المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب المطلق: "الْمُطْلَقِ" مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةٍ تَدُورُ عَلَى مَعْنَى الانْفِكَاكِ مِنْ - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ٣

[ابن النجار الفتوحي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌باب الأمر

- ‌فصل الأمر حقيقة في الوجوب

- ‌باب النهي:

- ‌باب العام:

- ‌فصل العام بعد تخصيصه:

- ‌فصل إطلاق جمع المشترك على معانيه

- ‌فَصْلٌ لَفْظُ الرِّجَالِ وَالرَّهْطِ لا يَعُمُّ النِّسَاءَ وَلا الْعَكْسَ:

- ‌فصل القران بين شيئين لفظا لا يقتضي التسوية بينهما حكما

- ‌باب التخصيص:

- ‌فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْمُخَصَّصِ الْمُتَّصِلِ

- ‌فصل المخصص المتصل الثالث الصفة

- ‌فصل المخصص المتصل الرابع الغاية:

- ‌فصل تخصيص الكتاب ببعضه وتخصيصه بالسنة مطلقا

- ‌فصل تقديم الخاص على العام مطلقا

- ‌باب المطلق:

- ‌بَابُ الْمُجْمَلِ:

- ‌بَابُ الْمُبَيَّنِ:

- ‌باب الظاهر:

- ‌بَابُ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ:

- ‌فصل إذا خص نوع بالذكر مما لا يصح لمسكوت عنه فله مفهوم:

- ‌فَصْلٌ: كَلِمَةُ إنَّمَا:

- ‌بَابٌ النسخ:

- ‌فصل يجوز نسخ التلاوة دون الحكم ونسخ الحكم دون التلاوة ونسخهما معا:

- ‌فَصْلٌ يَسْتَحِيلُ تَحْرِيمُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى:

الفصل: ‌ ‌باب المطلق: "الْمُطْلَقِ" مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةٍ تَدُورُ عَلَى مَعْنَى الانْفِكَاكِ مِنْ

‌باب المطلق:

"الْمُطْلَقِ" مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةٍ تَدُورُ عَلَى مَعْنَى الانْفِكَاكِ مِنْ الْقَيْدِ1، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: هُوَ [مَا تَنَاوَلَ وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةٍ شَامِلَةٍ لِجِنْسِهِ] .

فَخَرَجَ بِقَوْلِنَا "مَا تَنَاوَلَ وَاحِدًا" أَلْفَاظُ الأَعْدَادِ الْمُتَنَاوِلَةُ لأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ.

وَخَرَجَ بِ "غَيْرَ مُعَيَّنٍ" الْمَعَارِفُ كَزَيْدٍ وَنَحْوِهِ.

وَبِبَاقِي2 الْحَدِّ: الْمُشْتَرَكُ وَالْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ، فَإِنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا يَتَنَاوَلُ وَاحِدًا لا بِعَيْنِهِ لا بِاعْتِبَارِ حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ.

وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} 3 وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "لا نِكَاحَ إلَاّ بِوَلِيٍّ" 4 فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ لَفْظِ "الرَّقَبَةِ" وَ "الْوَلِيِّ" قَدْ يَتَنَاوَلُ وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ مِنْ جِنْسِ الرِّقَابِ5 وَالأَوْلِيَاءِ.

وَفِيهِ حُدُودٌ غَيْرُ ذَلِكَ، قَلَّ أَنْ يَسْلَمَ مِنْهَا حَدٌّ6

1 انظر معجم مقاييس اللغة 3/420.

2 في ع: ومافي. وفي ض: ويأتي. وفي ب: باقي.

3 الآية 3 من المجادلة.

4 سبق تخريجه في ج2 ص551.

5 في ش: الرقيات.

6 انظر تعريفات الأصوليين في "البرهان 1/256، المسودة ص147، الإحكام للآمدي 3/3، كشف الأسرار 2/286، المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/44، إرشاد الفحول ص 164، فواتح الرحموت 1/360، المحصول ج1ق3/521، التعريفات للجرجاني ص115، الحدود للباجي ص47، نشر البنود على مراقي السعود 1/264، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب2/155، مناهج العقول 2/138، شرح تنقيح الفصول ص 266".

ص: 392

"وَ" يُقَابِلُ الْمُطْلَقَ "الْمُقَيَّدُ" وَهُوَ "مَا تَنَاوَلَ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا بِزَائِدٍ1" أَيْ2 بِوَصْفٍ زَائِدٍ "عَلَى حَقِيقَةِ جِنْسِهِ"3 نَحْوُ " شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَ "4 رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ5 وَهَذَا الرَّجُلُ.

وَتَتَفَاوَتُ مَرَاتِبُهُ فِي تَقْيِيدِهِ بِاعْتِبَارِ قِلَّةِ الْقُيُودِ وَكَثْرَتِهَا، فَمَا كَثُرَتْ فِيهِ قُيُودُهُ كَقَوْله تَعَالَى:{عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ} 6 الآيَةَ7أَعْلَى رُتْبَةً مِمَّا قُيُودُهُ أَقَلُّ.

"وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ" أَيْ الإِطْلاقُ وَالتَّقْيِيدُ "فِي لَفْظٍ" وَاحِدٍ "بِا" عْتِبَارِ "الْجِهَتَيْنِ" فَيَكُونَ اللَّفْظُ مُقَيَّدًا مِنْ وَجْهٍ مُطْلَقًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ8.

نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} 9 قُيِّدَتْ الرَّقَبَةُ10 مِنْ حَيْثُ الدِّينُ وَالإِيمَانُ11 فَتَتَعَيَّنُ12 الْمُؤْمِنَةُ لِلْكَفَّارَةِ، وَأُطْلِقَتْ مِنْ حَيْثُ مَا سِوَى الإِيمَانِ مِنْ

1 ساقطة من ض ب. وفي متن مختصر التحرير: زائداً.

2 ساقطة من ع ض ب.

3 انظر تعريفات للمقيد في " الحدود للباجي ص 48، فواتح الرحموت 1/360، إرشاد الفحول ص164، كشف الأسرار 2/286، الإحكام للآمدي 3/4، شرح العضد 2/155، مناهج العقول 2/138، شرح تنقيح الفصول ص266، روضة الناظر ص260".

4 الآية 4 من المجادلة.

5 الآية 92من النساء.

6 في ش: قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً.

7 الآية 5 من التحريم.

8 شرح تنقيح الفصول ص266.

9 الآية 92 من النساء.

10 ساقطة من ش.

11 في ش: والإيمان.

12 في ب: فتعين.

ص: 393

الأَوْصَافِ، كَكَمَالِ الْخِلْقَةِ وَالطُّولِ وَالْبَيَاضِ وَأَضْدَادِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَالآيَةُ مُطْلَقَةٌ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَفِي كُلِّ كَفَّارَةٍ مُجْزِئَةٍ، مُقَيَّدَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُطْلَقِ1 الرِّقَابِ وَمُطْلَقِ الْكَفَّارَاتِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الإِطْلاقَ وَالتَّقْيِيدَ تَارَةً يَكُونَانِ فِي الأَمْرِ، كَأَعْتِقْ رَقَبَةً وَأَعْتِقْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، وَتَارَةً فِي الْخَبَرِ، كَـ "لا نِكَاحَ إلَاّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ" 2، وَ "لا نِكَاحَ إلَاّ بِوَلِيٍّ مرشد 3 وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ 4 ".

قَالَ الطُّوفِيُّ: وَهُمَا فِي الأَلْفَاظِ مُسْتَعَارَانِ مِنْهُمَا فِي الأَشْخَاصِ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَوْ حَيَوَانٌ مُطْلَقٌ: إذَا خَلا عَنْ قَيْدٍ أَوْ عِقَالٍ، وَمُقَيَّدٌ إذَا كَانَ فِي رِجْلِهِ قَيْدٌ أَوْ عِقَالٌ أَوْ شِكَالٌ وَنَحْوُهُ مِنْ مَوَانِعِ الْحَيَوَانِ مِنْ الْحَرَكَةِ الطَّبِيعِيَّةِ الاخْتِيَارِيَّةِ.

فَإِذَا قُلْنَا: أَعْتِقْ رَقَبَةً فَهَذِهِ الرَّقَبَةُ شَائِعَةٌ فِي جِنْسِهَا شُيُوعُ الْحَيَوَانِ الْمُطْلَقِ بِحَرَكَتِهِ الاخْتِيَارِيَّةِ بَيْنَ جِنْسِهِ، وَإِذَا قُلْنَا: أَعْتِقْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، كَانَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ لَهَا كَالْقَيْدِ الْمُمَيِّزِ لِلْحَيَوَانِ الْمُقَيَّدِ مِنْ بَيْنِ أَفْرَادِ جِنْسِهِ، وَمَانِعَةً لَهَا مِنْ الشُّيُوعِ، كَالْقَيْدِ الْمَانِعِ لِلْحَيَوَانِ مِنْ الشُّيُوعِ بالْحَرَكَةِ 5فِي جِنْسِهِ.

وَهُمَا أَمْرَانِ نِسْبِيَّانِ بِاعْتِبَارِ الطَّرَفَيْنِ، فَمُطْلَقٌ لا مُطْلَقَ بَعْدَهُ كَمَعْلُومٍ،

1 ساقطة من ض.

2 أخرجه بهذا اللفظ البيهقي عن عائشة وابن عباس مرفوعاً وعن عمر موقوفاً، وأخرجه أيضاً ابن حبان عن عائشة مرفوعاً.

وجاء في سائر تلك الروايات، وشاهدي عدل، "انظر سنن البيهقي 7/124-126، الدارية لتخريج أحاديث الهداية 2/55".

3في ش: رشيد.

4 أخرجه بهذا اللفظ البيهقي في سننه عن ابن عباس موقوفاً. "سنن البيهقي 7/112"

5 في ش: والحركة.

ص: 394

وَمُقَيَّدٌ لا مُقَيَّدَ بَعْدَهُ كَزَيْدٍ، وَبَيْنَهُمَا وَسَائِطُ تَكُونُ مِنْ الْمُقَيَّدِ بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلُ، وَمِنْ الْمُطْلَقِ بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدُ، كَجِسْمٍ وَحَيَوَانٍ وَإِنْسَانٍ1.

قَالَ الْهِنْدِيُّ: فَالْمُطْلَقُ الْحَقِيقِيُّ: مَا دَلَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ فَقَطْ وَالإِضَافِيُّ مُخْتَلِفٌ2.

"وَهُمَا" أَيْ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ "كَعَامٍّ وَخَاصٍّ" فِيمَا ذُكِرَ مِنْ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ مِنْ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٍ فِيهِ وَمُخْتَارٍ مِنْ الْخِلافِ.

فَيَجُوزُ تَقْيِيدُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ وَبِالسُّنَّةِ، وَتَقْيِيدُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ وَبِالْكِتَابِ، وَتَقْيِيدُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالْقِيَاسِ، وَمَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُخَالَفَةِ وَفِعْلُ3 النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَقْرِيرُهُ، وَمَذْهَبُ الصَّحَابِيِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ، عَلَى الأَصَحِّ فِي الْجَمِيعِ4.

"لَكِنْ" بَيْنَهُمَا فَرْقٌ5 مِنْ وُجُوهٍ:

فَمِنْ6 ذَلِكَ: "إنْ وَرَدَا" أَيْ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ "وَاخْتَلَفَ7 حُكْمُهُمَا" أَيْ حُكْمُ8 الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ "فَلا حَمْلَ مُطْلَقًا" أَيْ سَوَاءٌ اتَّفَقَ السَّبَبُ أَوْ اخْتَلَفَ9.

1 انظر شرح تنقيح الفصول ص266.

2 نحو"رجل" و "رقبة" فإنه مطلق بالإضافة إلى "رجل عالم" و"رقبة مؤمنة"، ومقيد بالإضافة إلى الحقيقي، لأنه يدل على واحد شائع، وهما قيدان زائدان على الماهية. "إرشاد الفحول ص164".

3 في ش: وبعد.

4 انظر نشر البنود على مراقي السعود 1/266.

5 في ع: فروقاً. وفي ض. ب: فروق.

6 في ش ز: من.

7 في ش: فاختلف.

8 ساقطة من ض ب.

9 انظر "القواعد والفوائد الأصولية ص280، نهاية السول 2/140، روضة الناظر ص 266، مختصر الطوفي ص115، العدة 2/636، الإشارات للباجي ص41، التبصرة ص212، المحصول ج1ق3/214، فواتح الرحموت 1/361، إرشاد الفحول ص166، المعتمد 1/312، الإحكام للآمدي 3/4، شرح العضد 2/156، كشف الأسرار 278، المستصفى 2/185، التلويح على التوضيح 1/63، المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/57، الآيات البينات 3/97، التمهيد للآسنوي ص 127".

ص: 395

مِثَالُ اتِّفَاقِهِ: التَّتَابُعُ فِي صِيَامِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ1.فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ2، وَإِطْلاقِ الإِطْعَامِ فِيهَا.

وَمِثَالُ اخْتِلافِ السَّبَبِ: الأَمْرُ بِالتَّتَابُعِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَإِطْلاقُ الإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ.

"وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، فَتَارَةً يَتَّحِدُ سَبَبُهُمَا وَتَارَةً يَخْتَلِفُ:

"فَإِنْ اتَّحَدَ سَبَبُهُمَا" أَيْ سَبَبُ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَ3مَعَ اتِّحَادِ سَبَبِهِمَا: تَارَةً يَكُونَانِ مُثْبَتَيْنِ، وَتَارَةً يَكُونَانِ نَهْيَيْنِ، وَتَارَةً يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَمْرًا وَالآخَرُ نَهْيًا.

"فَإِنْ كَانَا مُثْبَتَيْنِ" أَوْ4 فِي مَعْنَى الْمُثْبَتِ، كَالأَمْرِ كَأَعْتِقْ فِي الظِّهَارِ رَقَبَةً، ثُمَّ قَالَ: أَعْتِقْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، حُمِلَ مِنْهُمَا مُطْلَقٌ وَلَوْ تَوَاتُرًا عَلَى مُقَيَّدٍ وَلَوْ آحَادًا" عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ5

1 في ض: يمين.

2 حيث قرأ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ} "المائدة 89" انظر أحكام القرآن لجصاص 2/461، فتح القدير للشوكاني 2/72، أحكام القرآن لابن العربي 2/654".

3 ساقطة من ش.

4 في ش: أي.

5 انظر" المحصول ج1ق3 215، الإحكام للآمدي 2/4، اللمع ص 24، القواعد والفوائد الأصولية ص281، العدة 2/628، شرح تنقيح الفصول ص266، مناهج العقول 2/139، نهاية السول 2/140، إرشاد الفحول ص164، فواتح الرحموت 1/362، التلويح على التوضيح 1/63، المستصفى 2/185، كشف الأسرار 2/287، المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/50، الآيات البينات 3/93، شرح العضد 2/156، التمهيد للآسنوي ص 127".

ص: 396

وَغَيْرِهِمْ1، وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا2.

وَحُكِيَ فِيهِ خِلافٌ عَنْ3 الْحَنَفِيَّةِ4 وَالْمَالِكِيَّةِ5.

وَقِيلَ لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فِي تَعْلِيقِهِ: فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ "أَمَرَ الْمُحْرِمَ بِقَطْعِ الْخُفِّ"6 وَأَطْلَقَ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ7، فَيُحْمَلَ عَلَيْهِ؟

1 انظر المعتمد للبصري 1/312.

2 حكاية للمصنف الإجماع على المجد غير دقيقة، أقول المجد في "السودة" ص 146: فإن كان المطلق والمقيد مع اتحاد السبب والحكم في شيء واحد، كما لو قال "إذا حنثتم فعليكم عتق الرقبة" وقال في موضع آخر "إذا حنثتم فعليكم عتق رقبة مؤمنة" فهذا لاخلاف فيه، وإنه يحمل المطلق على المقيد، اللهم أن لا يكون المقيد آحاداً والمطلق تواتراً، فينبني على مسألة الزيادة على النص، هل هي نسخ؟ وعلى النسخ للتواتر بالأحاد، والمنع قول الحنفية".

3 في ش: عند.

4 الصواب أن رأي الحنفية موافق في الجملة لمذهب الجمهور في حمل المطلق على المقيد إذا اتحد الحكم والسبب، وكان الحكم مثبتاً.

"انظر: التلويح على التوضيح 1/63 وما بعدها، كشف الأسرار 2/287، فواتح الرحموت 1/362".

انظر الإشارات للباجي ص 42.

5 انظر الإشارات للباجي ص 42.

6 أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ، ولفظه: عن ابن عمر رضي الله عنهما " أن رجلاً قال: يا رسول الله! ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرنس ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعلين، فيلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين" "انظر صحيح البخاري 2/168، صحيح مسلم 2/834، سنن النسائي 5/102، الموطأ 1/35، عارضة الأحوذي 4/54، بذل المجهود 9/47، جامع الأصول 3/390".

7 أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. ولفظ البخاري: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فقال: "من لم يجد الإزار فليلبس السراويل، ومن لم يجد النعلين فيلبس الخفين". "انظر صحيح البخاري 3/21، صحيح مسلم 2/835، بذل المجهود 9/56، عارضة الأحوذي 4/57، سنن النسائي 5/101، جامع الأصول 3/392".

ص: 397

فَقَالَ: إنَّمَا يُحْمَلُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأْوِيلُهُ، وَتَأَوَّلْنَا1 التَّقْيِيدَ عَلَى الْجَوَازِ، وَعَلَى أَنَّ الْمَرُّوذِيَّ2 قَالَ: احْتَجَجْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا، وَقُلْتُ: فِيهِ زِيَادَةٌ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ، وَذَاكَ حَدِيثٌ، وَظَاهِرُ3 هَذَا: أَنَّهُ لَمْ يُحْمَلْ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ.

وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الانْتِصَارِ: لا يُحْمَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ4 فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ5، وَإِنْ سَلَّمْنَا عَلَى رِوَايَةٍ، فَإِنْ6 لَمْ يُمْكِنْ التَّأْوِيلُ7. اهـ.

وَاسْتَدَلَّ لِلأَوَّلِ بِأَنَّهُ عَمَلٌ بِالصَّرِيحِ وَالْيَقِينِ مَعَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا.

ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُقَيَّدُ آحَادًا وَالْمُطْلَقُ تَوَاتُرًا انْبَنَى عَلَى الزِّيَادَةِ هَلْ هِيَ نَسْخٌ؟ وَعَلَى نَسْخِ التَّوَاتُرِ بِالآحَادِ، وَالْمَنْعُ لِلْحَنَفِيَّةِ8.

وَالأَصَحُّ: أَنَّ الْمُقَيَّدَ بَيَانٌ لِلْمُطْلَقِ9.

وَقِيلَ: نَسْخٌ إنْ تَأَخَّرَ الْمُقَيَّدُ.

وَقِيلَ: عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْمُطْلَقِ.

وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِنَسْخٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِيمَا إذَا وَرَدَ عَامٌّ

1 في ز: وتأويلنا.

2 في ش زض: المروزي.

3 في ش: وظاهر.

4 أي الإمام أحمد.

5 في ش زض: المرزوي.

6 في ش: فإن.

7 انظر القواعد والفوائد الأصولية ص281.

8 انظر فواتح الرحموت 2/76، والتلويح على التوضيح 2/36، فتح الغفار 2/134، المسودة ص146.

9 انظر القواعد والفوائد الأصولية ص 282، التمهيد للآسنوي ص 127.

ص: 398

وَخَاصٌّ، سَوَاءٌ كَانَا مُقْتَرِنَيْنِ أَوْ لا.

وَانْبَنَى 1عَلَى نَسْخِ التَّوَاتُرِ بِالآحَادِ. وَالصَّحِيحُ: عَلَى أَنَّهُ لا يُنْسَخُ بِهِ، فَإِذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ2 نَسْخًا، وَأَنَّ الآحَادَ لا يَنْسَخُ التَّوَاتُرَ عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا، فَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْمُقَيَّدَ بَيَانٌ لِلْمُطْلَقِ كَتَخْصِيصِ3 الْعَامِّ، وَكَمَا لا يَكُونُ تَأْخِيرُ الْمُطْلَقِ نَسْخًا لِلْمُقَيَّدِ مَعَ رَفْعِهِ لِتَقْيِيدِهِ فَكَذَا عَكْسُهُ.

"وَمُقَيَّدٌ" يَعْنِي أَنَّ اللَّفْظَ الْمُقَيَّدَ "وَلَوْ" وَرَدَ "مُتَأَخِّرًا" عَنْ الْمُطْلَقِ فَهُوَ "بَيَانٌ لِلْمُطْلَقِ" وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الأَكْثَرُونَ4.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ إنْ تَأَخَّرَ الْمُقَيَّدُ كَانَ نَسْخًا. وَإِنْ تَقَدَّمَ كَانَ بَيَانًا5.

"وَإِنْ كَانَا" أَيْ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ "نَهْيَيْنِ" نَحْوَ لا تُعْتِقْ مُكَاتَبًا6 كَافِرًا، أَوْ لا تُكَفِّرْ بِعِتْقِ كَافِرٍ "قُيِّدَ" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ اللَّفْظُ7 "الْمُطْلَقُ بِمَفْهُومِ" اللَّفْظِ "الْمُقَيَّدِ" عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ كَوْنِ الْمَفْهُومِ حُجَّةً، لأَنَّ الْمُقَيَّدَ دَلَّ بِالْمَفْهُومِ8.

1 ساقطة من ش.

2 في ش: أيضاً.

3 في ش: لتخصيص.

4 انظر مناهج العقول 2/140، كشف الأسرار2/288، القواعد والفوائد الأصولية ص282، إرشاد الفحول ص165، نهاية السول 2/140، اللمع ص24، شرح العضد 2/156.

5 انظر المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/50، الآيات البينات 3/93، فواتح الرحموت 1/362، القواعد والفوائد الأصولية ص 282، إرشاد الفحول ص165، شرح العضد 2/156.

6 ساقطة من ش.

7 ساقطة من ع.

8 انظر خلاف الأصوليين في المسألة في "المسودة ص146، القواعد والفوائد الأصولية ص282، الآيات البينات 3/95، المعتمد للبصري، 1/313، كشف الأسرار 2/287، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/50 شرح العضد 2/157، فواتح الرحموت 1/361، التلويح على التوضيح 1/64، مناهج العقول 2/139، التمهيد للآسنوي ص 128، نهاية السول 2/140".

ص: 399

قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: فَالْقَائِلُ إنَّ الْمَفْهُومَ حُجَّةٌ يُقَيِّدُ قَوْلَهُ "لا تَعْتِقْ مُكَاتَبًا" بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ "لا تَعْتِقْ مُكَاتَبًا كَافِرًا" فَيَجُوزُ إعْتَاقُ الْمُكَاتَبِ الْمُسْلِمِ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلامِ الْمَحْصُولِ1 وَمَنْ لا يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ يَعْمَلُ بِالإِطْلاقِ، وَيَمْنَعُ إعْتَاقَ الْمُكَاتَبِ مُطْلَقًا، وَبِهَذَا قَالَ الآمِدِيُّ2 وَابْنُ الْحَاجِبِ3.انْتَهَى.

"وَكَنَهْيٍ نَفْيٌ"4 نَحْوُ لا نِكَاحَ إلَاّ بِوَلِيٍّ، لا نِكَاحَ إلَاّ بِوَلِيٍّ رَشِيدٍ5 "وَإِبَاحَةٌ وَكَرَاهَةٌ، وَفِي نَدْبٍ نَظَرٌ".

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ قُلْتُ: وَإِنْ6 كَانَا إبَاحَتَيْنِ7 فَهُمَا8 فِي مَعْنَى النَّهْيَيْنِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَا كَرَاهَتَيْنِ9، وَإِنْ كَانَا نَدْبَيْنِ، فَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ كَانَا10 خَبَرَيْنِ عَنْ11 حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَيُنْظَرَ فِي ذَلِكَ

1 المحصول ج1ق3/217.

2 الإحكام في أصول الأحكام 3/5.

3 مختصر ابن الحاجب مع شرحه للعضد 2/156.

4 انظر فواتح الرحموت 1/361، إرشاد الفحول ص 166، الآيات البينات 3/94، شرح العضد 2/157، المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/50.

5 في ش: رشيد.

6 في المسودة: وإذا.

7 في ب ع ز ض: اباحين.

8 زيادة من المسودة.

9 في ب ع ز ض: كراهيين.

10 في ض: كان.

11 في ع: في.

ص: 400

الْحُكْمِ1. اهـ.

"وَإِنْ كَانَا" أَيْ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ "أَمْرًا وَنَهْيًا" أَيْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَمْرًا وَالآخَرُ نَهْيًا "فَالْمُطْلَقُ" مِنْهُمَا "مُقَيَّدٌ بِضِدِّ الصِّفَةِ" 2كَإِنْ ظَاهَرْتَ فَأَعْتِقْ رَقَبَةً، وَلا تَمْلِكْ رَقَبَةً كَافِرَةً فَلا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِنَفْيِ الْكُفْرِ، لاسْتِحَالَةِ إعْتَاقِ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ3، وَالْحَمْلُ4 فِي ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ، لا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ حُمِلَ عَلَى الْمُقَيَّدِ5.

"وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُهُمَا" أَيْ سَبَبُ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ، كَإِعْتَاقِ الرَّقَبَةِ فِي الْقَتْلِ وَفِي الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ.

أَمَّا الظِّهَارُ: فَقَدْ وَرَدَتْ فِيهِ مُطْلَقَةً فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} 6.

وَقَالَ فِي الْيَمِينِ: {فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} إلَى قَوْلِهِ: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} 7.

وَأَمَّا فِي الْقَتْلِ: فَإِنَّهَا وَرَدَتْ فِيهِ مُقَيَّدَةً بِالإِيمَانِ فِي قَوْله تَعَالَى:

1 المسودة ص147.

2 في ش: كـ.

3 لتوقف الاعتاق على الملك.

4 في ش: والحمل.

5 انظر شرح العضد 2/156، الإحكام للآمدي 3/4، القواعد والفوائد الأصولية ص280، مناهج العقول 2/142، المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/51، الآيات البينات 3/95، التمهيد للآسنوي ص 127.

6 الآية 3من المجادلة.

7 الآية 89 من المائدة.

ص: 401

{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ 1 وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ} 2.

وَمِنْ ذَلِكَ -وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِثَالاً لِلنَّدْبَيْنِ- قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} 3 وقَوْله تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} 4 حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ قِيَاسًا بِجَامِعٍ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَحْمَدَ5 وَالشَّافِعِيِّ6 رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِمَا7 لِتَخْصِيصِ8 الْعُمُومِ بِالْقِيَاسِ.

قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ: وَبِهِ تَقُولُ الْمَالِكِيَّةُ9 وَالشَّافِعِيَّةُ10 وَالآمِدِيُّ11 وَابْنُ

1 في ش: مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية.

2 الآية 92 من النساء.

3 الآية 282 من البقرة.

4 الآية 2 من الطلاق.

5 انظر القواعد والفوائد الأصولية ص283، المسودة ص145،العدة 2/638، روضة الناظر ص 261.

6 انظر مناهج العقول 2/139، شرح العضد 2/157، التمهيد للآسنوي ص 128، الإحكام للآمدي 3/5، الآيات البينات 3/97، نهاية السول 2/141، المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/51.

7في ش: أصحابنا.

8 في ش: كتخصيص.

9 عزو ابن قاضي الجبل القول يحمل المطلق على المقيد في هذه الحالة للمالكية غير سديد، فقد جاء في "الإشارات" للباجي ص41:".....فإن تعلق بسببين مختلفين، نحو أن يفيد الرقبة في القتل بالإيمان، ويطلقها في الظهار، فإنه لايحمل المطلق على المقيد عند أكثر أصحابنا إلا بدليل يقتضى ذلك" وذكر الشنقيطي المالكي في "نشر البنود" 1/268، أن جل المالكية لا يحملون المطلق على المقيد مع اتحاد الحكم إذا اختلف السبب. وقال القرافي في "شرح تنقيح الفصول ص 267: وأما إذا اختلف السبب واتحد الحكم فالذي حكاه القاضي عبد الوهاب في كتاب" الإفادة" وكتاب "الملخص" عن المذهب: عدم الحمل إلا القليل من أصحابنا".

10 اللمع ص 24، نهاية السول 2/141، مناهج العقول 2/139، التبصرة ص216، التمهيد للآسنوي ص128، الآيات البينات 3/97، المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/51، إرشاد الفحول ص165، المعتمد 1/313.

11 الإحكام في أصول الأحكام3/5.

ص: 402

الْحَاجِبِ1 وَالرَّازِيُّ2 وَالْبَاقِلَاّنِيّ وَنَسَبَهُ لِلْمُحَقِّقِينَ3. اهـ.

وَعَنْهُ4 لا يُحْمَلُ عَلَيْهِ وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ5 وَمَنْ تَبِعَهُمْ6.

وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:

"أَوْ" اخْتَلَفَ "سَبَبُ7 مُقَيَّدَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ وَمُطْلَقٍ" فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "حُمِلَ الْمُطْلَقُ" يَعْنِي عَلَى الْمُقَيَّدِ "قِيَاسًا بِجَامِعٍ"8.

مِثَالُ ذَلِكَ -مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ- تَتَابُعُ صَوْمِ الظِّهَارِ، فَإِنَّهُ قَدْ وَرَدَ النَّصُّ بِتَتَابُعِهِ بِقَوْلِهِ9 تَعَالَى:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ 10 فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} 11.

1 مختصر ابن الحاجب مع شرحه 2/156.

2 المحصول ج1ق3 218.

3 في ش: إلى المحققين.

4 انظر القواعد والفوائد الأصولية 283، المسودةص 145، العدة 2/638، روضة الناظر ص 261.

5 فواتح الرحموت 1/365، كشف الأسرار 2/287، التلويح على التوضيح 1/63.

6 انظر شرح تنقيح الفصول ص267، الإشارات للباجي ص42، نشر البنود على مراقي السعود 1/268.

7 في ش: سبب متناقضين.

8 انظر خلاف الأصوليين في هذه المسألة في" اللمع ص 24، العدة 2/637، شرح تنقيح الفصول ص 269، المسودة ص145، القواعد والفوائد الأصولية ص 284، نهاية السول 2/141، المحصول ج1ق3/223، المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/52، الآيات البينات 1/267، إرشاد الفحول ص167، المعتمد 1/314، فواتح الرحموت 1/365، أصول السرخسي 1/267، أدب القاضي للماوردي 1/307، التمهيد للآسنوي ص130.

9 في ز: لقوله.

10 ساقطة من ش.

11 الآية 4 من المجادلة.

ص: 403

وَتَفْرِيقُ1 صَوْمِ الْمُتْعَةِ فَإِنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِتَفْرِيقِهِ لِقَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ} 2 وَوُرُودُ3 قَضَاءِ رَمَضَانَ مُطْلَقًا4 لَمْ يَرِدْ بِهِ تَتَابُعٌ وَلا5 تَفْرِيقٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} 6 فَأَطْلَقَ الْقَضَاءَ.

وَحَيْثُ حَمَلْنَا الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ قِيَاسًا بِجَامِعٍ عَلَى الرَّاجِحِ7 مِنْ الْخِلافِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنَّهُ لا يُلْحَقُ8 بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لُغَةً بِلا خِلافٍ إذْ لا مَدْخَلَ لِلُّغَةِ فِي الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ9، قَالَهُ الْمَجْدُ فِي الْمُسَوَّدَةِ10، وَتَبِعَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ.

فَإِذَا حَمَلْنَا الْمُطْلَقَ عَلَى أَحَدِ الْمُقَيَّدَيْنِ فَيَكُونُ الْحَمْلُ عَلَى أَشْبَهِ الْمُقَيَّدَيْنِ بِالْمُطْلَقِ، قَالَ الطُّوفِيُّ11 وَغَيْرُهُ12 تَبَعًا لِلْمُوَفَّقِ فِي

1 ساقطة من ش.

2 الآية 196 من البقرة.

3 في ش: وورود.

4 في ش ز ع ب ض: مطلق.

5 في ش: ولا قضاء تفريق.

6 الآية 184 من البقرة. وقد جاء في ز ض ب: وإن كنتم مرضى أو على سفر. وهو غلط.

7 في ش: الراجح تخلصاً.

8 في ع: لاتحلق.

9 انظر القواعد والفوائد الأصولية ص 284، أدب القاضي للماوردي 1/306، التمهيد للآسنوي ص128.

10 المسودة ص 145.

11 مختصر الروضة ص 115.

12 في ز: في شرحه وغيره.

ص: 404

الرَّوْضَةِ1: حَمْلاً2 عَلَى الْمُطْلَقِ عَلَى أَشْبَهِهِمَا بِهِ.

"وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ السَّبَبُ، وَلَمْ3 يُمْكِنْ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى أَحَدِ الْمُقَيَّدَيْنِ قِيَاسًا بِجَامِعٍ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَأَحَدِ الْمُقَيَّدَيْنِ "تَسَاوَيَا" فِي عَدَمِ الْحَمْلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا "وَسَقَطَا4" كَأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا5.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ وَاحِدًا. فَإِنْ كَانَ حَمْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَرْجَحَ مِنْ الآخَرِ، بِأَنْ كَانَ الْقِيَاسُ فِيهِ أَظْهَرَ: قُيِّدَ بِهِ. لأَنَّ الْعَمَلَ بِالْقِيَاسِ الأَجْلَى أَوْلَى، فَإِنْ تَسَاوَيَا عُمِلَ بِالْمُطْلَقِ وَيُلْغَى الْمُقَيَّدَانِ6، كَالْبَيِّنَتَيْنِ7 إذَا8 تَعَارَضَتَا، فَإِنَّ الأَرْجَحَ فِيهِمَا التَّسَاقُطُ وَكَانَا9 كَمَنْ لا بَيِّنَةَ هُنَاكَ.

وَعِبَارَتُهُ فِي الْقَوَاعِدِ الأُصُولِيَّةِ، وَأَمَّا إذَا أُطْلِقَتْ الصُّورَةُ الْوَاحِدَةُ، ثُمَّ قُيِّدَتْ تِلْكَ الصُّورَةُ بِعَيْنِهَا بِقَيْدَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:"إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ" 10 وَوَرَدَ11 فِي رِوَايَةٍ: "إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ"

1 روضة الناظر ص261.

2 في ش: حملا على.

3 في ش: وإن لم.

4 في ش: ومنقطعاً.

5 انظر نهاية السول 2/141، شرح تنقيح الفصول ص269، المحلى على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/52، الآيات البينات 3/97، التمهيد للآسنوي ص 129.

6 في ع: المقيد إن كان.

7 في ع: لبنتين.

8 في ع: إن.

9 في ش: وكانا.

10 رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن. وقد تخريجه في ج2 ص368.

11 في القواعد: فإنه قد ورد.

ص: 405

رَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيُّ1 وَلَمْ يُضَعِّفْهَا2.

وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ أَنَّهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي الْخُلاصَةِ رِوَايَةُ إحْدَاهُنَّ لَمْ تَثْبُتْ3.

وَفِي رِوَايَةٍ "أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ""رَوَاهَا مُسْلِمٌ"4 وَفِي أُخْرَى "السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ" رَوَاهَا أَبُو دَاوُد5وَهِيَ 6مَعْنَى "مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ"7 "وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ" 8 قِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَتْ "ثَامِنَةً" لأَجْلِ اسْتِعْمَالِ التُّرَابِ مَعَهَا.

فَلَمَّا كَانَ الْقَيْدَانِ مُتَنَافِيَيْنِ9 تَسَاقَطَا وَرَجَعْنَا إلَى الإِطْلاقِ فِي "إحْدَاهُنَّ" فَفِي أَيْ غَسْلَةٍ جُعِلَ10 جَازَ، إذَا أَتَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مَا يُزِيلُهُ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ11.

لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي الأَوْلَوِيَّةِ12 عَلَى أَقْوَالٍ عِنْدَنَا13.

1 سنن الدارقطني 1/65.

2 هذا العزو للدارقطني غير سليم، وذلك لأن الدارقطني روى الحديث عن الجاورد عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن هبيرة عن علي مرفوعاً ثم قال بعده: الجاورد هو ابن أبي يزيد، متروك". "انظر سنن الدارقطني 1/65".

3 زيادة من القواعد والفوائد الأصولية.

4 زيادة من القواعد والفوائد الأصولية. وانظر صحيح مسلم 1/234.

5 بذل المجهود 1/191.

6 في القواعد: وهو.

7 زيادة من القواعد والفوائد الأصولية.

8 صحيح مسلم 1/235.

9 في القواعد: متنافيان.

10 في القواعد: جعله.

11 القواعد والفوائد الأصولية للبعلي ص285.

12 في ض: الأولية.

13 انظر القواعد والفوائد الأصولية ص 285.

ص: 406

أَحَدُهَا: أَنَّ إحْدَى الْغَسَلاتِ لَيْسَتْ1 بِأَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلامِ الْمُوَفَّقِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ3، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَا أَوَّلاً، وَهُوَ التَّسَاقُطُ وَالرُّجُوعُ إلَى الإِطْلاقِ.

وَعَنْهُ: الأَوْلَى4 أَنْ يَكُونَ التُّرَابُ فِي الأُولَى، وَهَذَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَالْكَافِي7، وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى الْمُصْطَلَحِ8.

وَعَنْهُ: الأَخِيرَةُ أَوْلَى.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ اتِّحَادِ السَّبَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَوْلَى بِأَحَدِ الْقَيْدَيْنِ مِنْ طَرْحِهِمَا، وَالْعَمَلُ بِالْمُطْلَقِ هُوَ مَا أَجَابَ بِهِ الْقَرَافِيُّ لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ فِي قَوْلِهِ: إنَّ الشَّافِعِيَّةَ خَالَفُوا قَاعِدَتَهُمْ فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي حَدِيثِ الْوُلُوغِ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ "إحْدَاهُنَّ" 9 وَهُوَ مُطْلَقٌ وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُولاهُنَّ وَفِي رِوَايَةٍ "أُخْرَاهُنَّ" وَهُمَا قَيْدَانِ مُتَنَافِيَانِ فَلَمْ يَحْمِلُوا وَجَوَّزُوا التَّرْتِيبَ فِي كُلٍّ مِنْ السَّبْعِ.

1 في ع ز: ليس.

2 المقنع مع الشرح الكبير 1/284.

3 انظر: المحرر لأبي البركات محمد الدين بن تيمية 1/4، القواعد والفوائد الأصولية ص 285.

4 في ز: أن الأولى.

5 المغني 1/46.

6 الشرح الكبير على المقنع 1/286.

7 الكافي 1/89.

8 انظر شرح منتهى الإرادات 1/98، كشاف القناع 1/209، الروض المربع 1/97.

9 ساقطة من ش.

ص: 407

فَقَالَ لَهُ الْقَرَافِيُّ1: ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ يَكُونُ قَيْدًا وَاحِدًا أَمَّا فِي الْقَيْدَيْنِ2 فَيُعْمَلُ بِالْمُطْلَقِ3

"وَأَصْلٌ كَوَصْفٍ فِي حَمْلٍ"4.

قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الأُصُولِيَّةِ: وَظَاهِرُ5 كَلامِ أَصْحَابِنَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الأَصْلِ، كَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ فِي الْوَصْفِ، لأَنَّهُمْ حَكَوْا فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فِي وُجُوبِ الإِطْعَامِ6 رِوَايَتَيْنِ: الْوُجُوبَ إلْحَاقًا "لِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ بِكَفَّارَةِ"7 الظِّهَارِ كَمَا حَكَوْا رِوَايَتَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ وَصْفِ الإِيمَانِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالاشْتِرَاطَ إلْحَاقًا "لِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ"8 بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ.

فَدَلَّ هَذَا مِنْ كَلامِهِمْ "عَلَى أَنَّهُ"9 لا فَرْقَ فِي الْحَمْلِ بَيْنَ الأَصْلِ وَالْوَصْفِ10.

وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّهُ11 لا فَرْقَ فِي الْحَمْلِ بَيْنَ الأَصْلِ وَالْوَصْفِ، ابْنُ خَيْرَانِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ.

وَلَكِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ "مِنْ الشَّافِعِيَّةِ"12 فِي الْبَحْرِ: الْمُرَادُ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ

1في ش: القراني.

2 أي المتعارضين اللذين يعتذر الترجيح بينهما.

3 شرح تنقيح الفصول ص 269.

4 انظر خلاف الأصوليين في هذه المسألة في" أدب القاضي للمارودي 1/305، إرشاد الفحول ص166".

5 في القواعد: فظاهر.

6 أي وجب إطعام ستين مسكيناً.

7زيادة من القواعد والفوائد الأصولية.

8 زيادة من القواعد والفوائد الأصولية.

9 زيادة من القواعد والفوائد الأصولية.

10في ش: قاله. وفي د: وممن قال بذلك.

11 في القواعد: بأن.

12 زيادة من القواعد والفوائد الأصولية.

ص: 408

عَلَى الْمُقَيَّدِ إنَّمَا هُوَ الْمُطْلَقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَصْفِ دُونَ الأَصْلِ1.

"وَمَحِلُّ حَمْلِ" مُطْلَقٍ عَلَى مُقَيَّدٍ "إذَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ" الْحَمْلُ "تَأْخِيرَ بَيَانٍ عَنْ وَقْتِ حَاجَةٍ. فَإِنْ اسْتَلْزَمَهُ حُمِلَ الْمُسَمَّى فِي إثْبَاتٍ عَلَى الْكَامِلِ الصَّحِيحِ، لا عَلَى إطْلاقِهِ فِي قَوْلٍ" لِبَعْضِ2 الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ.

قَالُوا3: الْمُطْلَقُ مِنْ الأَسْمَاءِ يَتَنَاوَلُ الْكَامِلَ مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ فِي إثْبَاتٍ لا نَفْيٍ كَالْمَاءِ وَالرَّقَبَةِ4 وَعِنْدَ5 النِّكَاحِ الْخَالِي عَنْ6 وَطْءٍ يَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا} 7 وَ "لا يَدْخُلُ"8 فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ} 9.

وَلَوْ حَلَفَ لا يَتَزَوَّجُ حَنِثَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَن لَمْ يَحْنَثْ بِمُجَرَّدِهِ10 عِنْدَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا.

وَكَذَا قَالَ11 بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْوَاجِبَاتُ الْمُطْلَقَةُ تَقْتَضِي السَّلامَةَ مِنْ الْعَيْبِ فِي عُرْفِ الشَّارِعِ بِدَلِيلِ الإِطْعَامِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالزَّكَاةِ12.

1 القواعد والفوائد الأصولية للبعلي ص 284.

2 في ش ز: بعض.

3 في ع ض ب: فقالوا.

4 انظر المسودة ص 99.

5 في ش: وعند.

6 في ش: من.

7 الآية 221 من البقرة، الآية 22 من النساء.

8 زيادة يقتضيها السياق "انظر المسودة ص99".

9 الآية 230 من البقرة.

10 ساقطة من ض.

11 في ش: وعن.

12 ساقطة من ش.

ص: 409

وَصَرَّحَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا أَنَّ إطْلاقَ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ تَقْتَضِي الصِّحَّةَ بِدَلِيلِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِيمَا إذَا اسْتَلْزَمَ الْحَمْلُ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ: أَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى إطْلاقِهِ1 قَالَهُ طَائِفَةٌ2.

قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ3 الأُصُولِيَّةِ: مَحِلُّ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ إذَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، فَإِنْ اسْتَلْزَمَهُ حُمِلَ عَلَى إطْلاقِهِ، قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا.

مِثَالُ ذَلِكَ: لَمَّا أَطْلَقَ4 النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لُبْسَ الْخُفَّيْنِ بِعَرَفَاتٍ، وَكَانَ مَعَهُ الْخَلْقُ الْعَظِيمُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْبَوَادِي وَالْيَمَنِ مِمَّنْ5 لَمْ يَشْهَدْ6 خُطْبَتَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَإِنَّهُ لا يُقَيَّدُ بِمَا قَالَهُ فِي الْمَدِينَةِ، وَهُوَ قَطْعُ الْخُفَّيْنِ7.

وَنَظِيرُ هَذَا فِي حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى إطْلاقِهِ: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ8 سَأَلَتْهُ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ "حُتِّيهِ 9، ثُمَّ اُقْرُصِيهِ، 10 ثُمَّ اغْسِلِيهِ

1 انظر المسودة ص138.

2 ساقطة من ش ز.

3 في ع ض: قواعد.

4 في القواعد: إطلاق.

5 ساقطة من القواعد والفوائد الأصولية.

6 في القواعد: يشهدوا.

7 أي بالنسبة للمحرم، كما جاء في حديث ابن عمر. "انظر بيان المسألة وتخريج أحاديثها في ص 397 من هذا الجزء".

8 في القواعد: لعائشة لما.

9 الحت: معناه أن يحك بطرف حجر أو عود. "المصباح المنير 1/146".

10 زيادة من القواعد. والقرص: معناه أن يدلك بأطراف الأصابع والأظفار دلكاً شديداً. "المصباح المنير 1/146".

ص: 410

بِالْمَاءِ" 1 لَمْ2 يَشْتَرِطْ عَدَدًا، مَعَ أَنَّهُ وَقْتُ حَاجَةٍ، فَلَوْ كَانَ الْعَدَدُ شَرْطًا لَبَيَّنَّهُ وَلَمْ يُحِلْهَا عَلَى وُلُوغِ الْكَلْبِ، فَإِنَّهَا رُبَّمَا لَمْ تَسْمَعْهُ، وَلَعَلَّهُ لَمْ3 يَكُنْ شُرِعَ الأَمْرُ4 بِغَسْلِ وُلُوغِهِ5. 1هـ.

"وَ" اللَّفْظُ "الْمُطْلَقُ ظَاهِرُ الدَّلالَةِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ، كَالْعَامِّ، لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ"6.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: الْمُطْلَقُ قَطْعِيُّ الدَّلالَةِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ7، وَظَاهِرٌ فِيهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَالْعَامِّ8، وَهُوَ يُشْبِهُهُ9 لاسْتِرْسَالِهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ، إلَاّ10 أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ، وَلِهَذَا قِيلَ: عَامٌّ عُمُومَ بَدَلٍ. اهـ.

وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمُقَيَّدَيْنِ، وَالْمُطْلَقِ: وَقَدْ عُرِفَ مِمَّا سَبَقَ دَلالَةُ الْمُطْلَقِ، وَأَنَّهُ كَالْعَامِّ فِي تَنَاوُلِهِ، وَأَطْلَقُوا عَلَيْهِ الْعُمُومَ، لَكِنَّهُ عَلَى الْبَدَلِ.

1 أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ وابن الجارود في المنتقى وغيرهم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: "أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب يصيبه دم الحيض....الحديث""انظر صحيح البخاري1/66، 84، صحيح مسلم 1/240، بذل المجهود 3/103، عارضة الأحوذي 1/219، سنن النسائي 1/161، الموطأ 1/61، الدراية لتخريج أحاديث الهداية 1/90".

2 في القواعد: ولم.

3 كذا في ش وفي القواعد والفوائد الأصولية. وفي ع ز ض ب: يشرع.

4 ساقطة من ب.

5 القواعد والفوائد الأصولية ص 286.

6 انظر القواعد والفوائد الأصولية ص 235.

7 انظر التلويح على التوضيح 1/66.

8 انظر نهاية السول 2/139 وما بعدها، المستصفى 2/186.

9 في ض: يشبه.

10 في ش: لا.

ص: 411

ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ لِلْقَاضِي1 وَقَدْ احْتَجَّ عَلَى الْقَضَاءِ فِي الْمَسْجِدِ بِقَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ} 2 لا يَدُلُّ عَلَى الْمَكَانِ، فَقَالَ: هُوَ أَمْرٌ بِالْحُكْمِ فِي عُمُومِ الأَمْكِنَةِ وَالأَزْمِنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1 في ش: وسئل القاضي.

2 الآية 49من المائدة.

ص: 412