار خارجي. "انظر: إرشاد الفحول ص125".
"وانظر: الإحكام للآمدي 2/255، فواتح الرحموت 1/293، تيسير التحرير 1/249، العضد على ابن الحاجب 2/119، نزهة الخاطر 2/146، مختصر الطوفي ص103، إرشاد الفحول ص125".