المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقدمة الطبعة الأولى - الاستغاثة في الرد على البكري

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌القسم الأول: الدراسة

- ‌الباب الأول: في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية وترجمة البكري

- ‌الفصل الأول: ترجمة مختصرة لشيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌ ترجمة موجزة للمؤلف:

- ‌اسمه ونسبه ومولده ونشأته:

- ‌ مكانته ومنزلته:

- ‌ جهاده وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر:

- ‌ محنته وسجونه:

- ‌ مؤلفاته ورسائله:

- ‌ وفاته:

- ‌الفصل الثاني: ترجمة البكري وموقفه من شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌1 - اسمه ونسبه ومولده:

- ‌2 - شيوخه وآثاره العلمية:

- ‌3 - مذهبه الفقهي:

- ‌4 - عقيدة البكري:

- ‌5 - طريقة البكري الصوفية:

- ‌6 - منهج البكري في التكفير:

- ‌7 - مواقفه مع شيخ الإسلام ابن تيمية:

- ‌8 - موقف البكري مع السلطان (الملك الناصر محمد بن قلاوون):

- ‌9 - وفاته وشعره:

- ‌الباب الثاني: دراسة الكتاب

- ‌الفصل الأول:‌‌ الاستغاثةأقسامها وحكمها

- ‌ الاستغاثة

- ‌أقسام الاستغاثة:

- ‌الاستغاثة المشروعة

- ‌ الاستغاثة الممنوعة

- ‌الفصل الثاني: الكتب المؤلفة في موضوع الاستغاثة

- ‌القسم الأول: الكتب المؤلفة في الاستغاثة بالله -تعالى

- ‌ من المؤلفات في هذا القسم:

- ‌ القسم الثاني: الانحراف في مسألة الاستغاثة:

- ‌ القسم الثالث: ردود أهل السنة والجماعة:

- ‌الفصل الثالث: عنوان الكتاب ونسبته للمؤلف

- ‌ نسبة الكتاب إلى المؤلف:

- ‌الفصل الرابع: منهج المؤلف في الكتاب

- ‌1 - الشمولية في الرد:

- ‌2 - وضوح الهدف والغاية:

- ‌3 - ثبات المنهج والثقة به:

- ‌4 - الأمانة العلمية والصدق:

- ‌5 - العدل والانصاف:

- ‌6 - المقارنة والتحليل:

- ‌7 - الاستطراد والتكرار:

- ‌القسم الثاني: تحقيق الكتاب

- ‌الباب الأول

- ‌الفصل الأول: وصف النسخ الخطية للكتاب

- ‌ النسخة الأولى:

- ‌ النسخة الثانية ورمزها (ف):

- ‌ النسخة الثالثة ورمزها (د):

- ‌ النسخة الرابعة ورمزها (ح):

- ‌ تاريخ تأليف الكتاب:

- ‌الفصل الثاني: منهج تحقيق الكتاب والتعليق عليه

- ‌(1) تحقيق النص:

- ‌(2) عزو الأحاديث والآثار:

- ‌(3) توثيق الأقوال والمسائل والآراء الفقهية:

- ‌(4) التراجم والتعريفات:

- ‌(5) المصادر والمراجع:

- ‌(6) الرموز والمصطلحات:

- ‌الباب الثاني: كتاب تلخيص الاستغاثة لابن كثير

- ‌الفصل الأول: كتاب تلخيص الاستغاثة

- ‌الفصل الثاني: نسبة التلخيص لابن كثير

- ‌الفصل الثالث: منهج ابن كثير في التلخيص

- ‌الفصل الرابع: الموضوعات التي انفرد بها التلخيص أو أطال فيها

- ‌ أولاً: الموضوعات التي انفرد التلخيص بذكرها:

- ‌ ثانياً: الموضوعاث التي أطال الملخص فيها:

- ‌الفصل الخامس: الموضوعات التي فقدت من الكتاب الأصل أو جاءت مختصرة فيه

- ‌1 - رأي ابن تيمية في البكري:

- ‌2 - وصف ابن تيمية لرد البكري عليه:

- ‌3 - سبب رد ابن تيمية على البكري:

- ‌4 - استدلال البكري بحديث آدم في الرد على ابن تيمية:

- ‌ رد ابن تيمية

- ‌5 - كذب البكري في تكثير رواة حديث توسل آدم:

- ‌6 - الأحاديث الواردة في كتابة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌7 - الأحاديث الموضوعة:

- ‌8 - دعوى البكري في توسل الأنبياء بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌9 - أمثلة لما ورد عن أنبياء بني إسرائيل:

- ‌10 - استدلال البكري بقصة الامام مالك مع أبي جعفر المنصور:

- ‌ رد ابن تيمية

- ‌11 - استدلال البكري بحديث الكوة:

- ‌ رد ابن تيمية

- ‌12 - استدلال القبورية بحديث الأعمى:

- ‌13 - استدلال القبورية بسماع الميت:

- ‌14 - صور السؤال وحكم كل صورة:

- ‌15 - أحاديث زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها موضوعة:

- ‌16 - مراتب بدعة سؤال الموتى:

- ‌17 - دعاء صفة من صفات الله:

- ‌18 - سبب ضلال القبورية وأصل شبهتهم:

- ‌19 - أهمية التوحيد:

- ‌20 - استعداء البكري للدولة:

- ‌21 - مدح البكري لكتاب المؤلف الصارم المسلول:

- ‌22 - رد على البكري على استشهاد ابن تيمية بحديث لا يستغاث بي:

- ‌ رد ابن تيمية

- ‌ المثال العلّمي

- ‌ التّوحيد المنجي: شهادة أن لا إله إِلَّا الله

- ‌ المطلوب من النّبيّ صلى الله عليه وسلم تارة يقدر عليه، وتارة لا يقدر عليه

- ‌ السبب المشروع لا ينافي التوكل

- ‌من أنكر ما ثبت بالتواتر والإجماع فهو كافر

- ‌ لعن الذين يتخذون القبور مساجد

- ‌الكمال المطلق الذي لا غاية فوقه لله تبارك وتعالى

- ‌ الفرق بين الحب في الله والحب مع الله

- ‌الذين لا يثبتون إلا المشيئة العامة لا يقولون بالفرق الثاني

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ ب

- ‌ ت

- ‌ج

- ‌ح

- ‌د

- ‌ خ

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌ س

- ‌ش

- ‌ص

- ‌ ط

- ‌ض

- ‌ع

- ‌ غ

- ‌ ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ ن

- ‌ة

- ‌ و

- ‌ي

الفصل: ‌مقدمة الطبعة الأولى

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة الطبعة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، ثم أما بعد:

فإنه لا يشك مسلم في، أهمية التوحيد الخالص، وضرورته للبشرية أجمع، فما أرسل الله رسولاً إلا وأمره أن يدعو الناس إلى عبادة الله وحده وينذرهم الشرك، قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، فالشرك خطره عظيم، ومن تأمل القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وجدهما مصرِّحين، ببطلان دين المشركين وكفر أهله، وأنهم أعداء الله ورسله، وأنهم أولياء الشيطان وعباده، وأنهم أهل النار الذين لا يخرجون منها، وهم الذين حلت بهم المثلات ونزلت بهم العقوبات.

ولذا كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وفي آخر لحظات عمره صلى الله عليه وسلم، التحذير من هذا الداء الوبيل، كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"(1)، وفي رواية:"وصالحيهم"، ولقد كانت الأمة على هذه الوصية الشريفة فى القرون الثلاثة، حتى أصابها ما أصاب الأمم قبلها فظهرت بدعة القبورية (2)، أواخر القرن الثالث الهجري،

(1) انظر: ص 224.

(2)

القبورية -أو عباد القبور-: نسبة للقبور، ويراد بهم: كل طائفة جاوزت الحد =

ص: 7

حين ضعفت دولة بني العباس، لما تفرقت الأمة وكثر فيها الزنادقة، وقد شاعت بين الرافضة أولاً، لما صارت لهم دويلات، كدولة بني بويه، ودويلات الباطنية من العبيدية (1) والإسماعيلية (2) وغيرهم، حيث نشروا بدع المشاهد والقبور، والعبادة عندها، ودعاء المقبور وغير ذلك.

ثم انتشرت في القرن الرابع والخامس وما بعدهما، وسارت الطرق الصوفية على سبيل الرافضة تنشر هذه البدع، وتروِّجها، حتى عمَّت البلوى في كثير من بلاد الإسلام.

هذا من ناحية

ومن ناحية أخرى: لما عُرّبت كتب اليونان الوثنية، عكف عليها من سُمُّوا بفلاسفة الإسلام كالفارابي (ت 339 هـ)(3) وابن سينا (ت 280 هـ)(4) وغيرهما، فتأثروا بها ونقلوها، وخالفوا طريقة المرسلين، وسايرهم كثير من المتكلمين؛ كالمعتزلة والأشاعرة وغيرهم، فاختلقوا قضايا موهومة؛ ومشاكل أوقعوا أنفسهم فيها، زعماً منهم أنهم دعاة للتوحيد، وحماة لعقائد المسلمين، وحقيقة حالهم لا للفلاسفة كسروا ولا للإسلام نصروا (5)، وكانوا سبب تسلط الفلاسفة عليهم وعلى الإسلام، فلم يعرفوا التوحيد الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام.

فمن هذه الطرق الرافضة والفلاسفة والمتكلمين والصوفية الخرافية تسربت البدع القبورية إلى بعض المسلمين وكان من أعظم هذه البدع، بل أمُّ هذه البدع الاستغاثة بالأموات، حتى وصل حال الأمة الإسلامية كما وصفها

= في تعظيم المقبور، وقد يكون هذا التعظيم شركاً أكبر أو من وسائل الشرك. ووجدت هذه الطوائف في كثير من الأمم، وسلفهم قوم نوح عليه السلام وأول من عُرف بهذا الأمر في الأمة الإسلامية الرافضة في آخر القرن الثالث الهجري. انظر: ص 48 من هذا الكتاب، وكتاب جهود علماء الحنفية، تأليف د. شمس الدين السلفي الأفغاني الطبعة الأولى 1416 هـ الناشر دار الصميعي - الرياض.

(1)

انظر: ص 324.

(2)

انظر: ص 176.

(3)

انظر: ص 320.

(4)

انظر: ص 272.

(5)

مجموع الفتاوى لابن تيمية 16/ 300.

ص: 8

الإمام العلامة الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني (1) في قصيدته:

أعادوا بها معنى سواع ومثله

يغوث ووداً ليس ذلك من ود

وقد هتفوا عند الشدائد باسمها

كما يهتف المضطر بالواحد الصمد

وكم عقروا في سوحها من عقيرة

أُهِلَّت لغير الله جهلاً على عمد

وكم من طائف حول القبور مقبل

ومستلم الأركان منهن بالأيدي (2)

نعم هذه حال بعض المنتسبين للإسلام -هداهم الله- يستغيثون بالمقبورين، ويدعونهم من دون الله، ويطوفون بالقبور، ويحجون إليها، ويرون أنهم قد أربوا في الربح على حجاج البيت الحرام.

فعزمت أن يكون موضوع رسالتي للماجستير في هذا المجال، تحقيقاً أو موضوعاً.

وخلال البحث وجدت أن أغلب من كتب في هذا ينقل أو يحيل إلى كتاب عظيم الفائدة غزير المعنى، قد استوفى المسألة بحثاً وتحقيقاً وتحريراً لإمام من أئمة المسلمين وعَلَم من أعلام السنة النبوية، وهو كتاب "الاستغاثة في الرد على البكري" للإمام المجدد شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية (ت 728 هـ) محيي السنة وقامع البدعة، وهو من أوفى الكتب في هذه المسألة (الاستغاثة بالأموات)، ومن أجلّ الكتب التي نافحت عن العقيدة الصحيحة، ودرأت الشبهات الشيطانية، رد فيه شيخ الإسلام على أحد دعاة القبورية في عصره، وهو علي بن يعقوب البكري (ت 724 هـ). ويمكن إيجاز أهمية الكتاب بما يلي:

(1) هو أبو إبراهيم عز الدبن محمد بن إسماعيل بن صلاح الصنعاني، المعروف كأسلافه بالأمير، مجتهد من بيت الإمامة باليمن، تعرض لمحن من بعض المتعصبين والعوام، له تصانيف نافعة أشهرها "سبل السلام"، توفي رحمه الله 1182 هـ ـ انظر: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، تأليف العلامة محمد بن علي الشوكاني 2/ 133 الطبعة الأولى 1348 هـ مطبعة السعادة القاهرة - مصر، والأعلام 6/ 38.

(2)

انظر: ديوان الأمير الصنعاني، للإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، قدم له وأشرف على طبعه علي السيد صبح المدني ص 129 الطبعة الأولى 1384 هـ مطبعة المدني - القاهرة.

ص: 9

أولاً: إنه أول وأفضل كتاب في الرد على من استغاث بالمقبور، وقضية الاستغاثة بالأموات من أهم موضوعات الخلاف بين دعاة التوحيد ودعاة الشرك، بل هي الركيزة الأساسية في الخلاف، فهو كتاب مهم في موضوع هام.

ثانياً: غالب من تكلم في قضية الاستغاثة يرجع إلى هذا الكتاب، ويبلغ النقل أحياناً عدة صفحات متتابعة، ولا يحسن العناية بهذه الكتب دون مصدرها الذي إليه تورد وعنه تصدر.

ثالثاً: ندرة الكتاب في المكتبات، مطالبة كثير من أهل العلم بإخراجه مع سوء الطبعة السابقة وكثرة الأخطاء في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وكثرة السقط والتحريف والتصحيف، دون أي خدمة أو معالجة، يقابل ذلك كتب أهل البدعة، التي نراها منتشرة ومحققة، ومطبوعة طباعة فاخرة.

رابعاً: على ما في طبعة الكتاب السابقة من تحريف وسقط، ففيها أخطاء علمية كبيرة، منها: عنونة الكتاب بـ "تلخيص كتاب الاستغاثة المعروف بالرد على البكري"، وهذا غير صحيح، فكتاب "تلخيص الاستغاثة" غير "كتاب الرد على البكري"، فالثاني أصل، والأول تلخيص له، فكتاب تلخيص الاستغاثة لابن كثير، والرد على البكري لابن تيمية، فبينهما فرق.

وهذا الخطأ أدى لأخطاء علمية أخرى، فنقل بعض الباحثين من تلخيص الاستغاثة، وجعل المرجع الرد على البكري (1).

كما أن في التلخيص نصوصاً لابن كثير لم يذكرها ابن تيمية إطلاقاً، بل في الأصل ما يخالف أحدها، وقد بينت هذا في الكلام على التلخيص (2).

خامساً: هذا الكتاب كما أنه وضّح أصل بدعة الاستغاثة بالمقبور وبداية وجودها في الأمة الإسلامية، فهو كذلك يعالج كثيراً من البدع المتعلقة بالقبور وغيرها.

(1) انظر: على سبيل المثال: كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية وجهوده في الحديث وعلومه، تأليف د. عبد الرحمن الفريوائي ص 598، 601 - 605، 613، 620، الطبعة الأولى 1416 هـ الناشر دار العاصمة الرياض، وكتاب الدر النضيد في تخريج كتاب التوحيد، تأليف صالح العصيمي ص 55 الطبعة الأولى 1413 هـ الناشر دار ابن خزيمة - الرياض.

(2)

انظر: ص 85.

ص: 10

سادساً: إنه من مصنفات إمام له قدم راسخ في العلم والفهم، متحرر من ربقة التقليد والتعصب، وهو شيخ الإسلام بحق. لهذه الأسباب وغيرها، اخترت هذا الكتاب "كتاب الاستغاثة في الرد على البكري لشيخ الإسلام ابن تيمية" تحقيقاً ودراسة، وذلك في أطروحة الماجستير، وقد أيد هذا الاختيار أساتذتي في قسم الثقافة الإسلامية.

وقد واجهتني بعض الصعوبات عند تسجيل الموضوع وعند العمل فيه، منها:

أولاً: إن هذا الكتاب لم يحظ بما حظيت به كتب الشيخ الأخرى من الحفظ والعناية، فقد فُقد منه أوله، وقد بذلت كثيراً من الجهد والوقت في البحث عنه ولم أجد أي ذكر له، ولربما كان هذا سبباً في إعراض كثيرٍ من الباحثين المهتمين بتراث هذا الإمام عن تحقيقه، فأملي من القراء الكرام من وجد شيئاً من ذلك أن يرشدني إليه مشكوراً مأجوراً مجزيّاً من الله خيراً.

ثانياً: عدم ذكر فهارس المخطوطات والمصادر العلمية لهذا الكتاب أو أي معلومات عنه إلا فيما ندر، ويدل على ذلك أن جميع النسخ الخطية التي اعتمدت عليها لم ترد في فهرسٍ متداول.

ثالثاً: عدم تعاون بعض دور المخطوطات.

رابعاً: مع كثرة ما استطعت جمعه من مخطوطات الكتاب إلا أنه وللأسف يوجد فيها سقط وتحريف وتصحيف، وقد أمضيت أوقاتاً طويلة محاولاً إكمال سقط أو إصلاح تحريف؛ أو تصحيف، كما قال بعضهم:

"ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفاً، أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ، وشريف المعاني، أيسر عليه من إتمام ذلك النقص حتى يرده إلى موضعه من اتصال الكلام"(1).

قلت: هذه الصعوبة على الكاتب نفسه، فكيف بغيره مع بُعد الزمن، وقصور الهمم، وقلة البضاعة.

(1) الحيوان للجاحظ، ت. عبد السلام هارون 1/ 79، ط. الثانية، الناشر مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر.

ص: 11

ومن أهم نتائج هذا البحث، إثبات المؤلف أن الاستغاثة بالأموات قضية مبتدعة لم تعرفها الأمة الإسلامية عدا الشيعة، إلا في نهاية القرن الثالث الهجري، وأن هذه البدعة الشركية بدأت في الأمة بذكر قصص من استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم صارت إلى ما كان عليه البكري، ومع ذلك لم يستوعب جميع شبهات القبورية.

فهذه القضية عند هؤلاء القوم في توسع مطرد.

وعملي في الكتاب على قسمين:

* القسم الأول: الدراسة:

وبتكون من بابين:

الباب الأول: ترجمة المؤلف وموقف البكري منه.

الباب الثاني: دراسة للكتاب.

* القسم الثاني: تحقيق الكتاب:

وبين يدي التحقيق وصف للنسخ الخطية ومنهج التحقيق، وقد اعتمدت على أربع نسخ، واستفدت من النسخ الأخرى ثم أعقبت ذلك بالفهارس المختلفة.

* منهج التحقيق:

جعلت أقدم هذه النسخ وأفضلها هي الأصل، وهي المحفوظة بجامعة أم القرى، وقارنتها بثلاث نسخ أخرى، وهي نسخة المكتبة السعودية التابعة للإفتاء ورمزت لها بحرف "ف"، ونسخة دارة الملك عبد العزيز وأصلها في مكتبة جامعة الملك عبد العزيز بجدة ورمزت لها بحرف "د"، ونسخة المعهد العلمي بحائل ورمزت لها بحرف "ح".

وقد عرَّفت بالفرق والمذاهب تعريفاً موجزاً، وترجمت لغير المشهورين من الأعلام، وعزوت الآيات والأحاديث وعلقت على بعض المواضع التي أرى أنها تحتاج إلى تعليق، كل ذلك بقدر الطاقة والاستطاعة مع الاختصار قدر الإمكان.

ص: 12

وبعد، فأشكر الله تعالى وأحمده على ما منّ به ووفَّق، فحقه تعالى أن يذكر فلا يُنسى، ويشكر فلا يُعصى، ثم أشكر والديّ اللذين ربَّياني وأحاطاني بعنايتهما ورعايتهما، ثم أقدم الشكر الجزيل لكل من ساهم أو سأل أو ساعد في هذا البحث، وأخص أساتذتي سعادة الأستاذ الدكتور محمد أبو الغيط الفرت المشرف على الرسالة بوافر الشكر والامتنان، على ما بذله من وقت وجهد.

وأشكر فضيلة شيخنا الأستاذ الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على تفضله وتكرمه بقبول مناقشة هذه الرسالة رغم انشغاله وضيق وقته، كما أشكر سعادة أستاذنا الدكتور رزق بن يوسف الشامي الذي أعطاني من وقته وجهده الكثير، وقد كان مع هذه الرسالة منذ كانت فكرة حتى أصبحت رسالة ليتفضل بمناقشتها، فلهم مني جميعاً وافر الشكر والتقدير، وأسأله تعالى أن يجعل العمل لوجهه خالصاً، وأن ينفع به يوم لا ينفع مال ولا بنون.

وحسبي أني بذلت جهدي وطاقتي؛ فإن أصبت فذلك قصدت، والخير أردت، ورجائي ممن يجد ما يفيد الكتاب أن يبعث إليّ مشكوراً.

وما أحسن ما قال الشاعر:

وإن تجد عيباً فسد الخللا

فجلَّ من لاعيب فيه وعلا

فما كان من صواب فمن الله وحده، هو المانّ به، وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان، وأستغفر الله منه.

والله وحده هو المعين والهادي إلى سواء السبيل، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد.

ص: 13