الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ وقفت على قبر الْمُعْتَمد بن عباد فِي مَدِينَة أغمات فِي حَرَكَة أعملتها إِلَى الْجِهَات المراكشية باعثها لِقَاء الصَّالِحين ومشاهدة الْآثَار سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ بمقبرة أغمات فِي نشز من الأَرْض وَقد حفت بِهِ سِدْرَة وَإِلَى جنبه قبر اعْتِمَاد حظيته مولاة رميك وَعَلَيْهِمَا أثر التغرب ومعاناة الخمول من بعد الْملك فَلم تملك الْعين دمعها عِنْد رُؤْيَتهمَا فأنشدت فِي الْحَال
(قد زرت قبرك عَن طوع بأغمات
…
رَأَيْت ذَلِك من أولى الْمُهِمَّات)
(لم لَا أزورك يَا أندى الْمُلُوك يدا
…
وَيَا سراج اللَّيَالِي المدلهمات)
(وَأَنت من لَو تخطى الدَّهْر مصرعه
…
إِلَى حَياتِي لجادت فِيهِ أَبْيَات)
(أناف قبرك من هضب يميزه
…
فتنتحيه حفيات التَّحِيَّات)
(كرمت حَيا وَمَيتًا واشتهرت علا
…
فَأَنت سُلْطَان أَحيَاء وأموات)
(مارئي مثلك فِي مَاض ومعتقدي
…
أَلا يرى الدَّهْر فِي حَال وَلَا آتٍ)
وَلما انكفأ ابْن الْخَطِيب رحمه الله رَاجعا من سفرته هَذِه وانْتهى إِلَى سلا أَقَامَ بهَا منتبذا عَن سُلْطَانه رافضا للْملك وأسبابه طول مقَامه بالمغرب على مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله
بَقِيَّة أَخْبَار ابْن الْخَطِيب بسلا حرسها الله
قد قدمنَا أَن ابْن الْخَطِيب كَانَ قد عزم على التخلي عَن الدُّنْيَا والانقطاع إِلَى الله تَعَالَى وَأَنه اخْتَار أَن يكون مقَامه بسلا لكَونهَا يَوْمئِذٍ أعون لَهُ على مُرَاده من غَيرهَا حَسْبَمَا يُؤْخَذ ذَلِك من مَوَاضِع من كَلَامه من ذَلِك أَنه لما وصف أَمْصَار الأندلس وَالْمغْرب فِي مقاماته الْمَشْهُورَة وصف مَدِينَة سلا بقوله العقيلة المفضله والبطيحة المخضله وَالْقَاعِدَة المؤصله وَالسورَة المفصله ذَات الوسامة والنضارة والجامعة بَين البداوة والحضارة مَعْدن الْقطن وَالْكتاب والمدرسة والمارستان والزاوية كَأَنَّهَا الْبُسْتَان والوادي المتعدد الأجفان الْقطر الْأمين عِنْد الرجفان والعصير الْعَظِيم الشَّأْن والأسواق السارة حَتَّى برقيق الحبشان اكتنفها المسرح وَالْخصب الَّذِي لَا
يبرح وَالْبَحْر الَّذِي يأسو ويجرح وشقها الْوَادي الَّذِي يتمم محاسنها ويشرح وقابلها الرِّبَاط الَّذِي ظهر بِهِ من الْمَنْصُور الِاغْتِبَاط حَيْثُ القصبة والساباط ثمَّ يَقع الانحطاط إِلَى شالة مرعى الذمم ونتيجة الهمم ومشمخ الأنوف ذَوَات الشمم وعنوان الرمم حَيْثُ الْحَسَنَات المكتتبة والأوقاف الْمرتبَة والقباب كالأزهار مجودة بِذكر الله آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار وطلل حسان الْمثل فِي الاشتهار وَهِي على الْجُمْلَة من غَيرهَا أوفق ومغارمها لاحترام الْمُلُوك الْكِرَام أرْفق ومقبرتها المنضدة عجب فِي الانتظام مَعْدُودَة فِي المواقف الْعِظَام ويتأتى بهَا للعباد الْخلْوَة وتوجد عِنْدهَا للهموم السلوة كَمَا قَالَ ابْن الْخَطِيب
(وصلت حثيث السّير فِيمَن فلى الفلا
…
فَلَا خاطري لما نأى وانجلا انجلا)
(وَلَا نسخت كربي بقلبي سلوة
…
فَلَمَّا سوى فِيهِ نسيم سلا سلا)
وَكفى بالشابل رزقا طريا وسمكا بالتفضيل حريا يبرز عدد قطر الديم وَيُبَاع ببخس الْقيم ويعم المجاشر النائية والخيم أه
وَمَا قَالَه فِي حق سلا من كَونهَا تتأتى بهَا للعباد الْخلْوَة هُوَ كَذَلِك مَعْرُوف عِنْد صلحاء الْمغرب وعباده من لدن قديم وَلذَا لما قدم أَبُو الْعَبَّاس بن عَاشر رضي الله عنه من الأندلس وتنقل فِي بِلَاد الْمغرب مثل فاس ومكناسة لم يطب لَهُ الْقَرار إِلَّا بسلا وَقد صرح رضي الله عنه بذلك حَيْثُ قَالَ
(سلا كل قلب غير قلبِي مَا سلا
…
أيسلو بفاس والأحبة فِي سلا)
(بهَا خيموا فالقلب خيم عِنْدهم
…
فأجروا دموعي مُرْسلا ومسلسلا)
وَلما ذكر أَبُو الْعَبَّاس الصومعي رحمه الله فِي كِتَابه الْمَوْضُوع فِي مَنَاقِب الشَّيْخ أبي يعزى رضي الله عنه اسْتِحْبَاب زِيَارَة الْأَوْلِيَاء قَالَ مَا نَصه وَلَا سِيمَا فِي مشَاهد الأخيار إِذا اجْتَمعُوا فِي مَكَان من الْأَمْكِنَة المشرفة كَمَا كَانُوا يَجْتَمعُونَ قبل هَذَا برباط شَاكر وبساحل دكالة وبسلا وبجبل الْعلم وَعند
الشَّيْخ أبي يعزى فِي أَيَّام الرّبيع وَغير ذَلِك أه
وَأَقُول على ذكر سلا فقد كتب إِلَيّ وَأَنا بمراكش حرسها الله الْأَخ فِي الله الْفَقِيه الأديب المحاضر أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عزوز الرباطي أصلا المراكشي دَارا بطاقة يَقُول فِيهَا مَا نَصه الْحَمد لله وَحده السَّيِّد الْأَخ الَّذِي ثوب إخائه مَا اتسخ الْفَقِيه الْعَلامَة اللابس من أسلحة الْعُلُوم الدرْع واللامة أَبَا الْعَبَّاس السَّيِّد أَحْمد الناصري سَلام عَلَيْك سَلاما ذكي الْعرف رائج الصّرْف وَبعد فقد اشتقنا إِلَى لذيذ مذكراتكم وحلو فكاهتكم والآن نحب من السِّيَادَة أَن تشرفونا بِنَقْل قدمكم وتكرمونا بطلعتكم السعيدة بكرَة غَد إِن شَاءَ الله وعَلى الْمحبَّة وَالسَّلَام فِي فاتح رَجَب الْفَرد سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَألف وَألْحق بأسفلها مَا نَصه
(سلا الْبَحْر مَا بَحر بنيت بشطه
…
كبحر عُلُوم فِيك أنشئ صَالحا)
(فَهَذَا هُوَ الْفَيَّاض بِالْعلمِ والتقى
…
وَذَاكَ هُوَ الْفَيَّاض بِالْمَاءِ مالحا)
وَلم ندر هَل البيتان لَهُ أَو تمثل بهما وعَلى كل حَال فَمَا قَالَه حفظه الله إِنَّمَا حمله عَلَيْهِ حسن نِيَّته وصفاء طويته وَأما الْمَكْتُوب إِلَيْهِ بهما فَلَا وَالله لَا علم وَلَا تقى إِلَّا أَن يتغمدنا الله برحمته ثمَّ إِنِّي أَجَبْته بنثر تركته للاختصار ووصلته بِأَبْيَات أَقُول فِيهَا مَا نَصه
(بعثت أَبَا عبد الْإِلَه مدائحا
…
هُوَ الدّرّ حسنا والشذور لوائحا)
(فنبهت فكرا طالما بَات نَائِما
…
وروضت ذهنا طالما ظلّ جامحا)
(وشيدت من ذكري وَقد كَانَ خاملا
…
وهيجت من قلبِي الشجي القرائحا)
(وطوقتني النعمى بتقريضك الَّذِي
…
بِهِ ظلّ مجدي للنجوم مصافحا)
(وَإِلَّا فَمَا قدري وَإِن جد جده
…
وَمَا قيمتي لَو لم تكن لي مادحا)
(فَأَنت أديب الْعَصْر حَقًا وَمن غذا
…
لعمري لأبواب المعارف فاتحا)
(فَخذ من أَخِيك العي واستر عيوبه
…
وسامح فظني أَن تكون مسامحا)
(فوصفك يعيي كل أشدق بارع
…
وَلَو ظلّ فِي بَحر البلاغة سابحا)
(فَلَقِيت من ذِي الْعَرْش كل كَرَامَة
…
ووقيت من هَذَا الزَّمَان الطوائحا)
4
- (وَلَا زَالَ هَذَا الدَّهْر طوعك خَادِمًا
…
علاك وطرف السعد نَحْوك طامحا)
وَمِمَّا مدح بِهِ سلا وَأَهْلهَا قَول الإِمَام الْعَلامَة الْهمام أبي عَليّ الْحسن بن مَسْعُود اليوسي رضي الله عنه
(مرسى سلا مأوى الشمم
…
وَالْمجد عَن طول الْأُمَم)
(بلد بحسبك منظر مِنْهُ ومخبره أتم
…
مسري الهموم ومسرح الْأَبْصَار مسلاة الغمم)
(مترفلا فِي حلَّة من حسنه جنب الْعلم
…
كَالْحرَّةِ الْحَسْنَاء فِي كنف الْهمام الْمُحْتَرَم)
(وتراه من جناته متلألئا بَين الأجم
…
كالدر بَين زمرد فِي قرط مَارِيَة انتظم)
(وكوجه خود حفه السوالف فِي دلم
…
{وكغرة فِي أدهم وَالصُّبْح فِي حنج الإحم)
(والثغر من زنجية ترنو إِلَيْهِ وَقد بِسم
…
والبدر مَا بَين الدجى والشيب فِي سود اللمم)
(يَعْلُو فويق جنبه علم تدلى من أُمَم
…
فَكَأَنَّهُ تَاج اللجين على جبيني ذِي عظم)
(أَو كالكبير مزملا أودى بنهضته الْهَرم
…
فِي رَأسه صلع وَفِيمَا تَحت جَبهته غمم)
(أَو كالجواد بِأَنْفِهِ من ذَلِك الْقصر الرثم
…
يَكْفِيك مِنْهُ هواؤه لَا خبث فِيهِ وَلَا وخم)
(عجبا صَحِيح والهوى أبدا عليل ذُو سقم
…
وزلاله العذب الَّذِي يشفي الْفُؤَاد من الضرم)
(حاكى الْعقار وفاقها بصفاء لون الشيم
…
أَبنَاء مجد فِي الألى كَانُوا يراعون الذمم)
(من نبلهم دون العويص ونبلهم خلف الْحرم
…
ونفيسهم فقع الفلا ونفوسهم بيض الرخم)
(من كل أَبيض وَجهه تجلى بِهِ سدف الظُّلم
…
فِي الْخطب بدر لامع ولدى الندى بَحر خضم)
(وأحبة كَانُوا لنا كَالْمَاءِ بِالرَّاحِ التأم
…
لم يعد بَين بَيْننَا وَلَو الْفِرَاق بِنَا ألم)
(الْبَين بَين جسومنا لَا بَين أَنْفُسنَا يحم
…
والعهد حَبل مَا انفصا عَنهُ الوداد وَلَا انفصم)
(والصدق نهج قد علا فِي كل أوجهه علم
…
وَالْبر مرعاة قرى من فِيهِ للحسنى قرم)
(وَالنَّفس أَرض قد كرا الْمعِين ذَوُو الْكَرم
…
وَالدّين روض قد رعى فِيهِ من العقبى رعم)
(وَالْعلم ورد مَا حلا إِلَّا لمن نزع الْحلم
…
والسر برق مَا أضا إِلَّا لمن غسل الإضم)
(والدهر دولاب شما فِيهِ سوى أهل الشمم
…
من ذاق مورده الصري يَوْمًا فللدنيا صرم)
ولنرجع إِلَى بَقِيَّة أَخْبَار ابْن الْخَطِيب
وَلما اسْتَقر بسلا وَاطْمَأَنَّ جنبه بهَا قَالَ
(يَا أهل هَذَا الْقطر ساعده الْقطر
…
بليت فدلوني لمن يرفع الْأَمر)
(تشاغلت بالدنيا ونمت مفرطا
…
وَفِي شغلي أَو نومتي سرق الْعُمر)
ثمَّ حرص على لِقَاء الشَّيْخ ابْن عَاشر رضي الله عنه حَتَّى ظفر بِهِ فَعظم سروره بذلك وتبجح بِهِ إِذْ قَالَ فِي نفاضة الجراب وَلَقِيت من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى بسلا الْوَلِيّ الزَّاهِد الْكَبِير الْمُنْقَطع القرين فِرَارًا عَن زهرَة الدُّنْيَا وعزوفا عَنْهَا وإغراقا فِي الْوَرع وشهرة بالكشف وَإجَابَة الدعْوَة وَظُهُور الكرامات أَبَا الْعَبَّاس بن عَاشر يسر الله تَعَالَى لقاءه على تعذره لصعوبة تَأتيه وكثافة هيبته قَاعِدا بَين الْقُبُور فِي الْخَلَاء رث الهيثة مطرق اللحظ كثير الصمت مفرط الانقباض وَالْعُزْلَة قد ضرسه أهل الدُّنْيَا وتطارحهم فَهُوَ شَدِيد الاشمئزاز من قاصده مجرمز للوثبة من طارقه نفع الله تَعَالَى بِهِ أه كَلَامه فِي النفاضة وَقَالَ رحمه الله من قصيدته العينية السلاوية الَّتِي وَجههَا إِلَى سلا أَيَّام خلف بهَا أَهله وَولده
(بولِي الله فابدأ وابتدر
…
وَاحِدًا الأحاد فِي بَاب الْوَرع)
وَمرَاده بولِي الله ابْن عَاشر الْمَذْكُور
ثمَّ إِن ابْن الْخَطِيب بعد رُجُوعه من مراكش جعل ينتاب رِبَاط شالة مدفن الْمُلُوك من بني مرين وَمِنْهُم السُّلْطَان أَبُو الْحسن رحمه الله للدُّعَاء وَقِرَاءَة الْقُرْآن بهَا وتعاهدها وَقد كتب بذلك إِلَى السُّلْطَان أبي سَالم وَطلب مِنْهُ أَن يشفع لَهُ عِنْد أهل الأندلس فِي رد مَتَاعه الَّذِي أتلفوه عَلَيْهِ أَيَّام النكبة وَنَصّ الْكتاب مولَايَ المرجو لإتمام الصنيعة وصلَة النِّعْمَة وإحراز الْفَخر أبقاكم الله تَعَالَى تضرب بكم الْأَمْثَال فِي الْبر وَالرِّضَا وعلو الهمة ورعي الْوَسِيلَة مقبل موطئ قدمكم الْمُنْقَطع إِلَى تربة الْمولى والدكم ابْن الْخَطِيب من الضريح الْمُقَدّس بشالة وَقد حط رَحل الرَّجَاء فِي الْقبَّة المقدسة وَتيَمّم بالتربة الزكية وَقعد بِإِزَاءِ لحد الْمولى أبيكم سَاعَة إيابه من الوجهة الْمُبَارَكَة وزيارة الرَّبْط الْمَقْصُودَة والترب المعظمة وَقد عزم أَن لَا يبرح طَوْعًا من هَذَا الْجوَار الْكَرِيم والدخيل المرعى حَتَّى يصله من مقامكم مَا
يُنَاسب هَذَا التطارح على قبر هَذَا الْمولى الْعَزِيز على أهل الأَرْض ثمَّ عَلَيْكُم والتماس شَفَاعَته فِي أَمر سهل عَلَيْكُم لَا يجر إنفاد مَال وَلَا اقتحام خطر إِنَّمَا هُوَ إِعْمَال لِسَان وَخط بنان وَصرف عزم وإحراز فَخر وإطابة ذكر وَأجر وَذَلِكَ أَن العَبْد عرفكم يَوْم وداعكم أَنه ينْقل عَنْكُم إِلَى الْمولى الْمُقَدّس بِلِسَان الْمقَال مَا يحضر مِمَّا يفتح الله تَعَالَى فِيهِ ثمَّ ينْقل عَنهُ لكم بِلِسَان الْحَال مَا يتلَقَّى عَنهُ من الْجَواب وَقَالَ لي صدر دولتكم وخالصتكم وخالصة الْمولى والدكم سَيِّدي الْخَطِيب يَعْنِي ابْن مَرْزُوق سنى الله تَعَالَى أمله من سَعَادَة مقامكم وَطول عمركم أَنْت يَا فلَان وَالْحَمْد لله مِمَّن لَا يُنكر عَلَيْهِ الْوَفَاء بِهَذَيْنِ الفرضين وَصدر عَنْكُم من الْبشر وَالْقَبُول والإنعام مَا صدر جزاكم الله تَعَالَى جَزَاء الْمُحْسِنِينَ وَقد تقدم تَعْرِيف مولَايَ بِمَا كَانَ من قيام العَبْد بِمَا نَقله إِلَى التربة الزكية عَنْكُم حَسْبَمَا أَدَّاهُ من حضر ذَلِك المشهد من خدامكم وَالْعَبْد الْآن يعرض عَلَيْكُم الْجَواب وَهُوَ أَنِّي لما فرغت من مخاطبته بمرأى من الْمَلأ الْكَبِير والجم الْغَفِير أكببت على اللَّحْد الْكَرِيم دَاعيا ومخاطبا وأصغيت بإذني نَحْو قَبره وَجعل فُؤَادِي يتلَقَّى مَا يوحيه إِلَيْهِ لِسَان حَاله فَكَأَنِّي بِهِ يَقُول لي قل لمولاك يَا وَلَدي وقرة عَيْني الْمَخْصُوص برضاي وبري وَستر حريمي ورد ملكي وصان أَهلِي وَأكْرم صنائعي وَوصل عَمَلي أسلم عَلَيْك وأسأل الله تَعَالَى أَن يرضى عَنْك وَيقبل عَلَيْك الدُّنْيَا دَار غرور {وَالْآخِرَة خير لمن اتَّقى} وَمَا النَّاس إِلَّا هَالك وَابْن هَالك وَلَا تَجِد إِلَّا مَا قدمت من عمل يَقْتَضِي الْعَفو وَالْمَغْفِرَة أَو ثَنَاء يجلب الدُّعَاء بِالرَّحْمَةِ وَمثلك من ذكر فَتذكر وَعرف فَمَا أنكر وَهَذَا ابْن الْخَطِيب قد وقف على قَبْرِي وتهمم بِي وَسبق النَّاس إِلَى رثائي وأنشدني ومجدني وَبكى لي ودعا لي وَهَنأَنِي بمصير أَمْرِي إِلَيْك وعفر وَجهه فِي تربتي وأملني لما انْقَطَعت مني آمال النَّاس فَلَو كنت يَا وَلَدي حَيا لما وسعني أَن أعمل مَعَه إِلَّا مَا يَلِيق بِي وَأَن أستقل فِيهِ الْكثير وأحتقرن الْعَظِيم لَكِن لما
عجزت عَن جَزَائِهِ وكلته إِلَيْك وأحلته يَا حبيب قلبِي عَلَيْك وَقد أَخْبرنِي أَنه سليب المَال كثير الْعِيَال ضَعِيف الْجِسْم قد ظهر فِي عدم نشاطه أثر السن وأمل أَن يَنْقَطِع بِجوَارِي ويستتر بدخيلي وخدمتي وَيرد عَلَيْهِ حَقه بخدمتي ووجهي ووجوه من ضاجعني من سلفي ويعبد الله تَعَالَى تَحت حرمتك وحرمتي وَقد كنت تشوفت إِلَى استخدامه فِي الْحَيَاة حَسْبَمَا يُعلمهُ حبيبنا الْخَاص الْمحبَّة وَخَطِيبِنَا الْعَظِيم المزية الْقَدِيم الْقرْبَة أَبُو عبد الله بن مَرْزُوق فَاسْأَلْهُ يذكرك واستخبره يُخْبِرك فَأَنا الْيَوْم أُرِيد أَن يكون هَذَا الرجل خديمي بعد الْمَمَات إِلَى أَن نلحق جَمِيعًا برضوان الله تَعَالَى وَرَحمته الَّتِي وسعت كل شَيْء وَله يَا وَلَدي ولد نجيب يخْدم ببابك وينوب عَنهُ فِي مُلَازمَة بَيت كتابك وَقد اسْتَقر ببابك قراره وَتعين بِأَمْرك مرتبه ودثاره فَيكون الشَّيْخ خديم الشَّيْخ والشاب خديم الشَّاب هَذِه رغبتي مِنْك وحاجتي إِلَيْك وَاعْلَم أَن هَذَا الحَدِيث لَا بُد أَن يذكر ويتحدث فِي الدُّنْيَا وَبَين أَيدي الْمُلُوك والكبراء فاعمل مَا يبْقى لَك فخره ويتخلد ذكره وَقد أَقَامَ مجاورا ضريحي تاليا كتاب الله تَعَالَى على منتظرا مَا يصله مِنْك ويقرأه على من السَّعْي فِي خلاص مَاله والاحتجاج بِهَذِهِ الْوَسِيلَة فِي جبره وإجراء مَا يَلِيق بك من الْحُرْمَة والكرامة وَالنعْمَة فَالله الله يَا إِبْرَاهِيم اعْمَلْ مَا يسمع عني وعنك فِيهِ ولسان الْحَال أبلغ من لِسَان الْمقَال أه وَالْعَبْد يَا مولَايَ مُقيم تَحت حرمته وَحُرْمَة سلفه منتظر مِنْكُم قَضَاء حَاجته ولتعلموا وتتحقوا أنني لَو ارتكبت الجرائم ورزأت الْأَمْوَال وسفكت الدِّمَاء وَأخذت خسائف الْمُلُوك الأعزة مِمَّن وَرَاء النَّهر من التتار وَخلف الْبَحْر من الرّوم ووراء الصَّحرَاء من الْحَبَشَة وأمكنهم الله تَعَالَى مني من غير عهد بعد أَن بَلغهُمْ تذلمي بِهَذَا الدخيل ومقامي بَين هَذِه الْقُبُور الْكَرِيمَة مَا وسع أحد مِنْهُم من حَيْثُ الْحيَاء والحشمة من الْأَحْيَاء والأموات وَإِيجَاب الْحُقُوق الَّتِي لَا يغفلها الْكِبَار للكبار إِلَّا الْجُود الَّذِي لَا يتعقبه الْبُخْل وَالْعَفو الَّذِي لَا تفسده الْمُؤَاخَذَة
فضلا عَن سُلْطَان الأندلس أسعده الله تَعَالَى وَعلا بموالاتكم فَهُوَ فَاضل وَابْن مُلُوك أفاضل وَحَوله أكياس مَا فيهم من يجهل قدركم وَقدر سلفكم لَا سِيمَا مولَايَ والدكم الَّذِي أتوسل بِهِ إِلَيْكُم وإليهم فقد كَانَ يتبنى مولَايَ أَبَا الْحجَّاج ويشمله بنظره وصارخه بِنَفسِهِ وأمده بأمواله ثمَّ صير الله تَعَالَى ملكه إِلَيْكُم وَأَنْتُم من أَنْتُم ذاتا وقبيلا فقد قرت يَا مولَايَ عين العَبْد بِمَا رَأَتْ فِي هَذَا الوطن المراكشي من وفور حشودكم وَكَثْرَة جنودكم وترادف أَمْوَالكُم وعددكم زادكم الله تَعَالَى من فَضله وَلَا شكّ عِنْد عَاقل أَنكُمْ إِن انْحَلَّت عُرْوَة تأميلكم وأعرضت عَن ذَلِك الوطن الأندلسي اسْتَوَت عَلَيْهِ يَد عدوه وَقد علم تطارحي بَين الْمُلُوك الْكِرَام الَّذين خضعت لَهُم التيجان وتعلقي بِثَوْب الْملك الصَّالح وَالِد الْمُلُوك الْكِرَام مولَايَ والدكم وشهرة حُرْمَة شالة مَعْرُوفَة حاش الله أَن يضيعها أهل الأندلس وَمَا توسل إِلَيْهِم قطّ بهَا إِلَّا الْآن وَمَا يجهلون اغتنام هَذِه الْفَضِيلَة الغريبة وأملي مِنْكُم أَن يتَعَيَّن من بَين يديكم خديم بِكِتَاب كريم يتَضَمَّن الشَّفَاعَة فِي رد مَا أَخذ لي ويخبر بمثواي متراميا على قبر والدكم ويقرر مَا ألزمتكم بِسَبَب هَذَا الترامي من الضَّرُورَة المهمة والوظيفة الْكَبِيرَة عَلَيْكُم وعَلى قبيلكم حَيْثُ كَانُوا وتطلبون مِنْهُ عَادَة المكارمة بِحل هَذِه الْعقْدَة وَمن الْمَعْلُوم أَنِّي لَو طلبت بِهَذِهِ الْوَسَائِل من صلب مَا وسعهم بِالنّظرِ الْعقلِيّ إِلَّا حفظ الْوَجْه مَعَ هَذَا الْقَبِيل وَهَذَا الوطن فالحياء والحشمة يأبيان الْعذر عَن هَذَا فِي كل مِلَّة ونحلة وَإِذا تمّ هَذَا الْغَرَض وَلَا شكّ فِي إِتْمَامه بِاللَّه تَعَالَى تقع صدقتكم على الْقَبْر الْكَرِيم بِي وتعينوني لخدمة هَذَا الْمولى وزيارته وتفقده ومدح النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلَة المولد فِي جواره وَبَين يَدَيْهِ وَهُوَ غَرِيب مُنَاسِب لبركم بِهِ إِلَى أَن أحج بَيت الله بعناية مقامكم وأعود دَاعيا مثنيا مستدعيا للشكر وَالثنَاء من أهل الْمشرق وَالْمغْرب وأتعوض من ذِمَّتِي بالأندلس ذمَّة بِهَذَا الرِّبَاط الْمُبَارك يَرِثهَا ذريتي وَقد ساومت فِي شَيْء من ذَلِك منتظرا ثمنه مِمَّا يُبَاع بالأندلس بشفاعتكم وَلَو ظَنَنْت أَنهم
يتوقفون لكم فِي مثل هَذَا أَو يتَوَقَّع فِيهِ وَحْشَة أَو جفَاء وَالله مَا طلبته لكِنهمْ أسرى وَأفضل وانقطاعي أَيْضا لوالدكم مِمَّا لَا يسع مجدكم إِلَّا عمل مَا يَلِيق بكم فِيهِ وَهَا أَنا أترقب جوابكم بِمَا لي عنْدكُمْ من الْقبُول ويسعني مجدكم فِي الطّلب وَخُرُوج الرَّسُول لاقْتِضَاء هَذَا الْغَرَض وَالله سُبْحَانَهُ يطلع من مولَايَ على مَا يَلِيق بِهِ وَالسَّلَام وَكتب فِي الْحَادِي عشر من رَجَب سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَفِي مدرج الْكتاب بعد نثر هَذِه القصيدة
(مولَايَ هَا أَنا فِي جوَار أبيكا
…
فابذل من الْبر الْمُقدر فيكا)
(أسمعهُ مَا يرضيه من تَحت الثرى
…
وَالله يسمعك الَّذِي يرضيكا)
(وَاجعَل رِضَاهُ إِذا نهدت كَتِيبَة
…
تهدي إِلَيْك النَّصْر أَو تهديكا)
(واجبر بجبري قلبه تنَلْ المنا
…
وتطالع الْفَتْح الْمُبين وشيكا)
(فَهُوَ الَّذِي سنّ البرور بِأُمِّهِ
…
وَأَبِيهِ فاشرع شَرعه لبنيكا)
(وَابعث رَسُولك منذرا ومحذرا
…
وَبِمَا تؤمل نيله يأتيكا)
(قد هز عزمك كل قطر نازح
…
وأخاف مَمْلُوكا بِهِ ومليكا)
(فَإِذا سموت إِلَى مرام شاسع
…
فغصونه ثَمَر المنا تجنيكا)
(ضمنت رجال الله مِنْك مطالبي
…
لما جعلتك فِي الثَّوَاب شَرِيكا)
(فلئن كفيت وجوهها فِي مقصدي
…
ورعيتها بركاتها تكفيكا)
(وَإِذا قضيت حوائجي وأريتني
…
أملا فربك مَا أردْت يريكا)
(وَاشْدُدْ على قولي يدا فَهُوَ الَّذِي
…
برهانه لَا يقبل التشكيكا)
(مولَايَ مَا استأثرت عَنْك بمهجتي
…
إِنِّي ومهجتي الَّتِي تفديكا)
(لَكِن رَأَيْت جناب شالة مغنما
…
يضفي على الْعِزّ فِي ناديكا)
(وفروض حَقك لَا تفوت فوقتها
…
بَاقٍ إِذا استجزيته يجزيكا)
(ووعدتني وتكرر الْوَعْد الَّذِي
…
أَبَت المكارم أَن يكون أفيكا)
(أضفى عَلَيْك الله ستر عناية
…
من كل مَحْذُور الطَّرِيق يقيكا)
(ببقائك الدُّنْيَا تحاط وَأَهْلهَا
…
فَالله جل جلاله يبقيكا)
وَقَالَ أَيْضا فِي الْغَرَض الْمَذْكُور
(عَن بَاب والدك الرضي لَا أَبْرَح
…
يأسو الزَّمَان لأجل ذَا أَو يجرح)
(ضربت خيامي فِي حماه فصبيتي
…
تجني الْحَمِيم بِهِ وبهمي بشرح)
(حَتَّى يُرَاعِي وَجهه فِي وجهتي
…
بعناية تشفي الصُّدُور وتشرح)
(أيسوغ عَن مثواه سيري خائبا
…
ومنابر الدُّنْيَا بذكرك تصدح)
(أَنا فِي حماه وَأَنت أبْصر بِالَّذِي
…
يرضيه مِنْك فوزن عقلك أرجح)
(فِي مثلهَا سيف الحمية ينتضى
…
فِي مثلهَا زند الحفيظة يقْدَح)
(وَعَسَى الَّذِي بَدَأَ الْجَمِيل يُعِيدهُ
…
وَعَسَى الَّذِي سدا الْمذَاهب يفتح)
فَأَجَابَهُ السُّلْطَان أَبُو سَالم رحمه الله بِمَا صورته من عبد الله المستعين بِاللَّه إِبْرَاهِيم أَمِير الْمُسلمين الْمُجَاهِد فِي سَبِيل رب الْعَالمين ابْن مَوْلَانَا أَمِير الْمُسلمين الْمُجَاهِد فِي سَبِيل رب الْعَالمين أبي الْحسن ابْن مَوْلَانَا أَمِير الْمُسلمين الْمُجَاهِد فِي سَبِيل رب الْعَالمين أبي سعيد ابْن مَوْلَانَا أَمِير الْمُسلمين الْمُجَاهِد فِي سَبِيل رب الْعَالمين يُوسُف بن يَعْقُوب بن عبد الْحق أيد الله أمره وأعز نَصره إِلَى الشَّيْخ الْفَقِيه الْأَجَل الْأَسْنَى الْأَعَز الأحظى الْأَوْجه الأنوه الصَّدْر الأحفل المُصَنّف البليغ الأعرف الْأَكْمَل أبي عبد الله ابْن الشَّيْخ الْأَجَل الْأَعَز الْأَسْنَى الْوَزير الأرفع الأنجد الْأَصِيل الْأَكْمَل المرحوم المبرور أبي مُحَمَّد بن الْخَطِيب وصل الله عزته ووالى رفعته سَلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته أما بعد حمد الله تَعَالَى وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالرِّضَا على آله وَصَحبه أَعْلَام الْإِسْلَام وأئمة الرشد وَالْهدى وصلَة الدُّعَاء لهَذَا الْأَمر الْعلي الْعَزِيز الْمَنْصُور المستعيني بالنصر الْأَعَز وَالْفَتْح الْأَسْنَى فَإنَّا كتبناه إِلَيْكُم كتب الله تَعَالَى لكم بُلُوغ الْأَمر ونجح القَوْل وَالْعَمَل من منزلنا الأسعد بضفة وَادي ملوية يمنه الله وصنع الله جميل وَمِنْه جزيل وَالْحَمْد لله وَلكم عندنَا المكانة الْوَاضِحَة الدَّلَائِل والعناية المتكفلة برعي الْوَسَائِل ذَلِك بِمَا تميزتم بِهِ من التَّمَسُّك بالجناب الْعلي المولوي الْعلوِي جدد الله تَعَالَى عَلَيْهِ ملابس غفرانه وسقاه غيوث رَحمته وحنانه وَبِمَا أهديتم إِلَيْنَا من التَّقَرُّب لدينا بِخِدْمَة ثراه الطَّاهِر والاشتمال بمطارف حرمته السامية الْمظَاهر وَإِلَى هَذَا وصل الله حظوتكم
ووالى رفعتكم فَإِنَّهُ ورد علينا خطابكم الْحسن عندنَا قَصده الْمُقَابل بالإسعاف المستعذب ورده فوقفنا على مَا نَصه واستوفينا مَا شَرحه وقصه فآثرنا حسن تلطفكم فِي التوسل بأكبر الْوَسَائِل إِلَيْنَا ورعينا أكمل الرِّعَايَة حق ذَلِكُم الجناب الْعَزِيز علينا وَفِي الْحِين عينا لكَمَال مطلبكم وَتَمام مأربكم والتوجه بخطابنا فِي حقكم والاعتمال بوفقكم خديمينا أَبَا الْبَقَاء بن تاشكورت وَأَبا زَكَرِيَّاء بن فرقاجة أنجدهما الله وتولاهما وأمس تَارِيخه انفصلا مودعين إِلَى الْغَرَض الْمَعْلُوم بعد التَّأْكِيد عَلَيْهِمَا فِيهِ وَشرح الْعَمَل الَّذِي يُوفيه فكونوا على علم من ذَلِكُم وابسطوا لَهُ جملَة آمالكم وَإِنَّا لنَرْجُو ثَوَاب الله فِي جبر أحوالكم وبرء اعتلالكم وَالله سُبْحَانَهُ يصل مبرتكم ويتولى تكرمتكم وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله تَعَالَى وَبَرَكَاته كتب فِي الرَّابِع وَالْعِشْرين من رَجَب سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ فَرَاجعه ابْن الْخَطِيب بِمَا نَصه مولَايَ خَليفَة الله بِحَق وكبير مُلُوك الأَرْض عَن حجَّة ومعدن الشَّفَقَة وَالْحكمَة ببرهان وَحِكْمَة أبقاكم الله تَعَالَى على الدرجَة فِي المنعمين وافري الْحَظ عِنْد جَزَاء الْمُحْسِنِينَ وأراكم ثَمَرَة بر أبيكم فِي الْبَنِينَ وصنع لكم فِي عَدوكُمْ الصنع الَّذِي لَا يقف عِنْد مُعْتَاد وأذاق الْعَذَاب الْأَلِيم من أَرَادَ فِي مثابتكم بإلحاد عبدكم الَّذِي ملكتم رقّه وآويتم غربته وسترتم أَهله وَولده وأسنيتم رزقه وجبرتم قلبه وَيقبل موطئ الأخمص الْكَرِيم من رجلكم الطاهرة المستوجبة بِفضل الله تَعَالَى لموقف النَّصْر الفارغة هضبة الْعِزّ المعملة الخطوة فِي مجَال السعد ومسير الْحَظ ابْن الْخَطِيب من شالة الَّتِي تَأَكد بملككم الرضى احترامها وتجدد برعيتكم عهدها واستبشر بملككم دفينها وأشرق بحسناتكم نورها وَقد ورد على العَبْد الْجَواب المولوي الْبر الرَّحِيم الْمُنعم المحسن بِمَا يَلِيق بِالْملكِ الْأَصِيل وَالْقدر الرفيع والهمة السامية والعزة القعساء من رعي الدخيل والنصرة للذمام والاهتزاز لبر الْأَب الْكَرِيم فَثَابَ الرَّجَاء وانبعث الأمل وَقَوي الْعَضُد وزار اللطف فَالْحَمْد لله الَّذِي أجْرى الْخَيْر على يدكم الْكَرِيمَة وأعانكم على رعي ذمام الصَّالِحين المتوسل إِلَيْكُم أَولا بقبورهم ومتعبداتهم وتراب
أجداثهم ثمَّ بِقَبْر مولَايَ ومولاكم وَمولى الْخلق أَجْمَعِينَ الَّذِي تسبب فِي وجودكم واختصكم بحبه وغمركم بِلُطْفِهِ وحنانه وعلمكم آدَاب الشَّرِيعَة وأورثكم ملك الدُّنْيَا وهيأتكم دَعْوَاهُ بالاستقامة إِلَى ملك الْآخِرَة بعد طول المدى وانفساخ الْبَقَاء وَفِي علومكم المقدسة مَا تَضَمَّنت الحكايات عَن الْعَرَب من النُّصْرَة عَن طَائِر داست أفراخه نَاقَة فِي جوَار رَئِيس مِنْهُم وَمَا انْتهى إِلَيْهِ الامتعاض لذَلِك مِمَّا أهينت فِيهِ الْأَنْفس وَهَلَكت الْأَمْوَال وقصارى من امتعض لذَلِك أَن يكون كبعض خدامكم من عرب تامسنا فَمَا الظَّن بكم وَأَنْتُم الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم فِيمَن لَجأ أَولا إِلَى حماكم بالأهل وَالْولد عَن حَسَنَة تبرعتم بهَا وَصدقَة حملتكم الْحُرِّيَّة على بذلها ثمَّ فِيمَن حط رَحل الاستجارة بضريح أكْرم الْخلق عَلَيْكُم دامع الْعين خافق الْقلب واهي الفزعة يتغطى بردائه ويستجير بعليائه كأنني تراميت عَلَيْهِم فِي الْحَيَاة أَمَام الذعر يذهل الْعقل ويحجب عَن التميز بقصر دَاره ومضجع رقاده مَا من يَوْم إِلَّا وأجهر بعد التِّلَاوَة ياليعقوب يالمرين نسْأَل الله تَعَالَى أَن لَا يقطع عني معروفكم وَلَا يسلبني عنايتكم ويستعملني مَا بقيت فِي خدمتكم ويتقبل دعائي فِيكُم ولحين وُصُول الْجَواب الْكَرِيم نهضت إِلَى الْقَبْر الْمُقَدّس وَوَضَعته بإزائه وَقلت يَا مولَايَ يَا كَبِير الْمُلُوك وَخَلِيفَة الله وبركة بني مرين صَاحب الشُّهْرَة وَالذكر فِي الْمشرق وَالْمغْرب عَبدك الْمُنْقَطع إِلَيْك المترامي بَين يَدي قبرك المتوسل إِلَى الله ثمَّ ولدك بك ابْن الْخَطِيب وَصله من مَوْلَاهُ ولدك مَا يَلِيق بمقامه من رعي وَجهك والتقرب إِلَى الله برعيك والاشتهار فِي مشرق الدُّنْيَا وَمَغْرِبهَا ببرك وَأَنْتُم من أَنْتُم من إِذا صنع صَنِيعه كملها وَإِذا من منَّة تممها وَإِذا أسدى يدا أبرزها طَاهِرَة بَيْضَاء غير مَعِيبَة وَلَا ممنونة وَلَا منتقصة وَأَنا بعد تَحت ذيل حرمتك وظل دخيلك حَتَّى يتم أملي ويخلص قصدي وتحف نِعْمَتك بِي ويطمئن إِلَى مأمنك قلبِي ثمَّ قلت للطلبة أَيهَا السَّادة بيني وَبَيْنكُم تِلَاوَة كتاب الله تَعَالَى مُنْذُ أَيَّام ومناسبة النحلة وأخوة التَّأْلِيف بِهَذَا الرِّبَاط الْمُقَدّس وَالسُّكْنَى بَين أظْهركُم فَأمنُوا على دعائي بإخلاص من قُلُوبكُمْ واندفعت فِي الدُّعَاء