المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخبر عن دولة السلطان المستنصر بالله أبي عامر عبد الله ابن أبي العباس بن أبي سالم رحمه الله تعالى - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى - جـ ٤

[أحمد بن خالد الناصري]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الدولة المرينية

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان السعيد بِاللَّه أبي بكر بن أبي عنان بن أبي الْحسن المريني

- ‌ظُهُور أبي حمو مُوسَى بن يُوسُف الزياني واستيلاؤه على تلمسان ونهوض مَسْعُود بن عبد الرَّحْمَن إِلَيْهِ وطرده عَنْهَا

- ‌ظُهُور مَنْصُور بن سُلَيْمَان وبيعة مَسْعُود ابْن عبد الرَّحْمَن لَهُ وَمَا نَشأ عَن ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المستعين بِاللَّه أبي سَالم إِبْرَاهِيم بن أبي الْحسن المريني

- ‌قدوم الْغَنِيّ بِاللَّه ابْن الْأَحْمَر ووزيره ابْن الْخَطِيب مخلوعين على السُّلْطَان أبي سَالم وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌سفر ابْن الْخَطِيب إِلَى مراكش وأعمالها وزيارته لأوليائها ورجالها وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار ابْن الْخَطِيب بسلا حرسها الله

- ‌انْتِقَاض الْحسن بن عمر الفودودي وَخُرُوجه بتادلا ثمَّ مَقْتَله عقب ذَلِك

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي سَالم إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا

- ‌وفادة السودَان من أهل مَالِي على السُّلْطَان أبي سَالم وإغرابهم فِي هديتهم بالزرافة الْحَيَوَان الْمَعْرُوف

- ‌مقتل السُّلْطَان أبي سَالم رحمه الله وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عمر تاشفين الموسوس ابْن أبي الْحسن المريني

- ‌الفتك بغرسية بن أنطول قَائِد النَّصَارَى ومقتل جنده مَعَه وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ظُهُور عبد الْحَلِيم بن أبي عَليّ بن أبي سعيد ومحاصرته لفاس الْجَدِيد ثمَّ فراره عَنْهَا

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المتَوَكل على الله أبي زيان مُحَمَّد بن أبي عبد الرَّحْمَن يَعْقُوب بن أبي الْحسن المريني

- ‌وفادة ابْن الْخَطِيب من سلا على السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمهمَا الله

- ‌وفادة ابْن مُحَمَّد الهنتاتي على السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمهمَا الله

- ‌مقتل السُّلْطَان أبي زيان بن أبي عبد الرَّحْمَن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي فَارس عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رحمه الله

- ‌انْتِقَاض أبي الْفضل بن أبي سَالم ثمَّ مَقْتَله بعد ذَلِك

- ‌انْتِقَاض عَامر بن مُحَمَّد الهنتاتي وحصار السُّلْطَان عبد الْعَزِيز إِيَّاه وظفره بِهِ

- ‌ارتجاع الجزيرة الخضراء من يَد الإسبانيول

- ‌نهوض السُّلْطَان عبد الْعَزِيز إِلَى تلمسان واستيلاؤه عَلَيْهَا وفرار سلطانها أبي حمو بن يُوسُف عَنْهَا

- ‌نزوع الْوَزير ابْن الْخَطِيب عَن سُلْطَانه الْغَنِيّ بِاللَّه إِلَى السُّلْطَان عبد الْعَزِيز بتلمسان

- ‌وَفَاة السُّلْطَان عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان السعيد بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌محنة الْوَزير ابْن الْخَطِيب ومقتله رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار أَمِير مراكش عبد الرَّحْمَن بن أبي يفلوسن رحمه الله

- ‌ذكر الشاوية وَبَيَان نسبهم وأوليتهم وَشرح لقبهم وتسميتهم

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس إِلَى تلمسان وَفتحهَا وتخريبها

- ‌خلع السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم وتغريبه إِلَى الأندلس وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان المتَوَكل على الله أبي فَارس مُوسَى ابْن أبي عنان بن أبي الْحسن

- ‌خُرُوج الْحسن بن النَّاصِر بغمارة ونهوض الْوَزير ابْن ماساي إِلَيْهِ

- ‌وَفَاة السُّلْطَان مُوسَى بن أبي عنان رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة الْمُنْتَصر بِاللَّه السُّلْطَان أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس ابْن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الواثق بِاللَّه أبي زيان مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن أبي الْحسن

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم بن أبي الْحسن

- ‌ظُهُور مُحَمَّد بن عبد الْحَلِيم بن أبي عَليّ بسجلماسة ثمَّ اضمحلاله بعد ذَلِك

- ‌نكبة الْكَاتِب ابْن أبي عَمْرو وحركات بن حسون ومقتلهما

- ‌أَخْبَار تلمسان واستيلاء السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس عَلَيْهَا

- ‌وُصُول هَدِيَّة صَاحب مصر السُّلْطَان الظَّاهِر برقوق إِلَى السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بتازا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي فَارس عبد الْعَزِيز ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رحمه الله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان عبد الْعَزِيز ووفاته

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي عَامر عبد الله ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي سعيد عُثْمَان بن أبي الْعَبَّاس ابْن أبي سَالم

- ‌حجابة أبي الْعَبَّاس القبائلي ونكبته ومقتله وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌حجابة فارح بن مهْدي وأوليته وَسيرَته

- ‌حجابة أبي مُحَمَّد الطريفي وَسيرَته

- ‌حُدُوث الْفِتْنَة بَين السُّلْطَان أبي سعيد وَالسُّلْطَان أبي فَارس الحفصي وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌اسيتلاء البرتغال على مَدِينَة سبتة أَعَادَهَا الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان عبد الْحق بن أبي سعيد ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم المريني رحمه الله

- ‌زحف البرتغال إِلَى طنجة ورجوعهم عَنْهَا بالخيبة

- ‌أَخْبَار الوزراء والحجاب وتصرفاتهم

- ‌وزارة يحيى بن يحيى الوطاسي ومقتله ومقتل الوطاسيين مَعَه وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌رياسة الْيَهُودِيين هَارُون وشاويل وَمَا نَشأ عَن استبدادهما من المحنة والفتنة

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على طنجة

- ‌مقتل السُّلْطَان عبد الْحق بن أبي سعيد وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار بني الْأَحْمَر واستيلاء الْعَدو على غرناطة وَسَائِر الأندلس مِنْهَا وانقراض كلمة الْإِسْلَام مِنْهَا

- ‌أَخْبَار البرتغال بالمغرب الْأَقْصَى على الْجُمْلَة

- ‌الْخَبَر عَن دولة الشريف أبي عبد الله الْحَفِيد وأوليته

- ‌بيعَة السُّلْطَان أبي عبد الله الْحَفِيد وَالسَّبَب فِيهَا

- ‌فتْنَة الشاوية ووصولهم إِلَى بِلَاد الغرب

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على مَدِينَة آنفي وآصيلا

- ‌خلع السُّلْطَان أبي عبد الله الْحَفِيد وانقراض أمره

- ‌الْخَبَر عَن دولة بني وطاس وَذكر نسبهم وأوليتهم

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ بن أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي رحمه الله

- ‌رياسة بني رَاشد من شرفاء الْعَالم بغمارة وبناؤهم مَدِينَة شفشاون وَمَا يتبع ذَلِك

- ‌ثورة عَمْرو بن سُلَيْمَان السياف بِبِلَاد السوس وَشَيْء من أخباره

- ‌بِنَاء مَدِينَة تطاوين

- ‌قدوم أبي عبد الله بن الْأَحْمَر مخلوعا على السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي رحمهمَا الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على سَاحل البريجه وبناؤهم مَدِينَة الجديدة صانها الله سبحانه وتعالى بمنه

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على سواحل السوس وبناؤهم حصن فونتي قرب أكادير وَمَا قيل فِي ذَلِك

- ‌وَفَاة السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي الْمَعْرُوف بالبرتغالي رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر آسفي حرسه الله

- ‌زحف السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي إِلَى آصيلا

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر آزمور حرسه الله

- ‌اسْتِيلَاء البرتغال على ثغر المعمورة حرسه الله

- ‌أَخْبَار السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي مَعَ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني رضي الله عنه

- ‌نهوض السُّلْطَان أبي عبد الله البرتغالي إِلَى مراكش ومحاصرته أَبَا الْعَبَّاس الْأَعْرَج السَّعْدِيّ بهَا

- ‌ذكر وزراء السُّلْطَان أبي عبد الله وَمَا قيل فيهم

- ‌وَفَاة السُّلْطَان أبي عبد الله رحمه الله

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الأولى للسُّلْطَان أبي حسون بن مُحَمَّد الشَّيْخ الوطاسي

- ‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد الوطاسي رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌وقْعَة آنماي بَين الوطاسيين والسعديين

- ‌عقد الصُّلْح بَين السلطانين أبي الْعَبَّاس الوطاسي وَأبي الْعَبَّاس السَّعْدِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى

- ‌غَزْوَة الْحمر قرب آصيلا حرسها الله

- ‌وقْعَة أبي عقبَة بوادي العبيد وَمَا كَانَ فِيهَا بَين الوطاسيين والسعديين من الْقِتَال الشَّديد

- ‌بِنَاء السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الوطاسي قنطرة الرصيف بفاس حرسها الله

- ‌وقْعَة وَادي درنة بتادلا وَأسر الْأَمِير أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي ومهلكه رحمه الله

- ‌اسْتِيلَاء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ على فاس وَقَبضه على بني وطاس ومهلك سلطانهم أبي الْعَبَّاس رَحمَه الله تَعَالَى بفضله

- ‌بَقِيَّة أَخْبَار السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس الوطاسي وَسيرَته

- ‌الْخَبَر عَن الدولة الثَّانِيَة للسُّلْطَان أبي حسون الوطاسي رحمه الله

- ‌مَجِيء السُّلْطَان مُحَمَّد الشَّيْخ السَّعْدِيّ إِلَى فاس واستيلاؤه عَلَيْهَا ومقتل السُّلْطَان أبي حسون رحمه الله

الفصل: ‌الخبر عن دولة السلطان المستنصر بالله أبي عامر عبد الله ابن أبي العباس بن أبي سالم رحمه الله تعالى

‌الْخَبَر عَن دولة السُّلْطَان الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي عَامر عبد الله ابْن أبي الْعَبَّاس بن أبي سَالم رَحمَه الله تَعَالَى

هَذَا السُّلْطَان شَقِيق الَّذِي قبله أمه الْجَوْهَر الْمُتَقَدّمَة صفته أدعج الْعَينَيْنِ حسن الْأنف لامي العذار بُويِعَ بعد أَخِيه عبد الْعَزِيز يَوْم السبت الثَّامِن من صفر سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَكَانَ التَّصَرُّف والنقض والإبرام فِي هَذِه الْمدَّة كلهَا للوزراء وَتُوفِّي السُّلْطَان الْمَذْكُور بعد صَلَاة الْعَصْر من يَوْم الثُّلَاثَاء الموفي ثَلَاثِينَ من جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَانمِائَة فَكَانَت دولته سنة وَخَمْسَة أشهر سوى أَيَّام وَمن وزرائه صَالح بن حمو وَيحيى بن علال وَمن قُضَاته عبد الرَّحِيم اليزناسني وَمن حجابه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ القبائلي وفارح بن مهْدي العلج وَالله تَعَالَى أعلم

وَأما أَخْبَار الْغَنِيّ بِاللَّه ابْن الْأَحْمَر بالأندلس فَإِنَّهُ كَانَ أسقط رياسة الْجِهَاد من بني مرين بهَا ومحا رسمها من مَمْلَكَته أَيَّام أجَاز عبد الرَّحْمَن بن أبي يفلوسن للتشغيب على أبي بكر بن غَازِي بن الكاس حَسْبَمَا تقدم وَصَارَ أَمر الْغُزَاة والمجاهدين إِلَيْهِ وباشر أَحْوَالهم بِنَفسِهِ وَاسْتمرّ الْحَال على ذَلِك إِلَى أَن هلك سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة فولي مَكَانَهُ ابْنه أَبُو الْحجَّاج يُوسُف وَبَايَعَهُ النَّاس وَقَامَ بأَمْره خَالِد مولى أَبِيه وتقبض على إخْوَته سعد وَمُحَمّد وَنصر فَكَانَ آخر الْعَهْد بهم وَلم يُوقف لَهُم بعد على خبر ثمَّ سعى عِنْده فِي خَالِد الْقَائِم بدولته وَأَنه أعد السم لقَتله وَأَن يحيى بن الصَّائِغ الْيَهُودِيّ طَبِيب دَارهم قد دَاخله فِي ذَلِك ففتك بِخَالِد وتناوشته السيوف بَين يَدَيْهِ لسنة أَو نَحْوهَا من ملكه ثمَّ حبس الطَّبِيب الْمَذْكُور فذبح فِي محبسه ثمَّ هلك سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة لِسنتَيْنِ أَو نَحْوهَا من ولَايَته

وَقد وقفت لبَعض الإصبنيوليين واسْمه منويل باولو القشتيلي على كتاب مَوْضُوع فِي أَخْبَار الْمغرب الْأَقْصَى فنقلت مِنْهُ بعض أَخْبَار لم أَجدهَا إِلَّا عِنْده وَهُوَ وَإِن كَانَ ينْقل الغث والسمين والرخيص والثمين إِلَّا أَن النَّاقِد

ص: 81

الْبَصِير يُمَيّز حصباءه من دره وَيفرق بَين حشفه وثمره فَمن ذَلِك أَنه حكى عَن السُّلْطَان أبي الْحجَّاج الْمَذْكُور مَا صورته قَالَ كَانَت مراسلات السُّلْطَان المريني يَعْنِي السُّلْطَان أَبَا الْعَبَّاس مَعَ السُّلْطَان يُوسُف بن الْغَنِيّ بِاللَّه صَاحب غرناطة حَسَنَة فِي الظَّاهِر تدل على الْمُوَافقَة والمحبة وَكَانَ المريني فِي الْبَاطِن يحب الِاسْتِيلَاء على مملكة غرناطة وَلما لم يُمكنهُ ذَلِك بِالسَّيْفِ عدل إِلَى أَعمال الْحِيلَة فأهدى إِلَى السُّلْطَان أبي الْحجَّاج كسى رفيعة أَحدهَا مَسْمُومَة فلبسها فَهَلَك لحينه وَمَعَ ذَلِك فَلم يدْرك المريني غَرَضه فَإِنَّهُ لم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى توفّي أَيْضا اه وَلم توفّي أَبُو الْحجَّاج بُويِعَ ابْنه مُحَمَّد بن يُوسُف وَقَامَ بأَمْره الْقَائِد أَبُو عبد الله مُحَمَّد الخصاصي من صنائع أَبِيه قَالَ ابْن خلدون وَالْحَال على ذَلِك لهَذَا الْعَهْد ولنذكر مَا كَانَ فِي هَذِه الْمدَّة من الْأَحْدَاث

فَفِي سنة خمسين وَسَبْعمائة كَانَ الوباء الَّذِي عَم المسكونة شرقا وغربا على مَا نبهنا عَلَيْهِ فِيمَا مضى

وَفِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة توفّي الْوَلِيّ الزَّاهِد أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد ابْن عمر بن مُحَمَّد بن عَاشر الأندلسي نزيل سلا الْعَارِف الْمَشْهُور قَالَ أَبُو عبد الله بن سعد التلمساني فِي كِتَابه النَّجْم الثاقب فِيمَا لأولياء الله من المناقب كَانَ ابْن عَاشر أحد الْأَوْلِيَاء الأبدال معدودا فِي كبار الْعلمَاء مَشْهُورا بإجابة الدُّعَاء مَعْرُوفا بالكرامات مقدما فِي صُدُور الزهاد مُنْقَطِعًا عَن الدُّنْيَا وَأَهْلهَا وَلَو كَانُوا من صالحي الْعباد ملازما للقبور فِي الْخَلَاء الْمُتَّصِل ببحر مَدِينَة سلا مُنْفَردا عَن الْخلق لَا يفكر فِي أَمر الرزق وَله أَخْبَار جليلة وكرامات عَجِيبَة مَشْهُورَة مِمَّن جمع الله لَهُ الْعلم وَالْعَمَل وَألقى عَلَيْهِ الْقبُول من الْخلق شَدِيد الهيبة عَظِيم الْوَقار كثير الخشية طَوِيل التفكير وَالِاعْتِبَار قَصده أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو عنان وارتحل إِلَيْهِ سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة فَوقف بِبَابِهِ طَويلا فَلم يَأْذَن لَهُ وَانْصَرف وَقد امْتَلَأَ قلبه من حبه وإجلاله ثمَّ عاود

ص: 82

الْوُقُوف بِبَابِهِ مرَارًا فَمَا وصل إِلَيْهِ فَبعث إِلَيْهِ بعض أَوْلَاده بِكِتَاب كتبه إِلَيْهِ يستعطفه لزيارته ورؤيته فَأَجَابَهُ بِمَا قطع رَجَاءَهُ مِنْهُ وأيأسه من لِقَائِه فَاشْتَدَّ حزنه وَقَالَ هَذَا ولي من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى حجبه الله عَنَّا اه ومناقب الشَّيْخ ابْن عَاشر وكراماته كَثِيرَة وَقد ألف فِيهَا أَبُو الْعَبَّاس بن عَاشر الحافي من عُلَمَاء سلا كِتَابه الْمُسَمّى بتحفة الزائر فِي مَنَاقِب الشَّيْخ ابْن عَاشر فَانْظُرْهُ

وَفِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَهِي السّنة الَّتِي قتل فِيهَا ابْن الْخَطِيب كَانَ الْجُوع بالمغرب قَالَ أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْخَطِيب القسنطيني الْمَعْرُوف بِابْن قنفذ فِي كِتَابه أنس الْفَقِير مَا حَاصله أَنه رَجَعَ من هجرته بالمغرب الْأَقْصَى فِي السّنة الْمَذْكُورَة إِلَى بَلَده قسنطينة فاجتاز فِي طَرِيقه بتلمسان قَالَ وَفِي هَذِه السّنة كَانَت المجاعة الْعَظِيمَة وَعم الخراب الْمغرب فأقمت بتلمسان نَحْو شهر أنْتَظر تيَسّر سلوك الطَّرِيق فالتجأت إِلَى قبر الشَّيْخ أبي مَدين ودعوت الله عِنْده فَوَقع مَا أملته وَارْتَحَلت بعد أَيَّام يسيرَة فَرَأَيْت فِي الطَّرِيق من الْخَيْر مَا كَانَ يتعجب مِنْهُ من شَاهده وَكَانَ أَمر الطَّرِيق فِي الْخَوْف والجوع بِحَيْثُ أَن كل من نقدم عَلَيْهِ يتعجب من وصولنا سَالِمين ثمَّ عِنْد ارتحالنا من عِنْده يتأسف علينا حَتَّى أَن مِنْهُم من يسمعنا ضرب الأكف خلفنا تحسرا علينا حَتَّى انْتهى سفرنا على وفْق اختيارنا وَالْحَمْد لله

وَفِي سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة توفّي الشَّيْخ الْفَقِيه الْمُحدث أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمرَان الفنزاري السلاوي الْمَعْرُوف بِابْن المجراد صَاحب لامية الْجمل وَشرح الدُّرَر وَغَيرهمَا من التآليف الحسان قَالَ صَاحب بلغَة الأمنية ومقصد الْبَيْت فِيمَن كَانَ بسبتة فِي الدولة المرينية من مدرس وأستاذ وطبيب فِي حق الشَّيْخ الْمَذْكُور كَانَ مُحدثا حَافِظًا راوية لَهُ معرفَة بِالرِّجَالِ والمغازي وَالسير وَكَانَ رجلا صَالحا حسن السِّيرَة صَادِق اللهجة انْتفع بِهِ النَّاس وَظَهَرت بركته على كل من عرفه أَو لَازم مَجْلِسه أَو قَرَأَ عَلَيْهِ من صَغِير أَو كَبِير قَالَ وَذَلِكَ عندنَا مَعْرُوف بسبتة

ص: 83

مَشْهُور بَين أَهلهَا وانتقل إِلَى بَلَده سلا وَتُوفِّي بهَا فِي السّنة الْمَذْكُورَة قلت وقبره مَشْهُور بهَا إِلَى الْآن وَعَلِيهِ قبَّة صَغِيرَة وَهُوَ من مزارات سلا خَارج بَاب الْمُعَلقَة مِنْهَا عَن يَمِين الْخَارِج على نَحْو غلوة وَأهل سلا يسمونه سَيِّدي الإِمَام السلاوي رحمه الله وَرَضي عَنهُ

وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة توفّي الشَّيْخ الإِمَام الْعَارِف الْمُحَقق الرباني أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم النفزي الْمَعْرُوف بِابْن عباد شَارِح الحكم العطائية وَأحد تلامذة الشَّيْخ ابْن عَاشر الْمَذْكُور آنِفا قَالَ صَاحبه وَأَخُوهُ فِي الله الشَّيْخ أَبُو زَكَرِيَّاء السراج فِي حَقه مَا نَصه كَانَ حسن السمت طَوِيل الصمت كثير الْوَقار وَالْحيَاء جميل اللِّقَاء حسن الْخلق والخلق على الهمة متواضعا مُعظما عِنْد الْخَاصَّة والعامة نَشأ ببلدة رندة على أكمل طَهَارَة وعفاف وصيانة وَحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع سِنِين ثمَّ اشْتغل بعد بِطَلَب الْعُلُوم النحوية والأدبية والأصولية والفروعية حَتَّى رَأس فِيهَا وَحصل مَعَانِيهَا ثمَّ أَخذ فِي طَرِيق الصُّوفِيَّة والمباحثة عَن الْأَسْرَار الإلهية حَتَّى أُشير إِلَيْهِ وَتكلم فِي عُلُوم الْأَحْوَال والمقامات والعلل والآفات وَألف فِيهَا تآليف عَجِيبَة وتصانيف بديعة غَرِيبَة وَله أجوبة كَبِيرَة فِي مسَائِل الْعُلُوم نَحْو مجلدين ودرس كتبا وحفظها كلهَا أَو جلها إِلَى أَن قَالَ وَلَقي بسلا الشَّيْخ الْحَاج الصَّالح السّني الزَّاهِد الْوَرع أَحْمد بن عَاشر وَأقَام مَعَه وَمَعَ أَصْحَابه سِنِين عديدة قَالَ رحمه الله قصدتهم لوجدان السَّلامَة مَعَهم وَتُوفِّي رحمه الله بفاس بعد صَلَاة الْعَصْر من يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث رَجَب من السّنة الْمَذْكُورَة وَحضر جنَازَته السُّلْطَان أَبُو الْعَبَّاس بن أبي سَالم فَمن دونه وهمت الْعَامَّة بِكَسْر نعشه تبركا بِهِ رحمه الله وَرَضي عَنهُ

وَمن فَوَائده الَّتِي نقلهَا عَن شَيْخه ابْن عَامر مَا ذكره فِي رسائله قَالَ كنت قد مَا خرجت فِي يَوْم مولد النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَائِما إِلَى سَاحل الْبَحْر فَوجدت هُنَالك سَيِّدي الْحَاج أَحْمد بن عَاشر رحمه الله وَرَضي عَنهُ وَجَمَاعَة من

ص: 84

أَصْحَابه وَمَعَهُمْ طَعَام يَأْكُلُونَهُ فأرادوا مني الْأكل فَقلت إِنِّي صَائِم فَنظر إِلَيّ سَيِّدي الْحَاج نظرة مُنكرَة وَقَالَ لي هَذَا يَوْم فَرح وسرور يستقبح فِي مثله الصَّوْم كالعيد فتأملت قَوْله فَوَجَدته حَقًا وَكَأَنَّهُ أيقظني من النّوم اه

وَاعْلَم أَنه فِي آخر هَذَا الْقرن الثَّامِن تبدلت أَحْوَال الْمغرب بل وأحوال الْمشرق وَنسخ الْكثير من عوائد النَّاس ومألوفاتهم وأزيائهم قَالَ ابْن خلدون فِي مُقَدّمَة تَارِيخه بعد أَن ذكر أَن الْأَحْوَال الْعَامَّة للآفاق والأجيال والأعصار هِيَ أس المؤرخ الَّذِي تنبني عَلَيْهِ أَكثر مقاصده مَا نَصه وَأما لهَذَا الْعَهْد وَهُوَ آخر الْمِائَة الثَّامِنَة فقد انقلبت أَحْوَال الْمغرب الَّذِي نَحن شاهدوه وتبدلت بِالْجُمْلَةِ واعتاض من أجيال البربر أَهله على الْقدَم بِمن طَرَأَ فِيهِ من لدن الْمِائَة الْخَامِسَة من أجيال الْعَرَب بِمَا كثروهم وغلبوهم وانتزعوا مِنْهُم عَامَّة الأوطان وشاركوهم فِيمَا بَقِي من الْبلدَانِ بملكتهم وبأسهم هَذَا إِلَى مَا نزل بالعمران شرقا وغربا فِي منتصف هَذِه الْمِائَة الثَّامِنَة من الطَّاعُون الجارف الَّذِي تحيف الْأُمَم وَذهب بِأَهْل الجيل وطوى كثيرا من محَاسِن الْعمرَان ومحاها وَجَاء للدول على حِين هرمها وبلوغ الْغَايَة من مداها فقلص من ظلالها وفل من حَدهَا وأوهن من سلطانها وتداعت إِلَى التلاشي والاضمحلال أحوالها وانتقص عمرَان الأَرْض بانتقاص الْبشر فخربت الْأَمْصَار والمصانع ودرست السبل والمعالم وخلت الديار والمنازل وضعفت الدول والقبائل وتبدل السَّاكِن وَكَأَنِّي بالمشرق قد نزل بِهِ مثل مَا نزل بالمغرب لَكِن على نسبته وَمِقْدَار عمرانه وكأنما نَادَى لِسَان الْكَوْن فِي الْعَالم بالخمول والانقباض فبادر بالإجابة وَالله وَارِث الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَإِذا تبدلت الْأَحْوَال جملَة فَكَأَنَّمَا تبدل الْخلق من أَصله وتحول الْعَالم بأسره وَكَأَنَّهُ خلق جَدِيد ونشأة مستأنفة وعالم مُحدث إِلَى آخر كَلَامه رحمه الله فَافْهَم هَذِه الْجُمْلَة وتفطن لأحوال الدول الَّتِي سردنا أَخْبَارهَا فِيمَا مضى وأحوال الَّتِي نسرد أَخْبَارهَا فِيمَا بعد وَتَأمل الْفرق بَين ذَلِك وَالسَّبَب فِيهِ وَالله تَعَالَى الْمُوفق للصَّوَاب بمنه

ص: 85